حياة الحيوانات اكثر أهمية من حياة نساء الشرق الأوسط الكبير



وجيهة الحويدر
2008 / 4 / 20

الرابط ادناه مقطع فيديو لفتاة عراقية رُجمت في العام الماضي حتى الموت في مكان عام. انصح ان لا يطـّلع عليه من كان يحمل في احشائه قلباً ضعيفاً، او حساً رهيفاً، او كثير من الإنسانية.
http://leilamagazine17.blogspot.com/2008/02/blog-post_6785.html

..................................................

في مثل هذا الشهر قبل عام وبالتحديد في السابع من ابريل، فتاة عراقية اسمها "دعاء خليل اسود"، عمرها سبعة عشر عاماً، احبت شاباً من طائفة اخرى، فمسّت بفعلتها تلك "شرف" ذكور طائفتها، مما جعل جنونهم يتأجج كنيران جهنم الملتهبة، وفحولتهم تتفاقم كالأورام المتقرحة، وعقولهم تـُصاب بسعار "الشرف" القميئ. صاروا كالمعتوهين، لم يهدأ لهم بال، ولم تقر لهم عين، مما ادى بهم ذلك الأمر الى الاسراع بتخفيف آلام نفوسهم المريضة، فأفرزوا حُكماً على المسكينة "دعاء" بمفارقة الحياة، ومن ثم قرروا ان يتم تنفيذ الحكم بأبشع صورة، وذلك برجمها حتى الموت في احدى الاماكن العامة... قتلوها بمنتهى الوحشية والانحطاط.

"دعاء خليل اسود" ضحية من ضحايا جنون الذكور المتوحشة والمسمى "بالشرف". وباء منتشر في طول الشرق الأوسط الكبير وعرضه، او بالأحرى الشرق الأوسخ الكبير، حيث حصل على ذلك اللقب بكل جدارة في جميع المجالات، خاصة في تعامله مع شؤون المرأة. من باكستان وافغانستان ومرورا بإيران وعبورا بتركيا والشرق الأوسط وحتى أطراف المغرب، كل الذكور المهزومين والمتآكلين على انفسهم في تلك المنطقة من العالم، لا يجدون سُبلاً لتحقيق اي نصر لذواتهم، سوى بتسديد ضربات قاتلة ومميتة لنسائهم.


هؤلاء الذكور البشعين الذين ظهروا في يوم مقتل "دعاء" جميعهم قتلة بإصرار وتعمد، جميعهم تربوا على الاعتقاد ان حياة الأناث رهن اشارتهم، ولذلك تزاحموا على رجم "دعاء" وتقاتلوا على تصويرها وهي تلفظ انفاسها الأخيرة. ذكور مستفحلة تراكضوا على الفتك بفتاة قاصر لم تقترف ذنباً ولم تؤذي احداً، حيث حمل كل واحد منهم صخرة في يده ورمى بها عليها، هشـّموا رأسها الغض بكل فخر واعتزاز، وسالت دمائها اليافعة، وهي ملقية على الأرض معدمة مسكينة، لم تمتلك أي شيء أو أي وسيلة لتدافع بها عن نفسها. لم يكتفوا بقتلها بل مثـّلوا بجسدها الفتي حتى بعد ان تحولت الى جثة هامدة، ظلوا يركلونها بأحذيتهم، ويرمون صخورا اكثر عليها، ومن ثم هللوا وكبـّروا وكأنهم حققوا انتصارا في معركة حاسمة. لم يرّق قلب واحد منهم عليها، ولم يرّف جفن من اجلها، ولم ينطّق لسان بالدفاع عنها، كلهم صاروا كالصخور التي يرمونها بها، جامدون بدون رحمة. لو كانت "دعاء" حيواناً لشعر احد بها، وحاول ان يخلّصها من هؤلاء الذكور عديمي الانسانية. لكنها امرأة، والمرأة في هذا الشرق الأوسخ الكبير، قيمة روحها اقل بكثير من قيمة روح الحيوان.في عرف الشرق "الشرف" ارتبط فقط بسلوك الإناث، فتحولن الاناث الى اهداف سهلة للذكور، من اجل أن يستردوا الذكور رجولتهم المتأزمة من خلال الفتك بهن.

