المرأة والحرية



سميرة الوردي
2008 / 4 / 17

كم جميل ورائع هذا العنوان ، وكم رائجة سوقه في أيامنا هذه ، الأيام التي نفتقد فيها أبسط مقومات الحرية ، حوار جميل وسلس في برنامج مساواة على فضائية ( الحرة ) ولكنه يفتقد الى الواقعية والصدق وبالرغم إقتصاره على المرأة الخليجية ومخاوفها الا أنه يشمل في الواقع كل النساء العربيات عموما ، إلا أن ما يميز المرأة الخليجية عن غيرها هو سعة الحرية للمتميزات على تولي مهام ومناصب إدارية ، قد تكون طبيعة المجتمع الخليجي الآمن طرفا في صنعه ، وبالرغم من عرض المساحة المسموح بها لإبداعهن وتميزهن الا أنهن ما زلن أسيرات لقيم وتقاليد يساهمن هن في خلقها ، بالإضافة لمحدودية مساحة الحرية المباحة ، وهو أمر جدا معقد وجوهري في حياتنا ، فما زال الحجاب من القدسيات التي لا يمكن المساس به بالرغم من تنوع الأجناس التي تعيش في هذا المجتمع وممارستهم لحياتهم كما يرغبون ، فالمرأة الأوربية ترتاد شواطئ البحار تستمتع بجمال الطبيعة بكل تجلياتها ولا تجرأ المرأة الخليجية أن تمارس رياضة السباحة الا عبر أندية مخصصة للنساء فقط .
إن المرأة الخليجية وبالرغم من عدم فوزها في صناديق الإقتراع إلا أن وضعها وظروفها أفضل من وضع المرأة في باقي الدول العربية ، فالمرأة العربية تعاني من الإضطهاد المزدوج ، بالإضافة لقسوة الحياة الإقتصادية والتعليمية والمهنية والصحية فهي أسيرة الخوف مما جرته وتجره الحروب التي تعيشها يوميا .
مجتمعات لا تخلو من نساء تبوأن فيها أعلا مراتب العلم والثقافة ولكنهن في دول أسيرة لآراء فقهاء ومفكريين يحيوون في القرون الوسطى ، ما أن تبدي رأيا في حجاب أو في مطالبة بفك أسرها واعطاءها مساحة من الحرية إسوة بزميلها الرجل حتى يكفروها ويرجموها وتقوم عليها قيامة لا قعود بعدها .
أما في العراق وفلسطين ويبدو أن لبنان لحقت بالبلدين فالحروب والعنف ولدَّ لديها حزنا أبديا لافكاك منه ، وما يخصنا هو العراق ذلك النزيف الأبدي ، ما أن تكتشف مقبرة جماعية في المحمودية ، حتى ترفدها أُخرى في المقدادية وكأن المقابر الجماعية أصبحت متوالية هندسية لا نهاية لها وكأن حظ العراقيين أن يولدوا في الموت ويموتوا في الموت ،أي خوف أكثر رعبا مما تحياه امرأة تحت قصف المدافع والعبوات الناسفة والرصاص الهادف والطائش والأحزمة الناسفة في المآتم ، أي حرية لإمرأة تلتمس مكانا آمنا ولا تجده ، وأي أمن واستقرار في بلاد زرعت بالألغام وفي كل يوم يعثر فيها على مصانع تفخيخ وأكداس أسلحة وأطنان ديناميت والخ ، أي مخاوف نفسية يمكن دراستها لمثل هذه الظروف ، هل هي مخاوف تحتاج الى التحليلات الفرويدية .
أحكم قرار هو منع المليشيات ونزع السلاح ، وعلى الدولة أن لاتقتصر ولا تقصر في نزع السلاح الثقيل والمتوسط بل أن تجرد الجميع من كل أنواع الأسلحة ، التي أصبحت لعبة في يد المجرمين والقتلة ، والمطلوب اللا مداراة لهذا العضو أو ذاك ممن أُدين أو عرف بتواطئه .
لبناء أي مجتمع لابد من السلام ولا سلام مع سلاح بيد من هب ودب ، ولا نمو لعلم أو حياة من غير استقرار وأمن .
أمراض نفسية شتى رافقت المرأة منذ فجر أنسنة الإنسان وإرتقائه سلم التحضر ، فهو صراع أبدي منذ أن استولى الرجل على مقاليد الأمور وانتقال المجتمع الى العائلة الأبوية ( البطريركية ) ، التي أصبح الأمر بيد رجال القبيلة يأمرون وينهون وما على النسوة سوى الإذعان ولمن تخرج عن طوعهم فالموت لها . وهذا ما حدث ويحدث في مجتمعنا .
قد يكون المجتمع العراقي أكثر المجتمعات العربية تحررا في خمسينيات القرن الماضي وما بعده فقد كان للمرأة وجود ولو خجول في المحافل الفنية والأدبية والثقافية والسياسية ، وقد تكون هذه السمات من بقايا المجتمع الرافديني ، والذي كان يتميزبترسيخ القيم الأمومية، حتى معابده كانت تسمى باسماء آلهة إناث ، أما اليوم فيكاد ينعدم وجودها في مثل هذه المحافل ، فمن خلال الأخبار على شاشات التلفزة يندر مشاركة المرأة في هذه المحافل وحتى في المظاهرات القليلة التي تعرض في هذا البلد العربي أو ذاك فالمرأة لا تشكل أي نسبة فيها ، وبالرغم من كل هذا الحجر فالإرهابيون والمتعصبون ، لم يعفوها من القتل والخنق والإغتصاب والتشريد . وأي مجتمع ينمو ويزدهر والمرأة لا تشارك فيه مشاركة فعلية في كل جوانبه الحياتية دون تمييز أو عزل .
لايمكن عزل موضوعة حرية المراة عما يدور في البناء العلوي للمجتمع فمسؤولية المرأة والدفاع عن حقوقها يجب أن تكون من أولويات أي دولة تتبنى الديمقراطية منهجا في الحياة السياسية ، ففي الخطاب السياسي يجب أن يُعطى أهمية لموضوعة المراة وسن القوانين المنصفة بحقها والدفاع عن حقوقها وبما أننا ما زلنا في مرحلة بناء ، فقضية المرأة واحترام حقوقها وصيانة حياتها لا تقل أهمية عن الإرتقاء الأمني والإقتصادي والعلمي .