https://www.c-we.org - مركز مساواة المرأة


آيزنشتاين نسر سينما الثورة الإشتراكية

حميد كشكولي

2007 / 1 / 2

هؤلاء المبدعون أثناء العهد الثوري الإشتراكي في كل أنواع الفن من أمثال جوركي ، و شولوخوف ، و ماياكوفسكي وآيزنشتاين وعشرات غيرهم في عهد الفترة الثورية وبناء الإشتراكية ، وقبل الانحراف ، لهو دليل ساطع على المدرسة الواقعية الإشتركية لم تكن فاشلة ، ولم تكن للدعاية السياسية . وإن اخفاقها في الإبداع بعد تسلط ستالين والستالينية كان بسبب تشويهها من قبل كتّاب منافقين ليكرسوا هذه المدرسة الخالدة الإبداعية للعبادة الشخصية والدعايات السياسية وتمجيد القائد. إن سيرة نسر الثورة الإشتراكية آيزنشتاين تبين أن ابداع الحقيقي كان في فترة بناء الإشتراكية الحقيقة ، والإيمان بخلاقية الإنسان المتحرر من العلاقات الأستغلالية اللاإنسانية.
ولد المخرج السينمائي الكبير سيرجيي ميخائيلوفيج آيزنشتاين في التاسع من أوكتوبر 1898 في مدينة رجا بلاتفيا، من عائلة يهودية. وقد سار به المصير باتجاه آخر، ففي 17 أوكتوبر عام 1917 شارك جماهير روسيا الثورة الشيوعية العظمى،فقام والده بطرده من البيت، وكان يومذاك قد بلغ التاسعة عشرة من العمر وكان طالبا في كلية الهندسة.
وتفرقت عائلته فيما بعد ونفوا، لكن الشاب ّ سيرجيي ظل في بتروغراد يكرّس أفكاره وكفاحه في خدمة الأهداف الإنسانية للماركسية ، ويسعى للإندماج في الأوساط الثورية الماركسية رغم بيئته اليهودية المحافظة.
نال آيزنشتاين خلال عشرة أعوام من العمل في المسرح ، والسينما فيما بعد شهرة عالمية. اشتغل رساما للمشاهد المسرحيه و مهندس ديكورات في مسرح برولتكات موسكو بعد لقائه مع أحد أصدقاء الطفولة. وفي نفس الوقت رأى المسرح مكانا مناسبا للدعاية السياسية ، و قدم مسرحيات سياسية عديدة بمساعدة أستاذه الفنان والمخرج فوزفلود ميرهولد ، وأول عمل مسرحي أنجزه كان عام 1923.
بعد فترة استغنى عن امكانيات ميرهولد، وأصبح يميل ميلا شديدا للمسرحيات اليابانية، و قدم على خشبة المسرح عددا من المسرحيات من النوع الياباني. وقد تعرضت السينما السوفيتية بعد ثورة اوكتوبر إلى اهمال، لكن كلام لينين حطم هذا الجمود: " من بين كل الفنون الأخرى والميديا لتكن لنا السينما ، ولتكن الفنون الأخرى للآخرين!. سنستفيد كثيرا من السينما" .
وبذلك تخرج من الثورة ، وتعاليم هذا القائد العظيم صناع الفن السابع الكبار من قبيا ليف كولشوف وآيزنشتاين ، وبودوفكين ، وزيجا ورتوف ( مؤسس السينما الوثائقية)، جريجوري كوزينتسيف .
أبدع آيزنشتاين أولى أفلامه ( الإضراب) عام 1923، وعمره 26 عاما، يعرض فيه الصراعات الإجتماعية المختلفة والتناحرات الخطيرة في روسيا . وإن المشاهد القوية المؤثرة، والموسيقى المتوترة مع ايقاعات النفس البشرية في ذاك الفلم كانت تبشر بولادة عبقري ونابغة في الفن السابع.
وثم أخرج فلم ايفان الرهيب، وكان يختلف تماما عن أفلامه الأخرى، كونه يشبه مسرحية أكثر من فلم سينمائي. وخلال سنوات 1926إلى 1929 غادر روسيا للاطلاع على الفن في اوروبا، والتقى في لقاء تاريخي بأكبر روائيي القرن العشرين جيمس جويس الذي قال إن ثمة شخص واحد في الدنيا قادر على اخراج روايته العظيمة والإستثنائية " اوليس" فلما، ألا هو سيرجيي آيزنشتاين.
كان آيزنشتاين يحب دراسة الدياكتيك الماركسي وكتاب "رأس المال" لكارل ماركس، بحيث كان ينوي اخراج فلم على أساس هذا الكتاب، سرعان ما تخلى عن الفكرة مفضلا أن يبقى " الرأسمال" كتابا، ويخرج فلم " البارجة بوتمكين"، الذي أصبح عملا عظيما خالدا.
بعد عودته من أوروبا ، والولايات المتحدة والمكسيك رأى كل شئ متغيرا. لقد كان في فترة لينين السينمائيون أحرارا بشكل تام، لكن ستالين لم يقبل بأي نقد ، وأزاح عن طريقه كل المخالفين له بدون رحمة. وقد أصدر ستالين في أول أعماله بعد استلامه الزمام بيانا طلب فيه من كل الفنانين والمبدعين أن ينتجوا أعمالا وفق تعاليم أطلق عليها" اللائحة الرهيبة" التي ينص أحد تعاليمها على أن :" كل واحد من المخرجين السينمائيين الكبار ملزم باخراج فلمين في السنة عن التطور الزراعي في الإتحاد السوفييتي، والفلم يجب أن يُظهر الفلاحين أناسا فرحين وسعداء".
وقد اعترض الكاتب الثوري الكبير مكسيم جوركي بشدة على هذه اللائحة، ما دفع بالطبع ستالين إلى ادخاله السجن وثم نفيه. وأجبر في هذا السياق زيجا وورتوف على أن يصنع أفلاما خبرية ، ومنع شوستاكوفيج من ابداعاته الموسيقية. وفي هذه الوضعية كان آيزنشتاين منهمكا في تحقيق مشروعه الكبير " عاشت المكسيك"، الفلم الذي لم يستطع انجازه قط. وقام يعد ذلك بتحقيقات في الوثائق التاريخية لكن ستالين أراده أن يتقاعد ، وبعدها اتهمته صحف بأن له علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، فُمنع حتى مماته من صناعة السينما، فقام بدلا من العمل السينمائي في التحقيقات مثل: الفن باعتباره علما، والمسرح المابوكي، وما شابه. ولأنهى مقالي بكلام للمفكر ك. لرفيج : " حتى لو فرضنا أن ثورة أوكتوبر لم تُقدّم لنا شيئا، فأنها قدمت ْ شيئا أهم ، ألا هو سيرجي آيزنشتاين" .
وللمقال صلة


https://www.c-we.org - مركز مساواة المرأة

https://www.c-we.org/ar/art/show.art.asp?aid=84925