المرآة المصرية وراء الأقنعة



نشأت المصري
2007 / 12 / 22

في الآونة الأخيرة تميزت المرآة المسلمة بلبسها ملابس تغطي بها جميع أجزاء جسمها ولا يكاد أن يرى أحد أي جزء من جسمها.
وليس في هذا أي خطأ أو عيب فكل إنسان حر في اختيار ما يناسبه من ملابس, وكل مجتمع حر في اختيار ملابس فتياته.
حتى المسيحية نادت المرآة بأن تغطي شعرها في الصلاة, ليس لآن جسد المرآة فيه خطأ أو عورة يجب حجبها ولكن لأن المرآة مقدسة في زوجها الذي هو رأس المرآة حسب ما كتبه معلمنا بولس الرسول, ولأن الرجل لا يجوز تغطية رأسه في الصلاة فبهذا هو ينوب عنه وعن زوجته المقدسة فيه , وأكرر مرة أخرى ليس هناك أي عيب في جسد المرآة فهو مخلوق كما جسد الرجل , ولكن الحشمة والملبس المحتشم من أجل تنمية فضيلة عظيمة تنادي بها المسيحية وهي فضيلة العفاف, وتنادي بها المسيحية من أجل ألا تكون المرآة عثرة لأحد ,,"والويل لمن تأتي من قبله العثرات".
إذاً لبس الملابس المحتشمة لا يضر أحد وليس له أدنى تأثير على احد, أي أن الحجاب والخمار والنقاب الإسلامي لا يضرنا في شيء وليس له تأثير على أي مسيحي فهذه حرية شخصية.
ولكن هناك أحداث يمكن أن تؤثر بالسلب على وجود المرآة وراء قناع, وتستغل في أبشع صورها ,,لأن من حق أي إنسان يتعامل مع إنسان آخر أن يتعرف على هويته وشخصيته وبالأخص في المعاملات التجارية من بيع وشراء ,, والمعاملات المالية في البنوك والمصارف.
حتى أن الخارجون عن القانون يمكنهم استغلال النقاب والخمار للهروب والتخفي أو في تهريب الممنوعات ,,أو في إخفاء المسروقات,, ولا يجوز لأحد كشف النقاب أو الخمار وبالأخص لو كان مسيحياً.
حتى أن الطالبات في المدارس يمكنهم التخفي وراء هذه الأقنعة لتزاول فتاة الامتحان مكان فتاة أخرى ,, وبهذا يصير النقاب وسيلة من وسائل التخفي والمواراة وبالأخص للخارجين عن القانون.
فمن يستطيع أن يدخل قلوب جميع المنقبات , ليقرر أن جميعهن يتنقبن من أجل الحشمة والورع والطهارة.
لهذا! مشكلة التخفي وراء الأقنعة مشكلة قومية يجب أن تحارب من جميع فئات الشعب وبالأخص المواطن البسيط الذي لا يملك غير محل صغير يقتات منه هو وأسرته ليجد المنقبات يحصدن كد الأيادي بالسرقة وهن متخفيات وراء الأقنعة.
ولكم أكبر دليل على هذا, وهو ناقوس الخطر الذي سمحت عناية السماء بدقه وهو أحداث إسنا , فهناك ضحايا لعملية فتنة طائفية كادت تكون حرباً أهلية والسبب هو النقاب .
لهذا هناك تساؤل ماذا يحدث لو كان ضحية المنقبات في سرقة معينة شخص مسلم,, وفعل ما فعله المسيحي بأنه حاول التأكد من شخصية المنقبة , فهل يكون رد فعل المسلمين كما حدث في إسنا ؟ أم يكون هناك فرق!!!!!
ولكم مني قصة حدثت في إحدى البنوك الكبيرة:
فقد جاءت منقبة تحمل حوالة بنكية بالعملة الصعبة أمام موظف البنك ,, وكان لي معرفة بهذا الموظف فهو صديق مسلم, فتواريت قليلا تاركا دوري لها لأعرف تصرف موظف البنك وكيف يتحقق من شخصيتها, فبلباقة أخذ الموظف بطاقتها الشخصية ورفع سماعة التليفون وأتصل وقال بالحرف الواحد , من فضلك يا أختي كرستين سوف أبعث لك منقبة برجاء كشف النقاب عنها والتحقق من شخصيتها, وقال للمنقبة أرجوك اذهبي للمكتب الخلفي,,, في الحقيقة أنا لا أخفي عليكم أحسست بغيرة شديدة تجاه أختي المسيحية ,, وأحسست بخطورة الموقف لأسباب عديدة:
ـ ماذا يحدث لو كانت المنقبة ليست صاحبة البطاقة والشيك ,, سوف تسلمها الأخت المسيحية للأمن وبالتالي ستكون هناك عداوة قائمة وفتنة طائفية منتظرة.
