المرأة العربية.. خطوات جريئة للامام..



وديع العبيدي
2007 / 9 / 13

نـســاء ومرايـــا
المرأة (مرآة).. تنعكس فيها صورة الحياة
والعائلة والمجتمع والعصر.. بها تبتدئ
الأشياء.. وإليها ينتهي كلّ شيء.. وعندما
تتقدم أمة.. تقرأ سمات التقدم في نسائها..
وعندما تنحطّ أمة.. فأن مظاهر الانحطاط تكون
أكثر بروزاً في حياة نسائها.. حاولت بعض
الشعوب ايلاءها المرتبة الأولى من
الاهتمام والرعاية والتكريم.. بينما سعت مجتمعات
ثانية إلى دفعها إلى آخر السلّم
الاجتماعي. لكن أوضاع المرأة، في أي مجتمع وأي
مرحلة لم تكن واحدة. فكما كانت المرأة ضحية
للتمايز الجنسي قياساً لأخيها (الرجل)،
فهي ضحية للتمايز الاجتماعي والسياسي
والاقتصادي تحت الطبقات المختلفة. وقد ساهم
هذا في إضعاف موقف الحركة النسوية
والخطاب النسوي لكل مجتمع، واندفعت (بلا وعي)
استراتيجي لاستمراء وضعها، مسجلة أول
نماذج ثمار سياسة (فرق تسد) في تاريخ الصراع
البشري. وسواء كانت المرأة، سيدة، أم
تابعة، فأن الرجل هو الذي كان يحتفظ بعصا
القيادة والتشريع والتخطيط، وهو الذي كان
يشرف على تصميم ثيابها وتقسيم عملها
الاجتماعي وبالتالي تحديد مكانتها
الاجتماعية. وما زالت المرأة حتى اليوم، من أثر
ذلك، تتوخى مرضاة (الرجل) في كل نشاطها
وممارساتها اليومية، بما فيها نوعية ثيابها
وزينتها، وتلبية متطلبات الذوق الرجالي
للفوز بالاطراء والتشجيع والاعجاب،
طريقاً للفوز بقلبه. هل يمكن اعتبار هذه حالة
عامة؟.. أم أن مجتمع المرأة يشتمل على أكثر
من تيار؟.. وبالتالي.. فثمة حالات نسائية
- بصيغة الجمع- وليس حالة واحدة تمثل
الجميع. وعند الحديث عن الظاهرة الأكثر هيمنة
في المجتمع العربي اليوم، فلا يعني ذلك
قناعة المرأة العربية بالوضع المفروض
عليها، كما لا يعني - في حال قبولها من
قطاعات معينة- سريان ذلك على كل النساء
العربيات، المتوزعات على مجتمعات وبيئات
ثقافية متعددة ومستويات اقتصادية واجتماعية
متفاوتة.
*
المرأة وصدام الثقافات
لأول مرة، في التاريخ، تحتلّ المرأة
واجهات الاعلام وتصبح عنواناً للمرحلة
ودالة على ثقافة معينة، - ليس في صورة زها حديد
أبرز معمارية اليوم أو شيرين عبادي
صاحبة نوبل (2003)- ولكن من خلال ظاهرة ما تعارف
بالحجاب والنقاب. ففيما شغلت وسائل
الاعلام بالظاهرة، كانت المحاكم في فرنسا
وألمانيا وانجلترا تشهد دعاوى البتّ في
الاطار القانوني لارتداء الحجاب وموقف
القانون المدني الأوربي منها، فيما لم يتورع
ساسة ورجال دين ومثقفون في الشرق والغرب
من تغذية الموضوع في اتجاهات متعارضة.
والسؤال الروتيني هنا: ماذا بعد؟ ماذا ترتب
على هذا الاهتمام غير العادي بظاهرة
نسوية عربية؟.. وما هي الفوائد التي
اكتسبتها المرأة العربية جراء ذلك؟.. ان حال
المرأة العربية والمسلمة اليوم، سواء في
أوربا أم في بلادها الأصلية.. يتضمن إجابة
شافية على كثير من هذه الأسئلة وغيرها.
بعبارة أخرى، ان هذا الاهتمام، من قبل
الجانبين، العربي والأوربي، لم يخرج عن
إطار الديماغوجيا السياسية، التي لم تنعكس
على المرأة والمجتمع العربي إلا
بالوبال. أوكسفورد ستريت وأوجوردرود لا ينقصهما
غير رصيف للجمال، وبئر ماء أو (واحة) قرب
أوكسفورد سيركس. إذا كان (الحجاب) عنواناً
للمرأة - الفاضلة- فأن المرأة نفسها هي
عنوان مجتمع وثقافة. لم تتحرر طيلة
تاريخها من الاستغلال والعبودية والمسخ، لخدمة
أغراض النظام الاجتماعي والمؤسسة
السياسية والدينية. قد تختلف الشعارات
والعناوين، ولكن الوسائل متشابهة، والمضمون
واحد.
تحت هذا العنوان جاءت جائزة نوبل (2003) إلى
(شيرين عبادي) الناشطة الحقوقية
الايرانية، وليس إلى نوال السعداوي أو ناشطات
نسويات يعانين من الملاحقة والاضطهاد
وممنوعات من دخول بلادهن ومن كثير من حقوقهن
الانسانية. على صعيد الاعلام، حملت
الجائزة مغزى سياسياً منسجماً مع الضغوط
الأميركية على النظام الايراني. واقع الحال،
ان (شيرين عبادي) كانت عنواناً لثقافة
إسلامية عريضة من أندونيسيا إلى الدار
البيضاء، غير منفصلة في حيثياتها عن السياسة
الغربية ما بعد أحداث نيويورك 2001. تلك
السياسة التي لا تقتصر على (خلق) عدو، وانما
قيادته عن بعد إلى (الحفرة) المعدّة له
سلفاً. كثيرون كتبوا عن فرضية (صدام)
الثقافات لهتنتغتون، فلم تكن الحصيلة غير
تحويل تلك الفرضية إلى نظرية دامغة وحقيقة
واقعة سجلت فواتيرها على حساب دماء الشعوب
ومستقبل الأجيال العربية. لم تغير
السياسية الغربية من مبادئها الشوفينية
والعنصرية (حرفاً)، ولم يغير النظام العربي من
عقليته (حرفاً)، وهكذا تم إفراغ ثورة
الاتصالات وعصر ما بعد الحداثة من أي مضمون
إنساني أو اجتماعي. على العكس ثمة سعي
مبارك لمسخ الضمير الاجتماعي ووسمه
بالبلادة، عبر البثّ المباشر والمتواصل لأخبار
المجازر البشرية ونشر مظاهر الرداءة
والتخلف و(صدام) الغرائز البدائية في العنف
والانتقام والغنيمة والبقاء للأقوى،
كملامح عامة لمناهج تربوية غير معلنة يتم
ترسيخها في وعي أجيال لا تملك من نفسها ومن
مستقبلها شيئاً بالكاد. المرأة، الغاية
والوسيلة، الداء والدواء، الجنة والجحيم،
لا تمثل العودة إليها انتصاراً حضارياً
أو عودة للوعي، قدر ما هو (إقرار) عميق
بهزيمة الانسان أمام نفسه وعمق الانحراف
الذي يكاد يجرد الانسان من آخر خصائصه
وسجاياه. انهم يريدون، من المرأة التي جعلوها
(حمالة) الحطب والخطايا والأطفال، أن
تعالج موضع الانحراف وتنجو بالانسان من
التردي المطلق إلى الهاوية. تحت هذا العنوان
تعود الطروحات الداعية (لتثقيف) المرأة،
من أجل تثقيف المجتمع، وتحرير المرأة من
أجل تحرير المجتمع. وبها، لا يتمّ فقط
مواصلة تحميل المرأة لتبعات الاستبداد
العام، وانما، نفي كل محاولة لتغيير الظروف
وتحسينها إلى (خبر كان).
*
المرأة والحرب
ان المرأة كضحية تاريخية للنظام
الاجتماعي والتقسيم الاقتصادي للعمل، كانت
تتحمل أعباء إضافية في أوقات الأزمات التي
تمرّ بها المجتمعات أو العائلة الخاصة.
وتمثل الحرب أبرز الكوارث التي تجرّ عليها
أعباء اجتماعية ونفسية واقتصادية . وسواء
كانت في موقع الأم أو الزوجة أو البنت أو
الأخت، فأن غياب الرجل المؤقت أو الدائم
من العائلة، يغير من مجرى حياتها،
ويجعلها تنوبه في إنجاز كثير من الواجبات
والأعمال إضافة لواجباتها الأولية، وبغض
النظر عن الظروف والمشاعر النفسية القاسية
جراء ذلك. ان أهمية وخطورة هذه الحالة
وانعكاساتها الطويلة الأمد، تبدو أكثر
وضوحاً، عند مراجعة جداول الحروب التي شهدتها
البلاد العربية خلال السنوات الأخيرة،
أو العقود الأخيرة بشكل أدق. فالحرب
الأهلية في لبنان التي دامت سبعة عشر عاماً
[1974- 1990] أسفرت عن حملات من التهجير
والتصفية العرقية والطائفية والتهجير داخل
البلاد وخارجها، كانت بالدرجة الأولى تقع على
كاهل النساء والأطفال، بينما يكون
الرجال في الحرب أو السجن والأسر والتصفية.
