حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الديني.....31



محمد الحنفي
2008 / 4 / 14

إلى:
• الحوار المتمدن في جرأة طرحه للمواضيع الشائكة، والساخنة، التي تقف وراء حركة الفكر التي لا تنتهي.

• كل امرأة ناضلت من أجل إعادة النظر في القيم التي تكرس دونيتها.

• من أجل امرأة بمكانة رفيعة، وبقيم متطورة.

• من أجل كافة الحقوق الإنسانية لكافة النساء.

دور التقاليد العشائرية، والاجتماعية، في تحقيق فرض الحجاب:.....17

ووقوفنا على وحدة الشروط، وتعددها حسب الزمان، والمكان، وما ينتج عنها من وحدة المعرفة التقليدية، وتعددها، وما تؤدي إليه تلك المعرفة من ممارسة تقاليد معينة، منتجة لمفهوم معين للحجاب، نجد أنفسنا وجها لوجه مع السؤال المركب:

ما علاقة التقاليد بالمعرفة التقليدية؟

وهل هذه العلاقة واحدة؟

أم أنها تختلف باختلاف الشروط التاريخية، والموضوعية، المنتجة لحضور المعارف التقليدية المختلفة، في الممارسة المعرفية الفردية، والجماعية؟

إننا عندما نرتبط بالسؤال أعلاه، نرتبط بمكونين أساسيين:

المكون الأول: التقاليد باعتبارها ممارسة فردية، أو جماعية تقليدية.

والمكون الثاني: المعرفة التقليدية، باعتبارها ممارسة معرفية فردية، أو جماعية.

وكلا المكونين، يحيلاننا على الماضي من جهة، وعلى الواقع من جهة أخرى.

فالإحالة على الماضي، تحصل باعتباره مصدرا للتقاليد الممارسة في المجتمع المعني في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين. والإحالة على الواقع باعتباره صياغة تتم من منطلق إعادة إنتاج نفس الممارسات، التي عاشها العرب، والمسلمون في الزمن الماضي.

فمن خلال الماضي من جهة، ومن خلال الواقع من جهة أخرى، يتم نسج علاقة عضوية من جهة، وعلاقة احتواء من جهة أخرى.

فالعلاقة العضوية تفرض اعتبار التقاليد جزءا لا يتجزأ من المعرفة التقليدية، كما تفرض اعتبار المعرفة التقليدية جزءا لا يتجزأ من التقاليد.

وهذا النوع من العلاقة، يكون مطبوعا بالثبات، والتكرار، حتى وان اعتبرناه عضويا. والثبات، والتكرار، ينفيان عن تلك العلاقة كونها جدلية، لأن العلاقة الجدلية هي علاقة تفاعلية بين شيئين متناقضين، يتحولان إلى شيء جديد. والجديد لا يمكن أن يكون إلا تطورا في الاتجاه الصحيح.

أما علاقة الاحتواء، فتتمثل في كون المعرفة التقليدية تحتوي التقاليد عن طريق استهدافها بالمعرفة الدقيقة، كما تتمثل في كون التقاليد تصير وسيلة لاكتساب المعرفة الدقيقة بها.

وبناء على ذالك، فإن العلاقة بين التقاليد، والمعرفة التقليدية، تبقى في حدود العلاقة الهادفة إلى إعادة إنتاج المعرفة التقليدية من جهة، وإعادة إنتاج التقاليد من جهة أخرى، حتى يتم ضمان استمرار التقاليد، وضمان استمرار الاهتمام بالمعرفة التقليدية.

وانطلاقا من هذه العلاقة القائمة بين التقاليد، والمعرفة التقليدية، نجد أن العلاقة بين تقاليد الحجاب، والمعرفة التقليدية به، هي نفسها علاقة عضوية احتوائية، تتصف بالثبات، في عملية إعادة إنتاج تقاليد الحجاب من جهة، وإعادة إنتاج المعرفة التقليدية بالحجاب من جهة أخرى، من اجل ضمان استمرار تقاليد الحجاب، وضمان استمرار المعرفة التقليدية به، ليصير كل ذلك وسيلة لسيادة الرجل، ولتكريس دونية المرأة، ولممارسة سلطة الرجل على المرأة كامتداد لممارسة السلطة التقليدية على المجتمع ككل.

وعلاقة التقاليد بالمعرفة التقليدية ليست واحدة، إلا في طابعها العام، الذي يصير منطلقا لسطوة التقاليد، ولهيمنة المعرفة التقليدية على جميع المعارف الأخرى، ولاستحضار أهمية الاهتمام بها على جميع المستويات، وفي جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

وإذا تجوزنا هذا الطابع العام، فإننا سنجد أن علاقة التقاليد بالمعرفة التقليدية، تختلف باختلاف الأزمنة، والأمكنة، تبعا لاختلاف الشروط التاريخية، والموضوعية المتحكمة في التقاليد، وفي المعرفة التقليدية.

