التدابير التشريعية والتنظيمية الداعمة لحقوق المرأة في العمل



سحر مهدي الياسري
2007 / 11 / 2

في عالمنا اليوم لايمكن نكران الدور الذي تضطلع به النساء في الاقتصاد الذي يتزايد يوم بعد يوم ,وأزدادت حصة المرأة من قوة العمل في معظم دول العالم بدأ من عقد الثمانينيات من القرن الماضي ,لقد أصبحت مزيد من النساء عاملات أما بأختيارهن أو بسبب الضغوط الاقتصادية , وحصلت تحسن نوعي في وضع المرأة في سوق العمل فدخلت مزيد من النساء وظائف كانت الى وقت قريب حكرا على الرجال , ومثلت المرأة في فئات إدارية محترفة وفنية , وخرقت كثير من النساء السقف الزجاجي ويشغلن الان مناصب قيادة وإدارة رفيعة .
ولكنهن رغم مشاركتهن الفاعلة والمتزايدة في القوة العاملة لازالت أشكالا مختلفة من التمييز تقع ضدهن سواء داخل أو خارج سوق العمل, وداخل المنشأت , ولازلن لايمثلن في القيادات الادارية الا نسبة قليلة , وكذلك لا يمثلن الانسبة قليلة من المشرعين المنتخبين , وكثير من النساء اليوم يواجهن عوائق وحواجز أضافية في وجه أستقلالهن الاقتصادي وضمان سبل عيش مستدامة .
المرأة العاملة في عراق اليوم تواجه كثير من العوائق التي وقفت وستقف في وجه المرأة العاملة وتحد من قدراتها ونسبتها في قوة العمل في ظل وضع أقتصادي مرتبك ,وبطالة متزايدة, وتعثر عملية إعادة الاعمار ,والنقصان الحاد في فرص العمل,و تأخر أقرار قانون عمل جديد يضمن للمرأة أن تساهم بشكل فعال في أقتصاد بلدها , وعدم وجود منظمات عمالية وحقوقية نسوية متخصصة فاعلة لضمان قدر متزايد من الحقوق للمرأة العاملة وضمان نسبتها في قوة العمل , وفي القيادات الادارية ,مجرد الكوتا المفروضة في الدستور لصالح المرأة في مجلس النواب لايعتبر كافيا , لقد شهدنا تراجعا في قبول النساء للوظائف لصالح الرجل , وتراجعا أيضا في نسبة إشغال المرأة للوظائف الادارية , وتراجعا أيضا في فرص التدريب والتعليم لتطوير قدرات المرأة العاملة العراقية , بل بعض الوزارات شهدت إقصاءا لكثير من النساء في المواقع القيادية لصالح الرجال من المحسوبين على الاحزاب السياسية وليس على أساس الخبرة والكفاءة ,فرص العمل اليوم توزع على أساس حزبي وطائفي أفقد الكثير من النساء فرص الترقي على أساس الكفاءة والخبرة والقدرة على التطوير .
وواجبنا كقانونيين ونساء أن نساهم بصورة اكبر وبطريقة فاعلة في الجهد التشريعي لاقرار تشريعات عمل تساهم بأقرار حقوق المرأة العاملة ,التي تعتمد بشكل أساسي بسبب وضعها الاقتصادي والاجتماعي الضعيف على القانون لضمان حقوقها أكثر من الرجل , أن الدستور وتشريعات العمل ,التي توفر معايير العمل الدولية والمبادئ التي تضمنتها كحقوق أساسية مثل , حرية العمل, وتكافؤ الفرص والمعاملة, وحرية التجمع, والحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية , وإطار عمل داعم للمساواة في سوق العمل ضرورية لحماية المرأة العاملة في سوق عمل يمارس التمييز ضدها ويؤمن بأهمية عملها.
لازال القانون المدني وليس قانون العمل يمارس نوع من التمييز ضد المرأة العاملة ,مثل أنظمة الضرائب لازالت تعامل المرأة لاغراض التقييم كمعالة أكثر منها عاملة فردية ,قوانين الارث أستنادا لبعض المذاهب تمنع أمتلاك بعض النساء أرثا لجميع انواع الارض أو بعض الاملاك المادية وهذا إنعكاس خطير في وجه تملك المرأة الارض الزراعية والصناعية واقامة مشاريع عليها ,وعدم الحصول على القروض والتسهيلات لاقامة مشايع زراعية وصناعية , ويمثل الموروث الاجتماعي ولا اقول الديني أو القانوني فقط, عائقا رئيسيا في وجه تملك المرأة للاراضي الصالحة للاستثمار الزراعي والصناعي .
