في مجتمعات ثقافة الخصيان : المرأة بين أسرين , الختان والنقاب 2/4



محمود الزهيري
2007 / 9 / 25

متاحف التاريخ تذكر الفضائح :
وعن متاحف التاريخ التي يتباهي بها المسلمون دون عمل أي إعتبار إلي أن مثل هذه الأمور تمثل سوءات حضارية يتوجب عليهم التبروء منها لمخالفتها الفطرة السوية بتضادها مع حرية الإنسان في أن يعيش مستمتعاً بكافة المنح التي وهبها الله سبحانه وتعالي إياه , ومستنكراً لكل من يقيد هذه الحريات أو يحد منها , وهذا هو المتحف التركي , والذي يفتخر به المسلمون في حالة فريدة من الغباء بذكر ملامح تنم عن الفضائح التي حدثت في التاريخ الإنساني المنسوب للتاريخ الإسلامي , تكريساً لتراث الممالك والإمارات والسلاطين بما كانوا يتمتعون به من سيادة الملك والسلطة , والتي أتاحت لهم بإسم الدين إخضاع الناس لهم , وحرمانهم بالتالي من الحقوق الإنسانية , وإستئثارهم وحدهم بتلك النعم من القصور وأطيب الأكل والمشروبات والمغنيات القيان الفاتنات , والغلمان والخصيان , والسراري والإماء , والعبيد , ويتم احتفاء المسلمون حتي الأن بالسلطان عبد الحميد كرمز للخليفة المسلم , والذي يتباكي المسلمون علي سقوط تلك الخلافة , بل وتسعي الجماعات الدينية إلي إحيائها في صورتها القديمة الغير متلائمة عصرياً بمفاهيمها القديمة والتي شابتها العديد من المآخذ الإنسانية , والتي يتبرأ منها كل من يحمل صفة الإنسان ففي عدد من أعداد مجلة الوعي الإسلامي نشر عن قصر طوب قابي سراي أن : يعتبر >طوب قابي دولما بهجةطوب كابي سراي< ومنه يحكمون إمبراطوريتهم الفسيحة حتى توسع وامتلأ بالتحف والذكريات ماجعله أشبه بسجل لتاريخ تلك الإمبراطورية الحافل •
ولكن حافل بماذا ؟
هذا مانستطرده في هذا الموضوع , إنه حافل بالخصيان والغلمان , والجواري والسراري والإماء , حافل بالعبودية والرق ففيما يذكر عن الفناء الثالث بالقصر أن: الفناء الثالث لايمكن الوصول إليه إلا بعد المرور بباب >السعادة كابوسي< الذي كان من أشهر أبواب القصر وكان الخصيان يقومون على حراسته ، وخلف ذلك الباب كان يقوم > القصر الداخلي< المعروف باسم >أندرون < وهو مؤلف من الأجنحة الخاصة بالسلطان ومعظم الاحتفالات كانت تقام أمام باب السعادة وعند مدخل الأندرون حيث توجد مكتبة أحمد الثالث وجناح الخصيان البيض ( حتي التفرقة العنصرية وصلت فيما بين الخصيان) وصالات الكنوز على أن الجناح الذي يجذب أكبر عدد من الزوار هو الذي يقع مختبئاً خلف هذه الأجنحة كلها : جناح الحريم الذي لا يمكن الوصول إليه إلا عبر المرور بالباب المسمّى >عربة كابيسي ، أي باب العربات وهو يقع في الفناء الثاني أصلاً غير بعيد عن صالة المجلس •
ويلمح الزائر للقصر الثياب والمجوهرات والأسلحة والكتب والمخطوطات واللوحات وقطع الأثاث والأواني •
وإذا أراد الزائر أن يلمح آثار الشرق وسحره فحسبه أن يتجول بين المخطوطات العربية والفارسية ، أو ينظر الى قفطان بايزيد الثاني الذي يعتبر بلونه الأرجواني وخيوطه الذهبية وعشرات الأحجار الكريمة التي ترصعه من أقدم وأجمل القطع التي يضمها متحف طوب كابي ، وفي زاوية ثانية كرسي عرش إسماعيل شاه أحد غنائم الحروب العثمانية في الهند المغولية ، ويوجد إبريق ماء من الذهب الخالص المرصع بعشرات الجواهر وهو يعتبر من مفاخر صناعة الذهب التركية في القرن السابع عشر ( مع أن مجمل الأحاديث تحرم الشرب في أواني الذهب والفضة )، وجواهر وخناجر ساحرة•
والذي يستميل المسلمون في هذا الموضوع ويجعلهم يتناسون في تورية غبية وعبيطة أن هذا القصر به أمانات الرسول فتذكر تركيا وتاريخها علي أنه : حقيقة إن تركيا مليئة بعشرات المتاحف ودور الآثار، ولكن متحف طوب كابي يقف في مقدمها بما حواه من مقتنيات، تنافس مقتنيات أشهر المتاحف العالمية، بل وتتفوق عليها ، وكفى الزائر لأمانات الرسول ( أن يشعر كأنه في حضرة نور وروح سامقة تقوده إلى الصفاء والمحبة•(
ويتناسون أن هذا المتحف به : قاعات الحريم:
- عبارة عن مبان فخمة وصالونات مذهبة وقاعات لجلوس السلاطين (قاعات العرض ونافورات مائية وقاعات الطرب والحمامات) وتبلغ الفنون الزخرفية قمتها ، ويتناهى الإبداع في تزيين السقوف والشبابيك والأسرة في تلك الغرف المخصصة لنوم السلطان مع إحدى زوجاته والتي غالباً ما تزين باللوحات الزيتية الرائعة التصوير والتلوين•
بينما كانت الضرائب والمكوس والجزية كانت تفرض علي البشر من أجل بناء القصور , وقاعات الحريم , وقاعات المطابخ , وقاعات الملابس , قاعات الساعات , وقاعات رسوم ومخطوطات السلاطين والأمراء , وقاعات السرادق البغدادي وقسم الإنكشارية , وقاعات الأمانات التي أسموها مقدسة !! وأهمها علي الإطلاق قاعات الحريم !!
