لتسواهن في عيدها المجهول



عبدالكريم هداد
2008 / 3 / 17

المرأة ليست بشراً ناقص الخلق، وهي ليست ديكوراً للتجميل، أو سلعة رخيصة القيمة، أو حاجة للمتعة، إنها حاضنة البشرية وأم الجميع. كما وإنها ليست ذكرى سنوية للتصفيق فقط، داخل قاعات المهرجانات المكيفة الهواء، وهي ليست بريق ألوان شعارات اللافتات الاحتفالية، التي يمر بها الجميع مسرعين، كل يوم.
ولن تكون حرية المرأة أو المطالبة بها ، أبداً، ضمن حدود قياسات موضة الملابس وتبرجاتها، أولمعان المكياج أو ألوان تفاهة أفلام الإستهلاك والمسلسلات التجارية.
إن المرأة التي أعنيها ، هي من تريد السعي نحو تحقيق كيان إنساني ذي عقل نير ومبدع، يتشكّل من خلال مشاركة حوارية خلاقة داخل تأثيرات ثقافية واجتماعية داخل الأسرة والمجتمع عموماً. وهي بكل تأكيد لا ترتضي الدفاع عن كل ما يقف في طريقها ويكبل حقها الإنساني.
وباتت المرأة العراقية اليوم ، الصورة المعبرة عن الألم العراقي، وهنا أقصد ، وجه المصيبة الشاخصة في تاريخ الأمة العراقية ، وخصوصاً ما أصاب مجتمعنا من ويلات عميقة وانكسارات كبيرة وضغط اجتماعي وأخلاقي وثقافي مشوه، له تركة ثقيلة من التخلف والاستبداد والعنف داخل المجتمع العراقي، حيث ساهم وبشكل فعال، في دفع المرأة العراقية نحو الإنكفاء والإنكماش على ذاتها، والإنقطاع عما توصلت اليه في العقود السابقة من تاريخ العراق الحديث، وباتت تستهوي ممارسة ثقافة الشعوذة والسحر، وبعيدة كثيراً عن طرق التحضر والتواصل الخلاق في البناء والتعليم وممارسة الحياة الإنسانية، التي تكفلها القوانين والأديان السماوية جميعاً.
لقد غدت المرأة العراقية اليوم، غير قادرة على أخذ زمام المبادرة، منذ أن فعل التشويه فعلته، الذي خلقته ممارسات ثقافة حزب البعث العفلقي، ومنها قوانين السلوك والممارسات الأمنية والعسكرتارية الحربية، التي أخذت بيد المجتمع العراقي بتعسف دموي، من المدرسة الابتدائية حتى ساحات الحروب اللاوطنية ، ليزيد الكيل بما سميّ حينها بــ" الحملة الإيمانية " التي شوهت حقيقة الدين الإسلامي، حيث باشر آنذاك، سدنة ومروجي "الحملة الايمانية" على التشريع لسلوكيات وأخلاقيات دينية، كانت حسب مقاسات " قائد الضرورة " وأفكاره الشوفينية المخربة للنسيج الإجتماعي العراقي، وحينها غدت الآيات القرآنية الطاهرة الطيبة الذكر لافتات للقهر والتعسف ورعب المرأة العراقية بحد سيوف وسكاكين " فدائي صدام" وتحت ذرائع اخلاقية، استطاعت أن تدفع بالمجتمع العراقي نحو ولادة سلوكيات وعلاقات اجتماعية أسرية جديدة، إنتعشت تحت ظل الحصار الجائر، فساهمت حينها في تقليص مساحة مكتسبات المرأة العراقية الاجتماعية منها والاقتصادية والثقافية.
واليوم باتت المرأة العراقية في أمل للحصول على قوانين مواطنة حقيقية ، تفسح لها المجال واسعاً في النهوض وتطوير الخصائص الثقافية الإنسانية والحضارية ، التي تجعلها قادرة على أخذ مكانتها من دون هذا العنف الذي يهددها حياتها كل يوم ، ومن دون وصاية ، تعمق فيها الإستلابات الدينية والسياسية والاقتصادية، والأستلاب أعني به " فقدان الإنسان لوجوده الجوهري" وهذا ما نراه في ظاهرة العنف اتجاه المرأة في البصرة وعموم العراق ، الذي يشابه ما كان يمارسه نظام البعث كما أسلفنا، والذي يوازيه ويشابه في الاتجاه، هو استغلال المرأة في العمليات الإنتحارية الأرهابية داخل العراق.