هل المراة قادرة على تحقيق اهدافها العامة لوحدها



عماد علي
2008 / 8 / 12

لا نخوض في الظروف التاريخية التي حصلت فيها التغييرات الجذرية لما كانت عليه المراة و تحولت من سيدة لكل ما يخص بها و كانت تتمتع بكامل حقوقها و اكثر من الرجل في الكثير من العهود الى ان تغيرت احوالها و هي الان في وضع لا تحسد عليه ، و لا نريد ان نتعمق في اسباب هذه الانقلابات و التحولات الجذرية التي جرت على وضعها لانها معروفة للجميع من حيث الظروف الموضوعية العامة المؤثرة على جوانب حياتها و الظروف الذاتية الخاصة بها و بما تتطلبه الحياة في كل مرحلة، و تاثير الافكار و العقليات و السياسات على سير الحياة و ظروف المراة عبر التاريخ، و هذا ما يحتاج الى بحوث و دراسات عميقة ، و تختلف من عصر لاخر و من موقع لاخر ، و لابد على الباحث ان يدخل في التفاصيل لكل ثناياها لينتج الحاصل النهائي الدقيق، و كيفية ايجاد طرق المعالجة للخلل الواضح الذي يخص معيشة و حياتها بشكل عام في انحاء العالم و في الشرق الاوسط بشكل خاص، و لابد الخوض في الحركات النسوية و مضامينها و مطاليبها و منجزاتها و اسباب نجاحاتها في حين و اخفاقاتها في حين اخر .
من المعلوم ان الوضع الذي تعيش فيه المراة الان لم يترسخ في ليلة و ضحاها بل نتيجة طبيعية لما آلت اليه الظروف ، و كيفية سيطرة الرجال بشكل خاص على امور الحياة العامة و محاولته تهميش او ازالة دور المراة في العديد من الاحداث المصيرية لسيطرته من جهة واحدة و معينة على سيرورة الحياة، هنا يجب ان لا نتكلم عن الظروف البايولوجية الخاصة بها ، لانها كانت بنفس الحالة عندما كانت هي المسيطرة و سائدة على المجتمع في كثير من المناطق و في اكثر الاحيان،و يجب ان نعلم ان اكبر مسبب رئيسي للتحولات هو ظهور الاديان و المعتقدات بعد الاساطير و الخرافات ، و ترسيخ مجموعة كبيرة من العادات و التقاليد و تنظيم القوانين و الاعراف الاجتماعية السياسية التي اغلبها توجهت لصالح الرجل و على حساب المراة و بالاخص في الشرق المتخلف و انعدام الحرية.
اليوم بعدما نتلمس ما هو الوضع الذي تعيش فيه المراة بكل جوانب حياتها و عدم مساواتها و ظلم العرف و العادات و التقاليد و حتى الايديولوجيا الحديثة لها ، فكيف لها ان تكافح بكل ما لديها من اجل التقدم و لوبخطوات من حياتها و ظروف معيشتها و نيل حقوقها و ضمان مستقبلها و تقدمها و دعم اعمالها و ابداعاتها في كافة المجالات ، و هل بامكانها وحدها دون اي تعاون او مساعدة من بلوغ مرامها في الظروف الصعبة و المعوقات الفكرية و الايديولوجية و الاجتماعية امام مسيرتها و المحاولات المستمرة لعزلها و معاملتها على انها الكائن في المرتبة الثانية من الرجل، و استغلال الرجل لها ، و قلة هي نسبة المتنورين و العقلانيين المتفهمين للحياة و ما يجب ان تكون عليه الانسانية، و نسبة المتفهمات منهن و مدى قدرتهن على العمل الصعب هذا و في غمرة الحياة المليئة بالصفات الانانية التي هي بالضد من تطلعاتها ،هذا ان لم نحسب القوانين و طرق التربية العائلية و الاجتماعية و الدينية في تحديد مسيرتها و معيشتها ، كهدف هام لها و اولويات اهدافها يجب ان تكون اعادة الوضع العام الى طبيعتها و اعادة دورها الفعال الى ما كانت عليه و محاولة ازالة الشواذ و القوانين و الافكار و المعتقدات المخلخلة لمعيشتها و مقللة لقيمتها الانسانية، و محاولة اعادة ظروفها التي يجب ان تكون فيها ،و هي مؤمنة بالعيش السليم و التساوي مع الرجل .
