أثر الممارسة الانتخابية للمرأة من خلال التعاونيات في تفعيل مشاركتها لصنع واتخاذ القرار



محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
2008 / 9 / 12

الإهداء
(ليس هنالك رجل هو من الكمال بحيث يؤتمن علي حريات الآخرين ، فثمن الحرية الفردية المطلقة هو دوام سهر كل فرد علي حراستها واستعداده لتحمل نتائج تصرفه فيها).
الأستاذ/محمود محمد طه
المقدمة
الانتخاب هو اختيار المواطن من يمثله في اتخاذ القرارات السياسية أو الإدارية لكي يتولى الشخص المنتخب (بفتح الخاء) المهام السياسية بعد ذلك ولكن الا يعني هذا ان الشخص المنتخب أي الحاكم يكون مدينا بسلطته للمحكوم أي الناخب ؟ اليس المحكوم هو الذي جعل الحاكم يمسك بمقاليد السلطة والحكم ؟ وكيف للحاكم ان يصدر امرا يقيد به المحكوم وهو مصدر سلطته ؟ وكيف يمكن للمحكوم ان يلتزم بأمر مقيد صادر عن سلطة نشأت عنه ؟ يجب النظر اولا الى علاقة المحكوم بالحاكم ووضعه القانوني ، فالمحكوم عندما يختار الحاكم هذا يعني انه قد رضي به ويعني انه مقيد بما يصدر من قرارات عنه . فقبول شخص الاغلال على معصميه لا ينفي عنه صفة السجين فقبول ، المحكوم بالحاكم لا ينفي عنه صفة كونه محكوما مقيدا بالاوامر الصادرة عن الحاكم . اما سلطة الحاكم فهي لا تستمد من الصوت الذي يدلي به المحكوم في صندوق الاقتراع ، بل تستمد من منصبه كونه حاكما ، فمركزه القانوني هو الذي يمنحه هذه السلطة اما انتخاب المحكوم له ورضاه به لا يمنحه سوى صفة الشرعية في الحكم ، وهذه الشرعية لا يمكن اكتسابها الا عن هذا الطريق لذا كانت الانتخابات هي الطريق المثلى لكسب شرعية الحكم حتى صارت الدولة الحديثة لا تسمى دولة ديمقراطية مالم تجر فيها الانتخابات . تعني الانتخابات ان هناك ناخبين يصوتون وان هناك مرشحين يحصلون على اصوات الناخبين ، ولكن كيف يفوز المرشحون ؟ وكيف توزع المقاعد البرلمانية على الفائزين ؟.
تسعى الاحزاب السياسية الى الفوز بالانتخابات أو الحصول على اكبر عدد من المقاعد الذي يساهم لاحقا في تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها أو تشكيل معارضة برلمانية قوية، ولهذا فان النظم الديمقراطية تقوم الاحزاب في بنائها لما يخدم العملية الانتخابية، حيث في حالة تقسيم البلاد الى دوائر إقليمية كبيرة وعلى أساس نظام الانتخاب النسبي، لا بد من”مهندسي الاحزاب" ان يقوموا ببناء الهيكلية الحزبية على أساس هذا التقسيم، إذ ان الحزب يعمل أولا وأخيرا في المجتمع، وتشكيل مهمة الانتخابات وإجراؤها والفوز بها و متابعة أعضاء الحزب في البرلمان هي من المهام الأساسية لاي حزب سياسي برلماني، لا بل هناك العديد من الاحزاب تعتبر الأعضاء الفائزين في البرلمان هم تلقائيا أعضاء في قيادة الحزب.
وتتحقق السلطة السياسية في النظم الديمقراطية بالفوز في مراكز الاقتراع، وحيث ان الانتخابات في هذه النظم هي وسيلة اختيار حكام المجتمع وأداء ثقل السلطة السياسية من شخص الى آخر أو من جماعة سياسية الى اخرى. لذلك فان الهدف الأساسي للحزب هو الفوز في الانتخابات. ولهذا لا بد له ان يختار الأشخاص المناسبين لشغل الوظائف بالانتخاب وان يعمل على تجنيد كافة طاقات أعضائه ومناصريه، وتحديد الأسس العملية للبرنامج الانتخابي للحزب، و عادة يكون مستمداً من برنامج الحزب السياسي وكثير من الأحزاب تعقد مؤتمراتها وتحضر للانتخابات الحزبية الداخلية عشية الانتخابات البرلمانية في البلد، حيث لا يعقل ان تكون الديمقراطية الداخلية في الحزب اقل من الحياة الديمقراطية في المجتمع.
و تسعى الاحزاب السياسية الى إقامة تحالفات عشية الانتخابات، وكذلك تحديد الأسس المستقبلية للمشاركة في الحكم أو اخذ موقع متقدم في المعارضة، و تشير الدلائل الى ان معظم العمل الذي تقوم به الاحزاب السياسية في النظام الديمقراطي يتعلق بصياغة السياسة بإدارتها وتنفيذها. المهمة الأساسية للحزب هي خلق أجواء من الرأي مواتية داخل صفوف الشعب.
ويبتعد الحزب في برنامجه الانتخابي عن الخوض في تفاصيل الحكم، بل يحدد الاتجاه والمبادئ الرئيسية العامة للسياسات التي سوف يتبناها في حالة فوز ممثليه في البرلمان وتشكيل حكومة ائتلافية ولكن على أساس برنامج سياسي محدد.
ومن أجل تكريس الديمقراطية الداخلية تسعى الاحزاب الى تبني آليات ديمقراطية عصرية لاختيار مرشحي الحزب في الانتخابات، لا بل حتى تشكيل قوائم مشتركة مع أحزاب ائتلافية أو حتى ضم بعض المستقلين والشخصيات الاعتبارية، وهناك أحزاب تجري انتخابات تمهيدية داخلية لكافة أعضاء الحزب من أجل اختيار مرشحي الحزب وترتيب قائمة الحزب في حالة نظام التمثيل النسبي أما في حالة انتخابات الدوائر، فنجد انه لا بد من الأخذ برأي المنظمات المحلية الحزبية بالتنسيق مع قيادة الحزب لاختيار مرشحي الحزب للانتخابات البرلمانية، ولهذا لا بد لكل حزب ان يحدد سياسته في اختيار المرشحين وعددهم، خاصة وأن النظام الانتخابي المعتمد يؤثر تأثيرا كبيرا على سياسة الحزب الانتخابية.
وبالرجوع إلى نتائج الانتخابات الماضية ، نجد ان النظام الانتخابي شكل العائق الأساسي أمام تمثيل القوى السياسية الديمقراطية من جهة، بالإضافة الى عدم تبني سياسة انتخابية مشتركة ( موحدة) أي إقامة ائتلاف انتخابي وتقليل عدد المرشحين والتركيز في الحملات على عدد محدد، من أجل ضمان الفوز وليس الحصول على الأصوات للمرشحين الذين لم يفوزوا.
و يؤكد دستور السودان على ان النظام السياسي ، ديمقراطي نيابي برلماني، يقوم على التعددية السياسية، ويكفل للمواطنين الحقوق والحريات ومنها حرية تكوين الاحزاب السياسية و ممارستها لنشاطها على أساس القانون دون تمييز، بسبب الرأي السياسي أو الجنس أو الدين. وتلتزم الاحزاب مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة عملا بالدستور. ولهذا لا بد من التأكيد على الطابع الديمقراطي للأحزاب في حياتها الداخلية وبنائها التنظيمي واختيار كوادرها لتبوء مواقع رسمية. وهذا يتطلب منها عقد انتخابات داخلية ومؤتمرات تنظيمية دورية، أي كل أربع الى خمس سنوات على الأقل!! ان الترابط وثيق بين الديمقراطية والأحزاب السياسية والانتخابات، حيث لا نستطيع ان نتصور نظاما ديمقراطيا بدون تعددية سياسية ( حزبية). وتقوم الاحزاب السياسية بدور هام في تنظيم مشاركة المواطنين وتشجيعهم على المشاركة الفاعلة في الانتخابات، حيث تقود الاحزاب السياسية الحملات الانتخابية والرعاية في وسائل الإعلام المختلفة لبرنامج الحزب و مرشحيه.
المحور الأول
حقوق الإنسان والانتخابات
تعتبر مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون العامة لبلدانهم إحدى الركائز الأساسية لحقوق الإنسان التي أكد عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، حيث جاء في المادة 21 أنه”لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يُختارون بحرية." وإن إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت. وأكدت الفقرة 2 من المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية للمواطن حق المواطن في أن يَنتخب ويُنتخب في انتخابات نزيهة تجري بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، بما يضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين. تعتبر الانتخابات الركيزة الأساسية في عملية البناء الديمقراطي ولكنها ليست كافية إذ يتطلب إجراؤها ضمان العديد من الحريات الأساسية حيث أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن”الانتخابات بحد ذاتها لا تشكل الديمقراطية، فهي ليست غاية بل خطوة لا ريب في أنها هامة وكثيرا ما تكون أساسية على الطريق المؤدية إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على المجتمعات و نيل الحق في مشاركة المواطن في حكم البلاد على النحو المعلن في الصكوك والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وسيكون من المؤسف خلط الغاية بالوسيلة و تناسي الحقيقة القائلة بان معنى كلمة الديمقراطية يتجاوز مجرد الإدلاء دوريا بالأصوات ليشمل كل جوانب عملية مشاركة المواطنين في الحياة السياسية لبلدهم."
ومن أجل ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة لا بد من توفر المناخ الديمقراطي والحريات الأساسية للمواطنين ولا سيما حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، وتشكيل الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات المستقلة وسيادة القانون. وأكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1991 أن ”الانتخابات الدورية والنزيهة عنصر ضروري لا غنى عنه في الجهود المتواصلة المبذولة لحماية حقوق ومصالح المحكومين، وان التجربة العملية تثبت أن حق كل فرد في الاشتراك في حكم بلده عامل حاسم في تمتع الجميع فعليا بمجموعة واسعة من حقوق الإنسان والحريات الأساسية الأخرى وتشمل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية”. أكدت كافة الوثائق والإعلانات والاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان على العديد من المعايير الدولية التي تضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، ونذكر منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومشروع المبادئ العامة بشأن الحرية وعدم التمييز في مسألة الحقوق السياسية، وقرار لجنة حقوق الإنسان حول زيادة فعالية الانتخابات الدورية النزيهة، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان …
واستنادا لهذه الوثائق فقد صنف مركز حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هذه الحقوق على النحو التالي:
أولا: إرادة الشعب
ثانيا: تأمين الحرية
ثالثا: تأمين الحقوق الأساسية التالية:حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي و حرية تكوين المنظمات والجمعيات و الأحزاب.
رابعا: استقلالية السلطة القضائية
خامسا: مبدأ عدم التمييز
سادسا: الاقتراع السري
سابعا: الاقتراع العام المتساوي
ثامنا: الاقتراع الدوري
واحتراما لمبدأ حق تقرير المصير، فقد أكدت المادة المشتركة الأولى في العهدين الدوليين للحقوق المدنية و السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أن لجميع الشعوب الحق في تقرير مكانتها السياسية ومركزها السياسي بحرية حيث جاء فيها ”لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي، وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. هذا ونصت كافة الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، على ضرورة ضمان الحرية وذلك بإجراء الانتخابات في مناخ حر و ديمقراطي، وفي أجواء خالية من الخوف، ولذا يُتطلب توفير الثقة لدى المواطنين وعدم تعرضهم للخوف أو التنكيل نتيجة اختياراتهم. وتستهدف التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان الواردة في المواثيق الدولية إيجاد تربة ملائمة وخلق مناخ مناسب لإجراء انتخابات حرة ونزيهة؛ وبدون ممارسة هذه الحقوق تصبح الانتخابات مجرد مسألة شكلية وصورية.
تشير بعض التقديرات إلى أن أكثر من بليون شخص في العالم يُدلون بأصواتهم في انتخابات ديمقراطية تنافسية لاختيار حكامهم وممثليهم في مؤسسات صنع السياسات واتخاذ القرارات. فبعد موجات التحول الديمقراطي التي شهدها العالم في العقدين الأخيرين من القرن العشرين تُجرى معظم دول العالم انتخابات من نوع ما، بيد أن نحو نصف دول العالم فقط تشهد انتخابات توصف بأنها ديمقراطية وتنافسية. أما بقية الانتخابات فلا توصف بذلك، إذ طوّر الحكام أدوات وأساليب للتلاعب في عملية الانتخابات - أو ما يسمى في أدبيات السياسة "technology of manipulation" - بغرض تحقيق مقاصد غير تلك التي تُرجى من الانتخابات الديمقراطية، وعلى رأسها الحصول على الشرعية أمام الجماهير والتخفيف من حدة الضغوط المطالبة بالإصلاح واحترام حقوق الإنسان في الداخل والخارج. وفي المنطقة العربية لم تؤد الانتخابات التي تجريها بعض أنظمة الحكم إلى انتقال ديمقراطي واحد، ناهيك عن تحول ديمقراطي حقيقي. وقد أفضى استخدام الانتخابات والتعددية الحزبية الشكلية إلى تجاوز التقسيم التقليدي لنظم الحكم (نظم ديمقراطية بنماذجها المختلفة مقابل كل من النظم التسلطية والنظم الشمولية بأشكالهما المختلفة)، وظهور أشكال عدة لتصنيفات جديدة، حال "الديمقراطية الزائفة" "pseudo democracy " ، أو "النظم المختلطة" "hybrid regimes"، أو "النظم شبه الديمقراطية" "semi-democracy"، أو "التسلطية الانتخابية" "electoral authoritarianism" أو "التسلطية التنافسية" "competitive authoritarianism".
وتلعب الانتخابات دورا محوريا في تعزيز المشاركة والمساءلة والشفافية، وهي صفات إدارة الحكم الصالح التي يرغب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تشجيعها. والانتخابات التي تجري بانتظام من الوسلئل الرئيسية لإشراك قطاع كبير من المجتمع وتفاعله مع الحكومة، ويصح هذا بوجه خاص على الدول ذات العدد الكبير من السكان حيث لا يمكن من الناحية اللوجيستية وجود تفاعل مباشر بين القادة والمواطنين. وبالإضافة إلى ذلك، تشكل الانتخابات النزيهة آلية للمساءلة ما يضمن تجاوب تصرفات الحكومة مع رغبات المحكومين، كما أن الحملات الانتخابية العلنية قادرة على إظهار شفافية أكبر في سياسات الحكومة وممارساتها. يلعب اختيار نوع النظام الانتخابي وتنظيم الانتخابات دورا حاسما في تقرير نتائج الانتخابات.
علي العموم هناك نظامان انتخابيان أساسيان، يعتمد الأول الفوز بأكثرية الأصوات، بينما يعتمد الثاني التمثيل النسبي. ففي ظل قواعد نظام الفوز بالأكثرية تجري الانتخابات في مناطق يمثلها عضو واحد يفوز بمقعدها المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات، وان لم يحصل بالضرورة على أكثرية الأصوات. وهناك نوع آخر من هذا النظام تعتمده بعض الدول العربية والافريقية في الانتخابات الرئاسية. ووفقا لهذا النوع، ان لم يحصل أي مرشح على أغلبية مطلقة من الأصوات في الجولة الأولى، يتم إجراء جولة ثانية يتنافس فيها المرشحان اللذان حصلا على أعلى الأصوات في الجولة الأولى. وتضمن هذه الطريقة دائما انتخاب الفائز بأغلبية أصوات الناخبين. وأما فوائد نظام الفوز بالأكثرية فتتمثل في بساطتها النسبية وفي وضوح قواعدها للناخبين وللمؤسسات التي تشرف على الانتخابات وتديرها.
تجري الانتخابات، في ظل نظام التمثيل النسبي في دوائر متعددة العضوية حيث يحق للناخبين التصويت لمرشح واحد أو لعدة مرشحين. وقد يكون عدد مقاعد الدوائر صغيرا لا يتجاوز المقعدين. وهناك عدة أشكال من التمثيل النسبي، بما فيها اللوائح الحزبية المفتوحة والمغلقة، ونظام التصويت المتراكم، ونظام التصويت القائم على التحويل الفردي. وتفرض العديد من الدول شرط الحصول على حد أدنى من الأصوات الانتخابية لفوز الأحزاب بمقاعد نيابية. الفائدة الرئيسية لنظام التمثيل النسبي هي توفيره مجالا أوسع للأحزاب الصغيرة أو لأحزاب الأقلية للوصول إلى المجالس النيابية. ويزيل هذا النظام أيضا الحاجة إلى دورات انتخابية متعددة كما يحصل أحيانا في ظل نظام الفوز بأكثرية الأصوات. النظام شبه النسبي يجمع ما بين عناصر النظامين الانتخابيين الأساسيين. فمثلا، ان الدولة التي ينقسم برلمانها إلى مجلسين قد تختار نظام الفوز بأكثر الأصوات لأحد مجلسيها، وتختار أحد أشكال التمثيل النسبي لانتخابات المجلس الآخر. لقد كان السودان ومنذ الاستقلال يتبع نظام الانتخاب الفردي المباشر، وقد كان من رأي اللجنة الأهلية أن ذلك النظام له سلبيات كثيرة أهمها انه يمكن من التلاعب في توزيع الدوائر الجغرافية الصغيرة ويؤدي الى فوز نواب يكونوا مدينين لناخبيهم بصورة مباشرة فيصبح النائب أسيراً لمطالبهم وتحقيق مصالحهم ويضعف الدور الرقابي والتشريعي للنواب في ظل استغراقهم وإضاعة وقتهم في الجري وراء المصالح الشخصية والطلبات الخاصة لأبناء الدوائر. وفوق كل هذا وذلك فأنه يؤدي الى فقدان عدد كبير من الأصوات فالنائب يفوز بالاغلبية البسيطة وفي حالة تعدد المرشحين فأن اصوات من لم يفوزوا تضيع هدراً وقد تكون في مجملها اكبر او ضعف اصوات النائب الفائز. ولذلك كان من رأي اللجنة تعديل ذلك النظام ليس بركله وتركه كلية بل بأن يدخل معه نظام القائمة بالتمثيل النسبي.
ويمكن للمنظمات التعاونية المختلفة، بالاضافة لمنظمات المجتمع المدني الاخري أن توفر ضوابط على سلطة الحكومة، ويمكنها، من خلال هذا الدور، أن تسهم في تحسين إدارة الحكم عبر تعزيز المساءلة والشفافية في النظام السياسي، كما يمكنها الإسهام في صياغة السياسات العامة، وحماية الحقوق، والتوفيق بين المصالح، وإيصال الخدمات الاجتماعية. وبعملها هذا، تعزز منظمات المجتمع المدني الفاعلية والمشاركة في الشؤون العامة، وتقوي حكم القانون وغيرها من خصائص إدارة الحكم الصالح. فمثلا، تمكنت وسائل الإعلام أحيانا، وحيث تتمتع بقدر معقول من حرية التعبير، من أن تصبح بالفعل وسائط مهمة للمحاسبة والشفافية والمشاركة تعود بالفائدة على المواطنين وتمثيلهم بفاعلية أكبر من الأجهزة التشريعية الرسمية التابعة للحكومة. تضم منظمات المجتمع المدني جمعيات الصناعيين، والنقابات العمالية، وجمعيات التجار وجمعيات أرباب العمل، وجمعيات المهن الحرة، والمؤسسات الإعلامية، والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات حقوق الإنسان المعترف بها رسميا. وتعتبر الأحزاب السياسية أيضا من عناصر المجتمع المدني. وفي الدول التي يسمح نظامها بتعدد الأحزاب، يتم ذكر الإطار القانوني الذي يحيط بعمل الأحزاب السياسية. وتبحث الأحزاب السياسية وبرامجها وتمثيلها البرلماني بتفصيل أكثر في المقالات الخاصة بالانتخابات والسياسة الانتخابية.
أيضا تلعب منظمات المجتمع المدنى دوراً مهماً فى مؤازرة صغار المنتجين ورفع قدراتهم والإنتاجية وهذا "يتطلب من منظمات المجتمع المدنى إعادة تموضعها وتجاوز نهج تقديم الخدمات اى النهج الخيرى ونهج المشاريع التنموية المحدودة إلى نهج التغييرات الهيكلية الواردة فى إتفاقية السلام والدستور والمشاركة فى تقديم مدخلات للمؤسسات وللمفوضيات المستقلة الواردة فى الإتفاقية مثلاً توطين النازحين والاجئين وخلق الظروف الإقتصادية والبيئية لعودتهم". دور هذه المنظمات يشمل تدريب السكان ومساعدتهم على كيفية فض النزاعات التى تنشأ بينهم، المشاركة فى حملات محو الأمية، والتدريب على تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية. وتنظيم برامج تعليم وتدريب للنساء على تنويع منتجاتهن مثل صناعة منتجات الألبان، تعليب الخضر والفاكهه، المصنوعات الجلدية والإستفدة من المدخلات المحلية لتطوير وتنويع الصناعات المنزلية والحرفية وتشجيع صغار المنتجين على تكوين الجمعيات التعاونية والإنتاجية والإستهلاكية مساعداتهم على تكوينها وتدريبهم على إداراتها وغرس قيم العمل الجماعى فى وسطهم. خاصة وأن عضوية المرأة فى هذه الجمعيات تقل كثيراً من العضوية من الرجال. ففى ولاية شمال دارفور يشكل الرجال 90% من عضوية الجمعيات التعاونية بينما النساء 10% فقط.(37) تلعب الجمعيات التعاونية دوراً هاماً فى تجميع صغار المنتجين. وتزويدهم بمدخلات الإنتاج. وتقديم التمويل أو الضمانات الازمة للحصول على التمويل من مؤسسات التمويل الحديث. وتسويق أو المساعدة فى تسويق منتجاتهم. مما يضمن حصول المنتج على الجزء الأكبر من الفائض الإقتصادى الذى يحققة وإعادة رسملة جزء من هذا الفائض ليصبح الأخير مصدر من مصادر توسيع عملية اعادة الانتاج وتجددها.
كما يتوافر لدى معظم الدول أطر قانونية خاصة بالجمعيات والهيئات السياسية وغير السياسية، وبالمنظمات غير الحكومية، والتعاونيات، وهيئات القطاع الخاص، والنقابات العمالية، وعلى وجه الخصوص، قوانين تأسيس الجمعيات التعاونية، والجمعيات الأهلية، وقوانين الصحافة، وقوانين الأحزاب السياسية في كل دولة. هذه المنظمات تلعب دورا هاما ليس في أوساط المجتمع المدني فقط، بل في القرار السياسي وفي عملية رسم السياسات أيضا. تدل عمليات تأسيس وترخيص التعاونيات والجمعيات والمنظمات الأهلية وتسجيلها في كل دولة على مدى الممارسة الفعلية لحرية تأسيس الجمعيات المكفولة في كل دستور تقريبا. فمثلا، إن تكليف وزارة العدل بمسؤولية تشكيل الجمعيات الأهلية والإشراف عليها سيكون اكثر شفافية من عمليات الرقابة التي تمارسها وزارة الداخلية. كما تتمتع هذه الجمعيات والمنظمات بمصادر مشروعة لتمويل منظمات المجتمع المدني وفقا للقانون.
المحور الثاني
مفهوم الانتخابات الديمقراطية
ونظراً لأن آلية الانتخابات تستخدم في النظم الديمقراطية والتسلطية والشمولية لتحقيق مقاصد ووظائف متباينة، فإننا سوف نحاول الوقوف على المعايير التي يمكن من خلالها التفرقة بين الانتخابات الديمقراطية التنافسية وبين غيرها من الانتخابات التي لا يمكن وصفها لا بالديمقراطية ولا بالتنافسية. إن تحقيق هذا الهدف يمثل معياراً أساسياً من معايير التمييز بين النظم الديمقراطية وغيرها من النظم غير الديمقراطية وذلك بالنظر إلى أن آلية الانتخابات أضحت من أبرز الآليات التي يلجأ لها الحكام المستبدون في عالمنا المعاصر. إن التفرقة بين الانتخابات الديمقراطية والانتخابات غير الديمقراطية تحدد الحد الأدنى الذي على نظم الحكم الوصول إليه حتى يمكن وصفها بالديمقراطية، أو – على أقل تقدير – النظر إليها على أنها في طريقها إلى الديمقراطية.
يحتل مفهوم "الانتخابات الديمقراطية"، عند كثير من الباحثين، موقع الصدارة في النظم الديمقراطية وذلك منذ أن عرّف جوزيف شومبيتر الديمقراطية على أنها مجموعة من الإجراءات والمؤسسات التي يستطيع الأفراد من خلالها المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية عن طريق التنافس في انتخابات حرة. وعلى الرغم من اهتمام الكثيرين بهذا المفهوم عند حديثهم عن الديمقراطية، إلا أنه لا يوجد، حتى اليوم، تعريف متفق عليه بين المهتمين بالانتخابات، أو مجموعة من المعايير القاطعة التي تُحدد معالم الانتخابات الحرة والنزيهة، كما لا يوجد منهجية واحدة يمكن من خلالها وضع مؤشرات محددة وشاملة للانتخابات الديمقراطية. لقد وضع روبرت دال الانتخابات الحرة والنزيهة ضمن الشروط السبعة للشكل الديمقراطي من وجهة نظره، غير أنه لم يُقدم تعريفاً تفصيلياً للانتخابات الحرة والنزيهة، مؤكداُ على ضرورة أن يسبق إجراء تلك الانتخابات مجموعة من الحريات والحقوق الديمقراطية، معتبراً أن الترتيب المنطقي للأمور يأتي على النحو التالي: حرية الحصول على المعلومات من مصادر متعددة - حرية التعبير – حرية التنظيم وتشكيل مؤسسات مستقلة – إجراء انتخابات حرة ونزيهة. أي أن الانتخابات الحرة والنزيهة هي "ذروة الديمقراطية وليس بدايتها" عند دال، فالانتخابات لا تسبق الديمقراطية، وهي لا تنتج لا الديمقراطية ولا الحريات والحقوق.
وفي الأدبيات العلمية التي تعنى بالديمقراطية والانتخابات في الغرب، حاول بعض الباحثين وضع تعريفات محددة للانتخابات الديمقراطية للحالات التي يدرسونها. ولعل من أبرز تلك الأدبيات وأكثرها شمولاً ما قام به ديفيد باتلر وآخرون، فالانتخابات العامة الديمقراطية تستند إلى شروط ستة، هي: حق التصويت العام لكل المواطنين البالغين، دورية الانتخابات وانتظامها، عدم حرمان أي جماعة من تشكيل حزب سياسي ومن الترشح للمناصب السياسية، حق التنافس على كل مقاعد المجالس التشريعية، حرية إدارة الحملات الانتخابية على وضع لا يحرم فيه القانون ولا وسائل العنف المرشحين من عرض آرائهم وقدراتهم ولا الناخبين من مناقشة تلك الآراء، وتمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم وسط جو من الحرية والسرية وفرز الأصوات وإعلانها بشفافية وكذا تمكين المنتصرين من مناصبهم السياسية حتى وقت الانتخابات التالية.
أما عبارة "انتخابات حرة ونزيهة"، الشائعة في جُل الدراسات التي تتناول الانتخابات، فقد ظهرت لأول مرة لوصف الاستفتاء الذي تم على استقلال ما كان يُعرف بأرض توغو في غرب أفريقيا في عام 1956، ثم راحت منظمة الأمم المتحدة تستخدمها في حالات مشابهه بعد ذلك. وعلى الرغم من الاستخدام الواسع للعبارة، بل وعلى الرغم من الاهتمام الشديد بعمليات المساعدة في إدارة الانتخابات والإشراف عليها ومراقبتها منذ عام 1989، لم تضع الأمم المتحدة تعريفاً متفقاً عليه للعبارة.
وبشكل عام تدور مضامين الانتخابات الديمقراطية حول معيارين رئيسيين، الأول هو "حرية الانتخابات"، أي ضرورة احترام حريات الأفراد وحقوقهم الرئيسية، والثاني هو "نزاهة" عملية إدارة الانتخابات. غير أن التجارب المعاصرة للدول الديمقراطية تشير إلى أن الانتخابات الديمقراطية التنافسية لا تُجرى إلا في نظم حكم ديمقراطية، إذ هي آلية من آليات تطبيق المبادئ الرئيسية للديمقراطية، وليس هدفاً في حد ذاتها. كما تعد الانتخابات الديمقراطية شرطاً ضرورياً وليس كافياً لنظم الحكم الديمقراطية، فمجرد إجراء الانتخابات الديمقراطية لا يعني أن نظام الحكم أصبح نظاماً ديمقراطياً.
متطلبات الانتخابات الديمقراطية
يكاد باحثو السياسة يُجمعون على أن جوهر نظام الحكم الديمقراطي هو تنظيم عملية اتخاذ القرارات وعمل مؤسسات الحكم من جهة، وتمكين المواطنين من المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية من جهة ثانية، وتنظيم علاقة مؤسسات الحكم بالمواطنين من جهة ثالثة. وهذه الأمور الثلاثة هي ما يضمنه الإطار الدستوري لذلك النظام، أو ما يمكن تسميته "الدستور الديمقراطي"، الذي إن طُبقت نصوصه القانونية في الواقع، صار من اليسير وصف نظام الحكم بـ "النظام الديمقراطي"، بل وتسمية المواطن الذي يتمتع بالحقوق والحريات التي أقرها ذلك الإطار ويلتزم بالمسؤوليات والواجبات الملقاة على عاتقه بموجبه "المواطن الديمقراطي". ويمكن تلخيص مضامين ذلك الإطار الدستوري الذي يحدد المتطلبات الرئيسية للانتخابات الديمقراطية في الأسس العامة الرئيسية للديمقراطية، والتي تدور في مجملها حول:
1 - تنظيم عملية اتخاذ القرارات وعمل مؤسسات الحكم من خلال الإستناد إلى مبدأ حكم القانون، أي تقييد سلطة الحكومة بدستور يخضع له الحكام والمحكومون على قدم المساواة ويوفر آليات محددة لصنع القرارات، وأخرى للمساءلة السياسية، وقيام نظام قضائي مستقل لحماية مبدأ حكم القانون وصيانة حريات الأفراد وحقوقهم والنظر في مدى دستورية القوانين. هذا فضلاً عن ضمان عدم خضوع السياسيين المنتخبين الذين يمارسون وظيفة السلطة السياسية لسيطرة أو مراقبة هيئات غير منتخبة كالمؤسسات العسكرية أو الأمنية أو الدينية، وكذا مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ووجود آليات للتوازن بين تلك السلطات.
2- تمكين المواطنين من المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية واعتماد مبدأ التداول السلمي على السلطة السياسية وحق كافة القوى السياسية في التنافس على مقاعد الحكم، وذلك من خلال الإستناد إلى مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطة، وأن الحكومة تقوم بممارسة مظاهر السلطة بهدف تحقيق المصلحة العامة للمواطنين وليس تحقيق مصالح فئة ما أو حزب معين. ولهذا فإن حرمان الشعب من التنافس على أي من المناصب التنفيذية أو التشريعية يتناقض مع مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطة. كما أن حرمان المنتخبين من ممارسة بعض سلطاتهم يتناقض مع هذا المبدأ.
وتجدر الإشارة إلى أن مبدأ أن الشعب هو المصدر النهائي للسلطة لا يعني غياب أية مرجعيات عليا، ففي الديمقراطيات الغربية المعاصرة، على سبيل المثال، ثمة مرجعية عليا – أعلى من الدساتير - لا يستطيع النواب تجاوزها وسن تشريعات تتعارض مع مبادئها العليا وقيمها الأساسية، وهي الأفكار المذهبية الفردية (الإيديولوجية الليبرالية)، التي جاءت في مجموعة من الوثائق التاريخية كإعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي وإعلان الاستقلال الأمريكي. وتضم الآليات التي طُورت هناك بهدف وضع الضوابط اللازمة لهذا المبدأ أمرين رئيسيين، هما: وضع دساتير لا تتناقض مع المرجعية العليا التي تستند إليها تلك الدساتير، وتبني نظام للمراجعة القضائية "judicial review" يختص بالنظر في مدى دستورية القوانين وعدم تناقضها مع مبادئ وثوابت المرجعية العليا.
3. تنظيم علاقة مؤسسات الحكم بالجماهير على أساس رابطة المواطنة، أي تمتع كافة فئات المجتمع بكافة الحقوق والواجبات على قدم المساواة، وتساوي فرص المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية أمام كافة المواطنين البالغين بلا أي شكل من أشكال التمييز على أساس الأصل أو اللغة أو العرق أو الدين أو المذهب أو المكانة الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية. هذا فضلاً عن وجود ضمانات لحريات الأفراد وحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وضمانات دستورية وقانونية لحماية حريات وحقوق الأقليات والفئات الضعيفة في المجتمع. وهذا يعني أن الإطار الدستوري الديمقراطي يجعل من قاطني دولة ما مواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية وفرصاً متكافئة للمشاركة في صنع القرارات السياسة وتولي المناصب العامة، وليسوا مجرد رعايا يتلقون قرارات الحكام وينفذونها.
مقاصد الانتخابات الديمقراطية
استناداً إلى الإطار الدستوري الديمقراطي السابق الإشارة إليه، وإلى تجارب الديمقراطيات المعاصرة، فإنه يمكن القول أن الانتخابات التي تشهدها الديمقراطيات المعاصرة ليست هدفاً في حد ذاتها، وإنما هي آلية لتحقيق مقاصد أعلى. ويرتبط بهذا ما يمكن تسميته "فعّالية" الانتخابات الديمقراطية، أي ما يترتب على الانتخابات من نتائج حقيقية ملموسة، أو ما تؤديه الانتخابات من وظائف فعلية في ضوء المقاصد التي من أجلها أجريت الانتخابات. ولعل أبرز مقاصد الانتخابات الديمقراطية ما يلي:
1. التعبير عن مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطة: الانتخابات الديمقراطية تقوم بوظيفة التعبير عن مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطات، وتنفيذ آلية التمثيل النيابي، وذلك من خلال إتاحة الفرصة أمام الناخبين لممارسة أظهر صور المشاركة السياسية في عملية صنع القرارات، وهو الاقتراع العام. وهذا يعني أن الحكومة تستند في ممارسة مظاهر السلطة إلى عنصر التفويض الشعبي، أي أن الحكم ليس حقاً إلهياً كما في النظم الثيوقراطية، وليس حقاً موروثاً كما في النظم الوراثية، كما أنه لا يتم من خلال القهر والغلبة كما في النظم العسكرية والدكتاتورية. وبهذا يتحقق الفصل بين شخص الحاكم وبين السلطة التي هي وظيفة يؤديها الحكام لحساب الجماهير وبتفويض منهم وليس مِلْكاً يتولونها بغير قبول من المحكومين. وبهذا أيضاً يمكن التمييز بين النظم الديمقراطية وغيرها من نظم الحكم المستبدة. إن الربط بين مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطة والانتخابات يحدد الطريقة التي يستمد من خلالها الحكام السلطة من الجماهير، وكذا الطريقة التي يمكن للجماهير من خلالها ممارسة حقها في مقاومة وتغيير من لا يُعبر عن آمالها ومطالبها. كما أن هذا الربط يُمكّن الإنسان من الإحساس بقيمته كمواطن مشارك في العمل العام وفي صنع القرارات وليس مجرد متلق ومنفذ لما يقرره صناع القرار.
في المقابل يستخدم بعض الحكام في الدول غير الديمقراطية آلية الانتخابات لتحقيق مقاصد تتناقض تماماً مع هذا المقصد، أي مع جوهر الانتخابات الديمقراطية الذي هو التعبير عن إرادة الشعب، فهدف هؤلاء يكون منصباً على إضفاء ما يظنونه شرعية شعبية على حكمهم المطلق. ولعل من أبرز النظم التي تبتعد عن هذا المقصد وتستخدم في الوقت نفسه آلية الانتخابات نظم الحكم التي تأخذ العلاقة بين الحكام والمحكومين شكل العلاقة بين "السيد وتابعه"، أو ما يسمى "patron & client". إذ أفرزت هذه النظم أنواع عدة من الانتخابات غير الديمقراطية، أبرزها ذلك النوع من التصويت الفردي الذي يقوم على إجبار الأفراد على التصويت لصالح الحكام نظير عائد اقتصادي مادي غير سياسي، مثل النبيذ كما كانت الحال في كولومبيا، أو الأطعمة والملابس كما في النيبال في الخمسينيات، أو تقديم مبلغ نقدي معين، أو توفير وظيفة أو مجرد الوعد بالوظيفة حال الانتخابات المصرية عام 2005. وثمة تصويت آخر يتسم بأنه جماعي في أغلب الأحيان، وفيه تُنظم السلطة الحاكمة رحلات جماعية لفئات من المجتمع بغرض توجيهها نحو التصويت لصالح الحكام، وغالباً ما يصحب هذا النوع من الرحلات تقديم هدايا صغيرة، وذلك كما كانت الحال في البرازيل قبل عام 1964. وفي الحالتين() لا تعبر الانتخابات عن إرادة الشعب أو اختيارات الناخبين ولا عن آراء فردية، وإنما تعكس حقيقة العلاقة بين الحاكم والمحكوم القائمة على التبعية المطلقة المستندة إما إلى خوف المشاركين (أو المدفوعين إلى المشاركة) من تنكيل السلطة وبطشها، أو تطلعهم إلى الحصول على مكسب مادي أو معنوي من جرّاء مشاركتهم. إنّ العنصر الحاكم لتلك المجتمعات هو عنصر الخوف والإكراه أو الطمع في مكاسب مادية أو معنوية، وليس الرضا والإقناع والعمل من أجل الصالح العام.
ويرتبط مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطات بحق الشعوب في تقرير مصائرها وتحديد من يحكمها عبر صناديق الانتخاب دون تأثير مباشر أو غير مباشر من أي فرد أو مجموعة من الأفراد من داخل المجتمع أو من أية قوة أو هيئة خارجية. ولهذا فإن محاولات بعض القوى الدولية التأثير في نتائج الانتخابات في دول أخرى أمر يتنافى مع مبدأ الانتخابات الديمقراطية، من ذلك، مثلاً، محاولة الولايات المتحدة الأمريكية التحديد المسبق لنتائج صناديق الاقتراع في بعض الدول العربية بحيث تستبعد بعض التيارات، بل ومقاطعتها لحكومة السلطة الفلسطينية التي شكلتها حركة حماس في أعقاب فوزها بالأغلبية في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في يناير 2006.
2. اختيار الحكام: توفر الانتخابات الديمقراطية الطريقة التي يتم من خلالها اختيار الحكام بتفويض شعبي، وذلك من خلال انتقال السلطة إلى المرشحين الفائزين في الانتخابات، وذلك فيما يتصل برئاسة السلطة التنفيذية أو أعضاء المجالس التشريعية النيابية، أو الاثنين معاً، وذلك وفقاً للقواعد ذات الصلة في النظامين السياسي والانتخابي. فعلى سبيل المثال، تفرز الانتخابات في الديمقراطيات الغربية المعاصرة سلطة تشريعية تكون مسؤولة أمام هيئة الناخبين وسلطة تنفيذية تكون مسؤولة إمّا أمام الناخبين مباشرة - كما منصب رئيس الجمهورية في النظم الرئاسية وشبه الرئاسية - أو أمام هيئات نيابية منتخبة كما الحال بالنسبة للوزارات في النظم البرلمانية أو شبه الرئاسية. هذا فضلاً عن اختيار المسؤولين بالانتخاب في بعض المجالس الإقليمية والمحلية في جُل الديمقراطيات المعاصرة. وفي النظم البرلمانية ذات نظام الحزبين الكبيرين، يُعد اختيار المجلس النيابي بالانتخاب اختياراً غير مباشر للسلطة التنفيذية، فزعيم الحزب أو الكتلة التي تحظى بالأغلبية في المجلس النيابي يكون المرشح لمنصب رئيس الوزراء، وذلك كما الحال في النظام البريطاني. وفي الديمقراطيات المعاصرة لا يُفترض بالضرورة أن يقوم نواب المجالس النيابية بالعمل وفقاً لرغبات محددة للناخبين، إذ أن جوهر عملية الانتخابات هو ما يسمى نظرية التفويض العام "popular mandate"، أي تفويض هؤلاء النواب قدراً كافياً من السلطة لاقتراح سياسات واتخاذ قرارات، وذلك تبعاً للأوضاع والمتغيرات التي يواجهونها أثناء فترة عملهم كنواب عن الشعب، وبغرض تحقيق ما يرونه متوافقاً مع المصالح العامة للناخبين.
وتضمن المجالس التشريعية النيابية - التي تأتي بها الانتخابات الديمقراطية - التعددية السياسية، وذلك من خلال تمثيل كافة التيارات السياسية الرئيسية في المجتمع وتمثيل أفضل للنساء والأقليات في الدول ذات التعددية العرقية أو اللغوية أو الدينية، وذلك وفقاً لقواعد النظامين السياسي والانتخابي المعمول بهما في الدولة. وذلك على عكس الحال في الانتخابات التي يجريها الحكام المستبدين في النظم غير الديمقراطية التي غالباً ما تنتج هيمنة شبه مطلقة في البرلمانات من قبل الحزب الحاكم (أو بالأصح "حزب الحاكم"أو الجبهة الحاكمة وذلك حال انتخابات سنغافورة وكوريا الشمالية ومصر وتونس وسوريا.
3. تسوية الصراعات السياسية بطرق سلمية: توفر الانتخابات آلية للتداول على السلطة وتغيير مركز القوة وإمكانية تقلد قوى المعارضة - حال فوزها في الانتخابات - الحكم بدلاً من الحكومة القائمة. أي أن الانتخابات هي آلية لتسوية الصراعات السياسية في الدولة الحديثة بطرق سلمية، وهي تؤدي إلى قبول كافة المتنافسين على المناصب السياسية المختلفة نتائج الانتخابات والتسليم بشرعية الفائزين، ولاسيما المتنافسين الخاسرين في الانتخابات. ولذا فالنظام الديمقراطي لا يسمح بتغيير الحكومات بطرق غير الاحتكام إلى أغلبية أصوات الناخبين، كالانتقال العنيف للسلطة بانقلاب عسكري أو ثورة مسلحة بشكل مباشر، كما لا يمكن إقصاء حكومة جاءت باختيار الناخبين في انتخابات حرة ونزيهة بشكل غير مباشر كما دأبت المؤسسة العسكرية التركية على القيام به أكثر من مرة، وحال ما قام به الجيش في الجزائر مطلع التسعينيات من القرن الماضي.
أما في النظم غير الديمقراطية، فتتسم الانتخابات بأن نتائجها تكون معروفة مسبقاً، وليس ثمة إمكانية لتغيير مركز القوة السياسية، وذلك ليس لثبات آراء الناخبين وإدراكهم للبدائل المطروحة، وإنما نتيجةً للآليات التي يُطورها الحكام للتأثير على أصوات الناخبين إن بالترهيب والعنف ومنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، أو بالترغيب وشراء الأصوات، أو بالتلاعب في نتائج الانتخابات، أو بالتشبث بالسلطة وتجاهل مقصد التداول على السلطة بحجة عدم وجود بديل صالح للحكم أو إدعاء معاداة قوى المعارضة لمبادئ الديمقراطية وذلك كما الحال في أكثر من بلد عربي. وهذا كله يتناقض تماماً الديمقراطية التي عرّفها شومبيتر على أنها إعطاء الناس فرصة قبول أو رفض الحكومة القائمة.
4. توفير الشرعية السياسية أو تجديدها: فالانتخابات تقوم بوظيفة توفير شرعية شعبية للحكومة المنتخبة أو تجديد شرعية الحكومة القائمة. فعن طريق الانتخابات الديمقراطية يصل إلى مواقع صنع القرار أولئك الذين يحظون بقبول الناخبين. فالشرعية تستند في النظم الديمقراطية إلى أن الحكومة المنتخبة تعمل في إطار المبادئ الديمقراطية وتخضع لإرادة الشعب من خلال آلية الانتخابات التنافسية والدورية. وهذا بالطبع بجانب وسائل أخرى حال وجود إطار دستوري يحترمه الجميع، وآليات لمساءلة المسؤولين ومحاسبتهم، وآليات للمشاركة السياسية، وصحافة حرة ومستقلة، واستقلال قضائي، والتمتع باستقرار سياسي واقتصادي. كما توفر الانتخابات الديمقراطية آلية لتجديد شرعية الحكومات القائمة، فحكومات الدول الديمقراطية قد يعتريها الضعف مع مرور الوقت، ومن ثم تحتاج إلى تجديد شرعيتها وسط ناخبيها. وهنا يستطيع النظام الديمقراطي – عن طريق آلية الانتخابات التنافسية الدورية – أن يُجدد شرعية الحكومات القائمة ويعزز من الدعم الذي يوفره الناخبون لمَنْ هم في مواقع صنع القرار. إنه التجديد الذاتي لشرعية النظام الديمقراطي عن طريق الانتخابات الديمقراطية.
وهذا عكس الحال في النظم غير الديمقراطية التي طوّر حكامها أساليب عدة لإضفاء شرعية غير حقيقية على حكمهم المطلق، ومن هذه الأساليب نظام الحزب الواحد الذي تطبقه الصين وكوريا الشمالية اليوم، وطبقته المكسيك إبان حكم الحزب الثوري حتى عام 2000 وغيرها من دول المنظومة الاشتراكية وبعض الدول العربية، وحال التستر وراء إصلاحات اقتصادية لتأجيل الإصلاح السياسي، أو التستر وراء أفكار إيديولوجية أو قومية أو صراعات خارجية، أو حتى اللجوء إلى وسيلة الانتخابات ذاتها. ولا شك أن حاجة كل نظم الحكم إلى قدر معين من الشرعية هي التي تدفع الحكام غير الديمقراطيين إلى ابتداع تلك الأساليب للحصول على ذلك القدر من الشرعية وسط شعوبهم.
5. محاسبة الحكام: للانتخابات مقصد هام هو محاسبة الحكام ومساءلتهم وقت الانتخابات إنْ من خلال تقويم برامج المتنافسين قبل الانتخابات، أو عن طريق مكافأة، أو معاقبة، السياسيين إذا ما أرادوا الترشح للمرة الثانية. وهذا المقصد يُعد واحداً من أبرز مقاصد الانتخابات الديمقراطية في النظم النيابية المعاصرة، وأحد الآليات الرئيسية التي يمكن من خلالها التأكد من أن الحكومة المنتخبة تستجيب بانتظام لمطالب الناخبين وترعى مصالحهم المختلفة. وقد اهتم الكثير من خبراء السياسة بمناقشة مجمل الجوانب المتصلة بالمساءلة الانتخابية، أي مساءلة الحكام عن طريق إجراء انتخابات حرة ونزيهة بصفة دورية، وجعْل بقائهم في مواقعهم مرهون بأصوات الناخبين في تلك الانتخابات.
ولأن هذا النوع من المساءلة يعد محاسبة للمسؤولين عما فعلوه في السابق أو "hoc measure–post"، فإن آلية المحاسبة هي انتخابات التجديد أو الحصول على فترة جديدة وليس الانتخابات نفسها. ولهذا فالمساءلة هي أحد الأسباب الأساسية وراء السماح بحق الترشح لأكثر من فترة واحدة في جُل المناصب السياسية التي تتم بالانتخاب، إذ أن مقصد المساءلة لن يكون ممكناً بغير هذا الحق. وبجانب هذا النوع من المساءلة ثمة وسائل تستهدف مساءلة الحكام قبل اختيارهم، كأن يخضع المتنافسون على منصب ما لتقدير وحكم الناخبين قبل إجراء الانتخابات من خلال وعودهم الانتخابية وحملاتهم الدعائية والانتخابية. كما أن ثمة حالات يُلزم فيها القانون الحكام باستشارة الناخبين عن طريق الاستفتاءات قبل اتخاذ القرار، وذلك حال القرارات المتصلة بتعديل الدستور أو حال بعض القرارات المصيرية كالانضمام إلى (أو الانسحاب من) تكتل إقليمي أو منظمة دولية، وغير ذلك.
6. التجنيد السياسي: تقوم الانتخابات الديمقراطية بدور تعبوي عام، فهي مصدر رئيسي من مصادر التجنيد السياسي ووسيلة هامة من وسائل المشاركة السياسية. ففي النظم الديمقراطية المعاصرة عادة ما يقوم السياسيون وقادة الأحزاب والكتل الانتخابية بمهمة اختيار المرشحين للمناصب السياسية وإعداد البرامج السياسية لمواجهة المشكلات والتحديات العامة التي تواجهها مجتمعاتهم. ولذا فالانتخابات تلعب دوراً محورياً في إعداد وتدريب السياسيين والقادة وتأهيلهم لمناصب أعلى الأمر الذي يُسهم في تجديد حيوية المجتمع ويضمن مشاركة عناصر جديدة في وضع السياسات وصنع القرارات.
وعلى العكس من ذلك نجد المجتمعات التي لا تجرى فيها انتخابات ديمقراطية غير قادرة على تجديد حيوية المجتمع ولا الدفع بعناصر جديدة إلى مواقع صنع القرارات، إذ يظل المجتمع لفترات طويلة تحت سيطرة حزب أو جماعة ما أو حتى دكتاتور فرد، فتفقد أجيال بالكامل الفرصة في المشاركة في العمل السياسي وصنع القرار. وما الانتخابات التي يجريها الحكام في بعض تلك المجتمعات تحت مسمى "الانتخابات البرلمانية" أو حتى "الانتخابات الرئاسية" إلا وسيلة للسيطرة من خلال ترشيح الموالين والأتباع وضمان فوزهم بعد التلاعب بقوانين وإجراءات الانتخابات في جميع مراحلها بدءاً من الترشيح ومروراً بالتصويت وانتهاءً بفرز النتائج وإعلانها. وليس من المستغرب والحال هكذا أن ينحصر دور هؤلاء على تبرير تصرفات الحكام وسن القوانين التي تضمن لهم البقاء في الحكم واستمرار سيطرتهم على مقاليد الأمور. إن هذا النوع من الانتخابات ليس وسيلة للتجنيد السياسي والمشاركة السياسية وإنما هو أداة للسيطرة على المجتمع وحرمانه من تجديد ذاته، وللحيلولة دون بروز سياسيين وقادة جدد يتنافسون على مواقع السلطة.
7. التثقيف السياسي: تقوم الانتخابات الديمقراطية بدور تثقيفي عام، فهي تشارك – مع وسائل وقنوات أخرى - في تثقيف المواطنين بالمسائل المتصلة بالعمل العام والشؤون السياسية قبل وأثناء عملية الانتخابات، وذلك من خلال إذاعة وإعلان البرامج المختلفة للمرشحين والأحزاب، ومواد الدعاية الانتخابية خلال فترة الانتخابات، الأمر الذي يتيح الفرصة أمام الجماهير للإطلاع على ومناقشة المشكلات والتحديات التي يواجهونها. ولذا ففي الدول الديمقراطية المعاصرة هناك علاقة طردية بين مستوى الوعي والثقافة والتعليم من جهة ومستوى المشاركة في الانتخابات من جهة أخرى.
وعلى العكس من ذلك تجد تلك العلاقة سلبية في الكثير من الدول غير الديمقراطية، فالانتخابات لا تُجرى على أساس الأفكار والبرامج السياسية التي تعالج الشأن العام، وإنما على أساس الأشخاص وأداء الخدمات والمصالح الشخصية. ولهذا يعزف المتعلمون والمثقفون عن المشاركة فيها، وتؤدي الانتخابات أشكالاُ أخرى من الوظائف. ففي مصر، على سبيل المثال، هناك عبارة "نائب الخدمات" تعبيراً عن الخدمات والتسهيلات التي يقوم بها النواب بمجرد تقلدهم لمهامهم في البرلمان لأبناء دائرتهم ومعارفهم.