ان الكارثة، ظرف طارئ قد يستغرق زمناً
محدداً، أما أن يستمر شهوراً وسنيناً، فأنه
يتجاوز إلى مفهوم أوسع وأكثر دراماتيكية
للحياة غير الانسانية. يقال غالباً، أن
مدة الحكم النازي [ 1933- 1945] دامت أثني عشر
عاماً، والحرب العالمية الثانية استغرقت
ست سنوات [1939- 1945] ، أي ان الحرب اللبنانية
زادت عليها بمعدل ثلاثة أضعاف تقريباً.
وقريب منه الحرب العراقية الايرانية [1980-
1988] مدة ثمان سنوات، وتقدر أعداد العوائل
المتضررة منها بثلاثة ملايين بين حالات
الترمل والأيتام. والأرقام هنا لا تعكس
الآثار النفسية والاجتماعية وحتى
الاقتصادية، وأيام الخوف والقلق والترقب
والكآبة والاحباط. بعض المحللين يقلل من آثار
الحرب العراقية في الثمانينيات، باعتبار
أن القوام الاجتماعي والسياسي
والاقتصادي للبلاد لم يتأثر ، هذه الفرضية انهارت
تماماً في الحرب الثانية [أوغست 1990- يناير
1991] واجراءات الحصار الدولي المرافقة
لها [سبتمبر 1990- ابريل 2003]، وهذا يتطلب رصد
انعكاس حالات الحرب والحصار على المرأة
والعائلة وفي قطاعات الخدمات كالتعليم
والصحة والرعاية الاجتماعية والقطاعات
الاقتصادية والأمنية والسياسية. ان ما لا
يفطن إليه كثيراً هو الارتفاع غير المسبوق
في عدد الدعاوى المسجلة في المحاكم
العراقية بأنواعها المدنية والشرعية
والجزائية منذ ثمانينيات القرن الماضي، ، والتي
تمثل أعباء وإرهاصات إضافية في صميم
البنية الاجتماعية، التي تحولت فيها المرأة
إلى عنصر فاعل، ولكن بصفتها كضحية
تاريخية مرفوعة إلى أس رياضي غير محدد. وطيلة
التسعينات عاشت الجزائر كابوس من العنف
المحلي المسجل في حساب التطرف الديني لما
دعي بالأفغان العرب قبل أن تستشري تلك
الحالة إلى بلدان أخرى وتسجل ذورتها في
أحداث سبتمبر 2001 في نيويورك. أسفرت تلك
العمليات أو المجازر عن تعويق حركة الحياة
الطبيعية في الجزائر وحرمت الأهلين من
ممارسة حياتهم وأعمالهم العادية، ناهيك عن جو
الخوف والارهاب والمصير المجهول
المتربص بالأحياء والمدن إزاء تراخي الدولة أو
عجزها عن تحقيق الأمن الوطني. وكالعادة،
كانت المرأة عنوان تلك المرحلة وضحيتها
الكبرى والأولى. فالانقضاض على مظاهر
الحياة الطبيعية والحياة المدنية، انما هو
انقضاض على جانب كبير من حياة المرأة
العامة بالدرجة الأساس. ومع الاستقرار
النسبي لأوضاع الجزائر مع استلام الرئيس
بوتفليقه للحكم، يكون مسرح الحرب قد عاد إلى
العراق ثانية عقب الغزو والاحتلال
الأمريكي [20مارس- 2003] وتحويل العراق إلى مركز
استقطاب حركات العنف والتطرف الديني ،
واستمرار حرمان الأهلين من مظاهر الحياة
الانسانية الطبيعية واستمرار تردي الأوضاع
السابقة بشكل لم يسبق له مثيل. مع كل ما
يترتب عليه من أعباء ومضاعفات على الكائن
الانساني عموماً والمرأة والطفل خصوصاً.
هذا بالنسبة للحروب الطويلة، أما الحروب
القصيرة (شبه الخاطفة) مثل دارفور غرب
السودان وحرب حزب الله (37) يوماً أو حرب
الزيدية في اليمن، فهي جزء من مشهد عام يفتقد
الاستقرار وتتهدده بؤر التوتر
والانفجار في أي لحظة، وتحت أي عنوان، دون اعتبار
للبشر المقيمين فيها والمعاناة
الانسانية الناجمة عنها.
هذا على صعيد الاضرار الاقتصادية
والاجتماعية. ثمة حالة أكثر قسوة تتعرض لها
المراة خلال الحرب، وهي جريمة الاغتصاب
والحمل غير المرغوب. وهو أبشع انواع الجرائم
ضد الانسانية. يقول تقرير دولي عن ضحايا
الاغتصاب في دارفور، ان الاغتصاب يأتي في
مقدمة الأسلحة الرائجة في الحروب، بشكله
الفردي أو الجماعي. ومن أمثلة ذلك جرائم
الجيش الصربي في البوسنة 1992- 1997 وما ترتب
عليها من مشاكل حمل قهري تحت عنوان
التطهير العرقي، ومنه ما تركه الجيش الأمريكي
في حرب فيتنام، والتي رفضت بلادهم
قبولهم بعد الانسحاب الاميركي 1975 فواصلو
العيش في شريط حدودي على هامش البلاد، كما
رفضت الادارات الأميركية قبولهم أو حل
مشكلتهم الانسانية. وما تزال هذه الجرائم
تتكرر في أجواء الاحتلال في بلد الرافدين
دون أن يحرك ذلك ساكنا بين المنظمات
الدولية والجهات ذات العلاقة، وفي مقدمتها
حكومة منتخبة.
*
المرأة والشريعة
من المؤسف القول، أن المرأة تستمر ضحية
في ظل نداءات داعية إلى تطبيق الشريعة (!).
وكأن الشريعة لم تكن إلا على حساب
المرأة، أو أن المرأة، هي السبب الأول والأخير
لما تعاني منه المجتمعات من تردي وانحطاط
في البلاد الاسلامية. فبدلاً من التوجه
لانجاز تنمية اقتصادية حقيقية، واستكمال
متطلبات البنى التحتية في الاقتصاد
والمجتمع، وقيادة البلاد باتجاه تقليص
المديونية والتحول من بلاد مستهكة مستوردة
إلى بلاد منتجة تسهم في حجم الناتج
الاجمالي العالمي، تنشغل الفتاوي بترسيم طول
ثياب المرأة ونوع غطاء الرأس ودرجة علو
الصوت أثناء الحديث، وغير ذلك مما يدخل في
باب قولبة الجهاز الأنثوي بمعايير شخصية
حادة، تذكر بإجراءات وقيود النظام العسكري
التي يواجهها (الجندي) في بداية دخوله
(الخدمة) وجداول الواجبات والعقوبات
السارية في القيافة والمسير وطول الشعر وحلاقة
الوجه، فكل شيء مقنن ومؤدلج. وبما يجعل
من صور الحجاب والنقاب الرصاصي أو الأسود
والشادور، صورة للقيافة العسكرية
[يونيفورم] رمز العبودية المقننة. لقد شهد
الشرق الأوسط تغيرات اجتماعية وثقافية سريعة
ومذهلة بعد الثمانينيات في عدة بلدان
كالسودان والصومال وعراق ما بعد الغزو جراء
خضوعها لحكومات تمثل اتجاهات دينية
محددة. لم تقتصر اجراءاتها في جانب حياة
المرأة وانما مختلف النشاطات والقطاعات ذات
العلاقة بحياة الفتاة على الصعيد
الاجتماعي أو الدراسة والعمل أو الحياة العامة.
ان مناقشة قضية المرأة في هذا الاطار
تقع في فخ التناقض ليس بين الطروحات
الفكرية (النصوص) وتطبيقاتها الواقعية المباشرة
(المعاملات)، وانما في عدم اتفاق النصوص
فيما بينها واختلاف الاجتهادات. ان
معاناة المرأة قد تقل أو تزيد نسبياً خلال
ذلك، لكن حالة الحيف والعسف تستمر، والنظرة
الاجتماعية الدونية للمرأة [ناقصة دين
وعقل] لا تتغير. وهذا ما يضع المنظور العام
على محك السؤال، عن مدى التغيير الذي
سينجم أو ينعكس على حياة المرأة والمجتمع،
وبالتالي، حجم النمو وخصائص المرحلة
الحضارية المنتظرة بعد كل ذلك.
*
المرأة والتقاليد البالية
ورثت المرأة جملة من الأعراف والتقاليد
الاجتماعية التي تعود إلى فترات متفاوتة
من التاريخ أو التراث الاجتماعي، تلزم
بموجبها بالالتزام بأنساق محددة من
الحياة والتعامل. بعض العادات قابل للنمو
والتغير والتحسين بفضل الزمن وتقدم عجلة
التنمية الاجتماعية، ولكن تعثر التنمية
وانحطاطها في السنوات الاخيرة انعكس سلباً
على الحياة الاجتماعية وأوضاع المراة.
وما زاد من خطورة تلك الأعراف وبعض
التقاليد، ربطها بمعتقد ديني أو إضفاء هالة غيية
تسند تطبيقها الاجتماعي. وبالإضافة
للحجاب، يمثل الختان أبرز الموروثات من
ممارسات قبلية ضارة بالصحة العامة والنفسية
وغير منسجمة مع روح العصر. ان أي محاولة
لتحسين أوضاع المرأة ورفع مستواها
الثقافي، لن يكون ناجزاً، من غير تغيير النظرة
العامة للمرأة، وإعادة الاعتبار الانساني
إليها ككائن أساس في البناء الاجتماعي.
