توقفي يا سورية عن الزنا في شهر رمضان الكريم!



فلورنس غزلان
2007 / 9 / 20

ــ رمضان كريم والحكومة أكرم منه...رمضان رحيم والحكومة أرحم منه...رمضان يطالبك بصلة الرحم والتواصل مع الجيران وزيادة عيار المحبة والإخاء ...والحكومة تزيد من عيار السعار والأسعار ..ومن عيار محبتها للكروش الكبار ..التي ترحم لدرجة أنها تقاسمك صحن الفول والمجدرة وتسرق منك رغيف خبزك المدهون بقليل من الطحينة والفلافل...وكأس التمر هندي المعصور حتى التفل...
يكرج المواطن السوري كدولاب من الصباح الباكر حتى انهيار الأعصاب وحرق الشرايين وجفاف الدم فيها ..يعمل موظفا في الفترة الصباحية وسائقا في الفترة المسائية أو عامل بناء أو بلاط ..أو نجار أو قصاب ،لا يهم، لكنه بعمله المتواصل كثور الحقل وبغل الفلاح...يغطي على نواقص وعيوب الوطن واقتصاده المتردي بل المنهار فوق رأسه فقط ...فلو كان المواطن السوري كسولا ومتخاذلا وجلس بعد الدوام في المقاهي وسند شبابنا الحائط في مداخل الحارات ..لأصبحوا عرضة للإجرام ولعصابات القتل والخراب... ولغدوا طوابيرا من العاطلين عن العمل والثائرين بوجه المسئول عن تجويعهم ...لكنه يغادر ويهرب عند أول فرصة متاحة يعمل في المنفى المختار كي يرسل بعض القروش لدعم أسرته في الوطن...أو يقوم بعملين في اليوم....ما هي فرصته ليعيش طويلا ؟ وما هي فرصته ليملك صحة وقوة كغيره من مواطني شعوب الأرض؟ ...لماذا يسقط بعض شبابنا وهم في مقتبل العمر صرعى بجلطات قلبية؟ ..أو سرطانات تزيد على مستوى المتعارف عليه عالميا...رغم عدم وجود دقة أو شفافية في الإحصائيات ...لأن مثل هذه الأمور تعتبر " إساءة لسمعة الوطن وغايتها التشويه والتشويش على وحدته وممانعته!!"هذه المشاهد والأحداث تجهلها عين المسئول ولا تقرأها عين الفاسد في هذه الوزارة وتلك الإدارة.
ــ حين يذهب المواطن أو المواطنة للتسوق من أجل إفطاره في هذا الشهر الكريم...فأي كرم حكومي سيستقبله في السوق الشامية؟....يحتار من شدة العروض المرصوفة أمامه...يحتار حين تقع عيناه على سعر كيلو الباميا( 125 ليرة سورية) ...أو سعر كيلو البطاطا ( 40 ل س ) فالفواكه ليست من الضروريات ...عليه التقشف والاقتصاد...وهذا ما تبثه الصحف وتدعوا إليه...وتنبه أن عليه الاكتفاء بالضروريات وعدم الإسراف في هذا الشهر...لأن غايته الدينيه هي الصوم ثم النوم!!...فالعائلة المتوسطة الأفراد في سورية ( ستة أفراد على الأقل ) والتي يتوالد أهلها كالفئران...هذا نابع من شدة الوعي والتوعية الوطنية والالتزام القومي في التناسل والتكاثر والثقة الكبيرة بمنتجات الوطن ونموه الاقتصادي المرتفع !!!....هل تطبخ البامية دون بندورة؟ ...أو دون لحمة!!!!... فاللحمة تعتبر اليوم في سورية الممانعة من الكماليات وصارت بالتالي داخلة في إطار الممانعة أي الممنوعة على المواطن وصحنه الرمضاني...وعليه ألا يراها وأن يكتفي بشمها ...لأن الشم من الممنوعات ... يشمها ويتبرك برائحة دسمها......ويكفي أسرة الأفراد الستة ....200 غرام من لحم البقر هذا لو تمكن من شرائها ...خاصة لو كان من الشرفاء المعتمدين على دخلهم وراتبهم الشهري ...كم كيلو من البطاطا تحتاج مثل هذه الأسرة؟ ...ولو شَفَّت نفس أولاده على الدجاج فكم دجاجة يحتاج؟ وقد طارت الدجاجات وحلقت ...وترفض النزول وتتدلل ...وصارت مغناجاً في عصر صار فيه الخروف من المخلوقات الفضائية...ويماعي من أرض السموات السبع الطباقا....ولا ينزل إلا بالهيلوكبتر فوق موائد الجنرالات الكبار ومدراء ووزراء ونواب مجلس المخاتير الشعبي ....المُختار بالتزكية الحزبية وشهادة الفساد القومية والقطرية المصدقة من دائر(اللا حكم عليه) من قضاء النزاهة والحصافة والكياسة في النجاسة والدراسة في مدارس الحزب العتيد والمجد التليد في تطويع وترويض المواطنين العبيد...وتمكنه من تهدئة خواطرهم بالمواعيد وبجنات الخلد في عدن وحورياتها ...وأملهم بجنة ابليس في عالم اللطش والتدليس...قولوا إنشاء الله...
عفوا ...دخل احدهم على الخط.... ويسألني كيف تطبخ الباميا ...وبماذا؟...بالسمنة البلدية أو الهولندية...بزيت الزيتون أو زيت الذرة ....؟ مع بندورة أو يكتفي برب البندورة وعلى الريحة كمان؟...هل يمكن التخلي عن جرزة الكزبرة والاكتفاء بحص ثوم؟؟ أو هل يجوز طبخ الباميا على الماء بدون قلي وتعب راس...؟ لأن القلي سواء بالزيت أو بالسمنة مؤذٍ للصحة والحكومة الرشيدة حريصة على شرايين قلوبنا من الكوليسترول...وخاصة برمضان ...لأن عصر المعدة ضروري للصائم وحزم البطن هو الغاية والمقصود ...لهذا تزداد المساجد والقبيسيات والوعاظ والواعظات.... ...وتكثر الوعود بإكرام المحتاج والفقير بجنة الخلد بعد الموت المحتوم..والصبر الطويل على الحكومة القراقوشية، بعثية السيادة والريادة والقيادة والإسلام منبع من منابع العلمانية الجديدة في عصر الحرية والديمقراطية ذات النغمات الخلبية...المخلوطة والمعدة في دوائر التنظير والتطوير في عهد التنوير والتسطير بمساطر صنعت خصيصا في أقبية وأدراج وبمخططات ودراسات ...ودخلت السجلات والأضابير...فعلى المواطن السوري الالتزام والاحترام لكل قواعد وقوانين الدستور ولضوابط المراقبة والمحاسبة في سجلات الأسواق ومحاسبي التجار وقاطعي الأرزاق....ويقال والله اعلم ...أن المحاسبة يومية في سوق الطويلة والحميدية ...لكل من تسول نفسه البيع بالمزاد ...لكل ما لا يصلح وقد أصابه العث والكساد....فعين الرقيب واسعة لكن عين بطنه أكثر اتساعا ويرضى بالقليل ليصمت عن الكثير ....فهو مساهم مساهمة مباشرة في فاتورة تاجر المفرق وتاجر الجملة...أما التسعيرة التي تصل للمستهلك المواطن الطفران ....فله الأجر الكريم من ربه الرحيم...وحكومته لا علاقة لها بما تنصبه مسئولا إداريا ...فقد اختارته لانتمائه الحزبي ورابطته الأبوية الأصلية في معاهد السلطة الفاشية ...
يا مواطن رمضان مهم ...ومهم جداً ...وأعتقد أن السلطة الميمونة ستجعل من أيامك كلها رمضان متواصل فما رأيك؟...
وكي تفطر اليوم وأنت تنعم بأعظم الأخبار وألطفها وقعا على أذنيك وكي تنزل اللقمة سائغة في بلعومك...وتنزلق دون ماء...( على الناشف )...لأن الماء سيباع بالزجاجة والقطارة ، فقد ارتأى مجلس السيد العطري في السيدة رئاسة الوزارة وحسب تطبيل وتوليف وتلميع صحيفة الثورة في ديباجتها الرقيقة ...لأنها تراعي مشاعرك المرهفة يا سيد مواطن وبخبرها المدسوس والقادم مشفرا من وكالة( سانا) للأنباء وحيدة الجانب والمصدر وبتاريخ اليوم " الأربعاء 19/9/2007 " وبالحرف :ـــ

