سطور عن أصوات نساء العراق العالية



سهر العامري
2008 / 6 / 3

وزعت رابطة المرأة العراقية في السويد نص مذكرة رفعتها الى أكثر من مسؤول وجهة سياسية تشرح فيها الكارثة التي تحيق بالعراق والشعب العراقي وما يصيب المرأة بشكل خاصة في هول هذه المأساة المتصلة منذ سقوط نظام صدام والى الساعات التي سطرت فيها عضوات الرابطة أوجها من تلك الكارثة في مذكرتهن المشار إليها ، والتي تجسد فيها الروع والموت اللذان نزلا بنساء العراق وفي نكوص على العقاب في مسيرتهن التي قدمنا فيها الدم والعرق من أجل صون حقوقهن وكراماتهن التي تمتهن اليوم في بلدهن ، ومن أكثر من طرف سواء كان هذا الطرف شرطيا عراقيا من وزارة الداخلية يغتصبهن في سجن ما ، أو جنديا أمريكيا يهتك أعراضهن في بيوتهن وأمام عيون الحكام المستأجرين في العراق ، وهذه لعمري نافلة صغر حجمها أمام طوفان عرم من جرائم أرتكبت بحق نساء العراق وفي تراجيديا قل نظيرها في تاريخ الأمم والشعوب ، وها أنذا أبسط أمامكم أصواتهن الحرى التي طافت على أذان كثيرة هنا في السويد أو قرأها الكثيرون هناك في أصقاع مختلفة من العالم . تقول المذكرة :
1- ان الاوضاع في بلادنا تزداد مأساوية وتتجه نحو الكارثة طوال الخمس سنوات من الاحتلال الامريكي الذي حول وطننا الى ساحة "لحربه على الارهاب " وجعل ابناء شعبنا وقود دائم لها .
2- وصار العراق "احد اكثر الدول خطرا في العالم . اذ يلقى المئات مصرعهم كل شهر في اعمال عنف مستشرية ,بينما تتعرض حياة عدد لا يحصى من الناس للخطركل يوم جراء الفقر وانقطاع الكهرباء والماء ونقص المواد الطبية وازدياد العنف ضد النساء والفتيات . وقد مزقت الكراهية المذهبية العائلات والاحياء التي كانت يوما ما تعيش في وئام وسلام."حسبما جاء في آخر تقرير لمنظمة العفو الدولية .
3- تنعكس هذه المأساة بابشع تجلياتها على حياة المرأة العراقية التي صار كيانها مهددا حتى وهي داخل منزلها . فاضافة الى القتل العشوائي الذي يصيبها كما يصيب كل العراقيين ، تتعرض النساء بشكل خاص لحملات منظمة من العنف والتمييز بمختلف اشكالهما ابتداءا من الاسرة وعنفها الاسري وصولا الى المدرسة ومركز العمل والشارع ، بل واينما حلت . ونذكر على سبيل المثال فقط بعض اوجه هذا العنف :
أ- ان في البصرة وحدها وفي عام 2007 فقط قتلت 140 امرأة ومثل بجثثهن بابشع الطرق ، وهذا حسبما جاء في تقارير شرطة محافظة البصرة لكن العدد الحقيقي اكبر من هذا بكل تأكيد .
ب- تترمل في العراق ، وحسب تقرير منظمة حقوق المرأة في العراق ، 90 ـ 100 امرأة يوميا نتيجة اعمال العنف والقتل الطائفي .
ج ـ يجري اختطاف النساء ، واستغلالهن لاغراض الدعارة ، وبيعهن في دول الخليج بشكل خاص ، وتتحدث احصائيات غير رسمية عن حدوث آلاف الحالات .
د ـ يقوم سماسرة متخصصون تحميهم المليشيات الطائفية بترويج الدعارة بطرق مختلفة وتحت مسميات مثل زواج المتعة والمسيار وغيرها.
هـ ـ يجري تقييد حريات النساء وتمييزهن اينما وجدن ، وصار الحجاب مفروضا على الفتيات منذ سن الـ 6 سنوات حسب قرار وزير التربية ولم تسلم منه نساء الاديان الاخرى . ومنع وزير الصحة استخدام النساء لنفس مصعد الرجال ، ويحظر على النساء الخروج بمفردهن في عدد من احياء بغداد وعدد من المحافظات . كما منعن من قيادة السيارات والا قطعت اياديهن حسب تهديدات الجماعات المسلحة المنفلتة.
