المراة الفلسطينيه انكسار في قلب المحنه



فاطمه قاسم
2007 / 8 / 12

ربما يكون الوقت مازال مبكرا لاستقصاء حجم الدور الذي قامت به مؤسسات وهيئات المرأة الفلسطينية خلال الجولات المتعاقبة من الاقتتال الداخلي الذي وقع بشكل رئيسي في قطاع غزه بين حركتي فتح وحماس , وبخلفيه من الفوضى الامنيه الشاملة التي شاركت فيها تكوينات اجتماعيه وسياسيه مختلفة مثل العائلات التي امتلكت السلاح وشكلت نوعا من المليشيات التي أصبح معترفا بها في الواقع السياسي الفلسطيني ,أو المجوعات المسلحة التي نتجت في الأساس عن فصائل رئيسيه ثم تكاثرت تكاثر بكتيري كثيف , أو التكوينات الايدولوجيه مثل جيش الإسلام , وفرسان الحق , وخلايا القاعدة , وبعض مجموعات سلفيه أخرى ,حيث أدى كل ذلك في نهاية المطاف إلى المأزق الخطير الذي بلغ ذروته في خطوه الحسم العسكري التي سمتها حركه حماس بالخطوة الاستباقيه في الرابع عشر من حزيران الماضي , وتم خلالها إسقاط مؤسسات الشرعية الفلسطينية والاستيلاء عليها , وتدمير بعضها , وإحراق ونهب محتوياتها وسط دوامه من القتل وصلت تقديراتها الأولى إلى قرابة ألف بين قتيل وجريح بالاضافه إلى المخطوفين والمفقودين والهاربين والملاحقين !

والسؤال الرئيسي:

هل المرأة الفلسطينية من خلال مؤسساتها أو إطاراتها الرسمية والاهليه , ومن خلال مكانه المرأة في النسيج الاجتماعي الفلسطيني ,استطاعت أن تلعب دورا ملحوظا في التخفيف من إيقاع هذه الأحداث , والتقليل من ماسيها ؟؟
وهل هذا الدور كان بمستوى النجاحات التي حققتها المرأة الفلسطينية في السنوات الاخيره من حضورها المتميز في الساحات السياسية والاجتماعية , حيث كان يشار لها بالبنان كنموذج متميز في الوطن العربي ؟؟
وما هو سبب هذا الانكسار المادي والمعنوي الذي سجل في دور المرأة في التخفيف من آليات وتداعيات هذه الأحداث الماساويه .

وكما قلت:

فان الاجابه على هذه الاسئله تحتاج إلى عده أبحاث ووقت ليس بالقليل من اجل أن نخرج من دوامه الأحداث نفسها ,فحتى الباحث الموضوعي المستقل لا يمكن أن يحيط بالمشهد وهو يصارع من اجل البقاء وسط لجة الموت المضطربة , وهذا هو واقع الحال الفلسطيني ألان !
ولكني في المجال المتاح لي, سوف أتوقف عند مسألتين محوريتين في مسلسل الأحداث التي انتهت بالمشهد الفلسطيني على هذا النحو المخيف والخطر جدا الذي نراه في هذا الوقت.

المسألة الأولى:
قوه التجاذب السياسي:
وهذا التجاذب لم يقتصر على الأطراف المحلية فتح وحماس وبقيه الفصائل , بل كان عمق إقليمي أيضا زاد من اشتعاله ومن سيطرة قاموسه على الحياة أليوميه للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزه !!
وحتى العمق هذا الإقليمي للتجاذب كان محاطا بخلفيه دوليه تؤججه أكثر وتصل بالقوى المحلية إلى درجه الاشتعال , حيث الخلفية الدولية هي التي فرضت الحصار والعزلة الخانقة , وهي التي وضعت باتفاق حاله الافتقار , وهي التي فاقمت بشكل متعمد من الشروط السلبية للمكان الضيق , وخاصة في قطاع غزه وهي التي قبلت وبعضها مثل الولايات المتحدة أراد أن تظل أللعبه حرة بين إسرائيل والفلسطينيين , لعبه قاسيه لا شهود فيها ولا معايير ولا احتكام إلا لعربدة القوه الاسرائيليه , الأمر الذي خلق غلافا كثيفا من الإحباط والشعور العالي بالعدمية التي لم يكن له من تنفيس سوى ضد الذات الوطنية .
هذا الاستقطاب الحاد , والتجاذب الساخن , الذي له عمق إقليمي , وخلفيه دوليه , جعل من الصعب على القوى الاجتماعية مهما كانت مؤهله أن تفلت من الانحياز , وما يسمى بالطرف الثالث , أو الاغلبيه الصامتة , لم يكن لهم سوى مساحات ضئيلة جدا لكي يلعبوا دورا بين الفرقاء في هذا الاستقطاب الحاد والتجاذب الساخن , وهذا الدور الوسطي المفترض بين الفرقاء ,حيث انه لم تتح له الفرصه أولا , ولم يجد الوعاء الوطني الذي يحتويه ,فلقد بدأت ألازمه مبكرا حيث تمت مصادره أوسع المرجعيات الوطنية وهي المجلس التشريعي , بدخول إسرائيل بشكل خبيث واللعب على أوتار أللعبه الداخلية باعتقال عددا كبيرا من أعضاء المجلس التشريعي من نواب حركه حماس التي ردت بدورها بتجميد دور المجلس التشريعي كمستوعب لهذا الحراك الشعبي !!
بل إن المجلس التشريعي في غزه أصبح يلعب دورا مضادا لأي حراك شعبي وسطي , معتبرا أي حراك يستهدفه هو , ويطلب منه دورا , والدور مجمد بالكامل , ولا يريد المجلس بقيادته الموجودة أن يلعبه حتى لا ينكشف أمام اختلال الاكثريه بسبب احتجاز النواب في السجون الاسرائيليه , وهكذا أصبح الحراك الشعبي بدون وعاء دستوري أو غطاء قانوني أو شرعي يستوعبه , ولم يكن أمام الحراك الشعبي سوى الثورات البرتقالية في الشارع , وهذه مازالت بعيده عن ثقافتنا , فكيف حين يكون الحال مع حراك للمرأة على وجه الخصوص !!