المحور الثالث
نظم الانتخابات "النظم الإنتخابية"

توجد في التجربة العالمية الكثير من النظم الإنتخابية وكل واحدة لديها حسناتها وسيئاتها من الإنتخاب الفردي والتمثيل النسبي، والنظام المختلط، والمقاعد المحجوزة، ونظام الكوتة، ويتم الإختيار وفق الظروف الإجتماعية الخاصة بكل بلد، لكن السؤال ماهو أثر كل نظام على تمثيل المرأة ؟ فإذا وعت المراة هذه النقطة تستطيع عندما يأتي النقاش حول النظام الإنتخابي تعرف أي فئة أفضل وسماع صوتها. ففي تقسم البلاد إلى دوائر جغرافية (Majority system) ، حيث إن الشخص الذي يتحصل على أكبر عدد من الأصوات هو الذي يفوز، يندر أن تفوز المرأة في هذا النظام الإنتخابي، نتيجة للحواجز النفسية للمجتمع الذكوري،ولتهميش المرأة وهيمنة الرجل على كل شي، عدم تساوي الفرص للتعليم. هذا النظام لا يناسب وضع المراة السودانية ، علي الرغم من تحقيقه تقدما ملحوظا في بعض الدول ، ففي راوندا مثلاً الشخص يستلم ثلاثة أصوات واحدة قد تكون للمرأة، لذا نجد إن راوندا من أعلى الدول التي تمثل فيها المرأة وهي .(48.4%).
علي أن الأكثر شيوعاً في العالم وهو وضع نسبة الحد الأدنى حتى تمثل فيه النساء عن طريق حجز مقاعد لتنتخب إما عن طريق إنتخاب منفصل أو الإنتخاب الكلي، إن النساء يخترن من ضمنهم ممثلات وكثير من الدول تتبعه مثل (جنوب افريقيا، موزمبيق، تنزانيا...) وبينت الدراسات أن المرأة حتى تكون مشاركة بفعالية في آلية صنع القرار تقريباً النسبة المفروضة أن تكون( 30%)، ( 15) دولة فقط في العالم تحصل على هذه النسبة او تزيد منها (3) دولة أفريقية منها (جنوب أفريقيا، راوندا، موزمبيق). كما يوجد نظام الكوتة، وهو تحديد حصة محددة من النساء وهذه لها آليتان: إنها تجزم الأحزاب السياسية إنها في قائمة المرشحين لابد أن تكون لديها نسبة كذا من النساء، وهنالك بعض الأحزاب طواعية تحدد هذه النسبة، مثل حزب الأمة (30%) وغيره من الأحزاب يحدد طواعية من غير أن يلزم، مثلاً في لبنان يشترط أن كل قائمة لازم أن لكون فيه خليط من المرشحين. وفيما يتعلق بالتجربة السودانية لتمثيل المرأة في الإنتخابات ، يلاحظ أنه لاتوجد آلية قانونية مستقرة أو مستدامة حتى تطمئن المرأة إن حقوقها غير متراجعة، لأن دائماً تحصل على كسب وسرعان ماتفقده إما لتغير النظام السياسي أو الإيمان بقضايا المرأة وهو دائماً ضعيف وقصير المدى، إذا تتبعنا هذا الشئ إنه كانت توجد به(5) مقاعد للخريجين سرعان ماألغيت في إنتخابات 1958.

وقبل الدخول الى موضوع النظم الانتخابية لابد من التعرف علي السجل الانتخابي بيان كيفية التصويت اولا. ويوجد نوعان من السجل الانتخابي ويتم بطريقتين: الطريقة الاولى:- أما ان الدولة تبتدرة وتلقائياً كل شخص يسجل فى هذا السجل الإنتخابى وهذا يرتبط بدول العالم المتقدم لسهولة التسجيل، لانهم محصورين ومعروفين بالعنوان فى السودان لجاو الى كروت السكر حتى تعرف الناس تلقائياً. أما الطريقة الثانية: أن الشخص يبادر من تلقاء نفسه الى التسجيل فى السجل الانتخابى وهذه النقطة مهمة جداً لانها تربطنا بقضايا النازحين وقضايا اللاجئين، اذا لم يتم وضع الآليات القانونية لكى نضمن هؤلا النازحين واللاجئين مسجلين فى السجل الانتخابى وهذه هى المشاركة التى نتكلم عنها. وفيما يتعلق بيان كيفية التصويت فاذا كان في منطقة انتخابية عدة مرشحين يتنافسون على مقعد انتخابي واحد فيجب في الحالة ان يصوت الناخبون لمرشح واحد من بين هؤلاء المرشحين أي ان بطاقة الناخب التصويتية لا تتضمن الا اسما واحدا فقط ما يسمى بالتصويت الفردي . ويكون هذا النوع من التصويت عندما تكون المنطقة الانتخابية صغيرة ويمثلها مرشح واحد فقط . اما كانت المنطقة الانتخابية كبيرة ويمثلها عدد من المرشحين كان لابد ان يكون التصويت لعدد من المرشحين بما لا يتجاوز عدد المطلوب انتخابهم في هذه المنطقة الانتخابية ، وهذا النظام يسمى التصويت على اساس القائمة . وقد تطرح الاحزاب قوائم بمرشحيها وعلى الناخب ان ينتخب احدى هذه القوائم دون أي تعديل على القائمة ، بل ينتخبها كما هي . ويسمى هذا النظام من التصويت بالتصويت على اساس القائمة المغلقة . اما اذا كان من حق الناخب ان ينتخب من بين هذه القوائم عددا من المرشحين بما لا يزيد على العدد المطلوب انتخابه لتلك المنطقة ، سمي هذا النظام بالتصويت على اساس القائمة المفتوحة . وبه يحق للناخب ان يختار من مجموع القوائم اسماء المرشحين الذين ينتخبهم ولا يتقيد بقائمة واحدة ، وسواء كان التصويت فرديا ام على اساس القائمة المغلقة او المفتوحة فهناك نظامان رئيسان للانتخاب هما نظام الاغلبية ونظام التمثيل النسبي وعنهما تتفرع النظم الاخرى لذا سوف نعرض لهما تباعا .
المبحث الاول: نظام الاغلبية Majority system
عندما يحصل مرشح معين او عدد من المرشحين على مجموعة من الاصوات تفوق منا حصل عليه المرشح الآخر او المرشحون الآخرون ، فهذا يعني ان هذا المرشح او هؤلاء المرشحون قد فازوا بالانتخاب . وذلك لانهم حصلوا على اغلبية الاصوات لذا سمي هذا النظام بنظام الاغلبية و يتماشي هذا النظام مع التصويت الفردي وكذلك التصويت على اساس القائمة لاسيما المفتوحة ولكن الاشكال مع القائمة المغلقة اذ يؤدي الى كوارث حقيقية حيث تحصل قائمة الحزب الفائز بالانتخاب على عشرات المقاعد النيابية بمجرد فارق بسيط في الاصوات بينما لا يحصل الحزب الاخر على شيء من ذلك لذا تذهب بعض التشريعات الى وجوب الحصول على اغلبية معينة لغرض الفوز بالانتخابات كأن تكون الاغلبية المطلقة لذا قسم هذا النظام الى نظام الاغلبية ذي الدور الواحد ، نظام الاغلبية ذي الدورين .
اولا : نظام الاغلبية ذو الدور الواحد :
يفوز المرشح اذا حصل على عدد من الاصوات يفوق الاصوات التي حصل عليها كل من منافسيه على انفراد أي انه يحصل على اغلبية اصوات الناخبين وان كان مجموع اصوات منافسية اكثر من مجموع الاصوات التي حصل عليها فهو يعد فائزا ومن الدور الاول . فلو تنافس في منطقة انتخابية اربعة مرشحين هم (أ،ب،ج،د) وحصل المرشح (أ) على 40000 صوت وحصل المرشح (ب) على 30000 صوت وحصل المرشح (ج) على 20000 صوت وحصل المرشح (د) على 1000 صوت فان المرشح الفائز في الانتخاب هو المرشح (أ ) لحصوله على اعلى نسبة من الاصوات اغلبية الاصوات والمتمثلة 40000 صوت بالرغم من ان مجموع اصوات منافسيه 60000 صوت الا انه يعد هذا المرشح الفائز ومن الدور الاول وهذه الاغلبية التي يحصل عليها المرشح الفائز تسمى بالاغلبية النسبية أو الاغلبية البسيطة . هذا اذا كان التصويت على اساس القائمة المغلقة وفاز احد الاحزاب بموجب هذا النظام فان الحزب سوف يستحوذ على جميع المقاعد النيابية لتلك المنطقة باعتباره الحزب الفائز . لذلك قيل في انتقاد هذا النظام انه قد يفوز فيه المرشح او القائمة التي اجتمعت اغلبية اصوات الناخبين ضدها . كما انه يضخم من النتائج الانتخابية ، اذ قد يحصل احد الاحزاب على مقاعد كثيرة في البرلمان بسبب فرق بسيط في الاصوات وان عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب لا تتناسب مع فارق الاصوات التي حصل عليها.
وفي الحقيقة ان نظام الاغلبية ذا الدور الواحد لا يمكن اعتماده الا في البلدان التي فيها حزبان قويان يتنافسان في الانتخاب اما الاحزاب الضعيفة او ذات القاعدة الصغيرة لا يمكنها الفوز بموجب هذا النظام لذا فان هذا النظام سوف يفرض على الاحزاب أحدهم يساري حصل على 10000 صوت واثنان يمينيان حصل اولهما على 8000 صوت والثاني على 5000 صوت فان الحزبين اليمينيين سوف يخسران الانتخاب مالم يتحدا ويصعدا مرشحا واحدا أو قائمة واحدة لكي تفوز بالاغلبية .
ثانيا: نظام الاغلبية ذي الدورين:
بحصول المرشح على اكثر من نصف الاصوات أي بحصوله على الاغلبية المطلقة من الاصوات والتي تعني اكثر من نصف الاصوات المعطاة وفي هذه الحالة يفوز المرشح من الدور الاول ولا يحتاج الى دخول انتخابات الدور الثاني الا ان تحقيق الاغلبية المطلقة عادة ما يكون صعبا جدا لذا يلجأ الى اجراء دور ثان من الانتخابات ويفوز في الدور الثاني المرشح الذي يحصل على الاغلبية النسبية " البسيطة " ويعتبر الدور الثاني من الانتخابات مكملا للدور الاول ، لذا لا يحق لمرشحين جدد الدخول في انتخابات الدور الثاني ، بل اكثر من ذلك تذهب بعض البلدان الى تقييد الدور الثاني بالمرشحين الذين حصلوا على الاغلبية النسبية في الدور الاول لخوض انتخابات الدور الثاني واذا لم تحصل الاغلبية المطلوبة قد تجري انتخابات دور ثالث وهكذا . اما في فرنسا فتعتبر انتخابات الدور الثاني والتي تسمى بالوتاج ballotage انتخابات جديدة وتسمح بدخول مرشحين جدد لخوض انتخابات الدور الثاني . وعلى هذا الاساس جاءت تسمية هذا النظام من الانتخابات بنظام الاغلبية ذي الدورين . ويساعد هذا النظام على تعدد الاحزاب خلافا لنظام الاغلبية ذي الدور الواحد وذلك لصعوبة الوصول الى الاغلبية المطلقة من الدور الاول . الا هذه الاحزاب يجب ان تتحد فيما بينها في انتخابات الدور الثاني لا سيما الاحزاب التي تتقارب اتجاهاتها كالاحزاب اليمينية منع بعضها او اليسارية مع بعضها تمهيدا لخوض المعركة الانتخابية في مرحلتها الثانية والتي يشبه فيها الامر ما كان عليه في نظام الاغلبية ذي الدور الواحد ، فأما ان يتنازل احد المرشحين للاخر او ينسحب من انتخابات الدور الثاني وان كان ذلك لا يتم دون تقديم تنازلات او منح امتيازات . لأن المعركة الانتخابية تفرض نفسها على الاحزاب بهذا الشكل وعلى الاحزاب ان تخضع لذلك وتنظم نفسها لخوض تلك المعركة .
المبحث الثاني: نظام التمثيل النسبي
ان اعطاء اغلب المقاعد انيابية لحزب الاكثرية حسب ما يتحقق ذلك ضمن نظام الاغلبية ، هذا يعني اننا نضحي باحزاب الاقلية واحزاب المعارضة في الانتخاب ونهمل كل النتائج التي يحصلون عليها لمجرد انهم لم يحصلوا على اغلبية الاصوات . قد تستطيع احزاب المعراضة الحصول على بعض المقاعد في البرلمان ، ولكن بصورة ضئيلة جدا وفي المناطق التي لا يحصل فيها حزب الاكثرية على الاغلبية المطلوبة ، لذا جاء نظام التمثيل النسبي لمعالجة هذا الامر ولكي يعطي دورا لأحزاب الاقلية واحزاب المعارضة اسوة ببقية الاحزاب الاخرى ، حيث ان الاحزاب المتنافسة في المعركة الانتخابية سوف تحصل على مقاعد نيابية تتاسب مع ما حصلت عليه من اصوات .
ويمتاز نظام التمثيل النسبي عن نظام الاغلبية بما يلي :
1. يمكن ان يكون التصويت في نظام الاغلبية فرديا او على اساس القائمة ، بينما لا يمكن ان يكون التصويت في نظام التمثيل النسبي الا على اساس القائمة .
2. تعطي اغلب المقاعد النيابية الى حزب الاكثرية بعد حصوله على اغلبية الاصوات ولا تحصل احزاب الاقلية على شيء في نظام الاغلبية بينما تمثل جميع الاحزاب في البرلمان وتحصل على مقاعد تتناسب مع الاصوات التي حصلت عليها في نظام التمثيل النسبي .
3. قد تكون الانتخابات في نظام الاغلبية لأكثر من دور واحد بينما لا تكون في نظام التمثيل النسبي الا دورا واحدا .
4. نظام الاغلبية يجعل الاحزاب المتقاربة تتحد فيما بينها للحصول على مقاعد نيابية ، بينما تدخل الاحزاب في نظام التمثيل النسبي بنفسها مع احزاب الاقلية والمعارضة .
5. لا يمكن تطبيق نظام الاغلبية الا في البلدان التي يتنافس فيها حزبان قويان بينما يمكن تطبيق نظام التمثيل النسبي مع احزاب الاقلية والمعارضة .
هذه هي اهم الاختلافات بين نظام الاغلبية ونظام التمثيل النسبي . ولدراسة نظام التمثيل النسبي لابد من تقسيمه الى :
اولا : نظام التمثيل النسبي الكامل
يفترض نظام التمثيل النسبي الكامل ان هناك عدة مناطق انتخابية تتناقش فيها مجموعة من الاحزاب في المعركة الانتخابية وكل حزب منها يقدم قائمته الانتخابية وان قانون الانتخاب بعد معرفة عدد سكان البلاد ومجموع المقاعد النيابية قد حدد عددا انتخابيا موحدا لجميع المناطق الانتخابية . وهو حاصل قسمة مجموع السكان على عدد المقاعد النيابية فالناتج يمثل العدد الانتخابي الموحد أي عدد الاصوات التي يجب ان يحصل عليها الحزب ليحصل على مقعد نيابي في البرلمان او مضاعفاته ولبيان ذلك نضرب المثل التالي : لو قسم الس السودان الي عدة مناطق انتخابية ولتكن ثماني عشرة منطقة انتخابية أي كل محافظة تعد منطقة انتخابية وان العدد الانتخابي الموحد هو ( 100000) وحصل احد الاحزاب على (850000) صوت في الخرطوم و (420000) صوت في مدني و (370000) صوت في اجوبا و(460000) صوت في بورتسودان وهكذا فانه سوف يحصل على ثمانية مقاعد عن منطقة الخرطوم الانتخابية ويبقى له (50000) صوت غير مستعملة واربعة مقاعد في مدني ويبقى له (20000) صوت وثلاثة مقاعد في جوبا ويبقى (70000) صوت واربعة مقاعد في بورتسودان ويبقى (60000) صوت فصار مجموع المقاعد النيابية التي حصل الحزب على مقعدين نيابيين على الصعيد القومي . فيرشح الحزب قوائم انتخابية للمناطق الانتخابية وقائمة على الصعيد القومي وهذه القائمة الاخيرة سوف تضم اهم اعضاء الحزب لكي يكون دخولهم البرلمان مؤكدا من هذه الناحية. اذ ان الحزب وان لم يستطيع الحصول على أي مقعد نيابي في المناطق الانتخابية الا ان اصواته في المناطق الانتخابية سوف تجمع للقائمة المعدة على الصعيد القومي .
ومن الجدير وان كان ظاهره عادلا الا انه لا يخلو من عيوب حيث انه يشجع الاحزاب الصغيرة على الدخول في الانتخابات لانها سوف تستطيع الحصول على مقاعد نيابية ولو على الصعيد القومي فضلا عن ان المرشحين على الصعيد القومي لا يمثلون اية منطقة انتخابية بل لا يمثلون الا الاحزاب التي رشحتهم . ولما كانت القائمة المعدة على الصعيد القومي تضم اهم اعضاء الحزب فان هؤلاء لايتبدلون اذ سوف يبقون اعضاء مع كل برلمان جديد منتخب لذا لجأت الدول ومنها فرنسا الى نظام التمثيل النسبي التقريبي .
ثانيا: نظام التمثيل النسبي التقريبي
لتوزيع المقاعد النيابية على القوائم الفائزة هناك طريقتان هما طريقة الباقي الاقوى وطريقة المعدل الاقوى وتختلف كل من الطريقتين عن الاخرى وحتى في النتائج التي تصل اليها ونظام التمثيل النسبي التقريبي لا يشترط فيه وجود عدد من المناطق الانتخابية بل يمكن تطبيقه حتى في المنطقة الواحدة وإذا ذهب المشرع الى اعتبار السودان منطقة انتخابية احدة في قانون الانتخابات فانه لابد من الاخذ بنظام التمثيل النسبي التقريبي.
طريقة الباقي الاقوى
ولتوزيع المقاعد النيابية على وفق طريقة الاقوى ويقسم عدد اصوات الناخبين الصحيحة على عدد المقاعد المخصصة للمنطقة الانتخابية وخارج القسمة يمثل عدد الاصوات التي تمثل مقعدا نيابيا واحدا في البرلمان فكل حزب حصل على هذا العدد من الاصوات او مضاعفاته استطاع الحصول على مقعد نيابي او اكثر حسب عدد المضاعفات الا ان عدد الاصوات لا يأتي دائما مطابقا لخارج القسمة الانتخابي او مضاعفاته . بل لابد ان تكون هناك اصوات زائدة . هناك مقاعد ايضا تقابل هذه الاصوات فتوزع هذه المقاعد طبقا لاكبر باقي حصل عليه الحزب ولتوضيح ذلك لابد من ضرب المثل الحسابي التالي : لو تنافست ثلاثة احزاب في منطقة انتخابية واحدة " أ،ب،ج" وحصل الحزب " أ " على 48000 صوت وحصل الحزب " ب " على 37000 صوت وحصل الحزب " ج " على 15000 صوت وخصص لهذه المنطقة خمسة مقاعد نيابية في البرلمان فكيف توزع هذه المقاعد النيابية على هذه الاحزاب الثلاثة ؟ نقوم اولا بجمع اصوات الاحزاب الثلاثة ونقسمها على عدد المقاعد النيابية
48000+37000+15000=100000=20000
5 5
وهذا العدد يمثل خارج القسمة الانتخابي. فعند توزيع المقاعد النيابية نقوم بما يلي : الحزب " أ " حصل على " 48000 " صوت يحصل على 2 مقعد وله باقي " 8000 " صوت. الحزب " ج " حصل على " 15000 " صوت ليس له شي ء . ونكون هنا قد وزعنا ثلاثة مقاعد نيابية وبقي لدينا مقعدان فنعطي المقعد الاول للحزب الذي يمتلك اقوى باقي من الاصوات وهو الحزب " ب " لانه يمتلك " 17000 " صوت باقي فيأخذ المقعد النيابي ويصبح له مقعدان نيابيان ونعطي المقعد الثاني للحزب " ج " لانه اصبح لديه اكبر باقي وهو " 15000 " صوت وتكون النتيجة بالشكل التالي : الحزب " أ له مقعدان نيابيان ، الحزب " ب " له مقعدان نيابيان ، لحزب " ج " له مقعد نيابي. وبهذا نكون قد وزعنا المقاعد الخمسة بين الاحزاب الثلاثة المتنافسة في المنطقة الانتخابية بطريقة الباقي الاقوى ، وهذه الطريقة هي التي اخذبها المشروع العراقي في قانون الانتخابات في البند 4 من القسم 3 حيث نص على ان " تعتمد الصيغة المستخدمة لمقاعد المجلس الوطني على اعضائه على حساب اولي يستخدم الحصص البسيطة " هير كوتا " وعلى حساب اخرى تالية تستخدم اكبر متبق …".
طريقة المعدل الاقوى
وهذه الطريقة تختلف في خطواتها ونتائجها عن الطريقة السابقة وتتم بثلاثة اساليب تتفق جميعها في النتائج وكما يلي :
الاسلوب الاول :
لتوزيع المقاعد النيابية حسب الاسلوب الاول من طريقة المعدل الاقوى نقوم باعطاء الحزب الذي يحصل على اكبر عدد من الاصوات ، المقعد النيابي الاول ثم نأتي بالمقعد الثاني ونعطيه للاول فان كان معدل الاصوات التي تقابل المقعدين اكبر من معدل الاصوات التي لغيره من الاحزاب المتنافسة لو اعطيت هذا المقعد اعطي هذا المقعد للحزب الذي حصل على اكبر عدد اصوات وان كان هناك حزب آخر يمتلك معدلا اقوى لو اعطي المقعد اعطي المقعد لذلك الحزب ولتقريب الفكرة نضرب المثال الحسابي التالي :
ينافست ثلاثة احزاب في منطقة انتخابية واحدة " أ،ب،ج" وحصل الحزب " أ " على " 48000 " صوت وحصل الحزب " ب " على " 37000 " صوت وحصل الحزب "ج " على "15000 " صوت وخصص لهذه المنطقة الانتخابية خمسة مقاعد نيابية فكيف توزع هذه المقاعد؟
يعطي الحزب " أ " المقعد الاول فيكون هذا المقعد مقابلا ل"48000 " صوت ، ثم نأتي بالمقعد الثاني ونعطيه للحزب " أ " فيكون معدل كل مقعد "24000" صوت بينما لو اعطى الى " ب" كان مقابلا ل "37000" صوت بينما لو اعطي الى "ج" كان مقابلا ل"15000" صوت ولكون معدل الحزب " ب" هو الاقوى يعطي هذا المقعد بصورة نهائية الى الحزب " ب" ثم نأتي بالمقعد الثالث ونعطيه للحزب " أ " فيكون المعدل " 24000" صوت لكل مقعد ولو اعطي للحزب "ب" كان المعدل "18500" صوت لكل مقعد ولو اعطي للحزب وكان المعدل " 15000" صوت ويكون الحزب " أ " يمتلك اقوى معدل فيعطى للحزب " أ " بصورة نهائية وبهذا نكون قد وزعنا ثلاثة مقاعد نيابية وبقي لدينا مقعدان فنكرر نفس الطريقة باعطاء المقعد الرابع الى الحزب " أ " الذي يملك مقعدين فيكون له ثلاثة مقاعد فيصبح لديه معدل " 16000 " صوت مقابل كل مقعد بينما لو اعطينا المقعد للحزب " ب" الذي يملك مقعدا واحدا يكون لديه مقعدان ويكون معدله " 18500 " صوت لكل مقعد ولو اعطينا للحزب " ج " كان له معدل " 15000" صوت لهذا المقعد ولما كان اقوى معدل هو للحزب " ب" .
ونأتي للمقعد الخامس ونكر نفس الطريقة فيكون معدل الحزب " أ " هو " 1600 " صوت لكل مقعد بينما لو اعطي للحزب " ب" كان معدله "12333" صوتا لكل مقعد ولو اعطي للحزب " ج " كان معدله 15000 صوت لهذا المقعد ولما كان المعدل الاقوى للحزب "أ " بشكل نهائي وتكون النتيجة كما يلي :
الحزب " أ " له 3 مقاعد نيابة مقابل "48000" صوت .
الحزب " ب" له 2 مقعد نيابي مقابل " 37000" صوت .
الحزب " ج " له ليس له شيء رغم ان اصواته " 15000 " صوت .

معدله المقعد السادس معدله المقعد الخامس معدله المقعد الرابع معدله المقعد الثالث معدله المقعد الثاني معدله عدد الأصوات الحزب
لامقاعد 1600 1 1600 1 1600 24000 1 48000 1 48000 أ
مقعدان 12333 1 1850 1 1850 1 3700 1 3700 ب
لاشيء 1500 1 1500 1 1500 1 1500 1 1500 ج
إلى ب إلى أ إلى ب إلى ب إلى أ النتيجة
النتيجة فوز ( أ ) بثلاثة مقاعد وفوز ( ب) بمقعدين ولاشيء ل(ج) .
الاسلوب الثاني :
1. يتم توزيع المقاعد النيابية على القوائم المتنافسة في المنطقة الانتخابية بنظام التمثيل النسبي التقريبي وفقا لما يلي :
1. يقسم عدد الاصوات الانتخابية الصحيحة على عدد المقاعد النيابية المخصصة للمنطقة الانتخابية وذلك للحصول على خارج القسمة الانتخابي والذي يمثل عدد الاصوات الواجب الحصول عليها للوصول الى مقعد نيابي .
2. توزيع المقاعد النيابية على القوائم التي حصلت على خارج القسمة الانتخابي او مضاعفاته فيكون لخارج القسمة الانتخابي مقعد واحد ولكل من مضاعفاته مقعد اضافي بعدد تلك المضاعفات .
3. توزيع المقاعد النيابية المعلقة على القوائم الثلاث الواحدة تلو الاخرى ويعطي المقعد نهائيا الى القائمة التي لها اقوى معدل ولبيان ما تقدم نضرب المثل الحسابي التالي : في منطقة انتخابية معينة تنافست ثلاثة احزاب " أ،ب،ج،" فحصلت القائمة " أ " على 48000 صوت وحصلت القائمة " ب " على 37000 صوت وحصلت القائمة " ج " على 15000 صوت وخصصت لهذه المنطقة خمسة مقاعد نيابية فكيف توزع هذه المقاعد على القوائم الانتخابية ؟
1. تجمع اصوات القوائم الثلاث وتقسم على عدد المقاعد النيابية للحصول على خارج القسمة الانتخابية .
48000+37000+15000 = 20000 خارج القسمة الانتخابية
5
القائمة " أ " لها " 48000" صوت فتحصل على مقعدين .
القائمة " ب " لها " 37000" صوت فتحصل على مقعد واحد .
القائمة " ج " لها " 15000" صوت فلا تحصل على شيء .
وبهذه الطريقة تم توزيع ثلاثة مقاعد وبقي مقعدان معلقان فتعطي المقعد الرابع لكل قائمة من هذه القوائم ونرى ايها اقوى معدلا .
القائمة " أ " لها 48000 صوت تحصل على 3 مقاعد أي بمعدل (18500) صوت لكل مقعد القائمة " ج " لها ( 15000 ) صوت تحصل على ( 1 ) مقعد أي بمعدل " 16000" صوت لكل مقعد .
القائمة "ب" لها " 37000" صوت تحصل على 2 مقعد أي بمعدل " 15000" صوت للمقعد .
ولما كانت القائمة " ب" هي الاقوى معدلا من بين القوائم المتنافسة فيعطى المقعد بصورة نهائية للقائمة " ب" ونعيد الكرة ثانية بالنسبة للمقعد الخامس ونعطي لكل قائمة هذا المقعد ونحسب اقوى معدل .
القائمة " أ " لها 48000 صوت تحصل على 3 مقاعد أي بمعدل " 16000" صوت لكل مقعد .
القائمة " ب" لها 37000 صوت تحصل على 2 مقعد أي بمعدل 12333 صوت لكل مقعد.
القائمة " ج " لها ( 15000) صوت تحصل على مقعد أي بمعدل 15000 للمقعد .
ولما كانت القائمة ( أ ) صاحبة اقوى مقعدل فنعطي لها المقعد بصورة نهائية فيكون نتيجة التقسيم كما يلي :
القائمة ( أ ) لها ( 48000 ) صوت حصلت على 3 مقعد .
القائمة ( ب) لها (37000) صوت حصلت على 2 مقعد .
القائمة ( ج ) لها ( 15000) صوت لم تحصل على شيء .
وهذه النتيجة هي نفس النتيجة التي حصلنا عليها في تقسيم المقاعد طبق الاسلوب الاول .
الاسلوب الثالث :
هذا الاسلوب من مبتكرات العالم الرياضي البلجيكي هوندت Honda وطبق في بلجيكا عام 1899 .
ويتم هذا الاسلوب من تقسيم المقاعد النيابية على القوائم الانتخابية المتنافسة بقسمة اصوات كل قائمة على تسلسل القوائم الانتخابية ( 1،2،3،….) فتحصل على عدة خوارج قسمة ثم نأخذ من خوارج القسمة المتعددة بقدر عدد المقاعد النيابية مرتبة من الاعلى الى الادنى خارج القسمة الاخيرة يسمى خارج القسمة التقريبي فتقسم عدد اصوات كل قائمة ، ولتقريب الفكرة نضرب المثل الحسابي التالي : ثلاث قوائم ( أ ، ب، ج ) تتنافس في منطقة انتخابية على خمس مقاعد انتخابية فحصلت القائمة ( أ ) على ( 48000) صوت وحصلت القائمة ( ب) على ( 37000) صوت وحصلت القائمة ( ج ) على ( 15000) صوت فكيف توزع المقاعد الخمسة على القوائم الثلاث ؟
نقوم بتقسم اصوات كل قائمة على تسلسلات القوائم :
القائمة (ج) 15000 صوت القائمة (ب) 37000 صوت القائمة (أ) 48000 صوت
15000 37000 48000 بالقسمة على 1
7500 18500 24000 بالقسمة على 2
5000 12333 16000 بالقسمة على 3
نأخذ خمسة خوارج قسمة " بعدد القاعدة النيابية " تنازليا من اعلى خارج قسمة الى ادناها وهي 48000 و 37000 و 24000 و 18500 و 16000 و العدد الاخير يسمى خارج القسمة التقريبية .
ولتوزيع المقاعد تقسم الاصوات على خارج القسمة التقريبي وكما يلي :
القائمة أ 48000 تحصل على 3 مقعد
16000
القائمة ب 37000 تحصل على 2 مقعد
16000
القائمة ج 15000 لا يحصل على شيء .
16000
وبذلك تكون النتيجة النهائية للقائمة " أ " ثلاثة مقاعد وللقائمة "ب" مقعدان ولاشي ء للقائمة " ج " .
بعد العرض المتقدم للانتخابات في ميدان التطبيق وما يقع عليها من انتهاكات وخرق وعرض النظم الانتخابية المطبقة في العالم بقي لنا ان نبين كيفية توزيع المقاعد النيابية على مرشحي القوائم الفائزة بالانتخابات . فلو تنافست ثلاث قوائم في منطقة انتخابية وهي " أ، ب، ج " وكان لهذه المنطقة خمسة مقاعد نيابية وفازت القائمة " أ " بمقعدين والقائمة " ب" بمقعدين والقائمة "ج" ويجب ان نميز هنا في حالة التصويت بالنسبة للقائمة المفتوحة عن التصويت للقائمة المغلقة .
فهي في حالة التصويت للقائمة المفتوحة يقوم الناخب باختيار المرشحين من مجموع القوائم الانتخابية فنختار مثلا مرشحين من القائمة " أ " ومرشحا من القائمة " ب" ومرشحين من القائمة " ج " وهكذا ، وبهذا سوف لن ينال مرشحو القوائم الانتخابية نفس العدد من الاصوات بل لابد ان يكون هناك تفاوت بين اصوات مرشحي نفس القائمة الواحدة فيعطي المقعدان اللذان حصلت عليهما القائمة " أ " الى المرشحين اللذين حصلا على اعلى عدد من الاصوات . وهذه العملية عملية توزيع المقاعد النيابية على مرشحي القوائم الانتخابية الفائزة تتم وفقا لنظام الاغلبية والمطلوب فيها حصول المرشح على الاغلبية البسيطة حتى وان كان المعمول في النظام الانتخابي هو نظام التمثيل النسبي . اما في حالة القائمة المغلقة فالامر مختلف جدا اذ ان التصويت يكون للقائمة لا للمرشح ففوز القائمة سوف يثير مشكلة توزيع المقاعد النيابية على مرشحي القائمة الفائزة لان الناخب عندما يختار لم يختر مرشحا يعنيه بل اختار قائمة بكاملها وحلا لهذا الاشكال اخذت بعض الدول بتوزيع المقاعد النيابية على مرشحي القوائم الفائزة اعتمادا على ترتيب المرشحين في القوائم الانتخابية فالمقعدان اللذان فازت بهما القائمة " أ " يعطيان للمرشحين الاول والثاني بحسب تسلسلهما في القائمة الانتخابية وهذا الحل اخذ به في فرنسا عامي 1945 و1948 في انتخاب السلطة المؤسسة المكلفة بكتابة الدستور مجلس كتابة الدستور لعرضه على الاستفتاء . وقد ذهبت بعض الدول الى حل آخر وهو ان الناخب عندما يختار قائمة معينة يضع علامة امام مرشح او مرشحين من هذه القائمة يفضلهما على باقي المرشحين وفي هذه الحالة سوف لا تكون العلامات التفضيلية متساوية فيفوز بالمقعد او المقعدين من حصلا على اكبر عدد من العلامات التفضيلية وهذا ما يسمى بالتصويت التفضيلي . اما في حالة التساوي بين المرشحين في العلامات التفضيلية فيمكن الجمع بين الحلين المذكورين وذلك بان نحدد الاسماء التي حصلت على اعلى عدد من العلامات التفضيلية فأن كانت تلك العلامات متساوية اعطيت المقاعد بحسب التسلسل الوارد في القائمة الانتخابية .
المحور الرابع
أسس ومعايير حرية الانتخابات الديمقراطية ومراقبتها
يعنى معيار "الحرية" احترام الحقوق والحريات السياسية الرئيسية كحرية الحركة، وحرية التعبير، وحرية الاجتماع، وحرية المشاركة في التصويت، وغيرها، والواردة في مجموعة من الوثائق والاتفاقات الدولية، وعدد من الوثائق الإقليمية. وهذه الحريات تتفق مع الأمور التي اعتبرها دال شروطاً مسبقة لما أسماه البولارشية. أي أن معيار "حرية" الانتخابات يُشكل، في نفس الوقت، أحد متطلبات الانتخابات الديمقراطية. وفي تصورنا فإنه يمكن أن نضيف إلى تلك الحريات والحقوق بعديْن جديدين: الأول أن تُجرى الانتخابات في ظل حكم القانون، والثاني أن تتسم الانتخابات بالتنافسية. (انظر الجدول رقم "2" الذي يتضمن قائمة مراجعة لمعايير حرية انتخابات الديمقراطية).
1. احترام مبدأ حكم القانون: لعل أول وأبرز معايير حرية الانتخابات الديمقراطية في النظم الديمقراطية أن تلك الانتخابات لابد أن تحترم مبدأ حكم القانون"rule of law"، الذي يعني أن ممارسة السلطة بشكل شرعي لا يتم إلا من خلال خضوع القائمين عليها والمحكومين على قدم المساواة إلى قانون مسبق. إنه مبدأ سيادة القانون بدلاً من سيادة الملوك والأمراء، وطاعة القانون بدلاً من الامتثال لقرارات الأفراد. ويعد هذا المبدأ من أبرز السمات التي أظهرت صورة الدولة المعاصرة على غيرها من صور المجتمعات الإنسانية، وهو أداة لتفادي استبداد الحكام بالسلطة، ووسيلة لردع أي تدخل في حريات الأفراد من قبل السلطة.
ومما لا شك فيه إن خضوع الحكام والمحكومين على قدم المساواة لقانون مسبق هو اللبنة الأولى في عملية الانتخابات الديمقراطية التنافسية. فمن مقتضيات مبدأ حكم القانون أن تُجرى الانتخابات التنافسية في ظل قانون مسبق يحدد بوضوح واجبات وحقوق المواطنين، حكاماً ومحكومين، ويُرسي القواعد التي على أساسها يتم إجراء الانتخابات بدءاً من تحديد مَنْ يحق له الترشح، وكيف يمكن التقدم للترشح، مروراً بالقواعد التي تُنظم الحملات الانتخابية من النواحي الإدارية والقانونية والمالية والإعلامية، وتلك التي تُنظم حق الاقتراع وأماكنه وكيفيته، وانتهاءً بالمسائل المتصلة بتنظيم يوم الانتخابات، والإدلاء بالأصوات، وفرز الأصوات وإعلانها، وتمكين الفائزين من تقلد مناصبهم في الهيئات النيابية. ومبدأ حكم القانون يصون حريات وحقوق الأقليات، ويقف بالمرصاد لأية ممارسات تتسم بالتمييز على أساس اللغة أو العرق أو الأصل أو الدين أو المذهب أو المكانة الاجتماعية، الأمر الذي يحقق الاستقرار ويجنب النظام مظاهر العنف الذي غالباً ما تجتاح المجتمعات التي لا تقوم على مبدأ سيادة القانون أو يُطبق فيها القانون بازدواجية تضر بحريات وحقوق الأقليات أو فئات معينة.
وقد أفرزت بعض تجارب التحول الديمقراطي في العقدين المنصرمين حالات لدول أجرت انتخابات ديمقراطية تنافسية قبل إنشاء المؤسسات الرئيسية للدولة الحديثة مثل حكم القانون، مؤسسات المجتمع المدني، استقلال القضاء، حكم مقيد بدستور عصري، وذلك حال ما حدث في روسيا الفيدرالية في التسعينيات من القرن العشرين، فمع ضعف مؤسسات الدولة استطاع الرئيس - المنتخب ديمقراطياً - أن يجمع سلطات واسعة في يده. وفي أفريقيا أدى ضعف مؤسسات الدولة المدنية وغياب حكم القانون إلى وجود تهديدات عدة للتجارب الديمقراطية الناشئة يأتي على رأسها تدخل الجيش وتدني معدلات الدخول وتفشي المشكلات العرقية والحدودية والحروب الأهلية. وثمة انتخابات قد يصفها البعض بالديمقراطية، بيد أن هناك فئات أو جماعات معينة تخضع لتمييز عنصري دون غيرها من الفئات والجماعات استناداً إلى القانون ذاته أو إلى الممارسات الفعلية للقائمين على القانون. فانتخابات جنوب أفريقيا إبان الحكم العنصري كانت توصف بأنها ديمقراطية في مؤشري قياس الديمقراطية "Polity IV" و"Freedom House"، وغيرهما من مؤشرات قياس الديمقراطية. كما أن إسرائيل، التي توصف بأنها ديمقراطية في تقارير ذينك المؤشرين أيضاً، يعتبرها بعض الباحثين الإسرائيليين والغربيين والعرب بعيدة تماماً عن المعايير الحقة للديمقراطية، وذلك بالنظر إلى حالة الأقلية العربية في إسرائيل.
2. احترام مبدأ التنافسية: أي وجود تنافس حقيقي بين مرشحين متعددين أو برامج مختلفة. ويتضمن هذا المعيار أمرين رئيسيين، هما: المعيار الكمي الصرف وهو ضرورة ألا تقتصر الانتخابات على مرشح واحد فقط، كما كانت الحال مع النظم الماركسية ذات نظم الحزب الواحد في الإتحاد السوفيتي السابق ودول شرق أوروبا والعديد من دول أفريقيا وآسيا قبل موجات التحول في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. وقد أفرزت بعض التجارب انتخابات ذات مرشحين متعددين، لكن دون أن تُترك للناخبين حرية الاختيار من بين بدائل حقيقية، إذ تمارس السلطة أنواعاً متعددة من الترغيب، أو الترهيب، أو التزوير، بُغية ضمان فوز مرشحي تيار الحكومة فقط، وذلك كما كانت الحال في بعض نظم الحزب المسيطر والنظم ذات التعددية الزائفة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا، وغيرها. كما قد يكون هذا النوع من الانتخابات ذات المرشحين المتعددين غير تنافسي نظراً لهيمنة الحزب الحاكم على مرشحي التيارات الأخرى، كما كانت الحال في مصر وإسبانيا في السبعينيات من القرن الماضي.
أما المعيار الثاني فهو كيفي، أي ضرورة توفر بدائل متعددة في التنافس الانتخابي، أي أن الانتخابات التنافسية الحرة لا بد أن توفر أمام الناخب اختيارات وبرامج متعددة ومختلفة. فتشابه البرامج الحزبية أو تقاربها يُقلل من درجة التنافسية التي يجب أن تتمتع بها الانتخابات الديمقراطية، ولقد دفع تقارب برامج الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة في كثير من الانتخابات الرئاسية التي تجرى هناك الكثير من الباحثين إلى النظر إلى الانتخابات الأمريكية على أنها شبة تنافسية. كما أن هناك انتخابات تسود فيها جبهات قومية مع سيطرة الحزب الحاكم، وذلك كما كانت الحال في بولندا وألمانيا الشرقية إبان الحكم الشيوعي.
وبشكل عام فقد تهدد الممارسات الفعلية لبعض الحكومات مبدأ التنافسية، وذلك من خلال تدخل الحزب الحاكم ضد الأحزاب المتنافسة ووضع قيود وعراقيل قد تتسم بالشرعية القانونية حال ما حدث في البرازيل بعد عام 1964 وإيران قبل عام 1975، ومصر منذ 1976. كما أن بعض النظم تقوم بوضع عراقيل إجرائية لمنع نشوء أحزاب أو جمعيات أهلية تنافس الحكومات القائمة، وذلك حال الحظر الذي تفرضه السلطات الحاكمة في مصر وتونس على أنشطة جماعة الأخوان المسلمين والتيار الإسلامي بشكل عام، ومثله الحظر الذي تفرضه إيران على الأحزاب الوطنية. هذا بجانب قيام بعض النظم بترشيح مرشحين متعددين من حزب واحد، كما كانت الحال في نظام فرانكو في أسبانيا ونظم الحزب الواحد في أفريقيا وشرق أوروبا.
وقد تُجرى انتخابات في إطار قانون يُحدد ملامحها العامة بشكل ديمقراطي، بيد أن واقع المجتمع نفسه قد يجعل منها غير تنافسية. ففي كولومبيا لم يستند الصراع بين الليبراليين والمحافظين إلى أساس سياسي وبرامج سياسية مختلفة بقدر ارتباطه بعوامل تقليدية تضرب بجذورها في المجتمع الكولومبي. كما أن التعددية الحزبية في نيجيريا ليست في جوهرها تعددية سياسية على أساس البرامج والأفكار، وذلك في ضوء محاولة كل حزب حصر نشاطه في منطقة معينة وتجاه أقلية عرقية محددة. وفي العراق اليوم – في أعقاب الغزو الأمريكي لها – فرْز عرقي ومذهبي تشتد حدته يوماً بعد يوم، والانتخابات التي أجريت هناك لم تُفرز "قوى سياسية" تعبر عن المصالح العامة المشتركة للشعب العراقي بقدر ما أفضت إلى تقسيم البلاد على أساس طائفي وعرقي، الأمر الذي قد يتطور إلى حرب أهلية وليس إلى ديمقراطية نيابية.
وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن عنصر التنافس هذا ليس مطلقاً، فثمة قيود ترد عليه حتى في أعرق النظم النيابية ذات التعددية الحزبية من ذلك، على سبيل المثال، تمتع بعض الأحزاب بالإمكانات الضخمة، المادية والتنظيمية، الأمر الذي يُمكنها من حشْد أعداد كبيرة من المؤيدين، وذلك عكس الحال مع الأحزاب الصغيرة ذات الإمكانات المحدودة. كما أن هناك الكثير من القيود القانونية المفروضة على أحزاب اليمين المتطرف والأحزاب الشيوعية في دول ديمقراطية مثل فرنسا. هذا إلى جانب أن بعض الدول تفرض حظراً قانونياً على الجماعات التي تستند إلى نزعات انفصالية.
3. ضمان حريات المعرفة والتعبير والاجتماع والإعلام: تعد حماية حريات الأفراد وحقوقهم الرئيسية، ولاسيما حريات المعرفة والتعبير والاجتماع والإعلام، من معايير حرية الانتخابات الديمقراطية. وتنصرف حرية المعرفة إلى حق الناخبين في معرفة ومناقشة آراء وأفكار وبرامج كل المرشحين في الانتخابات دون قيد أو شرط أو خوف من التعرض للأذى من السلطات. ويتطلب هذا ضمان حق المرشحين للمناصب السياسية في الإعلان عن أفكارهم وبرامجهم والترويج لها بين الناخبين دون قيود أو معوقات، وكذا حق عقد الاجتماعات والمؤتمرات الانتخابية والتجمعات الجماهيرية وذلك دون تمييز أو قيود من قبل السلطة. ويرتبط هذا بحق كل المرشحين في الحصول على فرصاً متساوية في استخدام موارد الدولة ووسائل الإعلام المختلفة لعرض برامجهم وآرائهم بحرية ودون خوف من بطش السلطة التنفيذية. وقد أثارت هذه الحريات الكثير من النقاش حول ضرورة ضمان حد أدنى من هذه الحقوق، ولاسيما حق استخدام وسائل الإعلام وعقد المؤتمرات الانتخابية لكل المرشحين، الأغنياء منهم والفقراء، عن طريق تخصيص الإعتمادات المالية اللازمة لهذا الغرض. إن الانتخابات الديمقراطية في النظم الديمقراطية المعاصرة لا تسمح بالممارسات التي اعتادت عليها شعوب الكثير من دول العالم الثالث مثل منع المعارضين من عقد مؤتمرات انتخابية، أو من الظهور في وسائل الإعلام الرسمية، أو وضع قيود على حرية التعبير والمناقشة، أو التمييز ضد مرشحي المعارضة.
4. حرية تشكيل المنظمات السياسية المستقلة عن السلطة التنفيذية: ويرتبط بعنصر التنافسية ضرورة ضمان حرية تشكيل المنظمات السياسية المستقلة عن سلطة التنفيذ من أحزاب وتكتلات سياسية وغيرها، وكذا ضمان حرية الترشح في الانتخابات. وهذا يعني عدم وجود قيود رسمية "de jure" أو فعلية "de facto" على إنشاء تلك المنظمات والتنافس على المناصب السياسية والمقاعد النيابية. ومن هنا فإن الانتخابات الديمقراطية لا يجب أن تشهد ممارسات مثل إقصاء فئة أو جماعة ما من حق الانتظام في حزب أو تكتل سياسي أو الترشح لمناصب سياسية وذلك مثلما فعل الحزب الحاكم في المكسيك قبل عام 2000 حينما أقصى الأحزاب الدينية والجهوية والمستقلين من التنافس الانتخابي أو مثلما فعل حكام كينيا وزامبيا وكوت ديفوار عندما منعوا المنافسين الحقيقيين من فرصة الترشح أو مثلما الحال الآن في بعض الدول العربية التي تحظر على التيارات السياسية الإسلامية أو الوطنية تشكيل أحزاب سياسية. كما لا تشهد الانتخابات الديمقراطية ممارسات مثل التنكيل بالمعارضين ووضع العراقيل أمامهم قبل وأثناء عملية الانتخاب، حال ما حدث في الانتخابات الأخيرة في بيلاروسيا (2006) ومثلما حدث من قبل في توغو عام 1991 وأرمينيا عام 1994، أو خضوع حق الترشح للمناصب النيابية إلى رقابة حكومية أو سيطرة جهة أو هيئة غير منتخبة حال ما يحدث في إيران منذ 1979. كما لا تشهد الانتخابات الديمقراطية ممارسات غير رسمية مثل رشوة قادة المعارضة وزرع الانقسامات بينهم كما دأب دانيال آراب موي على فعله في كينيا.
معيار "نزاهة" الانتخابات
يرتبط معيار "نزاهة" الانتخابات بعنصر الحياد "impartiality" الذي يجب أن تتسم به الجهة المشرفة على الانتخابات في تعاملها مع كل أطراف العملية الانتخابية من مرشحين وناخبين ومشرفين ومراقبين، وفي جميع مراحلها بدءاً من حق الاقتراع، ومروراً بكيفية تحويل أصوات الناخبين إلى مقاعد نيابية، وكيفية ممارسة هذا الحق، وانتهاءً بكل ما يتصل بالإشراف على الانتخابات وفرز الأصوات وإعلان النتائج. وترتبط نزاهة العملية الانتخابية أيضاً بمبدأ الدورية "periodical" والانتظام "regularity". ويعني الحياد المقصود هنا حياد القوانين والقواعد والأنظمة المنظمة لعملية الانتخابات، وكذا حياد الهيئة أو الإدارة المشرفة في تنفيذها لتلك القوانين والقواعد. وفيما يلي أبرز معايير نزاهة الانتخابات الديمقراطية:
1. حق الاقتراع العام: ترتبط الانتخابات الديمقراطية التنافسية بحق الاقتراع العام "universal vote"، أي حق كل المواطنين البالغين المسجلين في الاقتراع في الانتخابات دونما تمييز على أساس اللون أو الأصل أو العرق أو المكانة الاجتماعية أو النوع أو اللغة أو الدين أو المذهب. ويرتبط بحق الاقتراع العام قاعدة "شخص واحد، صوت واحد أو one man, one vote"" بمعنى أن لكل ناخب صوت واحد، أو ما يسمى الوزن المتساوي للأصوات "equal weighting of votes". وحق الاقتراع العام وقاعدة أن لكل شخص صوت واحد يرتبطان بمبدأ رئيسي من مبادئ الديمقراطية ألا وهو المساواة السياسية الذي يعني تكافؤ الفرص أمام كل المواطنين في المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية. ولذا فإن الحرمان القانوني لطبقة معينة أو جماعة ما من حق الاقتراع ينتقص من نزاهة الانتخابات، وذلك حال حرمان المرأة من حق الترشح والاقتراع في الكويت قبل عام 2006، أو الحرمان غير المباشر لفئات معينة كأن يتم إعادة توطين أو طرد فئة معينة من السكان كما حدث مع السود غير العرب في موريتانيا مطلع التسعينيات، أو من خلال طرق ملتوية كالتشديد في إجراءات التسجيل أو التلاعب في سجلات الناخبين أو منع الناخبين من الوصول إلى صناديق الانتخاب كما يحدث في الانتخابات المصرية. ويتناقض مع حق الاقتراع العام استهداف الأمن للمرشحين المعارضين أو لوسائل الإعلام والصحافة كما فعل رئيس زيمبابوي روبرت موجابي عام 2000، وكذا شراء الأصوات أو التأثير على تفضيلات الناخبين بالمال أو النفوذ كما يحدث في الكثير من الدول.
2. تسجيل الناخبين بشفافية وحياد: على الرغم من أن تسجيل الناخبين في سجلات انتخابية ليس شرطاً ضرورياً للانتخابات الديمقراطية، إلا أنه يعمل على تحقيق هدفين رئيسيين. فالتسجيل يُوفر آلية للنظر في المنازعات التي قد تُثار في شأن حق الفرد في التصويت، وذلك بشكل منتظم وقبل يوم الانتخابات ذاته. وهذا بالطبع يكتسب أهمية كبرى في الحالات التي يحاول شخص ما- لا يمتلك الحق في التصويت - أن يُدلي بصوته في الانتخابات، أو عندما يحاول شخص أن يمارس حقه مرتين. ومن ناحية أخرى فإن تسجيل أسماء الناخبين في سجلات انتخابية يُمكّن الهيئة المشرفة على إدارة الانتخابات من تنظيم أعمالها المتصلة بتحديد الدوائر الانتخابية وتوزيع القوة البشرية المشرفة على الدوائر المختلفة.
3. الحياد السياسي للقائمين على الانتخابات: ولعل من أبرز معايير نزاهة الانتخابات الديمقراطية حياد القائمين على إدارتها في جميع مراحلها بدءاً من الإشراف على عملية تسجيل الناخبين والمرشحين، ومروراً بإدارة يوم الانتخابات، وانتهاءً بعملية فرز الأصوات وإعلان نتائجها النهائية، والإشراف على حق الناخبين والمرشحين في الشكوى والتظلم أو الطعن.
ومن الناحية الوظيفية، تعمل الإدارة المشرفة على الانتخابات في إطار النظام القانوني السائد، واحترام مبدأ سيادة القانون. ولذا فإن التأكد من معاملة كل الناخبين وكل المرشحين وفقاً للقانون ودون أدنى تمييز على أساس اللغة أو العرق أو الأصل أو المكانة الاجتماعية أو الوضع الاقتصادي أو الدين أو النوع يُعد من أبرز مهام تلك الإدارة. وتكتسب الإدارة المشرفة على الانتخابات ثقة المواطنين من خلال الالتزام بالحياد السياسي والحزبي. ويتطلب هذا الحياد البعد عن أية تصرفات قد يُفهم منها تغليب مصالح الحكومة القائمة، أو مصالح فئة ما أو حزب سياسي معين، حال قبول الهدايا أو الإعلان عن مواقف سياسية محددة أو الخوض في نشاطات ذات صلة بأحد الجهات المتنافسة، وغير ذلك.
ومن الناحية الهيكلية يرتبط الحياد السياسي بأمور ثلاثة، هي: الشكل التنظيمي للإدارة المنوط بها إدارة الانتخابات، وحجم السلطة الممنوحة لها، وعلاقتها بالسلطتين التنفيذية والقضائية. وتقدم التجارب الديمقراطية المعاصرة العديد من الأشكال في هذا الصدد، فبينما تَتبع إدارة الانتخابات في كل من إنجلترا وفرنسا الإدارات المحلية، وتدار محلياً في الولايات المتحدة مع وجود بعض القيود الذي يحددها الدستور الفيدرالي، فإن بعض الدول الديمقراطية تقيم لجاناً أو إدارات دائمة للانتخابات، ومستقلة تماماً عن السلطة التنفيذية. ففي كندا هناك لجنة دائمة للانتخابات منذ عام 1920، تخصص لها الدولة جزءاً من ميزانيتها، وهي تتمتع بصلاحيات واسعة في إدارة الانتخابات، برغم أن الحكومة تقوم بتعيين موظفي هذه اللجنة وقت الانتخابات فقط. أما في الهند فثمة لجنة مستقلة بموجب الدستور منذ عام 1950، وفي استراليا هناك لجنة عليا مستقلة لإدارة الانتخابات منذ عام 1984، تحصل على ميزانيتها من الميزانية العامة للدولة. وفي بعض الحالات ولاسيما وقت التحول إلى الديمقراطية لا تقتصر وظيفة اللجان المشرفة على الانتخابات على إدارة الانتخابات والإشراف عليها وإعلان نتائجها، وإنما تمتد لتشمل النظر في صلاحية إجراءاتها ودقة نتائجها. وذلك كما حدث في أول انتخابات ديمقراطية تنافسية في جنوب أفريقيا بعد انهيار نظام الفصل العنصري، إذ كان من صلاحيات اللجنة المشرفة على الانتخابات هناك النظر في كل المسائل المتصلة بصلاحية الانتخابات. ومن ناحية أخرى تختلف الأشكال القائمة في الديمقراطيات المعاصرة من حيث خضوع قرارات اللجان والإدارات المشرفة على الانتخابات للقضاء. ففي دول مثل الهند واستراليا يخضع عمل تلك اللجان لنطاق عمل المراجعة القضائية، حيث تستطيع المحاكم نقْض نتيجة أية دائرة انتخابية. وكبديل لهذا فإن لجنة الانتخابات في دول كثيرة تضم قضاة، ففي استراليا لابد أن يكون رئيس لجنة الانتخابات أحد قضاة المحكمة الفيدرالية سواء كان من العاملين أو المتقاعدين.
4. قانون انتخابي عادل وفعّال: تستند نزاهة عملية إدارة الانتخابات، بشكل رئيسي، على القانون الانتخابي الذي ينظم عملية الانتخابات في مراحلها المختلفة، ويتيح لكل أطراف العملية الانتخابية من ناخبين ومرشحين ومشرفين، الوقوف على الكيفية التي يتم من خلالها إدارة الانتخابات والإعلان عن نتائجها. والنظام الانتخابي يحدد القواعد التي تضعها النظم الديمقراطية بغية تحويل أصوات الناخبين إلى مقاعد نيابية، ولابد أن ينسجم مع التركيب الاجتماعي للمجتمع، وعلى وضع يُمكن معه تمثيل كل الفئات والجماعات المُشكلة للمجتمع. ولأن تفاصيل ومضامين أي نظام انتخابي لا بد أن توضع في ضوء الأهداف المرجوة منه والمحددة مسبقاً، فإنه يمكن تصور الأهداف الثلاثة التالية لأي نظام انتخابي:
- تحويل أصوات الناخبين إلى مقاعد في الهيئات التمثيلية النيابية بالبرلمانات.
- توفير الآلية التي يمكن من خلالها للناخبين محاسبة ممثليهم.
- توفير حوافز للمتنافسين من أجل عرض برامجهم وآرائهم بحرية وتمثيل كافة فئات المجتمع. ففي المجتمعات التي يعيش فيها أقليات عرقية أو دينية أو لغوية تُوضَع بنود وقواعد مختلفة في النظم الانتخابية لتحقيق هدف دمج هذه الأقليات في المجتمع. كما أن هناك قوانين انتخابية تتضمن آليات لضمان تمثيل المرأة.
وقد اختلفت وتنوعت النظم الانتخابية التي عرفتها التجارب الديمقراطية المعاصرة مع اختلاف أوضاع وظروف كل دولة، على وضع لا يمكن معه أن نجد نظامين متطابقين تماماً في دولتين مختلفتين. غير أنه يمكن القول أن التجارب الديمقراطية الحديثة عرفت نظامين رئيسيين، يُعدان - مع فروعهما وصورهما المختلفة - من أبرز الأنظمة الانتخابية المعمول بها في عالمنا المعاصر، وهي نظم الأغلبية "majority systems" ونظم التمثيل النسبي "proportional systems". ولهذين النوعين الرئيسيين أشكال وأنواع عدة على النحو الذي تفصله الدراسات ذات الصلة بالنظم الانتخابية.
5. دورية الانتخابات: وتعني سمة الدورية تطبيق القواعد والإجراءات الانتخابية ذاتها – والمحددة مسبقاً - على جميع الناخبين والمرشحين بشكل دوري "periodic" ومنتظم "regular" وغير متحيز لفئة أو جماعة معينة. ويستند هذا المبدأ إلى سمة رئيسية من سمات الديمقراطية وهي أن تقلد المناصب السياسية تُحدد زمنياً بفترات محددة، فالمسؤولون المنتخبون لا يُنتخبون مدى الحياة في الديمقراطيات المعاصرة، وكذا إلى قاعدة أن محاسبة الحكام ومساءلتهم تقتضي أن يتم الاحتكام إلى الناخبين بشكل دوري ومنتظم بغرض الوقوف على آرائهم في شأن السياسيين المنتخبين للمناصب السياسية والبرامج والسياسات المختلفة. ويعني ما تقدم أن الحكام في الديمقراطيات المعاصرة لا يمتلكون الحق في تأجيل أو إلغاء انتخابات محددة سلفاً، كما أنه لا يمكن لهم مد فترة تقلدهم المناصب السياسية. إن بعض الحكام في دول العالم الثالث يحاولون التلاعب بالقيود الدستورية التي تقيد عدد مرات الترشح لمنصب رئيس الدولة، الأمر الذي يتناقض كلية مع مبدأ دورية الانتخابات، وذلك كما حدث في مصر وتونس ولبنان، وكما فعل حكام بوركينا فاسو وساحل العاج والغابون أوزباكستان وتركمنستان.
6. ضمانات أخرى: ولكي توصف الانتخابات الديمقراطية بالنزاهة لابد أن تتسم بمجموعة أخرى من المعايير، لعل أبرزها ضمان سرية الاقتراع، وضمان حرية الاقتراع يوم الانتخابات لجميع الناخبين بلا أدنى تمييز، وضمان حق المتنافسين في الإشراف على سير الانتخابات في دوائرهم من خلال مندوبيهم، وضمان حماية الدوائر الانتخابية من أي تدخل من أي جهة أو هيئة ما بغرض التأثير على الناخبين لصالح مرشح معين، وضمان أمن الدوائر الانتخابية ضد أية عمليات عنف قد تستهدف تخريب العملية الانتخابية أو تعطيلها أو التأثير عليها. كما تتسم الانتخابات الديمقراطية بشفافية ونزاهة عملية فرز الأصوات وإظهار النتائج وإعلانها، وإعطاء مهلة مناسبة لتلقي الشكاوى والطعون – الذي غالباً ما تقوم به اللجنة المشرفة على الانتخابات أو المحاكم وذلك حسب النظام الانتخابي المعمول به في كل دولة.
أسس ومعايير مراقبة الانتخابات
على جميع هيئات المراقبة المحلية والدولية وجميع المراقبين والوكلاء الالتزام بالمعايير التالية:
• الشمولية: الأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل المتعلقة بأي من العمليات الانتخابية أثناء عملية المراقبة، وتوضيح الجوانب التي تمت مراقبتها، والمناطق التي شملتها عملية جمع الملاحظات.
• المؤسسية: يجب أن تصدر أية تصريحات حول سير العمليات الانتخابية من قبل الهيئات وليس الأفراد. ولهيئة المراقبة أو القائمة الانتخابية إصدار التقارير والتصريحات المتعلقة بسير العمليات الانتخابية عبر ناطقيها المخولين بذلك.
• الشفافية: الإفصاح عن طرق جمع المعلومات المتعلقة بالمراقبة، والافتراضات والمعلومات والتحليلات التي اعتمدت عليها، والمنهجية المتبعة في ذلك.
• الدقة: الاعتماد على معلومات دقيقة وغير مشكوك فيها في عملية المراقبة.
• المهنية: يلتزم المراقب والوكيل بمبادىء العمل المهني والموضوعي، دون الشخصي، والعمل بعيداً عن الفوضى والعشوائية والانتقائية في تقييم سير العمليات الانتخابيّة. وبالتالي ينبغي على هيئات الرقابة تدريب مراقبيها على الجوانب المختلفة لعملية الرقابة، وكذلك على الهيئات الحزبيّة والقوائم تدريب وكلائها.
• الالتزام بالقوانين والأنظمة والحفاظ على النظام العام: يحترم جميع المراقبين والوكلاء سيادة القانون والحفاظ على النظام العام بالإضافة إلى تنفيذ أحكام القوانين والأنظمة، واحترام قواعد السلوك الخاصة بهم الصادرة عن لجنة الانتخابات المركزية.
• حقوق المراقب والوكيل أثناء المراقبة على العمليات الانتخابيّة.
• مراقبة كافة جوانب العمليات الانتخابية المختلفة (التسجيل، الاقتراع، الفرز) وجمع المعلومات عنها، والوصول للمعلومات اللازمة لتحقيق هذه الغاية.
• الدخول إلى كافة مراكز التسجيل، ومراكز ومحطات الاقتراع والفرز، ومركز إدخال البيانات.
• التأكد من أن هذه المراكز معرّفة بطريقة صحيحة ومعروفة للجميع، إذ أن تغيير تسمية مراكز الاقتراع أو تغيير أماكنها دون الإعلان عن ذلك مسبقاً يحرم الناخبين من ممارسة حقهم الانتخابي بشكل سليم.
• تقديم المساعدات والتسهيلات الممكنة للقيام بمهامهم.
• مخاطبة الراغبين بالتسجيل أو الناخبين داخل مراكز التسجيل أو الاقتراع دون التأثير في قراراتهم.
• الإطلاع على مواد وإجراءات التسجيل والاقتراع والفرز من مسافة مناسبة داخل مراكز التسجيل والاقتراع.
• مرافقة صناديق الاقتراع في حال نقلها من مكان إلى آخر.
• التأكد من عدم حدوث أي خروقات أو مخالفات أثناء عملية الاقتراع والفرز.
• التأكد من حالة صناديق الاقتراع عند لحظة فتحها، على أن يتم فتحها بالاستناد إلى التعليمات المتبعة لدى لجنة الانتخابات، والتأكد من عدم تجاوز هذه التعليمات لأي سبب كان، مثل كسر الإقفال أو فض الأختام أو فتح الصناديق قبل الموعد المحدد لذلك.
• الإطلاع على أية ورقة اقتراع بعد قراءتها أثناء عملية الفرز علناً.
• الإطلاع على محاضر الفرز بعد توقيعها من رئيس وأعضاء لجنة مركز الاقتراع.
التزامات المراقبين والوكلاء أثناء المراقبة على العمليات الانتخابيّة.
• لا يجوز أن يتواجد في مراكز الاقتراع أكثر من وكيل واحد فيكتفى بحضور وكيل واحد عن كل قائمة. ولمسئول المركز تنظيم تواجد المراقبين والوكلاء داخل مركز الاقتراع من أجل عدم احداث فوضى.
• حمل بطاقات الاعتماد الصادرة عن لجنة الانتخابات بشكل واضح أثناء المراقبة، وإبراز وثيقة رسمية لإثبات هويتهم عند سؤال الجهات المختصة عنها.
• عدم التدخل في نشاطات الانتخابية، أو الراغبين بالتسجيل، أو الناخبين إلا في حدود ما تسمح به الأنظمة وقواعد السلوك.
• الامتناع عن محاولة التأثير في قرارات الراغبين في التسجيل أو الناخبين.
• الامتناع عن إعاقة سير أي من العمليات الانتخابية بأي شكل من الأشكال.
• الاستجابة لتعليمات مسؤول مركز التسجيل أو مركز الاقتراع والفرز أو مركز إدخال البيانات.
• عدم تدوين أي معلومات شخصيّة تتعلق بالمسجلين أو المقترعين، مثل أسمائهم أو القوائم التي انتخبوها.
• الامتناع عن إثارة الضجيج أو الإزعاج بشكل يؤثر على سير العملية الانتخابية.
• الامتناع عن القيام بأي نشاط من شأنه الاخلال بسرية الاقتراع.
• الامتناع عن القيام بالدعاية الانتخابية داخل مراكز الاقتراع.
تقديم الشكاوى والملاحظات
من يقدم الشكوى أو الملاحظة:
يجوز للوكلاء فقط إبداء الملاحظات أو الشكاوى المكتوبة حول سير العملية الانتخابية على النماذج المعدّة لذلك، وعلى مسؤول المحطة معالجة هذه الشكاوى والملاحظات على الفور وفقاً للاجراءات المعتمدة لعملية الاقتراع والفرز. وفي حال إبداء أحد الوكلاء رغبته في تقديم شكوى أو ملاحظة خطيّة، يقوم مسؤول المحطة بما يلي:
1. يُسلّم للوكيل أو المراقب نسخة من محضر الشكوى أو الملاحظة لتعبئته.
2. يتم التأكد من تعبئة كافة البيانات الخاصة بالمركز بشكل صحيح.
3. يحاول معالجة الشكوى أو الملاحظة ما أمكن حسب الاجراءات المعتمدة، ويُدوّن كيفية تعامله مع الشكوى على الجزء المخصص من المحضر.
4. يُرفق المحضر مع النسخة الكربونية الخاصة بمكتب الدائرة لمحاضر إفتتاح وإقفال الاقتراع ومحضر الفرز، وذلك حسب موضوع الشكوى.
لا يجوز للمراقب أن يبدي ملاحظات أو شكاوى حول سير العملية الانتخابية في محطات الاقتراع، ولكن يحق له تدوين ملاحظاته ورفعها لهيئة الرقابة التابع لها، ويحق لهيئة الرقابة أن تقدّم الملاحظات الخطيّة للجنة الانتخابات المركزية.
- متى تقدم الشكوى أو الملاحظة:
تقدم الشكوى أو الملاحظة عند ظهور مخالفة جدية تؤثر سلباً على تنفيذ العمليات الانتخابية وبالتالي النتائج المرجوة منها.
المقارنة بين المراقب والوكيل فيما يلي:
المراقب:
يمثل مصلحة عامة، وهدفه الأساسي تأكيد نزاهة العملية الانتخابية أمام الرأي العام أو الجمهور، وبطبيعة عمله، فانه شخص حيادي يراقب العملية الانتخابية دون التدخل في سيرها، ولكن يحق للهيئة التي يتبع لها أن تقدّم الملاحظات الخطيّة للجنة الانتخابات المركزية.
الوكيل:
يمثل قائمة انتخابية، وعليه فإنه ليس بالضرورة أن يكون حيادياً، ويحق له أن يقترح تعديلات إجرائية للجنة الانتخابات المركزية نيابة عن قائمته. كما أن القانون يعطيه الحق في التوقيع على محضر الفرز يوم الاقتراع
استقلالية السلطة القضائية
إن وجود سلطة قضائية مستقلة محايدة، يعتبر عاملاً هاماً وأساسياً من أجل ضمان حرية ونزاهة الانتخابات ويشكل الضمانة لجميع المواطنين للاعتراض على أية خروقات قد تواكب الانتخابات، وينبغي أن تكون السلطة القضائية بمعزل عن أي تأثيرات من أي جهة رسمية أو غير رسمية تشارك في الانتخابات.
ولضمان استقلالية القضاء والسلطة القضائية لا بد من مراعاة المبادئ الأساسية التالية والتي أصدرتها الأمم المتحدة بشأن استقلال السلطة القضائية وهي:
1. تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية، وينص عليه دستور البلد أو قوانينه، ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية.
2. تفصل السلطة القضائية في المسائل المعروضة عليها دون تحيز، على أساس الواقع وفقا للقانون ودون أي تقييدات أو تأثيرات غير سليمة أو أية اغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات، مباشرة كانت أو غير مباشرة، من أي جهة أو لأي سبب.
3. تكون للسلطة القضائية الولاية على جميع المسائل ذات الطابع القضائي، كما تنفرد بسلطة البت فيما إذا كانت أية مسألة معروضة عليها للفصل فيها تدخل في نطاق اختصاصها حسب التعريف الوارد في القانون أم لا.
4. لا يجوز أن تحدث أية تدخلات غير لائقة، أو لا مبرر لها، في الإجراءات القضائية، ولا تخضع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم لإعادة النظر، ولا يخل هذا المبدأ بإعادة النظر القضائية أو بقيام السلطات المختصة، وفقا للقانون، بتخفيف أو تعديل الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية.
5. لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق الإجراءات القانونية المقررة، ولا يجوز إنشاء هيئات قضائية لا تطبق الإجراءات القانونية المقررة حسب الأصول والخاصة بالتدابير القضائية لتنتزع الولاية القضائية التي تتمتع بها المحاكم العادية أو الهيئات القضائية.
6. يكفل مبدأ استقلال السلطة القضائية لهذه السلطة ويتطلب منها أن تضمن سير الإجراءات القضائية بعدالة، واحترام حقوق الأطراف.
7. من واجب كل دولة عضو أن توفر الموارد الكافية لتمكين السلطة القضائية من أداء مهامها بطريقة سليمة.
وبهذا يشكل القضاء المستقل ضمانة أكيدة لنزاهة وحرية الانتخاب. وتعتبر المحكمة الجهة المسؤولة عن الفصل في المنازعات الانتخابية في حال حصولها. وتقع مسؤولية تنظيم الانتخابات في معظم الدول العربية على السلطة التنفيذية، وعادة ما تتولى ذلك وزارة الداخلية. وتتولى مهمة تسوية المنازعات الانتخابية في بعض الدول العربية محكمة خاصة مثل المحكمة الدستورية. وبالطبع هناك قوانين تحكم عمل الأحزاب السياسية وطريقة حصول هذه الأحزاب على الترخيص الحكومي، كما توجد في بعض الدول لجنة متخصصة تتولى هذه المهمة.
مبدأ عدم التمييز
تؤكد المادة (2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن ”لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة، في هذا الإعلان دون أي تمييز كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو اللغة أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر دون تفرقة بين الرجال والنساء." وقد أكدت معظم الاتفاقيات والعهود المعنية بحقوق الإنسان على مبدأ عدم التمييز، وخاصة المادة (2) من العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ونصت المادة (2) من الميثاق العربي لحقوق الانسان على حق كل إنسان موجود في أي دولة وخاضع لسلطتها في التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة فيه دون أي تمييز بسبب العنصر، أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني والاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر دون أي تفرقة بين الرجال والنساء. وحظرت المادة (26) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التمييز أمام القانون إذ أكدت على أن” الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحماية وفي هذا الصدد يحظر القانون أي تمييز وان يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب.
ولكن هناك تدابير خاصة تأخذها بعض البلدان من أجل ضمان تمثيل بعض الفئات لا تعتبر تمييزية ضدهم مثل حفظ حصة من المقاعد للمسيحيين كما هو معمول به في الأردن وفلسطين، أو حفظ حصة للمرأة كما هو معمول به في المغرب والأردن حديثا، وتصنف تلك التدابير ضمن فئة ”التدخل الإيجابي” أو ”التمييز الإيجابي”، إذ نص البند (11) من مشروع المبادئ العامة بشأن الحرية وعدم التمييز في مسألة الحقوق السياسية الذي اعتمدته اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الاقليات في الأمم المتحدة انه يجب عدم اعتبار التدابير التالية التي ينص عليها القانون أو النظام بأنها إجراءات تمييزية:
أ - الشروط المعقولة لممارسة الحق في التصويت أو الحق في تقلد منصب عام خاضع للانتخاب
ب - المؤهلات المعقولة للتعيين لتقلد منصب عام ناشئ عن طبيعة واجبات المنصب
وهناك تدابير خاصة لتأمين ما يلي:
1. التمثيل الملائم لجزء من سكان بلد ما تمنع أفراده في الواقع ظروف سياسية أو اقتصادية أو دينية أو اجتماعية أو تاريخية أو ثقافية من التمتع بالمساواة مع بقية السكان في مسألة الحقوق السياسية.
2. التمثيل المتوازن لمختلف العناصر المكونة لسكان بلد ما وشريطة ألا تدوم هذه الإجراءات إلا طالما ظلت هناك حاجة إليها فقط بمدى لزومها.
وأكدت المادة (4) من الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة على انه لا يعتبر اتخإذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب أن لا يستتبع، على أي نحو، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة
وهناك مطالبة من قبل الهيئات النسائية والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لأخذ مبدأ ”التمييز الإيجابي" باعتماد”كوتا حد أدنى” 20% من المقاعد، وحث الأحزاب والقوى على تضمين قوائمهم نسبة 30% للنساء. وتم مؤخراً إقرار تعديل على قانون الانتخاب في الأردن وذلك بتخصيص (6) مقاعد للنساء حيث ارتفع عدد النواب في الأردن من 104 إلى 110.
الاقتراع السري
نصت الفقرة (ب) من المادة (25) للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على حق المواطن في أن ينتخب وينتخب في انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين. ولهذا يعتبر التصويت السري الأساس في اعتبار الانتخابات حرة ونزيهة وقد أشار مشروع المبادئ العامة بشأن الحرية وعدم التمييز في الحقوق السياسية وجوب أن يكون بإمكان كل ناخب التصويت بأسلوب لا سبيل فيه إلى كشف الطريقة التي صوت أو ينوي التصويت بها، وان لا يرغم على الكشف عن حيثيات ذلك وألا يحاول أحد الحصول من أي ناخب، بشكل مباشر أو غير مباشر، على أي معلومات عن عملية تصويته. وهذا يتطلب العديد من الإجراءات الفنية والإدارية لضمان الحفاظ على سرية الاقتراع وحماية صوت الناخب من التأثير المباشر أو غير المباشر للإفصاح عن طريقة تصويته.
الاقتراع العام المتساوي
ضمان مساواة جميع الناخبين للتأثير على العملية الانتخابية وأن يتساوى الوزن الصوتي لكل مواطن، وإن يشارك كافة المواطنين في عملية الاقتراع على قدم المساواة وأن يكون لكل منهم نفس التأثير في العملية الانتخابية وهذا يتطلب في حالة اعتماد دوائر انتخابية أن يكون لكل ناخب نفس ”الوزن الصوتي” وتحديد الدوائر الانتخابية على أساس منصف يعكس إرادة الناخبين بأكبر قدر ممكن من الدقة والشمولية في حين يعطى لكل دائرة مقعد وتوزع المقاعد على أساس عدد السكان مع انحراف لا يزيد عن 5%.
الاقتراع الدوري
أكدت المواثيق والإعلانات على أن تجري الانتخابات بشكل دوري. ونظرا لعدم تحديد مدة زمنية لإجراء الانتخابات، فان العديد من البلدان تنص دساتيرها على إجرائها مرة في كل 4 سنوات ويجوز تأجيلها في الظروف الطارئة. ومن أجل نزاهة الانتخابات يجب أن تشرف على إجرائها وغير ذلك من الاستشارات العامة بما فيها إعداد القائمة الانتخابية (الجداول) ومراجعتها الدورية السلطات التي يُكفل استقلالها وتُكفل نزاهتها وتكون قراراتها قابلة للطعن أمام السلطة القضائية أو غير ذلك من الهيئات المستقلة النزيهة. ويجب تأمين الحرية الكاملة للتعبير السلمي عن المعارضة السياسية وكذلك تنظيم حرية وعمل الأحزاب السياسية والحق في تقديم مرشحين للانتخابات.
إدارة الانتخابات والإشراف عليها
ان إدارة الانتخابات وحيادية عمل لجان الإشراف تعتبر من القضايا الهامة التي يعالجها قانون الانتخاب، وهناك العديد من المبادئ الرئيسية التي يجب على كل جهاز انتخابي ان يراعيها وهي الاستقلالية والحياد والحرفية ( المهنية).
الاستقلالية: في نظام متعدد الاحزاب، لا يمكن لجهاز انتخابي ان يحظى بثقة الاحزاب ويحافظ عليها الا إذا عد مستقلا حيال جميع الاحزاب والحكومة، وفي بعض البلدان يكفل الدستور استقلالية أجهزة الانتخابات، كما هو في جنوب أفريقيا.
الحياد: الجهاز الحيادي لا يهتم بنتيجة الانتخابات التي يديرها، فدوره يقوم على تهيئة الساحة التي سيتواجه فيها المرشحون والأحزاب وعلى تزويد جميع الناخبين كافة بالمعلومات الضرورية لعملية التصويت، ويجب ان يكون هذا الجهاز مؤلفا من أشخاص أكفاء، وخصوصا في نظر المشاركين في الانتخابات، وان يتصرف بحياد ويتمتع بثقة الاحزاب الرئيسية.
الاحترافية: بالإضافة الى الاستقلالية والحياد، يجب ان يتمتع الجهاز ( لجان الإشراف) بالاحترافية( المهنية) من أجل إنجاز هذه المهمة الضخمة وهي إدارة انتخابات حرة و نزيهة.
أشارت المادة (21) الى انه تجري الانتخابات تحت إدارة وإشراف اللجان، لجنة الانتخابات المركزية، لجان الدوائر، لجان مراكز الاقتراع.
وحددت المادة (22) كيفية تشكيل لجنة الانتخابات المركزية بصفتها الهيئة العليا التي تتولى إدارة الانتخابات والإشراف عليها وتكون مسؤولة عن التحضير لها وتنظيمها واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان نزاهتها وحريتها. حيث تتألف اللجنة من 9 أعضاء يتم اختيارهم من قبل رئيس السلطة الوطنية والأحزاب السياسية والفعاليات الفلسطينية المختلطة. ويتم اختيارهم من بين القضاة الفلسطينيين، وكبار الأكاديميين والمحامين ذوي الخبرة والسيرة المهنية البارزة.
ونظرا لأهمية لجنة الانتخابات المركزية العليا فقد أكدت الهيئة المستقلة لحقوق المواطن من خلال دراسة أعدتها في أيلول 2002، من خلال استعراض بعض التجارب العربية والأجنبية لهيئات إدارة الإشراف على الانتخابات على ضرورة مراعاة النقاط التالية عند تشكيل لجنة الانتخابات المركزية للانتخابات العامة القادمة:
1. ان تشكيل لجنة انتخابات مركزية مستقلة ونزيهة يتطلب اختيار أعضاء تتوفر فيهم شروط الخبرة والاستقلالية والنزاهة، مع أهمية وجود أعضاء من القضاة المحامين العاملين.
2. ضرورة توسيع نطاق صلاحيات لجنة الانتخابات بحيث تشمل الإشراف على مختلف جوانب الانتخابات منذ بدايتها وحتى الإعلان عن النتائج النهائية وانتهاء فترة الطعون، ومن الضروري أن تشمل هذه الصلاحيات أيضا إبداء الرأي حول حدود الدوائر الانتخابية وحول عدد المقاعد في كل دائرة، إضافة الى الإشراف على تصرف وسائل الإعلام الرسمية أثناء الحملة الانتخابية.
3. ضرورة امتناع السلطة التنفيذية عن الانتقاص من صلاحيات لجنة الانتخابات المركزية أو التدخل في شؤونها.
4. لضمان الاستقلالية والنزاهة، يجب منح اللجنة ميزانية مستقلة، ومنح أعضائها الحصانة من العزل الا في الأحوال الحصرية التي يحددها القانون، وإلزام الشرطة والأجهزة الأمنية المعنية بتعليمات اللجنة ذات العلاقة بإدارة الانتخابات والإشراف عليها.
5. أهمية النظر جديا في اعتماد معادلة جديدة تضمن مشاركة القوائم والأحزاب السياسية في تشكيل اللجنة.
6. النظر جديا في تعديل قانون الانتخابات الفلسطيني رقم 13 لسنة 1995، بحيث يتم توسيع نطاق صلاحيات لجنة الانتخابات المركزية. لتشمل الإشراف على الانتخابات المحلية، كما هو الحال في جنوب أفريقيا.
7. من الضروري ان يتم إعـادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية بعد إصدار قانون الانتخابات من قبل المجلس التشريعي.
وفي حال إقرار قانون جديد يعتـمد على مبدأ” التمثيل المختلط” فلا بد من التفكـير في زيادة أعضاء اللجنة من 9 أعضاء الى 13 على الاقل.
هذا وتؤكد المادة (23) على تمتع لجنة الانتخابات المركزية بشخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري كاملين، ولا تكون خاضعة في عملها لأية سلطة حكومية أو إدارية اخرى.
تقوم لجنة الانتخابات المركزية بالمهام التالية:
1. العمل على تطبيق أحكام قانون الانتخابات
2. اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحضير للانتخابات وتنظيم إجراءات ووسائل الإشراف عليها ومراقبتها
3. وضع اللوائح الخاصة بالقانون
4. الإشراف على إدارة عمل اللجان الانتخابية ومكتب الانتخابات المركزي ومكاتب الدوائر الانتخابية
5. إدارة عمليات الانتخابات والإشراف عليها من بدايتها وحتى نهايتها
6. إتاحة فرص وأجواء متكافئة لجميع الدوائر الانتخابية ونشر ذلك في الصحف المحلية
7. تسجيل الهيئات الحزبية والرموز والشفرات الدالة على كل منها
8. تعيين لجان الدوائر الانتحابية ولجان مراكز الاقتراع
9. الموافقة على طلبات الترشيح لمركز الرئيس ولعضوية المجلس التشريعي وإعداد قوائم المرشحين النهائية ونشرها في الصحف المحلية
10. النظر في الطعون والاستئنافات المقدمة ضد قرارات لجان مراكز الاقتراع
11. وضع أنظمة خاصة بها
12. تعيين الموظفين والمستشارين العاملين في مكتبها المركزي و مكاتبها في مختلف الدوائر الانتخابية
13. إصدار بطاقات اعتماد للمراقبين الدوليين و المحليين والتعاون معهم
14. إعادة الانتخاب في أي مركز من مراكز الاقتراع، إذا ثبت لها حدوث مخالفات من شأنها ان تؤثر في نتيجة الانتخاب في أي دائرة انتخابية
15. إعلان نتائج الانتخابات النهائية