ان جانباً من هذا العمل يمسّ النظرة
المبدئية للانسان ككل ولمبادئ الحرية وحقوق
الانسان بأبعادها الحقيقية. هنا من
الضروري عدم الفصل بين موقف الشريعة من المرأة
وموقع المرأة في الأعراف والتقاليد
الاجتماعية السائدة، فعلى مدى ألف وأربعمائة
عام تبادل الدين والعرف الاجتماعي
موجات الشدّ والدفع في النسيج الاجتماعي
للمجتمعات الخاضة لها، وأنتجا منظومة
متداخلة من التقاليد التي قولبت الانسان فكرا
وسلوكا في إطرها المحدودة. ان كثير من
الممارسات البدائية تضفى عليها هالة شرعية
أو يتم تأويلها في الاطار الديني، لتكتسب
صفة الالزام والضرورة.
*
المرأة والتراتبية
تمثل التراتبية أبرز مظاهر الغبن الذي
لحق بالمرأة عبر العصور، وفي الثقافات
المختلفة. ومن غير الممكن لجوهر المساواة أن
يستقيم في مجتمع ما، أو المجتمع
الانساني عموماً، من غير الغاء فكرة التراتبية.
الانسان كائن واحد في صورتين، كما
الحيوان كائن واحد في صورتين، أنثى وذكر. ولا
تترتب على التأنيث أو التذكير أيما
تراتبية أو أفضلية، لأن العلاقة بينهما قائمة
على التكامل وليس التماثل. وهذا هو جوهر
فكرة الجنس القائم على قطبين متناظرين
يكمل كل منهما الآخر لانتاج عنصر جديد. وحري
بالقول أن أحد الجنسين لا يكون قائماً
لذاته، بل لا يكون له وجود في الأصل.
التراتبية هنا مستعارة من المفهوم السياسي أو
الاقتصادي، ومن هنا افترض الفصل بينها،
والتفكير في طريقة للتخلص منها والانطلاق
نحو ثقافة إنسانية اجتماعية جديدة.
*
المرأة والاقتصاد
.جاء تقسيم العمل لاحقاً لقيام الجماعة
والعائلة وتطور الاقتصاد. من غير الواضح
كيف كانت الصور البدائية لتقسيم العمل،
ولكنها لم تنفصل عن فكرة التراتبية،
المرتبطة بقيادة الجماعة.
من الجائز أن الفصل بين العمل داخل البيت
والعمل خارج البيت، كان أساس فكرة
التقسيم. فالمرأة سيدة البيت ومديرة المنزل
مثلاً، ويرى مؤلف كتاب [المرأة المصرية في
عهد الفراعنة] أن لفظة (ست البيت) تعود إلى
أيام الفراعنة وذلك لفظة (سي) الخاصة
بالرجل أي أب العائلة. كما يلحظ في مجتمعات
زراعية كثيرة أن تحمل الطفل في كيس على
ظهرها أو صدرها وهي تمارس العمل الزراعي،
وهذا يعني أن عمل المرأة لم يكن مقصوراً
داخل المنزل، كما كان سائدا في مجتمعاتنا
الزراعية حيث تساهم المرأة في كل جوانب
عمل الحقل بما فيه السقي والحراسة،
والمساعدة في العمل الزراعي كان أحد مبررات
تعدد الزوجات في المجتمعات الأولى.وهذا يفند
من أهمية مفهوم تقسيم العمل. فإذا كانت
المرأة تشارك داخل وخارج المنزل في
العمل، فلا بدّ أن الرجل، كان يعمل خارج وداخل
المنزل كذلك. وبالتالي، فأن الطرفين كانا
بتعاونان ويتكاملان حتى في العمل
الاقتصادي الاجتماعي وليس العمل الأسري
والمنزلي فقط. أليست مفاهيم التعاون،
والتكامل بأكثر فاعلية من فكرة التراتبية
القائمة على التسلط والانتقاص المعبرة عن عدم
الانسجام. أن الانسجام هو الشريطة
الأساسية لقيام الجماعة واستمرار نجاح العائلة.
أما التسلط والترابية فهي استعارات من
النظام السياسي في منظومة الجماعة
والعائلة، وقد لوحظ ما كبدته حتى الآن من خسائر
وانحرافات. وإذا كانت التراتبية قد
أثبتت فشلها في النظام السياسي المستند
للقسوة والاستبداد، فكيف يجوز استمرارها أو
التغاضي عن آثارها المدمرة داخل الجماعة
والعائلة.
*
المرأة والسياسة
ارتبط المفهوم الأولى للحكم بالقوة
العسكرية ومهام الدفاع والأمن التي تستلزم
القوة العضلية ما جعل المرأة خارج
الدائرة السياسية، ثم استتبع تقنين الأسرة لقطع
علاقتها بشؤون السياسة والحكم. لكن هذه
الرؤية لم تكن عامة في كل المجتمعات، ولا
مستمرة في كل الأوقات، بل لا يكاد يخلو
تاريخ مجتمع أو ثقافة من نساء حاكمات
وقائدات، اتسم حكمهنّ بالثبات والاستقرار أو
النصر في المعارك والحروب . هذا يبين عدم
صحة نظرية الاستبعاد أو الانتقاص من
مكانة المرأة ودورها السياسي، بغير
الاستبداد ونزعة الاستحواذ والفردية. فالمرأة
لو أتيح لها فرص كافية من التعليم واكتساب
المهارات والالمام بفنون الادارة
والحكم، لا تقل جدارة عن ابنها أو زوجها أو
أخيها (الرجل) في العملية السياسية، إسوة
بجوانب الحياة والقطاعات المختلفة. ففي مصر
الفرعونية كانت المرأة تشغل منصب نائب
الملك وتنوب عنه في الادارة والسياسة
أثناء غيابه في المعارك أو المهمات الخارجية.
وفي كل مراحل التاريخ نماذج عديدة
للمرأة ملكة وأميرة وقائدة قبل الاسلام وبعده.
ان ممارسة سيئة قد تورث فهماً سيئاً.
وفهم سيئ يورث ثقافة خاطئة وتقليداً سيئاً.
ومن المؤسف أن برامج التحديث العربي منذ
حملة نابليون أو دولة محمد علي باشا
لليوم لم تجرؤ على رفع امرأة عربية إلى سدّة
الحكم أو تقلد منصب قيادي أو حزبي بارز.
بينما شهدت بلدان أخرى من العالم الثالث أو
المجموعة الاسلامية حصول نساء على فرص
الحكم بدون أية عقد أو أمراض اجتماعية
ونفسية، مثل الهند وسريلانكا وباكستان
وتركيا والفيلبين. في هذا الاطار جاءت مفارقة
الفتوى المصرية بجواز استلام المرأة
لمنصب قيادة الدولة دون أن يتعارض ذلك مع
النص الديني. أهمية هذه الفتوى أنها جاءت
في وقت تعيش فيه حقوق المرأة أسوأ مراحلها
في مصر، وتعاني أفظع أنواع الانتهاكات
والاستبداد، وتحرم فيه من أبسط حقوق
التمثيل السياسي. بينما تسجل خطوات متقدمة على
صعيد التمثيل البرلماني في بلاد
خليجية، وتحظى بمنصب نائب رئيس الجمهورية في
سوريا وايران. ومهما يكن من أمر، فأنه مدعاة
للترحيب وخطوة للأمام يرجى أن لا تكون
مقطوعة أو منقطعة عن سيرورة متكاملة.
*
المرأة والتعليم
حققت المرأة العربية خطوات متقدمة في
قطاع التعليم بالقياس إلى قطاعات الحياة
الاجتماعية والاقتصادية والسياسية
الأخرى. فعلى مختلف مستويات التعليم والدراسة
تتقارب نسب الاناث والذكور بينما تتقدم
نسب الاناث في المرحلة الجامعية في بلاد
معينة، حسب التوزيع الدمغرافي للسكان أو
ميل الذكور للدراسة في الخارج كما في بعض
البلدان الخليجية. لكن هذه الأرقام
المتقدمة تفقد دلالاتها الحقيقية عند النظر
إلى أوضاع المراة في تلك البلدان
وافتقادها لكثير من فرص المشاركة أو المضاهاة في
الاقتصاد أو السياسة أو تقلد المراكز
المتقدمة في الدولة. ان المشاركة في سوق
العمل والحياة الاقتصادية والسياسية هي
النتيجة الطبيعية لتحسن مستوى تعليم
المرأة، وهو أمر لا يزال دون المستوى، مما يعني
أن أعداد كبيرة من المتعلمات والخريجات،
يحصلن على الشهادة ويجلسن في بيوتهن
بانتظار العريس، مما يقلل من فاعلية التعليم
أو يجعل التعلم من أجل التعلم لا غير.
ـــــــــــــــــــــــــــ
جدول يبين معدل الإناث في الجامعات 1990-
2000
الذكور الاناث البلد
89.6 78.9 جزائر
69.0 93.6 بحرين
98.3 97.0 كويت
95.8 94.6 لبنان
98.3 91.9 ليبيا
89.7 76.0 مغرب
96.4 93.7 عمان
98.3 98.0 قطر
93.2 96.8 سعودية
79.8 73.9 سودان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان برامج التعليم أحد أكثر البرامج
نجاحاً في البلاد العربية التي حافظت على
مستواها واستمرارها ، وفي المقدمة منها
قواعد التعليم الالزامي (عشرة صفوف) أو
مجانية التعليم في بعض البلدان. وفي قطاع
التعليم، حظت الاناث بحقوق متساوية مع
الذكور، بدون تمييز يذكر. وإلى هذا تعزى النسب
العالية لتعليم النساء حى مراحل التعليم
العليا، مما يعكس قناعة المجتمع بضرورة
التعليم والثقافة للنساء والرجال على حد
سواء. أما الملاحظات أو الانتقادات
الممكن درجها هنا، فهي أن فرص العمل بعد الحصول
على الشهادة، غير متكافئة، بين النساء
والرجال. والملاحظة الثانية تتعلق بطبيعة
المناهج الدراسية اتي تعرضت للاختزال
والضغط بعد السبعينيات، مما لا يكفي لدعم
قاعدة ثقافية أو علمية في تفكير المتعلم.
