زواج المتعة هل ينسجم مع حقوق الأنسان



محمد علي محيي الدين
2007 / 10 / 22

اوردت رويترز نقلا عن مراسلها في طهران تقريرا عن زواج المتعة،وما يواجهه وزير الداخلية الأيراني من انتقادات واسعة من ناشطات ايرانيات،بحجج مختلفة،منها أن هذا الزواج دوافعه الحاجة المالية للمرأة،وقد يؤدي مستقبلا الى العزوف عن الزواج الدائم،ومجهولية مصير الأولاد الذين يولدون عن طريق هذا الزواج.
وقد يبدوا ما اطرحه مخالفا لأراء المعاضين له،ومنطلقاتي ليست دينية كما قد يخال للبعض،فأنا كما قلت في أحدى رباعياتي:
ما بين بين في يميني خمرتي وعلى يساري عمتي والمصحف
قد آمنت ذاتي فلست بكافــــر باغ ولا انا في الديانة اعرف
لذلك فأن ما انطلق منه ليس لبواعث دينية،او تحيز لجهة ضد أخرى،فانا اغرف من شتى العقائد،وأحترمها ولا ارى فرقا بينها سوى في مدى قربها أو بعدها من خدمة الأنسان ومصلحته،لذا لا اتمنى أن يؤخذ رأيي على اساس من الأيمان بهذه الرؤيا او تلك،وما اقوله محض رأي له من الخطأ ما له من الصواب.
ان مراسل الوكالة الذي يسكن لندن،حيث المتعة والأنطلاق والحياة الحرة الكريمة التي يجد فيها الأنسان ضالته في مناحي الحياة المختلفة،في ظل قوانين تكفل له حريته الشخصية،وحقوقه الكاملة في عمل ما يريد بما لا يتعارض ما عليه البلد من قوانين،ونحن نعيش في الشرق،الشرق الأسود الذي تحكمه العقول السوداء،واللحى المتسخة والعقول التي لا تزال تحلم بالأبل والخيل والجرابيع،وتصورات القرون البائدة بما تحمل من رؤى وافكار تجاوزها الزمن بكثير،لذلك علينا ان نجد المتنفس من خلال هذه الوجوه الكالحة،فاذا طلع علينا احدهم برأي فيه بعض الضوء فلماذا نحاول اغلاق هذه الكوة، المتعة اعزائي هي زنا مغلف بسليفون الأسلام،وارى انها اقرب ما تكون الى الحياة الغربية العابثة،فما نشاهده من افلام عن حياتهم،تجعلنا رغم شيخوختنا نأسف للأيام التي عشناها في ظل الكبت والحرمان لمجتمعانتا التي تنكرت لكل الألوان واكتفت بالسواد القاتم لونا لها،فتحول كل شيء الى سواد،لذلك ارى تشريع المتعة وزواج المسيار او الزواج المؤقت وما الى ذلك من اسماء تطلق عليه فى العالم الأسلامي،انفتاح يشبع غرائز الأنسان وشهواته،واذا كان فيه اهدار لحقوق المرأة،فالغرب هو الأحرى بأعلان ثورته على قوانينه التي تعطي الحرية الشخصية للمرأة في اختيار الحبيب والعشيق والزوج،وانا على غير ما يراه الأخرين،فأن الزواج المؤقت هو ظاهرة حضارية علينا استغلالها والأستفادة منها،فاذا ظلت مجتمعاتنا متمسكة بالأفكار البالية في ظل السوط الأسلامي بفرض الحجاب،وتقييد حرية الشباب في المتعة والأنطلاق،ونعود بالمجتمع الى العهد العثماني بما حمله من تخلف وجمود،فسوف ينتشر في مجتمعاتنا الشذوذ الجنسي وتتصاعد وتيرته،ولا يتغزل الشاعر بالمرأة التي لا يرى منها غير السواد والظلام،بل تتحول انظاره الى الفتيان الملاح فيصف من مفاتنهم ما ينسيه حلاوة المرأة وجمالها،وأن من اسباب انتشار الحب الغلامي هو التزمت المقترن بأجراآت رادعة من سلطة دينية لها الحق الألهي في فرض ارائها على الآخرين.
