قانون أحوالكِ الشخصية



محيي هادي
2004 / 1 / 18

منذ الأيام الأولى تكون حياتِك مميزة، تمييزا جنسيا لصالح أخوتكِ و ذويكِ من الجنس الآخر، فليس لأن الطبيعة حكمت عليكِ أن تكوني أنثى، بل أن الأهل، و الأب في مقدمتهم،  قد حكموا عليكِ و حاكموكِ، فاستقبلوكِ بوجوه عابسة و كئيبة.
تسألين لماذا؟  فيجيبونكِ: لأنكِ أنثى.
وتُـثقب أذناكِ الصغيرتان، و تعلق فيهما - الترا?ي- ليتأكد الناس الذين يستطيعون رؤيتكِ بأنكِ أنثى، أنثى، فلا يخطئون.
و من أيامكِ الأولى يحاولون أن يجبروكِ على البقاء في الدار لا تفارقينها أبدا. لا تفاريقينها الا مرتين، مرة عند الزواج و أخرى عند الوفاة. هذا هو القانون الذي يريدون تطبيقه و -يفشخون- به رأسكِ.
إن الوأد في التراب قد أصبح محرما و لكن وأد الحيطان لا.
و قد يسمحون لك بالخروج من الدار، ولكن يجب عليكِ أن ترتدين ذاك الحجاب الحاجز القابض للتنفس. البرقع أو البوشي و أنتِ ملفوفة دائما بتلك العباءة الثقيلة، التي لا تختلف من مكان الى آخر إلا في لونها، فهي تحمل لونا يختلف من بلد الى آخر. عباءة لتمنع الرجال من أن يرمونكِ بسهام أنظارهم ، عباءة يقمِّصونكِ بها   لتخفف من الرجال وحشيتهم الجنسية، تلك الوحشية التي بها يسنون قوانينهم في حقكِ.
و يجب أن تحمدي الله، إن كنتِ عراقية، فإن البرقع و البوشية  يستعملان هناك بشكل بسيط.  
يجب أن تتحملي ثقل الحجاب الحاجز شتاءا و صيفا، ففي الشتاء  يقولون أنه يقيكِ من برد الطبيعة أيضا و في الصيف لأجل أن تتجرعي حرارة أقسى و تخزني طاقة أكثر. لقد علمتنا الفيزياء أن اللون الفاتح يمتص أقل حرارة من اللون الغامق، و ذكر لنا مدرس الفيزياء أن قطعة الثلج الملفوفة بالقماش الأسود تذوب قبل قطعة الثلج الملفوفة بالقماش الأبيض، و لهذا فإنهم يريدون أن تلفي جسدك بعباءة سوداء كالحة لكي تذوِّبين بها  كل شحومك، حتى شحوم قلبك و دماغكِ. إنهم يريدون الخير لكِ، إذ أن هذه الطريقة هي أفضل طريقة لتنحيف جسدكِ و ترشيقه.   
لقد قيل أن البرقع لباس أفغاني و أن البوشي ( أو البوشية) هي بوشية أو فارسية، و أن العباءة هي عراقية، و قال آخرون أن البرقع و البوشي و العباءة هي ملابس إسلامية. و لكن بالنسبة لكِ لافرق/ إذ أن الذي يهمهم هو أن يقيدوكِ بالبرقع و يسجنوكِ بالبوشي و يحجزوكِ بالعباءة. يستخدمون الإسلام و غير الإسلام لكي يجعلونكِ تعيشين داخل سجن دائمي مساحته أصغر من مساحة رؤوسهم.
إنهم يريدون أن تكوني مستورة و مخفورة و لكنكِ يجب أن تكوني دائما مقبورة.
وبدلا عنكِ  يحضِّرون لكِ اليوم الذي يقولون عنه يومكِ السعيد. و قبل هذا اليوم تبدأ عملية المزايدات و المناقصات و المفاوضات. إنها تجارة بيع و شراء الجواري. و لهذه التجارة مقدمة و مؤخرة و عربونا و و…و عملة هذه التجارة تسمى مهرا، و المهر قد تحصلين عليه أو يسيطر عليه الموكل بأمركِ، و الوكيل هو الذي يقرر الى من يدفعكِ.
