بريشة العالم الوردي .. لوحة زوجاتنا وازواجنا



نبيل قرياقوس
2008 / 6 / 7

الزواج شركة بين اثنين لبناء حياة اسرية ، وكحال اية ( شركة ) فان نظما واسسا يجب ان يتم الاتفاق عليها بين الرجل والمرأة قبل الزواج ، واحدى تلك الاسس هي الاتفاق المبدئي على تحديد صاحب القرار النهائي في حال تم الاختلاف على اي قضية اساسية تخص اسرتهما ، فعدد منتسبي هذه الشركة ( اثنين ) وبالتالي يصبح من الضروري تحديد احدهما ليكون صاحب الكلمة الاخيرة والقرار الفصل فيها .
قد يكون سائدا ومعروفا في مجتمعنا ، الافتراض ان الرجل هو صاحب قرار الحسم ، وهذا ما قد يثير احيانا اقوال عدم المساواة بين الجنسين ، وينسى اصحاب هذه الاقوال ان وضع المرأة ، جدلا ، لئن تكون هي صاحبة القرار ، سيعني عدم المساواة ايضا . اذا لندع تحديد ذلك للطرفين بشرط ان يتم قبل ارتباطهما بعقد الزواج ، على ان يفسح القانون المجال لطرفي العقد بفسخه بـ ( الطلاق ) في حال عدم قدرة اي طرف مواصلة التعايش مع الطرف الاخر .
بامكاننا علميا وبحجج منطقية ( لسنا بصددها الان ) اثبات ان الازواج في مجتمعنا العراقي هم :
1. اغلبية ساحقة من رجال يظنون انهم اصحاب الكلمة والقرار في اسرتهم ، بينما هم في الواقع ، يخضعون باسلوب او اخر لكل ما تخططه وتبتغيه زوجاتهم حرفيا ، ويكون هؤلاء الرجال بوضع نفسي يوحي لهم انهم اتخذوا قرارهم بانفسهم دون ان يعلموا انهم اقنعوا انفسهم بعقلهم الباطن لتبني جميع ارادات وقرارات زوجاتهم صحيحة كانت ام خاطئة !! الزوجات يكن على يقين بانهن صاحبات القرار في كل امور الاسرة ، بينما يعلن للمجتمع بان ازواجهن هم اصحاب القرار وما هن الا المسكينات ، المطيعات !.
2. رجال ، يدركون ويعون جيدا ان امرهم ( كبيره او صغيره ) بيد زوجاتهم ، لكنهم ينكرون ذلك بشدة امام المجتمع ، بل يستهزؤن بكل رجل يعرف عنه بانه يتساهل في امور قرارات بيته !! اما زوجاتهم فهن يدركن ، ويعلن بفخر انهن يمتلكن زمام الامور في البيت على حساب الرجل الى درجة انهن يحدد عدد كلمات سلام ازواجهن على اهلهم واقاربهم وجيرانهم !
3. قلة جدا من الرجال ، من هم فعلا يفرضون رأيهم في كل امور الاسرة بدكتاتورية واسعة ، وهؤلاء تراهم اما من الجهلة المتواصلين مع الاعراف المتوارثة والتي تحكم بضرورة ان يكون الرجل هو الامر الناهي في كل الامور دون اي نقاش او اعتراض ، او قد يكونون من اثقف الرجال اكاديميا لكنهم يعانون من ازدواج شخصياتهم في البيت وليكونوا عبيدا لاهلهم ( غالبا امهاتهم او اخواتهم ) بفرض اراء قسرية على الزوجات ، وغالبا ما تتعرض زوجات هؤلاء الرجال الى ظروف كبت وتعامل لا انساني من تجاهل واذلال ومهانة .
4. قلة تقرب قيمة نسبتها من الصفر ، رجال مثقفون ، يعون جيدا حدود حقوقهم وحريتهم ويقرون بحدود مثيلة لحقوق وحرية زوجاتهم دون ان يفقدوا دورهم في الحسم في الامور التي تستوجب قرار رأي حاسم . يتعرض امثال هؤلاء الرجال لضغوط متعبة ، وربما لمحاولات ابتزاز في حال كون شريكاتهم لسن بمستوى الوعي الذي يدركن فيه حدودهن مقابل هكذا ازواج .
تلك هي لوحتنا اليوم ، نتشرف ان يسمح لنا عالمنا المبدع الراحل علي الوردي لنضعها جنب لوحاته الزاهية التي رسمها بمنطق علمي شجاع ، وواقعية بعيدة عن مثاليات الخطب الرنانة ..
اننا نرى في لوحتنا هذه ، ولوحة ازدواج شخصية الفرد عاملا مشتركا بين افراد مجتمعنا العراقي وافراد معظم المجتمعات الشرقية ، التي لا ادري لماذا لم يتطرق العالم الوردي الى تطابق كثير من الصفات بينهما خاصة اذا ما ادركنا ان تلك المجتمعات عانت ايضا من ظروف البداوة والتحول الى الزراعة والتمدن ، اضافة الى مجموعة عوامل مهمة متشابهة .
نقول ، ربما كان منحى العالم الراحل هو التركيز الدقيق على الشخصية العراقية ، او ربما كان عالمنا المبدع يتقصد عدم الخوض في تفاصيل مجتمعات غير عراقية لتجنب الوقوع في هفوات عدم التشريح الكامل لتلك المجتمعات وخصائصها التي تتفاعل وتنعكس على شخصية افرادها .
في طريقي اليكم بمزيد من اللوحات الجديدة .. انتظروني لطفا .