حقوق المرأة والقيادات العليا



اميرة بيت شموئيل
2004 / 1 / 15

كل مشكلة تطال المجتمع المتخلف او اية شريحة من شرائحه، تتحمل النساء فيها اكبر نصيب من الخسارة، لان الظلم يقع عليهن مرتان، بسبب انوثتهن ( الضعف الجسدي).  طبعا ليس هنالك اي قانون انساني او شريعة الهية يقر هذه القاعدة بحق المرأة في هذه المجتمعات، ولكنها قوانين الغاب ( القوي يأكل الضعيف)، التي تتعشعش في النفوس الدكتاتورية الحاكمة، رغم مرور الاف السنين على وجود الانسان على الارض، ودور الملايين من العلماء والانبياء والعقلاء لتثقيف البشر وحملهم على التزام الاسلوب الانساني المتطور تجاه بعضهم البعض.

اليوم، ومع ازدياد مناصري العلاقات الانسانية وقيام منظمات عالمية بتبني وتفعيل القوانين الانسانية الدولية لخدمة السلام في العالم، كالامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان، يقوم الفاشيون ايضا بتطوير اساليبهم الغابية لتتماشى مع متطلبات العصر الحديث، حيث ترديد البنود والقوانين الانسانية وتثبيتها في لوائحهم فقط، في الوقت الذي يطبقوا قوانين الغاب على الاخرين.

من المؤسف حقا، وبعد كل هذه التضحيات الجسام التي قدمتها المرأة العراقية ، ان تبقى قضية المرأة وضرورة افساح المجال لها لتأدية دورها الحقيقي في تطور المجتمع، معلقة في البنود الحزبية ولوائح القوانين والدستور العراقي، دون ان يسارع المسؤولون بتفعيلها على ارض الواقع.

كلنا يعلم ان الحروب، الداخلية والخارجية، التي خاضها النظام المجرم، طالت المجتمع ككل، لان ارض المعركة التي اختارها هؤلاء الغابيون، كانت المجتمع. القاذفات والصواريخ كانت تطال الجميع، والتمشيط والتهجير والقتل والتعذيب والانفال والمقابر الجماعية، طالت الجميع ايضا،  نساءا ورجالا، اطفالا وشيوخا. فإذا اسلمنا بضرورة تأهيل الاطفال ليتسلموا المسؤولية البنائية مستقبلا وليس اليوم، فما الذي نسلم به في حالة ابعاد النساء عن تأدية دورهن في خدمة المجتمع؟؟.

الحقيقة ان ظاهرة ضعف الفهم الحاصل حول قضية المرأة يطغي على الكثير في مجتمعنا العراقي بكافة طوائفه.  قبل فترة سقوط الصنم الصدامي، سألت احد المسؤولين الحزبيين الاشوريين حول سبب عدم ترشيحه لامرأة في الوفد الاشوري المشارك في مؤتمر لندن، فكان رده :" لقد اردنا ان يكون وضعنا اكثر جدية"!!! وكأنما مشاركة المرأة الاشورية في المؤتمر يقلب الاوضاع الى سخرية. ومن جانب اخر افاد مسؤول سياسي اخر وهو اليوم يشغل منصب راقي :"أن قضية المرأة وحقوقها، تخص المرأة وحدها وعليها يقع وزر عملية تفعيل هذه القضية"!!!.

عملية تفعيل قضية المرأة وضرورة مساهمتها في عملية البناء تأتي من اجل بنيان افضل للمجتمع بشكل عام وليس للمرأة وحدها، ويجب ان تكون هذه العملية بالمناصفة ايضا، وان تقع على المرأة والرجل على حد سواء، لان نتائجها تعود بالخير على المجتمع ككل ، اي المرأة والرجل، كما يجب ان تتبناها القيادات العليا وبشكل واضح وقطعي . واذا افترضنا ان مجلس الحكم يعتبر احد القيادة العليا في العراق الجديد حاليا، فعملية تفعيل قضية المرأة تقع على عاتق اعضاءه جميعا، ويأتي اي تراجع او تقدم في هذا المضمار اشارة الى مدى جديتهم ومصداقية دعوتهم لخدمة المجتمع الجديد بالشكل المطلوب.  

اول خطأ وقع فيه مجلس الحكم هو الحضور الشحيح للمرأة ( 3 نساء الى جانب 22 رجال)، والخطأ الثاني عدم افساح المجال حتى امام هذا العدد الشحيح ليشارك في عملية البناء،. فكيف  سيتسنى للمجلس العمل بقرارات حقوق المرأة ومطاليبها الانسانية العادلة، في الوقت الذي يتم تجاهلها خلف جدرانه ؟.

يخطأ من لايربط جميع القضايا العراقية المتعلقة ببعضها، فحقوق القوميات والاديان والعامل والفلاح والمرأة والطفل، كلها قضايا متساوية الاهمية، وتدخل في اطار القضايا الانسانية، التي ينتظر من جميع المسؤوليين في القيادات العليا اولا اتخاذ موقف صريح وواضح منها، قولا وفعلا .