حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الديني.....14



محمد الحنفي
2008 / 3 / 26

إلى:
• الحوار المتمدن في جرأة طرحه للمواضيع الشائكة، والساخنة، التي تقف وراء حركة الفكر التي لا تنتهي.

• كل امرأة ناضلت من أجل إعادة النظر في القيم التي تكرس دونيتها.

• من أجل امرأة بمكانة رفيعة، وبقيم متطورة.

• من أجل كافة الحقوق الإنسانية لكافة النساء.

دور التقاليد العشائرية، والاجتماعية، في تحقيق فرض الحجاب:.....1

وبعد تناولنا للظروف الاجتماعية الفارزة لظاهرة الحجاب، وتحليلنا لها، بما فيه الكفاية، من أجل أن تكون الصورة واضحة في أذهاننا، وبعد وضعنا لجملة من الأسئلة الهادفة إلى إثارة الفكر من أجل سبر الواقع المتعدد، والمتلون، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل إدراك القوانين المتحكمة فيه، وصولا إلى امتلاك تصور عميق يمكن اعتماده لتغيير هذا الواقع، حتى يصير قادرا على فرز النقيض المعبر عن السعي الحثيث إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، ننتقل إلى مناقشة دور التقاليد العشائرية، والاجتماعية، في تحقيق فرض حجاب المرأة، وبالأشكال التي يمارسها مؤد لجو الدين الإسلامي.

وللوصول إلى امتلاك تصور دقيق عن دور التقاليد العشائرية، والاجتماعية، في تحقيق فرض الحجاب، سنتناول بالتوضيح، والتحليل، مفهوم التقاليد، واختلافها حسب الزمان، والمكان، ومفهوم العشائر، وتنوع طبيعتها، واختلافها حسب الزمان، والمكان، تبعا لاختلاف الشروط المؤثرة، والفاعلة، ومفهوم التقاليد الاجتماعية، واختلافها من مجتمع إلى آخر، وحسب الزمن، وعلاقة التقاليد بالعادات التي تختلف بدورها من مجتمع إلى آخر، وحسب الانتقال من زمن، إلى آخر، تبعا لطبيعة التطور التي يعرفها كل مجتمع من مجتمعات البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين، ثم علاقة التقاليد بالمعرفة، وتطور تلك المعرفة، وتنوعها، وعلميتها، او عدم علميتها، وهل هي مادية، أو مثالية؟ أو هل هي دينية، أو خرافية؟ وعلاقة التقاليد بالمعارف التقليدية الدينية، والأسطورية، والأدبية، والتاريخية، وغيرها، وعلاقة التقاليد بالمعارف الدينية في أصالتها، وتنوعها، ومذهبيتها، وأد لجتها، ودور التقاليد في المحافظة على قيم العشيرة في كل عشائر القبيلة الواحدة، وفي مجموع قبائل البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، ودور التقاليد العشائرية في تكريس القيم القبلية على مستوى كل بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين، وأهمية التقاليد القبائلية في المحافظة على قيم المجتمعات الإقطاعية، التي لازالت سماتها قائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، ودور التقاليد الإقطاعية في بلورة الموقف الإقطاعي من المرأة، التي لايمكن أن تعتبر إلا متاعا يتم الاحتفاظ به في البيت، لا تخرج منه إلا لبيت زوجها، أو إلى القبر، كما يقولون، وإن خرجت، فعليها أن ترتدي الثياب التي تحجبها عن أعين غير المحارم، واعتماد المرجعية الدينية مصدرا للتقاليد الإقطاعية تجاه المرأة، حتى يعطي الإقطاع الشرعية لممارسته، ولتقاليده في التعامل مع المرأة، ومن أجل أن نعتبر أن كل ما يصدر عن الإقطاع من الدين الإسلامي، وملازمة سيادة التقاليد على المجتمع الإقطاعي، باعتباره مجتمعا عشائريا، قبليا، قائما على أساس المرجعية الدينية، التي تفرض حجاب المرأة، الذي يصير في العقلية الإقطاعية ممارسة مطابقة لما جاء به الدين الإسلامي، كما سنتناول مقاومة التقاليد القائمة على أساس المرجعية الدينية للقيم الوافدة، باعتبارها قيما تستهدف تفكيك المجتمعات العشائرية / القبائلية / الإقطاعية، وباعتبارها أيضا قيما للكفار، والملحدين، وخاصة إذا ماكانت تتعلق بحقوق الإنسان، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي لا وجود لها في المرجعية الدينية، ثم ازدواجية المجتمع الواقع تحت سيطرة، وسيادة البورجوازية التابعة، تلك الازدواجية التي تسمح بتكريس التقاليد ذات الطبيعة الإقطاعية، كما تسمح، في نفس الوقت، بالانفتاح على ما هو حديث، ومتجدد، ومتطور في مسلكية البورجوازية الغربية، وخاصة في أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، التي تقتدي بها البورجوازية التابعة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، كما نتناول بالتحليل انهيار التقاليد أمام حداثة القيم البورجوازية الليبرالية القائمة على أنقاض المجتمع التقليدي بمفهومه الإقطاعي، حتى يمكن قيام مجتمع جديد، بقيم جديدة، ومتجددة باستمرار، ونظرا لانتفاء عنصر الثبات في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وبعد ذلك ننتقل إلى تناول توفيقه البورجوازية الصغرى، التي تفسح المجال أمام استعادة أهمية التقاليد العشائرية، نظرا لكون البورجوازية الصغرى تستفيد في تشكيل رؤاها، وتصوراتها على جميع الرؤى والتصورات التقليدية، والحديثة، والمعاصرة. وعلى العكس من البورجوازية الصغرى نجد أنه في ظل سيادة، وتمكن الحركة العمالية من السيطرة على أجهزة السلطة، يستحيل التمسك بالتقاليد العشائرية، التي تصير في خبر كان، بسبب تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، التي لا تعني إلا التحول المستمر، والعميق، في الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبعد ذلك نتناول ممارسة اليسار المغامر في المزايدة على التقاليد العشائرية، التي توحي بأهمية هذه التقاليد العشائرية، التي تجعل الشعوب تزداد تمسكا بها، وبعد ذلك نتناول سيادة، أو سيطرة اليمين المتطرف، والعودة القوية لسلطة التقاليد في الواقع الاجتماعي القائم، الذي يفرض، وبقوة استبداد الرجل بالمرأة حجابها، وبشكل مكثف، ونظرا لدور التقاليد العشائرية، والاجتماعية في فرض حجاب المرأة، نجد أنفسنا أمام طرح السؤال:

