أهينت المرأة العراقية فمن يردّ لها الاعتبار؟



ابراهيم زيدان
2008 / 4 / 20

يوم اعلنت وزارة المالية زيادة رواتب موظفي الدولة بموجب السلم الجديد مشيرةً الى أن المخصصات الزوجية التي طال انتظارها. هي أربعون الف دينار، علّقَ أحد الخبثاء قائلاً: انتظرنا هذه المخصصات طيلة السنوات الماضية وها هي اليوم تصلنا واذا بها تساوي قنينتي غاز وقد تساوي قنينة غاز ونصف في بعض المناطق عند اشتداد الأزمة!
ومن حق الزوجات من ربات البيوت اليوم أن يخرجنَ بتظاهرة كبيرة تطالب بتجسيد احترام الدولة للمرأة العراقية التي تفرغت لخدمة عائلتها وتربية اولادها كواجب أهم من الوظيفة في الدولة، فانّ هذه المخصصات لا تليق بمكانة المرأة في الاسلام أولاً ولا في الدستور العراقي ثانياً، بل تعبّر عن اهانة حقيقية لها وهي التي صبرت وتحملت الكثير من الضيم والأذى طيلة العقود الماضية واذا بالحكومة الحالية تكرّمها بهذه الكيفية المهينة..
ولا نستغرب مقدار هذا المبلغ المضحك الذي لا يسد جزءًا من نفقات المرأة العراقية، فممثلتها في مجلس النواب لا تهش ولا تنش وبلا دور حقيقي يذكر باعتراف معظم عضوات المجلس اللائي أكدنَ تهميش دور المرأة، حتى أن منصب وزيرة المرأة جاء لارضاء هذا الطرف أو ذاك وليس عن قناعة أو تأكيداً بأن المرأة نصف المجتمع. ولذلك اصبحت هذه الوزارة مجرد قطعة ديكور في الصالون الحكومي الذي تحول في العراق الجديد الى حلبة صراع بين ممثلي الاحزاب والكيانات السياسية التي جعلت التغيير غنيمة من الغنائم الواجب الاستئثار بها، فان الفرصة قد لا تأتي مرة أخرى و(ضياع الفرصة غصة) كما يقول الامام عليه عليه السلام.
لقد أهينت المرأة العراقية اكثر من مرة، واليوم تصورنا أن وجودها في مجلس النواب والحكومة سيرد لها الاعتبار المفقود، ولكن هذا لم يحصل بدليل أن من تربّعنَ على كراسي البرلمان أو الحكومة لم يصدر عنهنّ أو عن أية واحدة منهن أي احتجاج يؤكد على هذه المخصصات التي سميت(مخصصات زوجية)، لأن الامر لا يعنيهنّ ما دامت جيوبهنّ عامرة بملايين الدنانير (اللهمّ لا حسد) وعلى قول المثل (البطون الملأى لا تشعر بجوع الآخرين)، ولو كانت كل عضوة في مجلس النواب ممثلة حقيقية للمرأة العراقية لانتفضت امام هذه الاهانة، ولكنها كبقية اعضاء مجلس النواب من الذكور لا تمثل سوى كتلتها التي اوصلتها الى هذا المنصب. فلا تدين بالولاء الاّ للجهة السياسية هذه عدا قلة قليلة لا تمثل أي تأثير يذكر أمام المجموع العام..
ويبدو أن الحكومة عازمة ان تجعل العام الجديد 2008 عام التظاهرات والاحتجاجات على الكثير من قراراتها التي تصدر في اغلب الاحيان دون دراسة كافية للواقع، فمعظم اصحاب القرار والذين يبدون المشورة لم يعيشوا وسط الشعب العراقي في السنوات الماضية، والذين عاشوا دون تأثير، لأن الاغلبية المتنفذة لم تشارك العراقيين في طبق الحصة التموينية الذي سيشطب من حياتهم التي ستكون اكثر سواداً من ذي قبل، فالأمير ما عاد يكترث لأمر الرعية التي سيحاسب عليها يوم القيامة..فهل يقُدنَ نساء العراق في مجلس النواب الحكومة تظاهرة نسائية عارمة تحتجّ على هذه الاهانة برد الاعتبار لهنّ؟. لا أظن ذلك.