ان المهمة صعبة جدا ، و ان لم يكن هناك من يقف معها و تُترك لوحدها في خضم نضالاتها و جهدها لازالة المعوقات امامها و في صراعاتها الدائمة و المستمرة ، لن تكون الطريق قصيرا او تحتاج الى جهود مضاعفة وربما تفشل فيها، الا ان الرجال المتفهمين لما تتطلبه العقلية الانسانية التطورية و تحتاجه الحياة من المساواة و تحقيق الاهداف التقدمية الحياتية يكون لهم يد طولى في دعم مسيرة المراة للحصول على حقوقها و العيش بسلام و في مقدمة مهام الرجال هي مساعدة المراة على عدم التقيد بالتقاليد و العاداة المقللة لهيبتها و كيانها و توفير الحرية اللازمة لعملها و ايمانه بحق المراة في التمتع بكافة حقوق الانسان التي يجب ان تتوفر في المجتمع، و هناك من النساء تخالفني الراي في تعاون و مساعدة المراة من قبل الرجل و هن على الراي بان الحصول على الحقوق و ان كانت الطرق طويلة من قبل المراة نفسها تكون اثبت و ارسخ من حصولها بتعاون الرجل لها و الذي يكون مصلحيا حتما في هذا ايضا .
اليوم نرى الفرق الواسع بين الافكار و الايديولوجيات فيما تنظر الى قضية المراة الحساسة ، و يمكن ان يكون العامل الحاسم و الفارق الظاهر بين العلمانية و الافكار التقليدية الدينية و المذهبية، و للمراة نفسها ان تختار الطريقة الواضحة و الصريحة من اجل الحصول على حقوقها بكل الوسائل و السيطرة على معاناتها ، و الخطوة الاولى هي التعلم و الايمان بقضيتها بنفسها ، و عدم امكان خدعها بالافكار و المثل التي تقلل من شانها و تكون مقتنعة بها و هي لا تعلم الصح و ما هو لصالحا من جوهر النظرات او ايمان هذه الافكار و العقول والايديولوجيات الى قضيتها الانسانية على الساحة.
بالاضافة الى تعاون الرجل المتفهم لقضيتها فهي عليها ان تنظم اعمالها و بشكل دقيق و من كافة الاتجاهات و في كل المجالات ، ومنها الثقافة و الاعلام و حرية التعبير و الراي و التجمع و التعاون مع البعض، و محاربة الجهل و توسيع رقعة المؤسسات فيما تخص شؤون المراة و الاهتمام بالنخبة المنورة لفتح طريقهن و عدم الرضوخ للمتطلبات الحياتية الصعبة امامهن و الصبر و الارادة في العمل من اجل تحقيق اهدافهن، و الحذر من الخداع و خاصة من الافكار و التقاليد البالية المضرة بمسيرتهن ، بالاضافة الى التفهم لوضع الرجل و المقارنة بين العقول و عدم فتح جبهة امام كافة الرجال من دون التمييز و كأن الرجل وحده سبب ماساتهم من دون النظر الى التاريخ و الظروف الموضوعية العامة و الذاتية الخاصة بهن، و ليس على الرجال المؤمنين بحقوقهن الا دعمهن منطلقين من افكار انسانية تقدمية بحتة دون الاعتبار للعادات و التقاليد المصطنعة، و بدعمهم تعم السلم و الامان و التطور في البلد، اي المراة بحاجة الى تعاون الرجال للخوض في تحقيق اهدافها و حل قضيتها ، و لا تتمكن بمفردها العبور الى شاطيء الامان الا بوقت طويل جدا و بصعوبة كبيرة.