المسؤوليه الشخصيه أساس التساوي بين الرجل والمرأه



سلام خماط
2007 / 7 / 27

هنالك من يريد سحق هوية المرأه تحت ذريعة اسهامها في ميدان الحياة الاجتماعيه والدفاع عن حقوقها الانسانيه .وفي الجانب الاخر كان هنالك من يريد ان يقصيها عن الكثير من اسباب الكمال بحجة الحرص على شرفها وعفتها.وان الكثير من الناس يتصورون ان المراه أصبحت بين مفترق طرق فلابد ان تختار الطريق المناسب لها ,فاما ان تقع في هاوية التحلل الغربي واما ان تلازم البيت والحرمان من الكثير من اسباب الكمال ,
الا ان هنالك طريقا ثالث يعتبر كحل وسط بين الافتتان والتحلل وبين الجمود والانطواء,والطريق الثالث هذا يعتبر ان ميادين الحياة تقسم بدورها الى ميدانيين احدهما لانسانية الانسان ,والاخر لجنس الانسان.
اما الناحيه الانسانيه فلا فرق فيها بين الرجل والمراه ,ولا تعنى بالنظر الى جنس الانسان ومنزهه عن خصائص الانوثه والذكوره.ويتصف كل من الرجل والمراه في هذا الميدان بالفاعليه وينشدان السمو والكمال .
ان التقدميين يعتبرون الساحه الانسانيه تمتد لتغطي كل مناحي حياة الرجل والمراه فلا يوجد تفاوت بينهما ,وان التساوي الكمي هو المبدأ السائد على كل أفاق الحياة.
من هنا يجب عدم تجاهل التاثير الذي خلفه التزييف ووضع الاحاديث والتحريف والثقافات غير الدينيه في هذا المضمار ,فقد يتضح بعد البحث والتدقيق بان ما كنا نتصوره منبثقا من الدين ,الا ان الحقيقه هي ان هذا لا صله له بالدين وانما تسرب من الثقافات الاخرى وتغلغل في اعماق الدين عبر القرورن .
يجب علينا اذن عند دراسة المرأه ان ناخذ بالحسبان الظروف الموضوعيه الخارجيه ,وتاريخ الامم الماضيه ,والاقوام الاخرى .
كانت حياة النساء عند الرجال في الامم والقبائل حياة تبعيه ,وكانت المرأه مخلوقه عندهم من اجل الرجل وبعباره عامه ,كانت المراه تابعه من حيث الوجود والحياة لهم من غير استقلال ,ومن غير حق فكان الاباء أولياء لهن قبل الزواج وكان الازواج أولياء لهن بعد الزواج,وكان على المرأه أن تطيع الرجل سواء كان أباها أو زوجها فيما يأمر به طوعا او كرها .
ان الامم قبل الاسلام كانت تسودها الاعراف المختلطه بالتقاليد والعادات الموروثه من غير قانون او كتاب كما هو الحال في الصين والهند ومصر القديمه وغيرها من الامم .
اما الاسلام الحقيقي فقد بين ان المرأه والرجل لا فضل لاحد على احد الا بالتقوى ,ومن التقوى الاخلاق الفاضله كالعلم والخلق الحسن والصبر والحلم ,فالمرأه العالمه والرزينة العقل وحسنت الخلق أكرم ذاتا واسمى درجه ممن لا يعادلها في ذلك من الرجال في الاسلام كان من كان ,فلا مفاضله ولا كرامه الا بالتقوى .
لقد ذم الله سبحانه الاستهانه بأمر البنات (واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم,يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) سورة النحل 58,59.
لقد كانوا يتصورون أنها ستكبر فتصير لعبه يتمتع بها الاخرين,ولهذا السبب كانوا يئدون البنات حتى بالغ الله في التشدد عليه حيث يقول :(واذا الموؤده سئلت ,بأي ذنب قتلت ).لقد بقي من هذه الخرافات بقايا عند المسلمين ورثوها من أسلافهم ,فتراهم يعدون الزنا عارا لازما على المرأه حتى لو تابت دون ان يشمل ذلك الزاني حتى لو اصر على الزنا ,مع ان الاسلام قد جمع العار والقبح كله في المعصيه.
ان الاسلام ساوى بين المرأه والرجل من حيث تدبير شؤون الحياة بالاداره والعمل ,فانهما متساويان من حيث تعلق الاراده بما تحتاج اليه البنيه الانسانيه فللمرأه ان تستقل بالعمل وتملك نتاجها كما للرجل ذلك من غير فرق .
ان اشتراك النساء والرجال في اصول المواهب الوجوديه أي الفكر والاراده الصانعتين للختيار يستدعي الاستقلال بالتصرف في جميع شؤون حياتها الفرديه والاجتماعيه مما يستدعي أنفكاك المرأه عن الرجال وعن ولايتهم لها وقيمومتهم عليها .
