أردوغان في ورطة الحجاب ...؟



مصطفى حقي
2008 / 6 / 12

نعم لقد أوقع نفسه وحزبه والشعب التركي بكرده وتركه في مشكلة الحجاب المختلقة ليجعلوا منها مشكلة المشاكل والبلد غارقة في مسائل هامة ومصيرية ومشكلة تلك الخرقة القماشية لايمكن مقارنتها وحجم المهام الهائلة الملقاة على عاتق الحكومة وأهمها كما أسلفنا إيجاد حل إنساني شامل للقضية الكردية والذين هم مسلمون أيضاً وليزيد أردوغان الطين بلّة هو انتقاده للمحكمة الدستورية وقرارها القاضي بإلغاء شرعية السماح للطالبات بدخول الجامعات محجبات وهو يدري ويعلم ان المحكمة الدستورية جاءت للتصدي إلى قوانين تخالف الدستور أي عدم دستورية القانون وخروجه عن أحكام الدستور وان قرارات المحكمة الدستورية الجماعية 11 قاضياً من رتب عالية تصدر باسم الشعب التركي وليس باسم المحكمة وبإمكانها أن تحاكم حتى رئيس الجمهورية في حال مخالفته الدستور .. ان الهجوم على قرار المحكمة ولو انه جاء بشكل معتدل ولكنه أسفر عن وجه معاداة العلمانية ( الوجه التقدمي الإنساني منه ) لأننا سبق أن بينا ان مصطفى كمال أتا تورك كان يحمل أفكاراً حداثية ومتأثر بالأحداث التاريخية والثقافة الأوربية والثورة الفرنسية وإحقاق حقوق الإنسان .. إلا ان الظروف والأحداث التاريخية في ذلك الوقت عشرينات القرن المنصرم وُلدت علمانيته بعجز ، فمع أنه ألغى الخلافة الإسلامية ملغياً تدخل السياسة بالدين .. وهي سابقة في الشرق رائدة وحتى تاريخه لم تستطع أي دولة عربية أن تعلن علمانيتها بشكل عملي وفعلي فما زالت معظم الدساتير العربية تورد في موادها دين معين للدولة تنسف علمانيتها .. كما عاب أتا تورك علمانيته بتبنيه للقومية التركية الطورانية مما أثار حفيظة القوميات الأخرى وأهمها القومية الكردية فلو كانت العلمانية قد اعتمدت مواطنة الوطن أساساً للوطنية دون إعطاء ميزات لمواطنين من قومية معينة .. أي أن كل مواطن يعيش على الأرض التركية هو مواطن تركي بالدرجة الأولى مع احتفاظ كل مواطن بتاريخه القومي والديني والمحترم والمصان من قبل كافة مواطني الدولة ..واليوم وغداً ان تطبيق العلمانية بعلمانيتها الإنسانية , والإنسان أولاً وأخيراً واحترام الحرية الشخصية ومبدأ المساواة بين كافة المواطنين سيخلق دولة إنسانية تتسم بالحداثة لاهي تركية ولا كردية .. انه الوطن ولا غير الوطن جذر الانتماء ان مجابهة العلمانية بهذا الشكل السافر الذي سيخلق فوضى رفض واحتجاجات قد تنال أكثر من نصف الشعب التركي وكان بالأحرى دراسة قضية الحجاب دراسة متأنية وعرضها على مؤسسات المجتمع المدني والجامعات والمحافل الثقافية واستغلال الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وكسب رأي شعبي مدروس .. وليس اللجوء إلى تحالف سياسي يخفي رسالة سلفية مشبوهة ليصار إلى تعديل الدستور في قضية لا ترتقي إلى طلب تعديل دستوري فالشعب الكردي الذي يزيد تعداده على العشرين مليوناً محرومين من دراسة لغتهم والاحتفال بأعيادهم مع أنهم يؤدون الخدمة الإلزامية مثلهم مثل بقية المواطنين ومع ذلك يعتبر مواطناً من درجة متأخرة ... في أمريكا قوميات متعددة وكذلك مختلف الأديان ومع ذلك استطاعوا أن يؤسسوا دولة عظمى عن طريق الانتماء إلى الأرض الأمريكية وعن طريق ديمقراطية رائدة .. ان الكرة الآن في ملعب أردوغان وعليه أن يلعب بحكمة وسياسة توحد الشعب التركي ولا تفرقه انها لعبة حداثية قد ينجح فيها إذا أجاد اللعبة بجماهيرية واسعة وعلى ساحة من الديمقراطية وخارج التلون السلفي ...؟