المرأة العراقية العاملة ومستقبل مشاركتها في القوة العاملة



سحر مهدي الياسري
2008 / 7 / 3

هل تتقدم المرأة العراقية إلى الأمام ؟ هل تتحسن أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ؟ أم مازالت كما هي تراوح مكانها ؟ كيف نرى مستقبل مشاركتها في القوة العاملة وفي بناء مجتمعها ؟ يرى البعض أن هناك خطوات ايجابية فيما يتعلق بوضعية المرأة العراقية من خلال الكوتا البرلمانية التي نص عليها الدستور العراقي بالاضافة الى سريان هذه الكوتا النسائية لمجالس المحافظات ,و إلى دعم مشاركة المرأة السياسية وزيادة تمثيلها في المؤسسات المختلفة ( برلمانية ونقابية وحكومية ... ), والبعض الاخر يرى العكس من ذلك أن المرأة العراقية خسرت الكثير بعد عام 2003 بدءا في نسب البطالة المرتفعة بين النساء, وليس أنتهاء بفقدان النساء دورهن في القيادات العليا للادارات الحكومية ,و كذلك لا تزال كثير من الأفكار والمعتقدات السلبية تجاه حقوق المرأة تكرس نظرة اجتماعية متخلفة تجاه المرأة تراها في وضع ادنى من الرجل وتميز ضدها في التعليم والعمل, ولم تتغير تشريعات العمل لمساعدة النساء في الحصول على فرص عمل , وقلة فرص التدريب والتأهيل التي تمكنهن من الحصول على فرص عمل وترقيات ووظائف أفضل ,و أن معاملة النساء العراقيات لازالت تتأثر بالقواعد العرفية ، وتفتقد المرأة العراقية لما يطلق عليه تعبير " الأمن الأنسانى " ويقصد به ممارسة المرأة لحقوقها وحمايتها وتأمين حريتها ... وعموما فهو يعنى حماية الناس من التهديدات الحادة وخلق الظروف التي تسمح لهم بالتحكم في حياتهم وإدارتها. وحسب تعريف تقرير البرنامج الأنمائى للأم المتحدة عام 1994 بأنه يعنى التحرر من الخوف والحاجة .
يمثل وضع المرأة في العراق محصلة تفاعل عدد من العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتشابك بصورة مركبة، وبعضها إشكالي الطابع، ما يستدعي تحليلاً واسعاً ومعمقاَ لكثير من مكونات المجتمع العراقي ويمكن لنا أن نحدد جملة ظروف :-
1- فتباطؤ النمو الاقتصادي بسبب ظروف الاحتلال والتردي الامني يقابله قلة الطلب على العمالة(( وبالذات النساء فهن يواجهن اليوم وبشكل اكبر بكثير من اية فتره اخرى مخاطر البطاله, والجدير بالذكر ان الاوضاع الامنيه المترديه بسبب تنافس الاحزاب على السلطه وإتباعها أسلوب البقاء للاقوى بتسخير السلاح للقضاء على أي معارض لم يدع مجالا أبدا لقيام مشاريع من شانها توفير فرص العمل لمن يرغب وان العمل مفتوح فقط من خلال قطاعي الشرطه والجيش وهي محكومه بأحزاب السلطه وأتباعهم وحتى فرص الوظائف المدنيه التي نادرا ماتطرح فهي تتبع نفس السياسه العقيمه أي إن العمل وفرص الحياة هي فقط من حق السلطه واحزابها ومن لم يتبعني فهو ضدي وعليه لاحق له لديّ)) .