ويساعد لجنة الانتخابات المركزية في أعمالها، مكتب الانتخابات المركزي ومكاتب الإدارة الانتخابية حيث يعتبر مكتب الانتخابات المركزي و مكاتب الإدارة الانتخابية الجهاز التنفيذي للجنة الانتخابات. وبقرار من لجنة الانتخابات المركزية تشكل لجنة الدائرة المركزية من خمسة أعضاء يعينون بقرار من لجنة الانتخابات المركزية من بين المحامين واساتذة الجامعات أو الحاصلين على شهادة جامعية في العلوم السياسية أو علم الاجتماع أو الاقتصاد أو الإدارة. وتعين لجنة الانتخابات من بين أعضائها رئيساً وأميناً عاماً للجنة. إذ نرى أهمية لجنة الدائرة الانتخابية ونرى ضرورة زيادة الأعضاء أي 7 أو 9 أعضاء نظرا لكثرة الأعباء. وزيادة في تمثيل واسع لأعضاء اللجنة، خاصة إذا ما جرت الانتخابات على أساس نظام الانتخاب المختلط.
وتتولى لجنة الدائرة مسؤولية إدارة وتنظيم و مراقبة عمليات الانتخاب في الدائرة الانتخابية التابعة لها، وتنفيذ جميع التعليمات التي تصدرها لجنة الانتخابات المركزية، ويدخل ضمن صلاحياتها. تلقي طلبات الترشيح في الدائرة، ومراقبة عملية الاقتراع والفرز ورفع تقاريرها إلى لجنة الانتخابات المركزية. وبناء على توصية لجنة الدائرة، تعين لجنة الانتخابات المركزية، لجان مراكز الاقتراع والذي نقترح ان تسمى لجان مراكز الاقتراع والفرز، التي تتألف من أربعة أعضاء ( اقتراح سبعة) وكذلك نعتقد بان ضرورة تشكيل لجان مراكز الاقتراع والفرز من صلاحيات لجان الدوائر مع مصادقة لجنة الانتخابات المركزية. وتشكل محكمة استئناف خاصة لقضايا الانتخابات من رئيس وأربعة قضاة، يعينهم رئيس الجمهورية في المرسوم الداعي لإجراء الانتخابات. وتنعقد المحكمة من رئيس و اثنين من القضاة على الأقل. ويفضل ان تكون محكمة الاستئناف من 7 أعضاء قضاة، وتؤخذ القرارات فيها على أساس أغلبية أعضاء المحكمة أي 4 أعضاء على الأقل.
ضمانات نزاهة الانتخابات والرقابة المحلية المستقلة
إن إرادة الشعب هي إرساء لنفوذ السلطات العامة، وعلى هذه الإرادة أن تعبر عن نفسها من خلال انتخابات نزيهة تقوم بشكل دوري عبر اقتراع عام ومتساو وبتصويت سري أو وفقا لعملية معادلة تضمن حرية التصويت ( المادة 21، 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان). وأكدت المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ( 1966) على أن حق المواطن” أن ينتخب وينتخب في انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين”.
وأشار الإعلان العالمي لمعايير انتخابات حرة ونزيهة الصادر عن اتحاد البرلمان الدولي في باريس 1994 إلى أن سلطة الحكم في أي دولة تستمد شرعيتها فقط من الشعب، كما يعبر عن ذلك في انتخابات حرة ونزيهة تعقد في فترات منتظمة على أساس التصويت السري العادل. ويحق لكل ناخب أن يمارس حقه في التصويت مع الآخرين وان يكون لصوته نفس الثقل لأصوات الآخرين، وان تضمن سرية الاقتراع. وأكدت وثائق الأمم المتحدة على عمومية الاقتراع والتساوي في الاقتراع العام، أي أن يكون لكل مواطن الحق في التصويت في أي انتخاب وطني أو استفتاء عام يجري في بلده. ويكون لكل صوت من الأصوات نفس الوزن، وعندما يجري التصويت على أساس الدوائر الانتخابية تحدد الدوائر على أساس منصف بما يجعل النتائج تعكس بشكل أدق واشمل إرادة جميع الناخبين، ولضمان سرية الانتخاب يجب أن يكون بإمكان كل ناخب أن يصوت بطريقة لا سبيل فيها للكشف عن الطريقة التي صوت أو ينوي التصويت فيها، وان تجري الانتخابات خلال فترات زمنية معقولة. ولتعزيز نزاهة الانتخابات لا بد من أن يكون كل ناخب حرا في التصويت للمرشح الذي يفضله أو لقائمة المرشحين التي يفضلها في أي انتخابات لمنصب عام، ولا يرغم على التصويت لمرشح معين أو لقائمة معينة، وان تشرف على الانتخابات سلطات تكفل استقلالها وتكفل نزاهتها وتكون قراراتها قابلة للطعن أمام السلطات القضائية، أو غير ذلك من الهيئات المستقلة النزيهة. ويجب على الدول أن تشكل آليات حيادية، غير منحازة أو آلية متوازنة لإدارة الانتخابات ومن أجل تعزيز نزاهة الانتخابات، كما يجب على الدول أن تتخذ الإجراءات الضرورية حتى تضمن أن الأحزاب والمرشحين يحصلون على فرص متساوية لعرض برامجهم الانتخابية.
وتشير المادة ( 3) من البروتوكول رقم (1) للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن تتعهد كافة الأطراف السامية المتعاقدة على أن تجري انتخابات حرة وعادلة على فترات زمنية معقولة بالاقتراع السري، بشرط أن تضمن التعبير الحر عن إرادة الشعب في اختيارهم للسلطة التشريعية ( البرلمانية). وهناك ضرورة أيضا لأن يكون الانسجام الكامل في تشكيل كافة اللجان، ولا سيما لجان الدوائر، وكذلك لجان مراكز الاقتراع وضرورة أن تكون هذه اللجان من ذوي الخبرة والكفاءة والحيادية، ويجب العمل على إشراك النساء في كافة اللجان، وضرورة أن يعمل مكتب الانتخابات المركزي ومكاتب الإدارة الانتخابية كجهاز تنفيذي للجنة الانتخابات المركزية. ومن المفترض أن يأكد أي قانون للانتخاب ، على ضمان حرية ونزاهة الانتخاب وذلك من خلال تشكيل لجنة الانتخابات المركزية، وكذلك لجان الدوائر ولجان مراكز الاقتراع، وضرورة مشاركة ممثلي المرشحين ( الأحزاب، والأفراد) في مراقبة كافة العمليات الانتخابية، وقد سمح القانون للمراقبين الدوليين والصحافة وكذلك هناك أهمية خاصة لوجود المراقبين المحليين.
اللجنة الاهلية لمراقبة الانتخابات
من أجل ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة لا بد من العمل على تشكيل اللجنة الاهلية لرقابة الانتخابات من ممثلي منظمات المجتمع المدني والفعاليات المستقلة المعنية بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وذلك على النحو التالي:
دعوة ممثلي منظمات المجتمع المدني المعنية بالديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان والمرأة والشباب من أجل تشكيل هذه اللجنة.
التأكيد على مبدأ استقلالية عمل اللجنة عن كافة الأحزاب السياسية المعارضة والمؤيدة، وأنها تعمل فقط من أجل مراقبة الإجراءات الخاصة بضمان نزاهة الانتخابات.
ضرورة الالتزام بقواعد العمل الخاصة بالمراقبين المحليين، فنجد أن اللجنة المستقلة لانتخابات جنوب أفريقيا 1994 أصدرت قواعد خاصة بالمراقبين المحليين، حيث يتعهد كل المراقبين بأن أنشطة مراقبتهم طوال فترة الانتخابات ستجري على الأسس التالية:
يلتزم المراقبون بحيادية تامة في أداء عملهم، ولا يظهرون أو يعبرون في أي وقت عن أي تحيز أو تفضيل تجاه أي حزب مسجل أو مرشح.
* على المراقبين أن يقدموا أنفسهم فورا ويعرفوا على أنفسهم إذا طلب ذلك منهم وأن يضعوا بطاقات الصدر الخاصة بهم، والتي تصدرها اللجنة للمراقبين المسجلين.
* يمتنع المراقبون عن حمل أو ارتداء أو إظهار أي مادة انتخابية أو أي قطعة ثياب أو شعار أو ألوان أو بطاقات الصدر أو أي شيء آخر يدل على تأييد أو معارضة حزب أو مرشح، أو لأي من الموضوعات التي تجري عليها منافسة.
* يحترم المراقبون القوانين ويلتزمون بقرار لجنة الانتخابات المستقلة أو لجانها الفرعية.
هناك العديد من المهام الملقاة على لجان مراقبة الانتخابات نذكر أهمها:
* التأكد من نزاهة التمثيل في النظام الانتخابي.
* توزيع المقاعد وتقسيم الدوائر، مراجعة للأسس.
* الالتزام بالفترة الزمنية الخاصة بالتسجيل، الناخبين ( الهيئة العمومية).
* إجراءات النقل للمسجلين حسب دوائرهم ( إمكانية تغيير في جمهور الناخبين).
* تسجيل الأحزاب والمرشحين.
* الحملات الانتخابية – الدعائية.
* حيادية وسائل الإعلام الرسمية.
* المراقبة يوم الاقتراع – عملية التصويت.
* مراقبة الفرز الأولي على مركز الاقتراع.
* متابعة النتائج الأولية.
سلامة إجراءات الطعون إن وجدت.
هذا وقد دعت العديد من مؤسسات المجتمع المدني لتأسيس اللجنة الأهلية لمراقبة الانتخابات وسوف يتم اقرار مشروع النظام الأساسي للجنة الذي اعدته اللجنة التحضيرية والذي أكدت فيه على الأهداف الرئيسية التالية:
1. تعزيز ثقة المواطن في أهمية العملية الانتخابية وفي قيمة صوته الانتخابي
2. المساهمة في عقد انتخابات فلسطينية حرة ديمقراطية ونزيهة
3. حماية حقوق الناخبين والمرشحين سواء كانوا ممثلي لأحزاب سياسية أو مستقلين طبقا للقانون الانتخابي الفلسطيني
4. توفير الأجواء الصحية للمنافسة النزيهة بين كافة المرشحين وتجنب أي نوع من الاستفزاز.
5. ضمان سرية عملية التصويت يوم الاقتراع
6. المساعدة في حل وتسوية النزاعات خلال العملية الانتخابية
7. تسجيل وتوثيق كافة الخروقات خلال العملية الانتخابية
8. التأكد من صحة النتائج عن طريق الجدولة
9. الاتصال مع كافة الهيئات المحلية والدولية بما يعزز دور اللجنة
10. إصدار التقرير النهائي حول سير العملية الانتخابية

ومن أجل تحديد الاحتياجات الخاصة بعملية المراقبة لا بد من معرفة ما يلي:
1. إذا كانت قوانين الانتخابات محددة بوضوح وتتفق مع المعايير الدولية الأساسية
2. ان تكون مفهومة وواضحة لموظفي الانتخابات والمرشحين والأحزاب وعموم الشعب
3. ان تكون سلطات الانتخابات حيادية ومدربة تدريبا كافيا
4. إذا كانت الاحزاب السياسية المنافسة و/أو المرشحون قادرون على القيام بمراقبة فعالة للعمليات الانتخابية لكي يدافعوا عن مصالحهم
5. ما إذا كانت وسائل الإعلام لها تجربة سابقة في التعامل بحيادية مع المرشحين والأحزاب
6. ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية
ومن أجل تخطيط العمل لا بد من معرفة المواعيد الأساسية للعملية الانتخابية والمتمثلة في:
1. متى تناقش قوانين الانتخابات وقوانين الاحزاب السياسية، وتقرر آلية القرار
2. من يعلن موعد الانتخابات
3. متى تعين لجنة الانتخابات الوطنية ( المشرفة)
4. متى يمكن للمنظمات المراقبة المستقلة من تسجيل نفسها لدى لجنة الانتخابات
5. متى تبدأ عملية تسجيل الناخبين،
6. تسجيل الاحزاب والمرشحين،
7. مدة الحملة الانتخابية،
8. متى تبدأ عملية تدريب موظفي الانتخابات،
9. متى توزع مواد الانتخابات على لجان الاقتراع،
10. التصويت،
11. بدء عملية الفرز وعدّ الأصوات،
12. آلية استقبال الشكاوى والطعون،
13. متى تعقد انتخابات الإعادة،
14. إعلان النتائج النهائية الرسمية،
وبعد تشكيل لجنة الانتخابات المستقلة ( المحلية) تعمل اللجنة على انتخاب لجنة إدارية من بين أعضائها، تقوم بإدارة عمل اللجنة ( الهيئة). ومن أهم ما يواجه عمل اللجنة هو” الحياد” حيث يجب ان نبتعد عن الانحياز لصالح أي من الاحزاب أو المرشحين في الانتخابات، وان لا تنحاز لجهة معينة خاصة عند الحصول على الأموال لدعم عمل اللجنة ويحظر عليها اخذ الأموال من جهات لها مصلحة في تحيز عمل اللجنة لصالحها. وان الحيادية والاستقلال عن المتنافسين السياسيين لا يعني ان تبتعد اللجنة عن الاحزاب والمرشحين لا بل ضرورة ان تقوم بشرح ما هي أهداف وأساليب عمل اللجنة لهم. وان تبني العلاقة على أساس الاستقلال والاحترام المتبادل.
ومن أجل تعزيز الحيادية، لا بد من شفافية عمل اللجنة المنظمة خاصة في مصادر التمويل وهي:
1. رسوم اشتراكات العضوية
2. إسهامات من رجال الأعمال وتبرعات غير مشروطة
3. هبات في شكل موارد أو خدمات أو مساهمات عينية
4. منح من مؤسسات دولية أو محلية معنية بقضايا الديمقراطية
هذا وتقدم المنظمات الدولية الى مجموعات مراقبة الانتخابات المحلية جزءا كبيرا من الاحتياجات المالية في المرحلة الأولى، وهناك العديد من المنظمات ترفض التمويل الخارجي خاصة في ظل الظروف الصعبة ومن أجل التأكيد على استقلالية المنظمة عن جهات خارجية، ولكن من الممكن النظر في موضوع التمويل حسب ظروف كل هبة ويفضل كذلك تنوع وتعدد مصادر التمويل من أجل حماية اللجنة وحيادية وتعزيز الثقة فيها من المجتمع المحلي ومن كافة المرشحين والاحزاب والمستقلين.
ولا بد من ضمان حيادية وسائل الإعلام في التعامل مع الانتخابات، حيث يتحمل الإعلام الحكومي واجب إعلام الناس بجميع الأمور المتعلقة بالانتخابات، وهذه الأمور تشمل الأحزاب السياسية والمرشحين وقضايا الحملات الانتخابية وعمليات التصويت. وكذلك يتحمل الإعلام الحكومي واجباً بأن يكون متوازنا ومحايدا في تغطية الأنشطة الانتخابية، ولا يميز بين حزب سياسي أو مرشح في تأمين الوصول إلى وقت البث.
وعلى الإعلام الحكومي أن يلتزم ببث برامج تثقيف للناخبين حول عمليات التصويت وسرية الاقتراع وأهمية المشاركة في الاقتراع، وهناك العديد من المواثيق الدولية والإقليمية التي تؤكد على الحقوق الانتخابية مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان وكافة هذه المواثيق والاتفاقيات تؤكد حق المواطن في أن تتوفر له المعلومات والأفكار، كما أنها تؤكد حق وسائل الإعلام في نشر المعلومات والأفكار.

المحور الخامس
إدارة الحملة الانتخابية

لا بد من تشكيل غرفة عمليات للمرشح وإقامة هيئة لإدارة الحملة الانتخابية ولذلك يتطلب معرفة تامة بالنظام الانتخابي المعمول به وكذلك خصوصية وتجربة المرشح ومعرفة كافة المرشحين المنافسين وإمكانية تشكيل تحالفات داخل الدائرة او خارجها وهل المرشح هو جزء من كتلة انتخابية على الصعيد الوطني. ولذلك لا بد من تعيين مدير للحملة يكون مسؤولا عن كافة جوانب وإدارة الحملة الانتخابية وكذلك تجنيد المتطوعين للعمل في الحملة والترويج للمرشح في وسائل الإعلام وتنظيم اللقاءات المباشرة والمهرجانات الانتخابية وعقد المناظرات إذا أمكن مع المرشحين المنافسين.
ومن أجل إعلان البرنامج الانتخابي لا بد من مراعاة ما يلي:
أولاً: أن يكون البرنامج مختصراً قدر الامكان.
ثانياً: التطرق للقضايا السياسية والاجتماعية والثقافية وتحديد الحلول المقترحة بدون مبالغات في الإمكانيات.
ثالثاً: ان يتم التطرق لقضايا مباشرة تهم الشباب والمراة.
رابعاً: تبني قضايا تهم الجمهور العريض (اللاجئين مثلاً).
خامساً: تبني خطة عمل برلماني مستقبلية من أجل تفعيل دور المراقبة والتشريع في عمل البرلمان.
سادساً" الحديث حول الحلول الاقتصادية المقترحة وحل مشاكل مثل البطالة والفقر.
سابعاً: تطوير الجهاز القضائي وبناء دولة سيادة القانون.
ومن أجل إدارة الطاقم والمكتب للحملة الانتخابية يتطلب تقسيم المهام جيداً بين الأفراد وتوضيح الاختصاصات وضرورة توضيح مهام كل مشارك على وجه الدقة وشرحها لهم وسواء كان الفريق يعمل باجر او متطوعا لا بد من حضور لقاء تدريبي واحد على الأقل ولا بد من توضيح أهداف الحملة جيداً لفريق العمل وخاصة دعم الثقة الجماهيرية في المرشح/ة. ولا بد من إدارة يوم الاقتراع بكفاءة عالية أي العمل على دعم ومشاركة الآخرين الذين يمكن أن يدعموا المرشح بعد ذلك. ولا بد من وجود ممثل للمرشح في كافة مراكز الاقتراع والفرز وهو الذي يتأكد من مشاركة المواطنين في عملية الاقتراع ويراقب أية خروقات قد تحدث.
ولا بد من الاستفادة من التجارب السابقة في الانتخابات ويكون مدير الحملة مسؤولا عن كافة الجوانب الادارية والفنية المساعدة للعمل ومنها:
1- توفير مكان لإدارة الحملة
2- تأمين المستلزمات المالية وذلك للصرف على الحملة الانتخابية
3- لوازم مكتبية
4- نفقات المواصلات وتأمينها يوم الاقتراع لمساعدة الناخبين المؤيدين.
ومن أجل الترويج للمرشح لا بد من مخاطبة العقل والوجدان لدى الناخب وإبراز القضايا الايجابية في السيرة الذاتية للمرشح ودوره في العمل العام وبناء علاقة مع وسائل الإعلام المحلية والعربية، وكذلك الاستفادة من تقدم التكنولوجيا ويمكن فتح صفحة الكترونية للمرشح ويستطيع أن يخاطب الناخبين ويرد على استفساراتهم وكذلك من الممكن تجميع عناوين الإدارة وتوزيع المنشورات الإعلانية قبل الانتخابات على صناديق البريد في الدائرة.
ويجب أن ينظم قانون الانتخابات الدعاية الانتخابية على النحو التالي:
1- تتمثل الدعاية الانتخابية في النشاطات الانتخابية القانونية المختلفة التي تقوم بها الهيئات الحزبية المسجلة والمرشحون لشرح برامجهم الانتخابية.
2- على الحكومة وأجهزتها أن تقف موقف الحياد التام في جميع مراحل العمليات الانتخابية ولا يجوز لها ولا لأي جهاز من أجهزتها الإدارية أو الأمنية القيام بأي نشاط انتخابي او دعائي يمكن ان يفسر بأنه يدعم مرشحاً على حساب مرشح آخر أو هيئة على حساب هيئة حزبية أخرى.
3- مع مراعاة أحكام هذه المادة يحق للحكومة ولجنة الانتخابات المركزية إصدار النشرات والإعلانات التنفيذية التي تبرز أهمية الانتخابات وحث المواطنين على ممارسة حقهم الطبيعي في التسجيل في جدول الناخبين والاشتراك في الانتخابات والإدلاء بصوتهم في صناديق الاقتراع.
ويجب أن تكون هناك مادة واضحة تشير إلى أن:
1- يعد مكتب الانتخابات المركزي بالاشتراك مع وسائل الإعلام الرسمية برنامجا خاصاً يحدد فيه الأوقات والمواعيد المخصصة للإعلام الحر والمجاني لجميع الهيئات الحزبية والمرشحين المشتركين في الانتخابات.
2- على مكتب الانتخابات المركزية أن يراعي في وضع البرنامج المذكور ضرورة إتاحة فرص متكافئة ومناسبة للهيئات الحزبية والمرشحين مع الأخذ بعين الاعتبار عدد المرشحين الذين قدمتهم كل هيئة حزبية في مختلف الدوائر الانتخابية وبالنسبة لمركز الرئيس فيجب أن تكون هذه الفرص متساوية.
3- يقدم أي اعتراض حول البرنامج المذكور إلى لجنة الانتخابات المركزية التي يتعين عليها أن تبحث فيه على وجه السرعة.