"دعاء" ضحية نساء ورجال، "دعاء" ضحية مجتمع بكامله، حيث تغذت روح عدائية في الذكور وكبرت كمارد مختل العقل، جعلهم يشعرون أن اناث اسرهم احدى مقتنياتهم، ولهم حق التصرف بهن كيمفا يشاؤون. ليس مهماً ان كان الذكر مسلما او غير مسلم، ليس مهماً ان كان عربياً او غير عربي، ليس مهماً ان كان غنياً او فقيراً، ليس مهماً ان كان متعلماً او جاهلاً، ليس مهمأ ان كان صغيراً او كبيرأ، ليس مهماً ان كان متغرباً او مقيماً، طالما نشأ في تلك المنطقة الموبوءة بسقم "الشرف"، او أن جذوره تمتد منها. الذكر الذي له صلة بالشرق الأوسخ الكبير، ثمة احتمال كبير انه سيتحول في يوم ما الى وحش كاسر، خاصة اذا نشأ على ان جسد المرأة وحياتها الخاصة لهما علاقة بشرفه وشرف اسرته وقبيلته وعشيرته وأمته وملته وكل جدوده المندثرين منذ آلاف السنين.

بدون ادنى شك ان كل الذين يؤمنون ان الشرف يعني جسد انثى، فهم يُعـَتبرون من القتلة غير الناشطين بعد، وسيقتلون امرأة في يوم ما اذا ما تحركت مشاعر "الشرف" المفتعل في خلجاتهم السقيمة. بدون ادنى شك أن كل الذين يوافقون ان للذكر الحق في ان يـُزهق روح انثى، او ان يسبب لها ضرراً جسدياً من اجل "الشرف"، فهم سفاحين مع وقف التنفيذ. بدون ادنى شك أن كل الذين يعتقدون ان للرجل حقوق اكثر من المرأة، ويربون اولادهم على ذلك، فهم ممن يُعدون ذكورا لقتل "دعاء" اخرى في مكان آخر. بدون ادنى شك أن كل من يؤمنون أن من حقهم ضرب الانثى من اجل تأديبها وتعديل سلوكها، فهم مشاريع عدوانية، ومؤهلين ان يتورطوا في ايذاء انثى أو قتلها. بدون ادنى شك أن كل صاحب قرار سنّ قانون عقوبات مخفف لقتلة الاناث من اجل "الشرف"، فإنه قد ساهم بشكل مباشر في قتل الضحايا، وبالتأكيد انه من الفتاكين، ويديه ملوثة بدماء "دعاء" وبدماء غيرها. بدون ادنى شك أن جميع الحكومات التى تميـّز بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وتتستر على قتلة "الشرف"، وتـُعطي سلطة كاملة أو سلطة اكبر للرجل ليتحكم في حياة المرأة، فرجال هذه الحكومات من ضمن المتواطئين مع مرتكبي جرائم "الشرف" البشعة، وبالتأكيد تُعد تلك الحكومات عدوانية، لأنها تعزز الاعتداء على أكثر نصف المجتمع، النساء وبناتهن، وتتعاطف وتتعاون مع سفاكي دمائهن.

في الذكرى السنوية الأولى لرجم الفتاة العراقية البريئة "دعاء خليل اسود" والتى قٌتلت بدم بارد، وبحماس فحولي منحط امام العيان، أقول طوبى لكًن يا نساء الشرق الأوسخ الكبير، نجحتن بتربية وحوش تنهش في لحومكن، وتتلذذ بإهدار دمائكن ودماء بناتكن. طوبى لكًن ببلدان وحكومات تعطي قدرا واهمية لحياة الحيوانات، اكبر من القدر الذي تعطيه لحياتكن وحياة بناتكن. طوبى لكّن يا نساء ولدفاعكن عن ذكوركن المتوحشة، ومناصرتكن لهم في قضاياهم السياسية، ومجاراتكن لتحركاتهم وحروبهم الفاشلة، وترديدكن لفكرهم العدائي الذي يبيح اهانتكن وضربكن. طوبى لكّن خلقتـّن جلادين جعلوا منكن ضحايا لهم، ناصروتهم وساندتوهم، وانتن تعلمن جيدا ان الكثير منهم لا يعدونكن سوى مخلوقاً بلا قيمة وجـِدَ لإمتاعهم. طوبى لكَن يا نساء بهؤلاء الذكور منزوعي الإنسانية، فالكثير منهم يتعطشون لسفك دمائكن ودماء بناتكن، حالما تـدق في رؤوسهم المتحجرة طبول الانتقام "لشرفهم" المبتذل العفن.