المسألة الثانية :

تجاوز الاقتتال الداخلي لكل الحصانات , بمعنى أن أداء المتقاتلين على ارض الواقع , في الحواري والازقه والشوارع , في الأمان المكتظة والأسواق ومناطق الزحام , لم يكن يعطي ولو ببارقة أمل واحده في أن المتقاتلين على الأرض , من لابسي الاقنعه الذي لم يكن احد يستطيع أن يحدد هويتهم بالضبط , هؤلاء لم يعطوا الانطباع ولو مره واحده أن لهم خطوطا حمراء , أو حصانات من أي نوع يراعونها ويتوقفون عندها ,أو أوامر ونواهي يلتزمون بها ,فكل أنواع القتل العشوائي , بما في ذلك القتل على الهوية , أو القتل بالسشبهه , أو القتل لإحداث ماساه عند الطرف الأخر , قد تم تنفيذه في مراحل سابقه ولاحقه , بما في ذلك إطلاق النار على المسيرات السلمية , وعلى مظاهرات النساء , وقبل ذلك على الأبراج السكنية ,المكتظة بعائلات ليست طرفا مباشرا في النزاع , وحتى الدعوات التي جاءت من قريب أو بعيد مطالبين الجماهير بالنزول إلى الشوارع , ومطالبين النساء اللواتي يشكلن أمهات وأخوات , وزوجات , وبنات المتنازعين للوقوف بين المتنازعين , كانت دعوات هائمة تشبه لغة الوهم , بل انه لو حدث وتم ارتكاب مجزره على هذا المستوى , فان التنصل منها لدى المقنعين بالشوارع كان يعتبر أسهل الأمور , لان فكره تحمل المسئولية كانت هي الفكرة المرفوضة في حمى الاقتتال المجنون , وكان من العسير أن نتوقع دورا للمرأة مثل هذه الحالة الشاذة !!

قوه الدفع الاقليميه والدولية :

وراء فصول الاقتتال الداخلي وخاصة في قطاع غزه كانت قوه كبيره هائلة تمتلك القرار الأول وما زال لها صدى الرئيسي حتى ألان , وأمام قوه الدفع الخارجي , والتجاذب الساخن , والاستقطاب الحاد , تراجعت بشكل محزن الكثير من التقاليد والموروثات الفلسطينية , الايجابية , فلم تعد المرأة واحدة من الحصانات الوطنية التي يتوقف عندها الجميع , دعاوى التكفير والاتهام كانت قد راجت في الفترة السابقة , وجثث النساء المقتولات تحت عناوين كثيرة كانت إحدى الظواهر أليوميه !!وعندما ارتفعت الموجه, واشتعلت نيران الاقتتال الداخلي, كان الإحباط قد وصل ذروته, وإذا كان الإحباط قد شل الدماغ السياسي كله فكيف لا نتوقع أن تقع الحركة النسائية تحت هذا الإحباط.
إنني اعتقد أن الآثار السلبية المترتبة على وقائع المشهد الفلسطيني سوف تترك بقع سوداء كثيرة سيكولوجيا واجتماعيا على نسيج مجتمعنا الفلسطيني لفترات طويلة وخاصة عند المرأة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزه على وجه الخصوص التي أصابها ما أصابها في حمى الاقتتال الداخلي المجنون