ماذا عن المرأة بعد التغيير



ناهده محمد علي
2007 / 6 / 22

لقد قرأت عن المبادرة المتميزة للحوار المتمدن حول موضوع المرأة بعد التغييـــــر
ومساواة المرأة بالرجل , ووجدت لو أكتب عن هذا الكثير , ثم واجهت الحقيقة مع نفسي فقلت لها , عن أي تغيير أتحدث , وعن أي مساواة !؟ , ولم أجد في خاطـــــري شيئاً مُهماً يوازي هذا الطرح , سوى شئ واحد هو مشاركة المرأة بالأنتخابات الماضية في العراق , أما ماعدا هذا , فتعال معي لترى ظواهر عديدة تنسف هذا المكســــــــــب التأريخي وتجعله مجرد شعار رُفع ثم داسته الأقدام , ومن هذه الظواهر :
الأستبدال الحاد لمظهر المرأة الحضاري بمظهر يُرثى له , وملامحه تتجلى (بألبرقع ذو الفتحتين ) , وهو ما يُذكرنا بألنساء الأفغانيات , مع إنتشار العباءة بعد إنحسارها وإسـتبدالها بألحجاب العـادي , وكذلك المنع التام للبـس المـرأة للـسروال الى درجة القتـل ,
فقد علمت بأن امـرأة قد إصطادها قناص لوقوفها مع ابنها فـي منطقة الباص وهي ترتدي
القميص والسروال , ولا تستطيع طبعاً إمرأة أن تدخل منطقة سنيّة والعكس صحيح , اقول هذا وأشعر بأني اسير في غابة مليئة بالأفاعي والوحوش .
البغاء المقنع - لقد كانت المرأة العراقية وبشكل خاص الأم العراقية نموذجاً يُحتذى به من قِبل كل النساء العربيات في قوة الشخصية الفطرية وفي حبها للكفاح والعمل بكل اشكاله البدائى والزراعي , وتأنف المرأة العراقية حتى من التسول , ثم جاء زمن كثُرت فيه المطارق على رأسها , مرة بإسم الحضارة وجعلها مساوية للرجل وهي لم تأخذ حتى أبسط حقوقها الديمقراطية , ومرة بإسم الشرف وحرمان المرأة من حقها في إختيار شـريك حياتها , فهي تُقتل لمجرد قولها لكلمة ( لا ) حــــين تزويجها , وقد إمتلأت صفحات
الجرائد لحالات قتـل كثـيرة لفتيات عراقيات بحجـة ( غسل العار ) , وبدون معاقبة القانون
وكثيراً مايحـدث أن الفتاة بعد ان تُرسـل للمشــرحة يُلاحظ الطبيب بأنه لم يكن هناك أي عار .
ومن المضحك المبكي أن كثيراً من الفتيات وخاصة في الجنوب العراقي يُصبن بإنتفاخ
البطن بسبب أمراض كثيرة منها الأكياس المائية وإنتشار الديدان المعويّة فتقتل الفتاة
ظلماً وعدواناً .
وجاء اليوم الذي نرى فيه صوراً مفضوحة عن البغاء المقنع ( زواج المتعة !! ) والذي يجيزه القانون ولا يُعاقب عليه حيث تتزوج المرأة لأيام أو لساعات لقاء مبلغ
مالي محدد , وبسبب الفقر المدقع الذي تعيشه العائلة العراقية تُعرض المرأة كسلعة
للبيع مرات ومرات , وحتى تُرمى بألقمامة .
إن المجتمع العراقي بحاجة الى إعادة صياغة للقيم الأجتماعية وإعطاء فرص العمل
للنساء لإعالة أنفسهن بسبب كثرة الأرامل والثكالى وسد الأبواب على المنتفعين
بأجساد النساء .
إن لقارئ التاريخ الأجتماعي للمجتمع العراقي يرى تأريخاً طويلاً للقهر الجسدي
على المرأة العراقية , حيث ظل تزويج المرأة مصدراً من مصادر الكسب لكثير
من الآباء بالأنتفاع بمهر المرأة , والحياة البائسة التي تعيشها تجعلها ذليلة وهي
بين أهليها , وكلما جاءت حكومة دينية أنزلت عليها ( البرقع ) , وإذا جاءت
حكومة مدنية رفعت عنها ( البرقع ) , وكأنها نصب تذكاري , يُذكر ويُنسى
حسب الحاجة , ولا زالت كما هي لم تتغير , وقد إشتد يباسها , وفقدت قدرتها
وأصبحت مثل شجرة الصُبير لا تنتج إلا - العاكول والأشواك .