الكونفرانس الذي جمع الاتجاهات المختلفة نقطة للانطلاق نحو الديمقراطية



مهاباد قره داغي
2008 / 4 / 11

كانت مبادرة جيدة في طريق تجسيد وتطبيق ركن مهم من أركان الديمقراطية ، تلك الدعوة التي وجهها نجيرفان بارزاني رئيس حكومة أقليم كوردستان والتي حملت في طياتها قرارين في آن واحد وأولهما تشكيل لجنة لتهيئة مشروع تعديل لقانون الاحوال الشخصية في كوردستان أما ثانيهما وهو أمتداد للأولى أقامة كونفرانس موسع لمناقشة ورقة العمل المعدة من قبل اللجنة المشار اليها في الاولى وإغنائها بما تقدم في الكونفرانس من مقترحات وآراء تصب في صالح المشروع خدمة لمسألة المساواة بين الرجل والمرأة في كوردستان .
دعوة رئيس الجكومة وجهت الى لفيف من المختصين في مجالات الحق والقانون والفقه والشريعة وكافة فروع العلوم الانسانية وكذلك ضمت الدعوة ممثلي منظمات المجتمع المدني ذوي العلاقة بموضوع القانون مع المختصين في مجال الفكر الانساني وهذا يعني أن اللجنة والكونفرانس تضم حملة كافة الايدلوجيات من أقصى اليمين الى أقصى اليسار وجغرافيا تضم ممثلي الاقليم بدئا من كفري وصولا الى زاخو ومن جهة الانتماء السياسي تضم ممثلي كافة الاحزاب في كوردستان .
يعتبر قانون الاحوال الشخصية من القوانين الهامة والمؤثرة حقا في بلد مثل العراق حيث له مساس مباشر بالانسان ( ذكرا وأنثى ) وما عانى من مشاكل صعبة في ظل نظام رجولي قاس وبالتالي فالصعوبة تبدوا كبيرة في مناقشة مثل هذه المسألة وخصوصا في منطقتنا التي يشترك شعبها مع شعوب المنطقة برمتها في مجتمع نام لا يفقه بعد فهم القانون وحقوق الانسان والمساواة والعدالة كما ينبغي وتعد هذه المسائل برمتها بدائية فيه كونه لم يمارسها بشكل فعلي كي يتقدم خطوات الى أمام ، وقانون الاحوال الشخصية في العراق قد سن قبل أكثر من نصف قرن وهو لا يتوافق بشكله الحالي نهائيا مع التطور الحاصل على المسائل المشار إليها بحيث باتت مسألة تعديله ضرب من الحتمية لكي يتسنى لنا السير في الركب الانساني الماض الى حيث ترسيخ تلك المبادئ والتي من دونها لا يطاق العيش في أي بلد يدعو الانطلاق نحو التطور والتغيير .
إذن ، أين تكمن أهمية الدعوة لاقامة مثل هذا الكونفرانس ؟
بدئا قلت في قراارة نفسي متسائلة ، أليست هذه الخطوة فرصة لنا جميع من يشارك في ذلك الكونفرانس لنمارس الديمقراطية التي ناشدناها جميعا ؟ الم نردد أبدا ونحن نتكلم عن الديمقراطية أن نقبل الرأي الآخر بصدر رحب ؟ أها حانت الفرصة التي يمكننا أثبات دعوتنا في هذا المجال الحيوي بشكل عملي ، أيا ترى هل تخرج هذه النخبة المثقفة معافية في هذا الامتحان الصعب ، كنت أتسائل مع نفسي كيف يمكن لأتجاهات متضادة ومتباعدة أن تجلس على مائدة مستديرة وتتداول في مسائل فيها الكثير من نقاط الخلاف بين تلك الاتجاهات ، أيا ترى كيف يتسنى لدعاة حقوق المرأة أن تناقش رجال الدين في مسائل مثيرة والهوة بينهما متباعدة ومتشابكة ومتضادة ، وهل تستمع رجال الدين لدعاة مساواة المرأة بالرجل بصدر رحب بعيدا عن التعصب والالتزام بالنصوص والشرائع التي تقف ضد ما تصبو لها الدعاة ، وبالمقابل كيف تحافظ دعاة المساواة وحقوق المرأة على حدود صبرها وهي تقف متقابلة مع من يقف في النقيض من أمالها وتطلعاتها ؟؟
في السابع والعشرين من شهر آذار المنصرم وتحت شعار ( مساواة الانسان في القانون أساس العدالة ) وبأشراف رئيس الحكومة شخصيا وفي قاعة شهداء الاول من شباط في رئاسة مجلس الوزراء دخلنا هذا لامتحان الصعب وأقولها بكل صدق أننا جميعا وضعنا أجوبة مقنعة الى حد ما وأيجابية الى درجة مقبولة لكل الالتسائلات السابقة .
