سقراط والسيوطي على هامش فتوى ومعالجة اسرية..2



فاتن نور
2008 / 8 / 20

وحكى سقراط ،وحسب تعبيرالإمام الجليل جلال الدين السيوطي في كتابه..شقائق الأترج في رقائق الغنج..بأن الجماع بغير مؤانسة من الجفاء..
واردف الكاتب مفسرا " بأنه بين الانسان الناطق وبين ما هو غير ناطق من الحيوان فاضلةُ،وأن يتجمل الانسان بالزينة التي فضله الله بها وقت النكاح ليتميز بها عن البهائم..كما تحدث عن ضرورة إجتذاب مودة النساء والتحبب اليهن قبل المعاشرة.."

ولعل السيوطي كان عطوفا مع الذكور الناطقة دون فاضلة،ولكنه اساء الى عالم الحيوان وفيه للانسان قدوة حسنة،فلو وددنا إقتناء المعرفة بهذا الصدد من الطبيعة الأم،
والتأمل مليّا في العالم غير الناطق وهذا من المستحب دينيا،فأن ذكورعالم الحيوان يتقربون الى الاناث بإستعراض جماليات اجسادهم،اما في عالم الانسان فأن الذكور الناطقة لابد أن تستحضر جمالية ما للتودد،ولأن الاناث الناطقة هي الأجمل في عالم الانسان كما هو متداول،بل ومفخم كثيرا في بعض الثقافات التي تأسرالأنثى بالجمال وتوفر لها إقامة مريحة في حصون الباستيل،فأن على الناطق الذكر استعراض جمالية النطق وزينة الخلق،رقة التعامل وحسن السلوك،وشاعرية التقرب والإداء..
ولكن..بينما يتخلى الحيوان فطريا عن وحشيته حين التقرب من انثاه،يُدفع الانسان فقهيا الى وحشية التقرب،ويُبررهذا الدفع بما ستؤول اليه تلك الوحشية من ابعاد انسانية تخدم الأسرة والمجتمع،وهذا ليس بغريب فتاريخ الأديان ينطوي على الكثير من الوحشيات المدونة تحت مسميات انسانية..


إقتناء العلوم والتكنولوجيا من الغرب إقتناء مبرر،ولكن العجيب هو إقتناء الإثارة ايضا من مواخير الغرب الفاسد،في الوقت الذي سبقنا فيه العالم في هذا المجال،ولدينا صور رائعة تجمع بين الإثارة المكثفة والثقافة الجنسية والفن الأدبي والطرافة،وتلك صور اخرجها لنا رجال دين واولياء صالحين،وبذلوا جهودا حثيثة لهذا الغرض..
ومنها ما جمعه السيوطي في كتابه اعلاه.. الشقائق والرقائق.. وكتاب.. نواضر الأيك في معرفة النيك..وقد ذكر خمسين وضعا للمضاجعة،وهذا سبق معرفي عمره خمسة قرون او اكثر،ناهيك عن الولوج بتفاصيل سريرية دقيقة وبإنفتاح لفظي مذهل،بصورة سرد او شعر او طرفة،إنفتاح لا نقاب عليه ولا حجاب،بل عار تماما لإيصال المعلومة والإثارة والمرح،كما أن تلك الكتب قواميس قيمة لمفردات الجنس،الشائع منها والمتداول سوقيا،والنادر جدا والغريب،وهي مفردات موظفة بإتقان لتعكس وتجسد صورا واقعية من حياة العرب والمسلمين وفضاءاتهم الغريزية..
..والكثير من المطبوعات المماثلة منها تحفة العروس للتيجاني،نزهة الألباب للتيفاشيى،والروض العاطر في نزهة الخاطر لمحمد النفزاوي..والخ..والمكتبة الاسلامية زاخرة بكل نفيس ومثير يعود بالشيخ الى صباه!....

تلك المرأة المسلمة شكت حالها لفقيه لصيق اكثر مني بعلوم الفقه وبواطنه وبالمعرفة الاسلامية وعلومها، لو كانت قد جاءتني لكنت قد افتيت ونصحت بالتالي.. وبتفصيل لا بد منه امام عقول هرمت لربما بعلوم التفقه..


1. الإكراه..لا يشبع منطق او حاجة انسانية داخل اسرة،فالأسرة ليست مؤسسة دكتاتورية..اعلمي هذا ايتها السيدة الفاضلة...اذا كانت رغبة الزوجين او احدهما ستستنفر بمشاهدة افلام الإثارة فلا بأس بذلك..ولكن بالتراضي واللطف وبقبول الطرفين على حد سواء.. وعليكما بالصور الحلال!..فهذا افضل..

كما الفت انتباهك الى ان هنالك تداخلات سايكولوجية وتربوية معقدة قد تقود الى استحباب العنف،تعذيب الذات وإذلالها او تعذيب وإذلال الآخر،وحالة كتلك يجب ان توضع على طاولة الإفصاح والمحاورة بين الطرفين،ليرى كل طرف فيما اذا كان مقتدرا على قبول الأخر كما هو،ومتمكنا من التعايش مع طرائقه في التعبيرعن نوازعه الغريزية،الإكراه على التعايش مع حالة كتلك وتحت سقف اسري،له تداعيات خطيرة تفوق تداعيات الإكراه تحت سقف سجن ابو غريب!....