الا ان المراه تختلف عن الرجل في بعض الخصوصيات وبشهادة علم وظائف الاعضاء أي ان المرأه أضعف من الرجل في هذه الناحيه ,مما استوجب ذلك ان جسمها ألطف وأنعم من جسم الرجل الذي يكون أخشن وأصلب ,وان المشاعر والاحاسيس اللطيفه كالحب ورقة القلب والميل الى الجمال والزينه أغلب عند المرأه من الرجل ,فتكون هنا حياتها عاطفيه بينما تكون حياة الرجل تعقليه,وهذا الحكم ليس مطلقا فقد لا نكون بعيدين عن الحقيقه اذا قلنا ان لبعض النساء حياة عاطفيه وتعقليه في نفس الوقت الذي يكون للرجل حياة تعقليه فقط وبهذا تكون المراه هنا افضل من الرجل.
هنالك اراء مختلفه فيما يتعلق بحقوق المراه والرجل فلناخذ أحد الاراء في هذا الخصوص ,ان البعض يشير الى ان الاحكام الاسلاميه بشان المهر والطلاق والنفقه وتعدد الزوجات تنطوي على استهانه بالمراه واحتقار لها ,ويدعي اصحاب هذا الراي بان هذه الامور لا يوجد لها أي سبب سوى رعاية جانب الرجل ويقول اصحاب هذا الراي ان كل القوانين التي وضعت قبل القرن العشرين قامت على اساس فكره ان جنس الرجل أشرف من جنس المرأه ,وان المرأه خلقت من اجل استمتاع الرجل ,وان الاسلام لم يعترف بالمرأه كانسان كامل بمعنى الكلمه وام يضع لها الحقوق اللازمه للانسان ,ولو كان الاسلام يعتبر المرأه كانسان كامل الخصائص لما أجاز تعدد الزوجات ,ولم يجعل حق الطلاق بيد الرجل ولما جعل شهادة أمراتين كشهادة رجل واحد,ولما اعطى ولاية الاسره للزوج ,ولما جعل أرث المرأه نصف أرث الرجل ,ولما جعل للمرأه ثمنا اسمه المهر ,ولاعطى المرأه استقلالها الاقتصادي والاجتماعي ,ولما جعلها عاله على الرجل وأوجب نفقتها عليه .
ويستنتج اصحاب هذا الرأي من كل هذه الامور بان للاسلام أراء تحتقر المرأه وتعتبرها أداة بيد الرجل .وان الاسلام لم يسا و بين الرجل والمراه بل جعل للرجال امتيازات وحقوق اضافيه,ولو لم يكن كذلك لما وضع الاحكام المذكوره اعلاه.
من جانب اخر هنالك اراء كانت تنظر الى المرأه في الماضي نظرة ازدراء واحتقار ,وقد تلركت اثارها السلبيه في ادبيات العالم باعتبار ان المرأه تمثل عنصر الخطيئه ,وعنها ينبثق الشر والاغواء ,وزادوا على ذلك ان كل معصيه أو جريمه يقترفها الرجل لابد ان يكون للمرأه دور فيها ,ويقولون كذلك ان الشيطان يوسوس للمرأه وان أدم لما خدعه الشيطان وأخرج من الجنه انما خدعه عن طريق حواء ,لكن القرأن لم يعتبر حواء هي المسؤوله عن ذلك حيث يقول: (فوسوس لهما الشيطان ) وهنا أتى القرأن بضمير المثنى وبهذا برى المرأه من تهمة كونها عنصر الوسوسه والجريمه.الا ان البعض يقول ان المراه ليست لديها القدره على بلوغ مقامات القرب الالهي التي بلغها الرجال (الانبياء ) في حين نجد ان القران يصرح في أيات كثيره بان ثواب الاخره والقرب من الله لا علاقه له بجنس الانسان ,وانما يتوقف على الايمان والعمل سواء كان من الرجل او المراه(من عمل صالحام من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبه ).
يقول القران عن مريم انها بلغلت منزله من المراتب المعنويه بحيث جعلت نبي زمانها في حيره وتجاوزته في درجتها وبقي زكريا مدهوشا من امرها ,
وفي التاريخ الاسلامي هنالك نساء قديسات وجليلات كثيرات فلم نجد رجلا بلغ منزلتهن,ان الاسلام الحقيقي لا يعترف بوجود تفاةت بين الرجل والمراه في السير نحو الله ,انما يعترف بوجود هذا التفاوت في سيرة الانسان نحو الحق ,أي عند هداية الناس الى هذا الحق وتحمل مسؤولية النبوه ,لان الرجل أكثر قدره على اداء هذه المهمه.