والجدير بالذكر أن قوانين الانتخابات المحترمة تحتوي علي مادة تحدد أن تبدأ الدعاية الانتخابية قبل فترة من اليوم المحدد للاقتراع (اثنين وعشرين يوماً مثلا) وتنتهي قبل ذلك الموعد بأربع وعشرين ساعة. وتحظر كافة الفعاليات الدعائية في اليوم السابق ليوم الاقتراع وكذلك في يوم الاقتراع. وكذلك مادة تاكد على منع إقامة المهرجانات أو عقد الاجتماعات العامة الانتخابية في المساجد او الكنائس أو الأبنية والمحلات التي تشغلها الإدارات العامة أو المؤسسات الحكومية. ويمنع منعاً باتاً وضع الملصقات واليافطات الانتخابية في أي أماكن او مواقع عامة غير تلك المخصصة لذلك من قبل لجان الإدارة الانتخابية ويمنع منعاً باتاً استعمال شعار الحكومة في النشرات أو الإعلانات وسائر أنواع الكتابة والرسوم والصور الانتخابية ويمنع منعا باتا أن تتضمن الخطب أو النشرات أو الإعلانات أو الصور الانتخابية أي تحريض أو طعن بالمرشحين الآخرين أو أي إثارة للنعرات القبلية أو العائلية أو الطائفية أو العنصرية بين فئات المواطنين.
ويتكون الفريق الانتخابي من أكثر من شخص ويمكن تشكيل فريق انتخابي لمرشح واحد مستقل أو لكتلة حزبية أو ائتلافية لعدد من المرشحين ولكن في حالة وجود كتلة تكون إدارة الحملة الانتخابية على مستويين (المستوى الوطني العام والمستوى المحلي"الدوائر") ويجب أن يتوفر في إدارة الحملة الانتخابية خبراء في الانتخابات وخبراء في كافة القضايا (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية والثقافية). ومن أجل إدارة ناجحة للحملة الانتخابية لا بد من وضوح الهدف واستخدام وسائل الإعلام واللقاءات المباشرة والاستفادة من الهيئات والمنظمات المساندة في الانتخابات. وأخيرا فان الحملة الانتخابية تبدأ في اليوم التالي لانتهاء الانتخابات.
دليل هيكل الحملة الإنتخابية للمرشحين
مستشار الحملة
أ- السمات الخاصة بمستشار الحملة
1. أن يكون حاصلا على مؤهل جامعى.
2. ان تكون لديه معرفة أولية بمهارات التخطيط الاستراتيجى.
3. لا يشترط ان يكون من أبناء الدائرة أو الدوائر القريبة.
4. ان تكون لديه معارف ومعلومات عامة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالدولة.
5. أن يكون ملماً بمشكلات الدولة وتأثير هذه المشكلات داخليا على المواطنين وعلى علاقة الدولة بدول العالم الخارجى.
6. أن تكون لدية خلفية قانونية عن عمل البرلمان وكذلك القواعد القانونية التى تنظم الانتخابات.
7. أن تكون لدية خلفية سياسية عن العلاقة بين سلطات الدولة وموقع البرلمان من هذه العلاقات.
8. ان يكون مهتما بقراءة الصحف اليومية والأسبوعية، وتحليل المشكلات التى تتناولها هذه الصحف وتأثيرها على الصعيدين الداخلى والخارجى.
ب- اختصاصات مستشار الحملة
1. وضع الخطة العامة لإدارة الحملة.
2. الإشراف على تنفيذ الخطة العامة لإدارة الحملة.
3. وضع التصورات اللازمة شهريا لتغير بعض بنود الخطة بناء على تصورات أرض الواقع.
4. إعداد رؤية المرشح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
5. اعداد الكلمات والخطب التى يلقيها المرشح فى المؤتمرات واللقاءات الجماهيرية.
6. توجيه المرشح فى أفعاله وأقواله أثناء لقاءاته الجماهيرية أو فى المؤتمرات.
الإشراف العام على تطبيق الخطة الاعلامية.
7. اللقاء مع بعض القيادات المؤثرة إذا رغب المرشح فى ذلك.
8. متابعة تنفيذ الخطة من خلال رئاسته لاجتماع هيئة مكتب الذى يضم مدير عام الحملة ، ورؤساء القطاعات، والمسئولين الإداريين والمالية، والأمنية، والإعلامية.
9. يتشاور معه المرشح يوميا ان أمكن فى إدارة الحملة الانتخابية.
10. تلقى أى شكاوى من المرشح حول إدارة الحملة الانتخابية وإزالة أسباب هذه الشكاوى بالتعاون مع مدير عام الحملة، ورؤساء القطاعات.
11. القيام بالزيارات المفاجئة للمقار الانتخابية، لتتأكد من حسن سير العمل.
12. التعاون مع المرشح فى تغير تصورات الحملة إذا كان لدى المرشح معلومات موثقة أو مؤكدة من جهات، لا تستطيع ادارة الحملة الوصل إليها.
13. اعداد تقرير شهرى للمرشح عن حجم الانجازات والتطورات فى الحملة وتحركات المنافس (الخصم).
ثانياً: مدير عام الحملة
أ- السمات الخاصة بمدير عام الحملة
1. ان يكون شخصاً موثوقاً فيه بدرجة عالية جداً من المرشح.
2. أن يكون من أبناء الدائرة وبقدر الامكان له صوت انتخابى.
3. أن يكون لديه معارف وعلاقات عامة جيدة بأبناء الدائرة.
4. أن يكون ملما بقدر الإمكان بالمشكلات الرئيسية بالدائرة.
5. أن تتوافر فيه مهارات القيادة، واتخاذ القرار، والحزم فى قيادة فريق الحملة.
6. أن يكون محبوباً بقدر الإمكان من الناخبين بالدائرة، وأن يكون مشهوراً عنه أخلاقه الحميدة، وقدرته على التواصل مع الناخبين فى حل مشكلاتهم.
7. يفضل لو كان عضواً منتخباً فى البلديات، او صاحب وظيفة مرموقة فى نظر أهالى الدائرة، أو مشهور عنه معينة لأى اعتبارات أخرى.
8. أن يكون صبوراً فى التعامل مع فريق الحملة، ومع الناخبين، ويجنب الشخص العصبى عن أن يكون مديراً للحملة.
9. ان تكون لديه معارف ومعلومات عامة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالدولة وتحديداً بدائرته.
10. أن يكون لديه علاقات عامة وتواصل مع قيادات الرأى بالدائرة
11. أن يكون بعيداً بقدر الإمكان عن أى مساوئ انتشرت عنه فى الدائرة أو شائعات (قبل بداية الحملة) يمكن أن تنال منه ومن فريق الحملة.
12. أن يكون منتمياً للتيار الأقوى فى الدائرة سواء كانت طبيعة هذا التيار دينية أو سياسية، أو قبلية، أو اجتماعية وذلك بقدر الإمكان.
13. أن يكون سريع البديهة وفطناً فى متابعة حل المشكلات التى تواجه الحملة، أو فى التواصل مع الناخبين.
14. أن يكون ذو ثقافة عامة بالتركيبات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية بدائرته.
15. أن يكون قد مضى تعلى العلاقة الشخصية بينه وبين المرشح من 3-5 سنوات أو أكثر للتأكيد على توفر عامل الثقة فى العلاقة بينهما.
16. ان يكون مشهوراً عنه حركته فى الدائرة فى أوساط الناخبين، وانه يفضل العمل الميدانى الحركى فى قيادة الحملة.
17. أن يكون لديه أصدقاء بقدر الإمكان فى مختلف مناطق الدائرة.
18. أن يكون قادراً على انجاز التقارير اليومية والأسبوعية التى يطلبها منه مستشار الحملة.
19. أن يكون مقتنعاً بأهداف الحملة، وخططها، واستراتيجياتها، وكذلك بشخص المرشح وقدرته على التمثيل النيابى.
20. أن يكون شخصاً قادراً على كتمان أسرار الحملة، وعدم الثرثرة، أو بعبارة أخرى يكون من الشخصيات ذات الحديث القليل والمركز والمفيد.
ب- الاختصاصات الوظيفية لمدير عام الحملة
1. الإشراف على عمل رؤساء القطاعات، وتنسيق أعمالهم فى إطار الخطة المركزية للحملة.
2. تمثيل المرشح مع رؤساء القطاعات فى اللقاءات الجماهيرية المباشرة.
3. الإشراف المالى بالتعاون مع المسئول المالى للحملة عن الأنشطة لكل قطاع.
4. إعداد التقارير الأسبوعية لمستشار الحملة عن الدائرة فى ضوء التقارير المرفوعة اليه من رؤساء القطاعات.
5. إبداء الملاحظات والتوجيهات لرؤساء القطاعات بإضافة أعمال جديدة فى ضوء نظرته العامة.
تابع اختصاصات مدير الحملة
6. عقد اللقاءات الجماهيرية المباشرة أسبوعيا مع الكتل التصويتية المؤثرة، وشرح أفكار المرشح وبرامجه فى الدائرة.
7. زيارة المقرات الانتخابية فى القطاعات المختلفة وإبداء الرأى فى تطوير عملها وإبلاغها إلى رؤساء القطاعات.
8. مناقشة المشكلات العامة للحملة من حيث التنظيم، اختراق المنافس لبعض القطاعات، تحسين صورة المرشح ضد بعض الاشاعات الكاذبة ونقل هذه الصورة لرؤساء القطاعات.
9. إبلاغ مستشار الحملة بأى تطورات مفاجئة تستدعى تغير فى بعض بنود الخطة.
10. حضور المناسبات الاجتماعية مع رؤساء القطاعات خاصة لدى العائلات أو المناطق التصويتية المؤثرة ( أفراح – عزاء ).
11. الإشراف على الإعداد والترتيب للمناسبات الاجتماعية الكبرى فى الدائرة بالتعاون مع رؤساء القطاعات.
12. النزول المباشر الى جماهير الدائرة والتحدث معهم بشأن المرشح، ويكون نزوله مفاجئ وبعيدا عن رؤساء القطاعات لمعرفة نقاط القوة والضعف فى عمل كل قطاع.
13. الإشراف العام على المؤتمرات الانتخابية فى القطاعات وحفلات الاستقبال للمعنيين فى القطاع.
14. عقد اللقاءات كل أسبوعين مع اللجان الاستشارية المشكلة من قيادات الرأى فى كل قطاع.
15. الإشراف العام على اختيار مندوب المرشح ووكلاءه فى اللجان الانتخابية
ثالثا: الاختصاصات الوظيفية لنائب مستشار الحملة للتخطيط العلمى
1. التحقق من كل المعلومات المستخدمة فى قاعدة بيانات الحملة.
2. إصدار التوجيهات اللازمة للمسئولين العلميين فى الحملة.
3. تقديم تقرير لمجلس إدارة الحملة عن النتائج والتوقعات بالنسبة لكل منطقة.
4. إزالة معوقات جمع المعلومات التى يقوم بها كل مسئول على حدة .
5. التأكد من تطبيق الخطط الموضوعة للحملة وتحقيقها لأهدافها
6. التشاور الدورى مع مستشار الحملة فى نتائج التطبيق العلمى للحملة.
7. إجراءات الاتصالات المباشرة مع مسئولى المربعات حول المعلومات، وإزالة العوائق التى تعترض خط سير الحملة.
8. المراجعة الدورية مع لجان خلايا المناطق لنتائج كل منطقة.
9. التأكد من مراجعة المستهدف فى كل مربع انتخابى، وإمكانية زيادته بعد دراسة مواقف الخصوم.
رابعاً: اختصاصات المسئول العلمى لكل منطقة
1. جمع المعلومات اللازمة عن المنطقة لاستخدامها فى قاعدة البيانات.
2. تقديم تقرير أسبوعى لنائب مستشار الحملة الذى يرفعه إلى مستشار الحملة حول نتائج التخطيط العلمى فى كل منطقة.
3. العمل على سد كل نواقص المعلومات فى قاعدة البيانات .
4. إجراء الاتصالات مع لجان خلايا المناطق ومسئولى المربعات ، والحراس لجمع المعلومات اللازمة عن الحملة .
5. فى حال نقص المستهدف من الأصوات فى أى مربع وفق نتائج التخطيط العلمى ، عليه أن يبلغ ذلك فوراً لنائب مستشار الحملة ومستشار الحملة من أجل تلافى الأخطاء وتحديد وجهة الاختراق بالنسبة للناخبين المستهدفين .
6. مقارنة الكشوف الانتخابية بأعداد المستهدفين فى كل مربع انتخابى .
7. ترتيب المربعات الانتخابية الأكثر قوة ، والأكثر ضعفاً مع بيان بالنتائج بأسباب القوة ، والضعف .
8. القيام بزيارات ولقاءات مفاجئة وغير مرتبة لأي مربع انتخابي للوقوف على صحة المعلومات ، وبناء الإدراك السليم لنتائج التخطيط .
خامساً: المسئول الإدارى للحملة
أ- السمات الخاصة بالمسئول الإدارى للحملة
1. أن تكون لديه معرفة جيدة بالتنظيم الإدارى.
2. أن يكون شخصاً موثوقاً فيه من جميع أفراد الحملة خاصة مدير الحملة، ويفضل أن يكون معروفاً شخصياً لمدير الحملة.
3. أن يكون قادراً على تقديم تقارير إدارية منتظمة لمدير الحملة كل يومين على الأكثر.
4. أن يكون سريع البديهة وفطناً فى التعامل مع المشكلات الإدارية التى تواجه الحملة.
5. أن يكون من أبناء الدائرة.
6. ألا يكون عصبى المزاج، ولديه القدرة على التواصل مع مختلف أفراد الحملة.
7. أن يكون مشهوراً بالأخلاق الطيبة، والسمعة الحسنة.
ب- اختصاصات المسئول الإدارى للحملة
1. التعاون مع رئيس القطاع ومسئول المقر فى إزالة أسباب الشكاوى الإدارية فى كل مقر .
2. تنظيم ملفات الحملة ، وتجميع التقارير المختلفة من رئيس كل قطاع وإعداد تقارير تحليلية عن طبيعة المشكلات العامة والخاصة فى جميع أنحاء الدائرة ، وتقديم صورة منها لمدير الحملة ، ومستشار الحملة .
3. التعاون مع رؤساء القطاعات فى تجميع المطالب المالية وتقديم صورة منها لمدير الحملة ، ومستشار الحملة.
4. التنظيم الإدارى للمؤتمرات الانتخابية ، واللقاءات الجماهيرية التى يعقدها المرشح .
5. إعداد خريطة مفصلة لكل مناطق الدائرة ، وحجم الكتل التصويتية فى كل منطقة ، ومناطق قوة وضعف المرشح المنافس فى ضوء المعلومات التى سيحصل عليها من رؤساء القطاعات وتغير هذه الخريطة على الأقل مرة كل أسبوعين .
6. متابعة نتائج أعمال موقع الانترنت وتجميع دور رؤساء القطاعات ومستوى المقر على المقترحات الجديدة الواردة على موقع الانترنت وإعداد وملف خاص بهذه الردود.
7. إعداد ملف خاص لكل قطاع ، على أن يتضمن الملف الخاص بكل قطاع ملفات أخرى فرعية بكل منطقة وتقديم تقارير أسبوعين عن هذه الملفات لمدير الحملة، ومستشار الحملة .
8. إعداد الملف المالى بالتعاون مع المسئول المالى للحملة يتضمن أوجه الانفاق الأسبوعى ، وتقديم صورة من هذا الملف إلى مدير الحملة ، والمسئول المالى للحملة ، ومستشار الحملة .
9. التواجد الدائم فى المقر العام للحملة والإشراف على أعماله الإدارية .
10. ترتيب اجتماعات هيئة مكتب الحملة ، وتجهيز الأوراق ، وأجندة الأعمال الخاصة بكل اجتماع .
11. تنظيم اجتماعات مستشار الحملة مع بعض القطاعات الجماهيرية .
12. إعداد كشف العاملين بالمقارات ، وأعضاء اللجنة الاستشارية فى كل قطاع ومحاضر اللقاءات مع اعضاء اللجان الاستشارية مع المرشح والإبلاغ عن أى تطورات فى كل قطاع لمدير الحملة ، ومستشار الحملة.
13. إعداد تقرير شهرى عن المشكلات الإدارية فى كل مقر لعرضه فى اجتماع هيئة مكتب الحملة
سادساً: المسئول المالى للحملة
السمات الخاصة بالمسئول المالى للحملة
1. ان يكون لدية معرفة جيدة بأصول المحاسبات المالية.
2. أن يكون لديه معرفة جيدة بالتنظيم والموازنات المالية.
3. يفضل من كان حاصلاً على مؤهل تجارى.
4. ان تكون لدية القدرة على متابعة الأداء المالى للحملة، وإعداد جداول المصروفات بكافة أشكالها.
5. أن يكون شخصاً صبوراً وألا يعرف عنه مزاجه العصبى المتوتر.
6. أن يكون شخصاً موثوقاً فيه، والمرشح على علاقة شخصية به كأن يكون أحد أقربائه الموثوق فيهم، أو أحد أصدقائه، أو أحد العاملين فى منشأته الاقتصادية، أو مرشحاً من شخص يثق فيه المرشح.
7. أن يجيد التعامل مع جهاز الكمبيوتر.
8. أن يكون قادرا على تقديم تقارير مالية منتظمة للمرشح، ومستشار الحملة كل أسبوع على الأقل.
ب- اختصاصات المسئول المالى للحملة
1. إعداد خطة شهرية لحجم الانفاق المالى فى كل قطاع فى ضوء المعلومات المتوفرة لدية من رؤساء القطاعات ومدير عام الحملة ، ويتم مناقشة هذه الخطة مع مستشار الحملة .
2. إعداد كشوف للعاملين فى الحملة الانتخابية ، وصرف رواتبهم شهريا .
3. إعداد خطة لقياس الأداء المالى للحملة ، فى ضوء الأهداف التى حققها الانفاق المالى .
4. الانتقال إلى مختلف المقرات الانتخابية للتأكد من أن أوجه الانفاق المالى يسير وفق أهداف
5. تقديم كشف حساب شهرى لمستشار الحملة ، والمرشح عن حجم الانفاقات الشهرية مفصلا ، وتقديم تقرير تحليلى بتوصيات عن تحسين الأداء المالى فى الشهر التالى .
6. بناء قاعدة بيانات فى جهاز الكمبيوتر عن الأشخاص وحجم المساعدات المالية التى تلقوها ، وعناوينهم وأرقام تليفوناتهم، والمشروعات العامة فى كل منطقة ، وتقديم صورة كل شهر إلى مدير عام الحملة ، ورؤساء القطاعات ومستشار الحملة لإعداد خطط تفصيلية خاصة بالتعامل مع الأشخاص .
7. إعداد قاعدة بيانات مفصلة بالأشخاص الذين تم قيدهم حديثا فى السجلات الانتخابية ، وحجم التبرعات والإعانات الشهرية التى حصلوا عليها وتقديم صورة منها لمدير الحملة ، ومستشار الحملة .
8. التعاون مع المسئول الإدارى للحملة فى إعداد خريطة حدود الدائرة الانتخابية وقطاعاتها ومناطقها على أن تكون مهمة المسئول المالى للحملة إبراز أوجه الانفاق المالى فى كل قطاع ومنطقة لمعرفة المناطق والقطاعات التى حصلت على حجم انفاق مالى أكبر ، وتلك التى حصلت على حجم انفاق مالى أحد اصغر وتلك التى همشت فى الانفاق المالى ، مع إبراز الكتل التصويتية المختلفة فى كل منطقة ، لإعادة رسم الخطة المالية فى ضوء هذه الخريطة ، وتقديم صورة من تلك الخطة على مدير عام الحملة، ومستشار الحملة ، والمرشح .
سابعاً: اختصاصات المسئول القانونى والأمنى للحملة
1. تلقى البلاغات من رؤساء القطاعات ، ومدير الحملة ، ومسئولى المقار على الحالات المضبوطة أمنيا والعمل على إخراجهم من أقسام الشرطة .
2. العمل على بناء علاقات جيدة ومتواصلة مع مسئولى أقسام الشرطة ، والأمن فى مختلف أنحاء الدائرة ، وزياراتهم فى مقر أعمالهم ، وبناء علاقات انسانية جيدة معهم بأسم المرشح ، والترتيب بقدر الإمكان للقاءات مع المرشح شهريا .
3. استخراج التصاريح وكافة الأوراق اللازمة لإقامة المؤتمرات الانتخابية للمرشح .
4. النزول إلى مختلف القطاعات والمناطق الانتخابية ومعرفة المشاكل الأمنية والقانونية للمواطنين وكيفية الإسهام فى حلها بالتعاون مع رؤساء القطاعات ، ومدير عام الحملة .
5. الايقاع بقدر الامكان بالبلطجة والمشبوهين الذين يستعين بهم أى منافس وإبلاغ اسمائهم على أقسام الشرطة.
6. الحفاظ على الملصقات الانتخابية للمرشح ، وتقديم من يرتكب تمزيقها بقدر الامكان الى أقسام الشرطة .
7. حضور المؤتمرات واللقاءات الجماهيرية للمنافس سواء شخصيا أو من ينوب عنه وتقديم تقارير بذلك إلى مدير الحملة ، ومستشار الحملة ، والمرشح .
8. تأمين تحركات المرشح فى الدائرة الانتخابية خاصة فى المؤتمرات واللقاءات الجماهيرية وحفلات الاستقبال ، من خلال التعاون مع أقسام الشرطة .
9. تقديم أى معلومات يراها ضرورية فى الحملة الانتخابية إلى مدير الحملة، ومستشار الحملة
10. يشكل المسئول الأمنى للحملة غرفة أمنية فى المقر العام للحملة من 5 أشخاص غير معروفين للمنافس ويلتقى بهم فى خارج مقر عام الحملة ، ولا يكون حضورهم للمقر العام للحملة الا إذا كان محاطا بالسرية الواجبة وتكون مهمة الغرفة الأمنية متابعة الأعمال فى المقرات الانتخابية من حيث الأشخاص الذين يتعاونون مع المنافس ، وتقديم أى معلومات عن المنافس ، أو الأشخاص الذين التقوا به من العاملين فى الحملة وغير ذلك من موضوعات تخص اختراق الحملة الانتخابية .
ثامناً: الاختصاصات الوظيفية لوكيل المنطقة
* متابعة أعمال مسئول المربع التنفيذي ، ومراجعته ، والتأكد من تطبيق الخطط الموضوعة فى نطاق المربعات .
* القيام بزيارات دورية للمربعات على الا تقل عن مربع فى كل يوم ، وعقد اللقاءات مع مسئول المربع ، والحراس ، وإزالة مشاكل العمل ،
* والتوجيه بتطوير العمل إذا لزم الأمر ذلك .
* إجراء الاتصالات مع قيادات الرأي فى كل مربع انتخابي ، وحثهم على تأييد المرشح، وترتيب اللقاءات أن لزم الأمر بين قيادات الرأى ، والمرشح ، أو أى شخصيات قيادية فى الحملة .
* إجراء الاتصالات واللقاءات المباشرة مع الناخبين فى كل مربع انتخابي والاطلاع منهم على مدى وصول الخدمات إليهم ، وماذا يريدون من المرشح ،وحثهم على استمرار تأييدهم للمرشح، وتدوين أى ملاحظات أخرى يراها مهمة من خلال اللقاء مع الناخبين .
* يتوفر لدى وكيل المنطقة كشفاً انتخابياً شاملاً لكل الناخبين فى منطقته ، وعناوينهم ، وأرقام تليفوناتهم ، ومشاكلهم ويتوفر هذا البيان من خلال مسئولى مربعاته ، وحراسه .
* التأكد من الجانب الأخلاقي للحملة فى نطاق المربعات .
* تقديم تقرير أسبوعي للمسئول العلمي فى منطقته عن اختراقات الخصوم ، والخدمات التى يقدمونها ، والناخبين الذين تلقوا هذه الخدمات .
* التعاون مع وكلاء المنطقة المجاورين أو غيرهم إذا وجد أن اختراقات الخصوم بلغت حداً يضعف من تأثير المرشح على الناخبين فى هذه المربعات المجاورة .
* إزالة عوائق سير الحملة ، ومشاكلها اليومية ، او الدورية فى نطاق منطقته .
* التأكد من صلاحية الأشخاص للقيام بأعمالهم فى داخل المربعات بعد التشاور مع مسئول المربع التنفيذي .
* إعداد جداول المشاكل العامة والخاصة فى كل منطقة ، ووسائل مساهمة المرشح فى حل هذه المشاكل .
* الإشراف على توزيع الملصقات الانتخابية فى المنطقة ، والمحافظة عليها من التمزيق، وكذلك توزيع وثائق المرشح وغيره لجماهير المنطقة .
تاسعاً: اختصاصات رئيس القطاع
* الإشراف على المقار الانتخابية وأعمالها .
* اللقاءات الأسبوعية مع قيادات الرأى فى القطاع .
* تنظيم عمل المقرات وتحديد أدوارها .
* الإعداد والترتيب للقاءات الجماهيرية مع المرشح .
* تنفيذ خطة العمل المكلف بها مع إبداء الاستعداد والقدرة على التفكير فى القيام بمهام أخرى فى إطار الخطة المركزية للحملة .
* النزول الميدانى إلى المقرات والتأكد من سلامة تطبيق الخطة .
* عقد اللقاءات مع مختلف القطاعات الجماهيرية نيابة عن المرشح .
* البحث فى أسباب شكاوى الجماهير من المقرات وعملها وإزالة هذه الأسباب فورا .
* التواصل مع أعضاء اللجنة الاستشارية للحملة فى القطاع من خلال الاتصالات الهاتفية واللقاءات المباشرة.
* اقتراح الأسماء لمندوبى اللجان الانتخابية ووكلاء المرشح فى القطاع .
* حضور المناسبات الاجتماعية ( الأفراح – العزاء ) نيابة عن المرشح ، واقتراح شكل المجاملة الممكنة لتقديمها إلى أصل المناسبة بعد التشاور مع مدير عام الحملة .
* الإشراف على عمل الكشوف الانتخابية فى القطاع ومعرفة الكتل التصويتية المؤثرة والتحرك إليها .
* إبلاغ مدير الحملة ومستشار الحملة بأى تطورات إيجابية أو سلبية فى القطاع حيال تحركات المنافسين لإعداد الخطط الطارئة لمواجهة هذه التطورات .
* ترتيب زيارة المرشح للمقار الانتخابية بالتعاون مع مدير عام الحملة ومستشار الحملة .
* الإعداد والترتيب للمؤتمرات الانتخابية فى القطاع .
عاشراً: الاختصاصات الوظيفية لغرفة عمليات الحملة
* اتخاذ القرارات الإستراتيجية فى إدارة الحملة .
* الموافقة على ضم أى أسماء جديدة للحملة .
* الموافقة على استبعاد أى أسماء من الحملة .
* ضافة أى مقار جديدة ، أو إغلاق مقرات فى الحملة .
* الموافقة على أسماء قيادات الرأى المسئولين عن المربعات الانتخابية .
* تحديد أوجه الاستفادة من قيادات الرأى الآخرين الموجودين فى داخل كل مربع انتخابى .
* الموافقة على تشكيل لجان خلايا المناطق من أعضاء مجلس الإدارة والموافقة على أسماء أخرى من خارج مجلس الإدارة للانضمام إلى لجان خلايا الشوارع.
* الموافقة على إعداد الاحتفالات فى المناسبات العامة .
* الموافقة على خطة تحرك المرشح الشهرية .
* تنظيم العمل فى المربعات الانتخابية التى يتمتع فيها الخصوم بميزات نسبية .
* بحث أسباب العوائق فى إدارة الحملة ، والاتفاق على إزالة هذه الأسباب.
* الموافقة على خطة التعبئة والحشد مع اقتراح وسائل جديدة لتعبئة وحشد الناخبين.
* مناقشة التقارير الدورية لنائب مستشار الحملة عن أساليب ونتائج التخطيط العلمى فى كل منطقة .


المحور السادس
لمحة تاريخية عن الانتخابات في السودان
أجريت في السودان خمسة انتخابات برلمانية في ظل الأنظمة الديمقراطية في الأعوام: 1953 – 1958 – 1965 – 1968 – 1985. ولا تشمل الانتخابات التي أجريت في ظل الأنظمة العسكرية لأنها انتخابات شائهة عرجاء وأصباغ خارجية لا معنى لها. إن إجراء الانتخابات ليس حلا سحريا، فلن تأتي الانتخابات بالحلول السحرية وإنما هي وسيلة تفتح الطريق لإيجاد الحلول التي تواجه المجتمع. وإذا شحنّا الانتخابات بطموحات عريضة فإن ذلك قد يؤدي إلى خيبة أمل أشد إيلاما من انعدام الانتخابات. لقد شهدت البلاد ثلاثة انقلابات عسكرية جاءت كلها بعد انقضاء فترة وجيزة على انتخابات برلمانية. فهل نريد أن نجري انتخابات نبذل فيهت جهدا سياسيا وماليا ثم يأتي انقلاب عسكري ليطيح بذلك الجهد؟ صحيح إن الانقلابات لها عومل مختلفة، ولكن الانتخاب التي لا تعكس الوضع السياسي بشكل ناصع تصبح من أسباب التغول على الحياة السياسية.
كما أن الناس لا تذهب لتدلي بصوتها وكأنهم آلات. إن الإدلاء بالصوت الانتخابي عملية معقدة تحكمها عدة عوامل كما أسلفنا في المحاور السابقة. وبالنسبة لبلد مثل السودان فإن تلك العوامل متعددة ومتشابكة، وقد لا يوجد مثلها في البلاد الأخرى. أولها المناخ السياسي السائد الذي يلقي بظلاله على الناخبين. وثانيها الأوضاع الإقليمية والعالمية التي لها أثرها المباشر وغير المباشر. وثالثها المناورات السياسية، ولكنها محكومة بالعاملين السابقين، ومحكومة بالقاعدة الاجتماعية التي تحكم مجرى العملية الانتخابية ونتائجها، مما يجعل تأثيرها محدودا وليس مطلقا. ويتم إجراء الانتخابات من أجل التداول السلمي للسلطة، وليس مجرد ديكور خارجي ليضفي شرعية مزيفة على سلطة غير شرعية. ولذلك فإن المناورات الانتخابية بغرض كسب الأصوت بأي ثمن لن تضفي شرعية على أي نظام. وقد خبرنا تكرار هذه التجربة البلهاء طوال تاريخنا البرلماني.
أجريت الانتخابات الأولى عام 1953 والطموحات عريضة والآمال بعيدة المدى. فقد استطاع أهل السودان كسر جبروت الاستعمار البريطاني وليس لهم من سلاح سوى المقاومة السلمية من مظاهرات واضرابات. وتمت عزلته في الشارع السياسي. انتخابات 1953 في مطلع العام تشكلت لجنة الانتخابات المحايدة برئاسة سوكومارسن الهندي الجنسية وعضوية بريطاني ومصري وأمريكي وأربعة سودانيين. وقامت اللجنة بالطواف على أقاليم السودان. وتبين لها الفرق الكبير بين سكان الحضر الذين يتمتعون بوعي اجتماعي عالٍ وشاركوا في الحركة السياسية وفي صنع أحداث البلاد، وسكان الريف الذين هم في حالة متدنية من الوعي الاجتماعي ومن المشاركة الفعالة في صنع الأحداث. فهل تنقل التجربة الغربية بنصها الذي يعطي صوتا للمواطن بعد أن اكتمل تطورها هناك عبر مسار طويل، أم تعدل لتناسب واقع السودان؟ كان هذا هو السؤال الملح الذي أثار جدلا كبيرا. فرأى البعض أن عدم إعطاء صوت لكل مواطن فيه خروج على الديمقراطية. ورأى البعض الآخر أن إعطاء صوت لكل مواطن لا يتناسب مع واقع السودان. الديمقراطية الغربية نفسها لم تبدأ منذ يومها الأول بإعطاء صوت لكل مواطن، بل إن النساء لم ينلن حق التصويت إلا بعد الحرب العالمية الأولى. هذا الأمر يحتاج إلى وقفة حتى نستبين الفرق بين التطبيق الخلاق والتطبيق الجامد.
تمت مراعاة الوعي الاجتماعي وعدد السكان عند تقسيم الدوائر، مثال ذلك أن 579 ألف ناخب في كسلا لهم ثلاثة مقاعد في البرلمان، بينما يحصل 640 ألف ناخب في الاستوائية على مقعدين. ورفعت دوائر الانتخاب المباشر من 35 إلى 68. والانتخاب غير المباشر هو أن يختار الناخبون ممثلين عنهم ويختار الممثلون النائب البرلماني الذي يمثلهم. وأعطي الخريجون خمس دوائر. وأثارت تلك الدوائر بعض الجدل، ولكن اللجنة كانت تحاول أن تتعامل مع واقع يختلف عن واقع البلاد الغربية. وذهبت بعض القوى السياسية إلى ان سوكومارسن تم اختياره بإيعاز من عبدالناصر إلى نهرو ليختار شخصا يضع نظاما للانتخات يخدم الحزب الوطني الاتحادي. وهذا رأي ينطلق من أفق محدود. فإذا كانت اللجنة تخدم مصالح الوطني الاتحادي تكتيكيا، فإن الوطني الاتحادي قد وضع رأسه في المكان الصحيح. كما أن مصالح الوطني الاتحادي لا يتم تحقيقها بالمناورات وإنما بالوضع السياسي والمناورات عنصر مساعد وليست عاملا حاسما. فالانتخابات لم تحسمها في الأساس المناورات وإنما الأساس الاجتماعي والوعي الاجتماعي الذي ينبعث من ذلك الأساس ومن قدرات العصر. واكتنف تلك الانتخابات بعض القصور. فقد حرمت النساء من حق الانتخاب. كما حددت سن الناخب بواحد وعشرين سنة. فحرم قطاع كبير من السكان من حق المشاركة.
الانتخابات البرلمانية عام 1953
بلغ عدد الدوائر في انتخابات عام 1953، 97 دائرة تنافس عليها 227 مرشحا يمثلون ستة أحزاب. وتنافس 22 مرشحا على دوائر الخريجين الخمسة. وكانت النتيجة كما يلي: الوطني الاتحادي 53 – الأمة 22 – المستقلون 7- الجنوب 7- الجمهوري الاشتراكي 3. وحصل الوطني الاتحادي على ثلاث مقاعد في الخريجين ومستقل على مقعد والجبهة المعادية للاستعمار (تحالف الشيوعيين والديمقراطيين) على مقعد. ولكن الأصوات التي حصل عليها حزب الأمة كانت أكثر من الوطني الاتحادي بفارق 47 ألف صوت. وعلق البروفسور هولت على تلك النتيجة بأنها وضّحت أن معظم تأييد الوطني الاتحادي جاء من المدن ومناطق الاستقرار في أواسط السودان وهو مكان نفوذ الختمية. كما عبرت النتيجة عن رفض الاستعمار البريطاني. ولم يكن تأييد الوطني الاتحادي في رأيه تأييدا للوحدة مع مصر، بقدر ما كان تعبيرا عن الرغبة في التغيير. وكان أيضا تأييدا لموقف الوطني الاتحادي المعادي للاستعمار. وخلص إلى أن النتيجة كانت مثار دهشة بالنسبة للبريطانيين.
وأثار حزب الأمة اتهامات حول تدخل أموال مصرية في الانتخابات. وكان تدخل الأموال الأجنبية حقيقة، ولكن تدخل نفوذ الاستعمار البريطاني أيضا حقيقة. وكان التصويت بالإشارة أيضا حقيقة. ولكن الصراع في تلك الانتخابات لم يحسم على مستوى الأموال الأجنبية والنفوذ الاستعماري والطائفي، وإنما حسمه القطاع الحديث الواعي الذي أتيح له ثقل أكبر في تلك المعركة. وعبر حزب الأمة بشكل غاضب عن عدم رضائه لنتيجة الانتخابات في حوادث مارس 1954. كان الأول من مارس يوم افتتاح البرلمان، وجاء الرئيس محمد نجيب ممثلا لمصر، فأراد حزب الأمة أن يظهر نفوذه السياسي في الشارع ويعبر عن رفضه للوحدة مع مصر. ومهما قيل عن تلك الأحداث فقد كانت تعبيرا عنيفا في صراع ديمقراطي. وحزب الأمة الذي ظل يتحالف مع الإدارة البريطانية وهو يرفع شعارا هلاميا: السودان للسودانيين، والذي لم يرفع منذ تأسيسه عام 1945 شعارا واحدا معاديا للاستعمار، والذي لم ينظم مظاهرة واحدة من المظاهرات التي تفجرت في وجه الحكم البريطاني، لم يحتمل صدمة الرفض من القطاع الذي ظل ينسج مقاومته للاستعمار البريطاني خيطا بخيط من تضحيات أبنائه. وكان برلمان 1954 أنجح البرلمانات في تاريخ السودان السياسي. فقد أرسى قواعد النظام الذي يقوم على تداول السلطة سلميا، وأنجز السودنة والجلاء، وتوّج ذلك بإعلان الاستقلال في ديسمبر 1955.
الانتخابات البرلمانية الثانية عام 1958
وعندما أجريت الانتخابات الثانية عام 1958، تغيرت موازين القوى. فقد كانت الحكومة تقوم على تحالف بين حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي الذي انفصل عن الوطني الاتحادي. فماذا فعلت بقانون الانتخابات؟ ألغت دوائر الخريجين لأن حزب الأمة لم يحصل على دائرة فيها في انتخابات 1953. ولكن الغرض من دوائر الخريجين ليس المكسب الحزبي، وإنما إعطاء وزن للفئة التي لعبت دورا قياديا في مجرى السياسة السودانية. وحزب الأمة نفسه اختار لقيادته السياسية نخبة من المتعلمين المتميزين من أصحاب الكفاءات العالية الذين لا يربطهم به الولاء الطائفي. فكان الإلغاء ردة عن قانون 1953. ثم قسمت الدوائر تقسيما عدديا مطلقا، لأن هدف حزب الأمة الحصول على مقاعد برلمانية، حتى ولو كان ذلك على حساب الإنجاز الذي حققته لجنة سوكومارسن. فأصبح عد الدوائر كالآتي: ارتفع عدد دوائر دارفور من 11 إلى 22 ، ارتفع عدد دوائر كردفان من 17 إلى 29 ، ارتفع عدد دوائر النيل الأزرق من 18 إلى 35 ، ارتفع عدد دوائر كسلا من 8 إلى 16 ، ولعله من الملفت للانتباه أن كل مرشحي الحكومة سقطوا في دوائر العاصمة المثلثة.
وألغي شرط التعليم بالنسبة للمرشح، فدخل البرلمان بعض النواب الذين ليست لهم مؤهلات تمكنهم من المشاركة في القضايا التي تطرح. وأجيز قانون جديد للجنسية في يوليو 1957 بدلا عن قانون 1948 الذي حرم أعدادا من المشاركة في الانتخابات السابقة، وكان أغلب المستفيدين منه من أنصار حزب الأمة. فحصل 6264 على الجنسية منهم 3165 من الفلاتة. وأدخل نظام مراكز الاقتراع المتنقلة لإعطاء القبائل الرحل فرصة أكبر للمشاركة في التصويت. وتمخض عن تلك التعديلات ارتفاع عدد الدوائر إلى 173 وجاءت بالنتائج التالية: حزب الأمة 63 _ الوطني الاتحادي 44 – الأحرار 40 – حزب الشعب 16.
حصلت الحكومة الائتلافية الجديدة برئاسة عبد الله خليل على أغلبية برلمانية، وحسبت أنها حققت حكما مستقرا. وفات عليها أن الديمقراطية لها منابر أخرى هي التي تحقق الاستقرار السياسي وهي المنابر التي أصبحت تعرف اليوم بمؤسسات المجتمع المدني التي تقوم على الاختيار الطوعي بعيدا عن هيمنة السلطة. وفات عليها أيضا أن الديمقراطية تقوم على محتوى اجتماعي هو الركيزة الأخرى لاستقرار الحكم. فالديمقراطية ليست حذلقة لفظية وبراعة خطابية وإجراءات ولوائح. فالناس يسعون في نهاية المطاف إلى العيش في ظل حياة كريمة، وهم يتوقعون أن تكون الديمقراطية أفضل السبل لتحقيق ذلك. لم تعش التجربة فترة تمكن من الحكم عليها. ولكن الفترة على قصرها اكتنفتها سلبيات. من أبرزها تغيير النواب مواقعهم الحزبية والانتقال من هذا الحزب إلى ذاك لأن الأموال أصبحت تلعب دورا في تغيير المواقف الحزبية. وأصبحت الحكومة تواجه معارضة من منابر المجتمع المدني. ولم تشفع للحكومة أغلبيتها البرلمانية. ثم قام عبد الله خليل بتسليم السلطة للجيش بعلم حزبه. فما كان باستطاعة حكومة عبد الله خليل قبول المعونة الأمريكية أمام المعارضة القوية إلا بتسليم السلطة للجيش.هكذا انهارت التجربة الانتخابية الثانية ولم يمض عليها سوى بضعة أشهر رغم الأغلبية البرلمانية.

اندلعت ثورة أكتوبر عام 1964، وبدأت معها التجربة الديمقراطية الثانية والتجربة الانتخابية الثالثة. وخرج الناس تنفخ في أشرعتهم رياح الأمل. وكان لابد أن ينعكس المد الثوري على قانون الانتخابات وعلى الانتخابات التي أجريت عام 1965. وكان لابد أيضا لتوازن القوى الذي حكم خطى الثورة أن يؤثر عليها أيضا. فوسع قانون الانتخابات من المشاركة بالآتي: أعطى النساء حق التصويت للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وخفض سن الناخب من 21 إلى 18 سنة. وأعطى القانون للخريجين 15 دائرة. كان ذلك أقصى ما حققه المناخ الثوري. وكان ذلك إنجازا كبيرا بالنسبة لانتخابات 1958. من الجانب الآخر قسمت الدوائر تقسيما عدديا محضا ولم يراع الفرق بين مناطق الإنتاج والوعي والمناطق الأخرى كما حدث في انتخابات 1953، لأن الأحزاب مازالت تلهث خلف المقاعد بغض النظر عن القوى التي تمثلها تلك المقاعد. فتقليد الديمقراطية الغربية في قمتها هو المسيطر عليها. وكان ذلك طبيعيا نسبة لتوازن القوى. ولم تحفل الأحزاب بأن الديمقراطية لا تلغي الاضطهاد الطبقي، ولكنها تجعله أكثر وضوحا. وكلما كان نظام الحكم ديمقراطيا، أصبح العمال أكثر قدرة على رؤية صور الشر في الرأسمالية. هذا ما قاله لينين قبل أن تندثر أقواله مع انهيار الاتحاد السوفيتي وتغيير اسم مدينة لينينغراد إلى بطرسبيرج.
وكانت نتيجة الانتخابات كما يلي: الأمة: 92 – الوطني الاتحادي: 73 – مستقلون: 18 – مؤتمر البجة: 15- الشيوعي 11 وكلها في الخريجين – سانو10: جبال النوبة 10 – جبهة الميثاق 5 . لقد كانت النتيجة مبعث رضى بالنسبة للأحزاب الكبيرة وكانت أيضا مبعث عدم رضى. فقد أصبح للحزبين الكبيرين أغلبية مريحة، ولكنها أغلبية تقوم على التحالف. فطغت المناورات الحزبية، وكان للحزب الوطني الاتحادي اليد الطولى في تلك المناورات، بالذات بعد انقسام حزب الأمة بين الإمام الهادي وابن أخيه الصادق. وانزعجت الأحزاب للنفوذ الذي تمتع به الحزب الشيوعي رغم عدد نوابه القليل. ولم يقتصر نشاطه على البرلمان حيث قدم معارضة قوية، فقد كانت صحيفته الميدان أكثر الجرائد توزيعا بين الجرائد الحزبية، بل لعلها نافست بعض الجرائد المستقلة. ولذلك أقدمت الأحزاب على حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان مستغلة أغلبيتها العددية في البرلمان، وتعتبر تفاصيل تلك المأساة مذبحة الديمقراطية الكبرى لأنها رمت بكل التقاليد الديمقراطية عرض الحائط ولم تحفل إلا بأمر واحد وهو حل الحزب الشيوعي.
و واجهت القائمين بالامر عقبات، بعضها قانوني وبعضها سياسي وبعضها أخلاقي العقبة الأولى حول تعديل الدستور. وكان مبارك زروق قد تقدم بمذكرة عام 1958 حول مبادئ تعديل الدستور خلص فيها إلى أن دستور السودان من الدساتير التي لا يمكن تعديل مواده الأساسية. وعلق عبد الخالق محجوب عام 1967 على تلك المذكرة بأنها تعكس أولا تطلعات جماهير الوطني الاتحادي بعد الاستقلال مباشرة، ويمكن إجمال تلك التطلعات في تثبيت دعائم الديمقراطية، وهم كانوا ضمن الحركة الديمقراطية، وكانوا قوى خارجة وقتها من غمرة النضال. وتعكس أيضا موقف الحزب الوطني الاتحادي وهو في المعارضة ويدرك جيدا أن بقاءه مرتبط ببقاء الديمقراطية، في الوقت الذي بدأت القوى الحاكمة التنكيل بالمعارضة تعبيرا عن عجزها في الحكم. وتعكس أيضا الحياة السياسية عامة التي كانت تتمتع بجو أكثر صحة وعافية من جو التضليل والتهريج وتزييف الإسلام. (جريدة أخبار الأسبوع/ فبراير 1967) ولم تحفل القوى الحاكمة بذلك فأقدمت على تعديل الدستور أكثر من مرة حتى حققت هدفها السياسي. وكانت تلك أكبر مذبحة للديمقراطية في تاريخ السودان السياسي الحديث. وما زالت القوى السياسية مترفعة عن تقديم نقد شجاع لمشاركتها في تلك المذبحة، فقد أخذتها العزة بالاثم.
ثم رفع الحزب الشيوعي قضية دستورية إلى المحكمة العليا. وحكمت المحكمة ببطلان التعديلات التي اتخذتها الجمعية التأسيسية لأنها تتعارض مع الدستور. وأصبح الحكم سابقة قانونية تدرس في الجامعات. ولكن الضربة التي وجهت لقرار الحل جاءت في الانتخابات التكميلية في دائرة الخرطوم شمال وفي انتخابات عام 1967 .وكان أهم تغيير في قانون الانتخابات الجديد إلغاء دوائر الخريجين. وبقيت القوانين الأخرى كما هي. واكتنفت الفترة صراعات حزبية. ورغم أنها صراعات مشروعة، إلا أنها فتت من عضد النظام البرلماني الذي لا يزال في حالة تكوين واستعادة قدراته بعد سنوات الدكتاتورية العسكرية.
ثم برزت الدعوة للدستور الإسلامي. وكان الصراع السياسي في السودان علمانياً وليس فيه مجال للتلاعب بالدين في المعترك السياسي. فعندما عرض على لجنة الدستور عام 1957 اقتراح بأن تكون جمهورية السودان جمهورية إسلامية وأن يكون الدستور إسلامياً، سقط الاقتراح بأغلبية 21 صوتاً مقابل ثمانية أصوات. فجاءت مسودة دستور 1957 علمانية، ولكن انقلاب 1958 عطل المضي فيها. إلا أن تصاعد الصراع السياسي بعد ثورة أكتوبر، دفع بعض القوى السياسية للزج بالدين في ذلك الصراع.
وشهدت الفترة التي سبقت إجراء الانتخابات بعض التحولات في الخريطة السياسية. فاندمج الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي في حزب واحد هو الحزب الاتحادي الديمقراطي. وانقسم حزب الأمة إلى جناحين هما جناح الإمام الهادي وجناح الصادق المهدي. وانقسم جماعة الإخوان المسلمين فظهر تنظيم جديد بزعامة حسن الترابي باسم جبهة الميثاق الإسلامي. وبقي الحزب الشيوعي متماسكاً رغم الصراع الذي كان يعتمل في داخله وأدى إلى انقسامه عام 1970. وكانت الأيادي الأجنبية تتدخل في السياسة السودانية بمختلف الأشكال. وفي هذا المناخ أجريت انتخابات عام 1968. أجريت الانتخابات في 218 دائرة، وشارك فيها 3 ملايين ناخب. وكانت النتيجة كما يلي: الاتحادي الديمقراطي 101، حزب الأمة بجناحيه 72، المستقلون 10 وأعلن أغلبهم فيما بعد انتماءهم الحزبي، الأحزاب الجنوبية 25، جبهة الميثاق 3، الحزب الشيوعي مقعدين. ولكن مقاعد الحزب الشيوعي لها دلالتها. فقد فاز عبد الخالق محجوب على مرشح الحزب الاتحادي أحمد زين العابدين في دائرة أم درمان الجنوبية وهي دائرة الرئيس إسماعيل الأزهري ومن أهم معاقل الحزب الوطني. وفاز الحاج عبد الرحمن عضو اللجنة المركزية للحزب في دائرة عطبرة التي لها وزنها العمالي المتميز. كما أن فوز المرشحين عن الحزب الشيوعي كان صفعة لقرار حل الحزب. كانت الأجواء التي أجريت فيها الانتخابات، والنتائج التي تمخضت عنها، والأزمة الاقتصادية التي خيمت على البلاد، والصراعات التي اكتنفت المسرح السياسي، كانت كلها هي المقدمة لانقلاب 25 مايو. فلم تكن الأغلبية البرلمانية كافية لحماية النظام الديمقراطي من تغول المؤسسة العسكرية، لأن استقرار النظام البرلماني ليس مجرد أغلبية برلمانية. وكانت تلك هي المرة الثانية التي يؤدي نظام الانتخابات الذي لا يقوم على دعائم راسخة إلى انقلاب عسكري، ولم تكن هي المرة الأخيرة.
الانتخابات البرلمانية عام 1986
أجريت هذه الانتخابات بعد 17 عاما من غياب الديمقراطية. وإذا أضفنا إليها سنوات الحكم العسكري الأول الست، يكون السودان عاش بعد الاستقلال 23 عاما من الحكم العسكري مقابل 7 سنوات من الديمقراطية. وكانت تلك السنوات على قصرها مشحونة بالاضطراب السياسي وبقانون انتخابات غير سوي، مما يجعل منها فترة سلبية قريبة من الحكم العسكري. وأجريت الانتخابات بعد عام من الانتفاضة التي أطاحت بحكم الفرد. ولم يكن من طموحات الانتفاضة بحكم توازن القوى الذي حكم خطاها أن تصل نهايتها المنطقية وتصفي مؤسسات دولة حكم الفرد. بل إن الانتفاضة اختطفتها (hijacked) المؤسسة العسكرية التي كانت هي نفسها من ركائز النظام المايوي. كما أن الأحزاب الكبيرة وهي الأمة والاتحادي والجبهة الإسلامية، لم تكن من ركائز النظام المايوي المندحر فحسب، بل لم تكن شديدة الحرص على تصفية مؤسساته. وكان قانون تلك الانتخابات كسيحاً، وعارضته غالبية القوى السياسية. ورغم ذلك شاركت في الانتخابات لأن القوى السياسية لا تصارع في الظرف المثالي الذي تشتهيه، بل تناضل من أجل خلق ذلك الظرف المثالي الذي تشتهيه. وتدخل المجلس العسكري الانتقالي بكل ثقله ليخرج القانون الخاص بدوائر الخريجين ليتناسب مع تنظيم الجبهة الإسلامية. وأجريت الانتخابات بعد أن استشرت الرأسمالية الطفيلية وانتفخت أوداجها خلال سنوات مايو. والذي يراجع الخريطة السياسية لتلك الانتخابات لن يغيب عنه طفح الطفيلية التي وزعت الأموال يمنة ويسرى في حزام الفقر. لقد ارتكب المجلس العسكري الانتقالي عدة جرائم نكراء في حق الحركة السياسية السودانية، لعل أكثرها بشاعة المناخ الكالح الذي أجريت فيه الانتخابات.
بلغ عدد الدوائر 301 دائرة خصص منها 28 دائرة للخريجين. وامتدت فترة الاقتراع إلى 12 يوما. فصوت بعض الناس أكثر من مرة. وكانت نتيجة الانتخابات في عمومها متوقعة، ما عدا المقاعد التي حصلت عليها الجبهة الإسلامية والتي فاقت الخمسين مقعدا. ولكن الذي يتأمل في الواقع السياسي لن يجد في تلك النتيجة غرابة. ولكن الجبهة رغم تلك المقاعد التي حصلت عليها وأصبحت الحزب الثالث في البلاد، قامت بانقلاب عسكري واستولت على السلطة. فهل كانت النتيجة مقدمة للانقلاب أم النتيجة لم تكن تعكس الواقع السياسي فاستولت الجبهة على السلطة بالقوة وليس بالطريقة الديمقراطية؟ إن الحزب الذي يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة سوف يعتمد على تلك القاعدة للوصول للحكم وليس على المؤسسة العسكرية. فكانت انتخابات 1986 المرة الثالثة التي تمهد فيها لانقلاب عسكري. والآن نحن نتهيأ لإجراء الانتخابات الرابعة، فهل نحتاج لدرس ثالث أم كفانا ما تلقينا من دروس وعبر؟