ان الثقافة هي جزء من جوهر العملية
التعليمية والتربوية، لكن الثقافة في البلاد
العربية على العموم انتقائية غير
محايدة، تخدم الخطاب الايديولوجي الشمولي
للنظام، بما يمكن تسميته ثقافة الاتجاه
الواحد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جدول يبين نسبة المتزوجات بين طالبات
الجامعة، حسب درجة استحسان العائلة
غير مستحسن مستحسن البلد
16.3 83.7 جزائر
8.2 91.8 بحرين
8.2 91.8 كويت
23.3 76.7 لبنان
10.6 89.4 ليبيا
19.4 80.6 مغرب
4.1 95.9 عمان
11.4 88.6 قطر
9.2 90.8 سعودية
13.4 86.6 سودان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكشف الجدول أن الزواج لا يعرقل على
العموم الأغلب استمرار دراسة المرأة في
الجامعة، كما يبين تشجيع الزوج أو العائلة
لدراسة الزوجة أو إكمال دراستها، وفي هذه
الحال، لابدّ أن الزواج يحدث والفتاة خلال
سنوات الدراسة أو في نصفها الثاني،
وتحظى بدعم من الزوج أو أهل الفتاة،مما لا
يظهر في الجدول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*
المرأة والثقافة
ان جوهر العملية الانسانية هو أن تكون
المرأة في وضع يؤهلها لإدارة شئون حياتها
والمهام الاجتماعية والعامة المترتبة
عليها كفرد في الجماعة البشرية والمجتمع
المدني. ومن أجل لا بدّ أن تتوفر على أرضية
ثقافية تؤهلها لاختراق الميدان
الاجتماعي والثقافي والسياسي. في هذا الصدد،
أنتجت السياسات التعليمية طيلة القرن
العشرين نتائج طيبة، على صعيد تعليم المرأة
ومساواتها في حقوق التعليم والدراسة، ولكن
ما لا تنجزه سياسات التعليم هو الثقافة
العامة أو النوعية. ان استدرار المرأة من
الثقافة السائدة، يعني استمرارها في دور
التبعية والذيلية وترديد الكلمات التي
أنتجتها الثقافة الذكورية والأعراف
الاجتماعية المتخلفة. وهو ما نلحظه اليوم بشكل
بارز، يدعو للرثاء. فمع ازدياد أعداد
النساء المنخرطات في التأليف والكتابة، ،
ثمة جوق كامل يردد أفكاراً مستهلكة، سبق
أن تجاوزها الفكر المعاصر قبل قرون، أو
أنها اسقطت من الذكر. وعندما تندرج نساء
للعمل في الحرس القديم للأعراف التي
استلبتها ومسخت انسانيتها ، فذلك مؤشر خطير
للتدهور المريع الذي بلغته سياسة المسخ
وغسيل المخ. يقول تقرير دولي للأمم المتحدة -
اليونيفيم- أن المرأة لم ينظر إليها
كفرد أو إنسان كائن بذاته، وانما تم التعامل
معها دائما كأم أو أخت أو زوجة أو بنت،
متزوجة أو غير متزوجة. أي التعامل معها جرى
خاصتها الانثوية والمتعلقة بالانجاب.
وهو ما يختلف عند النظر إلى الرجل او
التعامل معه كانسان، بغض النظر عن دوره
الانجابي وقدرته الاخصابية. فإذا كانت المرأة
نفسها، غير قادرة، أو مؤهلة، لفهم عمق
صعوبة التفاوت والحيف الذي تعيشه، والمنعكس
على النسيج الاجتماعي وصورة الواقع في
صورة انحرافات ومستويات من التخلف، فليس
جميلاً، أن يتكلف الرجل، حركة تحرير
الثقافة النسوية من البغي الطغيان الذكوري،
لقد قاد الطهطاوي وبديع أمين حركة تحرير
المرأة قبل قرن من الزمان. وعلى المرأة
اليوم، الاستفادة من ثمار تعليمها وفتح
مصادر ثقافتها، والاتقاء بخطابها العقلي،
المستوى الذي يدفع خطواتها للأمام،
كانسان مستقل، له كل الحقوق الانسانية. وهذا
يعني، بالمقابل، ان تتميز بعطائها الفكري
وتثبت جدارتها في الحياة الثقافية
والسياسية والعامة. صحيح أن الاهتمام بالمرأة
الكاتبة أو الفاعلة ازداد في وسائل
الاعلام، والنشر، ولكن هذا نابع، في نفس
الوقت لأنها أنثى. وليس لتميز عطائها، أو
جدارتها الحقيقية في الميدان المقصود. ثمة
كثير من الكتابات المتناولة للمرأة. وكثير
من الصحفيين والنقاد يتجهون للاسم
النسائي، وليس للقيمة الابداعية ومستوى النص.
وهو شرك لا يجوز للمرأة أن تقع فيه، أو
يغرر بها، فتراوح في مكانها. ان التعليم
يستتبع ثقافة، والثقافة تستتبع درجة عالية
من الوعي، والوعي يستتبع مستوى مميز من
الفهم ومستوى جدير من الرؤية العامة
والنوعية. خلال فترة زمنية محدودة لا تتجاوز
عقدين أو ثلاثة، حصلت أعداد نسوية كبيرة
على شهادات عليا في الماجستير
والدكتوراه، التي أتاحتها برامج التعليم والدعم
الاجتماعي. واعتقدت كثيرات أن درجة
الدكتوراه، هي نهاية المطاف، وغاية القصد.
متناسيات أن أعداد كبيرة من حملة الدكتوراه
الذكور، لا يحملون من الشهادة غير العنوان
الوظيفي للتدريس في جامعة أو شغل مركز
اختصاصي معين. بينما ينقصهم الكثير
لامتلاك رؤية فكرية مميزة، او القدرة على شق
طريق خاص ، خارج سياقات التكرار.
*
غياب الخطاب الثقافي النسوي
عبر قرن من الزمان، بضمنه بدايات الحركة
النسوية الناشطة في مصر والمشرق، والدعم
الاستثنائي لها من حركات سياسية فاعلة
وقطاعات اجتماعية مرموقة، لم يظهر خطاب
ثقافي نسوي يتضمن اللوائح الأساسية
والتوصيات الضرورية من اجل ثقافة اجتماعية
بديلة تتولى تصحيح الأفكار والممارسات
الخاطئة المتعلقة بالمرأة. غياب هذا الخطاب
أو البيان جعل من الحركة النسوية ظاهرة
عابرة في ضمير بدايات القرن العشرين. لقد
اندحرت تلك الحركة مع ظهور الدولة
القومية وانتهاء عهد الاستعمار للتحول جزء من
تبعية الخطاب السياسي السائد. وتختفي
تماماً عندما تفقد مبرراتها الضرورية. لم تكن
اتحادات النساء غير جزء من عمليات
الاستقطاب السياسي التي قضت على المضمون
الحقيقي للحركة النقابية والجماهيرية، ليس
في ميدان النساء، وانما في ميادين مماثلة
أخرى، كالعمال والأدباء والمحامين
والمؤرخين والثناعيين والتجار والفلاحين
والطلبة وغيرهم. بل ان صعوبة اختراق الوضع
الناجم عن ذلك، للذين أو اللواتي لا يستطعن
التكيف معه، حولهنّ إلى رائدات مفردات،
أو حركات محدودة الأثر. في هذا الصدد
تذكر الدكتورة نوال السعداوي وثورتها التي
بدأت بهدوء وعلميةـ ثم احتدت مع ضراوة
المواجهة المعلنة ضدّها، واتخاذ الدولة
العلمانية وأجهزتها المدنية موقف المتفرج
الشامت لما يحصل داخل حدودها، طالما لا
يهدد نظامها السياسي.
ان الخطوط العامة للتوجهات النسوية
متفاوتة اليوم إلى درجة التناقض والتناحر
فيما بينها، جراء اختلاف مستويات الوعي
بالذات والتبعية واختلاف المرجعيات. ان أي
خطاب نسوي، أو حركة نسوية لا تتخذ
مرجعيتها من ذاتها وفي ذاتها، فهي وبال على
نفسها وعلى المجتمع، وهذا ما يجعلها مرة
أخرى، في حالة تضاد ومواجهة، ليس مع التيار
المحافظ، وانما التيار الثقافي التنويري،
الرافض لكل أنواع التبعيات والعبوديات
المتوارثة في التاريخ القديم.
