بدور المصرية وحديث أم عطية



جورج فايق
2007 / 7 / 1

بدور فتاة مصرية كانت تعيش في محافظة المنيا إحدى محافظات صعيد مصر حيث يضرب الجهل والتخلف بجذوره في عقول كثير من الناس حيث لا شيء يعلو على صوت التدين المريض والجهل المقدس.
ذبحت بدور مثل سابقها من الضحايا على مذبح تقديس النصوص والأحاديث حتى لو كان مشكوك في صحتها.
ذبحت بدور تحت رعاية تخاذل قانون يحرم انتهاك الجسد البشري ويصون كرامته، بدور وغيرها من الضحايا السابقات واللاحقات ضحايا حديث روته سيدة تدعى أم عطية الأنصارية وكانت تعمل خافضة في أيام الرسول الكريم والذي صرح لها بذلك ولم ينتهرها حيث قال لها: "اخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج".
بدور ليست أول ولن تكون آخر ضحايا حديث أم عطية رضي الله عنها، ولا يأمل أن ينتهي العمل بحديث أم عطية، فنقابة الأطباء التي استولى عليها أنصار أم عطية ويحفظون حديثها عن ظهر قلب وقد يكون حديث أم عطية معلق بمقر النقابة وعيادات هؤلاء الأطباء، لذلك لا يخشى أطباء جبهة أم عطية من أي عقاب من نقابتهم الموقرة.
كذلك القضاء المصري العادل الذي يستمد أحكامه وتشريعه من الشريعة الإسلامية لن يدين أي طبيب يجري عملية ختان للإناث، لأنه لم يخالف الشرع في شيء وبطبيعة الحال هناك قضاة كثيرين يحفظون ويقدسون حديث أم عطية رضي الله عنها.
و يكفي أن يذكر الدفاع هذا الحديث حتى تبرئ ساحة الطبيب. فيكفي أن أم عطية روت أن الرسول قال لها: "أخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج". فأصبح هذا سنة وشريعة للقضاة والأطباء في كل العصور.
أم الطفلة بدور وهي المجرمة الأولى في هذه الحادثة -وليست الطبيبة- هذه الأم تستحق عقاب أقصى من الطبيبة، هذا إن كان هناك عقاب من الأساس، هي أيضاً تحفظ وتقدس حديث أم عطية وكانت تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر لأن فيه تكمل سنة نبيها وتخلص ابنتها من أجزاء الشهوة والتي قد لا تجعلها تصون شرفها وتجعلها عاهرة وتدعو الرجال لمضاجعتها. نعم هذا هو مفهوم هؤلاء عن غير المختنات متناسين أن الأخلاق والمحافظة على الشرف سلوك ناتج عن التربية والتدين السليم، وليس نتيجة ختان أو غيره. فكم من عاهرات ختنّ وهن أطفال؟ وكم من نساء يتحلين بالشرف والفضيلة ولا يخضعن لشريعة أم عطية
بالطبع هناك قانون يحظر قيام عمليات ختان الإناث في مصر، ولكنه بالطبع أضعف من حديث أم عطية. ولو طبق هذا القانون بصرامة لتم عقاب عدد لا يستهان به من الأطباء والأهالي والمشايخ التي تفتي بشرعية الختان ووجوبه، سنة عن أم عطية.
و لكن وجود القانون هو ضرورة، أما المجتمع الدولي والجمعيات العالمية لحقوق المرأة والطفل وهؤلاء الجهلة الكفرة لا يعرفون شيئاً عن أم عطية وحديثها الشريف وفؤاد ختان الإناث لصون الشرف والعفاف.
كذلك التخاذل في تطبيق قانون حظر ختان الإناث هو ضرورة حتى لا تظهر الدولة أنها تخالف الشرع وتناقض حديث أم عطية رضي الله عنها، فجبهة أم عطية قوية وتحظى بتأييد شعبي بفضل الخطاب الديني، لأن الدولة لو أرادت فعلاً أن تمنع الختان للإناث لغلظت عقوبة إجراء هذه العملية سواء ماتت الضحية فعلياً أو معنوياً، ولكن بالطبع جبهة أم عطية بشيوخها وأطبائها وأتباعها أقوى من الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها.
أعتقد أن إصدار المفتي مؤخراً فتوى أن ختان الإناث حرام وقول شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أنه عادة غير إسلامية لن يلقى قبول لدى المعظم، بعد أن أقنعوا الشعب أن شيخ الأزهر والمفتي لا يقولون إلا ما تمليه عليهم الحكومة بغض النظر عن شرعية فتواهم أو لا. فكلام هؤلاء أيضاً أضعف من جبهة حديث أم عطية رضي الله عنها.
فلا جدوى من كلام شيخ الأزهر والمفتي بعد أن أقنع شيوخ وأئمة الزوايا في القرى والنجوع الناس أن منع ختان الإناث ما هو إلا مؤامرة أمريكية صهيونية قذرة للقضاء على عفاف وطهارة بنات المسلمين وجعلهن مثل بناتهم والعياذ بالله. وأن موت طفلة كل فترة بهذه العملية لا يبرر إيقافها، فهذا نصيبها وقدرها أن تموت وتذهب شهيدة شريفة عفيفة مختنة. وموت مريض أثناء أي عملية جراحية لا ينتج عنه منع إجراء هذه العملية. فلما التعصب ضد الختان؟
وفي هذا الرابط نجد إثبات للختان من الكتاب والسنة:
http://www.aslein.net/showthread.php?t=6129
وطالما أن هذا الفكر موجود ومنتشر، فنحن في انتظار ذبيحة أخرى على مذبح الشريعة والشرف.
أتمنى أن تظهر بدور تنير الظلام الذي أحاط بنا من كل جانب واعتادناه.
أتمنى ألا نقتل كل البدور، لعل أحد هذه البدور تنير حياتنا.