المحور السابع
المرأة والانتخابات

"إن تعلم رجلا تعلم فردا، وإن تعلم إمرأة تعلم أمة" قولة حكيمة وبليغة وجامعة تؤكد أن وضع المرأة ومكانتها في أي مجتمع من المؤشرات المهمة التي تدلل على مستوى تطور هذا المجتمع، فالمجتمعات المتحضرة والمتقدمة هي التي تفسح المجال أمام المرأة لأخذ دورها الكامل في بناء المجتمع، ولا يمكن لأي مجتمع أن يدعي أنه متقدم أو يسير على طريق التطور عندما يكون نصفه مهمشاً ومعطلاً، بغض النظر عن أسباب وعوامل هذا التطور، وتعتبر مشاركة المرأة في مختلف جوانب الحياة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية، حيوية لنمو المجتمع وحدوث التوازن فيه إذا ما أريد لهذا المجتمع أن يواكب متطلبات الحياة العصرية، واستحقاقات التطور البشري في القرن الحادي والعشرين. وفي هذا السياق، يحتل موضوع مشاركة المرأة في الانتخابات أهمية خاصة، في ظل النظام العالمي الجديد وتزايد الدعوات للإصلاح والدمقرطة، وبالذات في البلدان العالم الثالث، فالانتخابات هنا ليست هدفاً بحد ذاته، بل هي وسيلة لتمكين المرأة من تبوء مكانتها في مؤسسات صنع القرار على اعتبار أنها تشكل نصف المجتمع، وهي حق أساسي من حقوق الإنسان يجب أن تتمتع المرأة به، كما إن الانتخابات الوسيلة لتحقيق الديمقراطية في أي مجتمع، بما يضمن إطلاق طاقات أبنائه رجالاً ونساءً وتحقيق التنمية والمساواة العدالة.
المرأة والإنتخابات في المواثيق الدولية
ومما لا شك فيه أن مدى مشاركة المرأة في العملية الانتخابية تصويتاً وترشيحاً مرتبط بمستوى تطور المجتمع في بنيته الاقتصادية والاجتماعية وبنيانه القومي السياسي والثقافي والأخلاقي، غير إن حصول المرأة على حقها بالتساوي الكامل مع الرجل وممارستها هذا الحق في التصويت والترشيح، حتى لو كان عدد النساء المشاركات في الاقتراع يساوي أو يقترب من عدد الرجال، لا يعني بالضرورة تحصيل النساء تمثيلاً في الهيئات المنتخبة يوازي نسبتهن في المجتمع، أو يدنو منها، وهذا ينطبق على جميع البلدان والمجتمعات المتطورة منها والمتخلفة، بمعنى أن المساواة القانونية قد لا تحل كل إشكاليات المرأة، أو تلغي التمييز ضدها. تمنح القوانين المنظمة للفعل السياسي على المستوى الدولي والمتمثلة بمجموعة من الاتفاقيات الدولية المرأة حقوقاً واضحة، فالاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة لسنة 1952 تنص في مادتها الثانية على أن للنساء الأهلية في أن ينتخبن الهيئات المنتخبة بالاقتراع العام، والمنشأة بمقتضى التشريع الوطني بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون تمييز، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يقول في المادة"25 "، لكل مواطن الحق في المشاركة في تسيير الحياة العامة مباشرة أو عن طريق ممثلين مختارين. أما اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 تنص في مادتها رقم" 7" على حق المرأة في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي تنتخب أعضاءها بالاقتراع العام والمشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة وفي شغل الوظائف العامة. الاتفاقية الدولية أكدت بشأن الحقوق السياسية للمرأة أن للنساء الحق في التصويت في جميع الانتخابات، بشروط تساوي بينهم وبين الرجال دون أي تمييز، وكذلك للنساء الأهلية في أن ينتخبن لجميع الهيئات المنتخبة بالاقتراع العام، بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز وكذلك ضرورة تقلد المناصب العامة بدون أي تمييز ضدهم. وجاء في المادة (7) من الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 ضرورة أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة على قدم المساواة مع الرجل الحق في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام.
كما أكدت كافة المؤتمرات التي عقدتها الأمم المتحدة خلال العقد الماضي ضرورة مشاركة المرأة بالتنمية، وهذا يتطلب مشاركة فاعلة للنساء في عملية صنع القرار، باعتبار ان القيادة ومواقع اتخاذ القرار هي قوة مؤثرة وموجهة ومخططة في عمليات التنمية الشاملة، ولهذا دأبت العديد من الهيئات والمنظمات الدولية تطلب من الحكومات الإسراع في عملية المساواة، وهذا ما أكدته المادة (4) من الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، إذ جاء فيها "لا تعتبر اتخاذ الدول تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل في المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة بالمعنى الذي تأخذ به الاتفاقية". ذ طالبت خطة بكين الصادرة عن مؤتمر المرأة العالمي الرابع 1995الحكومات في العالم بالعمل على زيادة مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار لتصل في الحد الأدنى إلى 30%، حيث ورد في الفقرة (190) بند (د): "ان المطلوب من جانب الحكومات مراجعة التأثير المتغير للنظم الانتخابية على التمثيل السياسي للمرأة في الهيئات المنتخبة، والنظر عند الاقتضاء في تعديل هذه النظم وإصلاحها".
تجارب دولية
شهدت الحقبة الأخيرة من القرن الماضي والسنوات الأولى في القرن الحالي اهتماماً خاصاً بقضايا المرأة في البلدان النامية، والبلدان العربية على وجه الخصوص، وذلك لجهة تعزيز مشاركتها على أوسع نطاق في عمليات التنمية، وفي صياغة شكل المجتمع الذي تنتمي إليه وعلاقاته مع غيره من المجتمعات، وحققت المرأة في هذه البلدان تقدماً نسبياً مضطرداً في معدلات التعليم والمستوى الصحي، وفي ميدان العمالة، وقد انعكس هذا التقدم على زيادة مشاركة المرأة في الانتخابات بالتصويت وبالترشيح للبرلمانات، وكان توقيع الكثير من البلدان على الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1976، مقدمة لتحسين وضع المرأة في العالم العربي، ولكن التجارب الانتخابية العربية لا تعكس كلها بالضرورة تقدماً في مكانة المرأة، فهناك تراجع في بعض الحالات.
تشير كثير من الإحصائية، أن البلاد التي تترأسها نساء بين أكثر من 180 بلداً لا تتعدي أصابع اليد الواحدة ، ولا يوجد في منصب نائب الرئيس سوى أربع نساء، وهناك ثلاث نساء في منصب الحاكم العام، وخمس في موقع زعيم المعارضة. أما تمثيل المرأة في البرلمانات فلا يتعدى نسبة 13% من أعضاء البرلمانات القومية في العالم، ففي البرلمانات العربية حصلت النساء على ما نسبته 4.6% من المقاعد، بينما حصلت في البرلمانات الإفريقية على 12% وفي أوروبا والأمريكيتين 16% وعلى المثال في اليابان فقط 4.6% من أعضاء البرلمان هم من النساء، في حين أن نسبة النساء في البرلمان الفرنسي (الجمعية الوطنية) 10.9% وفي الولايات المتحدة 13.3% فقط، وتشكل النساء ما نسبته 7% فقط من وزراء العالم أجمع، والسويد هي البلد الأول الذي أصبح في العام 1995 يملك نفس العدد من النساء والرجال في مناصب وزارية، ولا تزال هناك دول لا تملك فيها النساء حق الاقتراع من بينها دول عربية هي: الكويت والسعودية والإمارات. كما أن بعض البلدان لم تصادق على معاهدة إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باسم "سيداو" ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الدول الصناعية الوحيدة التي لم تصادق على المعاهدة. في المقابل، لا يعكس تدني مستوى تمثيل المرأة في البرلمانات والمناصب الرفيعة في البلدان المعنية بالضرورة تمييزاً ضد المرأة، أو يمثل انعكاساً لوصفها على الصعيد الاجتماعي، لأن من بين أسباب ضعف نسبة النساء في هذه المواقع عزوف أعداد كبيرة من النساء عن الانغماس في العمل الحزبي والسياسي، الذي يعتبر المدخل في غالبية الحالات للتمثيل في الهيئات القيادية على مستوى الدولة، غني عن القول ان حصول المرأة على كافة حقوقها الاجتماعية والسياسية يستلزم تضافر مجموعة من العوامل من قبيل تطور الوضع الاقتصادي والوصول إلى مستوى متقدم معين من التنمية في مختلف الميادين، وحدوث تغيير في البنى والهياكل الاجتماعية والاقتصادية، وتغيير في الثقافات والمفاهيم الاجتماعية التي تحكم نظرة المجتمع للمرأة، وهذه عملية طويلة ومعقدة تبدأ بالتنشئة الاجتماعية وتحتاج إلى نضال مواظب وشاق.
التجربة المغربية
ينص الدستور المغربي (1962-1996) في فصله الخامس على أن الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسية. ويستطرد: لكل مواطن ذكراً كان أو أنثى الحق في أن يكون ناخباً، يعتبر هذا النص من وجه نظر المنظمات النسوية المغربية قاصراً ويتعارض مع مضمون الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المغرب. ويبدو إن التجارب الانتخابية المغربية، سواء المحلية أو البرلمانية، حتى العام 1997 تعكس تقزيم حقوق المرأة، ففي عام 1977 وصلت مشاركة المرأة في الانتخابات 47.6% (في المحلية) و52.31% (في التشريعية) بالنسبة إلى الرجال، في الوقت الذي وصل فيه عدد المرشحات في الانتخابات التشريعية في 1984 إلى 15 مرشحة من مجموع 1332 مرشحاً، أي بنسبة 1.09% وهي نسبة هزيلة إذا ما قورنت بالكتلة النسائية الناخبة. وهذا ينطبق على انتخابات 1997. في الانتخابات المحلية في 1983 فازت 36 مرشحة من أصل 15500، مع ذلك لم تمنح النساء الفائزات صلاحيات رئيسية حيث أن إحداهن فازت بأعلى الأصوات في دائرتها ورفض حزبها تنصبيها رئيسا للمجلس المفرز، وهذا ربما يعكس نظرة دونية للمرأة، وكان هناك غياب تام لتمثيل المرأة في برلمانات (1963، 1970، 1977، و1984) حتى انتخابات برلمان 1997 الذي منح المرأة مقعدين، ويشار هنا إلى أن آخر انتخابات تشريعية مغربية جرت في أيلول (سبتمبر) 2003 شهدت قفزة نوعية في تمثيل المرأة، فقد فازت النساء المغربيات بخمسة وثلاثين مقعداً من مقاعد البرلمان الذي يبلغ عدد أعضائه 325 عضواً لتضع المغرب في صدارة الدول العربية من حيث التمثيل السياسي للمرأة.
التجربة اللبنانية
تؤثر طبيعة النظام السياسي الطائفي في لبنان على دور ومكانة المواطن اللبناني، رجلاً كان أم امرأة، فبعض مواد الدستور تعطي الطوائف والمذاهب حق تنظيم الأحوال الشخصية وحرية إنشاء مدارسها الخاصة، كما تقسم الوظائف العليا بين الطوائف، والمواطن لا يسعه أن يخاطب الدولة، أو يتعامل معها، أو يشترك في حياتها وأنشطتها إلا من خلال طائفته، فهي المدخل للوصول إلى الدول والوظيفة والوزارة والتمثيل الشعبي، هذه الصيغة الطائفية تحول، مع أسباب أخرى، دون وصول المرأة اللبنانية إلى مواقع السلطة السياسية، وعمليا تتم التضحية بوجودها لصالح أية طائفة قد تعترض، وفي إطار الصراع والتنافس بين الطوائف لا يجري اختيار للمرأة لمنافسة بقية الطوائف. في الانتخابات النيابية التي جرت في العام 2000 لم تستطع دخول المجلس سوى ست نساء، لا تزال ثلاث منهن في المجلس النيابي الذي يضم 128 نائباً، أما في مجال الانتخابات المحلية فالوضع مختلف، والتجربة النسائية كانت جيدة حيث أنه من بين 350 امرأة ترشحن لهذه الانتخابات فازت 129 امرأة وذلك في الانتخابات قبل الأخيرة، ونشير هنا إلى أنه لا توجد لدينا إحصائيات حول الانتخابات التي جرت مؤخرا في لبنان، ويبدو إن نجاح النساء في الانتخابات المحلية مرتبط بعدم خضوعها للتوزيع الطائفي. وتجدر ملاحظة أنه لم تصل أية امرأة لبنانية حتى الآن إلى منصب وزيرة أو رئيسة وزراء، ولم تترشح أية امرأة إلى مركز رئيسية للجمهورية.
التجربة الأردنية
جرى في العام 1974 تعديل قانون انتخاب مجلس النواب الأردني رقم (9) بمنح المرأة الأردنية حق الترشيح والانتخاب للمجالس النيابية. كما تم منح المرأة الأردنية حق الانتخاب والترشيح للمجالس البلدية عام 1982. وقد شاركت المرأة فعلياً في الانتخابات النيابية في عام 1989، حيث ترشحت 12 سيدة لم تفز أي منهن، وفي انتخابات 1993 التي شهدت تغيراً في النظام الانتخابي من نظام القائمة المفتوحة إلى نظام الصوت الواحد فازت سيدة واحدة عن المقعد الشركسي والشيشاني من أصل ثلاث سيدات ترشحن، وكانت نسبة المشاركة النسائية في انتخابات عام 1997 أكبر حيث ترشحت سبع عشرة امرأة لم يحالف الحظ أياً منهن، وفازت سيدة واحدة في الانتخابات التكميلية للمقعد الشاغر بسبب وفاة أحد النواب المجلس في 2001. وهناك ثلاث سيدات في مجلس الأعيان، أي حوالي 8% من المقاعد. جرى تعديل قانون الانتخاب لمجلس النواب في 2003 بتخصيص مقاعد إضافية للنساء حيث يمنح هذا القانون المرأة فرصتين للفوز في الانتخابات الأولى بالتنافس مع المرشحين الآخرين على المقعد النيابي في الدائرة التي تترشح عنها، والثانية باحتساب نسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها المرشحات اللواتي لم يفزن إلى عدد أصوات المقترعين في الدوائر التي ترشحن فيها بحيث تكون الحاصلات على أعلى ستة نسب من الفائزات بغض النظر عن الدوائر الانتخابية. ودخلت المرأة الأردنية الوزارة في عام 1979 لأول مرة، وتكرر وجود وزيرات في 84 و93 و95 وفي 1999 كانت هناك وزيرة تشكل موقع نائب رئيس الوزراء وكذلك في 2000 و2002.وكانت بداية مشاركة النساء في الانتخابات البلدية في العام 1995 حيث تم تعين مائة امرأة في اللجان البلدية التي شكلت تمهيداً لانتخابات المجالس البلدية ورؤسائها، وقد ترشحت 19 امرأة للانتخابات البلدية التي جرت في نفس العام، وفازت واحدة منهن برئاسة بلدية، بينما فازت تسع نساء أخريات بعضوية مجالس بلدية، وجرى تعيين 23 امرأة في عدد من المجالس البلدية، وفي 1999 بلغ عدد المرشحات للانتخابات البلدية 43 امرأة نجح منهن ثماني نساء، وتم تعيين 25 امرأة أخرى في المجالس البلدية، وتشير بعض الدراسات الحديثة التي اجريت في الأردن إلى تزايد نسبة الذين يؤيدون عمل المرأة في المجال السياسي، ولا يرون أي تأثير لتكوين المرأة البيولوجي على هذا العمل. ومع ذلك لا يزال المجتمع الأردني يرى إن عمل المرأة في الميدان السياسي يؤثر بشكل سلبي على دورها في البيت، وفي تنشئة الأطفال والاهتمام بشؤون البيت الأخرى.
التجربة السورية
وتأتي دولة سورية في المرتبة الثانية بعد المغرب من حيث تمثيل المرأة حيث تشغل المرأة السورية 25 مقعداً من مقاعد البرلمان الذي يبلغ عدد أعضائه 325 عضواً، تليها تونس التي تحتل المرأة منها 16 مقعداً للنساء في المجلس الشعب، ولا تزال دول عربية كالسعودية والكويت والإمارات تمنع المرأة من ممارسة حقها في الانتخاب والترشيح. وفي خبر طريف نشر على موقع قناة "العربية" في 25 أيار (مايو) 2004، يتبين أنه لا تزال توجد في السعودية عادات غريبة تمنع النساء من أن يرين وجوههن لأزواجهن، وهذه العادات موجودة لدى بعض المجموعات القبلية. وإحدى القصص المضحكة والمأساوية في نفس الوقت تقول إن أحد الأزواج عندما توفيت زوجته في حادث طرق استدعى للمستشفى للتعرف عليها واستلام جثتها، ونظراً لأنه لم يكن قد رأى وجهها منذ زواجهما الذي دام 7 سنوات وأنجبت خلالها ابناً طلب من الحاضرات وضع البرقع على وجهها ليعرفها.
التجربة اليمنية
تعتبر التجربة اليمنية من أسوأ تجارب المرأة العربية حيث شهدت تراجعاً جدياً عن إنجازات سابقة كانت حققتها المرأة اليمنية خلال العقود السابقة، عندما كانت اليمن مقسمة إلى شطرين، جنوبي وشمالي، حقق الشطر الجنوبي إنجازات على مختلف الأصعدة، وفيما يخص المرأة كان قانون الأسرة الذي جرى اعتماده هناك الثاني في طبيعته الديمقراطية بعد كانون الأسرة التونسي، وبعد توحيد اليمن جرت عدة تعديلات على قانون الأحوال الشخصية مثلت تراجعاً عن منجز ديمقراطي مهم للمرأة، ويظهر أن الأعراف القبلية والتقاليد والعادات الموروثة قد تغلبت في عمليات الصياغة والتعديل التي حصلت في نصوص القانون ليبدو أكثر تخلفاً. في الانتخابات البرلمانية الأولى التي جرت بعد توحيد اليمن، وتحديداً في عام 1993، نجحت امرأتان في الوصول إلى البرلمان من أصل 48 ترشحن لهذه الانتخابات، وفي المرة الثانية، في عام 1997، نجحت اثنتان من 23 امرأة مرشحة، وكان التراجع أكبر في آخر انتخابات برلمانية في 2003 حيث فازت امرأة واحدة من مجموع 11 امرأة ترشحن لخوض الانتخابات. والجدير بالذكر أن نسبة مشاركة النساء في التصويت في 2003 كانت كبيرة حيث بلغت 47% (3.450.000 من أصل 8 مليون) وهذه النسبة تفوق النسب السابقة بأضعاف، والسبب الرئيسي للمشاركة النسائية هو رغبة كل الاتجاهات السياسية في اليمن بالحصول على أصوات النساء، ولكن ليس من أجل المرشحات، وإنما المرشحين الذكور، والنساء الإحدى عشرة اللواتي رشحت أنفسهن هن: 4 من الحزب الاشتراكي اليمني (4 مرشحات مقابل 87 مرشحاً) وواحدة من حزب المؤتمر الشعبي والست الأخريات مستقلات.
تجربة دول الخليج العربي
وتشهد دول الخليج العربي تطورات مهمة على صعيد منح المرأة حقها في التصويت والترشيح، ونشير هنا إلى انضمام البحرين مؤخراً إلى كل من عمان وقطر في السماح للمرأة بالمشاركة في الانتخابات، وقد خاضت المرأة البحرينية أول تجربة للانتخابات البلدية، وقد ترشحت 31 امرأة، ولم تفز أية واحدة منهن في هذه الانتخابات، كما شاركت النساء في البحرين في تجربة الانتخابات التشريعية في شهر تشرين أول (أكتوبر) 2003، وكانت مشاركة النساء في عملية التصويت أكثر من مشاركة الرجال. ورغم عدم انتخاب أي امرأة فقد وصلت اثنتان إلى المرحلة الثانية ـ مرحلة الإعادة ـ وأحرزتا نتائج جيدة.
تحليل التجارب الانتخابية
من التجربة العملية يتضح فشل المرأة العربية في الانتخابات في المجتمعات العربية خارج الكوته النسائية، ففي العامين الماضيين جرت انتخابات محلية وتشريعية في عدد من الدول العربية منها الكويت وعُمان والأردن وسبقتها لذلك فلسطين، والمعطيات الإحصائية لهذه الانتخابات من حيث عدد أصحاب حق الاقتراع وعدد المقترعين الفعليين تميل لصالح المرأة، أو توازي حجم الرجل في معظم الحالات، ولكن نتائج الانتخابات تأتي بشكل عكسي للمرأة في هذه الانتخابات، ولا نبالغ إن قلنا أن العلاقة بين عدد النساء المقترعات والفائزات هي علاقة عكسية بشكل واضح وجلي جداً.
ففي الانتخابات الكويتية الأخيرة فشلت المرأة الكويتية فشل منقطع النظير بسبب عدم وجود كوته نسائية تمنحها مقاعد مضمونة في الانتخابات ، حيث من بين (28) مرشحة في هذه الانتخابات لم تفز أية مرشحه، على الرغم أن نسبة النساء من بين أصحاب حق الاقتراع كانت حوالي 57% ، والمثير للاستغراب أكثر أن النساء الكويتيات يشاركن لأول مرّة في الانتخابات العامة، وحصلن على هذا الحق الطبيعي لهن بعد عشرات السنيين من النضال داخل المجتمع الكويتي، بمعنى آخر كن متعطشات ليمارسن هذا الحق، ولكن النتائج جاءت عكسية ومخالفة لكل التوقعات، ولم تؤثر مشاركة المرأة الكويتية على واقع المرأة هناك بشكل إيجابي، لا بل كان تأثير سلبي ومع سبق الإصرار والترصد، والنتائج على الأرض تتحدث عن نفسها. وحال المرأة العُمانية لم يكن أفضل من مثيلتها الكويتية، فبعد أن كان المجلس النيابي العُماني يحوي بداخلة امرأتين في أعقاب انتخابات العام 2003 ، جاءت انتخابات العام 2007 لتشهد على تراجع المرأة العُمانية وتخرج صفر اليدين من الانتخابات التشريعية العُمانية، ولم تفز أيٍ من المرشحات الواحد والعشرون في هذه الانتخابات.

ولربما يعزي البعض هذا الوضع في دول الخليج العربي لتأخر نيل المرأة هناك لحقوقها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولكن جاءت نتائج الانتخابات التشريعية الأردنية لتؤكد أن الموضوع ليس التبكير أو التأخير في عملية نيل المرأة لحقوقها هما السبب في وضع المرأة العربية هذا، بل من الواضح أن هناك مسببات أخرى أعمق وأكثر جدية، ففي الأردن ترشحن (199) امرأة من بين (885) مرشح خاضوا الانتخابات التشريعية الأردنية، والفوز كان من نصيب سبعة نساء فقط واحده منهن فازت من خارج إطار الكوتة النسائية، والست الأخريات فزن بفضل التشريعات الأردنية الواردة في قانون الانتخابات، كل هذا على الرغم من أن نسبة النساء من بين أصحاب حق الاقتراع المُسجلين في الأردن كان حوالي 52% من سجل ناخبين شمل 2,456,52 ناخب.
وفي الأراضي الفلسطينية لم يكن حال المرأة في الانتخابات التشريعية والمحلية أفضل بكثير من نظيرتها العربية، فعودة لعامين مضوا وقراءة المعطيات الإحصائية لسجل الناخبين ونتائج الانتخابات من حيث عدد المقترعين، نجد أن المرأة الفلسطينية كان لها حضور كبير في عملية التسجيل وعملية الاقتراع في الانتخابات المحلية والتي جرت على أربع مراحل بين العامين 2004 و 2005، وكذلك في الانتخابات التشريعية الثانية التي جرت في يناير 2006. ففي المراحل الأربعة للانتخابات المحلية بلغت نسبة الاقتراع العامة حوالي 70% من بين أصحاب حق الاقتراع، وكان من بينهم حوالي 33.50% من النساء، ليس هذا فقط، ففي الكثير من الهيئات المحلية الفلسطينية فاق عدد النساء المقترعات عدد الرجال، وعلى الرغم من هذه المعطيات إلا أن المرأة لم تترجم هذه الأرقام الانتخابية لمقاعد نسويه في المجالس البلدية والقروية إلا تلك المقاعد التي سمح بها نظام الكوتة النسائية، وأولئك اللواتي نجحن من خارج الكوتة النسائية عددهن قد لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. والصورة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية 2006 لم تكن بعيدة عن هذا الواقع الانتخابي المرير للمرأة الفلسطينية والذي يعكس جزء كبير من واقع المرأة العربية، وأكدت النتائج عدم استفادة المرأة بشكل عام والقيادات والمؤسسات النسوية بشكل خاص من التجربة الفلسطينية أو من غيرها من التجارب العربية من أجل المحاولة للنهوض بواقع المرأة العربية، وجعلها تأخذ دورها الطبيعي في قيادة المجتمع والوصول لمواقع القرار بجهودها الذاتية. ولم تحصل المرأة الفلسطينية على غير المقاعد النيابية التي منحتها لها الكوته النسائية وفق المادة الرابعة من قانون الانتخابات العامة رقم (9) لسنة 2005م، وكان عدد النساء اللواتي خضن الانتخابات خارج الكوتة النسائية (11) امرأة فقط، ورغم هذا العدد القليل من المرشحات قياساً بحجم المرأة في المجتمع الفلسطيني لم تفز أي منهن، في الوقت التي شكلت فيه المرأة الفلسطينية ما نسبته 47.5% من مجموع المسجلين في سجل الناخبين الفلسطيني، والذي شمل على 1,392,232 ناخب، ونسبة النساء اللواتي شاركن فعلاً في الانتخابات لم تقل عن حجمهن في سجل الناخبين، حيث بلغت نسبة الاقتراع بين النساء حوالي 46% من عدد المقترعين العام.

وحجم الخلاف على الأسباب والدوافع لهذا الواقع الذي تعيشه المرأة العربية في الانتخابات والنتائج السلبية التي تحصدها أكبر بكثير من حجم النقاش والخلاف على مدى منطقية الكوتة من عدمها، واختلاف الأسباب تأتي حسب المصدر والجهة التي تتبنى هذه الأسباب، فالقطاع النسوي يحمل المجتمع العربي كافةً مسئولية الواقع الذي تعيش من حيث عدم نيلها لحقوقها وعدم شغلها المناصب العليا، وعدم تحقيق نتائج طيبه في الانتخابات، كون المجتمع العربي هو "مجتمع ذكوري" في ثقافته، ولا يفسح المجال أمام المرأة لأخذ دورها، متناسية المرأة العربية أنها تشكل نصف المجتمع إن لم تكن أكثر، مما يعني أن فاعليتها وتأثيرها في مجرى الأحداث يفترض أن يوازي تأثير الرجل إن لم يتفوق عليه، وعليها أن لا تسمح لأي كان من أن يسلبها هذا الحق في التأثير ورسم السياسات، مما يرجح عامل القصور الذاتي لدى المرأة والمؤسسات النسوية الراعية لها في تحقيق النهوض بها من هذا الواقع الذي تعيش، وإن نصرة المرأة للمرأة تكفي للنهوض بحالها، ولن تحتاج" المجتمع الذكوري" لمساندتها، ولا يستطيع منعها أحد من أخذ دورها، ولكن لجوء المرأة لتحميل المجتمع ذو "الثقافة الذكورية" مسئولية تراجعها هو بهدف عدم تحمل مسؤوليتها الحقيقية في هذا الجانب ورغبةً في عدم الاعتراف بفشلها، وعدم قدرتها على تجنيد بنات جنسها من مناصرتها ودعمها، وتسعى باستمرار لاختلاق مبررات الفشل بدلاً من السعي لإيجاد حلول لهذا الواقع لتسهيل الأمر على نفسها، وإلقاء الكرة في ساحة الآخرين ظلماً وجزافاً.

وهذا الواقع الذي تحياه المرأة العربية في موضوع الانتخابات بشكل خاص وحقوقها بشكل عام مرده لعامل آخر وهو فشل المؤسسات النسوية وقياداتها من تحديد سلم أولويات واهتمامات منطقي وواقعي تمكنها من خلق قيادة حقيقية للقطاع النسوي، قادرة على إقناع المرأة بدعم المرأة، وفي حال توفرت مثل هذه القيادات النسوية الحقيقية سيكون المجتمع برمته في صفها ويدعمها برجاله ونسائه، هذا ناهيك عن أن جزء من القيادات النسوية هي ليست قيادات نسويه حقيقية بل سيدات مجتمع يأخذهن موضوع القيادة من باب تحقيق مصالح ذاتيه في الظهور والشهرة على حساب المصالح الحقيقية للمرأة التي من المفترض أن تمثل هذه القيادات النسوية مصالحها وهمومها وتعمل على حل مشاكلها، هذا ناهيك للنقاش الخاطئ لبعض هموم ومشاكل المرأة، وكذلك الخوض في نقاش أمور وقضايا تخالف أساسيات المجتمع الذي نعيش فيه من النواحي الفكرية والعقائدية.
وإذا أردنا أن نكون أكثر صراحة ودقة قي قراءة أسباب فشل المؤسسات النسوية في أخذ دورها الحقيقي في المجتمعات العربية يمكننا القول أن السبب الحقيقي هو أنها ليست هي (المؤسسات النسوية) من يقوم بتحديد أجندة عملها ونشاطها، فالممول لهذه المؤسسات النسوية وحتى غير النسوية في العالم العربي كافةً هو من يحدد لها برامجها ومشاريعها وفق رؤيته هو وليس وفق احتياجات المجتمع الفعلية العاملة به هذه المؤسسات.

وفي نفس السياق لا يمكن لواقع المرأة في المجتمع العربي من التطور والتغير نحو الأفضل ما لم ينظر القطاع النسوي إلى مشاكله كجزء من كل، فهناك الكثير من القضايا التي يعاني منها الجنسين في المجتمع العربي ذات علاقة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بالتالي دون تحقيق عنصر الشراكة بين المرأة والرجل لن يتغير واقع المجتمع العربي بشكله العام ولا واقع المرأة بشكله الخاص.

قلة عدد النساء في مراكز إتخاذ القرار
لغة الأرقام لا تعرف الكذب أو المبالغة ولذلك فهي أفضل مدخل لموضوع يتسم بالتشعب والتعقيد حيث تشير الإحصاءات تبعا لمصادر اتحاد البرلمانات الدولي إلى أن نسبة النساء في مقاعد البرلمان في تونس 5.11% وسوريا 4.10% والسودان 7.9% والعراق 6.7% بينما لا تتعدى في مصر نسبة 4.2% ولبنان 3.2% والأردن 3.1% والمغرب 6.0% . الصورة العامة كما أوضحت الأرقام قاتمة ولكنها تزداد قتامة إذا قربنا العدسة لنلقي نظرة على كل دولة على حدة. في بيروت ذكر الباحث اللبناني خليل الصغير في دراسة أعدها عن المرأة ودورها في السياسة اللبنانية أنه وعلى الرغم من أن لبنان كان أول بلد عربي يعطي المرأة حق الترشيح والتصويت عام 1952 إلا أن الأمر توقف عند هذا الحد ولم تستطع المرأة اللبنانية إلا في حالات نادرة وكوريثة لزوج أو أب أو أخ أن تجد لها موقعا في نادي السياسة اللبنانية ودون أن تستطيع بناء شخصية سياسية أو قيادية مستقلة. ويكفي النظر إلى مجموع النساء اللبنانيات العاملات في الحقل السياسي أو الحقول العامة الأخرى لندرك مدى الهوة بين الصورة النمطية المنتشرة عن تحرر اللبنانية من التقاليد الذكورية المتسلطة وقدرتها على أن تكون فردا منتجا ذا شخصية مستقلة. الوضع ليس أفضل كثيرا في باقي الدول العربية كما وضحت الأرقام رغم تبني عدد من الدول لنظام الحصص "الكوتة". ففي مصر قالت السفيرة سميحة أبو ستيت مستشارة المجلس القومي للمرأة ان نسبة المشاركات في مجلس الشعب 4.2% وفي مجلس الشورى 7.5% وهي نسبة ضئيلة للغاية.. وما زالت مشاركة المرأة السياسية تحتاج إلى عمل جاد، ولذا فإن أحد اهتمامات المجلس هو تأهيل المرأة لخوض المعترك السياسي. فهل يحل نظام الحصص المشكلة ولو مؤقتا؟
تقول الدكتورة فاطمة خفاجي عضو المجلس القومي للمرأة في مصر.. ان هذا النظام ليس معمولا به في الدول العربية فقط وإنما هناك 77 دولة في العالم تأخذ بنظام الحصص للمرأة من خلال أشكال مختلفة من التطبيق منها ما ينص عليه في دستور الدولة ومنها ما ينص عليه في لوائح الوزارات.. وهناك النسبة التطوعية التي تتبناها بعض الأحزاب السياسية عند ترشيح النساء في قوائم الانتخابات. لكن هذه النسبة لا تكفي لضمان حق النساء في المناصب العليا.. ففي المغرب طلبت المنظمات الأهلية تخصيص نسبة من قوائم الترشيح للمرأة فرفض مجلس الشعب.. فعملت المنظمات على إقناع الأحزاب بإدراج المرأة ضمن قوائمها بنسبة معينة في وثيقة شرف.. ونجح الأمر بدخول 35 سيدة للبرلمان لأول مرة.. لكن تراجعت النسبة في انتخابات المحليات التالية مما يجعل هناك حاجة لقانون يثبت حق النساء في مقاعد محددة ولتكن 25% من المقاعد لأن المرأة لا تستطيع التنافس في المعركة الانتخابية مع الرجل كما أثبتت التجارب بالإضافة إلى أن المرأة نفسها لا تثق بالمرأة ولا تشجعها. الدكتورة فخرية الديري واحدة من ست بحرانيات دخلن مجلس الشورى بالتعيين تقول: "لم يفزن ربما لأنها كانت التجربة الأولى ولم يكن الناخبون على ثقة من أن المرأة ستكون على قدر المسؤولية. والسبب الثاني في اعتقادي هو أن المرأة لم تعط صوتها للمرشحات.. فعدد النساء في البحرين يصل إلى أكثر من نصف تعداد السكان.. ولو أعطين أصواتهن للمرشحات لفزن بالتأكيد. وهناك سبب ثالث وهو أن النساء لم يكن مستعدات، فلم تكن هناك آلية تحضرهن قبل ترشيحهن". ومن الأردن تؤيدها سناء المصري رئيسة إحدى الجمعيات الخيرية قائلة: "المرأة نفسها عدو المرأة وهى السبب وراء عدم فوز المرشحات في الانتخابات". إلا أن سناء ترفض تعميم مقولة أن المرأة توضع في المراكز السياسية أو القيادية كمجرد ديكور، ففي بعض الدول العربية يصدق هذا القول وفي البعض الآخر يتم ذلك بناء على إيمان فعلي بأهمية المرأة وقدرتها وفعاليتها. وتوافقها على هذا الرأي النائبة الأردنية حياة المسيمي التي تعتقد أن البيئة العربية وراء عدم إعطاء المرأة فرصتها.. وتؤكد أن هناك بعض الدول تحدد نسبة من المقاعد في مجالس الشعب للنساء خضوعا أو استجابة للضغوط الدولية.
تؤكد الوزيرة المغربية نزهة الشقروني أن نظام الحصص يعتبر مرحلة ضرورية في إصلاح أوضاع المشاركة النسائية في الحقل السياسي الوطني لأنه يعتبر آلية وليس هدفا في حد ذاته ومن خلاله نسعى إلى التطوير التدريجي لمساهمة النساء على كافة مستويات مراكز القرار الإداري والسياسي. الدكتورة نجوى كامل مديرة مركز أبحاث المرأة بكلية الإعلام جامعة القاهرة تتفق مع هذا الرأي وتناقشه قائلة: "قد يحدث في بداية تطبيق قانون تخصيص مقاعد للنساء أن تصل للمقعد من لا تستحقه ولكن هذا لا يجعلنا نتراجع عن المطالبة بتلك النسبة لأن مشاركة من ليست على الكفاءة المطلوبة يمكن أن يجعلها تتدرب على هذه المناصب التي ظلت بعيدة عنها مما يكسبها قدرا كبيرا من المهارات المطلوبة. وتدلل الدكتورة نجوى على أهمية تخصيص مقاعد للنساء بقولها: "في الفترة من 1979 وحتى 1987 كانت الحصة المقررة للمرأة في مصر 30 مقعدا من مجمل 444 مقعدا بالإضافة إلى فتح الباب للمشاركة أيضا في المقاعد الباقية من خلال الانتخابات.. ولهذا وصلت 38 سيدة إلى مقاعد البرلمان خلال العمل بنظام الحصة.. ولكن فور التراجع عن الأخذ بهذا النظام لم يتعد عدد اللائي استطعن دخول المجلس في الدورة التالية 18 سيدة ووصلن في آخر دورة سنة 2000 إلى 11 سيدة فقط من بينهن 6 بالتعيين المباشر من رئيس الجمهورية.

وعلى الرغم من أن السعودية تعد من البلدان التي لم تهيئ بعد مقاعد للمرأة في البرلمانات للمشاركة المحلية أو الدولية إلا أن الدكتورة لبنى الأنصاري عضوة اللجنة التنفيذية لحقوق الإنسان والأستاذة المشاركة في كلية الطب بجامعة الملك سعود بالرياض. من رأيها أن تحديد نسبة من المقاعد للنساء هو إيمان حقيقي بأهمية دور المرأة ورغبة صادقة في أن تتم مشاركتها في العمل السياسي بتأن وعلى نحو تدريجي مقبول لدى المجتمع. وأضافت: "هناك من يرى أن تحجيم دورها بمقاعد محدودة هو إهانة لها لأنه تمثيل غير كاف لا يعبر عن وزنها وثقلها في المجتمع ولكني أنظر إلى إيجابيات هذا الوضع.. وأرى أنها خطوة مرحلية جيدة لتدريب المجتمع ككل، نسائه ورجاله على أن وجود المرأة في الحياة السياسية التشريعية والتنفيذية أمر طبيعي وضروري.. وعندما يقتنع المجتمع بذلك ويتجاوز المعوقات النفسية والاجتماعية التي تحول دون تقبل المرأة في المجال السياسي سيرشحها وينتخبها تلقائيا وبالتالي تنتفي الحاجة إلى هذه الخطوة المؤقتة". وللباحثة السياسية والكاتبة السعودية الدكتورة وفاء عبد الله الرشيد من المنطقة الشرقية بالخبر رأي آخر تشرحه قائلة: "إذا أردنا تناول الموضوع من الناحية التاريخية فالسبب في ندرة النساء في الساحة السياسية يعود إلى دخولها مجال التعليم متأخرة عن الرجل.. وإن كان الحديث يدور عن المرأة السعودية فليس لدينا برلمان ومجلس الشورى لا يسمح فيه بمقعد للمرأة وإن كان يحرص على استشارة النساء خارجه في كل الأمور". وترى الرشيد أنه رغم نجاح المرأة في عدد من البلاد العربية في الوصول إلى مقاعد الوزارة ومراكز القرار العليا ومقاعد البرلمانات إلا أنهن يواجهن معوقات كثيرة تمنع ظهور ثقلهن الاجتماعي.. ويزداد الموقف صعوبة عندما نأخذ في الحسبان الموروثات الاجتماعية التي لا تساندها. ومن رأي الدكتورة وفاء أن ارتفاع نسبة سقوط المرشحات من النساء لا يقتصر على وطننا العربي بل يحدث ذلك في العالم كله "لأن المواقع السياسية كانت في وقت من الأوقات حكرا على الرجال مثلها مثل غيرها في الكثير من المهن.. ولكنني متأكدة أنه مع الوقت سيتغير هذا الوضع.
ضرورة وأهمية نظام الكوته النسائية

لقد كان السودان ومنذ الاستقلال يتبع نظام الانتخاب الفردي المباشر، وقد كان من رأي اللجنة الأهلية أن ذلك النظام له سلبيات كثيرة أهمها انه يمكن من التلاعب في توزيع الدوائر الجغرافية الصغيرة ويؤدي الى فوز نواب يكونوا مدينين لناخبيهم بصورة مباشرة فيصبح النائب أسيراً لمطالبهم وتحقيق مصالحهم ويضعف الدور الرقابي والتشريعي للنواب في ظل استغراقهم وإضاعة وقتهم في الجري وراء المصالح الشخصية والطلبات الخاصة لأبناء الدوائر. وفوق كل هذا وذلك فأنه يؤدي الى فقدان عدد كبير من الأصوات فالنائب يفوز بالاغلبية البسيطة وفي حالة تعدد المرشحين فأن اصوات من لم يفوزوا تضيع هدراً وقد تكون في مجملها اكبر او ضعف اصوات النائب الفائز. ولذلك كان من رأي اللجنة تعديل ذلك النظام ليس بركله وتركه كلية بل بأن يدخل معه نظام القائمة بالتمثيل النسبي.
الآليات والضمانات القانونية التي تسمح بمشاركة وتمثيل المرأة في مؤسسات الدولة.
الموجهة الأول:- الدستور وهي المواد المتعلقة بالحريات (الحرية الشخصية، التعبير، التنظيم، الديمقراطية، وما إلي ذلك).
الموجه الثاني:- الإتفاقيات الدولية لأنه في المادة (27) كل الإتفاقيات التي صادق عليها لابد أن تكون واحدة من موجهات قانون الإنتخابات، وقانون الإنتخابات لابد أن يكون واضح وشامل ويمتاز بالشفافية ويراعي حقوق المرأة، المادة (32) تتحدث عن التميز الإيجابي، وهو لا يخص الإنتخابات فقط، نقصد به جميعها، عكس مشاركة المراة وتمثيلها في كل المؤسسات (مؤسسات الدولة).

الكوتة النسائية
الكوتة النسائية في قوانين الانتخابات في المجتمعات العربية شغلت حيزاً لا بأس به من نقاشات القانونيين والسياسيين ومؤسسات المجتمع المدني النسوية منها وغير النسوية، وتباينت وجهات النظر بين معارض لها من منطلق مبدأ المساواة بين جميع أفراد المجتمع، ومنح الجميع فرص متساوية للمنافسة والوصول لمواقع التشريع ومواقع صنع القرار في مؤسسات الدولة المختلفة. ومقابل وجهة النظر المعارضة لمبدأ الكوتة النسائية في قوانين الانتخابات العربية، هناك وجهة نظر تعتبر أن وجود الكوتة النسائية في القوانيين والأنظمة الانتخابية ضرورة أساسية لحماية المرأة وحقوقها في المجتمعات العربية الغالبة عليها صفة "الذكورية"، والمناهضة لنيل المرأة لحقوقها، والأطر والمؤسسات النسوية هي الداعم الرئيس لهذه الفكرة بالدرجة الأولى.
ماهي الكوتة النسائية؟
الحصة أو الكوتة هي تخصيص لمجموعة معينة من الفئات لضمان تمثيلها في مؤسسة ما. أو الكوتة تخصيص سلعة أو خدمة لمجموعة محددة أو بكمية محددة. الحصة إذن وسيلة للتخصيص وعادة ما تكون وسيلة تخصيص لزيادة تمثيل المستضعفين أو الذين يتم تميز مجتمعي ضدهم وذلك من أجل تحقيق العدالة الإجتماعية والسلام الإجتماعي. أما في شأن الكوتة في العمل السياسي والانتخابات للبرلمانات يجوز أن تكون الكوتة وسيلة تخصيص لزيادة الهيمنة أو الإقصاء بمنح مجموعة مميزة معظم فرص التمثيل في النظام النيابي وهذا أمر شاذ ولكنه قد تم إستخدامه بدرجة ما في السودان في نظام الخريجين وقانون الإنتخابات لعام 64 و 86 ولكن عادة ما تعارف علي نظام الكوتة حديثاً في التمثيل النيابي علي أنها وسيلة لتوسيع فرصة المشاركة للمجموعات الأقل حظاً في التمثيل عن طريق المنافسة الحرة المتساوية لمنح تلك المجموعات فرصاً أفضل. والكوتة للنساء تستخدم كوسيلة لإحداث العدالة والسلام الإجتماعي أكثر منها لتميز الصفوة فهي وسيلة لتخطي الغبن التاريخي والتميز وذلك لاحقاق الحق الذي هضم لأسباب ثقافية ومجتمعية. اذن الحصة للمرأة ليست تميزا وانما انصافا. منذ نهايات القرن الماضي "العقدين أو الثلاث عقود الأخيرة" ظهرت فكرة إدخال نظام الكوتة "التخصيص" من أجل زيادة نسبة تمثيل النساء في المستويات المختلفة في المؤسسات التشريعية – سواء أكان علي المستوي البرلماني القومي أو الولائي أو المحلي في عدد من دول العالم سواء ذات الديمقراطيات الراسخة منها السويد والدنمارك أو غيرها من الدول الافريقية والعربية وهناك أسباب عديدة تؤدي الي ضرورة إتباع الكوتة.
نتيجة لتجربة النساء في الانتخابات السابقة، وكذلك الاطلاع على تجارب إقليمية مجاورة، نجد انه زاد الاقتناع لدى الرأي العام بضرورة تخصيص حصة للنساء في الانتخابات القادمة، حيث دلت استطلاعات للرأي في الأردن وفلسطين على نسبة تأييد حفظ حصص للنساء في البرلمان تزيد على 66% من المواطنين. وهناك العديد من الفعليات النسائية التي كانت تعارض الكوتا النسائية سابقا وافقت عليها كحل مرحلي مؤقت.
إن النظام الانتخابي الذي يقوم على أساس نظام الأغلبية لا يشجع النساء على المشاركة في الترشيح ولهذا عشية الانتخابات وبعدها ظهرت الأصوات العديدة التي تنادي بوجود "كوتا نسوية" في البرلمان، أي في النظام الانتخابي، وأن الأصوات المعارضة "للكوتا" النسوية إذ تعتبره تمييزاْ ضد المرأة، ولكنه كما أشرنا سابقاْ بأن اتخاذ إجراءات مؤقتة تهدف للتعجيل بالمساواة لا تعتبر تميزاْ. إن مشاركة المرأة ووصولها الى البرلمان ضرورة وطنية و مجتمعية، حيث تستطيع النساء أن تدافع عن نصف المجتمع، وفي غياب التمثيل لنصف المجتمع يكون "المجلس النيابي"، أو التشريعي فاقداْ لجزء من شرعيته.
الأسباب التي يعترض بها علي قبول الكوتة في نظام الدوائر
الكوتة عن طريق تخصيص دوائر جغرافية خاصة للمرأة ليتنافسن عليها، وهذه الكوتة لها إشكاليات:
* أولاً وهو تخصيص وتميز الحق في دائرة إضافية ضد كل الرجال مهما إختلف وضعهم وهذا فيه عدم عدالة إجتماعية – يصبح للمرأة الحق في المنافسة العادية إضافة الي دوائر خاصة.
* ثانياً سيجعل هذا النظام للناخب ثلاث اصوات اذا تم قبول النظام المختلط اذ ينتخب الشخص عبر القائمة والدوائر العامة والدوائر المخصصة للنساء وهذا قد يخلق مشكلة اذا نص علي أن للناخب صوتين.
* ثالثاً كيف يتم تحديد الدوائر المخصصة للنساء ومن يحدد ذلك؟ هل الدوائر المخصصة للنساء في كل الولايات أو في ولايات محددة فاذا كان في ولايات محددة مبني علي قاعدة التميز لمناطق الوعي دون غيرها والتميز لمن هم مميزين هو إشكالية التعارض مع مبدأ العدالة الإجتماعية وتحقيقها. وهي طريقة لم يتم تجربتها من قبل ولا يعرف كيف يتم تحديد الدوائر وحدودها وكيف يحدد عدد الناخبين؟ وهل هي دوائر مخصصة علي مستوي الاقليم/الولاية/القومي؟. ان تكون حصة 30% في دوائر المحليات مخصصة للمرأة وينص في القانون علي انه يجوز التدرج في ادخال نظام الحصة علي الدوائر الجغرافية علي المستوي الاقليمي والولائي والقومي لاحقا.
* رابعاً إن الدوائر المغلقة للنساء أو القوائم الخاصة بالنساء تجعل النساء ينقسمن فيما بينهن كنساء و يهمش الحركة النسوية ويفتنها مستقبلاً – كذلك يضعف من إمكانية تحالفهن في بؤر داخل البرلمان للضغط علي قضايا وقوانين خاصة بالمرأة كما وأنها أما أن تجعل النساء ينحصرن في برنامجهن في قضايا المرأة فقط دون قضايا الوطن وهذا فيه إشكالية إضعاف قدرات المرأة كبرلمانية.
واذا تقدمت النساء في دوائرهن ببرنامج لكل قضايا الوطن أصح بذلك حزباً سياسياً نسوياً وهذا يتنافي مع قانون الأحزاب بعدم الإقصاء وإغلاق الحزب لفئة واحدة دونما غيرها. واذا تبنت المرشحات برامج حزبية معينة وترشحن كممثلات لتلك الاحزاب حدث ما نخشاه اعلاه.
* خامسا هناك اشكالية عدم قبول الناخبين في بعض مناطق السودان لترشيح النساء بحسبان الذهنية والعقلية التي تري المرأة شخصا غير مناسب للعمل السياسي وقد يتم رفض هذا المقترح من قبل مجموع الناخبين او الزام احزابهم بعدم قبول المقترح او عدم وجود مرشحات من المنطقة مما سيؤدي الي ان تترشح في الدائرة امرأة من خارج المنطقة وهو أمر غير مرغوب فيه بدرجة كبيرة.

وهذا يعني أن هناك مشاكل متعددة في مسألة الدوائر الجغرافية المغلقة للنساء ولكن اذا اريد تخطيها ، حيث يمكن ان ينص على الاتي: تخصيص 25% من الدوائر الجغرافية علي المستوي القومي للنساء علي ان تخصص في كل عاصمة ولاية دائرتين للمرأة وبالعاصمة القومية بكل من مدنها الثلاث دائرتين للمرأة وهذا يجعلنا نتحصل علي عدد 54 مقعدا تمثل 25% تقريبا من الدوائر الجغرافية بالبرلمان القومي وهذه تمثل 12% من جملة البرلمان واذا اضيف اليها 30% بالقائمة لتكون 15% من مقاعد البرلمان تكون حصيلة المقاعد للنساء هي 27% أدناه: في المجلس القومي ويلاحظ هنا التحيز الذي ابديته في التوصية رغم المحازير التي ذكر منه. واعتقد سيتم تحيز الصفوة لتمثيلهم اكثر من فتح المجال للجميع. ان تكون حصة 30% في دوائر المحليات مخصصة للمرأة وينص في القانون على انه يجوز التدرج في ادخال نظام الحصة علي الدوائر الجغرافية علي المستوي الاقليمي والولائي والقومي لاحقا.
الأسباب التي دعت النساء لطرح أسلوب الكوتة
1- إن وضع المرأة المجتمعي لا يزال يكتنفه إشكاليات العقلية الذكورية التي تري في المرأة إنساناً غير قادر علي تحمل المسئوليات العامة، واتخاذ القرار والتفكير السليم وأنها ناقصة في كل قدراتها ولذا وجب أن يتولي العمل النيابي الرجال لأنهم الأكفأ - بالرغم من أن هناك من يتميزن علي العديد من الرجال ونسبة لإحتمال إنتصار التيار الأول صاحب الفكر التقليدي الذكوري المهيمن كان لابد من إحتوائه عبر نظام يؤدي الي تأكيد المساواة وإستمتاع المرأة بحقوقها المنصوص عليها في الدستور.
2- نسبة لأن المرأة أظهرت كفاءة وتميز في الدراسة والعمل والأسرة والعطاء المجتمعي لابد من عدم إقصاء حقها الأصيل شرعاً ودستوراً عن طريق عدم تفتح عقليات عديدة من الرجال وبعض النساء ولذا لابد من صيانة حقها عبر وسائل تؤدي الي ذلك وهي الكوتة.
إذن لاحتواء التيار المنغلق الذكوري المهيمن ولإحقاق الحقوق المكفولة للمرأة شرعاً ودستوراً وممارسة في مجالات عديدة لابد من الموافقة علي نظام الكوتة.
3- إن المرأة تمثل نصف المجتمع سكاناً ولقد شاركت في العمل السياسي وفي التصويت في كل الإنتخابات بدرجة كبيرة، ولها حضور واضح في مجال العمل وفي إنتاج الغذاء وتزايد عددها في دوائر الحكومة وفي الجامعات والمدارس وفي العمل الطوعي ومنظماته المتعددة وكذلك داخل الأحزاب وأصبحت لها أمانات متخصصة داخلها. وتزايد عدد النساء ربات الأسر واللائي يساهمن بدخلهن في الأسرة وكذلك تزايد عدد تمثيل النساء في البرلمان واللائي تم تعيينهن في البرلمان الحالي وصلت النسبة 14%. ولكل ذلك أصبح من المهم أن يتم ضمان تمثيلها بدرجة ملحوظة في الهيئات التشريعية "البرلمانات" المختلفة علي كل المستويات في المرحلة القادمة. عبر وسيلة تؤدي الي ذلك وخير وسيلة هي الكوتة المضمنة في قانون الإنتخابات.
4- إن عدم تخصيص كوتة للمرأة في التجربة النيابية بالإنتخابات الحرة كانت نتيجته أن تقلصت نسبة تمثيل النساء لأدني مستوي 04% أو أعلاها % 5 لأسباب عديدة أهمها عدم منح الأحزاب فرصة كافية للنساء في خوض الإنتخابات سواء أكان في قائمة الخريجين أو الدوائر الجغرافية. وكذلك في البرلمان بالتعيين لم يتم رفع مستوي التعيين حتي الي 15 % وحتي البرلمان الحالي بعد إتفاقية السلام الشامل لم يصل بالتعييين نسبة تذيد عن 14%، إذن إن عدم التخصيص حتماً سيؤدي الي تقليص تمثيل النساء في البرلمان.
5- ان تطبيق الحصة هو جزء من عملية تنموية شاملة للانسان وللمجتمع فهي وسيلة لكي نؤدي الي احداث تغيير في علاقات القوة بين المرأة والرجل بتحفيز المرأة الي خوض مجال العمل السياسي الحزبي وولوج الانتخابات كمرشحة والي احداث تغيير نوعي في المرشحات البرلمانيات القادرات علي طرح قضايا وهموم المرأة واجازة التشريعات والميزانيات والبرامج التي تحتاج لها المرأة وللتصدي الي قضايا الفجوة النوعية والثقافة الذكورية التي تتربص بالمرأة لتقعدها وتقلل من قدراتها وفرصها وتطورها وكذا للتصدي للمشاكل المتعلقة بالاحتياجات الاساسية التي تعاني المرأة من شحها أو عدمها والتصدي للاشكاليات ذات الخصوصية بالمرأة من امومة وزواج قصر او ختان اناث وعنف وقضايا أخري مثل السلام والتنمية الشاملة العادلة والمحافظة علي البيئة ومكافحة الايدز والعلاقات الدولية المتوازنة وعدم التطرف.
6- ان الحصة يراد منها ضمان وصول النساء الي مراكز اتخاذ القرار وقد عملت بها عددا من الدول العربية، ففي المغرب ذادت نسبة البرلمانيات من 1% قبل نظام الحصة الي 11% بعد الحصة، وفي الاردن وتونس ارتفعت من نسبة 6.8% الي 11.5%، وفي العراق ارتفعت النسبة الي 25% وفي موريتانيا وصلت الي 14%. كلها دولا عربية اتخذت نظام الحصة واستخدمت الحصة ايضا في النظام الانتخابي المحلي مما ذاد من عدد النساء في المحليات وفي مثال فلسطين نجد ان النظام الانتخابي كان مختلط بين الدائرة والقائمة وان النساء اللائي ترشحن في الدوائر لم تفز أي واحدة في حين انه عن طريق الحصة بالقائمة فازت 24% من النساء واصبحن يمثلن 12% من مقاعد البرلمان في حين كانت نسبتهن قبل الحصة 5.6%. كذلك دولا افريقية مثل يوغندا ورواندا وصل تمثيل النساء في البرلمان الي 42% عن طريق تبني نظام الحصة وفي جنوب افريقيا وكينيا حديثا اعتمدت نظام الحصة. وحتي في الديمقراطيات الراسخة في أوروبا اعتمد نظام الحصة في الدنمارك والسويد وحينما بلغ التمثيل الي نسبا فاقت ال40% تم التخلي عنها وذلك لأن المرأة اصبحت لا تحتاج الي حصة واستطاعت ان يتم تمثيلها الي اكثر من 50% عن طريق المنافسة الحرة.
اذن يمكن ان تعتبر الحصة هي وسيلة مؤقتة استثنائية يمكن ان يتم التخلي عنها بعد فترة من الزمان. وعليه فان السودان يكون أحد هذه الدول العديدة ولن يكون قد قام بأمر شا أو لم يتم تطبيقه أو لم تكن له نتائج ايجابية.
تمثـيل المـرأة السودانية فى الأنتخابـات
تعتبر المرأة السودانية رائدة من رائدات العمل الاجتماعي والاقتصادي والسياسى ، وارتبط العمل السياسى النسوى بالمرأة المتعلمة فى السودان وافتتحت اول مدرسة فى السودان لتعليم البنات سنة(1907)م، على يد المربى الكبير الشيخ (بابكر بدرى) وكان (28) من رائدات العمل العام من المتعلمات، تكونت اول الاحزاب السياسية السودانية فى منتصف الاربعينات وكانت عضويتها مقتصرة على الرجال فقط وفى المقابل تكونت اول جمعية نسوية للنهوض بالمرأة(1943)م كونتها(فاطمة طالب)، باسم المفكرات المثقفات السودانيات كانت اول تنظيم يجمع شتات المراة، وفى العمل النقابى اول اتحاد معلمات تكون سنة(1949)م بقيادة الاستاذة (انفير مليين)، وفى عام (1952)م تكون الاتحاد النسائى السودانى كأول تنظيم نسائى يطالب بحقوق المرأة فى التعليم والعمل والمشاركة السياسية وقد شاركت احدى عضواتها فى اللجنة التى وضعت اول دستور موقت للسودان(1956)م. فى سنه(1955)م منحت المراة السودانية المتعلمة فقط حق الانتخاب لذا كان المشاركات(12) إمرأة فقط واللواتى كان تعليمهن قد وصل لمرحلة الثانوى(1953)م فى اول انتخابات، فى عام(1964)م، منحت المرأة السودانية حق الانتخاب والترشيح، عام(1965)م دخلت اول امرأة البرلمان وهى الاستاذة /فاطمة أحمد ابراهيم، عام(1971)م تم تعيين اول وزيرة دولة للشباب الاستاذة/ نفيسة أحمد الامين، عام(1974)م. وفى عام(1974)م ارتفع عدد البرلمانات الى(12) إمرأة من المجموع الكلى للبرلمان(250) عضواً، كما تم فى نفس العام تعيين اول رئيس لجنة فى البرلمان.لقد طفرت إلمرأة السودانية طفرة قوية جداً أصبحت أول رئيس حزب سياسى فى السودان الاستاذة هالة عبد الحليم ثم الدكتورة آمنة ضرار.
وعلي الرغم من ذلك ظلت المرأة السودانية مغيبة قرابة خمسين عاماً من دون نشاط فى العمل السياسى والانتخابى ، كل الانتخابات الرئاسية كانت غائبة فيها، اول انتخابات سنه(1948)م، لم تمثل فى الجمعية التشريعية او بها وفى انتخابات(1953)م، وهى اهم انتخابات فى السودان الحديث لانها شكلت فترة الحكم الذاتى المرأة ليس لديها حق والنص المكتوب علية(Every Sudanese Male) كل الوصم والعار جاء من كلمة (Male)، ولاول مرة تذكر الصفة (صفة النائب او المرشح) فظلت كلمة(Male)، مستمرة حتى ازيلت فى عام (1964)م بعد اكتوبر، وبمفترض النص فالمرأة السودانية لاكانت ناخبة خرجت الخريجات فى ذلك الوقت فى مسيرة احتجاجية للسيد (السيكو مارتن) رئيس لجنة الانتخابات وقلن (نحن المتعلمات) فتجاوز القانون اللوائح واتخذ من سلطتة التقديرية مخرج وسمح للنساء الخريجات يصوتن، والمشكلة أن المعلمات صوتن من دار الخريجين دون ان يسمح لهن هن انفسهن بالتصويت فى الدوائر الخريجية، دون اى سند من القانون فى انتخابات دوائر الخريجين سنه (1953)، بعدها لم يمتلك احد الشجاعة والجراءة مثل (سيكو مارتن) أن يتجاهل النص الذى يتكلم عن المرأة مثل الذكر وليس لدى المرأة أى طريقة للانتخابات (1957-1958-1968)م وفى كل الانتخابات اللاحقة جاءت اكتوبر، واكبر أنجاز لها اعطت المرأة الحق السياسى كامل مرشحة وناخبة وبالرغم من هذا النص ورغم اكتوبر ورغم القوانين لكن المرأة لم تمارس دورها كامل لأن الريف بنظرتة التقليدية ظل يعترض فى اماكن آخرى من السودان رفض الرجال للمرأة ان تصوت او تترشح رغم انف اكتوبر وقانون الإنتخابات الجديد فظل النص مطبق فى المدن ومناطق الوعى فقط.

