حقوق الانسان



عودت ناجي الحمداني
2008 / 4 / 9

المرأة العراقية بين نار الأرهاب ونار الطائفية

تحتل المرأة مكانة متميزة في البلدان المتقدمة, وقد أعتبر كارل ماركس معيار تقدم أي مجتمع يقاس بمدى تقدم المرأة . فقد انخرطت المراة العراقية منذ عهد مبكر في النضال الوطني والديمقراطي وناضلت بجدارة في صفوف الحركة الوطنية العراقية, ولهذا فليس من الغريب ان تكون اول وزيرة على مستوى البلدان العربية امراة عراقية من الشيوعيات الباسلات الدكتوره نزيهة الدليمي.
وفي محاولة لتمرير الاجندة السياسية المعادية للمراة وقطع الطريق امام المراة التقدمية من الوصول الى البرلمان دفعت القوى الطائفية بعدد من النساء الجاهلات في سبيل تزييف ارادة المراة العراقية المطالبة بحقوقها االمدنية والاقتصادية وبحريتها الشخصية .
وتتعرض قضية حقوق المراة في ظل الظروف الراهنة الى انتكاسة كبيرة, فقد جرى مصادرة حقوق المراة التي حققتها في قانون الاحوال الشخصية رقم 88 لسنة 1959 .وتم تخفيض نسبة تمثيلها بالبرلمان من كثر من 25/ الى نسبة لا تتجاوز 25/ كحد اعلى, في الوقت الذي تتجاوزفيه نسبة المراة 61/ من نفوس المجتمع العراقي. وان الغالبية العظمى من المجتمع النسوي في العراق من المثقفات ومن حملة الشهادات الجامعية والمتعلمات والعاملات في المؤسسات الاقتصادية والتعليمية والصحية وفي مؤسسات الانتاج الاخرى , وبذلك جرى التعامل مع المراة ليس على اساس وزنها الاجتماعي ودورها المؤثر في تنمية المجتمع, وانما في سياق الفقه الديني الذي يعتبر المراة ناقصة عقل وناقصة دين. وغيرذلك من المفاهيم التي تسوقها القوى المتخلفة للطعن في شخصية المراة وتبرير مصادرة حقوقها وانتهاك حريتها وترسيخ تبعيتها للرجل. وبناءا على هذه المفاهيم التي سحقها تطور العلم و الحضارة وما اثبتته المراة من جدارة فائقة في المجتمع , فان البرلمان العراقي الذي يهيمن عليه الدجالين والمحجبات والمتاجرين بالوطنية والثورية اقر في المادة 140 وبعض المواد الاخرى قانون سلب حقوق المرأة واباح الحق للرجل في ضرب زوجته واهانتها وتأديبها وهجرها وتطليقها واعتقالها في سجون ما يسمى ببيوت الطاعة الزوجية, واعطىللرجل الحق في تعدد الزوجات , وحرم المراة من حقها في رعاية اولادها في حالة الطلاق ووفاة الزوج, وبذلك اصبح التمييز تجاه المراة وعدم مساواتها باخيها الرجل نهجا نافذا . و قد شجع هذا التوجه المعادي لحقوق المراة ومكتسباتها تحرك القوى الارهابية للأساءة الى المراة والترويج لمفاهيم تكفيرية للانقضاض عليها , مثل المراة عورة والمراة طريق جهنم والمراة رسول الشيطان, وغير ذلك من المفاهيم التي تحقر المراة وتجردها من انسانيتها واخلاقيتها .
فعلى مرآى ومسمع الحكومة التي تستمد تقييمها للمراة من المدارس الفكرية لولاية الفقية و ابن لادن , تذبح النساء وتقطع وتغتصب, ويتم اختطاف العشرات من خيرة بنات العراق دون ان تتخذ الحكومة المكفوفة التي تترنح تحت ثقل الازمات المركبة اية اجراءات رادعة تردع المجرمين وتوقفهم عند حدهم.
والى جانب ذلك تنشط بأسم الدين بعض القوى الموتورة من المتخلفين فكريا واجتماعيا ومن المعتوهين و المعقدين والمحبطين نفسيا في نشر المفاهيم الغريبة على مجتمعنا كتشريع زواج المسيار وزواج المتعة , وبموجب هذه الفتاوي يجري استغلال النساء و استباحة اجسادن بذريعة الزواج الوقتي ,واتخذت هذه الظاهرة منحى خطيرا يتسم بتجهيل المراة واغرائها للايقاع بها بادعات دينية عفى عليها الزمن منذ عدة قرون, ويؤدي ذلك عمليا الى تشجيع هؤلاء النسوة تحت ضغط الحاجة المعيشية الى المتاجرة باجسادهن كوسيلة للعيش وبالاضافة الى ذلك يجري الترويج و تشريع اغتصاب