الحجاب حرية شخصية...... وماذا عن السفور؟



أمنية طلعت
2008 / 2 / 11

في هذه الأيام نطالع قضية سماح البرلمان التركي للفتيات المحجبات بالذهاب إلى الجامعة وهن يرتدين الحجاب بعد أن كان ممنوعا وفقا للمبادئ العلمانية التي أقرها أتاتورك... وعندما نتابع القضية ونستمع إلى الآراء المؤيدة لإقرار حرية فتيات تركيا المحجبات بالذهاب إلى الجامعة وهن يرتدين الحجاب، نستمع إلى تلك المقولة الشهيرة التي استمعنا إليها كثيرا من قبل مؤيدي الحجاب في مصر أن الحجاب ومسألة الزي في حد ذاتها مسألة حرية شخصية وأن على المؤمنين بالديمقراطية النزول على رغبة النساء اللائى يردن ارتداء الحجاب في أن يرتدوه بحريتهن.
عن نفسي لا أعارض أبدا أن يرتدي المرء سواء كان رجلا أو امرأة ما يريد من ملبس ارتضاه لنفسه، وذلك من مبدأ إيماني بالحرية والديمقراطية، ولكن السؤال هو: لماذا لا تقر مجتمعاتنا التي ترى في الحجاب حرية شخصية، المبدأ نفسه لمن لا تريد ارتداء الحجاب؟ من نفس المنطلق، ألا وهو الحرية الشخصية والديمقراطية.
تلك هي القضية التي أرغب في مناقشتها في الوقت الذي تتعرض فيه العديد من النساء غير المحجبات للعديد من الممارسات غير الأخلاقية، من قبل العامة في الشوارع ومن قبل فلول الاخوة الذين يرفعون راية الإسلام على محلاتهم التجارية ومع جهاز التليفون الإسلامي ورنات الموبايل الإسلامية وكل الأشياء التي لا بد أن تلصق باسم الإسلام سواء تطلب الأمر ذلك أم لا.
تعرضت مدرسة في إحدى مدارس إدارة الوراق التعليمية في القاهرة بجمهورية مصر العربية، إلى اضطهاد من قبل ناظرة المدرسة والتي تدعى نعمة صبري محمد، فقط لأنها تذهب إلى المدرسة وهي ترتدي البنطلون! في حين أن تلك المدرسة غير المحجبة تلتزم بالذهاب إلى مدرستها وهي تغطي شعرها حتى توفر على نفسها مشاكل ومتاعب قد تواجهها لو ذهبت بشعرها، فلقد فوجئت تلك المدرسة واسمها (هالة) باستجواب لها في وزارة التربية والتعليم لأنها تذهب إلى المدرسة بملابس غير لائقة تحض على الفسق، ولنا أن نتخيل ما هي شكل الملابس التي بإمكانها أن تحض على الفسق، فهل مثلا لو أطلقنا لخيالنا العنان قليلا، نتصور المدرسة هالة وهي تذهب إلى مدرستها بملابس سهرة عارية؟ أو بمايوه بكيني؟ أو بجونلة ميكروجيب وقميص حمالات؟ مع احترامي لكل النساء اللائى يلبسن هذه الملابس، إلا أنهن بالتأكيد لا يذهبن بها إلى أماكن عملهن، فما الذي ترتديه (هالة) وهي تذهب إلى المدرسة؟ إنها ووفقا لكلامها ترتدي البنطلون!
عندما ذهبت الأبله هالة إلى الوزارة لتجيب على تساؤلات المحققين في وزارة التربية والتعليم بخصوص الاستجواب الذي رفعته الناظرة نعمة، لم تخف واشتكت من ترهيب تلك الناظرة لها ولكل مدرسة لا ترتدي النقاب وصرحت بمحاباة تلك الناظرة الشريفة العفيفة، لكل مدرسة ترتدي النقاب و ما يعرف الآن في مصر بالإسدال الإيراني، ولكن شكوى هالة راحت أدراج الرياح ولم يعر أي من المحققين لكلامها أي انتباه، وظهر أن هناك اتفاق ضمني بين المحققين والست الناظرة نعمة.
من منطلق هذه الواقعة أتساءل، هل من حق نساء مصر أن يكن حرات في ارتداء الحجاب فقط؟ أم أنه من منطلق تلك الحرية والديمقراطية التي يتعلق بأهدابها مدعي الإسلام، لا حق لمن ترغب في عدم ارتدائه؟ وهل من حق ناظرة مدرسة أن تتحكم في طريقة ملبس مدرسات مدرستها اللائى بالتأكيد تجاوزن الواحد والعشرين من عمرهن؟ هل من حق أي إنسان أن يتحكم في طريقة ملبس غيره؟ ولا أدري لماذا لا توجه الأبله الناظرة نعمة نظرها قليلا لتلميذات مدرستها الإعدادية وتهتم بتحسين مستوى تعليمهن بدلا من إتاحتها لمافيا الدروس الخصوصية أن تستشري في تلك المدرسة؟ لماذا لا تهتم بنظافة المدرسة التي تديرها حتى توفر بيئة ومناخ صحي أفضل لتلميذاتها؟ لماذا لا تهتم بمستوى تلميذاتها التعليمي بدلا من الفوضى والجهل الذي يتخرجن به من مدرستها الإعدادية؟ وماذا عن أمانتها في التعامل مع نقود النشاط الطلابي التي يتم صرفها لمدرستها كل عام من وزارة التربية والتعليم؟ هل تنفقها بما يرضي الله في تعليم فتيات المدرسة، أنشطة تفتح وعيهم للثقافة والفنون والعلم؟
أسئلة كثيرة تقابل رغبتها في فرض النقاب والإسدال على مدرسات المدرسة التي تديرها، وأسئلة كثيرة نتوجه بها لمن يصرخون ويسدون آذاننا بصراخهم في مسألة الحجاب واللحية والحواجب، أولها سؤال واحد، هل عملتم لخدمة وطنكم ودينكم بما يرضي الله تعالى أم أن الله ينظر إلى وجوهنا قبل أن ينظر إلى قلوبنا؟