مجلس الحكم ينتهك حقوق المرأة أول الغيث قطر ثم ينهمر!!



حامد الحمداني
2004 / 1 / 15

أيتها المرأة العراقية المناضلة من أجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية أبشري بالإنجاز الكبير الذي كنت تنتظريه منذ عقود ،وخضت من أجله معركة الحرية والإنعتاق ودفعت الثمن غالياً من الدماء والدموع ، وتحملت السجون والمعتقلات والتعذيب و الإعدام من أجل أن تنالي حقوقكِ الإنسانية التي سطرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،والذي طالبت هيئة الأمم المتحدة بأن تتضمن دساتير الدول لنصوص ذلك الإعلان الذي يؤكد على المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواحبات ، فقد أصدر مجلس الحكم قراراً سرياً رقم 137 ألغى بموجبه القانون المدني النافذ منذ عشرات السنين ، والذي كان انقلابيوا 8 شباط قد اجروا تعديلات عليه وسلبوا العديد من الحقوق التي تخص المرأة ،لكنهم لم يجرأوا على إلغائه بجرة قلم كما فعل مجلس الحكم اليوم وليعيدوا العمل بالشريعة الإسلامية التي كانت سائدة قبل أربعة عشر قرناً !! .
أليست هذه الإجراءات من قبل مجلس الحكم الذي توسمنا فيه أن يحقق عصراً من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان نكوص عن أماني شعبنا وامتهان لحقوق نصف المجتمع العراقي المتمثل بالمرأة ، وتثبيت جائر للمجتمع الذكوري الذي يعتبر المرأة سلعة يتصرف فيها كما يشاء دون قانون يحميها من ظلمه  .
أن هذا الإجراء يثير في نفوسنا القلق المشروع لما ينتظرنا في مستقبل الأيام إذا كان هذا هو التوجه الذي يقود العراق اليوم والذي يسعى إلى عودة عصر الحريم ،وعصر طالبان!!
إن ناقوس الخطر يدق بأعلى صوته أن هناك قوى مؤثرة في مجلس الحكم تسعى للعودة بنا القهقرى إلى العصور الماضية ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين ، عصر تحرر الشعوب من ظلام العصور الماضية .
لماذا ناضل شعبنا ضد الطغمة البعثفاشية طيلة أربعة عقود ،ودفع ثمنا باهظاً من أرواح أبنائه؟ اليست كل تلك التضحيات من أجل أن ينال شعبنا حقوقه وحرياته كاملة غير منقوصة ؟ أليست المرأة تمثل نصف المجتمع أيها السادة ، أليست هي الأم والمربية والمدرسة ، بل أستاذ الأساتذة الأولى كما وصفها شاعر العراق الكبير معروف الرصافي حيث قال :
                 الأم مـدرسة إذا أعــددتها        أعددت شعباً طيب الأعراقِ
                 الأم أستاذ الأساتذة الأولى          شغلت مآثرها مدى الآفـاقِ
هل يجوز أن يكافئها مجلس الحكم في هذا العهد بالذات الذي توسمنا فيه عهد الحرية وحقوق الإنسان والمساواة بهذا القرار الجائر، لكي تبدأ المرأة  كفاحها من أجل حقوقها المهضومة من نقطة الصفر من جديد ؟
وأين هي القوى التي تتغنى بالديمقراطية والتقدمية وحقوق الإنسان من هذا القرار ؟
ولماذا لم نسمع ولم نقرأ لحد الآن أي احتجاج مهما كان متواضعاً داخل مجلس الحكم على صدور هذا القرار ؟
وهل يجوز مجاملة القوى الإسلامية التي وقفت وراء هذا القرار على حساب المبادئ التي تؤمن بها ، أو التي تدعي الإيمان بها ؟
هل هذا الإجراء  هو كل ما يشغل مجلس الحكم  في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها شعبنا ووطننا حيث يفتقد الأمان ولقمة العيش؟
هل حقق مجلس الحكم الأمن والسلام في ربوع العراق ، وتم القضاء على الإرهابيين الذين يمعنون خراباً ودماراً وتقتيلا للأبرياء ؟
هل حل مجلس الحكم مشكلة البطالة المتفشية بشكل رهيب بين أبناء شعبنا ، هذه البطالة التي تخلق مرتعاً كبيراً للنشاط الإرهابي في البلاد ؟
هل تمت معالجة أزمات الكهرباء والماء والصرف الصحي والوقود وغيرها من الأزمات التي يعاني منها شعبنا ؟
أليست هذه الأزمات والمشاكل هي التي تمثل معالجتها أولى الأوليات لمجلس الحكم ؟
أليست تجميع الجهود والطاقات لكافة أطياف شعبنا وتعبئتها من أجل إحلال الأمن والنظام في البلاد ،والعمل على إنهاء الاحتلال،وجلاء الجيوش الأجنبية من أرض الوطن ،وتحقيق السيادة والاستقلال الناجزين لكي ينعم شعبنا بالحرية والعيش الكريم .
هذه أيها السادة المحترمين هي المهام التي تنتظركم وينتظر الشعب منكم تحقيقها ،لا إصدار قانون تحت غفلة من الزمن وبشكل سري ينتهك حقوق وحريات نصف المجتمع العراقي .
أننا نرفع صوتنا عالياً ونقف يداً بيد مع المرأة العراقية المناضلة ،وندعو مجلس الحكم إلى التراجع عن هذا القرار وإسقاطه ، بل وتقديم الاعتذار لها على الخطأ الجسيم الذي جرى بحقها .