دخلت المرأة الجمعية التاسيسية عام(1965)م وعن دوائر الخريجين دخلت الاستاذة (فاطمة احمد ابراهيم)، ولها حق السبق والقيادة لانها أول أمرأة سودانية تدخل مملكة كانت حكراً على الرجال، أول صوت نسائى ارتفع فى مؤسسة كان صوت (فاطمة احمد ابراهيم) فى الجمعية التاسيسية التى انتخبت عقب اكتوبر فى انتخابات سنة(1965)، وبعد إنتهاء اكتوبر جاءت انتخابات (1968)م، لايوجد بها امرأة حتى جاءت مايو (1969)م، بغض النظر عن رآى الناس فى نظام مايو لكن بالنسبة للمرأة إن مايو قدمت خدمة كبيرة إيجابية للمرأة ونجد التوسع والتمثيل للمرأة فى مايو إتسع بصورة مأهولة جداً عن طريق الفكرة (تحالف الشعب العاملة)، لقد دخلت المرأة عن طريق كل المنظمات الجماهيرية دخلت عن طريق الشباب وعن طريق مجالس المعلمين وكل الدوائر الجغرافية وخصصت كوتة نسائية، لكل محافظه من محافظات السودان التسع عندها كانت تأتى بكوتة محددة، حسب التوسع والتمثيل النسائي فى مايو بصورة تجاوز اكتوبر نفسها وصلت المرأة السودانية منصب نائبة الوزير والوزيرة فى فترة مايو، إنتهت مايو وفى ابريل (1985)م، ألغى دستور (1973)م الذى توجد فيها الكوتات وتحالف الشعب العاملة كما جاء الدستور الانتقالى لسنه(1986)م، الدستور الانتقالى لم يعمل بنظام الكوتات، صحيح إحتفظ بالحق التاريخى للمرأة لكى تترشح وتنتخب، لكن لم يكن نظام الكوتة فى سنه (1986)م مثلما كان فى دستور(1973)م اذاً كيف للمرأة ان تترشح؟ المنفذ الرئيسى كان دوائر الخريجين فى سنه(1986)م، كانت توجد (28) دائرة للخرجين، المرأة كافحت فيها وخاضت وفازت إمراتان الاثنتان كانتا من الجبهة الاسلامية القومية، رغم ان الاحزاب جميعها دفعت بمرشحات لكن الفائزات فى دوائر الانتخابات عام(1986)م هما السيدتان (سعاد الفاتح وحكمات)، ثم جاءت جمعية تأسيسية فى نظام تعددى ليس نظام حزب واحد، ولكن فيه نظام حزب واحد وفيه أصوات نسائية.

وفي 30/يونيو/1998م، تم إلغاء دستور(1986)م، وبدأت الانقاذ تعمل بمراسم دستورية بلغ عددها 14 مرسوم، حتى حتى جاء دستور(1998)م وعمل به نظام الحزب الواحد(المؤتمر الوطنى)، ثم جاءت فكرة الاتحاد الاشتراكى ولا يوجد عمل سياسى خارج نطاق حزب المؤتمر الوطني، وكانت النساء تمثل عن طريق القطاع النسائى الحزب الحاكم يختار مرشحات، إستمر تمثيل المرأة فى أنظومة لحزب واحد فى المؤسسات النيابية التى انشأتها الانقاذ، حتى جاء دستور(1998)م، وعاد نظام الكوتة من جديد لآخر امرأة فازت فى دستور(1973)م، فالنظامين اللذين بداء شموليين مايو والانقاذ ها اللذين عملا بنظام الكوتة فى نص الدستور وكل الدساتير السابقة لاتعمل بنظام الكوتة أنها تعمل بمبدأ(One Man One Vote) لانه وجد اعتراض لنظام الكوتة وهى اعتراضات دستورية قانونية، أن الناس تتساوى فالمرأة التى تعطيها صوتين قد ميزتها لذا كثير من الديمقراطيات المتقدمة لا تقبل بنظام الكوتة يعتبر انه كالوصاية، لانه وضع غير طبيعى الشى الطبيعى ان المرأة بدون نظام كوتة تقاتل وتكسب الاصوات لكن هذه الكوته سند لشخص ضعيف حتى يقوم فهو وضع غير طبيعى ولا ديمقراطى ولا دستورى، لكن فى بلدان محافظة.
دستور سنه(1998)م، اعاد الكوتة مرة آخرى، وخصص (25%) من المقاعد وفى ذلك الزمن كانت (360) منها (90) للمقاعد الفئوية وفيها أعطى المرأة (35) مقعد ويوجد فيها زراع ومتعلمين خريجين وعمال وفيها اصحاب عمل وهكذا أعطى المرأة (35) دائرة من (90) وعمل بما يسمى (الانتخاب الخاص-اى نساء يصوتن لنساء)، يوجد انتخاب عام يمكن ان يقول انه يريد مقعد للنساء فقط يصوتون النساء والرجال، لذا واحدة من تحديات القانون الجديد للإنتخابات ان يستمر بالانتخاب الخاص، هل المقاعد التى خصصت للنساء يصوتن نساء فقط ام النساء والرجال، الانقاذ اختارت طريق الانتخاب الخاص، المقاعد التى خصصت للنساء يصوتن النساء فقط، وكل ولاية اعطيت حسب وزنها وكثافتها السكانية الكوتة، الان الوضع الجديد الدستور الحالى لسنه (2005)م، لايوجد فيه نظام كوتة، واحد من المكاسب الكثيرة للمرأة التى فُقدت فى الدستور الحالى عدم وجود كوتة للنساء اطلاقاً، ولا يوجد حديث الا عن المقاعد الجغرافية (الدستور وضع الموضوع لقانون الانتخابات)، لو الانتخابات الاتية لم تتضمن كوتة للنساء ترجع الفترة لسنة (1948-1953)م، يعنى لابد الان ما أغفلتة نيفاشا ودستور(2005)م، يلحق فى القانون القادم لقانون الانتخابات لابد من الحق التاريخى للمرأة ان يتم تحصيلة واذا تجاوز الدستور يتم تحصيلة بالقانون، صحيح القانون اقل قدسية من الدستور تعديلة اسهل لا يشكل ضمانة قوية اذا اختل التوازنات داخل النص التشريفة، الآن المرأة فقدت النص الذى كان يعطيها حماية كبيرة فى دستور سنة (1998)م، وتراجع موقفها القانونى من نص دستورى الى نص القانون بكل نقاط ضعفة، الآن نحن مواجهين بقانون جديد لانتخابات بمفوضية المراجعة الدستورية بدأو يطرحونه الآن، يقولون ماذا ترون أنتم؟ القانون الجديد يكون فى التمثيل النسبى وفى الكوتة، وفى القائمة يقولوا للناس احضروه لنا، الآن الفرصة الاخيره للمرأة تلحق ماسبقا وانها تقاتل معركتها الاخيره خندقها الاخير فى قانون الانتخابات الاتية، لان الدستور سبقها وليس من السهولة تعديل الدستورالآن ولم يمض علية عمر طويل. ولذا فان الحركة النسوية قد صدمت حين وجدت ان قانون الاحزاب جاء دون النص علي مسألة الحصة للنساء في مؤسسات الاحزاب أو لترشيح النساء وكان الامل معقودا ان يتم تدارك ذلك في مشروع قانون الانتخابات ، وكانت المفاجأة الصاعقة حينما خلت مسودة قانون الانتخابات للتداول من أي اشارة لحصة المرأة في الانتخابات وترك الامر في شكل فضفاض بجواز التمييز الايجابي للمرأة.
النظام الانتخابي في مشروع قانون الانتخابات السوداني
نصت المادة (13) من مشروع قانون الانتخابات على النظام الانتخابي علي الاتي :
(1) النظام في السودان نظام مختلط يجمع بين النظام الفردي ونظام الانتخاب بالقائمة على اساس التمثيل النسبي وذلك على النحو التالي : النظام الفردي المباشر على دورة واحدة ويفوز فيه المرشح الحاصل على اكثر الاصوات بالمقارنة بعدد الاصوات الحاصل عليها اي مرشح من المرشحين الاخرين حتى ولو كان عدد الاصوات التي حصل عليها اقل من 50%
(2) الانتخابات بالقائمة بالتمثيل النسبي يكون على النحو التالي: أولا- يكون الانتخاب بالقوائم الحزبية او لاي مجموعة تختار الاشتراك في قائمة واحدة ويجوز ان تكون القائمة بالدمج بين مرشحي اكثر من حزب واحد .
ثانيا - يجب ان تتضمن كل قائمة عددا من المرشحين يكون مساويا لعدد المقاعد المخصصة للولاية .
ثالثا - على الناخب ان يبدى رأيه بانتخاب القائمة باكملها وفق رمزها (القائمة المغلقة) دون اي تعديل فيها وتبطل الاصوات التي تنتخب اكثر من قائمة او تزيد او تحذف اسماء من القائمة .
رابعا - تقوم لجنة الانتخابات في كل ولاية بتحديد قوة المقعد وفق القاسم الانتخابي وهو الرقم الناتج من قسمة عدد الاصوات الصحيحة على عدد المقاعد المخصصة للولاية ، وبالتالي فان القائمة تفوز بعدد من المقاعد يساوى عدد مرات القاسم الانتخابي .
خامسا - يتم اختيار المرشحين الفائزين بالنسبة لكل قائمة وفق ترتيب الاسماء الواردة في القائمة .
(3) لا يحق للقوائم التي تحصل على اقل من 5% من مجموع الاصوات الصحيحة على مستوى الولاية الحصول على اي مقاعد وتعتبر اصواتها ضمن البواقي. .
(4) يتم تجميع الاصوات التي لم تمثل في القوائم بما فيها اصوات القوائم التي لم تحصل على 5% على مستوى الولاية ويتم اضافة تلك الاصوات للقوائم التي تحوز على اكبر البواقي وتخصص لها بموجبها المقعد او المقاعد المتبقية.
(5) اعتماد الدوائر الجغرافية لانتخابات المجلس الوطني (250) مقعد على انه يجوز للمفوضية تعديلها وفقا للتطور السكاني عما لا يزيد او ينقص عن 25% . .
(6) اعتماد مقاعد القائمة في السودان (250) مقعد على انه يجوز للمفوضية تعديلها وفقا للتطور السكاني بما لا يزيد او ينقص عن 25% .
في الاسبوع الاخير من شهر يناير 2008 خرجت علينا مفوضية الدستور للمجتمع السوداني بمشروع قانون هجين لم يأخذ بالنظام الفردي المباشر ولا بنظام القائمة ولا الجمع بينهما بل ابتدع نظاماً هو مسخ مشوه لا ينتمي لأي من الطرق الانتخابية المعروفة. ولقد كان واضحاً ان من قام بأعداد هذا المشروع قد هدف الى استبعاد نظام القائمة بالتمثيل النسبي واستخدم في ذلك طرق ماكرة ، تجعل تمثيل المرأة خصماً على نظام القائمة ، وتجاهل رأي الاغلبية العظمى للاحزاب بما فيها الاحزاب الكبيرة ان يكون النظام الانتخابي المقبل هو النظام مع تفاوت في تحديد النسب وقد كان الاقتراح الاكثر قبولاً ان تكون النسب: 60% للدوائر الجغرافية بالفردي المباشر، 40% للقوائم عن طريق التمثيل النسبي، وان تكون هنالك كوتة للمرأة قدرت بـ(25%) منذ بداياتها ، وان تكون القائمة بالولايات.

وعليه فقد كانت الخطوة الأولى نحو هدم النظام الانتخابي الجديد هي ان تكون النسبة المخصصة للمرأة اي الـ(25%) خصماً على نظام القائمة. ولذلك فقد صمم المشروع لتكون كوتة المرأة خصماً من الـ(40%) التي توافقت الأحزاب والقوى السياسية على تخصيصها لانتخابات القائمة بالتمثيل النسبي. وكمرحلة أولى فقد نزل بنظام القائمة الى نسبة (15%) ومن ثم انتقل للمرحلة الثانية وهي تجريد الـ(25%) نفسها والمخصصة للمرأة من عناصر ومقومات التمثيل النسبي. لقد جعل معد المشروع كوتة المرأة تبدو في مظهرها انتخاب بالقائمة ولكن في نتائجها وعملياً هي انتخاب فردي مباشر وذلك بما نص عليه في المادة 38(2) من المشروع حيث جاء فيها:
"تفوز القائمة النسائية الحاصلة على اعلى عدد من اصوات الناخبين الصحيحة في الولاية وتعتبر كافة المرشحات على تلك القائمة فائزات بعضوية المجلس التشريعي للولاية".
والمشروع بهذا النص قد عصف بنظام التمثيل النسبي واختار نظام يؤدي الى نفس نتيجة الفردي المباشر وذلك يجعل كل المرشحات على القائمة فائزات. ومعنى ذلك ان اصوات باقي القوائم قد راحت هدراً، وبهذه المحاولة البائسة والمكشوفة فقد هزم المشروع جوهر وأساس فكرة ادخال نظام القائمة بالتمثيل النسبي وجردها من فائدتها الأساسية وهي جعل الأصوات لا تضيع هدراً. وهو بهذا النص قد أضاف كوتة المرأة الى نسبة الـ(25%) الى الفردي المباشر لأن فوز جميع القائمة هو عملياً انتخاب عن طريق الفردي المباشر. تبقى من نظام القائمة والتمثيل النسبي ما نصت عليه المادة 34ج: من أن ثمانية وستون عضواً ينتخبون من القوائم الحزبية على أساس التمثيل النسبي. وقد كان لزاماً على معد المشروع ان يحقق اهدافه بالكامل لذلك لم يخنه التدبير ووجد وسيلة سهلة يمكن ان يعصف بها نسبة الـ(15%) المتبقية للتمثيل النسبي فهو لا يرضي بوجود حتى هذه النسبة الضئيلة للتمثيل النسبي ولابد من الاجهاز عليه وؤده تماما. وعندما نظر معد المشروع في اغلب الدول التي تطبق نظام التمثيل النسبي وجد أنها تطبقه عن طريق دوائر جغرافية اكبر من دوائر الفردي المباشر وعادة ما تكون تلك الدوائر ولايات او مقاطعات.
ولكن معد المشروع وجد ضالته في ايطاليا الفاشية وفي البرتغال عام 1933م وفي نظام اسرائيل الحالي فاسرائيل حالياً تطبق التمثيل النسبي بجعل كل دولة إسرائيل دائرة واحدة وليس لاسرائيل مشكلة في ذلك فهي دولة صغيرة ومتقدمة تكنولوجياً ولذلك فقد قام معد المشروع باقتفاء اثرها فقد نص في المادة 34(ج) على ان هنالك: "ثمانية وستون عضواً ينتخبون من القوائم الحزبية على أساس التمثيل النسبي القومي". لقد اضطر المشروع الى مسايرة اجماع الاحزاب في ادخال نظام التمثيل النسبي ولكنه في نفس الوقت يضع نصب عينيه هدفه الأساسي في القضاء عليه ولذلك ذهب الى ادخال المادة التي تجعل التمثيل النسبي قومي اي تجعل كل السودان دائرة واحدة وهو يعلم اتساع السودان جغرافياً وصعوبة المواصلات والظروف الامنية في بعض اجزائه والتخلف التكنولوجي لذلك وضع هذه المادة التي تجعل السودان دائرة واحدة للقضاء على ما تبقى من الفكرة. ان هذا النظام يجعل الانتخاب اشبه بالاستفتاء ويستحيل منه على الناخبين التعرف على جميع المرشحين.

وفي نفس الاتجاه يسير قادة المؤتمر الوطني الشريك الاساسي في الحكومة ، حيث جاء في صحيفة الصحافة الغراء العدد رقم: 5250 بتاريخ 2008-01-31 إن هناك منظمات نسائية حذرت من التغول على مقاعد المرأة فى قانون الانتخابات القادم بنظام القوائم القومية المشتركة مع الرجال، ووصفت ذلك بأنه لا يخدم مصلحة المرأة. وطالبت سامية احمد محمد، أمين أمانة المرأة بالمؤتمر الوطنى، فى حلقة حوار نظمها اتحاد المرأة بمركز انشطة المرأة صباح أمس مع المنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدنى، بعنوان «حصة المرأة فى الانتخابات فى كف عفريت» طالبت بانتزاع حقوق المرأة كاملة حتى ولو ادى ذلك الى تأخير قانون الانتخابات. واعتبرت ان القوائم القومية مع الرجال فيها احجام للمرأة وتمثل اجندة حزبية وضد الدستور ولا تخدم مصلحة المرأة "و سنقف ضدها بكل قوة". واشارت سامية، الى التغول الكبير الذى طرأ على مقاعد المرأة فى المجالس المحلية والولائية، والاجحاف الكبير الذى وقع عليها. ورحبت سامية، بالتنافس الشريف بين قوائم النساء مع بعضهن البعض، مع التأمين على نظام الكوتة والتمثيل الجغرافى ونسبة الـ 25% فى الاجهزة التشريعية. ومن جهة أخري، رفضت رجاء حسن خليفة، الامين العام لاتحاد المرأة السودانية فكرة القائمة المشتركة مع التمثيل النسبى للرجال، ووصفت ذلك بالخطورة الكبيرة على مصلحة المرأة، وطالبت بضرورة تخصيص مقاعد المرأة كاملة فى قانون الانتخابات القادم والبالغ عددها 112معقدا من جملة مقاعد البرلمان الكلية البالغة 450 معقدا. وهذا يدل علي أن حزب المؤتمر الوطني يعمل مبكرا للالتفاف حول الانتخابات لتصب في مصلحته بفوز أكبر عدد من منسوبيه ، وهذا ما لا تتيحه له نظام القوائم القومية المشتركة.
وعلي الرغم من أن المنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدنى، قد اكدت على جاهزيتها للانتخابات فى مواعيدها وعدم التفريط فى المكاسب التى تحققت للمرأة فى الدستور، وحذرت من المزايدات السياسية والحزبية والكسب الرخيص ومحاولات الالتفاف على مقاعد النساء. وقررت المنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدنى رفع مذكرة الى المفوضية القومية للدستور للتأمين على مشاركة المرأة بنسبة ال 25% وفق قائمة منفصلة، تعطى مشاركة المرأة بصورة فاعلة وأكبر، ورفض القائمة القومية مع الرجال.

وفي هذا الإطار تري بروفسور بلقيس بدري أن بامكانية المؤسس من ادخال نظام الحصة في قانون الانتخابات الجديد ، وفقا للتصور التالي:
1- إن الدستور الحالي في المادة 2 من 32:
The state shall promote women right through affirmative action وإستناداً علي ذلك يمكن أن يتم إدراج نظام كوتة للمرأة في القانون الإنتخابي.
2- كما أشار دستور جنوب السودان أيضاً الي أهمية تمثيل النساء في البرلمان والمواقع القيادية التنفيذية بما لا يقل عن 25% - وبما أن قانون الإنتخابات قومي فلابد ألا يتعارض مع أي دستور ولائي أو إقليمي ولذا وجب تخصيص الكوتة.
3- إن السودان قد مارس نظام التخصيص في نظمه الإنتخابية السابقة فميز الخريجين وهم فئة مميزة أصلاً في قوانين إنتخابات 1964 و 1986، وكما منح قانون الإنتخابات خلال فترة نميري كوتة مخصصة لفئات متعددة من ضمنها المرأة.
إذن فإن الإرث القانوني في قانون الإنتخابات حافلاً بفكرة التخصيص ولن يصعب علي المشرع قبول الفكرة أو إنزالها الي أرض الواقع قانوناً.
4- وجب وضع حد أدني وهو 30% الذي تم توافق الحركة النسوية عليه في العديد من اللقاءات والمؤتمرات ونادت به العديد من المجموعات مفردة أو متحدة من داخل الأحزاب أو التنظيمات الطوعية والجامعات أو البرلمانيات أو العاملات بالخدمة المدنية. وحتي لايتم غمط مطالبهن وحراكهن وحتي يتم احقاق العدالة وجب قبول الكوتة وذلك لمصلحة كل الأحزاب وليست فقط لمصلحة المرأة والمجتمع.
الوضع الراهن
أكدت الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق السياسية للمرأة على أن للنساء الحق في التصويت في جميع الانتخابات، بشروط تساوي بينهم وبين الرجال دون أي تمييز وكذلك للنساء الأهلية في ان ينتخبن لجميع الهيئات المنتخبة بالاقتراع العام، بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز وكذلك ضرورة تقلد المناصب العامة بدون أي تمييز ضدهن. وجاء في المادة (7) من الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة على ضرورة ان تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة على قدم المساواة مع الرجل الحق في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام. كما أكدت كافة المؤتمرات التي عقدتها الأمم المتحدة خلال العقد الماضي على ضرورة مشاركة المرأة بالتنمية، وهذا يتطلب مشاركة فاعلة للنساء في عملية صنع القرار، باعتبار ان القيادة ومواقع اتخإذ القرار هي قوة مؤثرة وموجهة و مخططة في عمليات التنمية الشاملة، ولهذا دأبت العديد من الهيئات والمنظمات الدولية على الطلب من الحكومات بضرورة الإسراع في عملية المساواة، وهذا ما أكدته الفقرة (4) من الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، إذ جاء فيها” لا تعتبر اتخإذ الدول تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل في المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة بالمعنى الذي تأخذ به الاتفاقية. وقد طالبت خطة بكين الصادرة عن مؤتمر المرأة العالمي الرابع 1995، الحكومات في العالم بالعمل على زيادة مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار لتصل في الحد الأدنى الى 30%، حيث ورد في الفقرة (190) بند (د):” ان المطلوب من جانب الحكومات مراجعة التأثير المتغير للنظم الانتخابية على التمثيل السياسي للمرأة في الهيئات المنتخبة، والنظر عند الاقتضاء في تعديل هذه النظم وإصلاحها”. ومن خلال مراجعتنا للانتخابات السابقة ، نجد ان مشاركة النساء السودانبات في الانتخابات نسبة متدنية مقارنة مع مشاركة الرجال و مقارنة مع تطلعات النساء و مشاركتهن في العمل السياسي و الوطني.
إن النظام الانتخابي السابق لا يشجع النساء على المشاركة في الترشيح ولهذا ظهرت الكثير من الأصوات العديدة التي تنادي بوجود” كوتا نسوية” في البرلمان، أي في النظام الانتخابي، بإعتبارها إجراءات مؤقتة تهدف للتعجيل بالمساواة ولا تعتبر تميزا. نتائج الانتخابات السودانية تشير وبوضوح، ان التقدير المعنوي الذي يكنه الشعب لدور المرأة في النضال الوطني وفي المجتمع، غير كاف لإحداث التعيير المطلوب في المفاهيم والقيم والعادات والتقاليد المتعلقة بالمرأة في غياب دور فاعل وداعم من القوى السياسية، والأحزاب علي حد سواء ، بالاضافة الي غياب حركة نسائية فاعلة ومنظمة واعتماد الانتخاب على أساس الاغلبية والدوائر مما يعزز الطابع القبلي والجهوي والعشائري ويحرم المرأة من امكانية الفوز.
ان مشاركة المرأة ووصولها الى البرلمان هو ضرورة وطنية و مجتمعية حيث تستطيع النساء ان تدافع عن نصف المجتمع، وفي غياب التمثيل لنصف المجتمع يكون” المجلس النيابي”، أو التشريعي فاقداً لجزء من شرعيته. ولهذا لا بد من العمل على تغيير قانون الانتخاب. هذا وقد أصدر منبر نساء الاحزاب السياسية في يوم الخميس 24 يناير 2008 مذكرة حول القضايا الأساسية في قانون الانتخاب وكذلك قام وفد من والقيادات الفعاليات النسوية بالاحزاب السياسية بتقديم المذكرة المذكورة الى السادة أعضاء المفوضية القومية للدستور ، والسادة لجنة قانون الانتخابات حول قانون الانتخاب تؤكد فيها على ضرورة إقرار قانون جديد على أساس التمثيل النسبي أو المختلط. وقد إحتوت المذكرة المطالبة بضمان مشاركة منصفة للمرأة في الانتخابات القادمة والتي تبناها العديد من المؤسسات النسائية، ومنظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا الديمقراطية وحقوق الانسان والأحزاب السياسية التي أكدت على المطالب التالية:
أولا: رفض القائمة النسوية المنفصلة التي يكون الاقتراح فيها علي أساس الولايات ، جملة وتفصيلا، وذلك لأن أسلوب فرز الاصوات فيها علي نظام الاغلبية البسيطة، بالاضافة الي عدم تطبيق النظام النسبي وعدم الاشترط بان تكون حزبية.
ثانيا: إعتماد القائمة الحزبية للتمثيل وتشمل نسبة 25% ، علي أن يكون للنساء تمثيل إيجابي (القائمة الحزبية مناصفة بين النساء والرجال 50% - 50%).
ثالثا: أن تكون القائمة الحزبية النسبية قومية مغلقة.
رابعا: ضمان النص علي مشاركة النساء في كل اللجان الانتخابية بكل المستويات القومية والولائية بنسبة 25%.



المحور الثامن
التعاونيات وتوسيع مشاركة المرأة في صنع واتخاذ القرار
خلفية
علي الرغم من أن حكومة السودان قد وقعت ووافقت علي الأهداف التنموية للألفية كموجه للتنمية الإجتماعية في البلاد, إلا أن الأداء في هذا الصدد كان بطيئاً, وبشكل أساسي في ما يتعلق بالطريقة التي تم بها تحقيق الإستقرار الإقتصادي في النصف الأخير من التسعينات وعلي وجه الخصوص الإنخفاض الحاد في الإنفاق علي القطاعات الإجتماعية. ونتيجة لذلك فإن مستوي الأداء لتحقيق الأهداف التنموية للألفية كان بطيئاً إن لم يكن قليل الأهمية ولا يذكر, وبالنظر الي ضخامة هذه المهمة, فإنه لايبدو أن تحقيق هذه الأهدف سيتم بحلول عام 2015. وفي ضؤ الإحتياجات العاجلة للفترة التي تلي نهاية النزاع مباشرةً والإلتزامات المالية المترتبة عن ذلك, فإنه من الضروري أن يستمر التركيز عل تحقيق الأهداف التنموية للألفية كهدف قائد وموجه لعملية التنمية في المدي الطويل. إن القصور في توفير الموارد قد يدفع أيضاً إلي تبني أسلوب إنتقائي للأهداف الفردية. وبنظرة فاحصة لكل من القطاعات الإجتماعية أدناه سيتضح بأن الإهتمام الأكبر يجب أن يتركز علي المجتمعات الريفية الأكثر حرماناً مع إشارة خاصة لتلك المجتمعات التي كانت عرضة للنزاعات عبر السنوات الماضية.
السودان هو أكبر قطر في أفريقيا وتاسع أكبر قطر في العالم (تبلغ مساحته حوالي 2.5 مليون كيلومتر مربع), ويشترك بحدود واسعة مع تسعة دول. وبسبب كبر حجمها, فإن البلاد تغطيها عدد من المناطق المناخية. لقد إنعكس هذا التنوع الجغرافي أيضاً علي سكانه, ونتيجة لذلك فإن البلاد متعددة الثقافات, الأعراق, اللغات و الأديان. يقدر عدد السكان بحوالي 32 مليون نسمة, الغالبية العظمي منهم ( حوالي 70% وفقاً لتعداد السكان عام 1993) يعيشون في المناطق الريفية, ولو أن ذلك يمكن أن يكون قد تغير بسبب الهجرة الكبيرة من الريف إلي الحضر في السنوات الأخيرة, وبالرغم من ذلك فإنه من غير المحتمل أن يكون ذلك قد أثر علي الطبيعة الريفية الغامرة للسكان. إن البلاد متناثرة السكان بسبب حجمها بالمقارنة مع عدد سكانها بالإضافة إلي ذلك فإن حالة الطقس التي يغلب عليها الطبيعة الجافة والتي يصعب التنبؤ بها قد أثرت علي أجزاء واسعه من البلاد وجعلتها عرضة لنوبات من الجفاف الشديد و/أو الفيضانات الكبيرة.
إن الغالبية العظمي من السكان فقراء بمتوسط دخل فرد أقل من 400 دولار في السنة, ولو أن هذا المستوي المنخفض للدخل لايعكس التباين الكبير بين الأقاليم في التنمية الإقتصادية والإجتماعية. إن مستويات التعليم منخفضة و الأمراض واسعة الإنتشار وتشكل عبئاًً ثقيلاً. البنيات الأساسية( الطرق, النقل النهري, الطاقة الحديدية, المياه, الإتصالات, بالإضافة الي وسائل الري) إما غير موجودة أوغير متطورة وغير كافية, وحتي القليل الموجود منها منهار نتيجة للإهمال الطويل لعمليات الصيانة الضرورية والدورية. ونتيجة للهجرة الكبيرة والمستمرة للكوادر المدربة لدول الخليج الغنية بالبترول والتي بدأت في مطلع السبعينات وما زالت مستمرة إلي الأن ولكن بكثافة وسرعة أقل مع التدهور الكبير في نوعية وفعالية القدرات المؤسسية, فإن المحاولات السابقة في التعامل مع هذه المشاكل الهيكلية قد ثبت أنها لم تكن كافية. وهذه العوامل قد زادت حدة نتيجة للوضع السياسي الصعب منذ الإستقلال, وقد ساهمت جميعها في الحلقة المفرغة ما بين الصراعات السياسية, الأضطرابات المدنية والتخلف. ظل أداء الإقتصاد السوداني منذ الإستقلال دون التوقعات وخصوصا في ضوء الهبات والخيرات التي تتمتع بها البلاد من موارد طبيعية بالإضافة للإستثمارات الضخمة التي تمت في تنمية وتطوير الموارد البشرية والمهارات. وفي لب هذه الظاهرة تكمن الحرب الأهلية التي ظلت مستعرة منذ الإستقلال ما عدا فترة قصيرة بعد إتفاقية السلام بأديس أببا عام 1972. العامل الرئيسي الأخر الذي ساهم في ذلك هو ضعف وعدم ملاءمة السياسات الإقتصادية السائدة خلال معظم أجزاء فترة ما بعد الإستقلال. وفي الوقت الراهن, يقف السودان في مفترق الطرق لتغيير كبير. حيث يبدو أن السلام أخيرا أصبح في متناول اليد وقد تم أيضاً إجراء إصلاحات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية والتي نتج عنها تحسن في الأداء الإقتصادي وتم وضع الأساس لمزيد من النمو الإقتصادي الشامل والعادل والمستمر. وعلي الرغم من أن هذين التطورين قد وجدا الترحيب, فإن تفاعلهما يضع تحديات جديدة أمام البلاد في كيفية مقابلة المتطلبات العاجلة للسلام والمحافظة علي المناخ الملائم للإقتصاد الكلي لتعزيز النمو والتنمية.
فى حين أنه لا يمكن الوصول إلى تقدير دقيق عن مستوى الفقر فى السودان في الوقت الحاضر بسبب الإفتقار إلى البيانات الحديثة الخاصة بقياس الفقر (بحيث أن آخر مسح قومي لدخل وإنفاق الأسرة قد تم القيام به فى عام 1978م)، فإنه يمكن القول بأن الفقر فى السودان ربما يكون واقعاً فى المدى 50 – 60%، بما يتسق مع الدول المجاورة له. وهذا المستوى للفقر واضح أيضاً في مختلف مؤشرات التنمية البشرية. بالإضافة لذلك ، فإن نتائج المسوحات القليلة التي أجريت في الفترة الأخيرة، علي الرغم من أنها ليست مركزةً أو مصممة بصفة خاصة للفقر, لكنها أيضاً توضح تفشى الفقر فى البلاد. هذه المسوحات الحديثة هى: - مسح ميزانية الأسرة لعام 1992م (وبصفة خاصة عن شمال السودان)، مسح الأمومة الأمنة لعام 1999م (الذي قام به الجهاز المركزى للإحصاء بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للإنشطة السكانية)، والمسح متعدد المؤشرات فى عام 2000م (الذي تم بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للطفولة). وعلي الرغم من أن أى من هذه المسوحات لم يغطى كل المناطق بالبلاد (حيث قامت بتغطية شمال السودان, وفى أحسن الظروف، المناطق التي تحت سيطرة الحكومة في جنوب السودان)، فإن نتائجها يمكن، علي أية حال إستخدامها لتسليط الضوء على المؤشرات غير الدخلية للفقر، وإظهار التباين فيما بين المناطق، وكذلك فيما بين الريف والحضر. إن العديد من خرائط الفقر المستندة على هذه المسوحات والتي تم إنتاجها, تشير أيضاً إلى الإنتشار الواسع للفقر والمناطق التي تأثرت كثيراً بذلك. هذه الخرائط توضح ، ما عدا الشريط الضيق الذى يغطى مناطق من الخرطوم وعلي طول الجزيرة إلى القضارف فى شرق السودان، بأن تفشى الفقر هو قاسم مشترك تقريباً فى كل المناطق الأخرى (جنوب السودان لم تتم تغطيته).
إن مؤشر الحرمان من المعرفة يوضح بأنه رغم التباين الكبير بين الريف والحضر، إلا أن الحرمان من المعرفة هو القاسم المشترك بين كل الولايات وتتعرض له كل من المناطق الريفية والحضرية, وبالرغم من الإختلاف بينها لكن المستويات تظل غير مقبولة. وتظهر المسوحات بأن المتوسطات الريفية القومية لمعدل أمية البالغين، في التعليم الأساسى والثانوى للذين لم يلتحقوا أبداً و/أو معدل الفاقد التربوي هى 52.3% و49.8% و53.6% على التوالى، فى حين أن المتوسطات الحضرية القومية لنفس هذه المؤشرات هى 28.9% و26.82% و27.4% على التوالى. المقارنات فيما بين الولايات تشير أيضاً إلى التباين الكبير. وعلى سبيل المثال، فإن معدل الذين لم يلتحقوا أبداً و/أو الفاقد التربوي في التعليم الأساسى في المناطق الريفية يتراوح ما بين 75.5% فى ولاية النيل الأزرق و 17.8% فى ولاية الشمالية. بينما يتراوح نفس المعدل في التعليم الثانوى فى المناطق الريفية ما بين 77.9% فى شمال كردفان و23.2% فى ولاية الشمالية. وعلي نحو مماثل، فإن الذين لم يلتحقوا أبداً و/أو معدل الفاقد التربوي في التعليم الأساسى بالمناطق الحضرية يتراوح ما بين 46.5% فى ولاية غرب دارفور و9.6% فى ولاية الجزيرة. بينما يتراوح نفس المعدل في التعليم الثانوى فى المناطق الحضرية ما بين 41% فى غرب دارفور و8.5% فى ولاية الجزيرة. وتظهر كل من ولايات النيل الأزرق، شمال وغرب كردفان، وشمال وغرب دارفور بإعتبارها الولايات الأكثر تضرراً, وعليه فإنها تعتبر أولي الولايات المرشحة للتوسع فى الخدمات التعليمية بها. بالإضافة لذلك، فإن معدلات الأمية أيضاً مرتفعة في كل من المناطق الريفية والحضرية وكذلك الحال فيما بين الولايات. الأمية في المناطق الريفية تتراوح ما بين 69.1% فى شمال كردفان و30.7% فى الولاية الشمالية, بينما تتراوح معدلاتها في المناطق الحضرية ما بين 30.5% فى ولاية غرب دارفور و20.4% فى ولاية النيل الأبيض. وحتى على مستوى ولاية الخرطوم، التى تعتبر الأفضل نسبياً، فإن معدلات الأمية هي 43.5% و 21.2% في كل من المناطق الريفية والحضرية على التوالى. وفى نفس الوقت، فإن إمكانية الحصول علي وسائل الإعلام منخفضة للغاية مما خلق عائقاً معلوماتياً ليس فقط فى المناطق الريفية التى تشير المسوحات إلى أن نسبة 88.4% من المواطنين في المناطق الريفية بولاية البحر الأحمر لا يتمكنون من الحصول علي وسائل الإعلام، ولكن أيضاً فى بعض المناطق الحضرية حيث تشير النتائج إلى أن 76.8% من سكان مدينة واو علي سبيل المثال لا يتمكنون من الحصول علي الوسائط إعلامية.
نظرة للمستقبل
الجميع يؤكد علي ضرورة نظام الكوتة.. والنظام موجود فعلا في عدد من الدول.. فهل كانت نتائجه إيجابية؟ ولماذا تحتاج له المرأة أصلا؟ هل هذا لنقص في قدراتها؟ أم لضعف في اتقان فنون اللعبة السياسية؟ البعض يقول ان ضعف المشاركة النسائية في الحقل السياسي هو نتيجة للثقافة الذكورية السائدة.. لكن ما يجب التأكيد عليه أن هذه الأوضاع تتفاوت من بلد عربي لآخر.. ففي الوقت الذي قطعت فيه النساء في بعض البلدان العربية اشواطا بعيدة في مشاركتهن على مستوى القرار الإداري والسياسي نجد أنهن في بلدان أخرى محرومات حتى من حق التصويت.. الأمر إذاً لا يتعلق بإتقان اللعبة السياسية ولكن بمدى قبول المجتمع بكافة مكوناته للمساهمة النسائية في هذه اللعبة". ومن رأي الوزيرة المغربية نزهة الشقروني أن نظام الكوتة غير كاف خصوصا أنه لا يصل إلى نسبة معقولة. ومن رأي الباحثة السعودية الدكتورة وفاء عبد الله الرشيد أن تحديد نسبة من المقاعد للنساء، سواء كان بغرض الديكور أو نابعا من إيمان حقيقي، يعتبر فرصة يجب الترحيب بها لأن المرأة التي تملك الكفاءة والعقل والنضج حتى وإن كان موقعها في البداية وجد من باب الديكور فبإمكانها استغلاله لتحوله إلى ضرورة حقيقية.
بعض الآراء ألقت الخطأ على المرأة نفسها.. إذ ترد خديجة الزومي عضو المجلس البلدي لمدينة سلا بالمغرب والمديرة الإدارية للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل.. محدودية النساء في البرلمانات والمراكز السياسية القيادية إلى عوامل ذاتية ملتصقة بالمرأة لأن العديد من النساء لا يكون لديهن الاستعداد المطلوب لخوض هذا النوع من المغامرات.. إضافة إلى افتقار التربية التي تتلقاها المرأة للمهارات السياسية والتي تؤهلها لدخول التجربة الانتخابية. وتفسر الزومي انخفاض العدد رغم نظام الكوتة قائلة: "ينبغي أولا مقارنة نسبة ترشيح النساء بنسب ترشيح الرجال.. وتأمل الدوائر التي ترشح فيها النساء وما إذا كانت من الدوائر التي يضمن الحزب الفوز بمقاعدها أو ما إذا كانت دوائر تسيطر عليها العقلية الذكورية مما يفسر النتائج المتواضعة لنجاح النساء.. بينما في مصر أرجعت الدراسات تراجع نسبة النساء بالبرلمانات العربية إلى عوامل شخصية خاصة بالمرأة نفسها وإحجامها عن المشاركة وعدم ثقتها بقدرتها بالإضافة لعوامل التنشئة الاجتماعية وغياب التمويل أو الدعم الأسري للمرأة إذا ما قررت العمل بالسياسة. وضعف المهارات نقطة أخرى تعوق المرأة للعمل في المجال السياسي كما أن هناك عوامل مجتمعة لا تشجعها على خوض الانتخابات أو الإدلاء بصوتها إضافة للعوامل السياسية في كل دولة ومنها عدم تشجيع الأحزاب لخوض المرأة الانتخابات ودعمها في حملتها الانتخابية.
وترد الدكتورة السعودية لبنى الأنصاري على ذلك قائلة: "إذا كانت المرأة تنقصها مهارات العمل في المجال السياسي فإنها تكتسب عادة وتصقل بالممارسة. والمرأة في معظم المجتمعات العربية لم تشارك بشكل واضح في صنع القرار السياسي لأن معظمها ما زال يعتبر السياسة ساحة الرجال لكن يجب ألا نغفل أنها تشارك بشكل غير مباشر في اختيارات وقرارات لها انعكاسات سياسية وتؤثر في شكل المجتمع وفي الأجيال القادمة ومسيرة التنمية". وتنفي الدكتورة وفاء الرشيد من الخبر أن قلة الوجود النسائي في الشارع السياسي حدث بسبب نقص المهارات لدى النساء، تقول: "ليس كل من يعمل بالسياسة يحمل شهادات تخرج من العلوم السياسية.. فالسياسة علم ناتج عن تجربة والسياسة هي هوية الشارع.. وبالتأكيد يحتاج السياسي إلى نوع من الصقل ومهارات ترتيب الأفكار والخلفية التاريخية.. والمرأة ستصقل مهاراتها بالتجربة وإن بدأت من أصغر نقطة".
وفي الكويت لا تنفي الكاتبة الصحفية آسيا البعيجان أن عدد النساء القادرات على تولي المناصب القيادية قليل قياسا بنسبة الإناث في الوطن العربي ولا يمتلكن المؤهلات التي يحتاجها المركز السياسي ولكنها تشير إلى أن المجتمعات العربية تعاني من قصور في التعامل مع المرأة، فهناك من يرى أنها غير قادرة على اتخاذ القرار الحاسم إذا لزم الأمر كونها تميل إلى عاطفتها. وترفض الباحثة الكويتية نوال الغزي فكرة وجود عوامل أنثوية تقلل من قدراتها السياسية. وترى أن عدم فوز المرشحات من النساء في الانتخابات راجع لاعتبارات تتعلق بالموروث العشائري الذي يحكم قبضته على الإنسان العربي. ولن يتغير الوضع في رأيها ما لم تتغير النظرة القاصرة التي تهيمن على عقلية الرجل الشرقي. وترى الناشطة السياسية الكويتية نجاح حسين أن المرأة العربية لا تنقصها المبادرة في تنفيذ العمل السياسي، لكن تنقصها الثقة التي تدعم موقفها. فالهيمنة الذكورية كبيرة إلى درجة أن بعض الحكومات العربية تضع المرأة في منصب قيادي ثم تسحب منها الصلاحيات لأنها لا تؤمن بقدراتها.
ومن عمان تدلي آمنة الزعبي رئيسة اتحاد المرأة الأردنية برأيها قائلة: "قلة عدد النساء في الشارع السياسي ليس لعدم كفاءتها أو قدرتها على تحمل المسؤولية في المراكز القيادية وإنما لأن هناك تمييزا ضد المرأة العربية خاصة في القوانين التي ما زالت تشكل عقبة رئيسية أمامها.. ومع ذلك فقد استطاعت الوصول في عدد من الدول إلى البرلمان كما تولت مراكز وزارية وقيادية". المشكلة كما أشارت رئيسة اتحاد المرأة الأردنية بالنسبة للمرأة العربية ليس فقط انخفاض نسبة تمثيلها في المواقع التشريعية.. فرغم وصول عدد من النساء إلى مقاعد الوزارة في الإمارات والبحرين وقطر ومعظم البلاد العربية الأخرى بالإضافة للمجال الدبلوماسي الذي ستدخله قريبا المرأة السعودية.. وعلى الرغم من احتلال العديد لمناصب قيادية عليا في الشركات والجامعات إلا أنها ما زالت تقابل الكثير من الصعوبات في المواقع التنفيذية العليا. تقول نجاة السويدي أول كويتية تترأس مجلس إدارة شركة في بلدها.. إن المرأة في المواقع القيادية يتم عزلها عن القرارات الهامة، خاصة في المجتمعات الذكورية التي ترى في المرأة القيادية ديكورا وجيها لجهة العمل بينما لا يتم اشراكها في القرارات المصيرية.
الجميع يؤكد على أن المرأة في الميدان السياسي وفي المراكز القيادية تواجه كماً من المعوقات، وتؤكد الرئيسة السابقة للمجلس النسائي اللبناني المحامية إقبال دوغان: "إن من أهم المعوقات عدم الوعي لدى جماهير النساء بأهمية دورهن في العمل السياسي.. وأيضا عدم اقتناع النساء بضرورة تأييد المرشحات والعمل لهن على نطاق الجماهير الواسعة.. وعدم اهتمام الدول بوضع استراتيجيات لتشجيع النساء وعدم تبني التنظيمات النسائية وبعض المجالس النسائية لأولوية وصول المرأة إلى مراكز القرار".
وفي إتجاه العلاج لهذه المشكلة يري البعض إن الحكومية ملزمة بإنتهاج سياسة خاصة تعمل على اشتراك وإشراك المرأة في العمل السياسي.. وتبني توصيات مؤتمر بكين 1995 باعتماد كوتة نسائية لا تقل عن 30% من مراكز القرار التشريعي والتنفيذي كمرحلة انتقالية من أجل إحداث الصدمة الإيجابية اللازمة ومن ثم يكون هناك تطبيع تدريجي لإلغاء نظام الكوتة حيث إن مبدأ تخصيص الحصص ليس فيه الكثير من الديمقراطية. لكن تطبيق هذا المبدأ لا بد أن يتزامن مع عمل الهيئات النسائية للقيام بحملات لتوعية النساء بضرورة المشاركة الفعلية في العمل السياسي وعلى الخصوص ممارسة حق الاقتراع والترشيح. ولا شك إن هناك أهمية وضرورة إعداد مجموعات من النساء مدربات على العمل السياسي وعلى خوض المعارك الانتخابية من اتصال وتفاوض وحملات دعائية وماكينات انتخابية وغيرها. فمثلا المجلس النسائي اللبناني بصدد إعداد هذه المجموعات على جميع الأراضي اللبنانية حيث يحدث تناغم لهذه الجهود من خلاله لإدارة حركة التوجه السياسي للمرأة اللبنانية ودعمها للوصول لمراكز القرار وأهمها المجلس النيابي.
وترى الدكتورة السعودية وفاء الرشيد أن المشكلة هي عدم وجود تأهيل أو تدريب للنساء للعمل السياسي أو الخدمة المدنية.. وإن لم يبدأ هذا التأهيل من الصغر فلن يجدي. والحل في رأيها يبدأ بالديموقراطية التي يجب تعليمها للطفل.. فترتكز أسسها في ذهنه منذ نعومة أظافره. وتعطي الدكتورة وفاء مثلا باليمن حيث يوجد برلمان للأطفال.. وتقول: "نحن أيضا نستطيع تنظيم مجلس شورى للأطفال وتصبح لدينا انتخابات في المدارس. وبذلك تدخل كلمات جديدة إلى مجتمعنا مثل الانتخابات والأجندة وغيرها من الكلمات والمفاهيم التي يتم غرسها في أذهان الأطفال ومع كبرهم يصبح المجتمع جاهزا". وترى خديجة الزومي عضو المجلس البلدي لمدينة سلا في المغرب أن أسباب غياب المرأة عن الساحة السياسية يعود لأسباب ثقافية تربوية تستمد قوتها من المجتمع الأبوي السائد.. والحل له علاقة بالإقناع العام بأن العمل السياسي يشمل الرجل والمرأة مع تفعيل الديموقراطية داخل الأحزاب لأننا لا يمكن أن نحقق ديموقراطية داخل أحزاب معطوبة.
و تضع الدكتورة لبنى الأنصاري المسؤولية على أكتاف النساء تقول: "بوسعنا أن نتعلم من تجارب الآخرين ممن سبقونا في هذا المجال.. وبشكل عام فإني أرى أن العبء الأكبر من الجهود المطلوبة لزيادة مشاركة المرأة وتعزيز دورها في الحياة السياسية يقع على عاتق المرأة ذاتها.. فعلى الرغم من أنها كانت قريبة من المجتمع والقواعد الشعبية بحكم ممارستها للعمل الاجتماعي إلا أن المجتمع يتردد في إتاحة الفرصة لها للمشاركة السياسية. وتردف الأنصاري قائلة: "لعل المرأة العربية كانت من الحكمة والذكاء أن ركزت نشاطها في المجالات التي تستطيع أن تنجح فيها وأن تحقق من خلالها وجودا فعالا ومؤثرا في المجتمع. وبالتالي تشارك بشكل غير مباشر في الحياة السياسية.. ولكنها بالتأكيد قادرة على المشاركة في اتخاذ القرار السياسي بشكل مباشر ولا ينقصها سوى التخلص من الأمية السياسية والوعي بأهمية دورها. ولا بد أيضا من العمل على تغيير الصورة الذهنية لدى المجتمع". وفي الكويت ترى نجاح حسين أن المرأة لا تنقصها روح المبادرة في تنفيذ العمل السياسي ولكن الهيكل القائم الآن في الدول العربية يحتاج إلى تغيير جذري. وضمن نفس المعنى تقول الباحثة الكويتية نوال الغزي ان المجتمع يستمد قوانينه من الموروث الاجتماعي الغارق في العادات والتقاليد والنظم التقليدية ولا يعترف بما حققته المرأة.. ويراها غير قادرة على امتلاك زمام الأمور القيادية ولذلك يجب أولا تغيير النظرة القاصرة التي تهيمن على عقلية الرجل الشرقي. أما أبرز الحلول التي تراها الأردنية سناء المصري والتي يمكن أن تعمل على تغيير وضع المرأة العربية فهي الحرص على إظهار القيادات النسائية ذات الكفاءة العالية والاهتمام بالنساء اللائي لا يمتلكن أية مهارات مميزة لتدريبهن ورفع كفاءتهن.. وإشراك النساء في المؤتمرات ونشر الوعى بينهن ليساندن بعضهن بعضا. ومن مصر تؤكد الكاتبة أمينة شفيق التي كانت إحدى المرشحات في آخر انتخابات برلمانية سنة 2000 والتي شاركت فيها 100 مرشحة لم يفز منهن سوى خمس فقط.. انه حماية للمرأة والرجل المرشح أيضا لابد من وضع ميثاق سياسي أو إصدار قانون يجرم الشتم والسب واستخدام الإشاعات في المعارك الانتخابية.
وفايزة الطهطاوي نائبة برلمانية مصرية شرحت كيف دعمتها وزميلاتها المرشحات المنظمات غير الحكومية مثل رابطة المرأة العربية والمركز المصري لحقوق المرأة.. كما تم تدعيمهن من خلال الندوات التي عقدت ومشاركتهن في الحملات الانتخابية بالدعم الفني.. وساعد المجلس القومي للمرأة بالندوات ولكن المعركة كانت شرسة لطغيان المال والسلوك اللاأخلاقي الذي ووجهت به المرشحات. ولعل تجربة فايزة تؤكد حديث المحامية نهاد أبو القمصان مديرة المركز المصري لحقوق المرأة التي تقول: ان نسبة النساء القليلة في المجلس التشريعي لا تعبر عن إرادة نسائية أو اجتماعية وإنما إرادة بعض الجهات الحزبية التي لا ترحب بالمرأة وهو عكس ما يعبر عنه المثقفون ومسؤولو الأحزاب السياسية بأن ضعف المشاركة يعود للمرأة أو الناخبين.. وهو ما يخالف الواقع العملي الذي يرصده المركز من خلال محاولات الكثيرات لخوض الانتخابات وحصولهن على نسبة أصوات ليست بالقليلة.. لكن الصعوبات التي تتعرض لها المرأة خلال الحملات الانتخابية تكون أقوى مما تتحمل.. فهي تتعرض للسب والشائعات غير الأخلاقية.. ولذا هناك مطالبة الآن بالعودة لنظام تخصيص مقاعد للمرأة في المجالس المنتخبة لمساعدة المرأة وتنفيذا للاتفاقيات الدولية التي تنص على إزالة صور التمييز ضدها. ويستدعي تنفيذ ذلك إلى جانب التخصيص إعادة النظر في قانون الانتخابات والعمل على تنفيذ إجراءات لتصحيح النظرة للمرأة وتنمية قدراتها من خلال البرامج التدريبية على العمل السياسي ومهاراته.. وفي هذا الإطار نفذ المركز المصري لحقوق المرأة عدة دورات للسيدات.. كما ينظم المجلس القومي للمرأة عدة برامج للتأهيل السياسي وتدعيم الراغبات بالمعلومات التي تلزمهن عن النظام السياسي.
تعاويات المرأة المتعددة الأغراض المفهوم والإحتياج
دخل نمط التنمية الذي أنتهجته حكومات ما بعد الاستقلال ولا تزال تتمسك به كأحد أسباب تفاقم أزمة القطاع التقليدي. ويعمل على تغذية الحرب الأهلية في دارفور.توزيع مساحات واسعة من الأراضي لمشاريع الزراعة الآلية بواسطة حكومة الإنقاذ في مناطق جنوب دارفور شكل ضربة موجعة لحقوق الزراعة التقليدية. لأن حكومة (الإنقاذ) قد منحت حتى أبريل 1993م حوالي 3.5 مليون فدان في جنوب دارفور لشخصيات من كبار التجار، وشخصيات عامة، وكبار ضباط القوات المسلحة ( تحتوى قائمة المشاريع المصدق بها 434 أسماً كما ورد بصحيفة الإنقاذ الوطني بتاريخ 20 أبريل 1993) وقد تراوحت المساحات المصدق بها لتلك الشخصيات ما بين 45 ألف فدان كحد أدنى إلى 600 ألف فدان كحد أقصى أي ضعف مساحة مشروع الرهد الزراعى.(7) ومما يثير الدهشة أن تلك المشاريع قد فتحت باباً جديداً للاستيلاء الاعتباطي على أراضى السكان المحليين رغم تبنية المؤتمر التدوالى لإقليم دارفور- الذي عقد قبل ثلاث سنوات من مجئ حكومة ( الإنقاذ ) بتاريخ 26 نوفمبر 1986 بقاعة الصداقة الخرطوم.وقد أصدر ذلك المؤتمر توجيهاً لوضع ضوابط لممارسة الزراعة المطرية، خاصة الآلية في الإقليم ومنع الإبادة الكاملة للغطاء النباتي وربما الزراعة الاعاشية كما حدث في شرق السودان ويمضي فرح حسن ادم قائلاً أن إشادة مجلس الوزراء بمشروع غرب السافنا – الذي يغطى مساحة قدرها 135 ألف كم مربع منطقة يقدر عدد سكانها ب2 مليون نسمة في ولاية جنوب دارفور ( الإنقاذ الوطني،25 يوليو 1994) فإن هذه الإشادة لن تكون إلا مباركة مضلله ومستندة للسياسة المنحازة للمشروع شبة الالى الكبير على حساب نظم استخدام الأراضي التقليدية السائد في إقليم السافنا.فضلاً عن أنها تعبر عن استهانة حقيقية بالعواقب الوخيمة من تجاهل حقوق السكان المحليين إذا أن ما يحدث الآن من نزاعات دامية في إقليم دارفور يعود في أصله إلى حرمان المزارعيين من حيازاتهم التقليدية، والرعاة من مساراتهم التي ارتادوها عبر الزمن.(8)

