اذا الغربيات قادرات على رفع اصواتهن لكن لبعضهن البعض!



وجيهة الحويدر
2008 / 10 / 11

منذ سنوات طويلة وكثير من نساء الشرق الأوسط الكبير من عربيات وغير عربيات، وهن يكافحن ببسالة لمحاربة التمييز السافر المقنن ضدهن، حيث ان العنصرية ضد النساء تزداد يوم بعد يوم في الدول التي تتبع الشريعة الاسلامية المتطرفة، وتضرب بعرض الحائط جميع المواثيق العالمية لحقوق الانسان التي صادقت عليها دول العالم. تلك البلدان وضعت قوانين مجحفة وقاسية خاصة على النساء، مرات استمدتها بهتاناً من الدين، واخرى من الاعراف الرجعية البالية.



لأكثر من ستة عقود منذ ان بدأت حركات حقوق الانسان، والحقوق المدنية للأقليات والنساء تزدهر وتأخذ مكانة في العالم المتطور الحر، ومنذ ان تكونت مؤسسات المجتمع المدني العالمية والمحلية، ما زالت قضايا نساء الشرق الاوسط الكبير آخر اهتمامات الجمعيات الحقوقية الغربية النسائية، بل الكثيرات منهن لم تكن تلك القضايا تحتل حيزا في اي قائمة من قوائم اجندتهن.



ان النساء الناشطات في قضايا حقوق المرأة في هذه البقعة المعتمة من العالم، والتي يُطلق عليها بالشرق الاوسط الكبير، مستاءات جدا من السلوكيات السلبية والتجاهل التام التي يبادلهن شقيقاتهن الحقوقيات في بلدان الغرب. يشعرن نساء الشرق بخيبة شديدة جدا من استخفاف الجمعيات النسائية الغربية بقضاياهن، حيث لم تناصرهن تلك الجمعيات قط، ولم تكترث ابدا بأصواتهن الصادقة التي تناضل من اجل الحرية والعدالة والمساواة، ولم تسعى الى توصيل نداءاتهن الى بقية العالم، ولم تحاول يوما ان تضغط على حكوماتهن لإتخاذ سياسية صارمة ضد حكومات الشرق من اجل ان يحسنوا اوضاع النساء في بلدانهم.



اليوم نساء الشرق يتفاجئن بردات فعل النساء الغربيات الحادة ضد مرشحة منصب نائب الرئيس الجمهوري حاكمة الاسكا "سارة بالين". معظم الجمعيات النسائية الحقوقية الغربية، والنساء الغربيات الشهيرات عالمياً، وحتى من ليس لديهن اي عمل يُذكر في المجال الحقوقي او السياسي، رفعن اصواتهن ضد "سارة بالين".



النسوة اللواتي قمن بحملات ضد السيدة "سارة بالين"، سواء في بلدها او في البلدان الغربية الاخرى، كان بسبب ارائها الخاصة ناحية بعض قضايا المرأة، مثل قضية الإجهاض وحرية الاختيار الشخصي في الزواج المثيلي، وايضا سياستها تجاه مواثيق التسلح وحماية البيئة في الاسكا، والاحتباس الحراري في الارض.



اذا حين شعرن الغربيات ان الحاكمة "سارة بالين" قد تشكل خطرا في يوم ما على خيارات المرأة الامريكية الحرة وعلى حقوقها، او على البيئة محلياً وعالمياً، قامت الدنيا ولم تقعد ضدها.لا شك ان هذا امر يستحق التقدير منهن ويشكرن على هذا المجهود العظيم الذي يبذلنه من اجل ان يحتفظن الامريكيات بحقوقهن المكتسبة.



ان تحرك الغربيات الشرس ضد حاكمة الاسكا، جعل النساء الشرقيات يدركن ان الجمعيات الحقوقية النسائية في العالم الحر، بل جميع النساء التقدميات هناك، قادرات على رفع أصواتهن والمدافعة عن قضايا تهم النساء والعالم أجمع. لكن للأسف الشديد ان الغربيات اثبتن انهن يعملن للشقيقاتهن في الغرب فقط، لكن لا يجدن اية اهمية في رفع أصواتهن ضد ما يجري للنساء في جهة اخرى من العالم، خاصة الحقوقيات منهن في الشرق الاوسط الكبير!



يا ترى كم من حاكم في منطقة الشرق المظلمة يسيء للنساء ويحرمهن من أبسط حقوقهن مثل حق الاختيار في الزواج والتعليم والسفر؟؟ كم من مسؤول في الشرق الأوسط الكبير سمح بسياسة تسببت في النهاية في تدمير البيـئة وتصحر مساحات زراعية كبيرة؟؟ كم من القوانين المجحفة في الشرق التي تعزز من ممارسة العنف ضد النساء، بل وتشجع على الفتك بهن مثل القوانين التي لا تدين قتَلـُتهن من مرتكبي جرائم الشرف؟؟ وكم من فتاة راحت ضحية اجهاض لجنين لم ترغب في الاحتفاظ به، او فارقتها الحياة بسبب الختان؟؟ كم عدد السجينات الحقوقيات اللواتي يقبعن في الزنزانات اليوم بتهمة المطالبة بحق المواطنة؟؟ وكم من الكاتبات الحرّات اللاتي منعن من حقهن في حرية التعبير ومزاولة الكتابة؟؟



لكن الأسئلة الأهم حقيقة هي كم من جمعية حقوقية غربية نسائية حاولت ان تضخم أصوات النساء المناضلات في تلك المنطقة ذات الهيمنة الذكورية وتجعل لها صدى؟؟ وكم منهن ساعدن نساء شرقيات يكافحن من اجل الحرية في البلدان التي تتبع قوانين متشددة ضد النساء، وتحرمهن من الوصايا على انفسهن، ولا زالت تجيز زواج صغيرات السن؟؟



لم نسمع قط بجمعية حقوقية نسائية غربية او امرأة مشهورة تبنت اي من قضايا النساء الشرقيات ومدت لهن يد المساندة. بينما نسمع وبشكل يومي نداءات الاستنكار والرفض لسياسة حاكمة الاسكا، لانها تتعارض مع حقوق النساء بشكل خاص.



صارت "سارة بالين" شغل النساء الغربيات الشاغل، حتى بالنسبة لمغنية البوب الشهيرة "مادونا" التي لم نسمع بصوتها قط سوى في الغناء، وبالنسبة للممثلة الفرنسية المعروفة "بريجيت باردو" حيث قالت عن "سارة بالين" "انها عار على النساء!"



العجيب في الامر ان تجاهل قضايا النساء في الشرق الاوسط الكبير والاستخفاف بها، وإلتزام سياسة الصمت واللامبالاة تجاه كل الانتهاكات السافرة ضدهن، لا احد يعده عارا على جمعيات الغرب الحقوقية النسائية!!! اليس تلك بإزدواجية في المواقف ونفاق سياسي واضح تجاه قضايا نساء الشرق الشائكة؟؟