طحينهن وجعجعتنا



أحمد الخمسي
2008 / 3 / 16

إذا ما استخلصت من جلوسك مع مناضلات الجمعيات النسائية قواعد للتفكير أو للتنظيم أو للعمل، تجد الشبه مماثلا للكلام الدامي الدائم الذي يردده العمال النقابيون عن الباطرونا، من طرف النساء حول الهيمنة الذكورية في مؤسسات المجتمع. هذه ليست ملاحظة عينية، بل استعادة ملموسة معاشة للمفكر الاشتراكي الأوربي المعروف، ارنست بيبل، بل هما معا.

من هذه الملاحظة، نستخلص الطاقة الإضافية النضالية التي تكمن في نفسية النساء، تماما مثل ما كان يبهر المناضلين اليساريين في أبناء الشعب من الطبقة العاملة، من حماس ومشاركة واسعة في الشأن العام، وارتفاع نسبة الروح التضامنية بين العمال، كلما نشطت الآلة النقابية بعقلانية وموضوعية ووضوح في الرؤية.

واليوم، وقد راكمت الحركة النسائية المغربية أرصدة تنظيمية وتعبوية وسياسية، تبوأت من خلالها مكانا في المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، بكيفية ثابتة ونوعية، سواء من حيث صلابة الإرادة أو جودة الفعل أو تقدم الحصيلة. مما مزج العمل النسائي بالجهد المجتمعي العام، من موقع متقدم في بنية العلاقات الديمقراطية.

أما في الصورة العامة للعلاقة بين مؤسسات السلطة وبين الهيئات المدافعة عن مصالح الفئات الاجتماعية الدنيا، يمكن ملاحظة الفرادة التي تتميز بها الحركة النسائية المغربية، كونها شكلت حركة مخضرمة، ظهرت أواخر الحرب الباردة، لتجد نفسها مؤهلة للانتعاش بكيفية ملائمة في ظل العولمة، ضمن السقف الدولي من خلال الملفات المطلبية لدمقرطة المجتمع المجمع حولها في مؤتمرات بكين والقاهرة وكوبنهاغن وجوهانسبورغ.....

اليوم، عندما نسرح أمام الأفلام الأمريكية الجميلة، المعروضة على القنوات العربية، والتي تعرض تفاصيل النقاشات حول العلاقات الاجتماعية، وضمنها ما بين الجنسين، نسترجع ما كانت كلارا زيتكين تشاكس به لينين، حول الحب الحر و التعقيد الفلسفي، عند تفكيك خلفيات التشابك الفكري الذهني والنفسي في المجتمع البشري.

أما المناضلات في الجمعيات النسائية فتنسجن شبكة مغايرة من العلاقات، قاعدته العمل والفكر المشتركين. واحدة من الجمعيات النسائية في شمال المفرب، جمعية سمت نفسها باسم "الست الحرة" التي حكمت إمارة صغيرة من حجم باتساع قطاع غزة، خلال منتصف القرن 16، شمال المغرب. جمعية السيدة الحرة، أحيت ذكرى ثامن مارس العالمي بمركز ها بالمضيق، على الساحل المغربي الجميل المقابل للسواحل الأوربية الاسبانية.

وقد ألقت الشاعرة مريم كنبور كلمة الجمعية في الحضور النسائي، كما يلي:


"" في البداية أرحب بجميع الحاضرات معنا وأتمنى لكن حفلا ممتعا
سأقدم كلمة الجمعية ونبذة عن يوم 8 مارس

مساء رحب كرحابة البحر والسماء
مساء جميل كجمالكن، وانتن ترتدن جمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص. الجمعية التي وجدت تربتها الخصبة فطالت وأينعت وامتدت جذورها راسخة في تربة المضيق. الجمعية التي أصبحت إيقاعا ضروريا من إيقاع يومكن وطقسا حميميا من طقوس سعيكن. وأنتن بدوركن أصبحتن النفس المضيئ الذي تنتظره الجمعية كل صباح لتشرع أبوابها وتستقبل اليوم بالجد والدراسة والتكوين والتغيير.

وفي هذا الإطار يأتي احتفاؤنا باليوم العالمي للمرأة، عيد المرأة. فاسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأقدم لكل واحدة منكن وردة وأشد على أيديكن بحرارة، تقديرا لما تبذلنه كل يوم من تضحية وجد وجهد وتطلع نحو الأفضل لكن ولأسركن. كما انتهز هذه الفرصة لأذكر أن الثامن من مارس من كل عام يوم يحتفل به عالميا بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء.
الاحتفال بهذه المناسبة جاء إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945.

وكان أول احتفال عالمي بيوم المرأة العالمي، رغم أن بعض الباحثين يذكر أن اليوم العالمي للمرأة جاء إثر الإضرابات النسائية التي اشتعلت في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي جميع الأحوال، خصص يوم الثامن من مارس لتستمتع المرأة بكل حقوقها وسعيدة بين وسطها الأسري والزوجي والاجتماعي.

تقوم المرأة بواجبها. لذا، على الرجل احترام حقوقها. ولا يفوتنا أن ننحني تقديرا للمرأة العراقية والمرأة الفلسطينية التي تعاني وسط التقتيل والتدمير والفقر. فتقدم الشهداء وتمنح معنى الاستمرار للحياة.

فتحية مرة أخرى للمرأة في كل مكان وللمرأة العربية والمرأة المغربية خاصة. ولا يفوتنا في هذا الجو الذي يحبل ببشائر الربيع أن نستخلص المساء مساء نسائيا بامتياز. فنهمس بل نبوح ونعبر ونغني بكل ما أوتيت المرأة من حرية:

بين وشوشة المســــاء وشجاه
وبين عيد المـــــــــــرأة وذكـــراه
يمتد الحلم بالحــــــــرية والرفـاه
نفرح ملء الـــــــــروح والشفـــاه

نؤثث دقائق العمر
بالأماني والورد والأغاني
فما زال في تعاريج الوقت
متسع للصبح ونداه
للشعر ونداه""