*
المرأة والحركة النقابية
في بدايات القرن العشرين كانت الحركة
النسائية العربية أكثر نشاطاً وحيوية من
أية فترة لاحقة في التاريخ المعاصر. بمعنى
أدق، أن حركة تحرر المرأة كانت أكثر
فاعلية، باقترانها بحركة تحرر المجتمع
وتحديثه والنضال ضد الاستعمار. ومن الغريب أن
تقع الحركة النسوية ضحية نزعة الاستبداد
السلطوي في الدولة القومية (الوطنية) بعد
الخمسينيات أو الستينيات، أو تبعية
تجييرها في ذيول أحزاب وحركات سياسية سائدة،
بدء من حزب الوفد والأخوان المسلمين إلى
الحركة الشيوعية والاتحاد الاشتراكي
والبعث العربي. لقد ساعدت الذيلية السياسية
ونزعة الاستبداد على تفريغ حركة تحرر
المرأة والاساءة للعاملات في إطارها، قبل
الانقضاض عليها وقبرها. وفي ظل حالة
التراجع والتردي الفكري والاجتماعي والسياسي
العام تسجل الحركة النسوية غياباً
تاماً على الصعيد الرسمي أو الشعبي، وبشكل
يستحق التسجيل. ويخدم هذا الغياب حالة
التردي العام في أوضاع المرأة وإجبارها على
الخضوع للأوضاع السائدة، والذوبان في
البحر العام، أو البحث عن طريق فردي للخلاص،
دون معونة أو دعم فعلي. في هذا الصدد جاء
اهتمام دائرة التنمية في الأمم المتحدة
في الالتفات (1998) لأوضاع المرأة العربية
والسعي لتحسينها. ان إشكالية مرحلة ما بعد
الثمانينيات انها تقترن بتراجع دور
الدولة المدنية أو حصر نشاطها في جوانب
الدفاع والأمن والخارجية دون غيرها، وبالتالي
فلا توجد أية ضمانات حقيقية لحماية
منظمات المجتمع المدني، سيما في قطاع ذي
أهمية استثنائية ينعكس نشاطه على جملة
النظام السياسي والاجتماعي والمؤسسة الدينية.

*
المرأة والعمل
سجل دخول المرأة في سوق العمل، تصاعداً
ملحوظاً بعد الحرب العالمية الثانية عقب
اتساع مؤسسات الدولة وتطور الاقتصاد
القطاعي، ولكن معدل إسهام المرأة في الناتج
الوطني بقي متواضعاً بالقياس لأخيها
الرجل، ومقارنة بنسبتها في التوزيع
الدمغرافي للسكان.
ان العامل الرئيسي وراء انخفاض مشاركة
المراة في الناتج الوطني يعود إلى أمرين:
ان معدل العمالة النسوية لا زال منخفضاً
على العموم. والثاني اتجاه [أو توجيه] عمل
المرأة لمؤسسات القطاع الخدمي، الذي لا
يدخل مباشرة في حسابات الناتج الاقتصادي
العام. وهنا تلعب النظرة الاجتماعية
للمرأة دوراً في تصنيفها لممارسة الاعمال
ذات الصفة الخدمية التي لا تحتاج لبذل
مجهود عضلي. وهنا يبرز قطاعان مثاليان
لامتصاص الجهد النسوي ، هما التعليم والادارة.
ففي قطاع التعليم قد تصل نسبة تشغيل
المرأة ما يعادل أو يتجاوز نسبة تشغيل أخيها
الرجل، بحسب حجم السكان والتطور
الاجتماعي. أما قطاع الادارة المثالي لعمل
المرأة، فما زالت النسبة أقل من نسبة مساهمة
الرجل. وهو أمر لا يقتصر فقط بالعامل
الاجتماعي وانما يتعداه إلى معدل التنمية
وتطور المجتمع العام. في حالات كثيرة تجد
المرأة - الأم خاصة- مجبرة بحكم الظروف على
العمل واستحصال قوت العائلة بعد غياب الزوج
لمختلف الأسباب أو مساعدة الزوج لرفع
مستوى دخل العائلة، في مواجهة صعوبات
الحياة المادية المتفاقمة. على العموم، فان
المجتمعات العربية لا زالت دون المجتمعات
الصناعية بكثير، ولا زال طابع الريف [أو
الترييف] هو المهيمن على المدينة
العربية، مما يخدم ثقافة اجتماعية ذات ثقل ريفي
بارز. وقد أثرت ظاهرتا العجزوالمدّ
السلفي أثراً بيناً في الحدّ من مشاركة المرأة
في سوق العمل والناتج الوطني. في هذا
الاطار، تذكر خطة التنمية الخمسية الأولى
في العراق [1972- 1977] التي سعت لتأنيث الجهاز
الاداري وقطاع التعليم في البلاد، وكان
لها دور مباشر في تخفيف الآثار المباشرة
للحرب اللاحقة [1980- 1988] على مؤسسات الدولة
والمجتمع. في هذا الخصوص لا بدّ من ثلاث
إشارات تتعلق بعمل المرأة..
1- يرتبط عمل المرأة بطبيعة الأعراف
الاجتماعية السائدة والمستوى الاقتصادي
للعائلة.
2- ان المرأة العازبة أكثر ارتباطاً
بالعمل، بينما تتراجع هذه العلاقة بعد الزواج
الذي يجعل عمل المرأة (ترفياً) لا ينسجم
مع مقولة قوامة الرجل على المرأة.!.
3- ان عمل المرأة في كل الأحوال، غير نابع
من مبدأ اعتبار المرأة عنصر اجتماعي
واقتصادي وانساني معادل للرجل وله نفس
الحقوق وعليه نفس الواجبات, أي عملها واجب
تقتضيه الضرورة ولكنه غير ملزم في حال
انتفاء الحاجة الاقتصاديةأ وانتفاء وقت
الفراغ بعد الانشغال بالأطفال.
*
المرأة والعائلة
النظرة العامة تقصر وجود المرأة
بضرورات العائلة والانجاب. وهي نظرة لا تقل
تخلفاً عن فكرة استمراء القنانة والعبودية
كنظام للحياة الأرضية أو السماوية. وفي
كتاب [المرأة المصرية في عهد الفراعنة]
يخلط المؤلف بين مثنوية الالهة (السماء
والأرض) وبين فكرة تكريم المرأة. وهي نابعة من
النظرة التقليدية للزواج باعتباره
تكريماً للمرأة، تحت وزر أفكار بدائية سلبية
لا تنفصل عن فكرة [الخطية] التاريخية
والصاق الشرور بجسد المرأة. بالمقابل يشكل
الزواج أحد أكبر المسؤوليات التي تواجه
الفتاة أو المرأة مع بلوغها سن النضج أو
قبل ذلك في بيئات اجتماعية متخلفة. وتأخرها
في قرار الزواج أو الحصول على فرصته،
يلحق بها أذى نفسياً داخل العائلة وخارجها،
بنفس الطريقة التي يشكل فيها عائقاً
طبيعياً أمام طموحاتها الشخصية في الدراسة
أو العمل أو نشدان هدف معين. وفي بعض
البلاد التي تهيأ لها صدور قوانين معدلة
للأحوال الشخصية مثل تونس والعراق ومصر، شهدت
محاولة لضمان حقوق المرأة في مؤسسة
العائلة من جهة، ومن جهة مقابلة تمهيد رؤية
جديدة حول قيمة المشاركة في مسؤولية
العائلة وإدارتها. لكن هذه القوانين ما فتئت
تعرضت لنكسة أطاحت بها كلاً أو جزء، وفي
الغالب لم يتبق منها غير ذكريات بعيدة،
تزداد بعداً مع استمرار تردي الواقع والنظام
العام.

*
المرأة والأطفال
إذا كان وجود المرأة خاضعاً لضرورة
العائلة، فأن وظيفة العائلة هي تزويد المجتمع
بالأبناء والبنات كعناصر جديدة
للاستمرار. لعلّ من أغرب المواقف التعامل مع
البشر كانهم قطع ميكانو أو روبوتات رسمت
أدوارها مسبقاً ومبرر وجودها الوحيد هو
قيامها بواجباتها القدرية تلك. وافتراض
العائلة لمجرد فكرة الانجاب، أو اعتبار
الانجاب مبرر وحيد للعلاقة الجنسية حسب مذهب
بولس انما هو تأسيس مجتمع قنانة أرضية ،
لا يقيم اعتبارا للقيم النفسية والمشاعر
الشخصية، ناهيك عن ترسيخ فكرة أن الحياة
الأرضية عقوبة ونفي وشقاء، حتى يتحقق حلم
العودة للفردوس. يترتب على ربط فكرة
الزواج بالانجاب معاناة غير محسوبة للمرأة
التي تواجه صعوبة في الاتيان بطفل، ويمنح
الزوج مبرراً للزواج المتعدد بغية
الحصول على طفل أو ولد أو كثير من الأطفال.
بينما يضع قطاع من المجتمع مسؤولية (تربية)
الأطفال على كاهل المرأة، وهي عبارة حق
يراد باطل. ففي ظل تردي المجتمع يلقى بتبعات
التردي على المرأة في المجتمع وليس
الرجل أو المجتمع أو النظام السائد. ومن ذلك
الدعوة إلى إعادة تربية المرأة [حسب أي
منهج؟..] لمعالجة الخلل والتردي العام في
المجتمع. عندما أطلق حافظ ابراهيم دعوته تلك
[الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً
طيب الأعراقِ]. كانت الغاية إقناع الناس
بضرورة تعليم الفتاة ومنحها فرصة المشاركة
في ركب الحياة العامة. وهي مقولة غير
منفصلة عن حكمة فرعونية عن فضائل المرأة
المتعلمة العاقلة على المرأة الجميلة غير
المتعلمة أو قليلة الذكاء. ومن الغريب أن
يساء فهم أو يساء استخدام الأقوال
والوصايا في غير محلها أو زمانها، للالتواء عن
مواجهة خطاب العقل والمسؤولية الشخصية لكل
فرد في المجتمع، ووضع حدّ للغة
الاتهامات والاتكالية والمعصومية والنزاهة.