2. مما تشكين ايتها الزوجة..
هل هو البرود الجنسي ام سوء توقيت ام سوء معاملة..ام هنالك اسباب نفسية او صحية او إجهادات اجتماعية شتى لا تتيح لك الرغبة.. اسألك هذا إن كان غياب الرغبة واقع حال يتكرر بإستطراد يثقل على الزوج ويصيبه بالغثيان والإحباط ،وهنا عليك وزوجك تدارس الإسباب للوقوف على طبيعة العلة ومحاولة حلها بسعة صدر وتفهم،ولا بأس باستشارة متخصص في هذا المجال يرشدكما الى موطن العلة إن تعثر عليكما السبيل،اما إن كانت مرة عابرة او مرات عابرات فهي غير جديرة بالإهتمام او الإجتهاد ولا تستدعي الإنحراف فانت زوجة لمسلم عاقل،والرباط المقدس اقوى من ان ينفصم بالعابرات،والأسرة لا تنجرف بنزيز ماء..هكذا يفترض..

3. أنتبهي ايتها الزوجة فقد تكون العلة مرتبطة بالزوج وطبيعة اداءه معك..العلاقة الجنسية آخذ وعطاء..وقد تغيب رغبة الزوجة/الزوج لو تكرر الآخذ دونما عطاء يشبع رغبة الآخر،وصار الأخذ سمة لعلاقة جنسية من قبل طرف..
كوني منفتحة مع زوجك دونما حياء،وعليه الإصغاء لحاجاتك ورغباتك..والرغبة قد تستنفر بما يتوقعه الطرفان من حبور وارتياح على سرير يتدفأ بالعطاء المتبادل،وقد
تغيب الرغبة او تكتم بتوقع اللاشيء وتخيل عسر الإنكفاء به...

4. لو عرجتما سوية على كل هذا وبذلتما الجهود الصادقة،ولم تتمكنا من التفوق على العلة ايا كانت،او إن كانت لا علة شاخصة هناك ليباركها حل،وهذا قد يعني أن علاقتكما الزوجية/الجنسية علاقة تنطوي اساسا على تضاد او نفور،وفي الحالتين لا ارى في الأفق ملامح اسرة معافاة أو زوجين متصالحين روحيا وجسديا..التسريح بالمعروف هنا قد يكون فعلا اخف الضررين ..

5. إن كنت تخشين التسريح ولمقتضيات مادية تخافين فقدانها،او لأنك مازلت ترين ملامح قيام اسرة مستقرة فيما لو حط بكما الطريق على متن الفقرة الرابعة.. فعليك مقايضة الزوج بتلك الماديات او بتلك الملامح، بتسليم العقل والجسد وحال حضور رغبة ما للزوج!...لا انصحك بهذا اطلاقا، ولا انصح الزوج بقبول هذه المقايضة لما فيها من امتهان لك وله ولمفهوم الأسرة،فقد لا تقف مقايضة الجسد بماديات العيش او بتسفيه مقومات بناء اسرة سليمة عند حد المؤسسة الزوجية وبالنسبة للطرفين..
...لذا عليكما التفكير جديا بهذا التساؤلات :
..لم انتما داخل مؤسسة مقدسة ومن جاء بكما هنا..
..كيف سينفع كل منكما كشريك صالح للآخر ومتصالح معه وانتما في مفترق الإخفاق والإكراه على سرير الزوجية..
...هل مؤسسة الزواج مؤسسة نفعية وبشكل مبتذل..ما قيمة اسرة تقوم على هذا...

إن لجأت ايتها الزوجة الى المقايضة لمقتضيات العيش او اي اسباب آخرى فلا تمررين هذا الى بناتك،وابذلي من الجهود كثيرها لتعليمهن وحصولهن على قوة اقتصادية ومعرفية في المستقبل،كي لا يقف العامل الاقتصادي والجهل وراء مقايضة او إمتهان..وابذلي جهدا اكبر لتعليم اولادك الذكور ليكونوا اسيادا بفضيل الخلق وزينة العقل،وبالحفاظ على كرامتهم وكرامة المقابل...

وهذه النصحية لا أظنها تتجاوزعلى دين او تغفل علم او منطق..
المعرفة الدينية بمفردها قد لا تكفي لإطلاق فتوى،ولا بد من الإنفتاح على المعارف والخبرات الأنسانية والعلوم التي تحرك العقول وتحرر طاقاتها..فالمعرفة الدينية لا تمتلك كل الحلول لقضايا الجنس البشري وتعقيداتها المعاصرة..
وليس العاطل من لا يؤدي عملاً فقط ،العاطل من يؤدي عملاً في وسعه أن يؤدي أفضل منه"..هكذا تحدث سقراط ..
وقد اتقن محلفو أثينا عملهم اذ قتلوه!، ومازال محلفو السماء على الأرض يتقنون حرفة الإفتاء المهلهل وشهوة البطش بالمفكرين..