هن . مالهنّ وماعليهنّ.



عايد سعيد السراج
2008 / 3 / 13

تستغرب كيف لاتحتفل , كل النساء بعيد هن ّ , ويعبرن عن آلامهن, ويمزقن القيود التي كبلتهن به , قوانين الرجال , عبر الأزمان 0 لماذا لا تمزق المرأة قيودها ؟ وتمزق هذه الأكبال والحجب التي يحاولون جعل النساء , تظل ّ أسيرة بها عبر الزمن , لتظل عبدة المفاهيم والقيم البالية , فالقيم التي تصوغها وتُؤْمن بها المجتمعات الأكثر تجهيلاً , هي قيم تخلق بشراً أكثر جهلاً وتخلفاً وعبودية , فمجتمعات القطيع , هي مجتمعات تُدار من قبل الحكّام الأكثر احتقاراً لأبناء البشر, وهذه القيم والمفاهيم التي يكبَّل بها هؤلاء أبناء الوطن الواحد, تجعل الناس يفقدون أبسط المشاعر الإنسانية لديهم إذ أنّ أنظمة القهر , لا تحتقر المرأة فقط , بل أيضاً تسلب الرجال كرامتهم وإنسانيتهم , وفي هكذا مجتمعات الكل مسلوب الإرادة , ويحتقر الآخر , ولكن المرأة تنال الاضطهاد الأكبر , كونها المشرفة على الأسرة وتربيتها , فالمجتمعات التي لا تكرّم المرأة , لا تعيش حياة كريمة , إذ أنّ الذل الذي تعاني منه المرأة من جهل وفقر واضطهاد , وإلغاء , لا يؤثر في حياتها الشخصية فقط
بل أيضاً , تتأثر فيه الأسرة , وتكون الأسرة هنا غير سوية, فالمرأة الأم هي عماد الأسرة , وعمودها الفقري الذي على أساسه تتكون الأسرة , من علم ٍ وأدب ٍ ورفعةٍ , أو انحطاط ٍ وابتذال ٍ وغير ذلك 0 " فالأم مدرسة إذا أعدتها " وهذا الإعداد هو جوهر المسألة , لأنّ الأم هنا تفقد جوهر إنسانيتها بشكل ما , إذا لم يؤمِّن لها المجتمع العلم والحرية والكرامة 0
فما هو دور المرأة هنا , في الحياة الاجتماعية , أن تكون مع الحرية مع العلم , مع الثقافة , مع القيم النبيلة , مع التربية الراقية , أي أن لا تكتفي بالإنجاب وتقذف بأطفالها إلى الشارع ليتحولوا إلى سرّاق , وقطاع طرق , أو ينهبهم الإرهابيون من أحضان أمهاتهم ليقذفوا بهم في الجحيم 0 طبعاً هذه مسؤلية اجتماعية بالدرجة الأولى , فالدولة بمؤسساتها إذا لم تؤمن الكرامة والأمان للمرأة وأبنائها , فإنها سوف تجعلها وتجعلهم كما أسلفنا0
فمسؤلية المرأة في هكذا ظروف هي مسؤلية معقدة ومركبة وعلى المرأة بشكل عام , والأم بشكل خاص أن تعي دورها ولا تُخذّر بالغيبيات والعواطف التي تُلغي دورها في خلق أبناء كرماء , فالنساء اللواتي استخدمهن الإرهابيون وقمن بتفجير أنفسهن , لم يُسئن إلى أدوارهن وقيمهن , التي هي أدوار , وكرامات , المرأة التي يليق بها المجد فقط , بل أسأن للأمومة والنساء جميعاً , ومن هنا كلما كانت المرأة أكثر وعياً لدورها في الأسرة والمجتمع والحياة الإنسانية , لعبت الدور الذي يليق بها, كأم وصاحبة مجد ورسالة مقدسة , فالسياسات الدنيئة تسيء إلى الأم , وتسيء إلى دورها الفاعل في الحياة الاجتماعية 0 فالغلو في الدين , أو الطائفية أو المفاهيم العنصرية , تسيء إلى المرأة , لأن الرجال يقولون ," النساء على دين أزواجهن ", والصحيح أن النساء على دين قيمهن , قيم الخُلق , والأمومة والتربية القائمة على الصدق والمشاعر النبيلة , والحرية وحبّ الآخرين , وليس الأزواج الذين يلغون إنسانيتهن وكرامتهن , وتحويلهن إلى خادمات في بيوتهن 0
* فالكرامة أن تخلق نساء بكرامة 0 نساء قيمهن الثقافة والعلم والحرية , محاربات للجهل والتخلف رافعات رايات الوعي , ثائرات على كل التقاليد البالية , بما في ذلك عالم الرجال الذين يحاولون استعبادهن , وجعلهن على دينهم , أيّ دين ٍ كان 0 أيّ قيم ٍ كانت , وكأنهن لا عقول لهن ّ , فالنساء لهنّ الطليعة والوعي , وَخُلق مجتمع متحرر من كل قيود التخلف والهمجية , وعليهن تربية أجيال تؤمن بأخلاق السماحة والحب آنئذٍ سوف نزين ضفائرهن , بورود الثامن من آذار عيد المرأة العالمي , ونهديهن باقات الأزاهير معطرة بالمحبة , فوّاحة بالتمدن 0