من جراء هذه العقلية، تتميز المجتمعات
العربية والاسلامية بين شعوب العالم
الثالث، بالكثافة السكانية وانعدام أية
برامج لتنظيم أو تخطيط الأسرة. وهي النقطة
التي ركزت عليها البرامج الانمائية للأمم
المتحدة والعمل للحدّ من اتساع الفقر.
عندما كشفت أن ظاهرة الفقر أكثر ارتباطاً
بالمجتمعات ذات الكثافة السكانية وتفتقد
لبرامج تحديد وتنظيم الأسرة. وبما يمكن
الاصطلاح عليه ببرامج الانجاب غير الواعي.
ان صناعة الاطفال في العائلة لا تأخذ
بنظر الاعتبار المستوى المادي للعائلة وحجم
المرتب الشهري أو السنوي أو حجم الرغبة
في امتلاك الطفل. بل أن المفارقة هنا، ان
العوائل الفقيرة المتدنية الدخل أو
المعدومة المورد هي الأكثر أطفالاً في
المجتمعات. في الجانب الآخر، تتناسب نسبة
الأطفال في العائلة عكسياً مع مستوى تعليم
الوالدين بالمعدل العام. رغم انعدام
المعايير والقيم الثابتة في المجتمعات القلقة.
يبقى الطفل نفسه هو ضحية الوالدين
والمجتمع. وتظهر ثمة مجتمعات اشتهرت بتجارة
الاطفال وهي نوع من تجارة الرقيق الممنوعة
دولياً. حيث تعرض بعض العوائل أطفالها
للبيع أو التبني مقابل مبالغ، كما في بلدان
آسيوية وشرق أوربية. وهناك جهات تنظم
شراء/ اقتناء تبني هؤلاء الأطفال وتنشئتهم
لتغذية تجارة الدعارة والبغاء في بلاد
أخرى، بعد استحصال أوراق ثبوتية شخصية لهم
بأسماء جديدة تحدد صلتهم بصاحب العمل
وعائلته. وهذا يكشف عدم احترام المتعاملين
في هذه التجارة للقيمة الانسانية حتى لو
كان من فلذات أكبادهم كما يقول الشعراء.
وقد تولت منظمة الكاريتاس العالمية بفتح
فروع لها في بعض البلاد العربية، وقامت
ببناء ملاجئ لأطفال الشوارع ووضعت آلية
لـتأهيلهم ومساعدتهم للحصول على فرص
للدراسة والعمل النظامي إسوة ببقية الأطفال
في العالم، وفق مبادئ حقوق الانسان
وميثاق حماية الطفولة الدولية. وفي برنامج
إذاعي في مدينة سالزبورغ النمساوية روى طفل
مصري حكاية تحمله مسؤولية عائلته وهو في
الثامنة من عمره لتوفير قوت العائلة مع
بقية إخوته الصغار، جراء انفصال والديه
وزواج الأب بامرأة ثانية. مما اضطره للعمل
بأعمال البيع في الشارع وترك الذهاب إلى
المدرسة. لكن الطفل، استطاع بمساعدة
المنظمة الدولية التحصل على فرصة التعليم
الاساسي والمهني الذي يؤهله للحصول على
عمل جيد ومناسب. وفي بلد كالعراق زادت نسبة
التسيب من الدراسة الابتدائية لمعدل
النصف في التسعينيات جراء ظروف الحصار
وارتفاع تكاليف الدراسة ونفقاتها غير
الرسمية، ناهيك عن اشتداد الحالة الاقتصادية
لكثير من العوائل ذات الدخل المحدود أو
العديمة الدخل، أصبحت حالة أطفال الشوارع
والتكسب والتسول ظاهرة عامة شائعة أخذت
بالارتفاع والتفاقم مع عهد الاحتلال. فيما
إنشئت ملاجئ للأطفال في بعض المدن
المغربية لاحتضان ظاهرة أطفال الشوارع سيما
الولادات غير المرغوبة والمرشحة للتزايد
جراء ارتفاع معدل العنوسة وتراجع ظاهرة
الزواج نتيجة تكاليفه ومسؤولياته غير
المعقولة.
إزاء كل ذلك، تبرز ثلاثة متطلبات رئيسية
لمساعدة العائلة والتخفيف من وطأة
الضغوط الاقتصادية المستمرة في التزايد.. وضع
برامج الزامية لتنظيم وتحديد حجم
الاسرة، السماح بتداول موانع الحمل، السماح
بالاجهاض.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جدول يبين معدل الطلاق والانفصال بسبب
الحمل أو الخصوبة..
خلال 5 أعوام أو أكثر خلال عامين معدل
الخصوبة البلد
10.2 19.4 3.3 الجزائر
5.2 10.9 1.8 مصر
11.6 22.3 4.9 سودان
7.4 10.8 2.4 يمن
26.0 34.8 16.6 موريتانيا
17.6 31.8 3.3 مغرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نسبة الولادات في خمس سنوات
مرغوب مرغوب بعد حين غير مرغوب السنة
البلد
62.7 2.4 16.8 1997 أردن
69.0 10.5 20.2 1995 مصر
73.2 12.5 14.1 1995 مغرب
54.6 23.0 21.8 1997 يمن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
المرأة والجنس
أين هو الجنس في حياة المرأة؟.. بل ما هي
مكانته في المجتمع والعائلة؟.. وما مبرر
إحاطته بقوانين العيب وخدش الحياء
الاجتماعي وبالتالي تشويه صورته وسبل التعامل
معه. هل يمكن أن يبلغ أثر العامل الديني
أن يستمر تشويه جانب من الحياة الانسانية
والمشاعر الطبيعية على مدى حقب التاريخ
المتعاقبة دون أن يعن لأحدهم أن يصدق
الأمر مع نفسه، وتكون له الثقة في الفصل بين
نفسه وبين فكرة الاستبداد العام.
الجنس والحب والزواج والعائلة مفاهيم
متداخلة لا يحسن المجتمع الفصل أو التمييز
بينها أو ايلاءها ما تستحق من حرية
واستقلالية، ويعتبر الزواج هو المقبرة أو حبل
الغسيل الذي تعلق عليه كل تلك الأوزار.
وهو ما عقّ د مفهوم الزواج عن الانسان
العربي، وجعل عليه من التأملات والانتظارات
أكثر مما يحتمل، دون فصل العاطفي عن
النفسي عن الجنسي عن الاجتماعي، والعام عن
الشخصي. فالزوج هل كل شيء لزوجته والزوجة هي
كل شيء لزوجها، وقبل الزواج لا يجوز أن
يكون شيء وبعده لا يكون . وكل ما عدا ذلك هو
الكارثة. حتى الجنس هو جزء من مساحة
العبودية والمسخ الروحي المتأصل في بواطن
الذات الفردية. وما لم يكن مسموحا ومألوفاً
قبل الزواج، ليس من المتوقع ظهوره داخل
المؤسسة الزوجية. بعبارة مناقضة، ان
الحياة الخاصة (العلاقة السرية) أكثر تلبية
للمشاعر الشخصية الحميمة في حياة الفرد.
ولذلك ارتبط وجود (الجارية) كحالة قرينة
بوجود الزوجة في مراحل معينة من التاريخ
وكطريقة وحيدة لاستكمال حاجات النفس
والجسد، استتبعت النظرة الدونية للجارية
وثيابها ومكانتها قياساً للزوجة الرسمية
(الحرة) وهي ظاهرة لا تزال تجد لها بدائل
اجتماعية لا تظهر للعلن الاجتماعي، كما
تقدمه ثلاثية نجيب محفوظ في صورة (العشيقة)
كظاهرة اجتماعية متواترة ذات إرث تاريخي
عريق.
تقول دراسة غربية أن 64% من النساء في بلد
أوربي مثل بريطانيا لا تجد فرصة التعبير
عن حاجاتها الجنسية . كيف بالحري يكون
الأمر في مجتمع عربي؟.. مجرد التعبير فيه عن
مشاعر حبية أو جنسية اقتراف للعيب أو
أكثر. وقد يطلق أحدهم زوجته إذا أعلنت عليه
الحبّ مباشرة حسب التعبير الشعري. مكانة
القبلة في العائلة أو بين الزوجين وصورها،
تنفع دالة هنا على أهمية العواطف
والمشاعر الحسية والنفسية بين الزوجين. تقول
نفس الدراسة الغربية، أن تقبيل الطفل هو
تعبير ضمني عن شوق لتقبيل الزوجة أو الزوج.
ومن الشائع أن العرب عامة يغدقون
العواطف على الأطفال، ويشبعونهم لثما وعضا
وتقبيلاً وقرصاً. وهم يفعلون ذلك في البيت
والشارع وأمام الناس وفي كل موقف. تماماً
كما يتيح بعض الغربيين لانفسم حرية تبادل
القبل والعناق في لحظة الاحتياج إليها
دون تأخير أو تأجيل حتى بلوع حجرة النوم
وإطفاء الضوء. وهذا يلخص معنى الخجل أو
المخاتلة والنفاق الاجتماعي, الشخصية
الشرقية عامة تصنف بأنها عاطفية، ولكنها
عاطفية مزاجية متقلبة ومتطرفة، نتيجة زخم
الكبت المعتلج في ذاتها، والتي لا تتيح
قوالب العادات الاجتماعية التعبير عنه بصورة
طبيعية أو عادية سلسة، مما يحيله إلى
حالة مرضية غير طبيعية وانحراف نفسي تترتب
عليه ممارسات غير محسوبة. في أناشيد
سليمان تقول الحبيبة لحبيبها ليتك كنت أخي
لقبلتك أمام الناس وضممتك إلى صدري.. إلخ.
