عندما تكون المرأة ضد المرأة

2017 / 5 / 29

فراس عوض يكتب: عندما تكون المرأة ضد المرأة


ان طريق التحرر والمساواة للمرأة العربية وعرا وشائكا بما فيه الكفاية، ولكن لا أخفي سرا ان قلت المرأة العربية عائقا في طريق هذا التحرر، وانها في موقفها تجاه الصراع الاجتماعي، كأنها تقف على منصة من بعيد ، كحسناء، تشاهد اقتتال رجلين يتنافسان على الفوز بها ، وهي تراقب بصمت، تبتسم لمن سيظفر بها، اعتادت المرأة ان تقبل النقد من التيار المعادي للمرأة ولحقوقها وتقدمها، وتغضب اذا وجه لها النقد من التيار المناصر لها ، الذي يعبر عن غضبته تجاه خمولها، فتجدها تستلقي منتظرة من الرجل ان يطالب بحقوقها، بل تجد ان من الطبيعي ان يطالب بالنيابة عنها، ولا تخوض غمار الحرب الى جانبه، بل تتفاجئ بمن يدعوها ان تنزل على الساحة وتقاتل من اجل حقوقها، ليس القتال مع النساء ضد الرجال ولا مع الرجال ضد النساء، بل مع الاتجاه الذي يريدها فاعلة ضد الاتجاه الاخر، اتجاه الظلام والملح والظمأ، الذين لا يريدون لها التقدم والبقاء، بل اعادتها الى عصر الجواري والحريم، وفي ظروف مجهدة وصعبه، يشعر هذا الفريق المتنور بالضعف امام الفريق الرجعي المعادي الذي يكيل له التهم بالخروج عن القيم والاخلاق والدين ويتهم باكفر والزندقة، وينبذ وتسوء علاقاته، وينتقد حتى من المرأة نفسها، فتراه يصرخ ويهيب بالمرأة ، ويقسى عليها كي تتخلى عن سلبيتها، لا ضير بطبيعة الحال ان يكون هناك فريقا من الرجال التقدميين والحداثيين والمتنورين الذين يريدون المرأة ان تكون عنصر فاعل في المجتمع لا مفعول به، منتج لا مستهلك، لطالما تحدثنا دائما ان قضية المرأة لا تتعلق بها وحدها، بل هي قضية وحداثة مجنمع بالمجمل، هؤلاء النسوة اعتدن ان يأخذن حقوقهن على اطباق من ذهب وعلى انغام الكمنجات، بل لا ابالغ ان قلت ان بعضهن لا يقاتلن ويناضلن الا ضد الرجل المناصر لهن، فيجد نفسه هدفا لهجوم المرأة ذاتها الذي اخذ بيدها وشجعها على خوض نضالها التحرري، فترى انعكاس ذلك في سلوكهن في الحياة العامة بزملائهن المناصرين وفي اسرهن، وهكذ ا يتجلى خطر الرهان و المنافسة من ان تنتقل من المجتمع الى ساحة البيت، قتنقلب من نضال ضد معسكر اعداء التحرر والتقدم الى شجار نكدي ضمن الاسرة التقدمية، وسرعان ما يأتي الرجل الرجعي التقليدي لصاحبه التقدمي، فيقول له: أرأيت؟ هذا ما قلناه و حذرنا منه..هذا ما جنيته من تحرر المرأة: تسلط الزوجة ونكدها!
ان مناصري المرأة، يدافعون عن حقوقها ليس لكونها كائن شكله جميل، بل الامر يتعلق بالحياة والتنمية والنهضة والتقدم، كيف يمكن لمجتمع نصفه ميت ان يتقدم؟وكيف لمجتمع مبتورنصفه ان يلتحق بركب الدول المتقدمة؟ لقد آن الاوان ان تسمع المرأة النقد من مناصرها قبل ضدها، ومن صديقها قبل عدوها، بل عليها ان تنقد ذاتها، وترسم طريقا جديدا بعيدا عن النرجسية والبرغماتية، بعيدا عن العيش بالماضي الذي يريدونه كما هو، شأنهن كشأن الطفل الذي لا يريد أن يكبر، يريد اباه ان يظل حيا يقدم له ما يريد، هذا ما عليهن فعله ان ارادوا الحرية والمساواة الحقيقية الغير مقرونة بالوصاية .


المصدر : فراس عوض

غلق