حرب ام محاولة دفاع؟



هدى ابو مخ
2003 / 12 / 28

هاجم رئيس تحرير صحيفة الميثاق التابعة للحركة الاسلامية في اسرائيل, والناطقه بلسان حزب عضو الكنيست عبد المالك دهامشه, قرار  فرنسا الغاء الحجاب معتبرا اياه حربا صليبية (!!) على الاسلام. فيقول في هذا السياق: "هذا الامر (يقصد الغاء الحجاب) يدل على ان الحرب على الاسلام تتخذ صورا واشكالا شتى, بغض النظر عن الاسماء والمسميات والاعذار والحجج التي يستخدمها اعداء الاسلام للحد من الاقبال على الاسلام, وبمعنى اخر (وانظروا هنا الى هذا المعنى الاخر) اتخاذ طريق اخر لمحاربة الاسلام, بعد ان فشلوا في الحروب العسكرية والاعلامية". وهنا لم افهم كيف فشلوا في حروبهم العسكرية والاعلامية –ولا اقصد لا سمح الله التشفي باحد, لكني افضل الواقعية كاسلوب للتعامل مع مشاكلنا- فمن ناحية عسكرية فان امريكا استطاعت احتلال العراق وافغانستان دون رادع, ولا ننسى فلسطين واحتلالها على يد الحركة الصهيونية واقامة دولة اسرائيل على انقاضها. اما الناحية الاعلامية فالحرب فيها حسمت بصورة اسهل: المسلم والاسلام والارهاب ثلاثية حتمية الارتباط.
في ذات المقال يتطرق رئيس التحرير الى وظيفة المراة –كجزء من تحليله لوجوب تحجبها- فيقول: "ان هذه الحرب اليوم على حجاب المسلمة في فرنسا, اكبر دليل على الكيد للاسلام وفي مقدمته المراة التي تنجب الرجال وتربي الرجال وتخرج الرجال, في زمن ندر فيه الرجال".
وانا هنا اسال الاستاذ الكاتب: ان كانت وظيفة المراة تنحصر في تلك الوظائف التي ذكرتها فما حاجتها بالتعليم؟ ثم ان اردت ان تربي رجالا حقيقيون الا توافقني ان المدارس الفرنسية العلمانية لن تفي بهذا الغرض؟ الا تعتقد انه لكي يكثر الرجال الحقيقيون - كما اسميتهم- فان عليهم العيش في بيئة تناسبهم اكثر؟
هذه النظرة الشوفينية الغير ناضجة ولا متماسكة تظهر في كل المقال, لا سيما لدى تحليله لعلاقة الحجاب بالفضيلة والعفة اذ يقول: "ويظن اعداء الفضيلة ان مزيدا من الاغراء سيجعل الاخت المسلمة تتخلى عن حجابها, وسيجعل حفيدات عائشة واسماء يسلكن طرق الساقطات" ولكي تكتمل سطحية الصورة التي يحاول غرسها في نفوس الشباب المسلمين الذين يقرؤونه –حول ان المحجبة هي الفاضلة فيما السافرة ساقطة- يعطي المحامية الايرانية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل مثالا, فيقول: "الذي لفت نظري, ان اهم ما سلط عليه الغربيون الاضواء, ان المحامية الايرانية علمانية, حاسرة الراس حسب المواصفات الغربية تماما (هو نسي ان المواصفات الغربية للمسلمة هي ان تكون محجبة الوجه والجسد والفكر, ففاتته النقطة بان الدهشة من المحامية الايرانية نبعت من كونها مختلفة عن الصورة المسبقة المغروسة في اذهانهم) وذلك لتشجيع المراة المسلمة لتكون مثلها وتحذو حذوها وتخلع حجابها, وتتطور وتتحضر وتظفر بالجوائز!!!" والكاتب لا بد انه حين قرا ما كتبه الى الان في هذه القضية, راه منطقيا ولا يثير اي استنكار, اذ لكل شخص الحلم ان يتحضر ويتطور, وهذا ما نريده كلنا, بل هذا منانا, لذا يضيف وبصورة تهجميه: "هكذا يريدون المراة المسلمة... (وركزوا معي جيدا في الكلمات فانا صدقوني لم اضف شيئا من عندي) مجردة من ملابسها وعفتها وسترها وحياءها حتى تكون تماما كالمراة الغربية في كل شئ". متناسيا ان يشرح لنا باي منطق يصير خلع الحجاب تجريدا من الملابس ومن العفة والستر والحياء.. وانا اساله: لربما انت نفسك حين تسير في الشارع وترى فتاة يتلاعب شعرها تحت نور الشمس تجردها من ملابسها من دون رادع اخلاقي او انساني. ثم انا لم افهم لم انت مصر على اعطاء نظرة شمولية للغربيات باتهامك اياهن بالفجور!! واضحة محاولتك المستميتة لاضطهاد وقمع كل محاولة نسوية للخروج عن قيودك وعقليتك.
شخصيا لم ار الانتقال من الجدل حول منع الحجاب الى الجدل حول اخلاقية وسمو الحجاب سوى محاولة من الكاتب التعويض عن نقص الايمان لديه, فهو لم يكتف بالقول ان الحجاب نزل في سورة الاحزاب –وهذا ما سيفعله واعظ حكيم يتقي الله ويحترم الانسان لمجرد كونه انسانا بغض النظر عن طول شعره- بل صار يعطي تحليلات الاسلام برئ منها. وبرايي فان اسلوب تعاطيه مع الموضوع انما يدل على كيده هو لغير المحجبات.
واخيرا, ان كنت تهاجم فرنسا لانها تمنع الحجاب في فرنسا, فلماذا تمنعون انتم السافرات من دخول كليات الشريعة؟ ام ان الامور تقاس بمعايير مزدوجه؟ فان كنتم تحاربون العلمانية او اي فكر اخر وترونه انحلالا, فان فرنسا في هذه الحالة موجودة في حالة دفاع عن ثقافتها وهويتها, وليس كما تحاول انت ان تروج للامر كحرب على الاسلام.

باقة الغربية - فلسطين