" ناقش مجلس الوزراء مذكرتي وزارتي الإسكان والتعمير والري المتعلقة بالإجراءات المقترحة على صعيد مكافحة الهدر في استعمالات مياه الشرب وترشيد استخداماتها وإعـــــادة النظـــــر بهيكــــليــــة تعـــــــــــرفـــــة المــــــيــــــاه بما يتماشى والغاية المرجوة ويحقق التوازن في الاستهلاك والعدالة بين المستهلكين حيث وافق المجلس على الإجراءات المقترحة في هذا المجال"...انتهى الحديث...
فسروا وحدكم ما يعنيه هذا اللف والدوران بإعادة الهيكلية للتعرفة؟!!!!!!
وكيف سيوزع الاستهلاك؟ هل يعني أن تنقطع المياه عن بيت أحد المسئولين الذين يستخدمون خرطوم الماء لسقاية حديقة القصر ...أو لغسيل السيارة لصالح أحد سكان قدسيا ...أو باب الجابية أو الطبالة أو الدويلعة؟!!!! اشربوا هنيئا مريئا ..تمر هندي وعرق سوس ...ممزوج بتعرفة جديدة لماء الزلعوم الرمضاني الكريم.

أقول وأشحذ القلم ...وأكتب دماً...حين أرى من هنا ...من باريس ...حين أقرأ الأسعار في صحف النظام نفسه...وصرخات تصدر بخجل يحمل الرياء بين السطور ....حين أعلم أن المواطن الفرنسي صاحب الدخل المحدود والأضعف ، يستطيع أن يأكل اللحم ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع..ويستطيع أن يأكل السمك مرة بالأسبوع والدجاج أكثر من مرة....ويمكنه أن يجد أسواقا رخيصة جدا ...لأن للفقراء أسواقهم كما للأغنياء أيضا أسواقهم ومتاجرهم ( اللوكس)....لكني أقارن فقط برواد سوق الهال في دمشق العريقة...أقارن من يعيش في جرمانا وقدسيا...لا في أبو رمانة والمالكي....من يعيش في حمص ودرعا وجبلة....ودير الزور....أعلم أنكم ستقولون المقارنة خاطئة ..

.لكني أعرف أني كمواطنة سورية كنت أعيش أفضل من الفرنسي...نعم أفضل من الفرنسي....
حتى الثمانينات كنت أعيش أفضل من الفرنسي...وصلني ذات يوم مبلغا زهيدا من المرحوم أبو أولادي...يعادل (3000) فرنكا فرنسيا ...رميتها أمام من حملها محتجة...ماذا يمكنها أن تفعل ؟....
أتعلمون لماذا؟ ....لأن الفرنك الفرنسي آنذاك كان يعادل (80 قرشا سوريا ) أقل من الليرة السورية....قيسوا على هذا الأساس ولكم الحق في المقارنة بعدها...اليورو اليوم يساوي (70 ليرة سورية)...
إذن المقارنة ليست خاطئة....لأن المواطن السوري كان يعيش أفضل من أي مواطن عربي أو غربي....الوطن السوري اقتصاديا كان حاله أفضل ...وهاهو يتدهور ويسقط في هوة السياسة الخاطئة والاقتصاد غير المدروس ...في ظل اقتصاد النهب والفساد والخراب....كان عيبا وعارا على أي مواطن يمسك متلبسا بسرقة المال العام أو برشوة أوبغش في مادة أو سلعة ما ....ويلحق العار بأسرته وأهله....اليوم انقلبت القيم ...صار السارق ( شاطر وحربوق يعرف من أين تؤكل الكتف) صار تاجر ماهر .....يرحم ..ما كان!!.
يا سورية اليوم...يا ذات الوجه القبيح ....برمضانك المستعر ...لا أعرفك ...لا أعرفك ...وكنت أتمنى ألا أراك بما أنت عليه بحلتك الخشبية المنخورة بسوس الفساد...فهل أدعو الله أن يحميك وأنت على هذا الشكل ؟...كيف يحميك وأنت تأكلين أولادك؟
الأم التي تأكل أولادها لا تستحق الأمومة....الأم التي تفرق بين أبناءها ....ليست أماً
الأم التي لا ترعى أبناءها كما يستحقون وتمنحهم الحب والحنان والعطف والحماية
ليست أماً...إنها نقمة....إنها نقمة...لكن العيب ليس فيك ولا بأمومتك...العيب في أنك احتللت وسرقت منك الأمومة....انك اليوم تعيشين بالزنا...إنك تزنين كل يوم.....فكفي عن ارتكاب المعاصي والخطيئة....إنه رمضان الكريم....اغتنمي جوعك....اغتنمي مرضك وسقامك واستيقظي ...من حضن الخطيئة....وتوبي .....تحتاجين للتوبة...
تحتاجين للتوبة...ونحن أبناءك من يقدر على الغفران.....سنغفر لك حين تلفظين أبناء الزنا.....حين تلفظين أبناء الزنا وتثوبين لرشدك...ونعود لحضنك الدافيء سواسية ...في ظل قانون يحترم الاختلاف ...قانون يحترم ألواننا وتلويناتنا الاجتماعية والسياسية..قانون نضعه نحن ....يقبلنا...ويحتوينا ونحترمه....لأنه من صنعنا ...غير منزل...لا يسقط من الغيم ولا من خلال بصطار العسكر......
كفي عنا خطياك ....واغتسلي من ذنوبك....قبل أن يطول صيامنا عنك...

باريس 19/09/2007