المرأة والسياسة



سميرة الوردي
2007 / 11 / 8

تساؤل طالما سمعناه من أفواه كثير من مثقفينا وكتابنا .. وكثير منهم يناقش الأمر بعقلية الخبير الحريص على الإجابة المتفقة مع روح العصر ، ولكنه ينتهي في الخاتمة الى حصر المرأة في أضيق زاوية يراها ملائمة لها ولإمكانياتها ولمسؤوليتها كـأم وزوجة وكأن هناك تناحر وتناقض أبدي بين مسؤولياتها كأم وزوجه ، وبين إنسانيتها وحقها في ممارسة عملها أسوة بالرجل ومن ضمنها دورها السياسي في المجتمع .
هل تؤيدين مشاركة المرأة في السياسة ؟ !
ماهي السياسة كي تصبح حكرا على الرجال دون النساء بعد مضي هذه الآلاف من السنين على وجود البشرية وتطورها ؟ !
هل أثبت العلم اختلاف عقل المرأة عن الرجل ؟!
وهل أخبرنا التاريخ عن فشل امهاتنا الملكات في الحكم ونجاح الرجال فيه ؟!
وهل الحكم والسلطة حكر على إناس معينين خلقوا من بطون امهاتهم قادة وحكاما ؟ !
أم هي قدرات وخبرات تكتسب كباقي العلوم وهذا ما حصل في مجتمعات سبقتنا في ادراك ماهية السياسة ودورها في إدارة مجتمع ما .
هذا التساؤل أرجعني الى تساؤلات أُخر ، نعرف إجابتها ويطول البحث فيها وقد تكون من جوهر حياتنا وفي صميمه وليس بعيدا عن مرض طفل ورغيف خبزٍ .
مالمقصود بالمشاركة السياسية هل هي العمل في إدارة الدولة أم هي العمل في المعارضة من أجل تصحيح إدارة الدولة في حال إنحرافها عن تطبيق القوانين وعدم التزامها بحقوق الإنسان ، وتنميته .
هل ندرك وبعد كل الويلات التي ألمت بأمتنا وبكثير من الأمم التي لم يراع حكامها أبسط القوانين ما هي السياسة كي تكون حكرا للرجال دون النساء .
أليست الأم التي تفقد ابناً جراء فقر أو حرب لها الحق في ممارسة السياسة .
ليست السياسة حكرا على المعسكرين الرأسمالي والإشتراكي وأشكال الأنظمة الأخر .
في مجتمعاتنا كل من يقول لا حتى عن طعام فاسد يتهم بالخيانة وبتدخله في أمور ليس من حقه التدخل فيها ، وقد يلاحق ويطارد ويعذب لو صدر منه أي تعليق حتى لو كان غير مقصود في أمر ما كتنديد بغلاء ، فيعامل الجميع كأمعات عليهم القبول والرضوخ للفرمانات العليا . وليست المرأة بمعزل عن هذا الواقع المرير.
إننا خلقنا في مجتمعات تفتقد للمدنية الحقة ، وللروح الديمقراطية التي تمنح المجتمع حريته وقدرته على التطور والرقي .
بالرغم من تواجد أحزاب كثيرة ومسميات أكثر لجماعات متعددة . الا أن كل منهم ينظر للآخر تلك النظرة العدائية المحملة بالحقد والكراهية ، وكل منهم يحاول الهيمنة ولي عنق الطرف الثاني . وكثير منهم لا يريد أو يرغب أو يحاول فهم الآخر والتوصل معا الى ماينفع الناس عموما .
ما هو دور المرأة في مجتمعاتنا ، هل في التربية الجسدية فقط أم هي انسانة لها رأيها ورؤيتها في المجتمع . لقد استطاعت المرأة من الدخول في معترك الحياة العلمية والعملية وأثبتتت جدارتها فيهما، فلماذا توضع أمامها شتى العراقيل إذا ما خاضت معترك الحياة السياسية .
هناك تجارب فاشلة في مجتمعات عربية سُمح للمرأة فيها بالمشاركة في الإنتخابات البرلمانية ولكن أُحبطت فيها المرأة ولم تفز الا بأصوات قليلة ، وهنا يكمن نقص جوهري في الوعي المجتمعي لأهمية مشاركة المرأة في هذه النشاطات ، فقد عزلت وحجمت ، فليس غريباً أن تحبط في البدء ولكن لا نجاح بدون فشل ولا تفوق من غير خبرات تكتسب بالعلم والممارسة والإرادة .