هل تحديد نسبة النساء في الانتخابات(الكوتا) من مصلحتهن؟



عماد علي
2008 / 6 / 21

كلنا على اطلاع نسبي على ما مرًت به المراة في العراق خلال الحقبة الماضية من حكم الدكتاتور و ما وصلت اليه حالهن من كافة النواحي و المجالات الاجتماعية الثقافية السياسية الاقتصادة، و التخلف الذي غيم عليهن مقارنة بالعهود و العصور السابقة و ليس مقارنة بوضع غيرهن في العالم و ما وصلن اليه. الحروب المتتالية التي اشعلها النظام القمعي كانت وقودها النساء ايضا و المتضرر الاكبرهن سوى كان مباشرة من خلال حياتهن ام غير مباشر كام و اخت و زوجة و حبيبة للمتضررين و تحملن الكثير بعد فقدان احبائهن، والوضع الاجتماع بما فيه العادات و التقاليد و الثقافة او الكلتور المقيد لكافة حريات المراة اجبرتهن على التضحية بما لا تحصى و لا تعد، و فوق كل ذلك استغلن و عوملن كبضاعة و في اكثر الاحيان رخيصة لاهداف عدة و اكثرها سياسة، و تلاعب النظام البعثي كثيرا بالالفاظ و الكلمات لخداعهن و تشدق بما يعمله من اجلهن و لكن عمليا و واقعيا راى الاجيال ما فعل بهن و فوق كل ذلك ذرف دموع التماسيح من جهة اخرى لاجل الماجدات!
ما يخصنا هنا الوضع السياسي و ما كانت المراة فيه في العهد السابق، كانت هناك مجموعة صغيرة من النساء لا تحصى بعدد اصابع اليد في مواقع صورية و استغلن حزبيا لخدمة القمع و الظلم بدلا من خدمة العام و قضيتهن التي لازالت من اهم اركان الحالة المزرية التي وقع فيها العراق. ان التغييرات التي حصلت في العراق و من ضمنها تحركت مسالة حقوق المراة شيئا لا يُذكر و انما الجيد فيها ان الحركة رجًت الواحة الساكنة بما رمي الحجر فيها و ظهر الى السطح ما هو العصب الرئيسي لتقدم اي بلد، و لكن هذه المرة ايضا كما هو الحال و للاسف استغلت هذه القضية من قبل الاحزاب و التيارات لخدمة ايديولوجيتهم و ليس من اجل المراة ذاتها، و هذه القرارات فرضت ايضا من قبل امريكا و بشكل فوقي كما هو الحال في مسالة الديموقراطية و الحرية و حقوق الانسان المعلبة التي جاءت بها من دون دراسة الوضع العراقي بشكل دقيق و وافي و ما تتحمله الوضع من المفاهيم الجديدة . لو القينا نظرة فاحصة للشعب العراقي نراه غير خالية من المراة المثقفة الاكاديمية العالمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية، و فيهن من لديها القدرة الكاملة ان لم تكن اكثر من الرجل فليست اقل منه، و التاريخ شاهد على مجموعة كبيرة منهن و على اعمالهن و ابداعاتهن، الا اننا لو نكون و اقعيين هنا للمصلحة العامة فان عدد المبدعات نسبة الى الرجال لا يحصى و قليل جدا، و هذا ما نراه بوضوح و ليس السبب فيهن و انما الواقع فرض الكثير عليهن و ابعدهن عن الدوافع و الارضيات المتاحة للرجال .
اذا كان الوضع الحالي الواقعي بعد التغيير هو بداية الخطوة لاقترابهن من عملهن و الحصول على حقوقهن فان الاخطاء التي حصلت ضرًت بهن و ان لم يلحقن الى ما يجب ان يعملن سوف يعاد وضعهن الى ما كانو عليه و هذا ما لا يريده اي منصف من المثقفين و السياسيين التقدميين ، فالغرابة في الامر ان ما هن عليه اليوم من التصاقهن بالافكار و الايديولوجيات التي هي اصلا السبب الرئيسي لبلائهن و لما هن عليه دون ان يعلمن ذلك، فنرى هن من يغمضن عيونهن عن الحقوق العامة لهن نظرا لافكارهن الروحانية و عاطفتهن التي تسيطر في اكثر الاحيان على تفكيرهن العقلاني، لمعضمهن و ليس لجميعهن.
