الامهات العازبات في المغرب .. اباحية وسفور ام فقر وجهل..؟؟



ابراهيم علاء الدين
2008 / 9 / 2

قالت "جمعية انصاف" المغربية انه يوجد حوالي 5 الاف أم عزباء في الدار البيضاء (أي امراة انجبت دون زواج رسمي) لكن الجمعية لم تقل كيف تم ذلك الانجاب، هل جاء نتيجة ممارسة الدعارة؟ ام نتيجة الاسغلال العاطفي للفتاة من قبل الشباب؟. ولكن واي كان السلوك المتبع فان الظاهرة خطيرة ومؤسفة ومرفوضة.
وقالت الجمعية ان أعمار 55% منهن تراوح ما بين 19 و26 سنة، وبينما تجاوزن 36% عمر الـ27 سنة، فإن 9% الباقية من الأمهات العزباوات بنفس المدينة تتراوح أعمارهن بين 14 و18 سنة.
وفي تعليق على هذه البيانات قال عالم الدين المغربي الشيخ عبد الباري الزمزمي ان هذا العدد اقل من العدد الحقيقي بكثير متوقعا ان يكون العدد عشرة اضعاف ما اعلنته الجمعية في مدينة الدار البيضاء وحدها.
واعتبر في تصريح للعربية نت ان السبب يرجع للواقع المنحل واجواء السفور والاباحية التي تتسم بها اخلاق بعض الفتيات ، وايضا محاربة الحجاب من طرف الكثيرين في المجتمع المغربي"
وقال الدكتور محمد التاويل، أحد كبار علماء المذهب المالكي بالمغرب، أن ظاهرة الأمهات العزباوات هي ثمرة الانحلال الخلقي والتفلت السلوكي.
وقال الاخصائي الاجتماعي عياد أبلال، "إن تفشي ظاهرة الأمهات العزباوات يرتبط أساسا بتحولات ثقافية واقتصادية وسوسيولوجية، لعل أبرزها فشل مؤسسة الأسرة الممتدة وتقزيمها وتعاظم دور الأسرة النواتية، ومساهمة الشارع بشكل حاسم أيضا في تشكيل القيم داخل الأسرة المغربية.
وأشار إلى مسألة الظروف الاقتصادية التي يعيشها مجتمع الهامش من هشاشة اقتصادية فادحة، وإلى تطبيع المجتمع مع القيم الوافدة بالاضافة الى قيم الفحولة التي لعبت دورا مؤثرا في ارتفاع عدد "الأمهات العزباوات"، حيث صار ممكنا أن يقبل الرجل المغربي الأم العزباء دون حرج، عكس ما كان يحدث في الماضي القريب حين كان حراما على الفتاة فقدانها لبكارتها أو ممارستها للجنس دون ضوابط. مشيرا الى أنه "أضحى طبيعيا حاليا أن تعول المرأة أسرة بكاملها من احترافها الدعارة وبيع الجسد.
وقالت الجمعية ان هؤلاء الأمهات يأتين إلى الجمعية بنفسية منهارة هربا من الفضيحة الاجتماعية التي تورطن فيها، ومن الفقر أيضا حيث إنهن لا يعملن أو أنهن تلميذات وطالبات صغيرات السن.
يبدو ان الشيخان الزمزمي والتاويل من شيوخ السلطان اللذان لا يجرؤان على قول الحقيقة ، لان ما قالاه في تبرير الانحراف نحو الرذيلة وممارسة الدعارة هو نتيجة وليس سببا، فالانحلال الخلقي والواقع المنحل والاباحية هو نتيجة لمجموعة من الاسباب وكلها ترجع الى الفقر المدقع المنتشر في مدن المغرب. والذي هو نتيجة للسياسات الحكومية وفشلها في وضع برامج سليمة لتنمية الاقتصاد الوطني مما جعل عدد الفقراء يتزايد بنسبة مرتفعة عام بعد عام.
ولكن الشيخان لم يذكرا شيئا عن الفقر، لانهما يخشيان السلطة.
اما قول الشيخ الزمزمي بان سبب انتشار الرذيلة في الدار البيضاء وغيرها من المدن المغربية هو السفور ومحاربة الحجاب ففي ذلك هروب اخر من مواجهة الحقيقة، فهو يعلم ويرى بام عينية مدى انتشار الحجاب في المغرب، وهو يعلم علم اليقين بان الحجاب لا يمنع من السقوط في الرذيلة، بل احيانا يستخدم للتغطية والتمويه، وانه عبارة عن زي مثله مثل الازياء الاخرى التي تتوافق مع السلوك الاجتماعي السائد، وان غطاء الراس الفارغ من الوعي لا ياتي بالوعي، وان اسدال ستارة سوداء على جسد المراة الجائعة لا يملأ معدتها.
