العنف الاجتماعي بين الهمجية والمرض النفسي



وديع العبيدي
2008 / 11 / 18

العنف مظهر من مظاهر البدائية (الهمجية) السابقة للتطور والتحضر وحسّ التمدن، وممارسته في أي مجال تعبير عن ضعف الشخصية والاستناد على الانفعال في معالملة الغريزة. وتلعب التربية المنزلية والثقافة الاجتماعية والفكر الديني غير المتحضر دورا في تسويغه وتبريره تحت غطاء اجتماعي أو ديني. غير ذلك ثمة عاملان في توجيه هذه الظاهرة المرضية في علم النفس والاجتماع الحديث..
- التمييز العرقي والجنسي الممثل بالشعور بالأفضلية والأولوية والمسؤولية العامة أو الخاصة (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
- غياب المحبة الروحية الانسانية في النظر إلى العالم والكون ومخلوقاته الذي يمنح الانسان شعورا بالدف النفسي والانسجام مع النفس ومع الطبيعة.

مَنْ هي المرأة حتى تعامَل بقسوة، هي التي لا يستطيع (القاسي) الحياة بدونها لحظة، مَنْ هو الطفل حتى يستحق القسوة (المعنوية أو المادية). أليس قطعة منا وآية من آيات الوجود حسب وصف جبران.
الحياة حلوه.. بس نفهمها
الحياة غنوة.. محلى أنغامها
وأخيراً.. المتعامل بالضرب ليس شخصا سيئا حتى ولو كان متخلفا حضاريا، وقد يكون مثقفا وبالتالي فهو بحاجة للمساعدة والمعالجة والتثقيف والاحتضان، سواء صدر عنفه عن حالة مرضية عصابية (علاج نفسي وطبي)، أو صدر عن جهل وتربية متخلفة (تثقيف وتوعية). وفي جميع هذه الحالات، تتحمل الضحية (المرأة أو غيرها) مسؤولية مضاعَفة في فهم الشريك ومساعدته لتجاوز أزمته، لأن الغالب في ذلك هو نقص الاشباع النفسي أو عقدة نفسية أو اجتماعية، ما أعنيه هنا، هو الحبّ، الحب الحقيقي والمحبة الايجابية، المقترنة بالسمو والبناء والتوجيه. والمرأة الذكية تستطيع كل شيء.. تستطيع تغيير العالم.. لأها تتعامل مع أبرز عنصرين في المجتمع (الزوج، والطفل). وهي تستطيع أن تكون أما واختا لهما وتجعل لها أصدقاء وأخوة بالمقابل.
على الصعيد العام، الرسمي والاجتماعي ، يحب أن يتضمن الدستور الدائم الاعتراف الكامل والصريح لميثاق حقوق الانسان والحريات الفردية والمساواة العرقية والجنسية، وإلزام مناهج التربية والتعليم ووسائل الاعلام والتوجيه الديني بمراعاة ذلك واعتباره من المبادئ الأساسية المقدسة.
ان العنف يلد العنف، والمرأة المضروبة يمكن أن تنقل الضرب إلى طفلها، والطفل المضروب يضرب غيره من الاطفال والناس وعندما يكبر يعامل عائلته بنفس القسوة وضيق الصدر. وبالتالي فأنه في غياب التسامح والمحبة والتعاون والانسجام لا يوجد شعب موحد أو مجتمع منسجم في ذاته.
ان لحظة تنعكس في آثارها على تاريخ، وحماقة صغيرة تقود العالم إلى داهية. وحسب عالم النفس السويسري (Gruen) في دراسته سير الطغاة (الدكتاتوريين) انعكاس الطفولة وطرق تربية الأم على تكوينهم النفسي والفكري الاجتماعي، فالدلال والدلع الوائد، هو ضعف شخصي ونقص عاطفي تحاول تعويضه في طفلها فتنقل المرض إليه. الزوجان اللذان لعوامل اجتماعية أو دينية أو نفسية لا يتبادلان مشاعر الحب الصريح والدافئ بينهما يحاولان تعويضه بمحبة الطفل وتدليله (دلال ودلع زيادة عن اللزوم)، فمن ناحية يستمر بينهما الجفاء والغربة وعدم الاشباع وبالمقابل يمرضان الطفل (كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده).
المحبة عظيمة. والمرأة عظيمة، جميلة، لكنها مسكينة، والمجتمع لا ينصفها ككائن نظير للرجل. هي أصل الوجود ولا حياة من دونها. لها كل المحبة والاعتزاز دائما.