المنظمات النسوية ودورها الفاعل في المرحلة الراهنة



رزاق حمد العوادي
2019 / 3 / 6

عندما اعلنت الامم المتحدة عن اتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد النساء لسنة 1979 فأن الاتفاقية اكدت على ضرورة الالتزام بما ورد في بنودها ومنها تحقيق المساواة بين الرجال والنساء والغاء كافة الفوارق سواء كانت قانونية او سياسية او اقتصادية لان المساواة تعني (هي اتاحة فرص العمل المتكافئة سواء كان في التعليم او السياسة او المشاركة في التنمية )، ومن الخطأ الافتراض ان الاتفاقية تنتقص من حقوق الرجل وواجباته وانما المساواة ايضا طبقا لحق المواطنة لذلك جاءت ديباجة الاتفاقية على ضرورة قيام نظام اقتصادي يستند الى العدل والمساواة بين الطرفين ، كما ان نص الاتفاقية المشار اليها وان كان قد تم اعتمادها من جميع الدول، ولكن يؤخذ على تلك الاتفاقية بانه لايوجد التزام قانوني دولي لاعتمادها وانما تركت لتقدير الدول الموقعة عليها ،وهذا مايشير الى الاقتراح الذي قدم في حينه بضرورة صدور بروتوكول اضافي للاتفاقية ينص على اعطاء حق الشكوى لضحايا العنف ، والتركيز على واجبات الدول في تنفيذ الاتفاقية ومنع ومعاقبة اشكال أي عنف ضد النساء ، اما مايخص دور الحركات النسوية في هذا المضمار فانه يلاحظ ان هذه المنظمات وخاصة في منطقة الشرق الاوسط لاتزال حديثة العهد ويقتصر نشاطها على الجانب الخيري والانساني وتفتقر الى ستراتيجية النهوض بالمهام الملقاة على عاتقها لابل وان اكثر القوانين والتشريعات جاءت مبتسرة ولم تتوائم مع الاتفاقية المشار اليها أعلاه ، وانطلاقا من هذا الاسس ولخلق حركة نسوية فاعلة خاصة في الدول المشار اليها ولكي تكون هذه المنظمات قادرة على قيادة الحركة النسوية واعدادها اعدادا جيدا للمشاركة في عملية التغيير المطلوبة ولتحقيق هذا الاطار لابد من العمل علىاربعة مراحل وهي:
• المجال الفكري والاعلامي: في هذا الاطار فأن الحركة النسوية تحتاج الى صحافة اعلامية مؤمنة بحقوق المرأة اذا ماعلمنا بعدم وجود صحافة حقيقية تساير هذه الاتفاقيات والقوانين التي تهتم بالمرأة وتراعي حقيقة ان الاغلبية الساحقة من النساء تعاني من الفقر والمرض والتعسف لذلك فالاحتياج الى صحافة نسائية ملمة بجميع المشاكل النسوية وتستقطب تلك الجماهير النسوية وتحشيدها للمطالبة بحقوقها وعمل تحالفات مع تجمعات نسوية داخليا وخارجيا لحل مشاكل النساء واستخدام سبل التثقيف المقروء والمسموع والمرئ في اطار التخطيط الثقافي المتكامل والتخطيط الاجتماعي بدءا بتحديد الاهداف بطريقة منسقة اخذين بعين الاعتبار القوانين والاتفاقيات الدولية بهذا الشأن والقوانين الدستورية الوضعية والدعوة الى مشاركة المرأة في عملية التنمية بدءا بالسماح للمرأة في العمل في كافة المجالات الا مااستثني قانونا وشمولها بالتعليم والقيم الثقافية ايضا، و توسيع الافاق الفكرية والاعلامية لهذه المنظمات وخلق البطولات النسوية في الفكر والفن والمجتمع واقامة حوارات سياسية واجتماعية واقتصادية وفقا لاخلاقية الحوار ومبادئة المتظمنة بيان الحقيقة والمشاركة الفعلية واحترام الرأي والرأي الاخر والركون الى جذور المشكلة التي تعاني منها المرأة والتعريف بحقوقها الواردة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وفقا للمادة 16 /3 ..... 3 – (الاسرة هي الوحدة الطبيعية والاساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحمايةالدولة...) وكذلك المادة 21/ 2 والمادة (22 لكل شخص الحق في الضمانة الاجتماعية...) والمادة 23/1 (الحق في العمل..) وماورد في العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، المادة 6/1 ... 1-( تقر الدول الاطراف بالاتفاقية الحالية بالحق في العمل الذي يتضمن حق الفرد بان تكون امامه فرصة كسب معين.... ) والمادة 10 /2 و 10/3 والمادة 12 ( الحق في التمتع بمستوى صحي وبدني وعقلي... ) اما الحقوق الاقتصادية الواردة في تلك الاتفاقية التي تخص المرأة ومنها الدخول في مجالات العمل الا مااستثني بموجب المواثيق الدولية والمطالبة بسن التشريعات القانوينة لمنع عمل الاطفال وغيرها من الجوانب الاخرى الواردة في نصوص تلك الاتفاقية والتي لامجال لذكرها.
• المجال التنظيمي: لابد من خلق حركة نسوية ذات تطلعات ديمقراطية واسعة القاعدة تستقطب الجانب النسوي في جميع المناطق سواء كانت المدن الكبيرة او الصغيرة والقرى والارياف وان يكون هناك تنظيما وتوجيها للثقافات الفئوية لتلك النسوة بما يتلائم وثقافتهن وافساح المجال لتدريب اكبر عدد من الكوادر القيادية وتدريبها على كافة اوجه النشاطات وتاهيلها فكريا وعمليا وثقافيا وسياسيا ...، وان تلقى هذه المهمات على عاتق المثقفات والبرلمانيات وغيرهن من النسوة ذات الطابع الثقافي والسياسي والاجتماعي.
• المجال العملي: نعتقد انه الطريق الامثل لتحقيق اهداف تلك المنظمات، وياتي ذلك عن طريق التوعية وتعبئة الطاقات وصولا الى جذور المشكلة الاساسية المتمثلة في حق المرأة المشاركة في التنمية وحقها في العمل والحق في الحماية الصحية وحقها في المشاركة السياسية والضغط المستمر على الحكومة لتبني حلولا لتلك المشاكل والمشاركة في التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،من خلال رفع التضارب الواقع بين نصوص الدستور والقوانين الوضعية والمعاهدات الدولية التي صدق عليها تلك الدول ومنها الاعلان العالمي والعهدين الدوليين مع ضرورة المطالبة بالغاء كافة التشريعات التي تقيد من حرية المرأة وان تتاح لها الفرصة في العمل في الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وكافة المجالات الاخرى مع ضرورة الاعتراف بتلك الحقوق باعتبارها وحدة متكاملة لان الجانب العملي والميداني يعطي مجالا اوسع للمتابعات لهذا الجانب بالوصول الى المشاكل الحقيقية التي تعاني منها النسوة وخاصة مايتعلق بمحو الامية والقضايا الصحية والقيم الثقافية والاجتماعية والدينية.
• المجال السياسي: ان المشاركة السياسية امرا مهم لمشاركة المرأة باعتبارها نصف المجتمع ولادماج هذا الكم الهائل من النساء في العملية السياسية ووضعها في موضع المسؤولية اسوة بالرجال واتاحة الفرصة للمنظمات النسوية في عملية التغير وفي المشاركة في كافة المجالات التي اشارت اليها اتفاقية العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 والنافذة في سنة 1970