الاطفال من البنات بذريعة الزواج في سن السابعة او التاسعة من العمر. ان ذلك يعد جريمة لا تغتفر بحق المراة , ولا يمكن لاي انسان يتمتع بقوى عقلية سليمة ان يقبل هذة المفاهيم التي تتنافي مع حقوق الانسان الاولية , وتنشط على نطاق واسع بعض الفرق المنفلته في نشر الجهل والشعوذة في الاوساط النسوية وتخدير البسيطات منهن بالفكر الانتقامي لأستخدامهن بعمليات انتحارية واعمال اجرامية بحجة الجهاد وتنشط هذه الفرق في فرض الحجاب على النساء ومنعهن من ممارسة حقوقهن في اللباس والماكياج و الحلاقة و من ارتداء سراويل الجنز او الملابس التي لا تروق لهم . وتلجأ هذه الفرق الى ممارسة العنف الجسدي والدموي تجاه النساء اللاتي يرفضن الانسياق وراء شعوذة تلك الفرق الوافدة من الدول الاقليمية .
ان الحركة النسوية التي ناضلت بصلابة ويشهد لها التاريخ العراقي بالمواقف الوطنية من اجل الشعب والوطن ترفض ان تمثلها حفنة من النساء المعبآت بالفكر الطائفي اللاتي لا يدركن حقوقهن ولا يدركن طبيعة العصر و التطور الاجتماعي,ويؤدين دورا خطيرا يتمثل في تشكيل غطاءا اسود لتمرير الاجندة الطائفية في الالتفاف على حقوق المراة والحاق افدح الاضرار والاذي بحقوق المراة .
ان المراة العراقية التي تشكل اكثرية المجتمع العراقي تعاني من ثقل الازمات الاقتصادية والخدماتية والامنية التي تدك الدولة والمجتمع , كما ان السياسات الرجعية لقوى الاسلام الساسي التي تناصب العداء لحقوق المراة قد ساهمت في تعقيد الاوضاع التي تعيشها المراة وتثير التشاؤم في افاقها المستقبلية .
ان الاسلاميين يبنون مواقفهم تجاه المراة وحقوقها ودورها بالمجتمع بالاستناد الى الأرث الرجعي لثقافة القرون الوسطى التي تشكل المنظومة الفكرية لستراتيجيتهم . وبذلك تصبح سياساتهم تتناقض مع استحقاقات المرحلة الجديدة التي يعيشها العراق بعد سقوط الطاغية و تتناقض مع الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان.
ان المجتمع المدني المنشود يتطلب الاعتراف الكامل بحقوق المراة شكلا ومضمونا والاقرار بمساواتها الكاملة بالرجل ,خصوصا وان المراة بالعراق تؤلف اكثر من نصف نفوس المجتمع, وانه لمن الواجب الوطني الاعتراف بدور المراة وتضحياتها وبكفاحها الوطني من اجل العراق الديمقراطي والاستفادة من قدراتها العلمية في عملية اعادة البناء والاعمار الاقتصادي والاجتماعي. وان ذلك يتطلب بالضرورة اتخاذ عدد من الاجراءات التي تزيل الغبن والتمييز الذي لحق بحقوق المراة وهذا يتطلب :
1-الغاء الفقرة 140 من الدستور المتعلقة بالمراة لانها تكرس سلطة الرجل الظالمة على المراة .
2-اصدار قانون تقدمي للاحوال الشخصية يضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والشخصية للمراة.
3- اقرار قانون منع تعدد الزوجات الا في الحالات الاستثنائية .
4- اصدار التشريعات التي تعترف بمساواة المراة بالرجل في كافة الحقوق بما فيها الارث.
5- الاقرار بحق المراة بالطلاق والغاء كافة التشريعات التي تتعارض مع هذا الحق.
6- تحريم ضرب المراة أواهانتها وحمايتها من البدع والفتاوي التي تؤدي الى تجهيلها.
7- الاعتراف بحق المراة في ممارسة حريتها الاجتماعية والشخصية دون تدخل في شؤونها كفرض الحجاب والتدين القسري.
8 –حماية المراة من بطش العصابات الاجرامية التي تتستر بعبائة الدين كلجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكرالتي تمارس القتل والخطف والتجهيل تجاه المراة.
ان حل اشكالية حقوق المراة في أي مجتمع ترتبط بقضية الديمقراطية وثقافة المجتمع, فعندما تكون ثقافة المجتمع ثقافة القهر والعنف في ظل سلطة الاستبداد الديني سوف تضيع حقوق المراة وحقوق المجتمع.