العراق.. كثرة كاثرة من الأرامل!



عبدالوهاب حميد رشيد
2008 / 6 / 22

كل عراقي، بعامة، يجد نفسه خاسراً في ظل الاحتلال، لكن خسارته دون خسارة المرأة بكثير. واحدة من العلامات الأكثر وضوحاً لمأساة المرأة في العراق، تتجسد في العدد الضخم من الأرامل العراقيات.
تُشير بعض التقديرات في أواخر العام 2007 إلى تواجد 2.3 مليون أرملة في البلاد. يشمل هذا الرقم أرامل حرب الثماني سنوات (1980-1988) بين العراق وإيران (نصف مليون قتيل عراقي)، وأرامل فترة الاحتلال منذ العام 2008 واستمرار جريان الدم العراقي.
تتلخص حياة الأرامل في العراق بأنها يائسة- الأمور كلها بالنسبة إليهن أصبحت سواسية، مظلمة. "أن تصبح أرملة، فهذا يعني الموت في عراق اليوم بسبب المسئوليات الضخمة التي تتحملها والقيود القاسية التي تُفرض عليها،" قالها أستاذ ما جامعة ديالي لوكالة IPS.
الأرامل أصبحن ضحايا الاحتلال.. وأيضاً ضحايا التقاليد الاجتماعية. إذ يتوجب على المرأة أن لا ترتكب أخطاء، وعندما يقع الخطأ، فقلّما تجد الصفح/ العفو. المرأة تُتهم بسهولة بارتكاب "أفعال سيئة حتى في غياب الأدلة والبراهين."
تواجه الأرملة حياة كفاح قاسية، وفوق خسارة حياتها الزوجية، عليها أن تعيش وحدتها وتتحمل أعباء حياتها وعائلتها، في حين أن أبواب العمل لا تُفتح لها بسهولة، بل تواجهها الصعوبات حتى في جهودها اليومية المعتادة.
"عندما تخرج المرأة عن هذه القواعد، عندئذ تفقد احترام محيطها، بل وربما تصبح محل أحاديث سيئة من قبل الآخرين... ويرتبط بهذا الأمر أن الأغلبية من الأرياف، بدائيين وغير متعلمين (التخلف الاجتماعي)،" حسب قول تاجر محلي للوكالة.
تحطّمت حياة ملايين العراقيين في ظل الاحتلال، وحسب تقدير مجموعتين إحداهما أمريكية وأخرى بريطانية، بلغ عدد القتلى العراقيين في ظل الاحتلال بحدود 1.2 مليون من المدنيين. ولهذه الحصيلة آثارها الاجتماعية المدمِّرة. ذلك أن الرجل/ الزوج، وفق القيم الاجتماعية السائدة، يتحمل أعباء معيشة عائلته. وموته يعني أن على أرملته أن تتحمل عبئين مزدوجين. أن تجد عملاً للحصول على ما يكفي لسد حاجات العائلة. ورعاية الأطفال والبيت. هذا إلى جانب حرصها على سلوكها، مقابل القيود الشديدة المفروضة عليها..
كشفت إمرأة قُتل زوجها، عن مشاكل تواجهها بحيث "يصعب تصورها": "عندي خمسة أطفال، أكبرهم (11 عام) وأصغرهم (عامين).. إنهم مسئولية كبيرة جداً لأنني بدون عمل، ولا راتب (تقاعدي) لزوجي المقتول... حياتنا تزداد صعوبة بشكل رهيب. وعلاوة على فقد زوجي، أُواجه هذه المعاناة الجديدة، وحيد في الحياة، ومسئولة عن عائلة كبيرة. ساعات الراحة ضئيلة جداً في يومي المتكرر الحزين الكئيب. هذا الاحتلال فرض علينا ضريبة حياة ثقيلة جداً."
أرملة أخرى قُتل زوجها قبل عامين في نقطة تفتيش للمليشيات- بعقوبة/ محافظة ديالى (40 كم شمال شرق بغداد)، قالت للوكالة أن حياتها أصبحت جحيماً: "كان زوجي كل حياتي. من رجال الأعمال المعروفين في بعقوبة. طلب المختطفون- المليشيات- فدية 50 ألف دولار لإطلاق سراحه. أعطيتهم المبلغ. ومع ذلك لم يطلقوا سراح زوجي. وجدت جثته في المشرحة morgue... الآن وبعد تلك الحياة المرفهة مع زوجي، نحن مضطرون أن نسأل المساعدة من الأقرباء. ولكن لا أحد يهتم بي أو بأطفالي الأربعة. صرنا حالة منسية... عندما تفقد المرأة زوجها عندئذ تعيش على الاستجداء والمذلة... صار ابني الأكبر لا يصغي لكلامي، ولا أعرف كيف اتعامل معه. كان زوجي ضابطاً لكل شيء في البيت. أصبحت أمام مسئولية أكبر من قدرتي."
حكومة الاحتلال في بغداد ليست منتبهة لمأزق الأرامل في العراق. ذكر أحد العاملين في إدارة المحافظة للوكالة "تتسلم كل عائلة 2000 دولار مساعدة حكومية عندما يُقتل أحد أفرادها نتيجة العنف أو إطلاق النار العشوائي." وحسب مسئول آخر في مكتب الرعاية الاجتماعية "إن هذه المنحة لا تُعالج أية مشكلة... الحل الحقيقي هو في منح كل من هذه العائلات مبالغ شهرية." (وهذا يجب أن ينطبق بصفة خاصة على أرامل العراق!!)
مممممممممممممممممممممممممـ
IRAQ: Home to Too Many Widows, (Ahmed Ali and Dahr Jamail*), uruknet.info, BAQUBA, Jun 18 (IPS).
*Ahmed, our correspondent in Iraq s Diyala province, works in close collaboration with Dahr Jamail, our U.S.-based specialist writer on Iraq who has reported extensively from Iraq and the Middle East, (END/2008).