اما في العراق فان الواقع السياسي اصبح في بعض الاحيان عقبة كداء في تطور ومشاركة المرأة في العملية السياسية بسبب الظروف التي يمر بها البلد بدءا بعملية المحاصصة وانعدام الكفاءة لابل وان اكثر المشاركات في العملية السياسية ينتمين الى احزاب وكيانات ويستخدمن اصواتهن لصالح تلك الكتل بعيدا عن مصالح النساء اللاتي يمثلهن.
اذا لابد من التركيز على ضرورة تفعيل تلك الاتفاقيات الخاصة بحقوق المرأة مع التاكيد على التطبيقات القانونية الداخلية وتفعيلها لما يتلائم ومفهوم المساواة والتحرر من الفقر والمرض والجهل والاضطهاد وتطبيق عنصر المساواة الاجتماعية والاقتصادية.......لذلك فان تظافر الجهود للنهوض في مثل هذه المهام لايمكن تحقيقه من طرف واحد بل لابد من اشتراك المنظمات النسوية ذات الاهداف المماثلة ومؤسسات الدولة ومنها المفوضية العليا لحقوق الانسان الواردة في المادة 102 من الدستور العراقي وطلب المساعدات المعنوية من المنظمات النسوية الدولية للاستفادة من الخبرات التي تتمتع بها تلك المنظمات وتكوين اهداف ستراتيجية يمكن تحقيقها من خلال تظافر الجهود .

المصادر

1- مجلة الحق الصادرة عن نقابة المحامين العرب لعام 1985
2- الاتفاقيات الدولية الانسانية لحقوق المرأة
3- الدستور العراقي