وهي تعبير عن إرث العيب أو الخجل الشرقي
المتوارث في المجتمعات العربية حتى اليوم.
وتعتبر القبلة العلنية بين الجنسين
مخالفة يحاسب عليها القانون في الهند كما حصل
مع ممثلة هندية كانت تودع أحد الفنانين
الغربيين في المطار وأخطأ أحدهما في تبادل
قبلة تعدّ عادية في الحياة الغربية.
للحرمان تاريخ في حياتنا، وحياة في
تاريخنا، وهذا ما يجعل طريق الوصول للمستقبل
أقرب إلى المستحيل. ان الذات الشرقية
والعقلية العربية ما زالت تعيش في أعماق
التاريخ وترتع من ثقافات وميثولوجيات تحتل
أوليات التفكير ومكانزمات الشعور، وتجعل
مظاهر الحياة والشعور والسلوك غير
الطبيعية هي القانون والمألوف، وعكسه هو
العيب والحرام والمنبوذ. حتى ذلك، يبقى طريق
الخلاص فرديا، ورهنا بثقافة ووعي وشخصية
الفرد. واقتطاع جوانب من الذات والحياة
وتعطيلها أو تشويهها بذرائع معينة ليس
وضعاً طبيعياً، مهما طالت عليه الدهور،
وزاد المصفقون.
*
[UNIFEM]
في عام 1976 أنشأت منظمة الأمم المتحدة
دائرة خاصة بالمرأة مقرها في نيويورك، ولها
فروع اقليمية في آسيا والباسيفيك، غرب
آسيا وأفريقيا، أميركا اللاتينية
والكاريبي. المؤسسة أخذت شكل منظمة مستقلة في
إطار البرنامج الانمائي وذلك منذ عام 1985.
وفي عام 1994 تم افتتاح دائرة اقليمية في
عمان، بهدف دعم تقدم المرأة. وترتبط
بالدائرة العربية ثلاثة عشر فرعا متوزعة على
البلدان [بحرين، مصر، عراق، أردن، كويت،
عمان، فلسطين، قطر، سعودية،، سوريا،
الامارات العربية، واليمن]. سعت اليونيفيم إلى
بناء منظمة نسائية وشبكة تعاون قوية بحيث
تأخذ على عاتقها وضع وإدارة سياساتها
بالتعاون مع حكوماتها والوكالات الدولية.
كما تولت تزويد الحكومات بمساعدات تقنية
لتنظيم العمل مع المنظمات النسوية. وقد
اعتمد البرنامج ثلاث قنوات لتحسين أوضاع
المراة، تحسين الوضع الاقتصادي ورفع
انتاجيتها سيما في مجال الاستفادة من
التكنولوجيا الجديدة . زيادة مساهمة المرأة في
القطاعات الحكومية والمؤسساتية ذات
العلاقة بوضع السياسات واتخاذ القرارات ذات
العلاقة بالمرأة. تطبيق مبادئ حقوق
الانسان والحيلولة دون وقوع عنف ضد المرأة
وتطوير أطر تعامل سلمية.
وشهد عام 1998 حملة دولية لاحتفالية مرور
نصف قرن على اعلان الميثاق الدولي لحقوق
الانسان والذكرى الخامسة للمؤتمر الدولي
لحقوق الانسان في فيننا والمتضمن بيانه
التاريخي بعنوان: حقوق المرأة هي حقوق
الانسان- لدعم جهود دعم تحسين أوضاع المرأة
وتوفير الحماية لها. وتضمنت الحملة
فعالية لمدة ستة عشر يوماً [نوفمبر 1998] ضد
(العنف الجنسي) . ويتضمن هذا التثقيف والعمل
ضد جملة من المفاهيم والممارسات الخاطئة
والمضرة بالمرأة. ولقيت الحملة دعما
وتفهما من عدد من الحكومات لاتخاذ بعض
الاجراءات الضرورية للحد من تلك المشاكل
والممارسات.
*
جرائم الاغتصاب
يعرف الاغتصاب بأنه الاقدام على فعل
جنسي دون موافقة الشريك. وبهذا التعريف
المدني المشدد، فأن الاغتصاب قد يقع داخل
مؤسسة الزواج، إذا أجبر أحدهما الآخر على
ممارسة الفعل دون موافقة أو استعداد.
وتعتبر المحاكم الأوربية ذلك سبباً كافياً
لحكم التفريق بينهما. وهو نفس الاطار الذي
تعالَج بها مزاعم العنف ضد الزوجة، والتي
تحكم بترك الزوج لبيت الزوجية مباشرة
وانتظار حكم المحكمة. ان حساسية اعلاقة بين
الرجل والمرأة التي قد تتجاوز الجانب
المادي إلى الجانب النفسي وتتجاوز المشهد
الاجتماعي إلى تفاصيل حجرة النوم، ، ينتج
علاقة اجتماعية عرضة للاهتزاز والاضطراب
وفقدان كل شيء في لحظة تهور أو زعم غير
حقيقي. فالقانون المدني، وهو يوفر ضمانات
للمرأة ويحمي كيانها المعنوي، أضر بكيان
الزواج كمؤسسة تتجاوز العلاقة الجنسية
والمادية. ومن مفارقات ذلك، ان بعض
الأزواج المطاليق رسميا أو مدنيا، يواصلان
علاقتهما كصديقين منسجمين نفسيا وفكريا
ويلتقيان من وقت لآخر كأصدقاء، أو كصديق
حميم أحيانا.
هذه المعادلة المعقدة تعني بكلمة واحدة،
ان الشخصين، المرأة والرجل، هم الأقدر
على تحديد وترسيم العلاقة وتوخي الحلول
المناسبة، حتى لو اقتضت نسبة من التنازلات
المتبادلة. وهنا يمكن أن تتجسد القيمة
الفعلية للعلاقة الانسانية، ومساعدة كل
شخص للآخر، لكي يتجاوز الخطأ أو سوء الفهم.
إذا كان الخطأ يعني انتاج ضحية، فالحل،
ينبغي أن يعالج، وليس يزيد أضرار الضحية
أو عدد الضحايا. وهو ما يتكفل به العقل
والذكاء والحكمة، لأصحاب العلاقة أو
المشكلة عبر الحوار والاعتذار والنية الصادقة.
على الصعيد الميداني والعربي تبرز مشكلة
الحمل غير المرغوب المترتبة على فعل
الاغتصاب، وعدم سماح قوانين البلد
(بالاجهاض) بطريقة صحية لا تتضرر جراءها الحامل.
ومنع الاجهاض يعتبر احد أسباب فشل مشاريع
تحديد النسل أو تنظيم الاسرة. وليست كل
البلدان العربية متشابهة في هذا المجال.
لكن الغالبية لا تسمح قوانينها بالاجهاض
في مستشفياتها الصحية. وبقدر تقرير دولي
1998
ان نسبة الاجهاض في بلد مثل مصر بنسبة 31%
من حالات الحمل، بينما يبين تقرير لجنة
رجب 1996 أن هذه النسبة تؤشر الحالات
الناجحة فقط وان 21% محاولات اجهاض بدون نجاح.
ففرصة الاجهاض تقلل من الاثار النفسية
والاضرار التي تواجه الحامل، سيما إذا كان
ذلك عن طريق غير مشروع أو اعتداء سافر.
*
جرائم غسل العار
Honor killing
من التقاليد الاجتماعية المتوارثة
لتاريخ الحيف الانساني الحكم بقتل أي انثى
يُشتبَه في ممارستها أو وقوعها ضحية علاقة
غير مشروعة مع شخص آخر. والعلاقة هنا
تتمثل في وقوع الفعل الجنسي خارج إطار
العلاقة الزوجية، بيد أن الواقع يشير إلى
اعتبار كل فعل شائن مبرراً للقتل. وفي مذكراته
يورد الشاعر معروف الرصافي المتوفي في
1945، أن امرأة مرت من أمام المقهى ملتفة
بالعباءة على الطريقة الشائعة في العراق
سابقاً، فقام أحد الجالسين في المقهى من
(الأشقيائية) في أثرها ثم عاد بعد قليل
معترفاً أنه قام بقتلها. فالمرور من أمام
المقهى يومئذ لم يكن جائزا للنساء، وتحدي
العرف الاجتماعي يوجب القتل. ان هذا المبدأ
لا يفتقد فقط التبرير العقلاني، وانما
يفند نفسه باعتماده مبدأ الشك. وليست
العبرة بوقوع فعل شائن أم لا، قدر ما يتعلق
بوضع (إسم)
العائلة موضع القيل والقال، فالخوف من
الفضيحة والمس من المقام الاجتماعي هو
فحوى جريمة غسل العار. أو جرائم الشرف. وهو
مبرر تشديد الخناق على حركة المرأة
وحياتها، وتفضيل الذكور على الاناث في العرف
القديم. لقد تراجع هذا النوع من الجرائم
تراجعا كبيرا مع تقدم القرن العشرين
وانتشار وسائل التعليم الحديثة ولكنه لم ينقطع
تماماً ، سيما في بعض البيئات الريفية
والتي تنعدم فيها وسائل الاتصال الحديثة.