ـ ماذا يحدث لو كانت المنقبة رجلا متخفيا في النقاب ومعه سلاح وهدد موظفة البنك المسيحية أو حتى استعملها كتهديد في سطو مسلح, أو خطفها أو أعتدي عليها جنسيا فغرفة كشف المنقبات غرفة خلفية مغلقة تماما ,,أو يمكن أن تستعمل دورات المياه الخاصة بالسيدات لكشف المنقبات.
ـ ماذا يحدث لو كانت المنقبة قد هددت الموظفة وأخذت منها صيغتها بالتهديد بوسيلة ما.
ـ ماذا يحدث لو أخطأت الموظفة في كشف شخصية المنقبة.
أشياء !!وأشياء وكلها أخطار وبالأخص أن الموظفة مسيحية,,
إذا لماذا لا نتعامل مع بعضنا البعض في النور؟ لماذا نتوارى وراء أقنعة.
ومع ذلك ليس معنى هذا أن كل من ترتدي الخمار والنقاب من اللصوص والمهربات , وليس كلهن يخلون من الفضيلة لكن الفضيلة أو الفاضلات تهن وسط الساقطات واللصوص والمستغلين للنقاب كوسيلة للسرقة والتخفي.
بمعنى آخر جميع المنقبات توجه إليهن أصابع الاتهام كأنهن متهمات بما تفعله المستغلات للنقاب.
أي الفضيلة ذابت داخل الرذيلة وليس العكس,, لأننا لا يمكن أن نصنع من المستغلين للنقاب في أعمال إجرامية فاضلات,, ولكن يمكن أن تتأثر الفاضلات من كثرة التخفي وراء الأقنعة لتصير مثل الخارجات عن القانون , أو على الأقل في نظر المجتمع.
زينة المرآة الزينة الداخلية ,, أي الحشمة تنبع عن اقتناع شخصي بالعفاف , والسلوك في هذه الفضيلة لا يمنعه إن كانت المرآة محجبة من عدمه, وليس كل المحجبات والمنقبات أصحاب فضائل ,, وليس كل الغير منقبات أصحاب رذائل بل بالعكس يمكن للمرآة الغير محجبة ان تسلك في الفضيلة لأنها ببساطة شديدة , واضحة مع نفسها ولديها ثقة بنفسها.
ومظاهر الخلاعة متنوعة حتى لو كانت المرآة محتجبة داخل قمقم , فيمكن أن تكون المرأة ذات خلاعة في حديثها أو في حركاتها أو في نظراتها ,, فكلها أشياء لا يمكن أن يعوقها الحجاب أو القناع.
المحتشمة الحقيقية والتي زينتها من الداخل في الإنسان الخفي تستطيع أن تضع حدا لكل متطاول يحاول المساس بعفتها لأنها حرة وليست أمة للعادات السيئة والفجور,,أما الفاجرة لا يمنعها عن الفجور شيء حتى ولو كان نقاب.
النقاب والحجاب في حد ذاته ليس مشكلة ولكن المشكلة تتمثل فمن يستغل التخفي وراءه لمزاولة أشياء تصل للإجرام والسرقة وغيرها من الأعمال الخارجة عن القانون.
والتعرض لهذه المشكلة حساس لدرجة أن كل مسلم يعتبر من يتكلم على النقاب أو الحجاب فهو يتطاول على الدين الإسلامي,, فأنا أقول لمثل هؤلاء إن استطعت أن تجعل من كل المجتمع متدينين حقيقيين حين إذ فقط يمكن أن تعمم النقاب ,,لأن المجتمع جميعه يسلك بعيد عن الشر والخطية,,فلا يوجد مستغل للنقاب في أعمال إجرامية .
لهذا ولآن المجتمع متنوع فلابد من مقاومة التخفي وراء الأقنعة,وأطالب القائمون على الفتوى الإسلامية والقائمون على تشريع القوانين وضع حداً للتخفي وراء الأقنعة ووضع حدا لوسيلة من وسائل الخروج عن القانون والتهرب منه.
ليس العيب في النقاب ولكن العيب في استغلال النقاب