أحيانا وحتى مع وجود القوانين والانظمة الداعمة لعمل المرأة لاتستطيع المرأة الحصول على الحماية لضعف نظم الحماية لتطبيق التشريع , أو لضعف وعي المرأة بحقوقها أو حتى لو كانت واعية بسبب العمل غير المضمون بعقود غير محمية قانونا , أو بسبب الضغط المتزايد للتمسك بالوظيفة , وعدم قدرتها على الحصول على المساعدة القانونية .
ومن أجل تعديل إطار العمل القانوني بحيث يتم تعزيز حقوق المرأة الاساسية , وحرياتها الاساسيةوحمايتها في العمل ,خصوصا وأن العمل جار في مجلس النواب لاقرار قانون عمل جديد أستنادا للدستور , وهذه مساهمة متواضعة مني كقانونية عاملة وكنت أرجو من المنظمات النسوية أن يكون لها مساهمة كبيرة في مجال تشريعات العمل ولضمان قدر متزايد يضمن حق المرأة العراقية في العمل , حقوق المرأة ليس في قانون الاحوال الشخصية فحسب رغم أهميته , والتركيز على موضوع الاحوال الشخصية ليس في مصلحة المرأة خصوصا وأن هناك قوانين كثيرة تؤثر على وضع المرأة اقتصاديا أو جنائيا أو في مجال التعليم ومجالات كثيرة , لذا أقترح ما يلي :-
• مراجعة شاملة لقانون العمل السابق وإزالة جميع المواد القانونية التي تشكل تمييزا مباشر أو غير مباشر ضد المرأة ,وإعطاء المرأة حقوق متساوية مع الرجل في الوصول الى الوظائف والترقي والتدريب على التكنلوجيا الحديثة ,واجراء مراجعة شاملة لانظمة الضمان الاجتماعي لإزالة أي تحوير موجود ضد المرأة , وأن يكون لمرأة الحق في الوصول الى الموارد الطبيعية بما فيها ملكية الاراضي الزراعية والسيطرة عليها , أو أي شكل آخر من الممتلكات المادية .المراجعة المطلوبة لاتقتصر على قانون العمل بل القانون المدني ,وقانون الضمان الاجتماعي, وقوانين الضرائب وقانون الخدمة المدنية الذي ينظم عمل الموظفين في القطاع العام .
• التأكيد في قانون العمل والقوانين الاخرى على تدابير قانونية لمكافحة التمييز القانوني, وسن قوانين تكافؤ الفرص وإدخالها حيز التنفيذ وضمان أمتثال القطاعين العام والخاص عبر وسائل متعددة ,وإيجاد مؤسسات حكومية متخصصة تتابع تطبيق القوانين في مجال مكافحة التمييز .
• إجراء إصلاح إداري شامل للدوائر الحكومية التي تشرف وتتابع تطبيق قانون العمل لتعزيز تنفيذ التشريعات, ومنها قضاء العمل والاهتمام بتطويره,تعزيز قدراته عبر تشريعات تمنحه صلاحيات تنفيذ قراراته بشكل فاعل وسريع , ومنع جميع اشكال الفساد ومحاربتها , عبر تطوير قيم تعزز المسؤولية , والتضامن .وتقوية قدرة النقابات والمنظمات النسائية ذات الصلة من أجل تعزيز تطبيق جميع مبادئ التشريع وحقوق الانسان وحرياته الاساسية .
• تطوير وتعزيز نظم تفتيش العمل كجزء هام من الاصلاح الاداري , ينبغي توفير التدريب الكافي لمفتشي ومفتشات العمل حول قوانين العمل ومتطلبات المراجعات القانونية والاجراءات لتقديم الشكاوى خصوصا للنساء في مستوى تعليمي ضعيف أو وضع وظيفي مهدد.
• إنشاء مراكز قانونية متخصصة لتقديم المساعدة القانونية للنساء للوصول الى الوظائف, والموارد والحصول على القروض , ومساعدتهن في تقديم الشكاوى كخدمة قانونية مجانية أو ذات كلفة متدنية , ومحو الامية القانونية لدى النساء العاملات وتعريفهن بحقوقهن وطرق النفاذ اليها .