تخلى الدولة عن دورها الاقتصادي كهدف أساسي لسياسات الإصلاح الهيكلي SAP وإعادة صياغة البنية الاقتصادية والاجتماعية للاقتصاد الوطني وإضعاف ملكية الدولة في هذه البنية ومن ثم أبعادها تماماً، هذه السياسة تزيد من أزمة القطاع التقليدي وتجعله فريسة لرأس المال التجاري المحلى والأجنبي وتعثر عملية التنمية خاصة في ظل ضعف قدرات الحكم الولائي وتكريسه لمعظم موارده للأجهزة السياسية والإدارية إذ لا يخصص إلا القدر الضئيل من إنفاقه على التنمية، خاصة الإستثمار في الأصول النشطة، في قطاعات الاقتصاد المنتجة للسلع والخدمات. ولاية شمال دارفور أنفقت على الفصلين الثالث والرابع في عام 2003 مبلغ 772 مليون دينار أي بنسبة 13.2% من إنفاقها الكلى أما ولاية جنوب دارفور فقد أنفقت في ذات السنة 273 مليون دينار بنسبة 4.6% أما غرب دارفور فقد انخفضت 143 مليون دينار بنسبة 5.2% من إنفاقها الكلى في تلك السنه.(9) (علماً بان الإتفاق على الفصلين الثالث والرابع لا يذهب كله الإستثمار الحقيقى وتدخل فية الصيانات الرأسمالية لمبانى الأجهزه الادارية والسياسية. وبالمقارنة مع الاتفاق الكلى للويات الشمالية على الفصلين الثالث والرابع نجد ان هذا المؤشر بالنسبة لولايات دارفور الثلاثة يعادل 3.1% أما بالنسبة لكل ولاية بمفردها فإنه يساوى 2% ولاية شمال دارفور 0.7% لولاية جنوب دارفور03% لولاية غرب دارفور. (10) بالاضافة إلى ضآلة الإتفاق على هذين الفصلين والذى يشمل الاتفاق داخل الإقليم بين الولايات الثلاثة.
تضافر هذه العوامل أفرز وقبل اندلاع الحرب وضعاً مزرياً لمعظم السكان ، وخير مثال لذلك سكان دارفور حيث بلغت معدلات الفقر في ريفه 97% و98.1% في حضرة كأعلى معدلات للفقر بالمقارنة مع أقاليم السودان الأخرى في عام 1996،(11) التي هزت السياسات الاقتصادية التي تنتجها الدولة اقتصادها المنهك أصلا ووسعت من دائرة الفقر فيها أيضا وفى هذا الشأن يكتب محمد العوض جلال الدين "كان لسياسات ما عرف بالتصحيح والتكيف الهيلكى آثار سالبة على الطبقات الفقيرة والمهمشة حيث ان صانعى السياسات ومتخذى القرارات الاقتصادية لم يكونوا معنيين فيما يبدو بانعكسات قراراتهم على المهمشين والفقراء والمستضعفين ظناً منهم أن هؤلاء وأن كانوا يشكلون غالبية السكان فانهم لا يشكلون قوى ضغط أو مقاومة قوية للمحافظة على مصالحهم ومن هنا ركزوا علىخفض الصرف والإنفاق على الخدمات التى تمس هذه الفئة العريضة من المواطنين ومن ذلك خفض الصرف أو التخلى عنه على خدمات التعليم الاساسى والرعاية الصحية الأولية".(12) إلا أن وقائع الاحداث كذبت ظن الشرائح الاجتماعية الممسكة بزمام السلطة وتسخرها فى تحقيق مصالحها، إذ أن إنبثاق حركات مسلحه وتمردها على مركز الحكم هو احد جوانبه وعى بحق مناطقهم فى التنمية ورفض للمشروع التنموى لنظام الحكم.
الريف ...ومحاربة الفقر بالفقراء
إن درجه تفشى الفقر في السودان تزداد يوما بعد يوم ولعل من أسباب السخرية إن تكون هنالك حاله من الفقر في بلد مثل السودان يتمتع بثروة طبيعيه وبشريه يندر وجودها في دولة أخري ، ونذكر هنا ما قاله الرئيس الامريكيى الأسبق (بوش الأب ) في زيارته للسودان في أواخر السبعينات وهو يقف فوق خزان خشم القربة ويمعن النظر في المياه المتدفقة كاللؤلؤ أمامه حيث قال: إن هذا بلد مدهش ومن العبط أن يقال إن به مجاعة. ويقدر مستوى الفقر في أقصى درجاته بان 90% من السكان يتقاضون أو يحصلون على اقل من دولار في اليوم بينما تضعه الجهات الرسمية بين 60%---%70 من السكان ويقدره بعض الباحثين مثل د. الطاهر محمد نور و د.على عبد القادر (1995م) بحوالي 83% من السكان ، بينما يعتبر د.محمد فرجانى ( خبير برنامج الأمم المتحدة الانمائى ) (1996م) إن كل هذه التقديرات لايمكن الاعتماد عليها إذ أنها بنيت على قاعدة معلوماتية هشة للغاية. وبما أن الفقر يعني أيضا عدم توافر أو عدم مقدره الفقراء من الحصول على الخدمات والحاجات الاساسيه مثل التعليم , السكن , الملبس و الصحة والفشل في الحصول على الحد الأدنى من الحياة الكريمة مما يعني أن للفقر درجات .و توجد اعلي درجات الفقر في السودان في المجتمعات الريفية خاصة في أقاليم دارفور ,الجنوب , الشرق والشمال حيث أن معظم سكان هذه المناطق يشتغلون في مجال الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر فقد بات من الضروري إمعان النظر والبحث عن أساليب وسياسات و قوالب تحدث نقله كميه ونوعيه في حياه هؤلاء السكان.
إن من أهم مسببات الإفقار والفقر في السودان فشل السياسات الاقتصادية التي مورست منذ الاستقلال حتي الآن خاصة في المناطق الريفية مما ترتب عنه هجره كبيره من الريف إلى المدن وهى الحقيقة التي قال عنها البروفسير يوسف والى عميد كليه الزراعة بالقاهرة 1983م إن أولى علامات الفشل الاقتصادي هي عندما يزحف الريف ليأكل من المدينة. ولو سلمنا جدلا بان أكثر من 70% من سكان السودان يعيشون في المناطق الريفية ويعتمدون أساسا على الزراعات الصغيرة و تربيه الحيوان الصغير فانه يبقى من الضروري البحث والتنقيب عن سياسات جديدة وأساليب مبتكرة لمواجهة هذا الإشكال الكبير لتحقيق بعض أوجه العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع . تاريخيا ساد المشهد الإنمائي أسلوب الانطلاق من القمة إلى القاعدة، ومن اليوم لابد من إنشاء ظروف مؤسسية تفسح المجال لأساليب الانطلاق من القاعدة، أي "التنمية الإقليمية بالمشاركة والتفاوض". ونظرا لأن غاية التنمية هي الحد من أوجه التفاوت الاجتماعي ينبغي تنفيذ ذلك عن طريق الانتفاع بالتنوع الحيوي والثقافي الذي يؤدي إلى سبل متعددة للتنمية، لا يمكن أن تختط إلا على مستوى لا مركزي تصب فيه المعارف والخبرات والخيال والمبادرات التي يمتلكها السكان المحليون. إن التعلّم الصعب والضروري للديمقراطية المباشرة لا يمكن أن يتحقق إلا على المستوى المحلي في مجتمعات صغيرة نسبيا. كما إن اختيار المستوى الإقليمي الملائم للتخطيط المحلي يجب أن يكون عمليا. وكلما صغر المجتمع المحلي كلما ازدادت أمام المواطنين فرص المشاركة. ومن ناحية أخرى إذا حدث إفراط في اللامركزية يغيب عن النظر الطابع المركب للعمليات الإنمائية. فينبغي مراعاة الظروف التاريخية والتشكيل الإيكولوجي والهويات الثقافية المحلية إلى جانب الاعتبارات الاقتصادية والضرورات الإدارية. ويمكن بناء أشكال مختلفة بحسب الموضوعات عن طريق تنظيم المجتمعات المحلية في شتى ألوان الاتحادات والتحالفات. كل ذلك يذيد من مساهمة القاعدة الكبيرة من الفقراء في برامج التنمية والنماء وبذلك يتحقق شعار محاربة الفقر بالفقراء.
- المرأة فى الهيكل الإقتصادى الإجتماعى
ج- مقياس تمكين المراة : يتكون من تركيب ثلاث مؤشرات معبرة
أولا : بالمشاركة السياسية ، وتقاس بالنسب المئوية للرجال والنساء فى البرلمان
ثانيا : من خلال المشاركة الاقتصادية ويعبر عنها بالنسب المئوية للرجال والنساء في مناصب المشرعين وكبار المسئولين والمديرين وسلطة صنع القرار .
ثالثا : السيطرة على الموارد الاقتصادية ، وتقاس بالدخل المكتسب لكل من الرجال والنساء ( معادل بالقوة الشرائية بالدولار الأمريكي)
معظم النساء فى السودان ينتمين إلى تكوين المنتج الصغير حيث يشكن ثقلاً هاماً فى القطاع التقليدى، حيث تبلغ نسبة النساء بين المزارعين فى القطاع 57% .(13) ويشير إتفاق السلام لدارفور أن معظم القوى العاملة من النساء. وتقول دراسة أخرى أن النساء فى دارفور يشكن 60% من قوة العمل فى هذا الإقليم و55% من إجمالي السكان.(14) ويتركز النشاط الاقتصادى للنساء فى إنتاج الغذاء من الزراعة النباتية وتربية الحيوانات الصغيرة وجلب الماء والحطب والقيام بشئون الأسرة. مما يبقى قسماً من انتاجها خارج نطاق الانتاج السلعى ويضعف علاقتها بالسوق.إذ أن تحول الانتاج إلى انتاج سلعى يحدث عندما تكون عملية إنتاج السلع والخدمات موجهه لتلبية إحتياجات الآخرين من خلال علاقات التبادل أى من خلال السوق. ويتمكن النتج الصغير من توسيع مساهمتة فى الانتاج السلعى، كلما زادت إنتاجيته وحقق فائضاً إقتصادياً أكبر وهذا يمكنه من الانخراط على نطاق اوسع فى علاقات التبادل مع الآخرين. بقاء معظم النساء فى دائرة تكوين المنتج الصغير يلعب دوراً أساسياً فى تحديد نصيبهن من الثروة. كشأن أى منتج صغير آخر يملك قدراً ضئيلاً من الاصول (قطعة أرض صغيرة وادوات عمل تقليدية وعدد قليل من الحيوانات). هذا القدر الضئيل من الثروة لحق به ضرر كبير من جراء ما يجرى فى إقليم دارفور. فإلى اى مدى يعالج إتفاق السلام لدارفور هذه القضية. غياب مبدأ العدالة الاجتماعية يجعل تقسيم الثروة فى المناطق والأقاليم فى وقتنا الحاضر مستنسخاً من تقسيم الثروة فى المركز المستمد من الطبيعة الطبقية للدولة. وحيث تحظى الأقلية بالنصيب الأوفر من الثروة ونرزح الغالبية تحت وطأة الفقر. كما أن غياب البعد الاجتماعى – وإن تم التصريح به فى بعض المواقع فى اتفاقيات السلام.لان هذه الاتفاقيات (السلام الشامل، سلام دارفور...) تم التوصل إليها فى ظل سياسات التنمية التابعة وأكدت الإتفاقيات على التمسك بهذه السياسات والسير على نهجها مما يعتبر أحد أوجه الخلل الرئيسية فى هذه الإتفاقيات لان هذه السياسات وكما أوضحنا ساقاً كانت من بين أهم العوامل التى أفضت الى تفاقم أزمة القطاع التقليدى وتفجر النزاعات والحروب الأهلية فى مناطق مختلفة منه لذا يتعذر قبول المنطق القائل بإمكانية تحقيق السلام وإستدامته ومنع تجدد النزاعات والحروب فى ظل سياسات التنمية الحالية. الجهود التنموية للدولة يجب أن تشمل إقامة بنوك وصناديق التنمية بغرض تمويل صغار المنتجين وخاصة النساء. وإقامة مراكز تقديم الخدمات الزراعية والبيطرية مثل خدمات الحرث، النظافة، الحصاد، التذرية، التعبئة، تقديم البذور المحسنة ونثرها وخدمات الإرشاد الزراعى ومكافحة امراض الحيوان. ما تقدمة هذه البنوك والصناديق ومراكز الخدمات من تمويل وخدمات ومؤازرة فنية سينعكس إيجابياً على إنتاجية صغار المنتجين وزيادة فى حجم الإنتاج والفائض الإقتصادى المحقق. أن إضطلاع الدولة بدور تنموى فى دائرة الإنتاج المباشر للسلع والخدمات لا يلغى ضرورة قيامها بوضع السياسات والقوانين المنظمة لنشاط القطاع الخاص المحلى والأجنبى وتشجيع دورهما التنموي، وتنظيم علاقاتها بقطاع المنتج الصغير.

الهوية التعاونية
قد اعتمد الحلف التعاوني الدولي في العام 1995 المبادئ التالية:
1- العضوية الطوعية المفتوحة : التعاونيات منظمات مفتوحة لكل الأشخاص دون تميز جنسي أو اجتماعي أو عرقي أو سياسي أو ديني وتتمتع التعاونيات بالحياد تجاه الجميع .
2- الإدارة الديمقراطية للتعاونيات: التعاونيات منظمات ديمقراطية يحكمها أعضاؤها ويشاركون في سياساتها واتخاذ القرار عن طريق ممثليهم المنتخبين ديمقراطيا والممثلين مسئولين أمام ناخبيهم وللأعضاء حقوق تصويت متساوية "عضو واحد صوت واحد " وتدار التعاونيات وتنظم على كل المستويات بأسلوب ديمقراطي حر.
3- مساهمة العضو الاقتصادية : يساهم الأعضاء بعدالة في رأس مال تعاونيتهم وتكون ملكية رأس المال ملكية تعاونية , ويتلقى الأعضاء تعويضا عن رأس المال المساهم به، ويمكن تخصيص الفائض لتطوير التعاونية و دعم الأنشطة الأخرى التي يوافق عليها الأعضاء ويوزع الباقي على الأعضاء بنسبة تعاملهم مع التعاونية .
4- الإدارة الذاتية المستقلة :التعاونيات منظمات ذاتية الإدارة يديرها أعضاؤها ويؤمنون تمويلها المالي ويمكن لهم التعاون مع منظمات أخرى أو مع الحكومات سواء بالإدارة أو التمويل شرط تأكيد الإدارة الديمقراطية لأعضائهم والمحافظة على التحكم الذاتي التعاوني.
5- التعليم والتدريب والإعلام : تقدم التعاونيات التدريب والتعليم لأعضائها بالتعاونيات ولقياداتها المنتخبة ومديرها وموظفيها ليستطيعوا أن يساهموا بفعالية لتنمية تعاونياتهم، مع تنوير الرأي العام عن طريق الإعلان والإعلام وخاصة الشباب وقادة الرأي عن طبيعة ومزايا التعاون عن طريق التثقيف والتوعية التعاونية.
6- التعاون بين التعاونيات : تخدم التعاونيات أعضاءها بكفاءة أكثر وتقوى الحركة التعاونية بالعمل سويا من خلال المؤسسات والمنظمات والإتحادات التعاونية المحلية والإقليمية والدولية.
7- الاهتمام بالمجتمع : تعمل التعاونيات من أجل التنمية الاجتماعية المتواصلة فتقدم خدماتها في مجال الصحة والتعليم وتوفير مياه الشرب..... الخ لمجتمعاتها من خلال سياسات يوافق عليها الأعضاء

إن عدم مراعاة التقيد والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلى عواقب وخيمة وضارة تذهب بالصفة التعاونية والشعبية والديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات، كما أنها تؤدي إلى الفشل و الإخفاق الذر يع. ويذكر الباحث محمد عثمان جودة أحمد إن عدم إتباع المبادئ والأسس التعاونية التي أنشأ علي أساسها مشروع الجموعية الزراعي التعاوني بولاية الخرطوم وبصفة خاصة الجانب الإداري، انعكس سلبا علي الأداء بالمشروع وبصفة خاصة في المجال التسويقي، إذ اعتمد المشروع في إدارته علي أساس التعيين من قبل الوزير المختص مما يتنافى مع المبادئ والقوانين التعاونية. وذلك لأن التعاونيات ووفقا للمبدأ الثاني من المبادئ التعاونية، منظمات ديموقراطية، يتحكّم بها أعضاؤها الذين يشاركون بفعالية في وضع السياسات واتخاذ القرارات.
ولقد أثبتت التجارب العالمية أن مراعاة التقيد والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلى الاحتفاظ بالصفة التعاونية والشعبية للتعاونيات والحفاظ أيضا علي الديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات، كما أنها تجنب التعاونيات الفشل و الإخفاق في تحقيق أهدافها. فقد جاء في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي {إن التعاونيات عبارة عن مجموعات أولية تضم مجموعة من الأشخاص لإدارة مصالحهم الاقتصادية بصورة جماعية وعلي الأسس التعاونية الديمقراطية لكل عضو صوت واحد بغض النظر عن ما يملكه من رأسمال في التعاونية أي "رجل واحد صوت واحد" }. لقد كان للالتزام بالمبادئ التعاونية وبخاصة الديمقراطية، الأثر الكبير في استمرار الحركة التعاونية الأوروبية وتقدمها عالميا.

هشاشة المحتوى الديمقراطي والأزمة التعاونية
كشفت الاحداث ا التي صاحبت الإنتخابات التعاونية التي جرت لاختيار القيادة التعاونية الجديدة للاتحاد التعاوني القومي في 14 مايو 2007 ، عن الأزمة التعاونية المتمثلة في هشاشة المحتوى الديمقراطي للعملية الانتخابية في بلادنا ، سواء على مستوى الثقافة والفهم أم على مستوى الممارسة والفعل أم على مستوى المؤسسات والشخوص، أم على مستوى النخبة اتعاونية و القيادات الشعبية، الى درجة يمكن فيها توصيف الحالة الانتخابية التعاونية بانها محاولة لبناء ديمقراطية بلا ديمقراطيين. فثمة ضحالة هائلة في التجربة الانتخابية، حيث لا توجد طبقة تعاونية متمرسة في العمل التعاوني بإستثناء قلة قليلة من التعاونيين الشعبيين، ويعود هذا الى سببين الأول منهما هيمنة الدكتاتورية لمدة طويلة تعذر معها نشوء طبقة تعاونية ديمقراطية متمرسة، من جهة، وبقاء كثير من التعاونيين خارج إطار العمل التعاوني من جهة ثانية. وثمة هشاشة كبيرة في الإلتزام بقواعد العملية الديمقراطية، فضلا عن السطحية في فهمها وقبولها والإستعداد للإلتزام بها والعمل بموجبها. وإذا كانت التسويات القائمة على أساس التنازلات المتبادلة تمثل واحدة من هذه القواعد فإننا نرى إصراراً غريباً على المواقف والمواقع يمنع حصول أي حراك وتزحزح، وظهور قيادة جديدة منتخبة. وثمة فقر مدقع في الثقافة الديمقراطية والفهم الواعي للتعاون لدى النخب والجمهور في آن واحد.والطرفان معذوران كون الأنظمة السابقة وخاصة نظام "الإنقاذ" قد حرم أصلاً تداول هذا النوع من الثقافة، وعلى مدى حوالي عقدين من الزمان، مما أنتج نخباً وجمهوراً تعاونيا ليس لهما من الثقافة الديمقراطية إلا الشيء القليل الذي لا يغني ولا يسمن عن جوع. وتكشف عن هذا الفقر في الثقافة الديمقراطية وممارستها حيث لا يوجد فيها ما يؤمن إشاعة الثقافة الديمقراطية والمبادئ التعاونية بين صفوف المواطنين والتعاونيين. وثمة ضعف ينتاب المؤسسات التعاونية التي تمثل العمود الفقري للديمقراطية وفي مقدمتها مجالس إدارات التعاونيات وخاصة الإتحادات التعاونية وبصورة أخص الإتحاد التعاوني القومي والتي أصبحت مجالس صورية ليس لها من الدور القيادي الا الشيء اليسير والقدر النزير حيث تمت ادارة العمل التعاوني وراء جدران سميكة لغرف ذات ابواب محكمة الغلق، لا تصادر فقط حق التعاونيين في ان يعرفوا ما يدور، وهذا مبدأ اخر من مبادئ الديمقراطية، وإنما تهمش دور مجالس الإدارات المنتخبة بشكل يجعلها هياكل بلا فعالية وأجساما بلا حياة.
لا سبيل اليوم للخروج من مشاكل المجتمع السوداني الراهنة إلا بالبعد عن الشمولية وإقصاء الآخر، وإشاعة الحريات والممارسة الديمقراطية ومحاربة الفساد والمفسدين والسعي قدما في الطريق الجاد نحو تحقيق السلام الشامل والعادل لشعبنا الكريم العزيز. إن دعم المجهود التعاوني والعمل على إشعاعته وتعميمه لجميع القطاعات، مع ضمان التنسيق اللازم بين مختلف المصالح المعنية والأطراف المكونة للقطاع الإقتصادي، مسئولية سياسية في المقام الأول ولابد للقيادة السياسية بالبلاد من النظر للقطاع التعاوني وخاصة الإنتاجي (التعاون الزراعي والحرفي) باعتباره قطاعا فاعلا ومؤثرا مثله مثل القطاعات اللأخري (الخاص، العام والمختلط). ويتطلب هذا دور سياسي وقيادي رشيد وجديد، مع تصور كامل لما يمكن أن يقوم به التعاون الزراعي من دور حقيقي في تنمية القطاع الزراعي ببلادنا.
إن البداية الصحيحة تبدأ بتقوية ودعم وتطوير الجهاز الحكومي المختص، هذا ما نؤكده ونشدد عليه لأنه الأداة التي من خلالها يمكن إصلاح الخراب والتدمير الذي لحق بالحركة التعاونية في كل جوانبها حتى كاد أن يطمس معالمها ويقضي عليها.إن علي القيادة السياسية مسؤولية تاريخية تفرض عليها أن تنظر لهذا القطاع بعين قومية بعيدا عن النظر بتلك العين الحزبية الأحادية الضيقة والتي أضرت بالحياة السودانية قاطبة. إن حل مشاكل الحركة التعاونية السودانية وحل مشاكل التعاونيات الزراعية، يحتاج لقرار سياسي شجاع وجرئ تصحح به الأوضاع المقلوبة والتي جاءت به قرارات سياسية غير مدروسة بعيدة عن الواقع ومجافية للرأي الفني المتخصص، بل تتعارض وتتصادم معه وتؤدى إلى تقويضه وفراغه من مضمونه الفني الأصيل.
الجهود الحكومية والتعاونيات الريفية
في عام 1995 أقر مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية الذي عقد في كوبنهاجن بأهمية التعاونيات ذات النهج الذي يركز على البشر في التنمية وتعهد باستغلال وتطوير إمكانيات التعاونيات وإسهاماتها على نحو تام من أجل القضاء على الفقر مع توليد فرص عمل كاملة ومنتجة وتعزيز التكامل الاجتماعي. وفى عام 2002 أقر مؤتمر العمل الدولي التوصية رقم 193 التي تذكر بأنه ينبغي تعزيز التعاونيات باعتبارها أحد أعمدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والوطنية والدولية كما ذكرت بشكل خاص بأدوار التعاونيات في الاستجابة لتلبية احتياجات أعضائها واحتياجات المجتمع بما في ذلك ذوى الاحتياجات الخاصة بغية تحقيق مشاركتها الاقتصادية واندماجها الاجتماعي. كما أثبتت الخبرة العملية على المستويين المحلي والدولي قدرة التعاونيات الإنتاجية على توفير فرص العمل اللائق لكافة فئات المجتمع، خاصة منها الفئات من ذوى الاحتياجات الخاصة تعتبر المنظمات الريفية (التعاونيات الريفية التي تدار وتمول بمعرفة الأعضاء، وروابط المنتجين الزراعيين وعمال الريف، وصناديق الائتمان الريفية، وروابط النساء والشباب، وغير ذلك من مجموعات الجهود الذاتية) من الأشكال الهامة لرأس المال الاجتماعي الريفي الذي يمكن من القيام بأعمال الجهود الذاتية الجماعية وتيسير تحقيق التنمية الريفية يهدف صغار المنتجين وعمال الريف والذين يعانون من نقص المدخلات، وخدمات الأسواق والخدمات الحكومية إلى العمل بصورة أكثر كفاءة من خلال منظماتهم على تحسين سبل معيشتهم والقيام بأعمال أخرى بالجهود الذاتية لتحسين مجتمعاتهم المحلية. كما تصل الحكومات ووكالات المنظمات غير الحكومية إلى عدد أكبر من السكان وتسليم الخدمات بقدر أكبر من الفعالية. إلا أن هناك مزايا اجتماعية سياسية أيضا. فمن خلال المجموعات، ينتخب سكان الريف قادتهم ويقومون بتعبئة مواردهم الخاصة لتحسين سبل معيشتهم ومجتمعاتهم المحلية وتعلم قيمة التعاون. ويؤدي ذلك إلى التقليل من مخاطر الصراع ويساهم في تحسين التيسير الإداري المحلي وتطور المؤسسات الأكثر استقرارا وديمقراطية التي تخدم مصالح سكان الريف.
ولذلك يجب أن تساعد الحكومات الجهود الداعمة لمصلحة التنمية المستدامة وذلك بالترويج لتطبيق اللامركزية ودعم منظمات المزارعين وسكان الريف وتعزيز قدراتها على المشاركة على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية في تحديد وتنفيذ سياسات وبرامج التنمية الريفية فضلا عن الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية. ومن التجارب العالمية تقدم المساعدات في شكل مشورة في مجال السياسات وخطوط توجيهية ومواد تدريبية في المجالات الرئيسية الثلاثة، أولا: تنمية التعاونيات الريفيةبالمشورة في مجال السياسات، والتدريب على إصلاح التعاونيات، وإدارة الأعمال التعاونية، وتمويل التعاونيات، ونظم معلومات الأعمال التجارية الخاصة بهذه التعاونيات. ثانيا : تطوير مجموعات الجهود الذاتية بتقديم المساعدات والتدريب بشأن تشكيل المجموعات وإدارة المنشآت وتحقيق المدخرات والروابط المشتركة بين المجموعات. ثالثا :الترويج للشراكات مع المنظمات الريفية والمنظمات غير الحكومية والحكومات لتحسين تبادل المعلومات والتعاون في تحقيق التنمية الريفية المستدامة والأمن الغذائي.
وسائل انتخاب الأصلح
لجأت الحركة التعاونية في بريطانيا ، بعد نيف ومائة عام من الخبرات أو التجارب ، إلي عدة طرق تتبع لضمان انتخاب أصلح الأشخاص لعضوية مجلس الإدارة . فبعض الجمعيات كانت تطلب من كل مرشح أن يوافيها ببيان عن أهدافه ومؤهلاته ، ثم تقوم بطبع هذا البيان علي نفقتها الخاصة ، وتوزعه علي الأعضاء ، وبعضها كان ينظم عقد اجتماعات خاصة قبل اجتماع الجمعية العمومية التي ستقوم بانتخاب مجلس الإدارة ، فيدعو الأعضاء لحضور الاجتماعات ثم يقوم المرشحون بإلقاء كلماتهم ، ثم تعطي لأعضاء الجمعية فرصة سؤالهم ثم يعطون أصواتهم لمن يعتقدون أنه أصلح للقيام بأعباء المنصب .
وقد نبذة غالبية الجمعيات التعاونية البريطانية عادة ترشيح أسماء الأعضاء لعضوية مجلس الإدارة انتخابهم في نفس الجلسة ، وصارت تطلب ممن يرغبون في ترشيح أنفسهم للعضوية أن يقيدوا أسمائهم قبل حوالي شهر من تاريخ اجتماع الجمعية ، بل أكثر من هذا عمدت إلي أن تذكر أسماء المرشحين ومن يزكون ترشيحهم مع بطاقة توجيه الدعوة إلي الاجتماع الذي سيجري فيه الانتخاب ثم يقوم سكرتير الجمعية بفحص الترشيحات والتأكد من أنها سليمة وأنها تمت طبقاً للقوانين التعاونية والنظم الداخلية للجمعيات وعندما تعقد اجتماعات الجمعيات العمومية تؤخذ الأصوات بطريقة الاقتراع السري . وتلجأ بعض الجمعيات التعاونية الإنجليزية إلي وضع صناديق الانتخاب في الجمعيات قبل موعد عقد جلسة الجمعية العمومية بيوم أو يومين حتى يتسنى للأعضاء أن يدلوا بأصواتهم عند ترددهم علي الجمعية ، أو عند ما تسنح الفرصة ؛ ولزيادة ثقة الأعضاء بعدالة الانتخابات رأت أن يكون لديها مراقبون للصناديق لمراقبة الأعضاء وهم يدلون بأصواتهم ؛ وأطلقت عليهم اسم Scratineers ، ووكلت إليهم القيام بعد الأصوات في الجمعية العمومية تحت إشراف رئيس الجلسة .
امتحان المرشحون لأعضاء مجلس الإدارة :
يقول " بروفوسور هل " أن طلب امتحان لعضوية مجلس الإدارة في الجمعيات التعاونية في إنجلترا قد ازداد بإلحاح خلال السنوات الأخيرة ، لذلك يقوم الإتحاد التعاوني البريطاني بإعطاء دراسات تؤهل العضو لأن يكون أكثر فهماً للواجبات الملقاة علي عضو مجلس الإدارة ، وتقام هذه الدروس بمدارس في نهاية الأسبوع Week end Schools أو عن طريق تنظيم فصول خاصة لأعضاء مجلس الإدارة المرتقبين ، ثم يعقد بعد ذلك امتحان للأعضاء لمعرفة مدي ما استفادوه من هذه الدراسات ، فإذا اجتاز المرشح الامتحان بنجاح كان ذلك دليلاً علي أنه أكثر نفعاً للجمعية من غيره .
والرأي الغالب أن نجاح العضو في مجلس الإدارة يعتمد علي صفات كثيرة لا يمكن معرفتها عن طريق الامتحان ، فهي مثلاً لا تعتبر درجة ولاء الشخص وإنما تعرف درجة هذا الولاء بالنظر إلي مشتريانه وأفعاله كذلك لا توضح لنا هذه الاختبارات شيئاً عن أمانته ، أو عن قوة روحه التعاونية فهو قد ينجح في الامتحان ومع ذلك لا يكون أميناً ، أو متحلياً بروح تعاوني حق .
لذلك يحسن أن يبذل الأعضاء بعض الجهد في الاستعلام والتحري عن الذين سيضعون في أيديهم أمور جمعيتهم ، وعلي ضوء ما سيفر عنه تحرياتهم واستفساراتهم ، يستطيعون انتخاب الأصلح من بين الذين اجتازوا امتحان الدراسات المنظمة .

الانتخابات التعاونية ومركز المرأة :
يري الكثيرون في بريطانيا أنه ينبغي أن يفسح للمرأة مجال أوسع في مجلس إدارة الجمعيات التعاونية لتدخل عضواً فيها ، فإن أهداف المرأة تتلاقي مع أهداف الحركة التعاونية الاستهلاكية في كثير من النواحي بذلك لأن الحركة التعاونية الاستهلاكية تهدف في جملتها إلي توفير احتياجات الأعضاء من مأكل وملبس وأدوات منزلية ومسكن وما إلي ذلك من أنواع السلع والخدمات الاستهلاكية بأسعار في متناول مقدرة الأعضاء المالية وهذه السلع والخدمات تتصل بمهام ربة البيت من حيث يقع علي عاتقها العمل علي توفير أعلي قدر من الرفاهية لأعضاء الأسرة في حدود دخلها ، ومن ثم يرون أنه يجب أن يمتد نشاط المرأة حتى تشارك مشاركة فعالة في الحركة التعاونية الاستهلاكية عن طريق الانضمام إلي عضويتها والعمل في اللجان المختلفة بها، وترشيح نفسها لعضوية مجلس الإدارة إذا توافرت لديها الكفاية لأداء الواجب .
ولقد قامت المرأة بنصيب فعال في الدولة التي تقدمت فيها الحركة التعاونية الاستهلاكية ففي إنجلترا وهي مهد التعاون الاستهلاكي " تعتبر المرأة عضواً في غاية الأهمية لتقدم الحركة التعاونية الاستهلاكية " ويطلق عليها هناك والمرأة ذات السلة The Woman with the Basket ويلاحظ أن الدور الذي تقوم به يتسع رويداً رويداً ، فقد دلت إحصاءات الهيئة النسائية التعاونية Woman’s Cooperative علي أن 117 من أعضائها أعضاء في مجلس إدارة الجمعيات و 192 أعضاء في اللجان التعليمية ، وأن لها عضواً في كل من الحزب التعاوني البريطاني ، والجمعية المتحدة للخبر ص. 209 ، والاتحاد التعاوني البريطاني ، أما شعار هذه الهيئة التعاونية النسائية الذي تنادي به دائماً في حملاتها فهو " أسعار مخفضة ... وعائد أقل " . ص. 210 وتقول مسز فلورنس Mrs. Florance نائبة جمعية لندن التعاونية "يلاحظ أن نصف عدد أعضاء مجلس الإدارة في جمعية لندن من الزوجات" ، وهي تضم مليون عضو : إن كثير من الخدمات الاجتماعية التي تعمل الآن في خدمة الجمهور كانت بفضل جهود هذه الهيئة علي مر السنين .
وقد تأسست الهيئة التعاونية النسائية عام 1882 ، ولها فروع محلية وهي تهدف إلي خلق راي عام في صالح الحركة التعاونية كما تعمل من أجل السلام. ويقول هل – ووتكنز " إنه لا توجد هيئة ساعدت علي نشر الحركة التعاونية في بريطانيا مثل الهيئات النسائية ، فقد كانت تفتح أبوابها لجميع النساء من جميع الطبقات ، وأدت خدمات جليلة للطبقات العاملة من النساء ، وهيأت لهن أن يأخذن مكانهن اللائق بهن تحت الشمس ، وقد ساعدتهن الحركة التعاونية فخصصت لهن مكاناً في مجلتها ( ركن المرأة ) وقد ساعدت هذه الهيئة علي أخذ بيد المرأة ورفع مستواها الأدبي في جميع أطوارها ، سواء أكان ذلك في المنزل أم في الحانوت ، أم في المصنع ، أم في الحكومة ، ووجهت نظر الحكومة إلي وضع قوانين لحماية المرأة ودعون إلي عدم حرمان الأطفال من التعليم الذي يحول دونه العمل ف المصانع ، وشاركت في الجهود التي بذلت لأعضاء المرأة حتى الانتخاب .

مدة العضوية بالمجلس :
تنص القوانين النظامية للجمعيات علي مدة العضوية في مجلس الإدارة بحيث لا تتجاوز فترات معينة ، وتلجأ بعض الجمعيات إلي أن تجري انتخاب أعضاء المجلس بمعني أنه لا ينبغي أن ينتخب أعضاء المجلس جميعاً مرة واحدة ، بل ينبغي أن ينتخب بعضهم في الاجتماع الذي يعقد في شهر يناير ، والبعض في الاجتماع الثاني الذي يعقد في شهر أبريل ، والبعض الاجتماع الذي يعقد في شهر يوليو والآخر ينتخب في الاجتماع الذي يعقد في شهر أكتوبر .
والسبب في ذلك أنهم يريدون أن يوجهوا اهتمام الأعضاء إلي اجتماعات الجمعية العمومية ومتى تنعقد هناك أربع مرات سنوياً . والغالبية العظمي من الجمعيات التعاونية في بريطانيا ليست من أنصار بقاء أعضاء مجلس الإدارة في مناصبهم فترة طويلة وذلك حتى لا يظل هؤلاء الأعضاء قابضين علي زمام الوظائف في المجلس لا يتغيرون ولا يتبدلون ، وذلك خشية أن تكون إدارة بعضهم للجمعية غير سليمة . لذلك حاولت بعض الجمعيات بالإضافة إلي تجزيء الفترات التي ينتخب فيها أعضاء المجلس اقتراح استخدام عدة وسائل تنظيمية في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة منها أنه إذا كان عدد أعضاء مجلس الإدارة سبعة مثلاً، أن ينص في القوانين النظامية علي أن تنتخب الجمعية العمومية الأولي للمؤسسين بعد النشر عن الجمعية – ثلاثة أعضاء من الأعضاء السبعة لمدة سنة وعضوين لمدة سنتين وعضوين لمدة ثلاثة سنوات ، وبعد ذلك يجدد انتخاب المقاعد التي تنتهي مدتها لمدة ثلاثة سنوات .
ولتبيين هذا النظام ينتخب سبعة أضاء في السنة الأولي ، وثلاثة أعضاء في السنة الثانية وعضوان في السنة الثالثة ، وعضوان في السنة الرابعة ثم يتوالي تكرار الانتخاب بعد ذلك سنوياً طبقاً لهذه الأعداد 3-2-2 وهكذا دواليك كما هو موضح بالجدول (26) . تنتخب الجمعية العمومية أربعة من سبعة لمدة سنة ، وثلاثة الآخرين لمدة سنتين ثم يعاد انتخاب المقاعد جميعها بعد نهاية مدتها لمدة سنتين ، أي أن المقاعد في التجديد أن يتم دورياً كل سنتين . ومن قبيل الاستثناء يحدد نصف عدد المقاعد تقريباً بحيث تكون مدة الانتخاب الأول لها عام واحد . ولتطبيق هذا النظام ينتخب سبعة أعضاء في السنة الأولي وأربعة في السنة الثانية وثلاثة في السنة الثالثة ، ثم يتوالي الانتخاب بعد ذلك في السنتين المتعاقبة 3- 4 وهكذا دواليك. كما هو موضح بالجدول رقم (1) .




جدول رقم( 1)
كيفية انتخاب أعضاء مجلس الإدارة في جمعية يبلغ عدد أعضاء
مجلس إدارتها سبعة أعضاء


مواعيد انعقاد
الجمعية العمومية
مقاعد مدة الانتخاب الأول لها عام واحد ثم يتجدد الانتخاب كل ثلاثة أعوام وعددها ثلاثة مقاعد
مقاعد مدة الانتخاب الأول لها عامين ثم يتجدد الانتخاب كل ثلاثة أعوام وعددها مقعدان
مقاعد مدة الانتخاب الأول لها ثلاثة أعوام ثم يتجدد الانتخاب كل ثلاثة أعوام وعددها معقدان
عدد من يتم انتخابهم
في الجمعية العمومية
الجمعية العمومية الأولي 3 2 2 7
الجمعية العمومية الثانية 3 3
الجمعية العمومية الثالثة 2 2
الجمعية العمومية الرابعة 2 2
الجمعية العمومية الخامسة 3 3
الجمعية العمومية السادسة 2 2
الجمعية العمومية السابعة 2 2
الجمعية العمومية الثامنة 3 3
الجمعية العمومية التاسعة 2 2
الجمعية العمومية العاشرة 2 2

جدول رقم( 2)
طريقة أخرى لكيفية انتخاب أعضاء مجلس الإدارة في جمعية يبلغ عدد
أعضاء مجلس إدارتها سبعة أعضاء


مواعيد انعقاد
الجمعية العمومية
مقاعد مدة الانتخاب الأول لها عام واحد ثم يتجدد الانتخاب كل عامين وعددها أربعة مقاعد
مقاعد مدة الانتخاب الأول لها عامين ثم يتجدد الانتخاب كل عامين وعددها ثلاثة مقاعد
عدد من يتم انتخابهم
في الجمعية العمومية
الجمعية العمومية الأولي 4 3 7
الجمعية العمومية الثانية 4 4
الجمعية العمومية الثالثة 3 3
الجمعية العمومية الرابعة 4 4
الجمعية العمومية الخامسة 3 3
الجمعية العمومية السادسة 4 4
الجمعية العمومية السابعة 3 3

طريقة ثالثة :
وهناك طريقة أخرى ينص عليها القانون النظامي للجمعية ، وهي تقسيم مقاعد أعضاء مجلس الإدارة إلي أنواع ، النوع الأول تكون مدة عضو مجلس الإدارة فيه عاماً واحداً ، والنوع التالي تكون مدة العضوية فيه عامين ، والنوع الثالث تكون مدة العضوية ثلاثة أعوام ، فإذا كان عدد أعضاء مجلس الإدارة في الجمعية مثلاً خصصت ثلاثة مقاعد ينتخب من يرشحون لشغلها مدة سنة ثم تنتهي عضويتهم في نهاية السنة ، ويكون علي الجمعية العمومية في اجتماعها السنوي أن تعيد انتخاب أو تستبدلهم بغيرهم ، ويخصص مقعدان ينتخب من يرشح لشغلها لمدة سنتين ، أي أن مدة عضويتهما في المجلس تستمر عامين ، وفي نهاية هذه المدة يكون علي الجمعية العمومية في اجتماعها السنوي أن تعيد انتخابهما أو استبدالهما بعيرهما ، كذلك يخصص مقعدان ينتخب من يرشح لشغلها مدة ثلاثة سنوات ، أي أن مدة عضويتها بالمجلس تستمر لمدة ثلاثة سنوات ، وفي نهاية هذه المدة يكون علي الجمعية العمومية في اجتماعها السنوي أن تعيد انتخابهما أو تستبدلهما بغيرهما .
ولتطبيق هذا النظام ينتخب سبعة أعضاء في السنة الأولي ، وينتخب ثلاثة أعضاء في السنة الثانية ، وخمسة أعضاء في كل من السنوات الثالثة والرابعة والخامسة ، وثلاثة في السنة السادسة ثم يتولي بعد ذلك تكرار انتخاب أعضاء مجلس الإدارة في الجمعيات العمومية علي التوالي الستين طبقاً للأعداد الآتية : 7 – 3 – 5 – 5 – 5 – 3 وهكذا وهكذا دوليك0
وذلك كما هو موضح الجدول رقم (3)


جدول رقم( 3)
طريقة ثالثة لكيفية انتخاب أعضاء مجلس الإدارة في جمعية يبلغ عدد أعضاء مجلس إدارتها سبعة أعضاء

مواعيد انعقاد
الجمعية العمومية
مقــاعد يتجـدد الانتخاب لها ســنوياً وعـددها
( مقعدان)
مقاعد يتجدد الانتخاب لها سنوياً وعددها ( مقعدان)
مقاعد يتجدد الانتخاب لها كل ثلاثة أعوام وعددها ثلاثة ( مقاعد )
عدد من يتم انتخابهم
في الجمعية العمومية
الجمعية العمومية الأولي 3 2 2 7
الجمعية العمومية الثانية 3 3
الجمعية العمومية الثالثة 3 2 5
الجمعية العمومية الرابعة 3 2 5
الجمعية العمومية الخامسة 3 2 5
الجمعية العمومية السادسة 3 2 5
الجمعية العمومية السابعة 3 2 2 7
الجمعية العمومية الثامنة 3 3
الجمعية العمومية التاسعة 3 2 5
الجمعية العمومية العاشرة 3 2 5
الجمعية العمومية الحادية عشرة 3 2 5
الجمعية العمومية الثانية عشر 3 3


قد تكون هذه الطريقة معقدة بعض الشيء ، ولكنها أفضل من غيرها لما تتمتع به من مميزات كثيرة . فإنها تحول دون أن يتغير أعضاء مجلس الإدارة جميعاً عقب السنة الأولي ، ومن ثم يمكن تجنب الوقوع في أخطاء سبق ارتكابها وهي ناحية أخري تمنع استمرار أعضاء مجلس الإدارة جميعاً مراكزهم مدة طويلة ، كما تسمح في نفس الوقت من تجربة أشخاص جدد كل سنة لمدة عام واحد ، فإذا أثبتوا جدارة في القيام بأعباء وظائفهم استطاع أعضاء الجمعية انتخابهم بعد ذلك في المقاعد ذات المدة الأطول ،
وتنص معظم الجمعيات التعاونية التجزيئية في بريطانيا قوانينها النظامية علي أن تكون مدة العضوية لمجلس الإدارة أما سنة أو سنتين ، هناك كثير من الجمعيات لا تسمح لعضو مجلس الإدارة أن يستمر في مقعدة في المجلس مدة ستة سنين متتالية ـ وبعد مضي فترة معينة تتراوح بين الستة أشهر وسنة يسمح له بأن يرشح مرة ثانية. والواقع إن التغيير الكثير في أشخاص مجلس الإدارة مع توافر الكفايات اللازمة ، ليس في مصلحة الجميع ، لأنه يعرقل سير تقدم الجمعية في سياستها المرسومة ، ثم إن أعضاء مجلس الإدارة الذين يعملوا في فترة معينة وتتوفر فيهم الكفايات اللازمة تسود بينهم روح الفريق في العمل كما هو المرغوب فيه والمطلوب داخل المجلس ، كما إنهم يكتسبون مزيداً من الخبرات والبصر بأمور الجمعية ومشاكلهم . وهذا يجعلهم أكثر من غيرهم علي حلها ولذلك يجب أن لا تلجأ الجمعيات العمومية إلي تغيير أعضاء مجالس إداراتها إلا أذا تبين لها وجود عناصر أصلح وعلي استعداد أقوي للمساهمة في نجاح الجمعية وتقدمها ويلاحظ كذلك أو من المحتمل وصول بعض الأشخاص إلي عضوية مجلس الإدارة ، ثم لا يكون بعد ذلك نشاط في الجمعية وهؤلاء يجب علي الجمعية العمومية أن تعمل علي استبدالهم بغيرهم .

أما ما يقال عن المدة القصيرة من أنها لا تساعد علي رفع مستوي الكفاية في الجمعية ، فهو مردود بأنه إذا أظهر أعضاء مجلس الإدارة الذين يشغلون مراكزهم لفترة قصيرة كفاية في العمل واستعداد للمضي فيه ، فليس ما يمنع أعضاء الجمعية عند إنتهاء الفترة إعادة انتخابهم مرة وأثنين وثلاثاً ومن ثم أري أن لا تضمن القوانين النظامية للجمعيات التعاونية للاستهلاك وجوداً تمنع مثل هذا التكرار ، كما ويجب أن يأخذ في الاعتبار أنه كما كانت مدة العضوية في مجلس الإدارة قصيرة ، كان ذلك أقرب إلي مفهوم الديمقراطية . وهنا من يري أنه لا إذا نصت القوانين النظامية للجمعيات علي بقاء أعضاء مجلس الإدارة لمدة طويلة وكانت تصرفات المجلس لا تحوز ثقة الأعضاء فإن في وسعهم أن يقترحوا قراراً بلوم المجلس Vote of Censure فإذا حاز الاختراح أغلبية الأصوات ، وجب علي المجلس أن يستقيل إذا كان يحترم نفسه . كما يري أنه إذا كان هناك بعض أعضاء المجلس قد تمنعهم ظروف السن أو الصحة من القيام بواجباتهم بصورة فعالة ، فإنه يمكن التغلب علي ذلك عن طريق النص في القوانين النظامية علي أن الأعضاء الذين بلغوا سناً معينة يمنعون من ترشيح أنفسهم في المجلس حتى نهاية العام . غير أن هناك أيضاً من يميل إلي استثناء ذوي الكفايات من أعضاء مجلس الإدارة من شروط السن إذا كانت حالتهم الصحية تمكنهم من القيام بأعباء وظائفهم.










