لعبة الحجاب في تركيا .. إلى أين ...؟



مصطفى حقي
2008 / 6 / 7

ومسبار يطير منذ تسعة أشهر يخترق الفضاء اللانهائي ويحط على سطح المريخ وابن باز يكفر كل من يقول أن الأرض كروية وآخر يفتي أن بول الولد الذكر لايبطل الوضوء بينما بول الأنثى يبطله ويفسره الفقيه الألمعي أن الرجل خُلق من تراب والتراب نظيف ويمكن التيمم به بدل الماء المفقود بينما الأنثى خلقت من ضلع آدم أي من اللحم فهي نجسة والفقيه الفهمان يؤكد أن آدم من تراب وبالتالي ضلعه أيضاً من تراب .. وما خُلِق من التراب فهو تراب أيضاً .. ؟ وحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم والتواب الإسلاميون ومؤيدوهم كانوا قد نجحوا في غفلة من العلمانية في لعبة تعديل دستوري تطعن في صميم العلمانية لتسمح للطالبات بدخول الجامعات محجبات ولينتصر الإسلام في معركة خرقة القماش تغطي رأس المرأة ورؤوس رجالهم مشرعة في عالم الغباء والتخلف لا يستطيعون حتى تأمين رغيف خبز ويستوردون كل شيء وحتى حبة الدواء ونسبة البطالة عالية ودخل المواطن في الحضيض والفقر والعوز يسود السواد الأعظم من الشعب التركي , ولا ضمان اجتماعي ولا تأمين صحي والمدارس الدينية تخرّج نصف مليون داعٍ وأئمة يزيدون هم المجتمع هموماً وتخلفاً وتوكلاً قدرياً وهناك أكثر من عشرين مليون كردي مشكلتهم تفوق حجاب نساء العالم قاطبة ، عشرون مليون كردي يعانون الأمرين في معمعة القومية , صحيح أن منقذ تركيا مصطفى كمال أتا تورك قد أعلن العلمانية وحدّ كثيراً من التدخل الديني في مفاصل الدولة وبالأخص قطاع الجيش الذي تدخل أكثر من مرّة ليعيد الأمور إلى نصابها كلما تعرضت العلمانية إلى الخطر .. ولكن المشكل في العلمانية التركية انها ولدت ناقصة وفي أحضان القومية الطورانية التركية مما خرق مبدأ المساواة في المواطنة وجعل من المواطن التركي منزلة أعلى من المواطنين الآخرين الذين ينتمون إلى قوميات أخرى , فالعلمانية الأوربية لم تنجح وتنهض هذه النهضة الحضارية المذهلة قبل أن تبعد الدين والقومية عن السياسة واعتبرت المواطنة هي الأساس وهي الهوية الواحدة لكافة المواطنين دون أي تمييز لدين أو قومية أو جنس أو لون ... أما العلمانية التركية لم تنجح حتى في إبعاد الدين عن السياسة فرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية الحاليين ينتمون إلى الإسلام السياسي خلاف السياسة العلمانيةونعود إلى أس قضية العالم الإسلامي حالياً (الحجاب) وكأن الدين كله قائم على تلك الخرقة فقط وهكذا امتداداً في تركيا الإسلامية أيضاً يخطيء الإسلاميون ويعدلون الدستور ويصدرون قانوناً يسمح للمحجبات دخول الجامعات ولكن العلمانيين لم يسكتوا وخرجوا بمظاهرات كثيفة احتجاجاً على التعديل الدستوري وحركوا دعوى أمام المحكمة الدستورية التي أصدرت قرارها بإلغاء التعديل الدستوري الذي يسمح بارتداء الحجاب داخل الجامعات .. وأيضاً هناك دعوى ضد حزب أردوغان التنمية والعدالة وقد يُحل بين عشية وضحاها لتعارضه مع العلمانية الإنسانية .. فالعلمانيون ليسوا ضد الحجاب لأنه زي خاص بكل مواطن بل لأنه يشكل رمزاً دينياً يعمل على التفرقة الإنسانية وعدم الإعتراف بالآخر وتولد الضغينة والحقد والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد داخل تجمعات رسمية مثل المدارس والجامعات ... والمشكل أن تركيا تعمل المستحيل للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وان الحكومة الإسلامية قد عدلت في كثير من قوانينها وخاصة المتعلقة بعقوبات عن وقائع تتعارض ومفهوم الأوربيين عن الأخلاق .. فهل تنجح حكومة أردوغان في تكييف تلقي الصدمة وتتماشى مع أهداف العلمانية وتعمل على حل مشاكلها الكثيرة التي تفوق معضلة الحجاب والنقاب ....؟