مَن يتزوج مِن غير عذراء !



محمد أبوعبيد
2007 / 8 / 20

قد لا تتسع المخيلة للصور التي تجسد معاناة غير العذراء في المجتمعات العربية. أقسى هذه الصور السمعة التي تبقى مثل ظل الشخص الذي يلاصقه ويلاحقه حين الشمس ساطعة إذا عُرف عنها مفارقتها للعذرية، الأمر الذي قد يفضي إلى وأدها. وإن نجت غير العذراء من براثن الموت بعد حكم أولياء أمرها بإعدامها، فهي والزواج، في غالب الظن، خطان متوازيان لا يلتقيان.

حيث يُفضَل أن لا يزيد عدد السطور عمّا بات مألوفا للقارئ، فمباشرة إلى لب الموضوع .فتاة فقدت عذريتها بسبب حادثة خلال ممارستها الرياضة، أو بفعل اغتصاب، أو نتيجة علاقة مع حبيب دامت لسنوات ، وليس هنا نقاش حول شرعية العلاقة من عدمها كونها دينيا معروف حكمها ، ولا نقاش حول تصرف الأهل معها ، إنما من سيتزوج منها !.

لا خلاف على متعة الزوج في كونه من يجعل العروس البنت امرأة في لحظات بعد انتهاء مراسم الزفاف. يتذكر المرء كيف سادت في الماضي غير البعيد طقوس تقضي بأن يورد الزوج قطعة قماش بيضاء ويصدرها حمراء قد رويت لطمأنة الأهل والأقارب حول عذرية من دخل بها شرعاً. صحيح أن هذه الطقوس قد تلاشت بالعموم، لكن بعضها ما انفك حياً لدى بضع شرائح مجتمعية .

في ضوء هذه الأعراف والتقاليد ، تتضاءل فرص البنت "غير البنت" في العثور على ما يطلق عليه"ابن الحلال" ليتزوجها . فحتى لو رحمتها ألسن العامة ،الغالب أن لا ترحمها "دبلة الخِطبة" لما تحمله العذرية من أهمية بالنسبة إلى الرجل الشرقي الذي لا غضاضة أن نعترف أنه مؤهل جداً لممارسة ما يشاء ومتى يشاء لانعدام واقعية "عذرية الرجل" ،"فالشرف" من نصيب الأنثى ، بينما الذكر في حلٍ منه وفق تفكير مجتمعاتنا، وليس هذا كلاما أدبياً من نسج الخيال .

لو وجد شاب نفسة بين واقعيْن، أحدهما اعتراف البنت، التي يحبها ويريدها زوجة، أنها غير عذراء للأسباب سالفة الذكر، وثانيهما إخفاء الأمر بعملية جراحية تُعيد إليها بكارتها ،فحتماً ستقوده بوصلته إلى الخيار الثاني لتعليلات تقليدية وتثقيفية شرقية . فالشاب الشرقي يجد من الصعوبة بمكان أن يتقبل حقيقةً تبوح بها بنت إليه تتعلق بحياتها الخاصة ،في المقابل سهل خداعه من خلال عملية استرداد البكارة ، لذلك تلجأ الفتاة إلى مثل هذه العمليات في ضوء نمطية التفكير السائدة .

واقعان صعبان على الشاب نظرا لمنظومة العادات والتقاليد المهيمنة على سلوكنا والمسيطرة على حيّز التفكير الذي ارتضيناه لأنفسنا، والضيق أحيانا.ولأن التفكير المنطقي والموضوعي تهزمه في أغلب الآونة التقاليد المجتمعية ،فإن الشاب العربي يُؤْثر بدء مشوار عش الزوجية بما خفي على أن يقبل كشف الحقيقة ولو كانت لاسعة بالنسبة إليه . إن بنتاً غير عذراء نتيجة أسباب موضوعية ، خصوصاً تلك التي لا تندرج منطقياً في خانة سوء السمعة، هي صالحة للزواج إن صارحت من يهمه أمرها ، وهو بدوره إما أن يُحكّم عقله أو يهيج عواطفه . الصراحة وتفهمها أفضل من اللجوء إلى العمليات التي، مثلما تغير معالم الوجه كلياً ، قادرة على استرداد المفقود كما لو لم يكن مفقوداً.