تعتبر بعض الاديان الزواج دنسا,اذ يعتقد اتباع تلك الديانات ان المراتب المعنويه لا يبلغها الا الذين قضوا حياتهم في العزوبيه ,يقول احد الزعماء الدينيين الكبار في العصر الحديث (أقتلعواشجرة الزواج بفأس البكاره) وجميع اولائك الزعماء يبيحون الزواج لمجرد دفع الافسد بالفاسد,
لقد كافح الاسلام هذه الخرافه بشده واعتبر الزواج شيئا مقدسا,واعتبر حب المرأهم من اخلاق الانبياء ,يقول النبي محمد (ص):حبب لي من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء وقرة عيني الصلاة.
يقول برتراند راسل:يوجد في جميع الاديان نوع من النظره السيئه للعلاقات الجنسيه الا في الاسلام ,
فهنالك من ينظرالى المرأه باعتبارها أله مسخره بيد الرجل ,بينما لم يطرح الاسلام هذا الرأي على الاطلاق,بل فسر أصل العله الغائيه صراحه ,قائلا بان السماوات والارض وما فيهما من هواء ونبات وحيوان انما خلقت كلها من اجل الانسان ,الا ان الاسلام لم يعلن بان المرأه خلقت من اجل الرجل ,وانما يقول ان الرجل وامرأه خلق كل واحد منهما من اجل الاخر (هن لباس لكم وانتم لباس لهن ).
ان المراه قد وضعت على هامش السياسه منذ بداية تأريخ الفلسفه والسياسه ,حتى اصبحت منذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا وكانها النصف المظلم من التاريخ ,وبقيت هذه النظره تشكل اساس التفكير لدى قسم كبير من المجتمعات الانسانيه وخاصه لدى مجتمعنا حتى اليوم .
ان المراه ليست ذلك الموجود الفاقد للهويه ,بحيث يقيدونها ويضعونها الى جانب الاحمق والطفل والحيوان ,وينظرون اليها كمخلوق خلق من فضلة الرجل ,يجب ان تحبس بين جدران البيت حتى نعتوها بنعت يخجل الكاتب والباحث من ذكرها .
ان المراه التي يتحدثون عنها ما هي الا نتاج لعصر الجاهليه والثقافات التوراتيه والثقافات الايرانيه القيمه.
يقول الخليفه عمر بن الخطاب عن المراه: والله ما كنا في الجاهليه لنعد النساء شيئا حتى أنزا الله لهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم.
لقد اهملت المراه بسبب تغلغل الثقافات الجاهليه واليهوديه والساسانيه في ميدان المعارف الاسلاميه ,وهو الذي أدى الى ايجاد هذه الاجواء الملبده بالغيوم ,من هنا فان الضروره تستدعي اثارة تساؤلات جاده عن المراه وتاقى على عاتق المفكرين المسلمين مهمة البحث والنظر في هذه المسأله .
يقول الكاتب محمود محمد طه:ظهر الاسلام في عهد كانت تتعرض فيه المراه لظلم فادح ولا يقام لها وزن في المجتمع ,وبما ان الاسلام لم يتمكن من اعطائها حقوقها كامله فقد سعى الى اصلاح حالها ,واقر على الاقل نصف حقوق الرجل ,ولهذا السبب جعل ارثها نصف ارث الرجل واعلن قبول شهادة امراتين في مقابل شهادة رجل واحد .بيد ان عدم التساوي هذا بين الرجل والمراه ليس قطعيا وليس دائميا.ثم يواصل كلامه قائلا: تؤدي التبعيه الاقتصاديه للمراه دورا مهما في هذاالتمايز والمعيار الذي جعله القران شرطا لافضلية الرجل على المراه,وهو تكليف الرجل بتوفير نفقتها وضمان معيشتها ,فقد جاء في الايه34من سورة النور :( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم).
غير ان اساس التساوي المطلق بين الرجل والمراه ياتي بناءا على هذه المسؤوليه ,وهذا يعني لو ان الاوضاع اختلفت واصبحت المراه قادره على النهوض باعباء المسؤوليات والاعمال الاجتماعيه ,فلابد ان تكون لها حقوق مساويه للرجل وبالنتيجه اذا مارسة المرأه عمل القضاء لا يمكن بعد ذلك ان تكون شهادتها نصف شهادة الرجل .
يرى الكاتب خلافا لما يراه المشرعون ,ان الاحكام الاسلاميه ذات طابع موقت .
وهذه الاراء التي طرحها الكاتب ادت به الى منصة الاعدام بتهمة الرده ,فاعدم عام 1985 وهو في التاسعه والستين من العمر .حاله كحال زملائه من الكتاب المصريين الذين قتلوا بسبب افكارهم التقدميه والعلميه وكان اخرهم الكاتب الليبرالي (فرج فوده ) الذي اغتيل على يد العصابات الاسلاميه المتطرفه .
سلام خماط
منتدى الشطره الابداعي