المرأة ليست لحماً مكشوفاً للقطط



محمد أبوعبيد
2007 / 7 / 16

آراء ذكور الشرق في المرأة في سرادقيْن اثنين :واحد عاجّ بكلمات لاذعة بحقها تصل آناً إلى تخوم المس بكرامتها ,وتتعدى آونة هذه التخوم , والثاني غاصّ بكلمات جذابة ومعسولة حتى تتجاوز تخوم الممنوع حين "الذكر" في حاجة إليها . نفاق ليس بالمقدور نفيه .

بالمستطاع تبيان الطريقة التي يدلي بها "الذكور" بدلوهم بخصوص المرأة التي تُختزَل عادة في حيّز ضيق من المفترض أن يتلاشى مقارنة بكونها إنسانا له حقوق وكرامة . بعض من يحاولون تنبيه المرأة لأمر ما هم يسيئون لها ولمن يمثلونهم سواء كانوا رجال افتاء , أو يحملون أية صفة "منصبية" أو اعتبارية أخرى , وكأن التعبيرات ضاقت أمامهم بما رحُبت فلم يجدوا سوى الحديث عن الجسد الأنثوي وتشبيهه بما يتجاوز المعقول والمنطق والكرامة .

لعل الكثير يتذكر هجوم مفتي استراليا على غير المحجبات ووصفهن باللحم المكشوف, وتشبيه الرجال من حولهن بالقطط التي تنقض على هذا اللحم . يُفهم من ذلك أن لا حساب لمن يَغتصِب وأن العقاب على المُغتصَب , وأن لا لوم على من يسيء التصرف والأدب من "الذكور" وفق قاعدة اللحم المكشوف والقطط , أو المثل الشعبي (جاب الدب لكرمه ). هذا المنطق – إن كان منطقاً بالفعل – في انتزاع لكل صفة إنسانية "للأنثى" ما خلا أنها كتلة لحم بشهيق وزفير تُمتع الرجل في مضجعه لا أكثر. للتذكيرفقط : حتى الجماعات الإسلامية في استراليا استنكرت تشبيه المفتي.

ذات مرة تطوع أحد المعتقلين في السجون الإسرائيلية لإعطاء محاضرة لزملاء الاعتقال ليحذرهم من الفتيات اللائي يستخدمهن المحققون الإسرائيليون من إجل إسقاط المعتقل وابتزازه في حال نجحت تلك الفتاة في مراودته عن نفسه حتى يعترف بالتهم الموجهة إليه . كانت الطريقة فظة جعلت بادرة الخير كلام شر يهين كل "أنثى ". لم يرد إلى ذهن "المُحاضر" إلا "الدورة الشهرية لدى الأنثى" ضاربا بها مثلا , وداقا بها ناقوس خطر للتحذير من هذا الشرك , وكأن ذلك لا يحدث إلا عند تلك الفئة من الفتيات الواجب الحذر منهن , والكل يدرك -سوى الأطفال- أن ذلك من مشيئة الله وقاسم مشترك لكل الإناث: أمهات وأخوات وزوجات ....., كأنه ً يحذر الرجل من زوجته!

من أسوأ ما تواجهه "الأنثى" هو اختزالها في مجرد جسد أو " كتلة لحم " , وأن يكون هذا الجسد دائما ميزان مصدّري الآراء في أحكامهم ونظراتهم للمرأة . فضلاً عن الكلمات غير اللائقة التي تُستخدم بحقها حين يستعر جدل حولها , أو تشتعل مناظرة عنها . والأمر لا يقل سوءاً عندما يمسي "الشرف" متصلاً بالمرأةً وحدها ولا تكون له علاقة بالذكورنظراً لعدم امتلاكهم ما لدى الأنثى .

إن كان الرجل يجد في المرأة متعته , والعكس صحيح , فمن الاحترام ,حينئذٍ, أن يرتقي بنظرته إلى ما يبحث عنه من متعة وفقا ً للغرائز التي خلقها الله وضمن حدود شرعه . وأن يقرّ أن من هي متعته هي أيضا صاحبة عقل , ولها من الذكاء ما لدى الرجال ,وأحيانا تتفوق عليهم . آن الوقت لأن يسنم مقام النظرة إلى "الأنثى" التي أقل ما يمكن القول فيها : إن على هذه الأرض امرأة تستحق الحب والاحترام .