2- بالأضافة فإن غلبة تيارات الاسلام السياسي على واجهة الحياة السياسية العراقية وأمتلاكها عوامل تأثير كبيرة في مجتمعنا و التي تمثل ثقافة ذكورية معقدة ومتخلفة لدور المرأة ارتبطت على وجه التحديد بأولوية الرجال في إعالة الأسر. غير أن الأهم هو أن النساء في حالة الاشتغال، لا يتمتعن بالمساواة مع الرجال في ظروف العمل أو العائد عليه. ناهيك عن التمتع بفرصة متساوية في الترقي لقمة سلم اتخاذ القرار,(( لانستطيع ان ننكر ان فرص المرأه في تسلم المراكز القياديه دائما ماكانت ضئيله ولاتمثل شيئا قياسا بالعنصر الرجالي وهذا يعود الى طبيعة العمل والمهمات والظروف المترتبه على تلك الدرجة والتي تحول دون قدرة الكثير من النساء على الإيفاء بمتطلباتها نظرا لطبيعة ظرفها البيتي او البيئي او الشخصي مما يعطي مبررا موضوعيا لاستبعادها من تلك المراكز، وكذلك المفهوم الاجتماعي السائد لدى الرجل في عدم قبوله بفكرة المراه الرئيسة يجعل التنافس بينه وبين المرأة على المركز القيادي غير شريف احيانا لاتستطيع المرأة مجاراته به مما يحول دون تسلمها ذلك المركز)) .
3- وتشكل برامج التعديل الهيكلي التي سيتم إجرائها والمتمثلة في بيع القطاع العام وخصخصة جميع مشاريع الحكومة في طرد الالاف من العمال وبالتأكيد سيكون نصيب المرأة العراقية من العاطلين عن العمل كبيرا هذه المرة .
4- ويمثل إنحسار دور النقابات العمالية سواء ما قبل الاحتلال بقرارات حكومية منعت التنظيم النقابي في القطاع العام في حينه (القرار 150 وقانون التنظيم النقابي) أو تشظي الحركة النقابية الحالية لغياب التشريع ومحاولة جهات سياسية تجيير الحركة النقابية لمصلحتها الحزبية الضيقة مما أدى الى تشرذم هذه الحركة وعدم نهوضها, و كذا منظمات المجتمع المدني والجمعيات النسائية , وضعف دور الاعلام بكل وسائله في العراق وغياب سياسات واضحة لمكافحة التمييز في العمل عبأ أضافيا جعل المرأة تفقد مساندة هذه النقابات وحماية حقوقها ومكافحة التمييز ضدها ,والضغط من أجل قوانين عمل عادلة للجميع .
5- نقص تشريعي متمثل بالتأخير في إقرار قانون العمل والتنظيم النقابي تتيح قواعد قانونية عادلة وتضمن مساواة بين الرجل والمرأة في مجال العمل .
في ظل الظروف المعقدة التي يمر بها العراق نحتاج الى سياسات متكاملة لاقرار المساواة في العمل بين الرجال والنساء يشترك فيها الجميع الرجال والنساء والحكومة والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ولكن يبقى دور الحكومة رئيسيا في إقرار هذه السياسات وتفعيلها وإعطاء المرأة العراقية الدور اللائق بها للمشاركة في تنمية مجتمعها .ونتسائل كيف يمكن للسياسات الحكومية أن توفر مزيدا من الحماية النساء خاصة :-
- وفي سياق مفهوم التنمية الإنسانية فإن نهوض المرأة يستلزم: المساواة التامة في فرص اكتساب القدرات البشرية وتوظيفها، بين النساء والرجال، ضمان حقوق المواطنة لجميع النساء، على قدم المساواة مع الرجال، الإقرار بوجوه الاختلاف بين الجنسين واحترام هذا الاختلاف. فالنساء مختلفات عن الرجال بيد أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أنهم ناقصات. ولاينبغي على الإطلاق استخدام هذا الاختلاف لمساندة النظريات الداعية إلى عدم المساواة بين النوعين أو إلى أي شكل من أشكال التمييز بينهما.
- المشاركة بأن يكون لكافة الرجال والنساء صوت في صنع القرار مباشرة أو من خلال مؤسسات وسيطة شرعية تمثل مصالحهم . ويرى التقرير أن كثير من القضايا مثل المعايير التقليدية الخاصة بالنوع الأجتماعى وغياب الفرص التعليمية للنساء يشكل سلبا على إدماج النساء.