كيف يجب التعامل مع التقاليد العشائرية، والاجتماعية، حتى يحدث فيها تحول عميق في اتجاه جعلها تتغير لصالح جعل المجتمع، تبعا للتحولات التي تحصل في الواقع، وفي أفق ذوبانها، لصالح جعل المجتمع يختار ما يفعل، بناء على ما يقتنع به أفراده، بعيدا عن المؤثرات ذات الطبيعة الاستبدادية؟

والغاية من تناولنا لهذه الأفكار تفكيكا، وتركيبا، وتوليدا، واستنتاجا، تتلخص في العمل على امتلاك تصور للتعامل مع المرأة، بعيدا عن التقاليد العشائرية / القبائلية / الإقطاعية. وقبل ذلك، وبعده، لا بد من الوقوف على:

1) مفهوم التقاليد، واختلافها، حسب الزمان، والمكان. فالتقاليد: جمع تقليد، والتقليد: تمثل ممارسة الغير، النظرية، والفكرية، والمسلكية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. فكأن ذلك الغير، المتمثل، حاضر في الزمان، والمكان، من خلال الممارسة المتمثلة؛ بل إن التقليد يستهدف الشكليات، بجزئياتها المختلفة، حتى يصير التمثل مستحضرا لخصوصيات الجهة، أو الجهات المستهدفة بالتقليد، ومن أجل أن يعبر المقلد عن إخلاصه للمثال المستهدف بالتقليد.

وبالنسبة للتقاليد، كجمع، فإنها تعنى قيام البشر في الحاضر، باستنساخ ممارسات من عاشوا في الماضي، على مستوى الأفكار، والإيديولوجيات، والمسلكيات الفردية، والجماعية، من أجل جعل ذلك الماضي يعيش فينا، من خلال تمثلنا له، باعتباره تعبيرا عن هوينا تجاه الآخر، سواء تعلق الأمر بالاقتصاد، أو بالاجتماع، أو بالثقافة، أو بالسياسة. وإذا كان ذلك الماضي يتسم بالاستبداد، وعلى جميع المستويات، فإن تأبيد الاستبداد يصير جزء من هويتنا. وكل من خالف ذلك يصير غير مرغوب فيه.

وعلى مستوى اعتقادنا بالدين الإسلامي، وإيماننا به فإن ذلك يستلزم استعادة الزمن الذي عرف بزمن البعثة، وزمن الصحابة ،وزمن الخلفاء الراشدين، وزمن الخلافتين: الأموية، والعباسية، وزمن الخلافة العثمانية، وما يلتصق بهذه الأزمنة من أفكار، وإيديولوجيات، ومسلكيات فردية، وجماعية، انطلاقا من تأويل معين للنص الديني.

