حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الديني.....33



محمد الحنفي
2008 / 4 / 16

إلى:
• الحوار المتمدن في جرأة طرحه للمواضيع الشائكة، والساخنة، التي تقف وراء حركة الفكر التي لا تنتهي.

• كل امرأة ناضلت من أجل إعادة النظر في القيم التي تكرس دونيتها.

• من أجل امرأة بمكانة رفيعة، وبقيم متطورة.

• من أجل كافة الحقوق الإنسانية لكافة النساء.

دور التقاليد العشائرية، والاجتماعية، في تحقيق فرض الحجاب:.....19

فإحياء التقاليد الاقتصادية، اذن، يهدف إلى ربط الحاضر بالماضي، وجعله مجرد نسخة مطابقة له، ومن أجل أن يستمر ذلك الماضي في مستوياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في بنيات الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

ب ـ إحياء التقاليد الإجتماعية في مجالات التعليم، والصحة، والسكن، والشغل، والترفيه ..الخ .

فعلى مستوى الإجتماع، نجد أن المعارف التقليدية تعمل على إحياء كل ما كان يمارس قديما في مختلف المناسبات الدينية، والإجتماعية، وفي المعاملات اليومية بين البشر، حتى يتأتى استنساخ الماضي في النسيج الإجتماعي الحاضر، الذي يصير الهاجس الحاضر فيه: هو كيف تصير ماضويا، حتى تكتسب شرعية الوجود.

وعلى مستوى التعليم، نجد أن المعارف التقليدية تفرض التمسك بانماط التعليم التقليدية على مستوى المناهج وعلى مستوى الطرق، وعلى مستوى الأهداف، ومن أجل ان يصير الإنتاج التعليمي في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، وسيلة لجعل الماضي حاضرا فينا.

وعلى مستوى الصحة، نجد أن جمود المعرفة التقليدية، تدفع في اتجاه التنكر للعلاج من مختلف الأمراض، وبكل الوسائل الحديثة، بما فيهاالتنكر للطب الحديث، الذي يعمل على استئصال مختلف الأمراض الاجتماعية. وفي مقابل التنكر للعلاج العصري، يعمل جمود المعارف التقليدية على الدفع بالبشر في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، إلى جعل العلاج التقليدي، وبالطرق التقليدية المعروفة في القدم، معتمدة بينهم، أان لا يطلبوا غيره، وكأن المجتمع لم يتطور أبدا.

وعلى مستوى السكن، فجمود المعارف التقليدية تجعل الناس يسعون إلى أشكال من السكن الاجتماعي، بمرجعية ما كان عليه السكن في الماضي، حتى يتناسب مع قيم الماضي، التي يسمونها القيم الإسلامية، التي تلعب دورا كبيرا، وأساسيا، في الانصراف على مستوى الفكر، والوجدان، إلى الزمن الماضي، لأن شكل السكن القائم في المدن، وفي القرى، يبين إلى أي حد يستحضر المعماريون طبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع:

وهل هي علاقات تقليدية؟

أو علاقات عصرية؟

وما دمنا في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، نبتلى بجمود المعرفة التقليدية، فإن استحضارنا لذلك الجمود / المثال، يفرض أن نستحضر:

كيف كان يسكن القدماء؟

وكيف يكون السكن في خدمة ترسيخ العلاقات التقليدية؟

وكيف يحضر الزمن الماضي من خلال إعداد السكن، ومن خلال المعاملة في نفس الوقت؟

وعلى مستوى الشغل، فجمود المعرفة التقليدية يدفع في اتجاه التماس كل اشكال المهن، والحرف، التي ترتبط بالماضي السحيق، حتى يستدر دخلا معينا من ذلك العمل، بشرط أن يتناسب مع قيم الماضي، ومع المسلكيات الفردية، والجماعية الماضوية، التي تكتسب شرعية الإنتماء إلى الواقع في تجلياته الماضوية المختلفة.

ج ـ إحياء التقاليد الثقافية، التي تكرس جمود المعارف التقليدية الثقافية، المؤدية إلى جمود القيم الثقافية الماضوية، التي تلتصق بالمسلكية الفردية، والجماعية. وهذا الالتصاق يجعل الواقع الثاقفي نسخة مكرورة من الماضي، وأملا في اعادة استعادة ذلك الماضي السحيق، الذي يحول الواقع إلى نسخة طبق الأصل منه، الأمر الذي يجعل منه واقعا ثقافيا جامدا، تبعا لجمود المعارف التقليدية.

ونظرا لأن المعارف التقليدية الثقافية ماضوية، وأن هذه المعارف الثقافية الماضوية تنتمي إلى مراحل تاريخية مختلفة، وغلى بلدان مختلفة، فإن جمود الواقع الثقافي، يختلف باختلاف المرجعيات الثقافية الماضوية.

