تطوان: المشاركة السياسية للمرأة بمنظار الإطارات النسائية



عزيز الهلالي
2007 / 7 / 1

تظل المشاركة السياسية للمرأة بعيدة المأمول، سواء داخل الإطارات السياسية أو المؤسسات التشريعية أو التنفيذية...
وبالرغم من استحداث مخرج للرفع من مساهمتها، فإن الكوطا كآلية استيعاب هذه الفئة تبقى عاجزة عن إدماج المرأة
في النسيج السياسي.
وبعيدا عن السجال الذي أثير حول الكوطا كشكل قد يكون تحقيري معطل لكفاءة المرأة، أو قد يكون ضرورة انتقالية لابد
منه كمدخل تحفيزي، بينهما يقبع صوت المرأة بعيدا عن التناول الجدي، خصوصا وأن مبادرة التأسيس لإطاراتها يختزل
بداخله تعبيراتها المثقلة بخلفيات الواقع وهموم اللحظات التاريخية.
وإذا كانت المرأة هي جزء من المشترك السياسي والاقتصادي والاجتماعي..فإن صور نابذة من هذا المشترك العام يتسلل
كسلطة ذكورية من خطاب السياسي ومن السلوك المثقف ومن نصوص فقهاء القانون ومن بيداغوية المدرس...الأمر الذي
يُبقي على تفردها بمساحة الخاص كصوت يتلمس موقعه برباطة جأش وبسمو لا يخلو أحيانا من مرارة.
طرقنا أبواب إطارات نسائية محلية ونحن نحمل ببلاهة أسئلتها في إطار قلب اللعبة بطريقة لا تخلو من مكر دفين في لاوعي،
نسائل مشاركتها السياسية ومساهمتها في تحريك نسبتها في المشاركة الانتخابية، كانت إجابتها تُقرأ في المرارة المصاحبة
لصدقيتها.

عن علاقة السياسي والمدني

لماذا "هاجرت" المراة قطاعها النسائي نحو تأسيس إطار نسائي مستقل؟ هل لكون الفضاء السياسي لم يحسن إنصاته
لانشغالات المرأة؟ أم لأن الأدبيات النسائية داخل البنية الحزبية مقيدة بأغلال ذكورية؟ ثم إلى أي حد استطاعت هذه الإطارات
النسائية أن تتبث قدرتها بمعزل عن السياسي؟ هل لكون علاقة السياسي بالمدني علاقة انفصال؟
كانت النقطة الذي تشكل أرضية إجماع بين الإطارات النسائية المحلية، انتصارها لأطروحة التفاعل السياسي والمدني، ذلك
أن لكل مكون مقوماته الداخلية واستراتيجيته في الاشتغال والتي هي في النهاية تتكامل بما يضمن ترسيخ قيم وقناعات
ومبادئ، لكن ألا يمكن لمبدأ التفاعل أن يجد انتعاشه داخل بنية السياسي؟
تعتبر- ذ. آسية المرابط المنسقة العامة لجمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص- أن الجمعوي ليس هو الحزبي، وعليه
فالجمعية النسائية تعمل على إخراج الخاص من قلب العام. قد يكون فعل " الإخراج" بمثابة ثورة تولدت بؤر على هامش
السياسي تختزن بداخلها قدرا من العنف الرمزي، أو إخراجا سلسا دون حدوث انقطاع في المسار، من جهتنا نود مساءلة
الأسباب الكامنة وراء هذا الفعل؟
إن التنظيمات السياسية – حسب ذ. حليمة العربي عن اتحاد العمل النسائي- هشة في مضامينها وعطاءاتها ومرد وديتها،
والعمل المدني النسائي راكم بفعالية وتجاوز السياسي الذي هو أسير أوضاعه الداخلية المتردية، وليس بعيد عن هذا
التصور فإن ذ. سكينة جرميم و ذ. خديجة أرودام، عن جمعية رابطة نساء المغرب للتنمية والتكوين، تعتبران أن تواجد
المرأة في المخيال السياسي تحكمه فقط نظرة التأثيث للمشهد السياسي، وهو نوع من الانتهاك في حق المرأة. كما أن
بنية الاستقبال الحزبي تعد إقصائية من حيث السقف الزمني للاجتماعات التي تمتد إلى منتصف الليل، ناهيك عن القرارات التي
تؤخذ في المقاهي بمعزل عن مشاركة المراة داخل المؤسسة الحزبية. قد تكون هذه الأسباب وغيرها ما يشجع على تبلور تصورا
قاطعا يشكل نشازا داخل هذا السياق، فجمعية عبد القادر السدراوي في شخص رئيستها د. حفيظة السدراوي تذهب إلى
التأكيد أن المدني لا يجب أن يكون خلفية داعمة للسياسي، ذلك أن المدني ينفرد بخصوصية تجعله في منأى عن التقاطع
مع السياسي. نشير إلى أن هذا الإطار النسائي تأسس منذ سنة 1952 راكم تجربة غنية على مستوى العطاء، فإلى أي حد
يجد في قناعته، من داخل هذا المسار، حدا منطقيا يضفي من خلاله تبريره للقطيعة بين السياسي والمدني!!