- -((يجب ان تكون هناك كوتا نسائيه للمراكز القياديه في الادارات ولكن يجب ان يكون اساسها الكفاءه وليس الانتماء الحزبي او العائلي لشخص ما او حزب ما وعليه يجب ان توضع معايير معينه ويتم طرح اسماء يتم على اساس تلك المعايير المقارنه والاختيار وليس التعيين بالاسم لشغل هذا المنصب او ذاك لانه سيكون ذا مردود سلبي على مجمل صورة النساء الاخريات وتاتي ايضا مصادقه عمليه على ان النساء كمالة عدد فقط))
- ـ النهوض بتغيير القيم والمعايير المؤسسية لهيئات العمل والهيئات العامة والمنظمات الأهلية لتعكس أنماط حياة النساء والرجال ومساندة ليس فقط الخيار الفردي فحسب ، ولكن أيضا العدالة الاقتصادية ، أن إدماج النوع الأجتماعى يجب أن يفهم على أساس كونه عملية تأتى بهذا النوع من التغيير المؤسسي .
- ترسيخ التوجه الحقوقي في دعم مشاركة النساء في قوة العمل بديلا من رأى أن حل البطالة المتفشية بين الرجال هو تقييم مشاركة المرأة في العمل.
- وتشمل المساواة التامة بين المرأة والرجل في حق العمل وفى الآجر المتساوي للعمل المتساوي وفى كافة الحقوق الاقتصادية التي يقدمها المجتمع لأفراده أو يطالبهم بها كالضرائب.
- يشير مفهوم النوع إلى الفروق التي اصطنعها المجتمع والمتمثلة في تقسيم الأدوار بين الجنسين والتي قد تنطوي على تقسيم مجحف ، وبينما تعد الفروق الطبيعية والبيولوجية بين الجنسين فروقا ثابتة في ادوار الجنسين بالمعنى الأجتماعى بأنها متغيرة من مرحلة لأخرى تبعا لاحتياجات المجتمع ومقتضيات نموه.
- ((لايوجد أي دور للمراة في القطاع الخاص حاليا للاسباب اعلاه علما ان جميع القطاعات هي الان بحاجه الى دعم حكومي قوي جدا لاعادة الحياة الى الوضع شبه الطبيعي على الاقل . من غير العملي الان فرض أية سياسه كمركيه او سياسة حماية المنتوج الوطني لانه وفي ظل الظروف الاقتصاديه المترديه حاليا فان فرض الكمارك يؤدى الى انحسار الكثير من السلع والمستلزمات اليوميه الحياتيه للمواطن وستختفي او يرتفع سعرها بشكل حاد جدا مما يؤدي الى زيادة الحاله الماساويه للشعب في حين ان فرض سياسة حماية الانتاج الوطنى يجب ان تكون خطوة لاحقة بعد بناء صناعة وطنية منافسة واقتصادية تثبت جدواها للمواطن وعلى الارض وتوفربموجبها مختلف السلع مما يعني ان غياب السلعه الاجنبية لن يكون ذو تاثير سلبي .))
- المساعدة في إعادة بناء نقابات عمالية قوية بعيدا عن أي تأثير حكومي أو تدخل في أعمال النقابات ,وإلغاء أي تشريع يمنع العاملات من حقهن في التنظيم النقابي في كل مجالات العمل وجميع قطاعاته بلا أستثناء ومنها القطاع العام.
- ـ تطوير نظم مساندة أسرية مستدامة وفعالة وفتح مجال الاختيار للنساء وتثمين مساهماتهم الايجابية في الأسرة .
- ـ زيادة قدرة النساء على الجمع بين العمل والمسئوليات الأسرية . .
- مكافحة الفقر ، من خلال تأسيس مظلات وآليات للأمن الأجتماعى ، وتأسيس هيئات ومجالس عليا وطنية توجه اهتماما رئيسيا للنساء المهشمات الفقيرات ، وتوجيه اهتمام رئيسي لقضية النساء المعيلات لأسر,و توفير مشاريع القروض الصغيرة للنساء الفقيرات,و.التركيز في منح القروض الصغيرة للنساء المعيلات لأسر , توفير التدريب والتأهيل للنساء ومساعدتهن على إيجاد فرص عمل ملائمة .((بين قوسين حديث أجريته مع السيدة مناهل حمود الجبوري مسئولة شؤون المراه في نقابة العاملين في محطة المسيب الحراريه ))