عين على معاناة المرأة العراقية



صبا النداوي
2007 / 6 / 24

من منا لايعرف النساء العراقيات ونضالهن عبر التاريخ تميزت المرأة العراقية منذ القدم وكانت ولا تزال معيار نهضة المجتمع وتقدمه فمنذ عام 1924 بدأت تفكر بتأسيس منظمة نسويه في بغداد وكان لها دورا مميزاولكن بنفس الوقت عانت هذه المراة من ويلات الحروب والازمات الصعبة لنتعرف سوية على المرأة العراقية ومعاناتها منذ عام 1980 إلى هذه اللحظة..

المراة العراقية هي المناضلة المقاتلة وهي الأم والأخت شدّة الحزام وصاحبة الأهازيج الثورية التحريضية .. وهي الفلاحة التي حرثت أرض الفراتين وسقتها دما قبل الماء وزرعتها وردا فأثمرت خيرا.. إنَّها راعية الأغنام والأنعام وهي راعية البيت وربَّـته وهي الفارسة المغوارة مالكة الحديقة والحقل والبستان والدفتر و البيدر وهي في المدينة التاجرة وصاحبة الأعمال ومقاولات البناء والأعمار وهي الاقتصادية الماهرة الباهرة إنجازا..
العراقية ليست قاصرا أو جاهلا أو فاقدة الأهلية بل هي الشاعرة والمربية والمهندسة والطبيبة والرائدة في مجال السياسة إنها عشتار العراق إنها الخالدة على مر العصور .


والعراقية طالبة علم وأستاذة جامعة وهي المدرسة المربية للأجيال التي تتسمى بأسمائها وهي عالمة الذرة والكيمياء والفيزياء والرياضيات والشاعرة الرائدة المجددة وهي القاصّة والروائية إنَّها الأديبة الفذة.. وليس من مجال يُذكر وليس فيه مبدعة تقود أليست هي الوزيرة منذ أكثر من أربعين عاما وتحديدا في عام 1958 هي رئيسة المؤسسة والمديرة العامة والقائدة الاجتماعية والسياسية... من منا لا يعرف من هي الدكتورة نزيهة الدليمي ومن هي الأستاذة زكية حقي ومن هي نازك الملائكة إنهن نساء عراقيات مميزات وهناك العديد من الأمثلة والأسماء العراقية التي يفخر الزمان إنهن عراقيات انتزعن حقوقهن المهضومة بالنضال والدماء والدموع إنهن المربيات والمثل العليا للنساء...

تعرفنا على المرأة العراقية ونضالها ومكانتها ولكن نرى أن هناك جانبا لم يسلط عليه الضوء وهو معاناة هذه المرأة فإنها عانت وتعاني تنوعت مشاهد المعاناة ومنذ فترة الحرب العراقية الإيرانية في عام 1980 إلى يومنا هذا.
فعانت في الحرب العراقية الايرانية فقدان الزوج والابن والأخ والأب وعانت الأمرين في إعانة الأطفال والعمل المضني ولم تلن لحظة واحدة بل استمرت وخطت مسيرتها بخطى ثابتة ثم كررت هذه لمعاناة بعد عشر سنوات في 1990 في الحرب الأمريكية على العراق.
وازدادت المعاناة بفرض الحصار الاقتصادي وكانت المرأة صاحبة الدور القيادي حيث عملت على الاقتصاد بكل شيء وخلقت وابتكرت ما يسهل الحياة لتماشي عجلة الحياة الطويلة ...
وجاء عام 2003 وأعلنت أمريكا الحرب مرة أخرى وأسقطت في حربها هذه المرة النظام الحاكم الظالم الأول للمرأة العراقية وأحس وحسب الجميع أن هذا هو الخلاص الأخير وسيصبح العراق جنة ويعمر ويصبح قرينا لدول الجوار.
ولكن كان الجميع متوهما فقد صار العراق مسرحا لتصفية الحسابات الإقليمية وظهرت أطماع دول الجوار( الشقيقة) التي عملت على تسريب الإرهاب إلى البلد والعبث يمينا وشمالا في كافة أنحاء العراق والقيام بالاغتيالات وحرق قلوب الأمهات على أولادهن والأخوات على إخوانهن والزوجات على أزواجهن ,وتتكرر مشاهد العنف يوميا إلى أن أصبحت الحالة مزرية وقاسية وصارت حالة العراق تفطر قلوب من يطلع عليها وهو محبا للعراق والعراقيين, ولكن نرى إن المرأة العراقية ما زالت رغم جراحها وحسراتها على من فقدتهن وتفقدهم كل يوم تقدم عطاء لا ينضب وتساهم بدفع عجلة الحياة الصعبة وتحاول أن ترسم الابتسامة على واقع الحياة العراقية الحزينة.

وكانت المرأة العراقية ولا تزال صانعة السلام وتحاول أن تنشر مبادئ السلم والسلام , ولكن مع الأسف لم يأتي من ينصف هذه المرأة ويجعلها في المقدمة إنما همشت صورتها و صار دورها ثانويا في كافة المجالات..

وفي هذا الوقت بالذات الذي هو وقت سن القوانين والتشريعات الجديدة نجد أن المرأة سلبت حقوقها مرة أخرى وبإشكال عدة ولم يأتي من ينصفها لا دستوريا ولا قانونيا وصارت الحكومة تتغاضى عن الرجوع للمواثيق الدولية الخاصة بالمرأة في تشريعها بعض القوانين ومن أهمها قانون السفر واستصدار الجواز وهو حق من حقوق البشر جميعا أن يكون لكل شخص جواز سفر خاص به,
صارت المرأة لا تستطيع استصدار جواز سفر إلا بموافقة ولي أمرها فالتشريعات أعطتها الحق ولكن الدولة منعت هذا الحق وهذه معاناة إضافية تضاف لمعاناة المرأة العراقية,فمن المسئول يا ترى أن تكون المرأة دائما مهمشة ولا تأخذ ابسط حقوقها في مختلف المجالات ولماذا ؟هل هو خوف من نجاح المرأة أم هو تميز جندري بحسب جنسها و يرجع لطبيعة نظرة المجتمع الذكورية التي تعطي الحقوق للرجل وتنسى المرأة دائما .
فقد أعطت المادة (44) من الدستور العراقي حرية التنقل والسفر والسكن للمرأة داخل العراق وخارجه و قضت المادة 14 من الدستور بمساواة جميع المواطنين أمام القانون بغض النظر عن اللغة او الدين او العرق او الجنس.. ان التعليمات الصادرة من قبل مديرية الجوازات تعد مخالفة لنصوص الدستور لاسيما وقد ألغيت ضوابط الداخلية بتاريخ 2004/9/13 بقرار رئيس مجلس الوزراء المرقم (51) الذي أجاز السماح للمرأة العراقية كاملة الأهلية بالسفر وقتما تشاء من دون الحاجة إلى المحرم..
فمتى سيأتي من ينصف هذه المرأة ويستذكر نضالها التاريخي ومعاناتها التي لو مرت على نساء العالم لرايتهن ينتحرن أو يحاولن تغير أماكنهن على أن يعشن بهذا الشكل.
أننا نناشد المحكمة الاتحادية العليا بتشكيل لجنة لإنصاف المرأة من هذه القوانين المخالفة للدستور والطعن في عدم دستوريتها..
وفي الختام لكم مني تحية يا نساء العراق وامضوا قدما فان لم ينصفكن من حولكن فاعلمن إن أسمائكن خطت ورسمت من ذهب في تاريخ يكاد يكون مظلما لولا دوركن فيه.