المشاركة السياسية بخطوط حمراء

المشاركة السياسية للمرأة مطلب نسائي للوصول إلى مركز القرار قصد تسيد مطالبها، ذلك أن الدفاع عن قضاياها في
أي موقع لا يحمل مضمونه بحرقة إلا المرأة، لكن ماهي خريطة الطريق وآلية الوصول لضمان موقع سياسي يشكل مركز وثقل
المعركة؟ هل هذه الإطارات النسائية على استعداد لتوظيف رأسمالها الرمزي وتقديمه قربانا على أعتاب السياسي؟ أليس
دعم وجه نسائي على رأس لائحة انتخابية مدخل إيجابي لانتصار أطروحة المشاركة السياسية للمرأة؟ كيف يمكن تحسين
وضع المرأة في السلطة السياسية من كاتبة الدولة لملفات ذات بعد اجتماعي إلى وزيرة لملفات تغني مفهوم المواطنة من
خلال توفير الأمن والتعليم والصحة والشغل...؟
نعتقد أن الرأسمال الرمزي لهذه الإطارات تابت من حيث عدم التفاوض بشأن التوظيف السياسي، ومتحرك من حيث امتداده وتوسيعه
من خلال برامج تكوينية لفائدة المرأة المرشحة للانتخابات قصد الاستفادة من أوراش التواصل مع المواطنين كدعم وتعزيز
لقدرتها. وفي المقابل، ثمة برامج تخص الناخبة كمدخل تحسيسي على حق المواطنة لإبراز قدراتها النقدية من حيث مناهضة
الهدايا والمال وتوظيف الدين...وبهذا الخصوص أشارت – ذ. حليمة العربي- إلى أن جمعية اتحاد العمل النسائي نظمت مؤخرا
عرضا مسرحيا ساخرا تناول مشاركة المرأة في العملية الانتخابية، انتهى ببعث رسالة تقول" سأصوت على امرأة اسمها
حياة" والحياة مفهوم غني بالدلالة قد يشير إلى الضمير، وقد يشير إلى انتصار الحق وانهزام الفساد...وفي إطار هذه دورات
التكوينية من أجل حماية صوت المرأة من عبث المفسدين وإغراءات الطامعين، تشير سكينة جرميم أن رابطة نساء المغرب
عملت على تفعيل برنامج تدريب على الحقوق السياسية للنساء شمل 16 منطقة بين حواضر وهوامش. وعن سؤال إلى
أي حد تعتبر هذه البرامج التكوينية ذات مردودية في العملية الانتخابية؟ هنا يحصل الاختلال – حسب آسية المرابط –
بين الواقع والمأمول، إذ بالرغم من جدة هذه الدورات نفاجأ أن مجمل الأصوات تذهب لصالح خطابات ذات التوظيف الديني.
( في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية). أين إذن يكمن الخلل، هل في طبيعة هذه البرامج التي قد تفتقر إلى اتساق داخلي
ما أم في طبيعة أحزاب ذات مضمون اجتماعي تعجز من حيث قدرتها وأدائها وبرامجها وحضورها عن التفاعل مع
طبيعة هذه البرامج التكوينية؟
السيدة حفيظة السدراوي ما زالت تشكل نشازا مصاحبا لهذا التحقيق بخراجاتها الحاسمة، إذ بقدر ما تبدي حزما إزاء الفصل
بين السياسي والمدني تبدي حزما آخر على مستوى التوظيف الرمزي لتراكماتها تضعها في خدمة وجه سياسي مشهود
لها بنزاهتها وكفاءتها وأخلاقها، إذ لا ترى مانعا في دعم ما سيقطع الطريق على تجار الفساد وناهبي المال العام.
نعتقد أن طبيعة هذه المقاربات المختلفة تعود أساسا إلى طبيعة تأسيس شبكات نسائية تتلقى دورات تكوينية مشتركة
تغيب عنها إطارات أخرى، مما يضفي على مقاربتها مسحة خاصة للعمل المدني النسائي. فهل تمتد وتتسع أقطار التنسيق لإغناء
تصور مشترك إزاء موضوع المرأة؟

رسالة مشفرة إلى اليسار

حرصنا من موقعنا ألا نستغل المنبر الذي من خلاله نجري هذا التحقيق والذي يحمل اسم " اليسار"، لذلك كان سؤالنا يروم فقط
معرفة مناطق التعاطف لهذه الإطارات النسائية وفق جاذبية الاصطفاف الحزبي، هنا طبعت الإجابة جدلية الحضور لتعاطف قوي مع المحيط
اليساري، باعتباره يحمل الهم الاجتماعي وبرنامج سياسي أحد مداخله الأساسية تغيير الدستور... إنه ربح للقناعات النسائية. وأحيانا أخرى يتوارى
هذا الشعور تحت مبرر الاستقلالية أو نبذ التخندق أو الدفاع عن الأصلح...وبين هذا وذاك فمضمون الرسالة قد وصل لمن يهمه الأمر، فهل
من استراتيجية جديدة للانفتاح لتغيير القطع البالية في التفكير والممارسة والتواصل؟