حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الديني.....15



محمد الحنفي
2008 / 3 / 27

إلى:
• الحوار المتمدن في جرأة طرحه للمواضيع الشائكة، والساخنة، التي تقف وراء حركة الفكر التي لا تنتهي.

• كل امرأة ناضلت من أجل إعادة النظر في القيم التي تكرس دونيتها.

• من أجل امرأة بمكانة رفيعة، وبقيم متطورة.

• من أجل كافة الحقوق الإنسانية لكافة النساء.


دور التقاليد العشائرية، والاجتماعية، في تحقيق فرض الحجاب:.....2

إن أجيال الشباب الصاعدة يتم احتواؤها بفكر الاستبداد الذي يبحث له عن مبرر للوجود فيما كان يقوم به المسلمون الأوائل، وعملية البحث تلك، تقود إلى الوقوف على النموذج المختلف، الذي يسوق، من يقتنع به، في اتجاه تبرير نموذج استبداده القائم، أو تبرير نموذج استبداده المحتمل. وهو ما يؤدي إلى التعدد في انبثاق التوجهات المقلدة للنماذج القديمة، كل من منطلقه، وكل من مرجعيته، وكل يدعي أن تقليده لنموذج معين هو الإسلام الصحيح، الذي يجب تعميمه على جميع المسلمين بقوة القهر.

وانطلاقا من هذه التساؤلات، نصل إلى أن التقاليد ليست واحدة، بسبب تعدد المرجعيات، وأن هذه التقاليد ليست ثابتة، بقدر ما هي متحولة تحول الزمان، والمكان، لتأثرها بالعوامل المؤثرة، والفاعلة، المتأثرة في الزمان، والمكان، بالعوامل المختلفة المنتجة لنماذج مختلفة من التقاليد التي تجمع على:

ا ـ تأبيد الاستبداد القائم، باعتباره هو الإسلام الحقيقي.

ب ـ أو العمل على فرض استبداد بديل، باعتباره استرجاعا للإسلام الحقيقي.

ج ـ اعتبار الماضي مثالا، ونموذجا، لصياغة الحاضر: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، ومدنيا، وسياسيا.

د ـ تكريس دونية المرأة، وأفضلية الرجل عليها، ودون استحضار حتى لما يمكن أن نعتبره منطلقا لمساواة المرأة بالرجل في الدين الإسلامي، وما أكثره!.

ه ـ فرض حجاب المرأة باعتبارها متاعا، أو عورة، حتى لا يؤدى سفورها إلى إحداث فتنة في المجتمع.

وبما تجمع عليه جميع الفرق المقلدة لنماذج الزمن الماضي المختلفة، والمتنوعة، تنوع الماضي في الزمان، المكان، يتبين أن التقاليد:

ا ـ ليست واحدة، لتعدد مرجعياتها.

ب ـ تهدف إلى تنميط المجتمعات في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

ج ـ تعد الأجيال الصاعدة للقبول بالاستبداد القائم، أو العمل على فرض استبداد بديل في أي بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين.

د ـ لا يمكن أن تكون ديمقراطية، ما دامت تسعى إلى تنشيط المجتمعات، انطلاقا من نماذج محددة.

ه ـ تكرس قهر المرأة على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

و ـ تفرض حجاب المرأة الذي تختصره في أشكال معينة من اللباس.

ز ـ تعتبر أن عدم التزام المرأة ب "الحجاب"، يخرجها من الدين الإسلامي، ويدخلها ضمن دائرة الكفار، والملحدين، ... إلخ.

ح ـ تلزم المجتمع باحتقار المرأة، ووصفها بأقبح النعوت، إذا لم تحتجب.

2) مفهوم العشائر، وتنوعها، حسب الزمان، والمكان. فبعد تناولنا لمفهوم التقاليد، واختلافها حسب الزمان، والمكان، نتناول مفهوم العشائر، وتنوعها، كذلك، حسب الزمان، والمكان. فكلمة العشائر جمع مفرده عشيرة. والعشيرة: فرع من شجرة القبيلة، وهذا الفرع يرجع في نسبه إلى شخص معين، تفرع من أصل القبيلة، التي تنتسب إليها جميع العشائر.

وانطلاقا من هذا الفهم للعشيرة، التي تتفرع بدورها الى مجموعة من الأفخاذ، التي تتشكل منها العائلات الكبيرة، التي تتفرع بدورها الى مجموعة من الأسر، نجد أن العشائر هي المجموعات البشرية الكبرى، ذات النسب الواحد، الذي يرتبط بأصل نسب القبيلة، والتي تتكون منها القبيلة الواحدة، التي تعيش منغلقة عل نفسها، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

ونحن، برجوعنا إلى دراسة التاريخ القبلي، سنجد أن العشائر، تلعب دورا كبيرا في تكريس النظام القبلي، من خلال المحافظة على الطابع السائد، في كل عشيرة، على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وعلى مستوى التقاليد المتعلقة بالمسلكيات الفردية، والجماعية. وكل عشيرة تعتبر تقاليدها الاجتماعية المستمدة من خصوصيتها، ومن ثقافتها، ومن معتقداتها، التي تختلف من عشيرة، إلى أخرى، وفي إطار القبيلة الواحدة، وفي كل مناطق التواجد القبلي في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، أسمى من تقاليد العشائر الأخرى.

وإذا كان مفهوم العشائر ينسحب على المجموعات البشرية التي تجمعها علاقات النسب الواحد، في إطار الانتماء بالنسب إلى نفس القبيلة:

فهل يمكن القول بان العشائر واحدة، مهما اختلفت القبائل؟

وهل القبائل واحدة، حتى تصير العشائر واحدة؟

ألا تختلف القبائل حسب الزمان، والمكان، حتى تصير العشائر أيضا مختلفة حسب الزمان، والمكان؟

إن القول بأن العشائر واحدة يجانب الحقيقة العلمية؛ لأن الشروط الموضوعية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تعرفها كل عشيرة على حدة، وفي إطار القبيلة الواحدة، في كل بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، لا يمكن أن تكون إلا مختلفة. وهذا الاختلاف هو نفسه مبرر الاختلاف. وهو ما يعني أن العشيرة الواحدة، في القبيلة الواحدة، لها تقاليدها، وقيمها التي تختلف عن باقي العشائر في نفس القبيلة. وأن تقاليد نفس العشيرة يمكن تصنيفها إلى تقاليد ثابتة، وتقاليد متحولة، بفعل تحول الزمن، وأن الثابت من التقاليد يتخذ طابعا عاما، كالولاء لزعيم العشيرة، وطبيعة التعامل مع المرأة، والولاء للقبيلة، وكيفية إقامة مناسبات الأفراح، والأعراس، وغيرها، أما المتحولة فترتبط بتجدد الأجيال، وتطورها من زمن إلى زمن آخر.

ولذلك لا يمكننا الحديث على عشيرة واحدة، أو على مجموعة من العشائر الثابتة التي لا تتغير أبدا، بقدر ما يمكن أن نسجل أن العشائر تختلف فيما بينها في إطار القبيلة الواحدة، وباختلاف القبائل في كل دولة من الدول العربية وباقي دول بلدان المسلمين، وحسب الزمان، والمكان، وبفعل المؤثرات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.