ولذلك، نجد أن التقاليد بالنسبة للمسلمين، تعني التمثل الجماعي لحياة المسلمين الأوائل، سواء تعلق الأمر بحياة الرسول، أو حياة الصحابة، أو حياة المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين، أو في عهد الخلافة الأموية، أو في عهد الخلافة العباسية، أو حتى في عهد الخلافة العثمانية؛ لأن ذلك التمثل، هو المعبر، على المستوى الشكلي، على التمسك بالدين الإسلامي، وعن تطبيق الشريعة الإسلامية.

وتمثل حياة المسلمين السابقين، لا يتم إلا من خلال بناء التصورات التي تختلف باختلاف تأويلات النص الديني في عهد الرسول نفسه، وفي عهد الخلفاء الراشدين، وما تم بعد ذلك من تأويلات إيديولوجية على أيدي الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، التي انفرزت بالخصوص في عهد عثمان بن عفان، وبعده، وما تفرع عن تلك الأحزاب، بعد ذلك، مما يقف وراء ازدهار تأويلات النص الديني، وتنوعها.

وتنوع تأويلات النص الديني، لا يمكن أن يعطينا إلا تنوعا في المرجعية الدينية، التي يترتب عنها تنوع في التمثل الذي يمكن اختصاره في:

1) التمثل الشيعي، نسبة الى تمثل الحياة التي كان يعيشها شيعة علي عهده، انطلاقا من مسلكية على بن أبي طالب الفردية، التي تحولت إلى مسلكية جماعية شيعية، تصير قدوة للشيعة في كل زمان، ومكان.

2) التمثل الأموي، نسبة إلى بني أمية، من خلال مسلكية معاوية بن أبي سفيان، التي صارت مسلكية لمن يسمون بالأمويين، الذين يعممونها على أتباعهم أثناء قيام الخلافة الأموية.

3) التمثل الزبيري، الذي انبثق عن مسلكية عبد الله بن الزبير، الذي يستمد أتباعه قوتهم من فهم عبد الله بن الزبير الخاص للدين الإسلامي. هذا الفهم الذي اعتمد في مواجهة الأمويين، وفي مواجهة الشيعة في نفس الوقت.

4) التمثل الخوارجي، نسبة إلى الخارجين عن علي بن أبي طالب، الذين كان لهم فهمهم الخاص، الذي يصير قدوة لمن يأتي بعدهم، ممن يقتنع بتأويلهم للنص الديني.

وهذه التمثلات التي يجب تصنيفها ضمن التقاليد، ترتبت عنها تفرعات سنية، وشيعية، وخوارجية، تختلف باختلاف الأزمنة، والأمكنة، مما يترتب تنوع التمثلات، ولا محدوديتها. وهو ما يخلق نوعا من التشويش، والارتباك، بالنسبة للأجيال الصاعدة، التي لا تدري ما هو النموذج الإسلامي، الذي تقلد.

هل تقلد نموذج شخصية الرسول، كما هو في السنة الثابثة عنه؟

هل تقلد نموذج شخصية الرسول كما هو في القرآن؟

هل تقلد نموذج شخصية الرسول كما يرويها الصحابة الذين عاصروه؟

هل تقلد نموذج شخصية الرسول كما يرويها الشيعة؟

هل تقلد نموذج شخصية الرسول كما يراها أتباع بني أمية؟

هل تقلد شخصية الرسول كما يرويها الخوارج؟

وهل تقلد شخصية السول كما يرويها ابن هشام في سيرته، أو كما تصورها أي كاتب لسيرته؟

هل تقلد نموذج الحياة التي كان يعيشها الصحابة في عهد الرسول الذي قال: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"؟

هل تقلد نموذج حياة المسلمين في عهد أبي بكر الصديق؟

هل تقلد نموذج حياة المسلمين في عهد عمر بن الخطاب؟

هل تقلد حياة المسلمين في عهد عثمان بن عفان؟

هل تقلد حياة المسلمين في عهد علي ابن أبي طالب؟

هل تقلد حياة المسلمين في عهد بني أمية؟

هل تقلد حياة المسلمين في عهد بني العباس؟

هل تقلد حياة المسلمين في عهد العثمانيين؟

هل تقلد حياة المسلمين المتمذهبين بمذهب مالك؟

هل تقلد حياة المسلمين المتمذهبين بمذهب الشافعي؟

هل تقلد حياة المسلمين المتمذهبين بمذهب أبي حنيفة؟

هل تقلد حياة المسلمين المتمذهبين بمذهب أحمد بن حنبل؟