فالشابة فاطمة الزهراء عاملة النظافة في فندق وسط كازا بلانكا (الدار البيضاء) محجبة ولكنها تراود النزلاء عن انفسهم، وخديجة الطالبة الجامعية التي تلتقيها في مطعم مكدونالد القائم على شاطيء البحر وغير بعيد عن اكبر مسجد في الدار البيضاء محجبة ولكنها تحاول استدراجك، وسعاد التي تلتقيك في السوق وتقترب منك لتنصحك بان تنتبه فالباعة يرفعون السعر على الاجانب وتعرض عليك مرافقتك لتحميك من الغش هي محجبة وتعرض عليك خدماتها.
وتلك التي ما توقفت عن الابتسام وارسال الاشارات لك في المطعم ايضا محجبة، وسائق التاكسي في اغادير عندما يعرض عليك صورا لفتيات لديهن الاستعداد للاهتمام بالغرباء فالصور ليست لفتيات سافرات ، حتى تلك المراة الثلاثينية العاملة في محل للازياء النسائية في مدينة "جديدة" الصغيرة التي تبعد عن الدار البيضاء مسافة ساعة تقريبا وتبدي استعدادها لمرافقك الى الدار البيضاء لم تكن سافرة.
ويبدو ان الاخصائي الاجتماعي اكثر ادراكا ووعيا من عالم الدين الزمزمي ومن العلامة الدكتور التاويل، فيعدد مجموعة من الاسباب الحقيقية والواقعية التي تشكل دوافع رئيسية للانحلال والدعارة وانجاب اطفال دون زواج وظاهرة الام العزباء.
ولكن الاستاذ الاخصائي وضع تلك الاسباب ومن بينها الفقر بنفس الدرجة والوزن ، وفي ذلك خطأ لا اظن انه مقصود ، فربما ان الوقت او المساحة التي حددت له لم تسمح سوى بتعداد العوامل كيفما اتفق.
لان الاخصائي الاجتماعي لا بد وانه يدرك انه كلما عم الفقر وانتشر في المجتمعات كلما انتشرت الرذيلة والجريمة وتجارة المخدرات والدعارة وكل انواع الفساد.
فالمجتمعات الاشد فقرا هي الاكثر استعدادا لارتكاب الموبقات والمعاصي بحثا عن لقمة العيش، فالفقر هو العامل الرئيسي في توفير المناخات الملائمة للرذيلة.
وكما هو معروف ان السياحة في المغرب تطغى عليها السياحة الجنسية، حيث عشرات الالاف من الفتيات المغربيات الفقيرات يعتشن على السياحة الجنسية.
وهذا ما دفع احد الكتاب الكبار بالمغرب للدعوة الى تقنين البغاء، وذلك لمحاربة الدعارة وتجارة الاجساد، والحيلولة دون تفاقم ظاهرة الامهات العازبات، بدلا من ترك الامر على الغارب.
ومع ازدياد الفقر في المجتمع المغربي مع انخفاض الانتاج الزراعي بسبب الجفاف وارتفاع اسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وباقي اسعار الخدمات، فان عدد الفتيات اللواتي سيدخلن سوق الدعارة سوف يزداد، وعدد الامهات العازبات سوف يرتفع.
فالجوع ابو الكفار يا سادة، والفقر ابو الجرائم، والديكتاتورية والاستبداد والاضطهاد يفرخ الفقر ويلقي بالمزيد من الكتل البشرية في اتون الحاجة حتى لابسط مقومات الحياة.
وعلاج ظاهرة الامهات العازبات لا يكون بتغطية راس الفتاة او الباسها النقاب، بل بمعالجة اسباب الفقر، او على الاقل تخفيفه، لانه مع الفقر يزدهر الجهل، لان من لا يملك قوت يومه لا يفكر بارسال اطفاله الى المدارس، ولن يستطيع شراء كتاب لابنه او بنته، ولن يتمكن يوما من امتلاك جهاز كمبيوتر في منزله، وبدون هذه المقومات لا يمكن القضاء على الجهل.
فالجهل قرين الفقر والمجتمعات الاكثر فقرا هي الاكثر جهلا.
والناس الاكثر فقرا والاكثر جهلا هي التي تفرخ الامهات العازبات واللصوص والقتلة والحشاشين وتجار المخدرات ، ومحترفي التزوير وتجار الرقيق والواهمين وباعة الاوهام ومروجي صكوك الغفران الحديثة وكل انواع الفساد والافساد.
فمن المعيب ان يكون بلدا يمتلك ثروة سمكية وزراعية ومقومات سياحية متنوعة وخبرات بشرية كبيرة وحضارة عظيمة ، من العيب ان يرزح نحو15 في المائة من سكانه تحت خط الفقر وفق اكثر الاحصائيات تحفظا فيما تشير احصائيات مستقلة الى ان نسبة الفقراء في المملكة المغربية يصل الى نحو40 بالمائة.
هذا هو السبب الحقيقي لظاهرة الامهات العازبات وليس السفور والانحلال.او الاتصال بالشعوب الاخرى او فحولة الذكر المغربي.