وـ تتعرض النساء العراقيات الى الضرب والاهانة والاغتصاب على ايدي قوات الامن العراقية والقوة متعددة الجنسيات ، وتستخدم النساء غالبا كأداة للضغط على قريبها من الذكور لتسليم نفسه ، ويمكن ان نذكر هنا حادثة الفتاة العراقية عبير التي قتلها مغتصبها الامريكي .كما ننوه هنا الى استطلاع نفذه الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط العراقية جاء فيه ان 52% من العراقيات يعتبرن المجرمين وقوات الاحتلال الامريكي خطرا حقيقيا على حياتهن .
زـ تتسم حياة النساء والعوائل المهجرة قسرا سواء داخل الوطن او خارجه تتسم بالبؤس والشقاء ، وتفتقر الى ابسط شروط الحياة الانسانية .
ح ـ اوضاع النساء في كردستان ليست افضل بكثير من اوضاع اخواتهن في مناطق العراق الاخرى . فان وتيرة العنف الممارس ضدهن في تصاعد ، حيث تجبر النساء هناك على الانتحار حرقا او بتناول العقاقير والسموم المفرط او شنقا ، وتشير الاحصائيات الى حصول 5 حالات من هذا النوع يوميا كمعدل .
ط ـ عادت الى الوجود وبكثافة حالات قتل النساء بذريعة الشرف ، كما تنتشر عادة ختان النساء الغريبة على المجتمع العراقي .
ي ـ تتعرض النساء غير المسلمات الى التهديد والقتل ايضا ويجبرن على ترك وطنهن في كثير من الحالات .
ك ـ اما الدستور العراقي فقد جاء مخيبا لآمال المرأة العراقية خاصة في مادته 141 التي تلغي عمليا قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 والساري المفعول , والذي يعتبر من القوانين المتقدمة في المنطقة برمتها ، والذي ناضلت المرأة العراقية سنوات من اجل تحقيقه فان الدستور ، بصيغته الحالية ، يحول المرأة من مواطن عراقي كامل الاهلية الى سلعة يتصرف بها رجل الدين او العشيرة حسب ما ترتأيه مصلحته . وبالرغم من بعض المكاسب التي حصلت عليها المرأة كاقرار نظام الكوتة الذي جعل نسبة تمثيل النساء في البرلمان 25% الا ان هذه المشاركة تبقى دائما مهددة لان وصول النساء الى البرلمان لم يكن عن طريق الحركة النسائية ومنظماتها وانما هو تمثيل لكتل سياسية لا تتبنى في الغالب قضايا المرأة ، ولهذا لم يكن تأثير البرلمانيات في الشأن السياسي والقضايا الساخنة وعلى رأسها الدستور ظاهرا ولا مؤثرا .
تلك هي أوجه من الكارثة التي استعرضتها مذكرة رابطة المرأة العراقية في السويد تزامنا مع انعقاد حلقة دراسية قامت بتنظيمها منظمة المرأة للمرأة في السويد بتاريخ 28 من شهر أيار2009م ، وبدعم من وزارة الخارجية في السويد وقد تزامن انعقاد هذه الحلقة الدراسية مع انعقاد مؤتمر العهد الدولي في العاصمة استوكهولم.
في الحلقة الدراسية تلك شاركت عن رابطة المرأة العراقية كل من السيدات : فيروز عبد الاحد ، وفريال أيوب وماجدة شلتاغ وقد قامت السيدة فيروز عبد الاحد بتقديم نص المذكرة المشار إليها الى السيد ستافان دميستورا ممثل الأمم المتحدة في العراق ليقوم هو بطرحها على المؤتمرين بمؤتمر العهد الدولي الخاص بالعراق ، والذي لم يظهر بنتائج مهمة على ذمة بعض من الصحف السويدية. حتى لكأن هذا المؤتمر هو شبيه بمؤتمرات البنان والبنان بلغة الحاج حسن وأهل بلده هو الموز وقد سألته ذات صباح عن نتائج مؤتمر انعقد في مدينتهم التي استضافت وفودا من عدة دول ، فقال لي : لا شيء ( أكلوا البنان وعدوا ) أي أكلوا الموز ومشوا ، فما نفع العراقيات والعراقيين من مؤتمرات الموز هذه ؟ هذا السؤال الذي يطوف في شوارع مدن العراق بعد أن كثرت المؤتمرات وتشكلت اللجان ، ولكن لا شيء تبدل رغم عمر الديمقراطية الأمريكية التي زاد الآن على سنوات خمس صحاح !