علاقة التمدن الإسلامي بالخصيان والجواري والعبيد :
من المؤسف له أن يتم إقتران التمدن والتحضر بربطه بالخصيان والجواري والعبيد في علاقة جدلية خطيرة الأبعاد سيئة الآثار في رباطها بالأديان علي إعتبار أن هذه الأفعال والأعمال المجرمة إنسانياً , والمرفوضة من كل من يتم وصفه بالصفات الإنسانية , إذ لايقترف تلك الجرائم من خصي الرجال , وإستعبادهم , وإتخاذ النساء إماء وعبيد وجواري , يتم بيعهن كالرجال سواء بسواء , علي إعتبار أن الإنسان يمثل سلعة تباع وتشتري , والأمر الخطير أن يتم لصق مفهوم التمدن الإسلامي بهذه العلائق البشرية المجرمة , في لفتة إلي دراسة عنوانها من التمدن الإسلامي : وفي متناول الحديث عن الخصيان أورد أن :
الخصاء عادة شرقية كانت شائعة قديماً بين الآشوريين والبابليين والمصريين القدماء وأخذها عنهم اليونانيون ثم انتقلت إلى الرومان فالإفرنج .
ويقال أن أول من استنبطها سيراميس ملكة آشور نحو سنة 2000 قبل الميلاد .
وللخصاء أغراض أشهرها استخدام الخصيان في دور النساء غيرة عليهن .
فلما ظهر الإسلام وغلب الحجاب على أهله استخدموا الخصيان في دورهم وأول من فعل ذلك يزيد بن معاوية فاتخذ منهم حاجباً لديوانه اسمه فتح واقتدى به غيره فشاع استخدامهم عند المسلمين مع أن الشريعة الإسلامية أميل إلى تحريمه على ما يؤخذ من حديث رواه ابن مظعون .
فكان التجار من الإفرنج وغيرهم يبتاعون الأسرى من السلاف والجرمان من جهات ألمانيا عند ضفاف الراين والألب وغيرهما إلى ضفاف الدانوب وشواطئ البحر الأسود ـ ولا يزال أهل جورجيا والجركس إلى اليوم يبيعون أولادهم بيع السلع ـ فإذا عاد التجار من تلك الرحلة ساقوا الأرقاء أمامهم سوق الأغنام وكلهم بيض البشرة على جانب عظيم من الجمال وفيهم الذكور والإناث حتى يحطّوا رحالهم في فرنسا ومنها ينقلونهم إلى إسبانيا (الأندلس) فكان المسلمون يبتاعون الذكور للخدمة أو الحرب والإناث للتسري . ولما استخدموا الخصيان في دورهم عمد تجار الرقيق وأكثرهم من اليهود إلى خصاء بعض الأرقاء وبيعهم بأثمان غالية فراجت تلك البضاعة وكثر المشتغلون بها وأنشأوا (لاصطناع) الخصيان معامل عديدة أشهرها (معمل) الخصيان في فردون بمقاطعة اللورين في فرنسا، وكانوا يخصون أولئك المساكين وهم أطفال فيموت كثير منهم على أثر العملية فمن بقي حياً أرسلوه إلى إسبانيا فيشتريه الكبراء بثمن كبير.
بل ويذكر عن الجواري رابطاً بين التمدن الإسلامي وبين وجودهن بعلاقة تلازمية وكأن التمدن لن تقوم له قائمة بدونهن فيقرر :
للجواري شأن كبير في تاريخ التمدن الإسلامي لا يقل عن شأن العبيد والموالي .
وأصل الجواري ما يسبيه الفاتحون في الحرب من النساء والبنات فهنَّ ملك الفاتحين ولو كنَّ من بنات الملوك أو الدهاقين يستخدمونهن أو يستولدونهن أو يتصرفون في بيعهن تصرف المالك بملكه ولما أفضت أحوال المسلمين إلى الترف والقصف وتدفّقت الأموال من خزائن الخلفاء والأمراء جعلوا يتهادونهنّ كما يتهادون الحلي والجواهر، فمن أحب التقرب من كبير أهدى إليه جارية أتقنت صناعة يعلم أنه راغب فيها .
ذكروا أن جارية اسمها دنانير صفراء صادقة الملاحة كانت أروى الناس للغناء القديم وقد خرّجها رجل من أهل المدينة فاشتراها جعفر البرمكي وسمع الرشيد صوتها فألفها وصار يسير إلى جعفر لسماع غنائها ووهب لها هبات سنية . وعلمت امرأته زبيدة بخبرها فشكته إلى عمومته فلم ينجحوا في إرجاعه فرأت أن تشغله عنها بالجواري فأهدت إليه عشر جوارٍ منهن مارية أم المعتصم ومراجل أم المأمون وفاردة أم صالح .
وكثيراً ما كان العمال والأمراء يتقرّبون إلى الخلفاء بأمثال هذه الهدايا فأهدى ابن طاهر إلى الخليفة المتوكل هدية فيها 200 وصيفة ووصيف .
وليس الاستكثار منهن حادثاً في الإسلام وإنما هو من بقايا التمدن القديم فقد كان ملوك الفرس والروم يتهادونهن وبلغت عدتهن عند بعض الأكاسرة 6000 جارية وكان لجماعة من بني العباس ألف جارية.