ان ما جاء به الوضع السياسي بعد التغيير و ما لعبت امريكا دورا فيه هو اقرار الكوتا في الانتخابات العراقية العامة ، و ما وصل به النساء الى مواقع كان بالامكان ان يستفدن منها كعمل من اجل المصلحة العامة و من ضمنها قضيتهن الخاصة التي فرضتها الظروف و التاريخ و التقاليد و الافكار و الايديولوجيات ، و للاسف معضمهن مرتبطات بهذه القيم المفروضة لحد اليوم . تحديد حصة المراة في القوائم الانتخابية و المواقع السياسية العامة كان له ايجابياته كما له سلبياته الكثيرة ،ليس في نص القرار و عمله فقط و انما لاستغلال هذه العملية لاجل دوافع ايديولوجية و فكرية التي هي اصلا سبب ماهن عليه اليوم، فالمحصصاتية التي اعتمدت عليها الانتخابات العامة و قوائم الاحزاب ضمت من النساء في هذه العملية ليس فيهن ما يمكن الاعتماد عليها لتغيير وضعهن على الاغلب و هذا واضح جدا للجميع و السبب هو ان الاحزاب لم تختر من يعمل لاجل هذه القضايا و انما اختارت من كانت منتمية الى افكارها و ايديولوجياتها و هي بالضد من مصلحة المراة دون ان تعلم او فيهن من تعلم و تقبل لغرض في نفس يعقوب ، و اكثرية هذه الاحزاب دينية قومية مذهبية و لا يوجد ما يمكن ان يطمان الانسان على ان اختيارهن هو لمصلحتهن و المصلحة العامة قبل اي شيء، فان التركيبة الاساسية العامة التي ظهرت القيادة السياسية و مكونات البرلمان من العضوات اوضحت للجميع مدى توجه العملية السياسية و استغلال هذه الشريحة لاهداف ضيقة و بعضها لا يمكن ذكرها هنا و ليس لاجل قضيتهن الاساسية، و ضعف نشاط العضوات و القيادات منهن و هن في مركز القرار اثبت مدى صورية هذا القرار و بعده عن خدمة المساواة و حقوق الانسان و المراة الطبيعية، و ليس غريبا ان ترفض المراة في دول اخرى هذا التوجه و علمهن مسبقا بانه ليس في صميم طريقة و صولهن المثلى الى ما وصل اليه الرجل و انما هن اللواتي ذكرن بان محاولتهن لتغير الوضع العام و الثقافة العامة كفيل لايصالهن الى ما يجب الوصول اليه و ليس عمل من صنع من هو السبب في تاخرهن، و هذا ما نحن نؤمن به، و حتى ان وصلت المراة بهذه الحال الى نصف مكونات مراكز القرار لا يغيرشيئا من القضية، و لكن من جانب اخر و بشكل واضح نسبيا بانت وجوه و ظهرت الى السطح من كانت قادرة اصلا على العمل و انما هذا التوجه ساعدها الى الوصول فط و انما العمل هو نتاج قدرتها و امكانياتها، اي نصل الى ان الكوتا في الوضع الاجتماعي العام ان استغل لدعم من لديها القدرة على العمل و من وضع المراة المتمكنة في المكان المناسب و ليس لاملاء الفراغ فقط التي تفرضها قرار الكوتا و استغلالهن لافكار معلومة و حصص معتمدة على الانتماء القومي الديني المذهبي،سيكون مفيدا بعض الشيء و الا ستبقى المراة اسيرة و عالقة في هذا الحال الى ما يتوصل اليه المستوى الثقافي الاجتماعي العام للشعب ، و هو الكفيل لخدمة حقوق المراة من كافة النواحي و يتطلب ذلك وقتا و جهدا من قبل الشعب ككل و المراة بشكل خاص، و اليوم نرى الشعب العراقي فيه من المستويات الجيدة من النساء وان كان القمع الدكتاتوري اضر بهن الا ان انشغال الرجال في العمل العسكري و حروب الدكتاتورية وفًر المجال الاوسع للنساء للعمل في المجالات العلمية و يجب عليهن استغلال هذه النقطة العفوية الايجابية التي فرضتها الظروف الموضوعية، و بجمع جهودهن و عملهن ينتج ما يطمحن اليه و يمكنهن من قصر الوقت و الوصول الى المبتغى في وقت قياسي و ليس اعتمادا على قرارات فوقية مفروضة لاغراض سياسية معروفة. الخطوة العملية الاولى لنجاح المراة في الحصول التدريجي على حقوقها الكاملة هي دخولها العمل في كافة المجالات و عدم الالتصاق بالموقع السياسي كما يدعن اليوم و اصبح مودة العصر، اي الالتزام بالاختصاص و الانتشار في العمل بما يجعلهن متواجدات في كافة المجالات وليست المواقع الرقيقة، يفرض مدى اقتراب المراة من الرجل في مساراة الحياة، و عندئذ يمكن ان تحصل المراة على المواقع السياسية الحساسة بجهودها و هي غير اعتيادية و خاصة في هذا العهد الذي يتيح الفرصة امامهن في الانخراط في كافة الاعمال، و عندئذ لا تحتاج المراة العاملة المتواجدة في كل اركان الحياة الى قرار خاص منحاز لها و يعتبر شفقة بها و هذا الامر يجب ان لا تقبله المراة لانها تستحق الحصول على حقوقها بعرق جبينها و ليس ان يُشفق عليها بحقوق و هي مستحقة بها.