الاجتماع العام :
إن طبيعة الأساس الديمقراطي لتكوين الجمعية التعاونية تتطلب وضع السلطة الرئيسية في الجمعية في يد الاجتماع العام الذي يحق لجميع الأعضاء الاشتراك فيه والإدلاء بأصواتهم علي قدم المساواة ، وهذا ينطبق علي الجمعيات التعاونية علي اختلاف أنواعها ، وهناك مسائل معينة من اختصاص الاجتماع العام وحده وهي كالآتي :
1) انتخاب مجلس الإدارة .
2) النظر في الميزانية العمومية السنوية بالإضافة لأية توجيهات من قبل مسجل التعاون .
3) توزيع الفائض حسب ما نصت عليه اللائحة .
4) تأييد قبول الأعضاء الجدد الذين يختارهم مجلس الإدارة .
5) تحديد مدي ما يمكن للجمعية أن تفترضه من غير الأعضاء .
6) تعديل اللوائح طبقاً للإجراءات الخاصة بذلك وبالإضافة إلي الاجتماع العام السنوي فقد يجد من الأمور من حين لآخر ما يستدعي عقد اجتماعات عامة في موضوع بعينه ، ويجوز دعوة الاجتماع العام لأغراض تعليمية كتنظيم الندوات وعرض الأفلام .
إن الاجتماعات السنوية العامة في بعض الجمعيات التعاونية غالباً ما تقتصر علي الطابع الرسمي الأمر الذي يبعث علي السأم في نفوس الأعضاء وأحياناً يكون نسبة الحضور لهذه الاجتماعات ضئيلة جداً فتجدهم مشغولين أثناء الاجتماعات بتجاذب بعض الحديث في أمورهم الشخصية وأحياناً نجد أن الذي يتولي الحديث في هذه الاجتماعات عضواً أو قلة بينما تظل البقية منكمشة علي نفسها ، إذن ما هي الأسباب لهذا كله؟ وما الذي يجب عمله لجعل هذه الاجتماعات شيقة ومفيدة بالنسبة للأعضاء ؟
وأكثر من ذلك فإن هذه الاجتماعات العامة تهدف أيضاً إلي تنمية الروح الديمقراطية في إدارة شئون الجمعية وروح التضامن بين الأعضاء وقـد يحدث في بعض الحالات أن ينقسم الأعضاء إلي تكتلات ... تتصارع للاستيلاء علي السلطة في الجمعية ، وفي هذه الحالة هل ترجع الخلافات في الرأي إلي الطريقة التي تسير بها الجمعية وأهدافها أم يرجع ذلك إلي أسباب أخري ؟
أن انتخاب مجلس الإدارة يأتي في الصدارة بالنسبة للواجبات المنوطة بها الجمعية العمومية فما هي القواعد التي تتبع لانتخاب مجلس الإدارة ؟ وما هي المبادئ التي يجب أن يسترشد بها الأعضاء عند انتخاب مجلس الإدارة ؟
كل جمعية تعاونية تشمل علي بعض القواعد .. المتعلقة بالاجتماع العام فمثلاً من الذي له سلطة دعوة الاجتماع العام وما هي مدة الإخطار للاجتماع العام ؟ أن الإجابة علي جميع هذه الأسئلة موجودة باللائحة الداخلية للجمعية .

مجلس الإدارة :
إن الجمعية التعاونية هي ملك للأعضاء الذين يتساوون جميعهم في المشاركة في إدارة شئون الجمعية التعاونية .ومع ذلك فأنة ليس من المعقول أن يقوم كل عضو بإعطاء توجيهات في جميع الأمور . كما انه من غير الممكن للأعضاء أن يعقدوا اجتماعات في كل ما يجب أن يعمل وما لا يعمل في كل وقت لتوجيه النشاط اليومي في الجمعية وحتي لو كان ذلك ممكناً فان الاجتماع العام لا يصلح مجالاً لمناقشة كل المسائل التي تتعلق بسير الجمعية بصورة مفضلة . ولهذا السبب تعمل كل جمعية علي انتخاب مجلس للإدارة من عدد محدود من أعضائها من السهل أن يجتمعوا فيما بينهم من وقت لآخر لمناقشة المسائل التي تعرض عليهم بواسطة الضباط التنفيذيين أو موظفي الجمعية أو أعضاء مجلس ألإدارة أنفسهم لكي يتخذوا قرارات بشأنها ويصدروا توجيهاتهم للموظفين عموماً لإدارة أعمال الجمعية وفقاً لما نصت علية اللوائح الداخلية وتوصيات الاجتماع العام .
المنهج التعاونى فى التنمية
لما كان التعاون في العصر الحديث يؤدي دوراً كبيراً في تنمية وتطوير المجتمعات الانسانية على الصعيد الدولي بصفة عامة وفي المجتمعات النامية بصفة خاصة فلا بد ان يأخذ القطاع التعاوني مكانته في الاقتصاد القومي بتمكينه من تحقيق قدر من الاكتفاء المالي والاداري بصورة تمكن من الإعتماد عليه كقوة لا يستهان بها في تنفيذ السياسة الزراعية وتأدية الخدمات المختلفة لملايين المزارعين وفي زيادة الانتاج وتكوين المجتمع السليم في الريف . لقد اصبح الأسلوب التعاوني اساساً لتنظيم النشاط الاقتصادي وتطوير المجتمع إلى وضع تسوده الديمقراطية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية مما يحتم علينا البحث الجاد في كيفية الوصولً إلى الأسلوب التعاوني الأمثل بما يمكن تأدية التعاون لرسالته وتحقيق أهدافه في بلادنا.

ويتميز المنهج التعاونى فى التنمية أنه لا يتحرك بدافع الربح كحالة منهج المشروع الخاص أو بأوامر فوقية من السلطات كحالة منهج المشروع الحكومى ، ولكنه يتحرك بدافع اشباع الاحتياجات ( حاجة المستهلك للسلعة أو الخدمة وحاجة المنتج الى تشغيل قوة عمله ومدخراته المحدودة ) الأمر الذى يرتب رشادة استخدام الموارد ، بما يمكن المخطط فى حالة شيوع الاخذ بالمنهج التعاونى من امكانية اشباع احتياجات أكثر بموارد أقل. أيضا يمكن المنهج التعاونى من امكانية التنمية حيثما تواجدت التجمعات البشرية واينما تباعدت هذه التجمعات ومهما كانت اعدادها والبيئة التى تعيش فيها وهو أمر قد يعجز عنه المشروع الحكومى حينما يقف حائل التكلفة المالية العالية فى احباط جدوى مشروع فى منطقة بعيدة أو قليلة السكان ، ولا يقبل عليه القطاع الخاص حينما تبين دراسات التكلفة / الربحية عدم جدوى هذا المشروع من ناحية الربحية ، ولهذا فالمنهج التعاونى يصير هو الاقرب ملائمة حين تكون التنمية المستهدفة تنمية متوازنة اقليميا. كما أن المنهج التعاونى هو الأقرب صلة بمفهوم التنمية البشرية التى تنصرف الى أنها تنمية الانسان بالانسان وللانسان بهدف توسيع الخيارات وتعتمد كمقومات لها الصحة والدخل والتعليم وهى أيضا مؤشراتها ، فالتعاونية تقوم على تجميع الجهود الصغيرة والاموال القليلة فى كيان تعاونى كبير يقوم على استخدام هذه الجهود والاموال دون أن يلغى الصفة الخاصة للملكية ، وهى تحقق اذا مزايا الانتاج الكبير ووفورات الحجم برغم ضآلة المشاركات ، ومن ثم لا يقف ضعف الادخار عائقا أمام التعاونية.
مع قيام التعاونية على منهج اشباع الاحتياجات فإنها تتجه بداية الى مراكمة الاصول الانسانية ، ولهذا كان التعليم والتدريب مبدأ تعاونى أساسى مما يوفر للانسان أحد أهم هذه الاصول الانسانية وهو المعرفه ، كما إن إشباع الاحتياجات بما يترتب عليه من رشادة استخدام الموارد يرفع الدخل الحقيقى للفرد وهو بهذا يوفر المقوم الثانى للتنمية البشرية، ويؤدى ارتفاع دخل الفرد الحقيقى الى امكانية أكبر فى الانفاق الصحى مما يوفر المقوم الثالث لهذه التننمية. والمنهج التعاونى فى التنمية هو الاقرب صلة ايضا بالتنمية المستدامة ، حيث يعتبر الحفاظ على السلامة البيئية ومراعاة حقوق الاجيال القادمة فى الموارد الطبيعية قيمة مترتبة على انطلاق الجمعيات من مبدأ اشباع الاحتياجات ، ولما كان المنهج التعاونى يمكن من العمل الانمائى اينما تواجدت التجمعات البشرية ويقوم على حشد الموارد البشرية اساسا فهو الاقدر من غيره على تحقيق التنمية الريفية والتنمية المحلية ، حيث كل فرد فى كل تجمع بشرى وفقا لهذه التنمية التعاونية يشارك بجهده وماله ومن ثم يتم احداث التنمية من القواعد وبالمشروعات التى ترى هذه التعاونيات أنها فى حاجة اليها، وتبدأ هذه المشروعات بتلك التى تولد الدخل ( تعاونيات زراعية وتعاونيات الحرفيين وصائدى الاسماك ) أو توفر الانفاق ( تعاونيات السلع والخدمات الاستهلاكية وتعاونيات الاسكان ) أو توفر المعرفة والمهارات ( جمعيات الخدمات التعليمية ) كما يمكن هذا ايضا من التنمية السياسية عن طريق اعمال الديمقراطية فى مختلف وحدات البينان التعاونى. ولكل هذه الاسباب تمكنت المجتمعات الاكثر تقدما من الاستقرار لان التعاونيات النشطه فيها تكفلت بالتنمية الريفية والتنمية المحلية وتكاملت مع القطاع الخاص والمشروع الحكومى فاستحقت أن تكون شريكا تنمويا أساسيا.
الدولة والقطاع الخاص فى أنشطة التعاونيات
بينما تعد الجمعيات التعاونية الزراعية ، وجمعيات الثروة المائية ، والجمعيات التعاونية الانتاجية هى تجمعات صغار منتجين فى مجالات النشاط الزراعية وصيد الاسماك والانتاج الصناعى ، فإن التعاونيات الاستهلاكية وتعاونيات الاسكان هى تجمعات لمستهلكين لتنظيم حصولهم على ما يشبع احتياجاتهم من سلع وخدمات بالجودة الاعلى والسعر الاقل ، وعلى هذا يمكن تقسيم التعاونيات فيما يتعلق بالعلاقة مع القطاع الخاص الى تعاونيات تتكامل فى الدور وهى تعاونيات المستهلكين حيث القطاع الخاص هو المورد سواء كان منتجا أو مستوردا أو موزعا أو مقاولا وتعاونيات المستهلكين هى الموزع ، وهى فى شأن التوزيع قد ينظر اليها القطاع الخاص القائم بذات النشاط على أنها تستقطع جزءا من مساحة السوق خاصة فيما يتعلق بسلع الطبقات الفقيرة ، بينما النوع الآخر من التعاونيات هو تعاونيات المنتجين وتتسم علاقاتها مع القطاع الخاص بالتنافس رغم أنها جزء منه غير انه يختلف فى الشكل الذى ينتظم فيه ، بينما القطاع الخاص الآخر إما مشروع فردى او شركة فالقطاع الخاص فى التعاون هو جمعية تعاونية تخضع لقانون التعاون ، ومن ثم فالتعاونيات الاستهلاكية النشطة باعتبارها تتكامل مع القطاع الخاص يمكن أن تؤدىدورا كبيرا فى تشغيل القطاع الخاص الذى يتكامل معها ، يساعدها فى ذلك الانتشار الكبير الذى تمثله التعاونيات الاستهلاكية فهى تملك أكبر شبكة لتوزيع السلع الاستهلاكية. وعلى هذا يمكن صياغة علاقة الشراكه وهى غير معلنه ولكنها قائمة فى نشاط التعاونيات كالآتى :
الدولة أقصى درجات الهيمنه مع أقل درجات التمكين – التعاونيات حشد جهود صغار المنتجين ومدخراتهم وتنظيم حصول المستهلكين على احتياجاتهم من السلع والخدمات – القطاع الخاص مورد سلع وخدمات للتعاونيات ، ومن هذه العلاقة الثلاثية أمكن لكل قطاع أن يمارس نشاطه. وقد أتسمت علاقة الدولة بالتعاونيات بطابع الهيمنه الذى يعد من موروثات الفترة التى كانت الدولة فيها اللاعب الرئيسى فى النشاط الاقتصادى فنظرت للتعاونيات رغم أنها منظمات مجتمعية لا تقيمها الدولة بينما يقيمها أعضاء هذه التنظيمات ، نظرت اليها على أنها منظمات مساعدة لها ، كما أن الدولة قد بررت الهيمنه أيضا بأنها فى مقابل التمكين الذى أتاحته للتعاونيات ، برغم أن معظم مواد القوانين التى تنظم عمل التعاونيات وتتعلق بالتمكين هى مواد معطلة لم يجرى العمل بها اطلاقا.

التعاونيات والتخفيف من حدة الفقر
(1) التعاونيات تجمع أفراد المجتمعات المحلية فى شكل فعال من أشكال التساند الاجتماعى إما كمنتجين ليس لاى منهم القدرة على الانتاج منفردا (تعاونيات الانتاج الحرفى والزراعى والسمكى) أو كمستهلكين لا يستطيع أى منهم فى حدود قوته الشرائية المحدودة أن يتعامل مع السوق العادى وأسعاره العالية(تعاونيات الاسكان والاستهلاكية للسلع والاستهلاكية للخدمات) ومن ثم فالتعاونيات تخلق أنشطة مولدة للدخل أو تعظم الاستفادة للقوة الشرائية للاعضاء ، وفى كلتا الحالتين فإنها تسهم بشكل فعال فى الحد من ظاهر الفقروتخفيف أثارها.
(2) التعاونيات تقدم جزء من الفائض الذى تحققه ( يبلغ 5% من صافى الفائض فى القوانين الحالية ) للبيئة المحلية وهى بهذا ترفع من المستوى الاقتصادى والاجتماعى بهذه البيئة.
(3) قدرة التعاونيات على الوصول الى الفقراء فى مناطقهم المختلفة ، فالتعاونية نتاج تجمع أفراد لا يستطيع أى منهم منفردا أن يحل مشكلته ، وبينما لم تستطع الشركات والهيئات والمنظمات العامة أن تصل الى هؤلاء الفقراء لأن التواجد الرسمى يكاد يكون منعدما فى العشوائيات، وبينما لا يجد القطاع الخاص حافزه الربحى للعمل فى هذه المناطق تبرز أهمية التعاونيات سواء فى مجال السلع أو الخدمات كالألية الوحيدة المنطقية.
(4) وتحتاج التعاونيات الاستهلاكية لتحقيق فعالية حضورها فى هذه المناطق الى تعويض من الدولة حيث أن التعاونيات فى هذه الحالة تؤدى أدوارا كان لزاما على الدولة تقوم بها ، وفى مقابل ما يترتب على القيام بهذا الدور من استقرار اقتصادى واجتماعى وأمنى.
(5) أن التعاونيات وهى لا تستهدف الربح تعظم القوة الشرائية للمتعاملين معها وتقدم لهم بالتالى إحدى صور الدعم ، وتجعلهم أكثر قدرة على اشباع احتياجاتهم ، ومن ثم يقترب الكثيرين من خط الفقر بل ويتخطونه من جراء تعاملهم مع التعاونيات.
(6) تقدم التعاونيات مجالات لبيع منتجات الأسر الفقيرة ، ومن ثم توفر لها استقرار مصدر الرزق ، أيضا المشروعات القائمة على القروض الصغيرة أو القروض متناهية الصغر التى يلجأ اليها الصندوق الاجتماعى للتنمية وتعانى مشاكل تسويقية حادة تجد فى التعاونيات متنفسا لها لعلاج هذه المشكلة.
(7) تحتاج هذه المناطق الى تعاونيات فى مجال الخدمات المختلفة كالخدمات التعليمية والخدمات الصحية وخدمات البيئة وخدمات النقل ، وبدون هذه التعاونيات تظل حاجة هذه المجتمعات الى تلك الخدمات بدون إشباع.
(8) إذا كانت الجمعيات الخيرية قد قامت بدور التصدى لهذه الظاهرة ، إلا أن ارتباط البعض منها باتجاهات سياسية أو دينية عليها تحفظات أمنية ، يجعل الباب مفتوحا أمام التعاونيات الاستهلاكية لملأ الفراغ الناتج عن انسحاب تلك الجمعيات بينما لا يوجد دور حكومى.
التعاونيات وقضية البطالة :
تشير البيانات الرسمية الى ارتفاع معدل البطالة الى 9.9% فى 2002/2003 بينما كان 9% فى 2001/2002 و 8.1% فى 98/1999 (18)هذا مع عدم وجود نظام إعانة للعاطلين عن العمل الأمر الذى يؤدى الى تزايد الاتجاه الى العنف والجريمة ، ويبلغ عدد الداخلين الى سوق العمل سنويا فى مصر 600 ألف شخص الأمر الذى يتطلب تحقيق معدل نمو فى الناتج الاجمالى بنحو 7% سنويا على الأقل(19) ، وتتميز البطالة فى مصر أنها تجمع أنواع البطالة المختلفة وترتفع نسبة البطالة بين الشباب كما ترتفع هذه النسبة بين المتعلمين الأمر الذى يعنى إهدار أهم عناصر الانتاج فى المجتمع.
وتستطيع التعاونيات أن تسهم فى الحد من مشكلة البطالة بالآتى :
1) إدخال أنشطة جديدة ، وعلى سبيل المثال فإدخال نشاط التعبئه والتغليف فى التعاونيات الاستهلاكية المصرية البالغ عددها نحو 4000 جمعية أربعة آلاف جمعية استهلاكية من شانه أن يوفر نحو 20000 فرصة عمل ، وإدخال نشاط خدمة تصوير المستندات فى هذه الجمعيات يخلق نحو 1000 فرصة عمل ، وإدخال نشاط بيع الخضروات والفواكه يوفر نحو 8000 فرص عمل ، وإدخال نشاط بيع الاسماك يوفر نحو 4000 فرصة عمل ، وإدخال نشاط بيع اللحوم يوفر نحو 4000 فرصة عمل.
2) إقامة مجمعات تعاونية استهلاكية جديدة ، وتتضمن الخطة الاستثمارية للتعاون الاستهلاكى فى مصر للسنوات الخمس القادمة(20) بالاضافة الى تطوير ما هو قائم من تعاونيات استهلاكية إنشاء مجمعات استهلاكية متعددة الأدوار والفروع فى مناطق مختلفة من الجمهورية وفيما يلى بيان بالمشروعات التى تمت والأخرى المزمع إنشائها خلال الخطة التى تنتهى فى 2007.
3) أيضا تسهم التعاونيات فى الحد من مشكلة البطالة عن طريق زيادة طلبها فى السوق من المنتجات الصناعية والزراعية مما يؤدى الى زيادة تشغيل المنشآت القائمة بهذا الانتاج وإتاحة فرص عمل إضافية فيها.
4) كما أن التعاونيات من خلال الانشطة التدريبية تقوم بإصقال مهارات العناصر البشرية المستهدفة بالتدريب ومن ثم تأهيلها للإلتحام بفرص العمل التى تحتاج مثل هذه المهارات.
5) ويتبنى الدعوة لانشاء جمعيات تعاونية للخدمات فى مجالات البيئة، والخدمات التعليمية ، والخدمات الصحية، وخدمات النقل، والخدمات السياحية ، والخدمات الثقافية، وغير ذلك من المجالات المختلفة التى تغطيها الخدمات من شانه أن تتيح مزيد من فرص العمل ويحد من مشكلة البطالة.
6) تجمع الراغبين فى العمل فى شكل من أشكال التعاون الحرفى أو الزراعى أو السمكى ، ومن الجدير بالذكر أنه تم تنفيذ مشروع نشر الصناعات الحرفية لاتاحة فرص عمل جديدة للشباب بالتعاون بين الاتحاد التعاونى الانتاجى وجهاز الصناعات الحرفية والتعاون الانتاجى بالتنسيق مع المحافظين وبتمويل من الصندوق الاجتماعى للتنمية قدره 63 مليون جنية (21)واستهدف المشروع خلق فرص عمل للشباب واعداد جيل جديد من صغار رجار الاعمال وقد التزم المشروع بتوفير المقومات الاساسية لنجاح الانشطة الجديدة ومن بينها التمويل المباشر وتبنى برامج تدريب المستهدفين وتقديم المعونة الفنية لتحسين مواصفات المنتجات والترويج الاجتماعى للمشروع لاجتذاب أكبر عدد ممكن من الافراد من الانضمام اليه وقد تم من خلال البرنامج اقامة عدد 5980 مشروع بجميع المحافظات تعاقد عليها عدد 60 من الشباب الحاصلين على مؤهلات علمية متنوعة واتاح فرص عمل قدرها الاجمالى 240 من الذكور والاناث.
التعاونيات والتنمية المحلية :
1) الجمعيات التعاونية بالمحليات يمكن أن تكون منافذ رئيسية لتسويق منتجات شباب الخريجين والتعاونيات الانتاجية الحرفية والزراعية والسمكية بنظام المشاركة بين المنتج والجمعية ، ويمكن أن يرعى الصندوق الاجتماعى بالاشتراك مع الاتحاد التعاونى الاستهلاكى المركزى توفير أماكن العرض الملائمه والعمالة المدربه لادارتها والنظام الذى يمكن المنتج من الحصول على عائد يحفزه على الاستمرار فى الانتاج وتطويره ويتيح للجمعية فائضا يجعلها تتوسع فى هذا النظام بما يعود بأكبر الأثر فى الحد من ظاهرة البطالة.
2) الجمعيات التعاونية بالمحليات يمكن أن تكون منافذ رئيسية لتسويق المنتجات الريفية خاصة منتجات التعاونيات الزراعية بما يؤدى الى حماية المنتج الزراعى من استغلال الوسطاء ويقدم حماية إيجابية لمستهلك المدينة فى الحصول على هذه المنتجات بأسعار معقوله.
3) يمكن ان تنشط الحركة التعاونية الاستهلاكية والاسكانية فى المناطق العمرانية الجديدة بما يؤدى الى تنمية قيم التضامن من ناحية وتثبيت السكان فى هذه المناطق من ناحية أخرى فضلا عن حماية هؤلاء السكان من المغالاة فى أسعار السلع الاستهلاكية أو تعرضهم لاستهلاك سلع رديئة.
4) يمكن أن تنشط الحركة التعاونية الاستهلاكية والاسكانية فى المناطق الشعبية والعشوائية باعتبارها الموزع الرئيسى لسلع الطبقات الفقيرة والذى يوفر لهذه الطبقات مسكن ملائم فى حدود قدرتها وبما يسهم فى تنمية هذه المناطق عن طريق مشاركة أفرادها فى توفير احتياجاتهم من خلال الإطار التعاونى.
5) تحتاج المجتمعات المحلية الى تحقيق معدل سريع لانتشار جمعيات الخدمات التعاونية الاستهلاكية والانتاجية فى مجالات خدمة البيئة والمجالات التعليمية والصحية ومجالات نقل الركاب فى ربوع المحافظات بما يؤدى الى تحسين مستوى هذه الخدمات وتهذيب أسعارها.
6) من الضرورى أن يوجد توجه لدعم العلاقة التبادلية القوية بين التعاونية والمحليات نظرا لما يمكن أن يؤديه كلاهما للآخر من فرص تؤدى الى تنميته ، وفى هذا يرجى أن تعطى المحليات للتعاونيات أولوية فى توفير متطلباتها من الأثاث المكتبى وأدوات النظافة والادوات الكتابية ومستلزمات الوحدات الصحية والمستشفيات، طالما كانت الأسعار التى تقدم بها هذه السلع فى مستوى أسعار المنافسين أو أقل ولا تقل جودة عنه.
(7) ضرورة رعاية أجهزة الحكم المحلى للجمعيات التعاونية الطلابية نظرا للدور الكبير المنوط بها فى تربية النشء ، بتقديم كافة ما تحتاجه من دعم تدريبى وتوجيه وفرص نمو وأعمال تحفيز الطلبة المتفوقين فى مجال التعاونيات.

لعل من أبرز التحديات التي تواجهنا قضية التشغيل لما لهذه المسألة من ارتباط وثيق بالاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي باعتبار أن الشغل حق طبيعي لكل مواطن وشرط من شروط تحقيق الذات وحفظ الكرامة وتجسيم المواطنة الفاعلة وحفز الهمم واستنهاضها للمشاركة المجدية وتجسيد الديمقراطية الاجتماعية وضمان التنمية الشاملة. وفي هذا التوجه الجديد اعتبر التشغيل عاملا من عوامل تحسين الطلب الداخلي الذي يساهم في تحسين مستوى الاستهلاك باعتباره أحد المؤشرات الثلاثة للتنمية البشرية وهي أمل الحياة ومستوى التعليم ومستوى العيش الذي تدخل في احتسابه القدرة الشرائية. كما أن تحسين مستوى الاستهلاك يؤثر بدوره إيجابيا على الاستثمار وإعادة الاستثمار والتوظيف الأمثل لطاقات الإنتاج وللبنية الأساسية.
يواجه مجتمعنا تحديات كبيرة في جهوده التنموية. ومن أهم هذه التحديات استثمار الإمكانات والطاقات البشرية، ذكوراً وإناثاً، استثماراً رشيداً يعظّم من المردود الاقتصادي والاجتماعي لهذا الاستثمار، وبخاصة في ضوء ضعف الموارد الطبيعية ومن ناحية أخرى، فإن الاستثمار الأمثل للطاقات البشرية يساهم في الحد من ظاهرتي البطالة والفقر، وهما ظاهرتان تستشريان في السودان في ضوء بطء النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التزايد السكاني.
فطالما ان اعضاء المجموعة فقراء محتاجون لبعضهم البعض كان لابد ان تنشأ بينهم مفاهيم «التعاون الاجباري» فانا اعطيك اليوم لأنك ستعطيني غدا وما تعطيني له باليمين هو توفير لصالحك ستأخذه بالشمال قريباً جداً .. وبهذا الفهم فأن المجتمعات الفقيرة تظهر فيها نزعات مساعدة بعضهم البعض بسبب حاجة كل منهم للمساعدة .. صحيح ان الأديان مشجعة لمعاني التعاون والتكافل لكن الأديان في ذات الوقت لا تخالف مفاهيم المجتمع وقناعاته .. واذا ما كان المجتمع فقيرا مثلما نرى فلابد ان تستشري فيه ظاهرة التسول على مستوى افراده ومجموعاته وقد يمتد التأثير ليشمل حكوماته وهنا الكثير من الحكومات المتسوِّلة كما نعلم.

ان تطوير المشاركة الفعّالة للمرأة في العمل بشكل عام، وفي مجال المنشآت المتوسطة والصغيرة بشكل خاص يستدعي معالجة ذات بعدين. ويعنى البعد الأول بالمنظومة العامة التي تتعلق بعمل المرأة في المجتمع من حيث المعايير والظروف والمحددات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، بينما يعنى البعد الثاني بخصائص المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتطلباتها ومحدداتها من حيث ممارسة المرأة للعمل فيها، وهو البعد الذي تركّز عليه هذه الورقة، دون إغفال البعد الأول من حيث تأثيره وانعكاساته العامّة. ومن القضايا التي تنتمي للبعد الأول المتعلق بالمنظومة العامة، والتي لها تأثير وانعكاسات على موضوع هذه الورقة ما يلي:
• مكانة المرأة وصورتها في المجتمع بشكل عام وفي عالم العمل بشكل خاص، ومدى الدعم المجتمعي لدور المرأة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى دورها الأسرى.
• مدى مشاركة المرأة في الحياة العامة، وفي مواقع التخطيط ورسم السياسات واتخاذ القرار في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بالإضافة إلى مشاركتها في المواقع القيادية في مؤسسات العمل والإنتاج.
• مدى توافر الخدمات والتسهيلات والهياكل المؤسسية المساندة للمنشآت بأنواعها المختلفة، ومدى مراعاتها للحاجات الخاصة للمرأة.

الخلاصة والخاتمة
إن مجرد إجراء انتخابات في بلد ما لا يعني أن نظام الحكم في ذلك البلد قد خرج من مصاف الدول التسلطية أو الشمولية، وأصبح ديمقراطياً. فالانتخابات التي يوصف نظام الحكم المقترن بها بالديمقراطية لابد أولاً أن تستند إلى دستور ديمقراطي يضع المبادئ الرئيسية للديمقراطية موضع التطبيق الحقيقي، ولابد ثانياً أن تتسم بسمات ثلاث هي"الفعّالية" و"الحرية" و"النزاهة". وهذا ما يُجمله التعريف التالي الذي نقدمه لمفهوم "الانتخابات الديمقراطية". والانتخابات الديمقراطية هي عملية اختيارٍ من بين بدائل متعددة، تتسم بأنها، فعّالة: لأنها تستهدف التعبير عن مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطة، وانتخاب الحكام وتسوية الصراع على السلطة بطرق سلمية، وتوفير الشرعية الشعبية للحكام وآلية التداول على المناصب السياسية العليا ومحاسبة الحكام، ولأنها تمثل مصدراً لتوعية وتثقيف المواطنين وتجنيد السياسيين والقادة. كما انها حرة: لأنها تستند إلى مبدأي حكم القانون والتنافسية وتحترم حريات وحقوق المواطنين الرئيسية. أضف الي ذلك النزاهة: لأنها تُجرى بشكل دوري وتقوم على نظام انتخابي عادل وفعّال وتستند إلى حق الاقتراع العام ويلتزم القائمون عليها بالحياد السياسي والحزبي في إدارتها وبالشفافية في تسجيل الناخبين وفي فرز الأصوات وإعلان النتائج. أما ما عدا ذلك من انتخابات، فلها وظائف أخرى كإضفاء شرعية شعبية زائفة، أو تعبئة الجماهير وراء الحكام وصرف أنظارهم عن الإصلاحات السياسية الحقيقية، أو التخفيف من حدة ضغوط المعارضين المنادين بالإصلاح في الداخل، وضغوط المطالبين باحترام حقوق الإنسان في الداخل والخارج. كما أنها لا تتم بشكل دوري ومنتظم، ولا تتسم عملية إدارتها وإعلان نتائجها بالحياد والشفافية. هذا فضلاً عن أن الانتخابات غير الديمقراطية لا تحترم القانون ولا تُمكن أغلبية الناخبين من منافسة الذين هم في الحكم ناهيك عن إمكانية تقلدهم الحكم، وذلك بغض النظر عن وجود قوانين تنص على حرية التصويت من ناحية، وعن وجود برامج وبدائل متعددة أو مرشحين متعددين وقت الانتخابات من ناحية أخرى. فالعبرة ليست بالنصوص أو النوايا وإنما بالتطبيق الفعلي لتلك النصوص وللنتائج الفعلية للانتخابات.
إن مقارنة الديمقراطيات النيابية الغربية بالديمقراطيات الناشئة أو بالنظم التي تسعى نحو الديمقراطية استناداً إلى معيار إجراء الانتخابات فقط يتناقض تماماً مع الاعتبارات المتصلة باختلاف واقع تلك المجتمعات عن بعضها البعض من جهة، ويتعارض مع مقتضيات المقارنة التي هي أحد أساليب البحث العلمي من جهة أخرى. وذلك لأن للانتخابات متطلبات هي في جوهرها المبادئ الرئيسية للدساتير الديمقراطية ومجموعة الإجراءات والقواعد والمؤسسات التي توضع بغرض تطبيق تلك المبادئ. وهذا يعني أن ثمة اختلافات عدة بين المجتمعات الديمقراطية والمجتمعات غير الديمقراطية، وذلك فيما يتصل بحكم القانون ودولة المؤسسات والحكم المقيد، بل وفي مستوى الوعي والثقافة ومستويات الدخول، وغير ذلك. وهذا ما جعل الكثير من الباحثين يركزون على أهمية إنجاز تلك المتطلبات قبل إجراء الانتخابات. وعليه فأن الانتخابات الحرة والنزيهة والفعّالة ليست غايةً في حد ذاتها. وإنما هي وسيلة إلى غاية أعلى منها، تتمثل في المقاصد العليا للانتخابات. فعلى الرغم من إجراء انتخابات كل ست سنوات لاختيار الرئيس في المكسيك من العشرينيات حتى التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن سيطرة الحزب الواحد على مقدرات الأمور وغياب دولة المؤسسات الديمقراطية جَعَلَ من تلك الانتخابات مجرد آليات للتصديق على رغبات ورؤى الحزب الحاكم. كما أن إجراء انتخابات شبه دورية في مصر في العقود الثلاثة الأخيرة لم تستهدف مقصداً واحداً من المقاصد السامية المرجوة من العملية الانتخابية.
أضف الي ذلك إنه من غير الممكن إجراء مقارنات بين دول لا تشترك في حد أدنى من السمات العامة المشتركة. إن الاستناد إلى التحليل الشكلي القانوني فقط لا يمكن أن يكشف عن أوجه الاختلاف بين تلك الدول، فالكثير من دول العالم الثالث تتبني – من الناحية الشكلية – دساتير منقولة عن الدول الديمقراطية، لكن دون أن تعمل على تطبيقها في الواقع الفعلي. ولذا، تظل القوة السياسية حكراً على حزب ما أو طبقة معينة أو أسرة مالكة، وتبقى الجماهير بعيدة تماماً عن أن تُقرر مَنْ يحكمها، وتغيب دولة المؤسسات في كافة مجالات الحياة، وتضع السلطة قيوداً قانونية وفعلية أمام جُل حريات الأفراد وحقوقهم. وفي المقابل يُعد التحليل القائم على النظر إلى الممارسات الفعلية للحكومات، وحقيقة العلاقة بين الحكام والجماهير، وكذا البناء الاجتماعي والتجربة التاريخية والعوامل الاقتصادية والثقافية، يُعد مدخلاً ضرورياً لدراسة وتحليل الأوضاع السياسية في تلك البلدان، ولفهم لجوء الكثير من الحكام إلى آلية الانتخابات بغرض تحقيق غايات وأهداف هي أبعد ما تكون عن مقاصد الانتخابات الديمقراطية الحقة.
وعليه لضمان مشاركة منصفة للمرأة السودانية في الانتخابات القادمة، والتي تبناها العديد من المؤسسات و والمنظمات النسائية، ومنظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا الديمقراطية وحقوق الانسان والأحزاب السياسية ، فإننا نري الأخذ بالآتي:
أولا : يجب اعتماد" النظام المختلط" الذي يجمع بين نظام الدوائر الفردية والتمثيل النسبي، وإلغاء قاعدة الصوت الواحد وإقرار تعديلات تسمح بالتصويت على أساس القائمة وتؤدي إلى تمثيل أكثر عدالة وتسهم في تحقيق التنمية السياسية .
ثانيا : اتخاذ تدابير مؤقتة تضمن مشاركة منصفة للنساء بتخصيص حصة من المقاعد في المجلس ( كوتا مفتوحة ) حد أدنى 30%، كخطوة باتجاه المساواة التي ينص عليها الدستور، حيث يتيح هذا الإجراء مجالاْ للتنافس بين النساء على المقاعد المخصصة تحت شروط اجتماعية واقتصادية متكافئة نسبياْ.
ثالثا : حث الاحزاب والقوى السياسية المشاركة في الانتخابات على أن تتضمن قائمة مرشحيها نسبة لا تقل عن 30% من النساء، على أساس أن تضمن مشاركة المرأة في مواقع متقدمة في القوائم، مع إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بصورة عادلة بحيث يتناسب عدد مقاعد كل دائرة مع عدد سكانها..
رابعا : العمل على إنشاء مركز للدعم المادي والإعلامي للنساء المرشحات.
خامسا: رفع القيود المفروضة على حق المواطن في ترشيح نفسه عن أي دائرة دون قيود تتعلق بالعرق والطائفة والمنبت والجنس، إعتماداْ على مبدأ المواطنة، خاصة وان التمييز على هذة الاسس يتناقض مع مبدأ المساواة ومع مبادىْ حقوق الانسان.، تمكين الناخب من ممارسة حق الاقتراع في الدائرة التي يشاء شريطة ممارسة هذا الحق مرة واحدة.
سادسا:إتاحة الفرصة لاستئناف القرارات الصادرة عن القضاء في الطعون الانتخابية، مع الاعتراف بحق هيئات المجتمع المدني في الرقابة على العملية الانتخابية وتشجيع هذا الدور، و تأكيد الرقابة القضائية التامة على سير العملية الانتخابية بكافة مراحلها.

المراجع
أبو حارثية محمد، موضوعات في الديمقراطية، مركز الدفاع عن الحريات، القدس 1999

إتفاقية السلام الشامل بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان/الجيش الشعبي لتحرير السودان نيفاشا - كينيا 2005
أحمد جزولي، تصميم النظام الإنتخابي مدخل للتنمية، http://www.idea.int/publications/esd/upload/esd_arabic_2002_full_book.pdf
أحمد ضحية، المرأة السودانية وتجربتها مع السلطة السياسية2005 http://www.awapp.org/wmview.php?ArtID=743
أحمد عادل ، الأحزاب السياسية والنظم الانتخابية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1992
اقبال مراد دونمان ، ورقة عمل حول المرأة اللبنانية في العمل السياسي ودورها في التحويل الديمقراطي مارس2002.
الأحزاب السياسية http://www.pogar.org
الأحزاب السياسية في الوطن العربي، http://www.aljazeera.net/KnowledgeGate
الاحزاب والديمقراطية والانتخابات، صحيفة الأيام العدد رقم 9019 بتاريخ 2008-01-29
الديمقراطية وحقوق الانسان http://www.phrmg.org/arabic/monitor2005/democracy.htm
الديمقراطية، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9
المرأة والانتخابات حقائق وأرقام منقول عن موقع وكالة الأنباء الأردنية تبرا.
الأنظمة الانتخابية المعاصرة، أعمال ندوة نظمها في عام 1994 - - مركز الأردن الجديد للدراسات،عمان : دار سندباد للنشر،1995

الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية، بالتعاون مع المعهد السويدي بالاسكندرية، الطبعة الأولى، بيروت، 2004م

ألان وول وآخرين، تعريب: أيمن أيوب أشكال الإدارة الانتخابية دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات سلسلة منشورات المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات (International Institute for Democracy and Electoral Assistance) Strömsborg - SE – 103 34 Stockholm Sweden 2007

المرشد إلى الحزب السياسي، مركز الأردن الجديد للدراسات ، عمان ، 1995

الوليد مصطفي ، الانشقاقات كأس شربت منها الأحزاب السودانية بلا استثناء - http://www.azzaman.com/azz/articles/2002/01/01-18/a99367.htm

آندرو ريتشاردز، استمرارية الديمقراطية فى الدول النامية، الظروف الاقتصادية والاجتماعية لتدعيم الديمقراطية، مركز المشروعات الدولية الخاصة، Center for International Private Enterprise ، عمارات العبور – طريق صلاح سالم، القاهرة، مصر - http://www.cipe-egypt.org الموقع باللغة العربية - http://www.cipe.org الموقع باللغة الإنجليز

أنواع الديمقراطية http://tharwacommunity.typepad.com/tharwapedia/2006/08/post_1.html

بدوى بابكر عثمان د.، تنميه المشاريع الصغيره والمتناهيه الصغر فى السودان، مركز دراسات المرأه بالسودان، بالتعاون مع مصرف الادخار والتنميه الاجتماعيه، والبنك الاسلامى للتنميه بجده

بلقيس بدري (2006): نظام الكوتة واشكالياته ، ورقة قدمت في ورشة عمل القيادة والحكم الراشد – جامعة الاحفاد للبنات.

بلقيس بدري الحصص الانتخابية للمرأة في قانون الانتخابات المرتقب في السودان ، معهد دراسات المرأة والنوع والتنمية ، جامعة الاحفاد للبنات ، أمدرمان 2007

تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2005 نهوض المرأة في الوطن العربي – برنامج الامم المتحدة الانمائي.

تمثـيل المـرأة فى الأنتخابـات، 7/2/2007م ، الخرطوم ، السودان http://www.futuressc.net
http://www.futuressc.net/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=191

تمثـيل المـرأة فى الأنتخابـاتttp://www.futuressc.net/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=191
جيروم شاهين، المرأة والتنمية البشرية العربية http://www.kwtanweer.com/articles/readarticle.php?articleID=1322

جولي نورمن ، الديمقراطية وحقوق الانسان http://www.phrmg.org/arabic/monitor2005/democracy.htm

جيريمي بوب ، مواجهة الفساد – عناصر بناء نظام النزاهة الوطني،– جنوب أفريقيا 2000، كتاب المرجعية – منظمة الشفافية العالمية، ترجم الى 20 لغة، النسخة العربية: مؤسسة الأرشيف العربي، الأردن
حسن ألياسين، الدستور بوابة الخلاص، http://iraqintikhabat.com/public/namathig/nmathig.htm
حقوق الإنسان، مجموعة صكوك دولية، المجلد الأاول، الأمم المتحدة، نيويورك 1993

حيدر ابراهيم علي، دور المجتمع المدني في انتخابات حرة ونزيهة، ورشة عمل حول الانتخابات 2008: الاحتمالات والتحديات، المنتدي المدني القومي ومؤسسة هاينريش بول الألمانية، قاعة الشارقة – الخرطوم، 26 – 27 نوفمبر 2007
دستور جمهورية السودان لسنة 2005
دليل تدريبي للاحزاب السياسية، االمعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية، National Democratic Institute for International Affairs 5th Floor 2030 M Street, NW Washington, DC 20036-3306 http://www.ndi.org

رينولدز، أندرو وريلي. دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات حول أشكال النظم الانتخابية (استكهولم: المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2002).
صحيفة الوطن القطرية، مستقبل المرأة العربية في العمل السياسي والآفاق الراهنة (6/5/2004)
صلاح محمد الغزالي، الحكم الصالح الطريق الي التنمية، جمعية الشفافية الكويتية، 15 مارس 2007

شرف العجرمي، المرأة والإنتخابات http://www.amanjordan.org/aman_studies/wmview.php?ArtID=626
شمس الدين الأمين ضوالبيت (تقديم وتحرير) الطريق الي الإنتخابات الحرة النزيهة "أوراق ومداولات ورش عمل مبادرة المجتمع المدني للسلام حول إتفاقية السلام الشامل"، مؤسسة فريدريش ايبيرت، الخرطوم، 2007م
طالب عوض، الانتخابات والنظم الانتخابية، معهد الإعلام - جامعة بيرزيت، يناير 2005 ، فلسطين

عادل أحمد، الأحزاب السياسية والنظم الانتخابية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1992
عائد صاحب كاظم الهلالي، الاحزاب السياسيه وكيفية الانتقال الى الديمقرطيه، الحوار المتمدن - العدد: 2193 - 2008 / 2 / 16 http://www.ahewar.org/debat/show
عبد الرحيم أحمد بلال، الديمقراطية والتحول الديمقراطي في اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي، 2007-12-12 ،صحيفة الصحافة السودانية العدد رقم: 5204 http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147508719&bk=1
عبد الرحيم احمد بلال ، المفوضيات فى اتفاقية السلام والدستور.. لماذا؟ ، الصحافة، http://www.alsahafa.info العدد رقم: 5204
عبدالفتاح ماضي، مفهوم "الانتخابات الديمقراطية"، دراسة مقدمة إلى مشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية: "الديمقراطية والانتخابات في البلاد العربية"، أكسفورد، أغسطس 2006.
علي خليفة الكواري، الخليج العربي والديمقراطية: نحو رؤية مستقبلية لتعزيز المساعي الديمقراطية بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية/ 2002.

عبدالفتاح ماضي، مفهوم الانتخابات الديمقراطية، مشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية اللقاء السنوي السابع عشر الديمقراطية و الانتخابات في الدول العربية ، جامعة الإسكندرية 18/8/2007 http://www.achr.nu/art220.htm

كمال حمدي أبوالخير، المنظمات والسلوك التنظيمي والتعاوني ، مكتبة عين شمس، 44 شارع القصر العيني، القاهرة، مصر2005

كمال حمدي أبوالخير، المشاركة بالرأي في مسيرة الإصلاح والديمقراطية، الجمعية المصرية للدراسات التعاونية، القصر العيني، القاهرة، مصر يوليو 2006
ماجدة قطب أستاذ مساعد بقسم بحوث المجتمع الريفى مركز البحوث الزراعية المرأة الريفية أين؟ و إلى أين ؟ ورقة مقدمه لمؤتمر مركز الأرض حول مستقبل التعاون الزراعى فى ضوء التغيرات السياسية الراهنة إهدار حق التنظيم للفلاحين فى مصر.... مسئولية من ؟المنعقـدة بفندق رويال جاردنز يوم 8/9 يونيو 2007 العنوان : 122 ش الجلاء برج رمسيس القاهرة ت/ف :5750470 http://www.lchr-eg.org

مؤلف جماعي، الأنظمة الانتخابية المعاصرة، أعمال ندوة نظمها في عام 1994 - - مركز الأردن الجديد للدراسات،عمان : دار سندباد للنشر،1995

مؤلف جماعي، المرشد إلى الحزب السياسي، مركز الأردن الجديد للدراسات ، عمان ، 1995
محجوب محمد صالح: الطريق إلى انتخابات حرة ونزيهة ، مارس 2007
محمد أبو علان، لماذا تفشل المرأة العربية في الانتخابات خارج الكوته النسائية؟ 22 تشرين الثاني 2007 شبكة الانترنت للاعلام العربي: http://www.amin.org/look/amin/article.tpl?IdLanguage=17&IdPublication=7&NrArticle=43359&NrIssue=1&NrSection=2

محمد مالكي. الدستور الديمقراطي والدساتير في الدول العربية: نحو إصلاح دستوري (مشروع دراسات الديمقراطية، اللقاء السنوي الخامس عشر، أكسفورد،27/8/2005)، متاحة على شبكة الإنترنت http://www.arabrenewal.com/index.php?rd=AI&AI0=9926 14 يوليو 2006.

مركز " أمان " الأردني ، أرقام وإحصائيات حول المناصب القيادية للمرأة في مجالي السياسة والاقتصاد .
مركز حقوق الإنسان والانتخابات، حقوق الإنسان والانتخابات، عدد رقم (2) من سلسلة التدريب المهني (نيويورك وجنيف: الأمم المتحدة، 1994).

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي، الانتخابات القادمة واستقلالية الحركة التعاونية، صحيفة "الأيام" السودانية، العدد 8390 2-1- 2006

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي، مجلس الادارة الكفء الوليد الشرعي للانتخابات الحرة النزيهة، صحيفة "الأيام" السودانية، العدد 8399 16- 1- 2006

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي، الوسائل الصحاح لانتخاب الاصلح، صحيفة "الأيام" السودانية، العدد 8417 6- 2- 2006

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي، درس في الديمقراطية، صحيفة "الأيام" السودانية، العدد 8441 6- 2- 2006

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي، الانتخابات التعاونية، الاتحاد التعاوني الحرفي، الخرطوم، فبراير 2006

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي، الجهود الحكومية والتعاونيات الريفية الوسط الاقتصادي العدد 99 السنة الاولي الثلاثاء23-10-2007
محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي، التربية المدنية وأثرها على التنمية السياسية ، الخرطوم، السودان، 2007
محمد جابر الأنصاري، "الديمقراطية ومعوقات التكوين السياسي العربي"، مجلة المستقبل العربي، العدد 130، يناير، 1996.
منشورات منظمة العمل الدولية ، "التعاونيات" مقتطف من البيان حول الهوية التعاونية، الذي اعتمدته الجمعية العامة للاتحاد الدولي للتعاونيات، 1995 ،
منظمة العمل الدولية ، مكتب العمل الدولي ، الطبعة الأولى ، جنيف – سويسرا – 2000 منظمة العمل الدولية ، تقرير عن الحركة التعاونية في جمهورية السودان ، فرع التعاونيات "جنيف" ومكتب شمال أفريقيا "القاهرة" ، سبتمبر 2003م.

منى سعيد، ندوة النظام الانتخابى وتأثيره على المرأة، http://monasaednews.blogspot.com/2007/12/blog-post_7056.html

نظام عساف ، مدخل إلى حقوق الانسان ، عمان ،1998
نانسي باكير، الجنوسة والدمقرطة في الأردن ( مارس2002)
ندوة النظم الانتخابية، مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان والشبكة العربية للانتخابات بالتعاون مع مركز الدراسات الدولية - جامعة بغداد ، 2/7/2006 بغداد العراقhttp://www.hrinfo.net/jordan/achrs/2006/pr0702.shtml

واقع تطبيق اتفاقيات السلام "البيان الختامي والتوصيات"، ورشة عمل: المجلس الوطني" لجنة السلام والمصالحة الوطنية" بالتنسيق مع منظمة فريدرش آيبرت الألمانية، الخرطوم، السودان. http://www.sudan-parliament.org/details.php?rsnType=1&id=237




COUNCIL REGULATION (EC) No 1435/2003 - of 22 July 2003 - on the Statute for a European Cooperative Society (SCE) - Official Journal of the European Union L 207/1 “18.8.2003” (Acts whose publication is obligatory)

Barkan, Joel D. "Elections in Developing Countries." In International Encyclopedia of Elections, ed. Richard Rose. Washington, D.C.: CQ Press, a division of Congressional Quarterly Inc, 2000.

Boneo, Horacio. "Observing of Elections." In International Encyclopedia of Elections, ed. Richard Rose. Washington, D.C.: CQ Press, a division of Congressional Quarterly Inc, 2000.

Butler, David. "Electrons Campaign." In The Encyclopedia of Democracy, ed. S.M. Lipset. Washington D.C.: Congressional Quarterly Press, 1995.
………………. "Electoral Systems." In David Butler, Howard R. Penniman and Austin Ranney, eds. Democracy at the Polls: A Comparative Study of Competitive National Elections. Washington and London: American Enterprise Institute for Public Policy Research, 1981.

Butler, David, Howard R Penniman, and Austin Ranney. "Introduction: Democratic and Nondemocratic Elections." In Democracy at the Polls: A Comparative Study of Competitive National Elections, eds. David

Butler, Howard R. Penniman and Austin Ranney. Washington and London: American Enterprise Institute for Public Policy Research, 1981.

Code of Conduct for the Ethical and Professional Administration of Elections. Stockholm: International Institute for Democracy and Electoral Assistance. 1997.

Code of conduct for the Ethical and Professional Observation of Elections. Stockholm: International Institute for Democracy and Electoral Assistance. 1997.

Crewe, Ivor, and David Denver. eds. Electoral Change in Western Democracies: Patterns and Sources of Electoral Volatility. New York: St. Martin s Press.Czudnowski, Moshe M, 1985.

Dahl, Robert A. "Democracy and Human Rights under Different Conditions of Development." in Asbjorn Eide and Bernt Hagtvet, eds., Human Rights in Perspective. Oxford: Blackwell. 1992.

………………… . Dilemmas of Pluralist Democracy: Autonomy Vs. Control. New Heaven: Yale University Press, 1982.
…………………. . Polyarchy: Participation and Opposition. New Haven: Yale University Press, 1972.
Diamond, Larry. Thinking About Hybrid Regimes. Journal of Democracy 13.2 (2002) 21-35.
…………………. “Institutions of Accountability,” Hoover Digest, No.3 (1999), (Feb. 26, 2004),

Geisler, G. "Fair? What has fairness got to do with it? Vagaries of election observations and democratic standards", The Journal of Modern African Studies, 31 (4), 1993.

McHenry, Dean, Jr. and Abdel-Fattah Mady. “A Critique of Quantitative Measures of the Degree of Democracy in Israel,” Democratization, Vol. 13, No. 2 (April 2006): 256-282.

McHenry, Dean, Jr. Quantitative Measures of Democracy in Africa: An Assessment," Democratization, Vol. 7, No. 2 (Summer 2000): 168-185.

Pastor, Robert A. "Indirect Election." In The Encyclopedia of Democracy, ed. S.M. Lipset. Washington D.C.: Congressional Quarterly Press. 1995.

Sartori, Giovanni. Comparative Constitutional Engineering: An Inquiry Into Structures, Incentives, and Outcomes. New York: Columbia University Press, 1994.

Schedler, Andreas. The Menu of Manipulation. Journal of Democracy 13.2 (2002) 36-50.

The State of Democracy: Democracy Assessments in Eight Nations around the World. Stockholm: International Institute for Democracy and Electoral Assistance, 2003.

Zakaria, Fareed. The Future of Freedom: Illiberal Democracy at Home and Abroad. New York: W.W. Norton, 2003.

http://monasaednews.blogspot.com/2007/12/blog-post_7056.html

www.saudielection.com
http://www.altanaya.net/vb/archive/index.php/t-24471.html


http://www.amin.org/look/amin/article.tpl?IdLanguage=17&IdPublication=7&NrArticle=43359&NrIssue=1&NrSection=2

http://www.futuressc.net/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=191

http://www.sudaneconomy.com/Development/suk/suk_about.html

http://old.tebyan.net/Arabic/QandA/2005/12/Html/ej-840913-nasa.htm

http://www.sudaneseeconomist.com/start_3.htm

http://old.tebyan.net/Arabic/QandA/2005/12/Html/ej-840913-nasa.htm
http://www.sudan-parliament.org/details.php?rsnType=1&id=80