ملف العنف ضد المرأة...حريات المرأة



محمود القبطان
2008 / 11 / 27

ملف العنف ضد المرأة

حريات المرأة.

العنف ضد المرأة لم يقتصر على مجتمع دون سواه,وقد أبتلت دول كثيرة في العالم بهذه الظاهرة لكن بدرجات متفاوتة.فلم يخلى المجتمع الأوروبي ولا الأمريكي المتمدن من ظاهرة العنف ضد المرأة التي تشترك في كل مرفق من مرافق الحياة مع الرجل,ولكن بنسبة قليلة جدا إذا ما أٌقيست بما هو موجود في مجتماعتنا الشرقية ,أو قل المتخلفة, التي أيضا تتفاوت فيها النسبة بين ما هو حضري وما هو ريفي.

العنف هنا لا يشمل فقط الجزء المؤلم جسديا.وإنما الاجتماعي والاقتصادي وليس آخرا العنف النفسي الذي يأتي كنتيجة حتمية لأنواع العنف السابقة الذكر.والتمييز في العمل لا أسميه بغير العنف.

اتسعت دائرة تحرك المرأة في مجتماعتنا بصورة متزايدة نتيجة حصولها على الحريات التي قننت فلم تعد حينذاك المرأة رهن"الاعتقال الجبري" في بيتها بحجة أداء مهام البيت والتربية وما يشمل هذا الجانب من أعمال إضافية,أقول اتسعت هذه الدائرة رويدا رويدا بفضل حرية التعليم في الكثير من دول العالم المتخلف أو النامي,وولوجها كل أنواع العمل الفكر ي والفيزيائي_العضلي,مما أعطى دفعة نوعية في درجة تغيير نمط حياتها وتقرير مصيرها إلى حد كبير,سواء في إكمال الدراسة ,أو الزواج,الذي هو عقدة العقد ,أو السفر والخ..من الحريات التي استحقتها وبجدارة.

إن التفكير الرجولي _الذكري الذي يحاول أن يبسط كامل سيطرته على المرأة "الضعيفة" ينبع من الازدواجية في نمط التفكير عند الرجل في عقله الظاهري الذي يوافق على حرية المرأة وممانعة ذلك في عقله الباطني بسبب انحداره من مجتمع متخلف بدوي أو شبه بدوي أو قريب منه فرض عليه تقاليدا وطقوسا متعددة تشمل المرأة ,باعتبارها عورة وقاصرة و ناقصة عقل ودين أساسا متلحفا بفرضيات الوعاظ الذي يفسرون ما يريدون مثل ما تشتهي أنفسهم.

إن النكسة الكبيرة التي منيت بها المرأة في العراق,خصوصا,وفي العالم العربي والإسلامي جاء في الفترة ألأخيرة نتيجة تصاعد التيار ألإسلامي الذي فرض وبالقوة قيود على المرأة في العمل أو الشارع أو حتى في البيت عن طريق أهلها,في الوقت أن حرياتها في كافة المجالات لم تأتي قصرا وإنما اقتناعا بضرورة مشاركتها في كل محافل الحياة.فشمل تقييد حرياتها الملابس والاختلاط سواء في الجامعة أو العمل.مما جعل من ألامرأة منفذة أوامر لا حول لها ولا قوة على التمرد أو الرفض حتى ولو كان شكليا.
وأول خطوة نحو تقييد حريات المرأة في العراق الجديد أراد التيار ألإسلامي المتشدد أن يلغوا قانون ألأحوال المدنية لعام 1958 الذي منح المرأة الحقوق المتساوية مع الرجل في العمل والدراسة والميراث والزواج وهو ما أغاض الوعاظ الذي عملوا جهدهم لإلغائه ولكن فشلوا في مسعاهم.

يبقى سؤالا ,وهو غير محير,وهو لماذا يتراجع ألإنسان عن خطوات كان قد خطاها سابقا,في هذه المجتمعات؟أعتقد أن العلامة الراحل علي الوردي قد أنسبها إلى ألازدواجية في نمط التفكير الذكري الذي يسيطر عليه العقل الباطني بالرغم من إظهاره قبول فكرة الحرية للمرأة ,وان كانت محدودة.