فعلاقة التقليد بالمعرفة التقليدية في العصور القديمة، تختلف عنها في العصور الوسطى، كما تختلف عنها في العصور الحديثة، وفي الحياة المعاصرة، على مستوى كل بلد من البلدان العربية، وفي باقي بلدان المسلمين. وهذا الاختلاف من زمن إلى زمن آخر، لا ينفي الاستمرار، كما لا ينفي الاهتمام. وقد جاء في القرآن ما يثبت ذلك، فقد قال الله: "انا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون"، وقال أيضا: "إنا وجدن آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مهتدون". والاقتداء، والاهتداء، لا يعنيان، في العمق، إلا إتباع آثار السلف، بعد معرفة تلك الآثار معرفة دقيقة، من أجل القيام بإعادة إنتاج نفس المسلكية الفردية، والجماعية، التي كان يقوم بها السلف، من أجل تأكيد الارتباط بالماضي، الذي صار يقف عتبة كأداء أمام أي تطور محتمل.

واختلاف علاقة التقاليد بالمعرفة التقليدية، من زمن إلى زمن آخر، وعلى مستوى البلد الواحد، لا ينفي اختلاف هذه العلاقة من بلد آخر، نظرا لاختلاف الخصائص المميزة لكل بلد على حدة، سواء تعلق الأمر بالخصائص الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو المدنية، أو السياسية؛ لأن اختلافا من هذا النوع، قائم بقوة الواقع، نظرا لاختلاف الشروط التاريخية، والموضوعية، من بلد إلى آخر، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

والإقرار بقيام هذا الاختلاف من بلد إلى آخر، يفرض علينا القول بأن العلاقة القائمة بين التقاليد، والمعرفة التقليدية في المغرب، ليست كما هي في الجزائر، وليست كما هي في تونس، وليست كما هي في ليبيا، أو مصر، او أي بلد عربي آخر، وليست كما هي في إيران، أو تركيا، أو باكستان، أو افغانستان، أو غيرها من بقية بلدان المسلمين.

غير أن هذا التعدد في العلاقة بين التقاليد، والمعرفة التقليدية، تبعا لاختلاف الأزمنة، والأمكنة، لا ينفي عمومية الوحدة: وحدة التقاليد، ووحدة المعرفة التقليدية، التي يستغلها مؤدلجو الدين الإسلامي، من أجل تصدير فتاواهم، إلى حيث يتواجد المسلمون في كل بقاع الأرض.

وإذا وجدنا الارتباط بتعدد علاقة التقاليد بالمرفة التقليدية حسب الزمان، والمكان، فإننا نجد أيضا أن علاقة تقاليد الحجاب بالمعرفة التقليدية بالحجاب، تختلف بدورها، تبعا لاختلاف الأزمنة، والأمكنة.

فعلاقة تقاليد الحجاب بالمعرفة التقليدية بالحجاب، تختلف من العصور القديمة، إلى العصور الوسطى، إلى العصور الحديثة، إلى الحياة المعاصرة. فهذه العلاقة ليست واحدة، تبعا لإختلاف الشروط المنتجة لتلك العلاقة من عصر إلى آخر، وفي كل بلد من البلدان العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

وتبعا لاختلاف علاقة تقاليد الحجاب بالمعرفة التقليدية بالحجاب حسب الأزمنة، نجد ان هذه العلاقة تختلف أيضا حسب الأمكنة، نظرا لإختلاف الشروط المنتجة لها.

فعلاقة تقاليد الحجاب بالمعرفة التقليدية للحجاب في المغرب، ليست كما هي في الجزائر، أو في تونس، أو في ليبيا، أو في مصر، أو في سوريا، أو في لبنان، أو في فلسطين المحتلة، أو في أي بلد عربي آخر، كما أنها ليست كما هي في أي بلد من باقي بلدان المسلمين، نظرا لاختلاف الشروط المنتجة لتلك العلاقة.

وهذا التعدد في علاقة الحجاب بالمعرفة التقليدية بالحجاب، لا ينفي وحدة هذه العلاقة على المستوى العام، بمرجعياتها الكبرى: الدينية، والتاريخية، والسياسية. التي يشتغل عليها مؤدلجو الدين الإسلامي، باعتبارهم أوصياء عليه، والفارضين لسلطته المكرسة لدونية المرأة، باعتبارها عورة، على وجه الكرة الأرضية.