وبناء على الاختلاف المذكور، نجد أن جمود الواقع في المغر،ب يختلف عنه في الجزائر، ويختلف عنه في تونس، ويختلف عنه في السعودية…وهكذا. وهو مايقدم أمام الأجيال الصاعدة جمودا عقائديا مختلفا، وجمودا قيميا ثقافيا مختلفا أيضا، من بلد إلى آخر.

وتلعب الأنظمة المختلفة، ومعها التوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، دورا كبيرا، وأساسيا، ومهما، في تكريس الجمود القيمي، وفي رعايته، وفي تعميقه في الزمان، والمكان، وفي العام، والخاص، سعيا إلى الحيلولة دون حدوث حركة في القيم الثقافية السائدة في كل بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين، ضمانا لتأبيد الاستبداد القائم، أو سعيا إلى فرض استبداد بديل.

فجمود المعارف التقليدية الثقافية، إذن، يعتبر مسألة أساسية في جمود القيم الثقافية على أرض الواقع، في كل بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين.

د ـ إحياء تقاليد نظم الحكم، التي كانت قائمة في الزمن الماضي، انطلاقا من المعرفة التقليدية / السياسية، التي تحيلنا على ما كان سائدا من نظم الحكم في الزمن الماضي، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، حتى تصير النظم السياسية القائمة على أساس سيادة المعرفة التقليدية، نظما جامدة، لا تتطور أبدا، حتى تصير معبرة عن الجمود القائم في الواقع.

وهذه النظم الجامدة، القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين باعتبارها انظمة تابعة، وباعتبارها أنظمة تاريخية قائمة في الواقع، وباعتبارها أنظمة تقليدية جامدة، فإنها تسعى إلى:

1) إحياء المعارف التقليدية الجامدة بصفة عامة، والمعارف التقليدية السياسية بصفة خاصة، من أجل إيجاد المبررات الداعية إلى تكريس شرعية قيامها، وشرعية سيطرتها على الشعوب العربية، وباقي شعوب المسلمين.

2) اعتبار المعارف التقليدية مصدرا لشرعية سيطرتها، لإيجاد الأسس التي تقيم عليها استبدادها، من أجل نفي كل من يحرص على نبذ ذلك الاستبداد، الذي يتخذ طابعا ماديا، ومعنويا، في نفس الوقت.

3) اعتبار أنظمة الحكم، التي كانت قائمة في الأزمنة الماضية، أنظمة يقتدى بها على مستوى الطبيعة، وعلى مستوى الواقع، وعلى مستوى المرجعية، وعلى مستوى الأهداف، حتى تعتبر الأنظمة القائمة نفسها امتدادا لأنظمة الحكم التاريخية.

4) الاستناد في الحكم إلى المرجعية الدينية، من أجل إعطاء الشرعية لما تقوم به في حق الشعوب في اللابد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

5) تاويل النص الديني على هوى كل نظام على حدة، من أجل أن يكتسب الشرعية الدينية، التي تصير شرعية سياسية، ويصير بسببها كل ما تقوم به الأنظمة الاستبدادية الجامدة شرعيا.

6) تجييش المدعين لإمتلاك المعارف التقليدية الدينية، التي تصير، بحكم الممارسة اليومية، معارف تقليدية سياسية، من أجل أن يقوم المجيشون بدورهم كاملا في اتجاهين:

الاتجاه الأول: تعميق الاهتمام بالمعارف التقليدية / الدينية / السياسية، حتى ينشغل معظم الناس بتلك المعارف، ومن أجل نفي المعارف العصرية.

الاتجاه الثاني: اعتماد تلك المعرفة التقليدية / الدينية / السياسية، لإقناع الناس بشرعية الأنظمة القائمة، ضمانا لاستمرارها، وتأبيدا لاستبدادها.

7) دعم التنظيمات المؤدلجة للدين الإسلامي، نظرا لدورها في محاربة الفكر التنويري، وللحيلولة دون قيام ممارسة ديمقراطة معينة، مهما كان نوعها، ولعدائها المطلق للاشتراكية، والاشتراكيين، ولسعيها إلى تأبيد الاستبداد القائم، أو العمل على فرض استبداد بديل، أكثر استغراقا في الماضوية.

8) توظيف تلك التنظيمات، ودعمها ماديا، ومعنويا، من أجل القيام بدورها في تضليل الكادحين، وتجييشهم على جميع المستويات، حتى يصيروا مساهمين بشكل كبير في تأبيد الاستبداد القائم، وفي القبول بشرعيته في مختلف البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

فإحياء نظم الحكم، انطلاقا من سيادة المعرفة التقليدية / الدينية / السياسية، يعتبر مسألة أساسية بالنسبة للأنظمة التقليدية القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين؛ لأن ذلك الإحياء، يضمن اكتساب شرعية الوجود والإستمرار.