هل يتغير نمط تفكير الرجل ,أو من يعيش هذه ألأفكار من الشباب في نفس المجتمع ,وأن تغيرت الظروف؟أعتقد ,جازما,أن هذا النمط من التفكير ألذكوري يترحل من جيل إلى آخر بفعل إيمان العقل الشبابي لهذا النوع من التفكير بأن المرأة عليها أن لا تمارس ما يمارسه الشباب,أين كان,سواء ألأخ أو العم أو الخال الخ..هل التربية العائلية تكون بمعزل عن ما يتلقاه الشباب في البيت والشارع والمدرسة؟
ومن المصادفات وأنا أنوي كتابة هذه المداخلة أن استمعت للراديو في السيارة,لمقابلة مع شباب من الدول الإسلامية ,من كوسوفو,الصومال,العراق ووو,وجل ما كانوا أن يصرحوا به ما تعلموه في البيت هو أن المرأة:ألأخت أم ألام,لا فرق عليهن إعداد البيت بشكل مريح للزوج وألاخوة,لأنهن هكذا خلقن,قال أحدهم,وهذا في بلد أعطى كل الحريات وللجميع.ولا يمكن أن ننسى أن الكثير من حالات القتل باسم الدفاع عن"الشرف" قد حدثت هنا وهناك في الدول المتمدنة,وذهب القاتل إلى دهاليز السجون ولا أعتقد يخرج الكثير منهم سويا نادما.

قبل أسبوعين نشر خبر في صحف هذه الدول المتقدمة والمتمدنة خبرا عن رجل الدين في إحدى قرى نيجيريا الذي تزوج من 81 زوجة,نعم أحدى وثمانون زوجة لا غير!هذا المعتوه الذي يتشبث بالدين باعتباره واعظا,لإبل سافلا,من أنه سوف لا يطلق أية زوجة منهن,طبعا وبأ سم الدين أيضا وأصغرهن لم تتعدى العشرة أعوام.وقد التقيت أحد الشباب العرب الذي والده عراقي,وهو متحمس للدين الجديد وهو معارض قوي ضد حريات المرأة,وقلت له هل ما رست الجنس مع شابة من هذا البلد؟قال نعم.فقلت له هل تجيز هذا الفعل لأختك؟ قال ,حينها سوف أفصل رأسها عن جسدها ,لان هذا حرام.المشكلة أنه لم يلاقي من يفصل رأسه عن جسده عندما كان مغامرا!

وصلت المرأة إلى البرلمان العراقي بنسبة 25% بقرار من بريم وليس من ألأحزاب الحاكمة التي لا تجيز ذلك في طبعها وإنما أرغمت عليه,ونلاحظ ذلك في قيمهم الدونية التي ترغم المرأة على ارتداء الحجاب وعدم الخروج من البيت وعدم ألاختلاط في المدارس والجامعات,فكيف بوجودها بالبرلمان لا بل وأحيانا "تتعدى" الحدود المرسومة لها بإثبات شجاعتها في النقاش والاعتراض,وهذا من "المحرمات".

لا بد من أن تجتاز المرأة العراقية أو في البلدان التي يسيطر الدين على العقل وبالقوة وفرض ما لا يقتنع به الأكثرية الصامتة ,عليها أن تجتاز مرحلة الانتظار والاملاءات, إلى النضال اليومي من أجل تثبيت حقوقها المشروعة وأن تشترك بفاعلية في كل النشاطات بعيدا عن القبول بالأمر الواقع والانتظار.أنهن جديرات بالمساواة مع الرجل من خلال العمل والنجاح الذي تحصده.

أن هذه المناسبة يجب أن لا تقتصر على يوم أو أسبوع أو نقف صد العنف سنويا, وإنما الاستمرار فيها الاستمرار عبر التوعية النوعية للأجيال والمؤتمرات والندوات وللمرأة نفسها أيضا, لتتعرف على حقوقها لا سيما النسوة اللواتي يتمتعن بمستويات ثقافية محدودة .