و من خلف باب حاجز و حاجب يجب أن  توافقي و تقولي نعم، و إلا فإنهم سيضعون بدلا عنكِ عجوزا شمطاء لتتكلم بلسانكِ.
و لا تستفسري إن كانت هذه تقاليد أو عادات أو قوانين يطبقها مندوبو الله على الأرض.
قولي نعم و تجرعي سموم المستقبل.
لا يهم الذي يختارونه لكِ : أق?م أم أعور أم أ?قل، طفل أم عجوز، فهو الذي دفع ثمنكِ الذي استلمه الوكيل.
لا تعترضي و إلا سيقولون عنكِ أنكِ فاسقة و فاسدة و إباحية. عشّاقة الرجال. لماذا لا توافقين على هذا الذي نقدمه لك؟
لا  تحتجي فإن مجتمعهم  سيرجمكِ بحجارة الأرض و بصخور السماء.
لا تعاندي و إلا فإنهم سيطبقون قرار "و اضربوهن"، إنهم يمسكون الدين و القرآن من أقسى نقطة فيه و من اصعب ذيل يجدونه، و على رأسك سيتقيئون كل عقد حياتهم و هموم دنياهم. 
حقوقكِ يقدمونها لكِ دائما معلوسة و مقضومة و مهضومة و مقروضة بأسنان القرضاوي و أمثاله. و عن الحقوق يقولون لكِ: أن للذكر مثل حظ الأُنثيين، و لكن عندما يكون الحظ تعيسا فستكون حقوقكِ أكثر، إذ أن للأنثى  مثل حظ الذكريين و أكثر.
حظكِ النصف في الخير، هذا حقكِ و لكنه لا يعني أنكِ ستستلمين هذا الحق.
حظكِ الضعف في الشر و ستستلمين الكثير المضاعف.
إنكِ ناقصة العقل، حتى و لو كنتِ أكبر عالمة و فاهمة في هذا المجتمع "الإسلامي" "الرجالي".
حتى و لو تلفين ألف عمامة و مليون لحية طويلة.
إنكِ ناقصة العقل و متقلبة  المزاج. هكذا يريدون أن تكوني.
إنكِ لا تعملين و لا تقدمين أي شيء حتى و لو كنتِ الوحيدة التي  تعيلين أهلكِ و أبنائكِ،، فإن الرجل هو الذي يعمل و يشتغل حتى ولو أنه كان من الذين ينامون الليل و الضحى، لا يتحمل المسؤولية و لا يشتغل بل يجلس في المقهى يلعب -الدومنة و الآزنيف- صباح مساء.
إنك لا تصلحين إلا لإشباع رغباتهم الجنسية و الحيوانية، و لن تكوني إلا ماكنة إنتاج و تفريخ. إنهم لا يريدون لكِ أن تكوني الا مَقْـذَفا لشهواتهم و أرضا لزرع حُـبيباتهم. هذا هو دوركِ في الحياة، و ليس لك الحق في الاشتراك في نتاج أرضكِ، فإذا رماكِ الزوج و طلَّـقكِ  فإن الأبناء لن يعودوا إليكِ أبدا، إقلعيها من ذهنكِ.    

كتب عليكِ الإذعان و السكوت كما كُتِب على اللواتي من قبلكِ.

إن القرآن واحد و لكن تفاسيره متعددة. وقد قرر أصحاب العمائم البيضاء و السوداء و الحمراء و الخضراء  أن يفسروا الدين كل حسب لونه و مزاجه: الأبيض أبيضا،و الأسود أسودا، و الأحمر أحمرا، و الأخضر أخضرا…كلهم قرروا أن يقرروا بدلا عنكِ و أنه لا حق لكِ. إنهم اتفقوا على هضم حقوقكِ على الرغم من اختلاف ألوانهم و على الرغم من أنهم قد اتفقوا على أن لا يتفقوا.
إنهم تفقهوا في دين محاربتكِ و قضم حقوقكِ. كلهم أطلق العنان للحى  "رجوليته" فأصبحت طويلة طويلة.
ألا ليت اللحى صارت حشيشا ……. فتعلفها دواب المسلمينا  !

محيي هادي-أسبانيا
16/01/2004
[email protected]