من الاساليب البديلة، في بيئات معينة
أكثر تسامحاً، لتفادي حكم القتل قبول
الطرفين برابطة الزواج، وترى الجمعية الدولية
لحقوق المرأة، أن هذا الاجراء يمثل
عقوبة إضافية، يجبر الضحية بالحياة مع
الجاني وطاعته وخدمته وانجاب الاطفال له. وهو
الأمر الذي يجعل الذكرى تعيش معها حتى
الموت.
على نفس الصعيد لا يقدم القانون المدني
للدساتير الحديثة حلاً مرضياً، لجرائم
الاغتصاب والاعتداء الجنسي والعنف ضد
المرأة ، غير التعويض المادي أو الأحكام
الخفيفة.
*
في مشهد الراهن
وهنا لا بدّ من تبرير الغاء قانون
الاحوال الشخصية في بلد مثل مصر تحتل مركزية
قومية وتعتبر (مصر أم الدنيا) ويقول كتاب
تاريخها أن تشاريعها هي أول من أعطى المرأة
حريتها ومساواتها بالرجل أن لم يكن اكثر
من الرجل. واستمرار نظام النسب* في
المجتمع والدولة السعودية التي تعتبر نفسها
مرجعية اسلامية حضارية، والمعروف ان
الأعراف القبلية سابقة للاسلام الذي جاء على
كثير منها عندما استبدل اليات الصراع
والتوازن الاجتماعي، ناهيك عن المضمون
الفكري الذي (ساوى بين الرجل والمرأة في
الحقوق والواجبات والكرامة الانسانية)*،
بينما تتولى محاكم الدولة السعودية تطليق
مسلمة من مسلم لعدم التكافؤ الاجتماعي أو
المالي في النسب وربما أية مشاحنات شخصية
(مستورة). ففي هذه الأحكام التي ظهرت
رائحتها مؤخراً، تأكيد على هامشية النص
الاسلامي في القضاء والمجتمع لصالح العرف
القبلي والقيم البدائية، وبدون أية اعتبارات
انسانية لكرامة الجنس البشري ممثلاً
بأشخاص المرأة والرجل والأطفال. ليست هذه
غير مجتزآت سريعة من ثمار الخطاب التقليدي
الارتجاعي المحافظ (!!) الذي ساهم مع
الحمق والمعاداة الأمريكية للانسانية في
تحويل حياة البشر إلى (جحيم) على الأرض.
*
المرأة المهاجرة
تقتطع الهجرة قطاعاً كبيراً من المشهد
النسوي الراهن، ما يمكن اصطلاح (مرأة
الشتات) في مقابل (مرأة الوطن) للقاطنة
المستقرة في بيئتها المحلية. فالانقطاع عن
المكان الأصلي تترتب عليه آثار نفسية
واجتماعية وثقافية واقتصادية، لا تكون بنفس
المستوى والنوعية في البيئة المحلية. وتصنف
تلك المعاناة والأضرار إلى عدة عناوين..
قلق المكان. التغاير الثقافي. تزايد
العبء النفسي. الشعور بالوحشة والغربة.
ازدياد تعقيد انماط العلاقات داخل وخارج
العائلة. ظهور اعتبارات جديدة في انماط
العلاقات والحياة العامة والخاصة. تكافؤ
المرأة والرجل في العبء السياسي بحكم العلاقة
بين موطنين. تكافؤ المرأة والرجل في
العبء الاجتماعي والاقتصادي بحكم قوانين
البلاد الغربية.
وإزاء تضاعف المعاناة والأضرار، تفتفد
المرأة - كما بقية مجتمع المهجر- الأجواء
الاجتماعية المطمئنة الممثلة في الأهل
وأصدقاء الجوار والطفولة، والأنشطة
والمنتديات الاجتماعية أو المهنية. يقابل ذلك،
انخفاض معدل الانسجام النفسي والعاطفي
في بعض اجاليات الشرقية أو العربية. ان
العامل الاقتصادي أولاً والسياسي والديني
ثانياً، هو محور اهتمام الشرقيين والعرب
بالمرتبة الأولى، على حساب كل
الاهتمامات الأخرى. أم الاهتمام بالعائلة
والعلاقات النفسية والعاطفية للأفراد، فتأتي في
نهاية المطاف، أو ضمنية في هوامش
الاهتمامات الثانية. ان الشعور بالوحدة
والجفاف الاجتماعي العاطفي سبب رئيسي للالام
النفسية والكآبة وكثير من الأمراض
الفسلجية التي تدهم المهاجرين. وفي حال المرض أو
الفقدان، تظهر ردود أفعال عاطفية
مبالغة، كان يمكن أن تكون أكثر نفعاً لو أنها
استخدمت في الوقت الصحيح والصحي وليس بعد
فوات الأوان واستفحال المرض. أما الظاهرة
الثانية والممثلة لمركز الخطورة هنا، هو
انخراط المرأة للتجمعات الاجتماعية
السائدة في الغربة بحثاً عن وسيلة للتواصل
الاجتماعي والخروج من البيت والتخلص من
الأعباء المنزلية، ومحدودية هذه التجمعات
وتنميطها وتجييرها لجهات ايديولوجية
معينة غير بريئة المقصد هو مركز الخطورة.
ويمكن وضع هذه التجمعات في ثلاثة
مستويات..
معاهد اللغة والتثقيف المحلي والتأهيل
المهني
منتديات اجتماعية هي واجهات لجهات
سياسية تسعى للاستقطاب.
التجمعات والمناسبات الدينية والطائفية
في المهجر.
ان العامل الأول وراء المشاركة في هذه
الاجواء هو الحاجة للمجتمع والتواصل،
وفرصة للتحرر من أعباء المنزل والعائلة
لبضعة ساعات. تقول احد المشاركات لو بقيت في
البيت لكان عليها ان تنشغل بأي شيء. أن
أعمال المنزل لا تخلص. ومتطلبات العائلة
والأطفال لا تنتهي. هنا تشعر بنفسها وتتنفس
الصعداء، وتستطيع أن تكون بمفردها، وتعيش
جانباً من حياتها بنفسها. كا تحصل على
زمالات أو صداقات في الوسط الجديد ويتم
تبادل الآراء والخبرات وفضفضة المعاناة
والمشاكل. ان المرأة اجتماعية بطبيعتها
أكثر من الرجل الذي يعيش باستمرار داخل
المجتمع ولذلك فهو لا يشعر بقلق في وضعه
الاجتماعي والعلائقي. ان ما توصم به المرأة من
صفات سلبية كالثرثرة والعلاقات السريعة
مردّها العزلة التي عانت منها طوال
العصور، ولذلك تسعى لاستغلال ساعات الانفراج
القليلة أحسن استغلال، وذلك بالتعرف على
أكثر من شخص، والسرعة في الكلام،
والانتقال بين أكثر من موضوع أو اهتمام. هذه
الحالة تجد رديفاً لها في أوضاع سجناء
الاحكام الطويلة، حيث يحاولون استغلال فرص
الرياضة أو الخروج للهواء الطلق والفسحة
المحددة يومياً أو اسبوعيا أحسن استغلال.
ينخرط الرجل في التجمعات والعلاقات
الاجتماعية المطروحة أمامه، فيتلون
بألوانها ويتغذى بأفكارها، وعندما يعود للبيت
يبدأ بتطبيق ما تعلمه على أفراد الأسرة
الخاضعين لسيطرته، فيزيد من وطأة معاناتهم
وآلامهم، دون أن يرعوي لهم، أو يعتبر أن
قدسية المبادئ التي يستند إليها أكبر من
معاناة الأفراد، وربما اعتبر ان المعاناة
والاضطهاد والشتيمة جزء من التطهير
والغفران. وفي خضم ذلك لا تجد المرأة من
ينصرها أو يخفف من أعبائها أو آلامها، سوى
نفسها والامعان في ذاتها ووحدتها. والنتيجة
واحدة من اثنتين مهما تأخر الزمن..
الامراض النفسية أو التفريق.
الكلمة الأخير.. ان العائلة المهجرية
بحاجة لمزيد من الالتفات لنفسها والاهتمام
بأعضائها، ليس ماديا واقتصاديا في
الجانب النفسي والاجتماعي، والفكري،
والمشاركة في فعاليات وسفرات وحوارات
واحتفالات، للتخفيف من وطأة الغربة والاعباء
النفسية والاجتماعية الضاغطة، وعندها، يخف كل
من الزوجين، البحث عن حاجته خارج
المنتزل وتوقيع عقد صداقة ومشاركة وتفاهم
وانسجام على خطواط التقاء نفسية وعاطفية وليس
داخل الاطار الاجتماعي الرسمي. .
ــــــــــــــــ .
- العهدين القديم والجديد
- تقرير اليونيفيم للأم المتحدة
- المرأة المصرية في عهد الفراعنة- سيد
كريم- 2004/ الهيئة المصرية العامة للكتاب

- نداء رفعته الكاتبة وجيهة الحويدر لرفع
الحيف عن المرأة السعودية.
- جريدة الحياة – يوم الأثنين المصادف
الخامس من فبراير 2007- أخبار الصفحة الأولى-
والنص للدكتورة سعاد صالح استاذة الفقه
في الأزهر وعميدة كلية الدراسات
الاسلامية سابقاً