فالى جانب إشتراكي في الكثير من المؤتمرات فقد أدرت الكثير من الكونفرانسات وقد أنجزت جميعها بشكل طبيعي ، غير أن إدارة مثل هذا الكونفرانس تعني من جملة ما تعني إدارة معضلة بذاتها ، لاان ما يجري من إنتهاكات ضد المرأة قد بلغت حدا شبيها ببلوغ السيل للزبى ، أدارة هذا الكونفرانس التي أنيطت بي لم تكن مسألة هينة بكل المقاييس ، ولكنها كانت تجربة مفيدة ومثمرة ، كنت أنيط أهمية قصوى لمسألة الاختلاف الكائن في المجاميع المختلفة على أن أكون ناجحة لهضم ما يطرح ضد ما أؤمن به دون أي أنزعاج وإمتعاض بحيث أخرج في النهاية راضية لأدائي دون أضمر حقدا وضغينة أزاء من يقف في النقيض من أفكاري وهذا ما تحقق لي وللآخرين .
فالكونفرانس والحقيقة يجب أن تقال كان أسمى من السمو ، لانه أنجز في جو يكتنفه اارأي ونقيضه وحوار حضاري عال المستوى ، فقد أستغرقت المناقشات الحارة ثمان ساعات متواصلة وقد أثمرت العديد من المقترحات المهمة المقرونة بالعديد من البراهين والادلة المقنعة التي صبت جميعا في خدمة الاصلاح الذي نتوخاه ، وفي النهاية تركنا القاعة وعلامة الرضا مرسومة على سيمائنا ، والدليل على ما طرحناه هو هذا النقاش والجدل الجار على قدم وساق على وسائل الاعلام المسموعة والمقروئة والمرئية حول موضوعة الكونفرانس ، ومن نتائجه أننا قدما مثلا رائعا في الممارسة الديمقراطية في كوردستان وهذا الاخير مكسب من المكاسب التي توصل عليها اقليم كوردستان ونتمنى أن تترسخ أكثر وأكثر كي نجد لنا محلا لائقا في المسيرة العالمية للمسارسة الديمقراطية .
فإختلاف الرأي مكسب كبير نتمكن أن نتعلم منها الكثير ، فهضم الأراء المختلفة لا تتم بالقول فقط ولا بالادعاء العار ، فالحوار السليم هو السبيل الأصلح الى بلوغ هدف حل المعضلات ، ففي الحوار يتسنى للمرأ أن يتعرف على سلوك المقابل من خلال الكلمة والبسمة والنية الصادقة التي ينبسها المقابل ، فاللسان هو مقياس العقد والحل ، عمر التشدد والتزمت لم ينتج حلا لمشكلة ما ، فالمهاتما غاندي يقول ( إن كنت أنت على حق فيمكن أن تسيطر على هدوئك ، ولكن إن كنت على باطل فيسيل التعصب والتشدد على لسانك ولا يمكنك إبلاغ ما تريد تبليغه ) .
في الكونفرانسات الاخرى التي انعقدت في كوردستان لم تكن الاتجاهات متقابلة ولا الآراء متضادة ، ولم يشأ أن أنعقد أجتماع ما والحضورفيه من حملة أقكار مختلفة الا قليلا ، ولكن في هذا لاجتماع الموسع أثبتت النتائج المثمرة من الاراء المختلفة أن آفاق الديمقراطية في كوردستان رحبة ، وعليه يتسنى لنا أن نسمي دعوة رئيس الحكومة بنقطة الانطلاق .