اما ما ينتجه الزواج المؤقت من ذرية،فهذا الأمر له ما يكفله،فالعقد المبرم بين المتعاقدين يحتم على الرجل كفالة المولود ورعايته ومنحه اسمه،رغم ان المرأة تستطيع استعمال موانع الحمل،مما يستحيل معه حصول الحمل والأنجاب،وبذلك فهذا التشريع يكفل للمرأة اشباع رغباتها الجنسية دون التحرج من حرمتها،وخصوصا لمن يلتزم بتعاليم الأسلام.
ولنا أن نتسائل هل تتقبل مجتمعاتنا هذا الزواج؟ ستكون الأجابة بالنفي حتما،فالعادات والتقاليد الوروثة لها اثرها في قبول الأشياء ورفضها،فالكثير من النساء يلجأن الى الممارسة الجنسية لأسباب متعددة ليس الحاجة المادية في طليعتها،بل لأشباع حاجاتها وارضاء نزواتها،فالظرف الأقتصادي يمنع الكثيرون من الزواج الدائم للمتطلبات المالية العالية ،لذلك فأن للزواج المؤقت منافعه كما له مساوئه وعلينا دراسة الأمر من جوانبه المختلفة وتبيان محاسنه ومساوئه وما يخلفه من آثار لنوازن بين النتائج الحاصلة،فاذا كانت الأيجابيات أكثر رجوحا من السلبيات علينا القبول به واقراره،ولا ارى اي تعارض لهذا الزواج مع حقوق الأنسان،فأنه من الحقوق المكفولة من المنظمات الناشطة في هذا المجال،حتى وصلت مطالبها الى ابعد الغايات في نوادي العري وزواج المثيلين وغير ذلك مما افرزته الحضارة الغربية الحديثة،ولو منعنا زواج المتعة فهل نتصور اننا سنمنع الممارسات الجنسية الخاطئة،أو نستطيع ايقاف عجلة الغرائز الأنسانية،ولماذا يتعارض مع حقوق المرأة ولا يتعارض مع حقوقها فتح دور البغاء، والحرية المطلقة في انشاء العلاقات الجنسية في الدول المتقدمة،أن مثل هذا التشريع في رأيي من ابرز سمات التطور التشريعي لفقهاء الأسلام،ويتماشى مع حقوق الفرد في ممارسة ما يريد في مجتمع متحرر من القيود والموانع والعوائق،وعلى اصحاب التفكير الحر السعي لأنجاحه بما يظمن أشباع رغبات الشباب من كلا لجنسين،فللأنسان حياة واحدة عليه التمتع بأطايبها وجمالها الى اقصى حالات التمتع ولتذهب القوانين المقيدة للحرية الى الجحيم،ولعل مثل هذا التشريع سيفتح في المجال لتشريعات أخرى تتماشى وروح العصر وما وصل اليه العالم،وان يسعى المصلحون من الفقهاء،لألغاء كل المكروهات التي ادخلت في باب التحريم بأجتهادات لفقهاء وصلوا لأرذل العمر،وليس لهم القدرة على ممارستها،وتحضرني في هذا الأطار نادرة عن أحدهم قيل عنه كان ماجنا عربيدا ينشد الأنس ويسعى لمجالس الغناء،وكان من امهر العازفين على الناي،وبعد أن بلغ من العمر عتيا ذهب الى احد رجال الدين واراد ان يتوب على يديه،فأخبره عن طبيعة عمله،ويظهر ان الفقيه لم يرى نايا فسأله عن طريقة أستعماله،فشرحها له،فطلب منه أن يعزف له،فقال له ولكني لا أستطيع لأن اسناني قد سقطت ولا يمكن لي النفخ فيه،فقال له الفقيه الآن عرفت لماذا تطلب التوبة فأنت عاجزعن التزمير،وهذا هو حال المشرعين،ولعل في الشباب الناهض منهم من لا زالت فيه بقية من قوة أن ينقض الكثير من التشريعات ،ويسعى لتطويرها بما يتناسب والقرن الواحد والعشرين.