الاتجار بالمهجرات ...التنكيل بالمراة العراقية زمن الاحتلال



ابراهيم البهرزي
2007 / 12 / 7

تنوعت صنوف المصائب على النساء العراقيات منذ بدء الاحتلال الأمريكي للعراق , وأضيفت بنود جديدة من الخروق شيطانية ومستحدثة استغلت كل أزمة طائفية أو سياسية لتلحق أقصى الأضرار بالنساء أولا ..
كان نابليون بونابرت على حق حين قال (إن الحروب لاتدور في ساحات المعارك ..بل في قلوب الأمهات ) ذلك إن قتلى الحروب والمنازعات يخلدون إلى ( راحة الموت ) في حين يستمر بؤس الحياة اللاحقة على عاتق من تركوا للحياة من نساء ..
ثلاث حروب خلفت أزيد من مليوني أرملة بحسب بيانات المنظمات النسائية الموثقة ..وأضعاف هذا العدد من الأيتام ...وتلاشى شيئا فشيئا الدعم الرسمي المالي للأرامل بسبب من التضخم الاقتصادي وهبوط قيمة العملات المحلية إبان سنوات الحصار الاقتصادي ...ثم لحقته عملية غزو العراق واحتلاله التي أضافت بسبب من شيوع روح الفصل الطائفي والجرائم المذهبية يضاف لها سياسات قوات الاحتلال القائمة على القتل والاعتقال التعسفي والذي طال فيما طال أعدادا غير قليلة من النساء ممن خضعن شانهن شان أقرانهن من الرجال لتعسف التعذيب والانتهاك الجسدي وصولا إلى الاغتصاب والإعدام ...
ومن مظاهر الانتهاك التي وقعت بصورة مباشرة على كاهل النساء هو مظهر الهجرة والتهجير ألقسري الذي وجد هو الأخر طراز من المستغلين الذين استثمروا هذه المصائب بذئبية وانحطاط ...
ومن ابرز مظاهر هذا الاستغلال البشع ظهور ما يسمى ( الاتجار بالمهجرات )..
وهو ميدان عمل مخز لم يتوان عن الإسهام به نفر من فاقدي الشرف العراقيين ..يضاف لهم بالطبع مافيا القوادين في دول استقطاب المهاجرات التي استغل قوادوها هذا المصاب العراقي أسوا استغلال يشي بعمق الروابط القومية العروبية الأصيلة !
لقد نشط قوادون عرب وبعض من حلفاءهم فاقدي الذمم من العراقيين لتنظيم اكبر عملية دعارة منظمة بحق المهاجرات العراقيات في دول سوريا ومصر والإمارات وباقي مواخير الخليج من خلال استغلال بعض الاعتقادات المذهبية التي لم تعد شغالة اجتماعيا في أوساط هذا المذهب ..
فتفتتح في حي السيدة زينب بريف دمشق وفي دبي والقاهرة (مكاتب )لتزويج المهاجرات العراقيات البائسات من صغيرات السن زواجا امتاعيا مؤقتا يسمى زيجة عطلة الأسبوع ( حيث تتم الدخلة ليلة الجمعة وتختم بالطلاق صبيحة الأحد ) مقابل اجر معلوم يذهب ريعه للقواد ..
إن هذا الأسلوب من الزيجات يلقي بهاته الفتيات بعد استنزاف فتوتهن جنسيا إلى قارعة الدعارة الرخيصة والإدمان بعد ان تزرع أجسادهن الرقيقات بالأمراض الجنسية ونفوسهن باليأس والانكسار ..
ويتفنن هؤلاء القوادون في تنويع أفانين هذا النوع من الزيجات ليشمل العراقيات الأوربيات من( مستحدثات الهجرة ) مقابل خمسة إلى عشرة آلاف دولار يدفعها المتمكنون من طلاب الهجرة ..وما أن يحطوا الرحال في مهجرهم حتى تبدأ لعبة المساومات على الطلاق ونشر الغسيل العراقي الوسخ على حبال الأوربيين ...
وتتواجد فروع من شبكات القوادين هذه في الداخل العراقي متحينة سوء الوضع الاقتصادي والأمني لأجل الإيقاع ببعض الفتيات الصغيرات من العوائل الفقيرة وممن يمتلكن حظا من الجمال فرائس في غوايات الهجرة واغرااتها ...
تقول مريم وهي فتاة عراقية في السادسة عشرة من عمرها انقذتها إحدى منظمات المجتمع المدني التابعة لهيئة الأمم المتحدة وأعادتها إلى العراق :
تم أقناع والدتي بتشغيلي مدبرة منزل في دبي ببيوت احد المشايخ الأثرياء ..وتم تهريبي عبر الموانئ إلى دبي ..لافاجا بوجودي داخل غرفة في احد الفنادق محاصرة من قبل شيخ طاعن في السن مارس اغتصابي وتعذيبي جنسيا باشع الطرق شذوذا ..حتى ان مادفعه لقاء المتعة ما كان ليكفي أجور علاجي من آثار الاغتصاب ...
بالتأكيد هناك العشرات ممن لم يحالفهن الحظ للإفلات من ( معهرة ) دبي ممن يتم استنفاذهن جنسيا وإلقاءهن في فنادق الدعارة بغايا مقابل ستة دولارات للدورة الواحدة ( في عام 2006 فقط تم القبض على 4300عاهرة متلبسة في مدينة دبي وحدها بحسب شرطة دبي لا غيرها ..)
عشرات المريمات يستغل القوادون العراقيون والعرب ظروفهن وظروف العراق البشعة لتسويقهن في أسواق النخاسة بأعمار طفولية دون رادع حكومي أو وازع أخلاقي ..
لقد استحدثت في العراق المحتل وزارة لحقوق المرأة ..غير إن اغلب من استوزرن هن من الطبقة السياسية الدينية التي تحكم العراق وهن ابعد ما يكن عن حقوق المرأة ..
للتذكير فقط فان أول مطلب لأبرز الأحزاب الدينية المشاركة في العملية السياسية كان وعقب الاحتلال مباشرة هو : إلغاء قانون الأحوال الشخصية الذي أنجزه الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم !
والأعجب هو أن مظاهرة نسائية لعشرات المتشحات بالسواد من نصيرات هذه الحركة السياسية قد خرجن مطالبات بإلغاء هذا القانون الذي لم تقدم للمرأة مطلقا وطوال عهود العراق الحديث بمختلف إشكاله السياسية منجزا مثيلا له ..انه الانتقام المضمر من شخص الخالد عبد الكريم قاسم لدوره التحرري والحداثي في بناء جمهورية العراق !
كل احتلال هو اهانة لكرامة الأوطان ...وتكون الاهانة مضاعفة لمن اهانه وطنه اصلا ..وهذا هو قدر النساء العراقيات اللواتي يدفعن ثمن الاذلال الوطني والاجنبي حتى وهن يهربن الى المجهول ..